by | Aug 30, 2025 | أخبار العالم
كشف وكيل جهاز المخابرات المصرية الأسبق اللواء محمد إبراهيم الدويري أن مصر قدمت رؤية شاملة لدمج 17 جهازا أمنيا فلسطينيا في ثلاثة أجهزة فقط هي الداخلية والمخابرات والأمن الوطني.
وأوضح الدويري أن هذه الرؤية سلمت باليد إلى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) بهدف بناء أجهزة أمنية مهنية موحدة، بعيدا عن الفصائلية لضمان استقرار السلطة الفلسطينية وسد الذرائع أمام إسرائيل.
وأشار الدويري إلى أن السلطة الفلسطينية كونها سلطة وليدة، عانت من تشتت أجهزتها الأمنية حيث كانت تضم أشخاصا من دول مختلفة مثل تونس، وكان هناك محاولة لبلورة مؤسسات أمنية غير مهنية أو غير عملية وغير مؤثرة في الاستقرار الأمني على الوضع الداخلي، مما أدى إلى نقص التنسيق وغياب المهنية.
وقال المسؤول المصري السابق لبرنامج “الجلسة سرية” عبر شاشة “القاهرة الإخبارية” إنه “كان لا بد من توحيد هذه الأجهزة، لأن الجهاز الأمني المهني لا يمكن أن يعمل في المخابرات صباحا ويطلق الصواريخ ليلا”، مشيرا إلى أن مصر دربت جميع الأجهزة الأمنية الفلسطينية بما في ذلك الأمن الوقائي والشرطة والحرس الرئاسي لتكوين نواة قوية للدولة الفلسطينية المستقبلية.
وأكد الدويري أن مصر لعبت دورا محوريا في تهدئة الخلافات بين فتح وحماس، واصفا الفترة التي سبقت اتفاق القاهرة عام 2011 بأنها “إطفاء حرائق” بين الفصيلين، كما دعمت مصر مفاوضات السلام، مثل اتفاق طابا عام 2001، الذي كان على وشك إعلان معاهدة سلام قبل اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون للمسجد الأقصى، مما أشعل الانتفاضة الثانية.
وأوضح أن مصر ساهمت في خارطة الطريق الدولية عام 2002، التي هدفت إلى إقامة دولة فلسطينية عبر ثلاث مراحل، بدءا ببناء الثقة بين الطرفين، وصولًا إلى مؤتمر دولي وحل نهائي، لكن التعقيدات الإسرائيلية والموقف الأمريكي أعاقت التقدم.
وأبرز الدويري أن القضية الفلسطينية تعد مسألة أمن قومي مصري في المقام الأول، مشيرا إلى أن مصر تحتفظ بعلاقات مميزة مع جميع الفصائل الفلسطينية بغض النظر عن توجهاتها، مشيرا إلى أن مصر لا تبحث عن دور لها في القضية الفلسطينية، بل “الدور هو الذي يبحث عن مصر” لتعزيز فاعليتها.
كما استعرض سبع محطات رئيسية لجهود المصالحة الفلسطينية، بدءًا من مرحلة أبو عمار، مرورًا بسيطرة حماس على غزة، وصولًا إلى ما بعد عملية “طوفان الأقصى” عام 2023، مؤكدًا أن مصر وقعت ونفذت اتفاقات مثل أوسلو 2 في القاهرة، وأوصلت عرفات إلى الحدود عام 1995 كرسالة دعم قوية.
وكانت شهدت الفترة ما بعد أوسلو تحديات كبيرة، بما في ذلك تشتت الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي وصل عددها إلى 17 جهازًا في التسعينيات، مما أعاق بناء مؤسسات مهنية موحدة. كما واجهت السلطة الفلسطينية، التي تأسست كسلطة وليدة وليس كدولة كاملة، صعوبات في التنسيق الأمني والسياسي، خاصة مع تصاعد الخلافات بين فتح وحماس بعد سيطرة الأخيرة على غزة عام 2007.
المصدر: RT
by | Aug 29, 2025 | أخبار العالم
أعلنت الولايات المتحدة، اليوم الجمعة، أنها لن تمنح تأشيرات لمسؤولين في السلطة الفلسطينية لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل في نيويورك، في خطوة تأتي بينما تستعد عدة دول غربية للاعتراف بدولة فلسطين وعلى رأسها فرنسا.
