رسوم ترامب تضغط على اقتصاد الهند: تراجع الأسهم والصادرات واستقرار العملة

رسوم ترامب تضغط على اقتصاد الهند: تراجع الأسهم والصادرات واستقرار العملة

تواجه نيودلهي ضغوطاً اقتصادية متزايدة تطاول العملة والأسواق والقطاعات الإنتاجية، مع دخول الرسوم الجمركية الأميركية العقابية على الصادرات الهندية حيّز التنفيذ وارتفاعها إلى 50%. ففي حين حافظت الروبية على استقرارها النسبي وتذبذبت السندات بانتظار تدخل البنك المركزي، تكبّدت الأسهم خسائر جماعية وسط مخاوف من تباطؤ النمو وخروج الاستثمارات الأجنبية.

وعلى خط موازٍ، تسعى الحكومة إلى التخفيف من وقع الأزمة عبر تمديد إعفاء واردات القطن حتى نهاية العام لدعم صناعة النسيج التي تُعد من بين الأكثر تضرراً من القيود الأميركية. هذه التطورات تضع الاقتصاد الهندي أمام اختبار صعب بين حماية قطاعاته الحيوية والحفاظ على موقعه في سلاسل القيمة العالمية.

استقرار الروبية وتذبذب السندات

استقرت الروبية الهندية في تعاملات سوق الصرف اليوم الخميس، بعد يوم واحد من دخول الرسوم الجمركية الأميركية البالغة 50% على المنتجات الهندية المصدرة للولايات المتحدة حيز التطبيق. وفي الوقت نفسه، تذبذبت أسعار السندات الهندية مع ترقب المتعاملين لأي تدخل من البنك المركزي الهندي في ظل ارتفاع العائد على السندات أخيراً، بحسب “أسوشييتد برس”.

وأشارت وكالة “بلومبيرغ” للأنباء إلى تداول الدولار في السوق الهندية اليوم بسعر 87.76 روبية، دون تغيير كبير عن سعره أمس، في حين تراجع العائد على سندات الخزانة الهندية لأجل عشر سنوات بمقدار نقطة أساس واحدة إلى 6.59%، بعد أن كان قد ارتفع ثلاث نقاط أساس في وقت سابق من تعاملات اليوم. وخلال جلسات التداول الأربع الأخيرة، ارتفع العائد على هذه السندات بمقدار عشر نقاط أساس.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد قرر فرض رسوم بنسبة 25% على المنتجات الهندية في البداية، ثم وقع لاحقاً أمراً تنفيذياً بفرض رسوم عقابية إضافية بنسبة 25% على الهند بسبب مشترياتها من النفط الروسي، لترتفع الرسوم الأميركية على الحليف الهندي إلى 50%.

وترى الحكومة الهندية أن هذه الرسوم ستؤثر على صادرات بقيمة 48.2 مليار دولار، محذرة من أن التصدير إلى الولايات المتحدة قد يصبح غير مجدٍ تجارياً، الأمر الذي قد يؤدي إلى فقدان وظائف وإبطاء وتيرة نمو الاقتصاد. وتشير تقديرات “مبادرة أبحاث التجارة العالمية”، وهو مركز أبحاث مقره نيودلهي، إلى أن القطاعات كثيفة العمالة، مثل المنسوجات، الأحجار الكريمة والمجوهرات، السلع الجلدية، الأغذية والسيارات ستكون الأكثر تضرراً.

وقال أجاي سريفاستافا، مؤسس المركز والمسؤول التجاري الهندي السابق: “يمثل نظام الرسوم الجمركية الجديد صدمة استراتيجية تهدد بمحو الوجود الهندي الراسخ في الولايات المتحدة، ما يسبب البطالة في المراكز المعتمدة على التصدير ويضعف دورها في سلسلة القيمة الصناعية”، وفق ما نقلته “أسوشييتد برس”.

