رسوم ترامب تهدد مصانع جنوب أفريقيا… السيارات الأكثر تضرراً

رسوم ترامب تهدد مصانع جنوب أفريقيا… السيارات الأكثر تضرراً

أظهر مسح اقتصادي أن ثقة الأعمال في جنوب أفريقيا تراجعت خلال آب/آب الماضي مع بدء الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالإضرار بالصادرات، مما أدى إلى ضغوط إضافية على قطاعي السيارات والزراعة. وأظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات الصادرة، أمس الاثنين، عن بنك أبسا بالتعاون مع مكتب البحوث الاقتصادية في جامعة ستيلينبوش انخفاض المؤشر إلى 49.5 نقطة الشهر الماضي، مقابل 50.8 نقطة في تموز/تموز الماضي، حين عاد المؤشر إلى منطقة النمو للمرة الأولى منذ تسعة أشهر. ويمثل الهبوط عودة سريعة إلى منطقة الانكماش بعد شهر واحد فقط من الانتعاش الطفيف. وتشير أي قراءة دون 50 إلى انكماش في النشاط الصناعي.

ووفق البيان، فإن “الطلب المحلي والعالمي لا يزال تحت الضغط”، مضيفاً أن العديد من الشركات أشارت إلى أن الرسوم الأميركية تلحق أضراراً مباشرة بالصادرات، كما تتسبب بآثار ارتدادية على سلاسل التوريد، حتى لدى المؤسسات التي لا تصدر للسوق الأميركية. وظهر تأثير الرسوم الأميركية بوضوح في المؤشرات الفرعية للمسح. فقد هبطت طلبات المبيعات الجديدة إلى 47.4 نقطة في آب، بعدما سجلت 55.9 نقطة في تموز، ما يعكس تباطؤاً حاداً في عقود التصدير الجديدة. كما تراجع مؤشر النشاط التجاري إلى 45.8 نقطة مقابل 47.1 نقطة سابقاً، في إشارة إلى أن وتيرة الإنتاج تسير في اتجاه تنازلي. أما مؤشر تسليمات الموردين فانخفض إلى 53 نقطة من 56.4 نقطة، ما يدل على انكماش الطلب وتراجع الطلبيات من العملاء المحليين والعالميين.

30 ألف وظيفة مهددة

وقدرت وزارة التجارة والصناعة الجنوب أفريقية أن ما لا يقل عن 30 ألف وظيفة باتت معرضة للخطر المباشر بسبب الرسوم الأميركية الجديدة، مع الإشارة إلى أن قطاع السيارات وحده يوظف نحو 112 ألف عامل بشكل مباشر وقرابة 500 ألف آخرين بشكل غير مباشر عبر سلاسل التوريد والخدمات المرتبطة. وحذر وزير التجارة الجنوب أفريقي من أن الإجراءات الأميركية “تهدد استقرار قطاع يعد من أكثر القطاعات تنافسية وتصديراً في الاقتصاد الوطني”، داعياً واشنطن إلى إعادة النظر في قراراتها التي وصفها بأنها “غير مبررة وتضر بالشراكة الثنائية التاريخية بين البلدين”.

يشار إلى أن العلاقات التجارية بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة كانت على مدى عقدين ركيزة أساسية للنمو في بريتوريا. فمنذ انضمامها إلى برنامج قانون النمو والفرص الأفريقي في عام 2000، استفادت جنوب أفريقيا من إعفاءات جمركية على صادراتها إلى السوق الأميركية، بما في ذلك السيارات والمنتجات الزراعية والنبيذ والمواد الخام. وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 23 مليار دولار في 2023، بحسب بيانات وزارة التجارة الأميركية، مع اعتماد جنوب أفريقيا على السوق الأميركية كأحد أكبر ثلاثة أسواق لصادراتها. لكن مع توجه واشنطن نحو سياسة “الرسوم العقابية” التي ينتهجها ترامب في ولايته الثانية، يبدو أن هذه المكاسب مهددة بالانكماش السريع.

ضربة لصناعة السيارات

المفارقة أن قطاع السيارات الجنوب أفريقي كان يعد نموذجاً للنجاح في أفريقيا، إذ تصدر شركات مثل بي إم دبليو وفولكس فاغن ومرسيدس-بنز وفورد جزءاً كبيراً من إنتاجها من مصانع بريتوريا وبورت إليزابيث إلى الأسواق الأوروبية والأميركية. وتشكل هذه الصناعة نحو 6.4% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وتوفر أكثر من 110 مليارات راند (نحو 6 مليارات دولار) من العائدات التصديرية سنوياً. وتعني الرسوم الأميركية الجديدة تراجع تنافسية هذه المنتجات أمام السيارات المصنعة في أسواق آسيا وأميركا اللاتينية التي لم تُفرض عليها رسوم مماثلة.