وتزيد هذه الخطوة غير العادية من تقارب إدارة الرئيس دونالد ترمب مع الحكومة الإسرائيلية التي ترفض بشدة إقامة دولة فلسطينية وتسعى لاستبعاد السلطة الفلسطينية من أي دور مستقبلي في غزة.
رفض التأشيرات
وقالت الخارجية الأميركية في بيان: إن “وزير الخارجية ماركو روبيو يرفض ويلغي تأشيرات أعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة”.
وأضافت أن “إدارة ترمب واضحة: من مصلحتنا الأمنية القومية أن نحمل منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية مسؤولية عدم الوفاء بالتزاماتهما، وتقويض آفاق السلام”.
وفي بيان منفصل عبر منصة شركة “إكس”، كتب تومي بيغوت نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية: “قبل أن نأخذهم على محمل الجد كشركاء في السلام، يجب على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية رفض الإرهاب رفضًا قاطعًا، والتوقف عن السعي غير المثمر للاعتراف الأحادي الجانب بدولة افتراضية”، وفق تعبيره.
“مبادرة شجاعة”
في غضون ذلك، اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي أن قرار واشنطن، هو “مبادرة شجاعة”.
وقال جدعون ساعر عبر منصة إكس: “شكرًا لكم… على المطالبة بمحاسبة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية على مكافآتهما للإرهابيين، وتحريضهما على الكراهية، وجهودهما لشن حرب قضائية على إسرائيل”، حسب قوله.
وأضاف: “نشكر الرئيس الأميركي (دونالد ترمب) وإدارته لهذه المبادرة الشجاعة وللوقوف مع إسرائيل مجددًا”.
من جهتها، أعربت الخارجية الفلسطينية عن استغرابها الشديد، من قرار الولايات المتحدة إلغاء تأشيرات مسؤولين فلسطينيين، بينهم الرئيس محمود عباس، معتبرة أنه خطوة مخالفة لـ”اتفاقية مقر الأمم المتحدة” لعام 1947.
وقال أحمد الديك، المساعد السياسي لوزيرة الخارجية الفلسطينية لوكالة “الأناضول”، “نعبر عن استغرابنا الشديد من هذا القرار، ونعتبره مخالفة صريحة لاتفاقية المقر لعام 1947، التي تضمن دخول وحماية ممثلي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة”.
و”اتفاقية مقر الأمم المتحدة” الموقعة عام 1947 بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة هي الاتفاقية الخاصة بتنظيم وجود المقر الرئيسي للأمم المتحدة في نيويورك.
وتنص الاتفاقية على التزام الولايات المتحدة بتسهيل دخول ممثلي الدول الأعضاء والموظفين والخبراء التابعين للأمم المتحدة إلى أراضيها، ومنحهم التأشيرات اللازمة بغض النظر عن العلاقات السياسية بين واشنطن ودولهم.
شن “حرب قانونية”
كما اتهمت وزارة الخارجية الأميركية، الفلسطينيين بشن “حرب قانونية” من خلال لجوئهم إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية لمقاضاة إسرائيل.
وعبارة “الحرب القانونية” كان ترمب يستخدمها باستمرار لوصف متاعبه القانونية بعد مغادرته الرئاسة إثر انتهاء ولايته الأولى.
وقالت الخارجية الأميركية: إن السلطة الفلسطينية يجب أن توقف “محاولات تجاوز المفاوضات من خلال حملات حرب قانونية دولية” و”الجهود الرامية إلى ضمان الاعتراف الأحادي بدولة فلسطينية افتراضية”.
وبموجب الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة كدولة مضيفة للمنظمة الأممية في نيويورك، ليس من المفترض أن ترفض واشنطن منح تأشيرات للمسؤولين المتوجهين إلى المنظمة.
واعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أنها ملتزمة بالاتفاق من خلال سماحها بوجود البعثة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة.
يأتي ذلك فيما يتصاعد حراك الاعتراف بدولة فلسطين، حيث أطلقت 15 دولة غربية بينها فرنسا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والبرتغال، أواخر تموز/ تموز الماضي، نداء جماعيًا للاعتراف بدولة فلسطين ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأخيرًا، أعلنت عدة دول بينها بريطانيا وفرنسا وأستراليا، اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ أيلول المقبل.