وفي تقرير صدر في وقت سابق من الأسبوع، ذكرت وكالة “فيتش ريتنجز” للتصنيف الائتماني أن التأثير المباشر لارتفاع الرسوم الأميركية على الناتج المحلي الإجمالي للهند سيكون متواضعاً، إذ تمثل الصادرات إلى الولايات المتحدة 2% فقط من الناتج المحلي. لكنها حذرت من أن حالة عدم اليقين بشأن الرسوم ستضعف ثقة الشركات والاستثمار، مشيرة في المقابل إلى أن الإصلاحات المقترحة لضريبة السلع والخدمات، إذا ما اعتمدت، ستعزز الاستهلاك وتساعد على تعويض بعض مخاطر النمو.

إعفاء القطن لدعم صناعة النسيج

وفي السياق ذاته، مددت الهند إعفاء واردات القطن من الرسوم الجمركية لمدة ثلاثة أشهر حتى نهاية كانون الأول/كانون الأول، وفق ما أظهره أمر حكومي اليوم الخميس، في خطوة تهدف إلى دعم صناعة الملابس المحلية التي تضررت بفعل الرسوم الأميركية الباهظة. وكانت الهند، ثاني أكبر منتج للقطن في العالم، قد أعلنت في وقت سابق عن إعفاء الواردات من رسوم بنسبة 11% حتى نهاية أيلول/أيلول، قبل أن تمدد هذا الإعفاء حتى 31 كانون الأول/كانون الأول، بحسب “رويترز”.

وتُعد الولايات المتحدة أكبر سوق للملابس والمجوهرات الهندية، بقيمة تقارب 22 مليار دولار في 2024، فيما تبلغ حصة الهند 5.8% من السوق الأميركية، خلف الصين، فيتنام وبنغلادش. ويسمح هذا الإعفاء لشركات النسيج باستيراد قطن أرخص، ما يخفف الضغط وسط تباطؤ الطلب الأميركي. وقال أتول غناترا، رئيس رابطة القطن الهندية، لـ”رويترز”: “مع التمديد للإعفاء من الرسوم، قد تصل الواردات إلى مستوى قياسي يبلغ 4.2 ملايين بالة هذا العام. ومن المرجح أن تستمر الواردات القوية حتى الربع الأول من العام المقبل أيضاً”، علماً أن السنة التسويقية للقطن في الهند تمتد من تشرين الأول/تشرين الأول إلى أيلول/أيلول.

تراجع الأسهم وضغوط على الأسواق

على صعيد متصل، تراجعت الأسهم الهندية، اليوم الخميس، بعد يوم من دخول رسوم عقابية أميركية إضافية بنسبة 25% على الواردات حيّز التنفيذ. وحذر محللون من ضغوط على الأسواق في الأمد القريب. فقد خسر مؤشر “نيفتـي 50” (.NSEI) نسبة 0.63% ليصل إلى 24.557.1 نقطة، فيما تراجع مؤشر “بي إس إي سينسكس” (.BSESN) بنسبة 0.65% ليصل إلى 80.253.93 نقطة بحلول الساعة 9:50 صباحاً بالتوقيت المحلي، بحسب “رويترز”.

وسجلت جميع القطاعات الـ16 الرئيسية خسائر، فيما تراجعت الأسهم ذات رؤوس الأموال الصغيرة (.NIFSMCP100) والمتوسطة (.NIFMDCP100) بنحو 0.9% لكل منهما. وانخفض سهم “إتش دي إف سي بنك” (HDBK.NS) بنسبة 1.5%، بينما تراجعت أسهم “آي سي آي سي آي بنك” (ICBK.NS) و”ريلاينس إندستريز” (RELI.NS) بنحو 0.9% لكل منهما. وكان مؤشرا “نيفتـي” و”سينسكس” قد تراجعا بنحو 1% يوم الثلاثاء، في أكبر انخفاض يومي منذ ثلاثة أشهر، قبل دخول الرسوم الأميركية حيز التنفيذ، فيما أُغلقت الأسواق المحلية يوم الأربعاء بسبب عطلة.

