مزيد من الدول توقف شحن الطرود الأميركية بسبب الرسوم الجمركية

مزيد من الدول توقف شحن الطرود الأميركية بسبب الرسوم الجمركية

في خطوة أثارت قلق المستهلكين والشركات على حد سواء، أعلنت جنوب أفريقيا، بعد مجموعة دول، عن تعليق خدمات شحن الطرود إلى الولايات المتحدة بشكل غير محدد، بعد أن ألغى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإعفاء الجمركي للطرود الدولية. القرار يعكس تبعات الرسوم الجمركية الأميركية على أسواق دولية عدة، ويزيد الضغوط على أنظمة البريد الوطنية التي تواجه تحديات مالية وتشغيلية.

وأوضحت هيئة البريد الجنوب أفريقية، في بيان اليوم الجمعة، أن شحن جميع الطرود أو المواد التي تحتوي على بضائع موجهة إلى الولايات المتحدة سيتم تعليقه مؤقتاً، فيما ستظل الوثائق والرسائل والفئات البريدية المعفاة مثل البريد العسكري مقبولة. وجاء في البيان: “نظراً لتعقيد الإجراءات المطلوبة للامتثال للتنظيم الجديد، ليس أمامنا خيار سوى تعليق هذه الشحنات مؤقتاً. نحن نأسف لأي إزعاج قد يسببه ذلك لعملائنا”، وفقاً لما أوردت بلومبيرغ.

وكان المستهلكون الأميركيون يتمتعون سابقاً بإمكانية شراء سلع بأسعار منخفضة من الخارج عبر ما يُعرف باستثناء “الطرود الصغيرة جداً” (de minimis) الذي يسمح للشحنات الصغيرة بالدخول إلى الولايات المتحدة بدون رسوم جمركية. وقد جرى إلغاء هذا الإعفاء بالنسبة للصين في أيار/ أيار الماضي، قبل أن يشمل بقية دول العالم في أمر رئاسي وقع الشهر الماضي، بهدف “الحد من تدفق المخدرات غير القانونية مثل الفنتانيل”.

ويأتي إعلان البريد الجنوب أفريقي بعد قرارات مماثلة اتخذتها خدمات بريدية وطنية أخرى، شملت اليابان وبريطانيا وأستراليا، والتي أوقفت أيضاً شحن هذه الفئة من الطرود إلى الولايات المتحدة. كما يزيد هذا القرار من الضغوط على البريد الجنوب أفريقي، الذي دخل في برنامج إنقاذ الأعمال منذ 2023 بعد سنوات من تراجع حجم البريد، وتراكم الديون، والمشاكل التشغيلية، ما يضع مستقبل الخدمة البريدية في البلاد تحت تحديات كبيرة.

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت اليوم إلغاء الإعفاءات من الرسوم الجمركية المخصصة للطرود الصغيرة التي تدخل البلاد من الخارج، في خطوة أثارت مخاوف الأعمال التجارية وتحذيرات من ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين. وأرجعت إدارة ترامب الخطوة إلى استخدام الشحنات منخفضة القيمة لتجنّب الرسوم الجمركية وتهريب المخدرات، بعدما كانت الطرود التي تقدَّر قيمتها بـ800 دولار أو أقل مستثناة من الرسوم. وستكون الطرود حالياً عرضة إما لرسوم تعادل تلك المطبقة على البلدان التي تُنتَج فيها أو لرسوم محددة تراوح ما بين 80 و200 دولار للسلعة، لكن بعض السلع الشخصية والهدايا ما زالت معفاة من الرسوم.

وفي السياق، قال مستشار ترامب للشؤون التجارية بيتر نافارو للصحافيين إن سد هذه “الثغرة” يساعد على الحد من تدفق المخدرات وغيرها من السلع الخطيرة والمحظورة، بينما يدرّ على الولايات المتحدة المزيد من عائدات الرسوم. لكن فترة الشهر التي سبقت أمر ترامب أدت إلى موجة قلق. وأضاف أن على مكاتب البريد الأجنبية أن تضبط أمورها في ما يتعلق بمراقبة وضبط استخدام البريد الدولي لأغراض التهريب والتهرب من الرسوم الجمركية.

وأعلنت خدمات البريد في بلدان، بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا والهند وأستراليا واليابان، في وقت سابق، أنها لن تقبل إرسال معظم الطرود المخصصة للولايات المتحدة. أما خدمة البريد الملكي البريطاني، فقد اتخذت خطوة مشابهة، وأعلنت عن خدمات جديدة، أمس الخميس، لزبائنها الذين ما زالوا يرسلون منتجات إلى الولايات المتحدة. وأفاد الاتحاد البريدي العالمي التابع للأمم المتحدة، الثلاثاء، بأن 25 من مشغلي البريد في البلدان المنضوية فيه علّقوا الخدمات البريدية إلى الولايات المتحدة.