ومن أصل 193 دولة عضوًا بالمنظمة الدولية، تعترف 149 دولة على الأقل حاليًا بدولة فلسطين التي أعلنتها القيادة الفلسطينية في المنفى عام 1988.
by | Aug 28, 2025 | أخبار العالم
استُكمِلت عملية تسليم السلاح من داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، وشملت اليوم الخميس، ذلك الموجود في مدينة صور جنوبي البلاد، وذلك تنفيذاً لمقرّرات القمة اللبنانية – الفلسطينية التي عقدت بتاريخ 21 أيار/ أيار 2025، بين الرئيسين جوزاف عون ومحمود عباس، وتنفيذاً لمقرّرات الاجتماع المشترك للجنة الحوار الفلسطيني في 23 أيار الماضي.
وقال قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب لـ”العربي الجديد” إننا “سلّمنا الجيش اللبناني اليوم الأسلحة الموجودة في مخيمات صور جنوبي لبنان أي برج الشمالي والرشيدية والبص”، مشيراً إلى أنّ “الأسلحة التي سلّمناها هي أسلحة ثقيلة مدفعية وصاروخية وستكون بعهدة الدولة والجيش اللبناني”، ومؤكداً أنّ “عملية تسليم السلاح مستمرة وستستكمل وتشمل كل المخيمات”.
إلى ذلك، قالت لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني في بيان إنّ “عملية تسلّم السلاح من داخل المخيمات الفلسطينية استكملت اليوم جنوب نهر الليطاني، حيث جرى تسليم دفعات من السلاح الثقيل العائد إلى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في مخيمات الرشيدية والبص والبرج الشمالي، ووُضعت جميعها في عهدة الجيش اللبناني. وقد شملت العملية ثماني شاحنات: ستّ من الرشيدية، واحدة من البص، وأخرى من البرج الشمالي، على أن تُستكمل المراحل الباقية في بقية المخيمات وفق الخطة المتفق عليها”.
وأضافت “تشكل هذه الخطوة محطة أساسية تؤكد أنّ مسار تسليم السلاح يُستكمَل بجدّية تامة، ولم يعد من الممكن التراجع عنه، باعتباره خياراً استراتيجياً ثابتاً ومتفقاً عليه بين الدولة اللبنانية والدولة الفلسطينية. ويعكس هذا المسار التزاماً حازماً بمبدأ سيادة الدولة اللبنانية وبسط سلطتها الكاملة على جميع أراضيها، وبحصرية السلاح في يد مؤسساتها الشرعية دون سواها”.
كذلك، أشارت اللجنة إلى أن “هذه العملية تأتي تنفيذاً لما تقرر في القمة اللبنانية – الفلسطينية بتاريخ 21 أيار 2025، وما أعقبه من اجتماع مشترك للجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني برئاسة رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، والذي وضع خريطة طريق واضحة لإنهاء ملف السلاح الفلسطيني بشكل كامل ونهائي، وللحفاظ على كرامة الفلسطينيين المقيمين في لبنان وحقوقهم الإنسانية، كما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري”. وختمت بالقول إنّ “لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني، إذ تشدد على أنّ هذه العملية تعبّر عن جدية راسخة في إنجاز هذا الملف، ترى فيها انتقالاً إلى مرحلة جديدة من العلاقات اللبنانية–الفلسطينية، قائمة على الشراكة والتعاون في صون الاستقرار الوطني واحترام السيادة اللبنانية”.
وفي وقت سابق اليوم الخميس، قال رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، رامز دمشقية، لـ”العربي الجديد”، إنّ “عملية تسليم السلاح داخل المخيمات بدأت الخميس الماضي وتستكمل اليوم وغداً سواء في الجنوب في صور، وبيروت، وستستمرّ وتليها مراحل مقبلة”. وحول الانتقادات التي طاولت عملية تسليم السلاح الخميس الماضي بالنظر إلى كميتها القليلة، قال دمشقية إن “حجم العملية التي حصلت الخميس الماضي صغير، لكنها كبيرة بدلالاتها ومعانيها، وهي خطوة على طريق تنفيذ خطاب قسم الرئيس جوزاف عون والبيان الوزاري، وطبعاً اتفاق الطائف”.