وبحسب المحللين، تواجه الأسواق رياحاً معاكسة قوية بعد فرض الولايات المتحدة الرسوم الإضافية البالغة 25% على السلع الهندية بسبب شراء نيودلهي النفط الروسي، لترتفع الرسوم الإجمالية إلى 50%. وقال عمرو عبد الخالق، استراتيجي الأسواق الناشئة في “إم آر بي بارتنرز”: “إن المخاطر الناجمة عن الخلاف في العلاقات الأميركية–الهندية والتقييمات المبالغ فيها تعني أن آفاق الأسهم الهندية لم تعد متفوقة على معظم نظرائها في الأسواق الناشئة”.

وسجلت الأسواق خروجاً لرؤوس الأموال الأجنبية بقيمة 2.66 مليار دولار حتى الآن في آب/آب، وهو أعلى معدل منذ شباط/شباط، وسط مخاوف الرسوم وضعف الأرباح. وقال فيكرام كاسات، رئيس الاستشارات في “بي إل كابيتال”: “الرهانات تتجاوز الرسوم الجمركية. القضية تتعلق باندماج الهند في سلاسل القيمة العالمية”. وأضاف: “في غياب اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، تخاطر الهند ليس فقط بخسارة الصادرات بل بانخفاض الاستثمارات وتباطؤ خلق الوظائف”.

أما على صعيد الأسهم الفردية، فقد انخفض سهم “إنتِرغلوبي أفييشن” (INGL.NS)، المشغلة لشركة الطيران الاقتصادي “إنديغو”، بنسبة 4.3% على خلفية تقارير عن بيع أحد المؤسسين حصة بسعر مخفض. في المقابل، ارتفع سهم “هيرو موتوكورب” (HROM.NS) بنسبة 1.5% بعدما رفعت “جيفريز” توصيتها للسهم من “أداء أقل من السوق” إلى “احتفاظ”، متوقعة زيادة في أرباح قطاع السيارات نتيجة التخفيضات المقترحة على معدلات ضريبة السلع والخدمات (GST).

(أسوشييتد برس، رويترز)

رسوم ترامب تضغط على اقتصاد الهند: تراجع الأسهم والصادرات واستقرار العملة

رسوم ترامب تضغط على اقتصاد الهند: تراجع الأسهم والصادرات واستقرار العملة

تواجه نيودلهي ضغوطاً اقتصادية متزايدة تطاول العملة والأسواق والقطاعات الإنتاجية، مع دخول الرسوم الجمركية الأميركية العقابية على الصادرات الهندية حيّز التنفيذ وارتفاعها إلى 50%. ففي حين حافظت الروبية على استقرارها النسبي وتذبذبت السندات بانتظار تدخل البنك المركزي، تكبّدت الأسهم خسائر جماعية وسط مخاوف من تباطؤ النمو وخروج الاستثمارات الأجنبية.

وعلى خط موازٍ، تسعى الحكومة إلى التخفيف من وقع الأزمة عبر تمديد إعفاء واردات القطن حتى نهاية العام لدعم صناعة النسيج التي تُعد من بين الأكثر تضرراً من القيود الأميركية. هذه التطورات تضع الاقتصاد الهندي أمام اختبار صعب بين حماية قطاعاته الحيوية والحفاظ على موقعه في سلاسل القيمة العالمية.

استقرار الروبية وتذبذب السندات

استقرت الروبية الهندية في تعاملات سوق الصرف اليوم الخميس، بعد يوم واحد من دخول الرسوم الجمركية الأميركية البالغة 50% على المنتجات الهندية المصدرة للولايات المتحدة حيز التطبيق. وفي الوقت نفسه، تذبذبت أسعار السندات الهندية مع ترقب المتعاملين لأي تدخل من البنك المركزي الهندي في ظل ارتفاع العائد على السندات أخيراً، بحسب “أسوشييتد برس”.