ويشدد مسؤولون أميركيون على أن 5% فقط من شحنات الطرود الصغيرة المعفاة من الرسوم الجمركية تصل عبر شبكة البريد، بينما يمر أغلبها عبر خدمات البريد السريع. مع ذلك، أدى التغيير إلى حالة إرباك وأثار قلق الأعمال التجارية الصغيرة.

المكسيك توقف شحن الطرود إلى أميركا مع انتهاء الإعفاء الجمركي

المكسيك توقف شحن الطرود إلى أميركا مع انتهاء الإعفاء الجمركي

أعلنت المكسيك، أمس الأربعاء، أنّ خدمة البريد الوطنية ستعلق شحن الطرود إلى الولايات المتحدة قبيل انتهاء الإعفاء من الرسوم الجمركية على الطرود منخفضة القيمة الذي قررته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب

. ويأتي هذا الإعلان بعد خطوات مماثلة من خدمات البريد في الاتحاد الأوروبي وعدة دول أخرى أوقفت الشحن في انتظار مزيد من الوضوح بشأن القرار الأميركي، كما يتزامن مع مفاوضات مستمرة منذ أشهر بين الحكومة المكسيكية وإدارة ترامب لتجنب رسوم جمركية أوسع.

وينتهي غداً الجمعة الإعفاء المعروف باسم “إعفاء الحد الأدنى”، الذي يسمح بدخول الطرود التي تقل قيمتها عن 800 دولار إلى الولايات المتحدة دون رسوم جمركية. ووفق بيانات هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية، فقد أُرسلت 1.36 مليار طرد في عام 2024 بموجب هذا الإعفاء، بقيمة إجمالية بلغت 64.6 مليار دولار.

وأفادت الحكومة المكسيكية بأنّ خدمة البريد “كوريوس دي مكسيكو” ستعلّق مؤقتاً شحن الطرود إلى الولايات المتحدة اعتباراً من الأربعاء. وجاء في بيانها: “تواصل المكسيك حوارها مع السلطات الأميركية والمنظمات البريدية الدولية لتحديد آليات تسمح بالاستئناف المنظم للخدمات، بما يوفر اليقين للمستخدمين ويجنب تأخير تسليم البضائع”.

وبهذا الإعلان، تنضم المكسيك إلى عدة دول أوروبية وغيرها، من بينها أستراليا واليابان، في تعليق الشحنات إلى الولايات المتحدة وسط حالة من الغموض بشأن الرسوم الجديدة على الواردات. وحاولت المكسيك التفاوض مع الرئيس الأميركي لتفادي زيادة الرسوم من خلال اتخاذ إجراءات أمنية أكثر صرامة ضد عصابات المخدرات في البلاد، وإرسال العشرات من قادة تلك العصابات المسجونين إلى الولايات المتحدة لمحاكمتهم.

بدأ العمل بـ”إعفاء الحد الأدنى في الولايات المتحدة منذ عقود، لكن تم توسيع قيمته إلى 800 دولار في عام 2016 بقرار من الكونغرس والإدارة الأميركية، وهو ما اعتبر حينها تسهيلاً للتجارة الإلكترونية العابرة للحدود. وقد استفادت منه شركات الشحن العالمية ومنصات البيع عبر الإنترنت مثل أمازون وعلي بابا، حيث سمح بإرسال ملايين الطرود الصغيرة دون دفع رسوم جمركية أو المرور بإجراءات مطولة.

إلا أنّ إدارة الرئيس ترامب اتخذت موقفاً أكثر تشدداً تجاه التجارة الدولية منذ وصوله إلى السلطة، معتبرة أنّ الإعفاء يضر بالصناعة المحلية ويفتح الباب أمام إغراق السوق الأميركية ببضائع منخفضة السعر. وسبق أن استخدم ترامب أداة الرسوم الجمركية في صراعاته التجارية مع الصين والاتحاد الأوروبي والمكسيك وكندا، في إطار ما وصفه بسياسة “أميركا أولاً”.

كما أنّ مسألة الطرود منخفضة القيمة أثارت جدلاً واسعاً داخل الولايات المتحدة، حيث ضغطت شركات صناعية واتحادات عمالية لإلغاء الإعفاء، معتبرة أنه يضرّ بقدرتها التنافسية. في المقابل، حذرت شركات التجارة الإلكترونية وشركات البريد من أنّ إلغاءه سيؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد ويزيد التكاليف على المستهلكين.

تجدر الإشارة إلى أن تعليق المكسيك للشحنات يأتي في ظل محاولات متكررة لتجنب نزاعات تجارية أوسع مع واشنطن، خاصة بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة الجديدة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك (USMCA) عام 2020، والتي حلّت محل اتفاقية “نافتا”. لكن رغم الاتفاقية، بقيت التوترات قائمة بشأن قضايا الرسوم والإجراءات الحمائية.

(أسوشييتد برس، العربي الجديد)