وحول الانقسامات الفلسطينية وتأكيد بعض الفصائل أنها لن تسلّم سلاحها، شدّد دمشقية على أنّ “التركيز الآن هو مع حركة فتح ومنظمة التحرير، والمشاورات ستحصل طبعاً مع باقي المجموعات الفلسطينية، ولا يمكن الحديث عن النتيجة من الآن”. وإذ رأى دمشقية أن عملية تسليم السلاح ستتم بسلاسة، أعرب عن اعتقاده في معرض ردّه على سؤال أنّ المخيم الذي قد يكون الأصعب هو عين الحلوة، مشيراً إلى أنه “بعد كل المتغيرات والتطورات التي حصلت في المنطقة والزلازل التي ضربتها، لا أعتقد أن السلاح يخدم القضية الفلسطينية بشكل مناسب، لكنه قادر على زعزعة خطة أمنية لبنانية طموحة يحلم بها اللبنانيون منذ عقود، وهي حصر السلاح بيد الدولة”.
ورافق انطلاق عملية تسليم السلاح الفلسطيني الخميس الماضي جدل كبير في ظلّ أولاً الحجم القليل لشحنة الأسلحة التي وضبت بأكياس ووضعت بشاحنة صغيرة، وسلّمت إلى الجيش من مخيم برج البراجنة في بيروت، وثانياً، مع تضارب المواقف، ولا سيما الفلسطينية منها، بحيث خرجت سريعاً بعض الفصائل لتؤكد أنّ ما جرى تسليمه كان سلاحاً غير شرعي ومرتبطاً بمسؤول أقيل من حركة فتح يدعى شادي الفار، نافيةً بدء تسليم السلاح، واضعة فقط ما حصل في إطار الشأن التنظيمي الداخلي الخاص بـ”فتح”.
الرئاسة الفلسطينية: تسليم الدفعة الثانية من السلاح الموجود داخل المخيمات للجيش اللبناني
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إنّ “الجهات الفلسطينية المختصة في لبنان سلّمت الدفعة الثانية من سلاح منظمة التحرير الفلسطينية الموجود في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وهي مخيمات الرشيدية والبص والبرج الشمالي للجيش اللبناني كعهدة (وديعة)، اليوم الخميس، على أن تستكمل عمليات التسليم لباقي المخيمات تباعاً”، وذلك بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”.
وأضاف أنّ “ذلك جاء بناء على البيان الرئاسي الصادر عن رئيس دولة فلسطين محمود عباس، والرئيس اللبناني العماد جوزاف عون، في 21 أيار الماضي”. وأوضح أنّ “الجانبين اتفقا على تشكيل لجنة مشتركة لبنانية فلسطينية لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، والعمل على تحسين الظروف المعيشية والإنسانية للاجئين، مع احترام السيادة اللبنانية والالتزام بالقوانين اللبنانية”، مشيراً إلى أنّ “الجانبين أكدا التزامهما توفير الحقوق الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، بما يضمن لهم حياة كريمة دون المساس بحقهم في العودة، أو التأثير في هويتهم الوطنية”. كما أكد أبو ردينة أنّ “الجانبين شددا على التزامهما مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، وإنهاء أي مظاهر مخالفة لذلك، وأهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه”.