وأشارت وكالة “بلومبيرغ” للأنباء إلى تداول الدولار في السوق الهندية اليوم بسعر 87.76 روبية، دون تغيير كبير عن سعره أمس، في حين تراجع العائد على سندات الخزانة الهندية لأجل عشر سنوات بمقدار نقطة أساس واحدة إلى 6.59%، بعد أن كان قد ارتفع ثلاث نقاط أساس في وقت سابق من تعاملات اليوم. وخلال جلسات التداول الأربع الأخيرة، ارتفع العائد على هذه السندات بمقدار عشر نقاط أساس.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد قرر فرض رسوم بنسبة 25% على المنتجات الهندية في البداية، ثم وقع لاحقاً أمراً تنفيذياً بفرض رسوم عقابية إضافية بنسبة 25% على الهند بسبب مشترياتها من النفط الروسي، لترتفع الرسوم الأميركية على الحليف الهندي إلى 50%.

وترى الحكومة الهندية أن هذه الرسوم ستؤثر على صادرات بقيمة 48.2 مليار دولار، محذرة من أن التصدير إلى الولايات المتحدة قد يصبح غير مجدٍ تجارياً، الأمر الذي قد يؤدي إلى فقدان وظائف وإبطاء وتيرة نمو الاقتصاد. وتشير تقديرات “مبادرة أبحاث التجارة العالمية”، وهو مركز أبحاث مقره نيودلهي، إلى أن القطاعات كثيفة العمالة، مثل المنسوجات، الأحجار الكريمة والمجوهرات، السلع الجلدية، الأغذية والسيارات ستكون الأكثر تضرراً.

وقال أجاي سريفاستافا، مؤسس المركز والمسؤول التجاري الهندي السابق: “يمثل نظام الرسوم الجمركية الجديد صدمة استراتيجية تهدد بمحو الوجود الهندي الراسخ في الولايات المتحدة، ما يسبب البطالة في المراكز المعتمدة على التصدير ويضعف دورها في سلسلة القيمة الصناعية”، وفق ما نقلته “أسوشييتد برس”.

وفي تقرير صدر في وقت سابق من الأسبوع، ذكرت وكالة “فيتش ريتنجز” للتصنيف الائتماني أن التأثير المباشر لارتفاع الرسوم الأميركية على الناتج المحلي الإجمالي للهند سيكون متواضعاً، إذ تمثل الصادرات إلى الولايات المتحدة 2% فقط من الناتج المحلي. لكنها حذرت من أن حالة عدم اليقين بشأن الرسوم ستضعف ثقة الشركات والاستثمار، مشيرة في المقابل إلى أن الإصلاحات المقترحة لضريبة السلع والخدمات، إذا ما اعتمدت، ستعزز الاستهلاك وتساعد على تعويض بعض مخاطر النمو.

إعفاء القطن لدعم صناعة النسيج

وفي السياق ذاته، مددت الهند إعفاء واردات القطن من الرسوم الجمركية لمدة ثلاثة أشهر حتى نهاية كانون الأول/كانون الأول، وفق ما أظهره أمر حكومي اليوم الخميس، في خطوة تهدف إلى دعم صناعة الملابس المحلية التي تضررت بفعل الرسوم الأميركية الباهظة. وكانت الهند، ثاني أكبر منتج للقطن في العالم، قد أعلنت في وقت سابق عن إعفاء الواردات من رسوم بنسبة 11% حتى نهاية أيلول/أيلول، قبل أن تمدد هذا الإعفاء حتى 31 كانون الأول/كانون الأول، بحسب “رويترز”.

وتُعد الولايات المتحدة أكبر سوق للملابس والمجوهرات الهندية، بقيمة تقارب 22 مليار دولار في 2024، فيما تبلغ حصة الهند 5.8% من السوق الأميركية، خلف الصين، فيتنام وبنغلادش. ويسمح هذا الإعفاء لشركات النسيج باستيراد قطن أرخص، ما يخفف الضغط وسط تباطؤ الطلب الأميركي. وقال أتول غناترا، رئيس رابطة القطن الهندية، لـ”رويترز”: “مع التمديد للإعفاء من الرسوم، قد تصل الواردات إلى مستوى قياسي يبلغ 4.2 ملايين بالة هذا العام. ومن المرجح أن تستمر الواردات القوية حتى الربع الأول من العام المقبل أيضاً”، علماً أن السنة التسويقية للقطن في الهند تمتد من تشرين الأول/تشرين الأول إلى أيلول/أيلول.