كما أن القطاع الزراعي ليس بعيداً عن تأثر الرسوم الأميركية. فصادرات جنوب أفريقيا من الحمضيات والنبيذ والمنتجات الزراعية الأخرى كانت تحقق أرباحاً جيدة في السوق الأميركية. ومع الرسوم الجديدة، يخشى المزارعون فقدان حصصهم لمصلحة منافسين من أميركا الجنوبية مثل تشيلي والأرجنتين والبرازيل، الذين يستطيعون توفير منتجات بأسعار أقل. ويأتي هذا التحدي في وقت يعاني القطاع الزراعي من آثار التغير المناخي والجفاف الدوري، ما يقلص هوامش ربحية المزارعين ويهدد استدامة الإنتاج.

ويعاني الاقتصاد في جنوب أفريقيا من نقاط ضعف مزمنة، بينها معدل بطالة مرتفع تجاوز 32% في 2024، وارتفاع معدل البطالة إلى 33.2% في الربع الثاني من عام 2025، ونمو اقتصادي لم يتعد 0.9% في العام نفسه. ومع الرسوم الأميركية الجديدة، يخشى محللون أن يتراجع النمو إلى ما دون 0.5% في 2025 إذا استمرت الصادرات في الانكماش. وتشير بعض التقديرات الصادرة عن مراكز بحث محلية إلى أن كل تراجع بنسبة 10% في صادرات السيارات قد يخفض النمو الاقتصادي الكلي بنسبة 0.2%، وهو ما يعني أن الاقتصاد قد يقترب من حالة ركود إذا لم تتخذ إجراءات تصحيحية.

أرباح “بي واي دي” تقفز 14% بدعم التوسّع الخارجي رغم الضغوط الداخلية

أرباح “بي واي دي” تقفز 14% بدعم التوسّع الخارجي رغم الضغوط الداخلية

سجّلت شركة بي واي دي (BYD) الصينية، أكبر مصنّع للسيارات الكهربائية في العالم، نمواً لافتاً في أرباحها خلال النصف الأول من عام 2025، بفضل الطلب القوي على سياراتها ودفعها الاستراتيجي نحو الأسواق العالمية، في وقت تواجه فيه تحديات متزايدة في السوق المحلية وسط حرب أسعار شرسة. فقد أعلنت الشركة، اليوم الجمعة، وفق ما أوردته وكالة بلومبيرغ، أنّ أرباحها الصافية بلغت 15.5 مليار يوان (2.2 مليار دولار) خلال الأشهر الستة المنتهية في 30 حزيران/ حزيران، بزيادة نسبتها 14% على أساس سنوي، فيما ارتفعت الإيرادات إلى 371.3 مليار يوان، أي بزيادة 23%.

وحققت “بي واي دي” مبيعات إجمالية بلغت 2.15 مليون مركبة في النصف الأول، تشمل السيارات الكهربائية بالكامل والهجينة القابلة للشحن، بزيادة 33% مقارنة بالعام الماضي، لكنها لا تزال أقل من نصف هدفها الطموح للعام بأكمله والبالغ 5.5 ملايين وحدة. ورغم الأداء القوي، تواجه الشركة نصفاً ثانياً أكثر صعوبة. ففي أيار/ أيار الماضي، لجأت إلى تخفيضات سعرية واسعة النطاق، ما وضعها في قلب أزمة تنافسية متفاقمة مع محاولات الحكومة الصينية كبح سباق الأسعار الذي قد يضر بقيمة العلامات التجارية ويضغط على أوضاعها المالية.

ورغم هذه الضغوط، لا تزال معظم الشركات الكبرى، بما فيها “بي واي دي”، متمسكة بالاقتطاعات أو تقوم بتعديلها بشكل محدود، ما يترك الصناعة أمام تحديات معقدة في موازنة الأسعار مع الحفاظ على الأرباح. وأصبح التوسع في الخارج محوراً رئيسياً في استراتيجية “بي واي دي”، خصوصاً مع تباطؤ الطلب المحلي على السيارات الهجينة في الربع الثاني. فقد بدأت وحدتها في تايلاند بتصدير سيارات كهربائية إلى أوروبا، بما في ذلك بريطانيا وألمانيا وبلجيكا، في خطوة تعزز مكانتها منافساً عالمياً في سوق المركبات النظيفة.

ورغم انخفاض المبيعات في تموز/ تموز بسبب ضعف الطلب الموسمي وتوجه الشركة إلى ضبط المخزونات واتباع سياسة تسعير أكثر انضباطاً، أكّد محللو بنك “إتش إس بي سي” (HSBC) أن هذه الإجراءات قد تضغط على المبيعات مؤقتاً، لكنها ستمنح الشركة قوة استدامة على المدى الطويل، مع توسيع هوامش الربحية وتعزيز موقعها التنافسي عالمياً.