by | Aug 28, 2025 | أخبار العالم
لا تخرج الضفة الغربية المحتلة عن دائرة الحرب الإبادية في قطاع غزّة، وإن بوتيرة وشكل مختلف، وهذا التعامل الاحتلالي مع مدن الضفة الكبرى، كالذي شهدته رام الله، ثم نابلس، يهدف إلى توحيد الحالة، ما أمكن، بالرغم من الفارق الكبير بين القطاع والضفة، في طبيعة المقاومة ووسائلها، إلا أن سياسة الاحتلال تقوم في الأخيرة على الملاحقة اليومية التي تغلب عليها التدابير الاستباقية والاحترازية، إلى جانب تأكيد وقوع مهد السلطة الفلسطينية، والدولة الفلسطينية، تحت الاحتلال المباشر، لفرْض سيادته عليها، وللتهوين من أمر السلطة، وتهميشها. ما يحيلنا إلى الفلسطينيين، الطرف المقابل؛ كيف ينظرون إلى هذه المرحلة من الصراع، وما أولوياتهم؟
ليس واقعيّاً أنْ نتوقَّع تشابُهاً تامّاً بين الحالة الفلسطينية في الضفة الغربية وقسيمتها في قطاع غزة، فلكلٍّ منهما ظرفُه، ولكل ظرف مقتضياتُه. ولكن لنا أنْ ننتظر تجانُساً عامّاً بينهما؛ بحكم التكوين الواحد، والمصير المشترك. … ولا يقتصر الاختلاف بينهما على طبيعة الجهة الحاكمة، بل يتعدَّاه إلى طروء تغيُّرات على شواغل التفكير والعمل، هذا الشاغل المعيشي طبيعي، لكن ما يثير التفكير حين يتمدَّد نطاقُه، ليزاحم، أو يكاد يصادر الاهتمام الوطني العام. على أنَّ هذا الاتجاه المعيشي لا يمثِّل أهل الضفة الغربية، ولا ينحصر فيها، فما هو إلا امتداد للاتجاه المادي الاستهلاكي، العالمي، وكما يتأثَّر به فلسطينيون في الضفة الغربية يتأثَّر به فلسطينيون في قطاع غزّة.
هذا ولا تقتصر هذه الحالة الانقسامية على الشعب الفلسطيني، إذ هي ملحوظة في شعوب دول أخرى، ومنها دول قوية، ماديّاً، كالولايات المتحدة؛ بين تيَّار يميني قومي وتيَّار ديمقراطي ليبرالي، وكذلك في دولة الاحتلال نفسها، بين تيَّار يميني ديني، متطرِّف، وتيَّار علماني ديمقراطي، لكن فاعلية الدولة باعتبارها جهازاً تنفيذياً، أو الحكومة، لا تسمح لتلك الانقسامات الاجتماعية الفكرية بتعطيل فاعلية الكيان العام، وإن كانت تهدِّد بانقسامات سياسية، أو تصدُّعات وربما اقتتال داخلي محتمَل، ومما يدلُّ على قوة الانقسام في دولة الاحتلال أنَّ الحرب الدائرة، والناجمة عن شعور عام بالمهانة، والانتقاص من قوة الدولة وجيشها، وحصانة أمنها، ذلك كله لم يقوَ على تأجيل تلك الخلافات، فشهدنا تجاذبات سياسية واجتماعية مرتدّة إلى الخلافات التي سبقت عملية طوفان الأقصى، على طبيعة الدولة، ومرجعيتها، في شؤون القضاء والتشريع، وانعكس أيضاً في كيفية التعامل مع المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس وحركات المقاومة في غزة.
حالتنا الفلسطينية المشيرة إلى اختلافات ليست حصيلة وعيٍ اجتماعي بالضرورة، إلا لدى فئات محدودة، لكن مقتضيات الواقع تدفع إليها، أو تستدرج الناس نحوها
على أنّ حالتنا الفلسطينية المشيرة إلى اختلافات ليست حصيلة وعيٍ اجتماعي بالضرورة، إلا لدى فئات محدودة، لكن مقتضيات الواقع تدفع إليها، أو تستدرج الناس نحوها، وهي في حدِّها الأقصى قد تتماهى مع مفهوم “السلام الاقتصادي”.
ومن مؤشِّرات هذه الحالة أنَّ الشعب في الضفة الغربية لم يتحرَّك التحرُّكَ المنتظَر إزاء ما يجري في غزّة. ومع أن وراء هذه الحالة أسباباً من قَبيل سياسة السلطة الفلسطينية التي أضعفت الأبنية التنظيمية لصالح سلطة السلطة، والملاحقات الاحتلالية المكثَّفة لكل رموز العمل الوطني، وحتى الأفراد الناشطين، إلا أننا لا نعدَم في صميم قطاعات من الناس، وليس بالضرورة الأكثر، تراجُع الاهتمام بالقضايا العامة، والشأن الوطني، والمصير المشترك.