تراجع الأسهم وضغوط على الأسواق

على صعيد متصل، تراجعت الأسهم الهندية، اليوم الخميس، بعد يوم من دخول رسوم عقابية أميركية إضافية بنسبة 25% على الواردات حيّز التنفيذ. وحذر محللون من ضغوط على الأسواق في الأمد القريب. فقد خسر مؤشر “نيفتـي 50” (.NSEI) نسبة 0.63% ليصل إلى 24.557.1 نقطة، فيما تراجع مؤشر “بي إس إي سينسكس” (.BSESN) بنسبة 0.65% ليصل إلى 80.253.93 نقطة بحلول الساعة 9:50 صباحاً بالتوقيت المحلي، بحسب “رويترز”.

وسجلت جميع القطاعات الـ16 الرئيسية خسائر، فيما تراجعت الأسهم ذات رؤوس الأموال الصغيرة (.NIFSMCP100) والمتوسطة (.NIFMDCP100) بنحو 0.9% لكل منهما. وانخفض سهم “إتش دي إف سي بنك” (HDBK.NS) بنسبة 1.5%، بينما تراجعت أسهم “آي سي آي سي آي بنك” (ICBK.NS) و”ريلاينس إندستريز” (RELI.NS) بنحو 0.9% لكل منهما. وكان مؤشرا “نيفتـي” و”سينسكس” قد تراجعا بنحو 1% يوم الثلاثاء، في أكبر انخفاض يومي منذ ثلاثة أشهر، قبل دخول الرسوم الأميركية حيز التنفيذ، فيما أُغلقت الأسواق المحلية يوم الأربعاء بسبب عطلة.

وبحسب المحللين، تواجه الأسواق رياحاً معاكسة قوية بعد فرض الولايات المتحدة الرسوم الإضافية البالغة 25% على السلع الهندية بسبب شراء نيودلهي النفط الروسي، لترتفع الرسوم الإجمالية إلى 50%. وقال عمرو عبد الخالق، استراتيجي الأسواق الناشئة في “إم آر بي بارتنرز”: “إن المخاطر الناجمة عن الخلاف في العلاقات الأميركية–الهندية والتقييمات المبالغ فيها تعني أن آفاق الأسهم الهندية لم تعد متفوقة على معظم نظرائها في الأسواق الناشئة”.

وسجلت الأسواق خروجاً لرؤوس الأموال الأجنبية بقيمة 2.66 مليار دولار حتى الآن في آب/آب، وهو أعلى معدل منذ شباط/شباط، وسط مخاوف الرسوم وضعف الأرباح. وقال فيكرام كاسات، رئيس الاستشارات في “بي إل كابيتال”: “الرهانات تتجاوز الرسوم الجمركية. القضية تتعلق باندماج الهند في سلاسل القيمة العالمية”. وأضاف: “في غياب اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، تخاطر الهند ليس فقط بخسارة الصادرات بل بانخفاض الاستثمارات وتباطؤ خلق الوظائف”.

أما على صعيد الأسهم الفردية، فقد انخفض سهم “إنتِرغلوبي أفييشن” (INGL.NS)، المشغلة لشركة الطيران الاقتصادي “إنديغو”، بنسبة 4.3% على خلفية تقارير عن بيع أحد المؤسسين حصة بسعر مخفض. في المقابل، ارتفع سهم “هيرو موتوكورب” (HROM.NS) بنسبة 1.5% بعدما رفعت “جيفريز” توصيتها للسهم من “أداء أقل من السوق” إلى “احتفاظ”، متوقعة زيادة في أرباح قطاع السيارات نتيجة التخفيضات المقترحة على معدلات ضريبة السلع والخدمات (GST).