هذا، وليست وحدة الشعب أمراً متعالياً، أو معصوماً من التغيرات الاجتماعية، وتكاد الخلافات العميقة، حين تدبّ في أيِّ شعب أنْ تُحيله، وهو الواحد، شعوباً، لكل منها دربٌ وغاية. ويكون ذلك إما بالسماح بحدوثه، وذلك بالكفِّ عن صيانة عوامل وَحْدته، وتغذيتها، أو بالدفع إليه، بسياسات اقتصادية وثقافية، تكرّس عزلة أوساط منه عن سائر الشعب. ومؤشِّر الخطورة في حالة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية أنه حتى في وقت التهديد الوجودي لا تزال هذه الفرقة، في معنى الحياة، ماضيةً في طريقها. مع أن روح الشعب، وجوهره، يصعب أنْ يستأصَلا، لكن هذا يحتاج طاقة كبيرة لبعثه، ملتحماً، ومتفاعلاً، في المستوى المأمول. ولعلَّ آليَّة المنْح والمنْع المتعلقة بالمال عملت على تنبيه النزعة الفردية، وعظّمت دورها وأثرها في التفكير والاهتمام، حتى شغلت، بوعي أو بلا وعي، مكانَ المركز، ولو مؤقَّتاً.
تراجع الاهتمام بالقضايا العامة، والشأن الوطني، والمصير المشترك لدى البعض في الضفة الغربية
هذا بشكل عام تنبيه للمحرِّكات المادية المتطاولة في الناس، ثم بالتوازي مع الاحتياجات الملحّة التي لا تحتاج إلى تثوير. ففيما تترقَّب الأُسر الفلسطينية بداية العام الدراسي ينتاب المعيلين فيها قلقٌ؛ أنْ لا ينتظم التعليم، وأن يحصّل أبناؤهم، ولا سيما من هم في المرحلة الابتدائية حظَّهم المناسب من التعليم، وسط مؤشِّرات إلى بداية مضطربة؛ بسبب موقف المعلمين الاحتجاجي، بإعلان دوام جزئي، على خلفية استمرار أزمة انقطاع الرواتب وتفاقمها، وموقف المعلمين (ويشاركهم همَّهم موظفو القطاع العام)، هذا لا تزيُّدَ فيه، إذ ثمة الكثير من الاستحقاقات المعيشية الملحَّة والمؤجَّلة مراراً، ومنهم من يخضع راتبُه المجزوء أصلاً لاقتطاعات البنوك، وهكذا تتشكل أزمات حقيقية لا مفرَّ منها، لكن ليس كلُّ التمظهرات المادية من هذا الطراز، فثمة تمظهرات استهلاكية ترفيهية لدى أوساط أقلَّ تأثراً بالأوضاع وتداعياتها. وعلى الجانبين؛ المضيَّق عليهم، والمستغنين، الشاغل هو العامل المادي سلباً، أو إيجاباً، مع اختلاف الدوافع والخلفيات. وهكذا أصبح العنصر المالي هو مركز تنبُّه الكثيرين في الضفة الغربية…
بالطبع، لا أحد يتوقع، أو يطلب أن تتوقّف الحياة، بل إن استمرار الحياة وصمود قطاعات الإنتاج المختلفة في الضفة الغربية، وفي القطاع، ما أمكن، يُعَدُّ من أشكال التحقُّق الفلسطيني، لكن من دون أن ينسلخ عن الشعور العام؛ هذا الشعور العام الذي يتعذَّر إخضاعه لمقياس دقيق وصارم. ولكن قد تبدر أفعال تنمُّ عن ضعفه، أو غيابه، من قبيل مظاهر الترف العام، والمبالغة في إظهار طقوس الأعراس، ما لا يجتمع مع تأثُّر حقيقي أو مساندة ولو قلبية مع مُصاب أهلنا في قطاع غزّة؛ ما ينذر بتشكُّل أوساط اجتماعية معزولة، أو شبه معزولة عن الشأن العام، وهو شأن طاغٍ في حياتنا اليومية جميعاً، سواء كنَّا نقيم في الضفة، أم في القطاع.
مؤشِّر الخطورة في حالة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية أنه حتى في وقت التهديد الوجودي لا تزال الفرقة، في معنى الحياة، ماضيةً في طريقها
والأنكى حين يحاول بعضُهم التمسُّح بشعارات ورموز وطنية لتمرير تلك الخروجات غير الجمعية في جوهرها. فيما هذا التشفُّع بالشعار، أو بالرمز، وإن كان سطحياً، فإنه يشي بسطوة الشأن العام، وينبئ عن تعذُّر تجاهُل الحالة الاستثنائية التي تمرُّ بها فلسطين؛ القضية والشعب. ومع أن جزئية الأداء الفلسطيني في الضفة الغربية ليست حاسمة إذا ما استُحضِرت العوامل المساعدة لدولة الاحتلال، دولياً وإقليمياً وعربياً، إلا أنها تبقى البقعة الأقرب والأوثق، ولها دلالتها ورمزيتها، فلو لم تُفِد الوحدة الشعورية إلا تأكيد وحدة الشعب واستشعاره الخطر الوجودي الذي يهدِّده، فهي فائدة جُلَّى. في هذه الدوامة المدوِّخة من الإشغال، وفي هذه الحالة المضطربة من التمثُّلات السياسية المتعارضة لحدود التناقض، بين نهج السلطة المحاصرة إسرائيلياً، وأميركياً، أنْ تخطو نحو الدولة، وبين وقوع الشعب تحت ضربات الاحتلال وفظائع المستوطنين البربرية، وتخلي أكثرية منه عن أيِّ قناعات تمتّ إلى الحلول السلمية، وجدوى التفاوض. فوق أنَّ ما يبديه الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية من ردات فعل على جرائم الإبادة في غزّة لا بدَّ أنه محلُّ مراقبة من الدول الغربية ذات العلاقة، على تبايناتها في مواقفها تجاه فلسطين، من دول تبدو وكأنها تحاول بعض التوازن، وبين أميركا المنحازة حتى التماهي مع حكومة نتنياهو المشهود لها بالتطرُّف والعنصرية، نعم ما يبديه الفلسطينيون في الضفة الغربية يُعتمَد عليه، ولو جزئياً، في تكوين صورة عنهم، وعن وعيهم، والبناء عليها، من خطط وسياسات.
وليست الضفة الغربية نفسها بعيدة عن طاحونة الاحتلال، حيث فرْض وقائع استيطانية خطيرة وذات بعد استراتيجي، ذلك بعدما صادقت سلطات الاحتلال على إطلاق مخطط “إي 1” ضمن مساعي الاحتلال الإسرائيلي لربط مستوطنة معاليه أدوميم بمدينة القدس المحتلة وفصلها عن محيطها الفلسطيني. ويهدف هذا المشروع الاستيطاني إلى فرْض السيطرة على القدس ومنْع تأسيس دولة فلسطينية متصلة جغرافياً.
وإزاء هذه التحدّيات الكبرى، وهي بطبيعتها لا تواجَه بقوى فردية، ولا حتى بقوى تنظيم، أم جماعة، أو حزب، لا نلحظ حالة فلسطينية ترتقي إلى مستواها. يعوق ذلك شواغلُ سطحية، وسعيٌ وراء إنجازات عرَضية.
by | Aug 28, 2025 | أخبار العالم
اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي اليوم 6 مدارس في مدينة الخليل بالضفة الغربية واحتجزت عددا من المعلمين واستولت على صور وكتب مدرسية.
ذكرت وكالة “وفا” الفلسطينية بأن قوات الجيش الإسرائيلي اقتحمت المدارس الست في حارة الشيخ والمنطقة الجنوبية من مدينة الخليل وقامت بتفتيشها، واستولت على صور وكتب مدرسية، إضافة إلى احتجاز المعلمين خلال عملية الاقتحام والمداهمة.
بدورها، أدانت وزارة التربية والتعليم العالي، الاقتحام الإسرائيلي لهذه المدارس، واحتجازها عددا من المعلمين والاعتداء عليهم.
وأكدت الوزارة أن هذه المآذارات تشكل انتهاكا صارخا للقوانين الدولية والإنسانية، لا سيما اتفاقيات حماية التعليم.
كما وصفت الوزارة هذا الأمر بأنه “استمرار لسياسة الاحتلال الممنهجة لاستهداف المؤسسات التعليمية، وبث الرعب في نفوس الطلبة والطواقم التدريسية”.
وطالبت التربية كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية، الدولية والمحلية، بضرورة التدخل العاجل لوقف هذه الانتهاكات، وضمان الحماية للمدارس والطلبة والمعلمين “ومحاسبة الإسرائيلي على جرائمه المتواصلة بحق التعليم الفلسطيني”.
المصدر: وكالة “وفا” الفلسطينية