(أسوشييتد برس، رويترز)

المكسيك توقف شحن الطرود إلى أميركا مع انتهاء الإعفاء الجمركي

المكسيك توقف شحن الطرود إلى أميركا مع انتهاء الإعفاء الجمركي

أعلنت المكسيك، أمس الأربعاء، أنّ خدمة البريد الوطنية ستعلق شحن الطرود إلى الولايات المتحدة قبيل انتهاء الإعفاء من الرسوم الجمركية على الطرود منخفضة القيمة الذي قررته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب

. ويأتي هذا الإعلان بعد خطوات مماثلة من خدمات البريد في الاتحاد الأوروبي وعدة دول أخرى أوقفت الشحن في انتظار مزيد من الوضوح بشأن القرار الأميركي، كما يتزامن مع مفاوضات مستمرة منذ أشهر بين الحكومة المكسيكية وإدارة ترامب لتجنب رسوم جمركية أوسع.

وينتهي غداً الجمعة الإعفاء المعروف باسم “إعفاء الحد الأدنى”، الذي يسمح بدخول الطرود التي تقل قيمتها عن 800 دولار إلى الولايات المتحدة دون رسوم جمركية. ووفق بيانات هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية، فقد أُرسلت 1.36 مليار طرد في عام 2024 بموجب هذا الإعفاء، بقيمة إجمالية بلغت 64.6 مليار دولار.

وأفادت الحكومة المكسيكية بأنّ خدمة البريد “كوريوس دي مكسيكو” ستعلّق مؤقتاً شحن الطرود إلى الولايات المتحدة اعتباراً من الأربعاء. وجاء في بيانها: “تواصل المكسيك حوارها مع السلطات الأميركية والمنظمات البريدية الدولية لتحديد آليات تسمح بالاستئناف المنظم للخدمات، بما يوفر اليقين للمستخدمين ويجنب تأخير تسليم البضائع”.

وبهذا الإعلان، تنضم المكسيك إلى عدة دول أوروبية وغيرها، من بينها أستراليا واليابان، في تعليق الشحنات إلى الولايات المتحدة وسط حالة من الغموض بشأن الرسوم الجديدة على الواردات. وحاولت المكسيك التفاوض مع الرئيس الأميركي لتفادي زيادة الرسوم من خلال اتخاذ إجراءات أمنية أكثر صرامة ضد عصابات المخدرات في البلاد، وإرسال العشرات من قادة تلك العصابات المسجونين إلى الولايات المتحدة لمحاكمتهم.

بدأ العمل بـ”إعفاء الحد الأدنى في الولايات المتحدة منذ عقود، لكن تم توسيع قيمته إلى 800 دولار في عام 2016 بقرار من الكونغرس والإدارة الأميركية، وهو ما اعتبر حينها تسهيلاً للتجارة الإلكترونية العابرة للحدود. وقد استفادت منه شركات الشحن العالمية ومنصات البيع عبر الإنترنت مثل أمازون وعلي بابا، حيث سمح بإرسال ملايين الطرود الصغيرة دون دفع رسوم جمركية أو المرور بإجراءات مطولة.

إلا أنّ إدارة الرئيس ترامب اتخذت موقفاً أكثر تشدداً تجاه التجارة الدولية منذ وصوله إلى السلطة، معتبرة أنّ الإعفاء يضر بالصناعة المحلية ويفتح الباب أمام إغراق السوق الأميركية ببضائع منخفضة السعر. وسبق أن استخدم ترامب أداة الرسوم الجمركية في صراعاته التجارية مع الصين والاتحاد الأوروبي والمكسيك وكندا، في إطار ما وصفه بسياسة “أميركا أولاً”.

كما أنّ مسألة الطرود منخفضة القيمة أثارت جدلاً واسعاً داخل الولايات المتحدة، حيث ضغطت شركات صناعية واتحادات عمالية لإلغاء الإعفاء، معتبرة أنه يضرّ بقدرتها التنافسية. في المقابل، حذرت شركات التجارة الإلكترونية وشركات البريد من أنّ إلغاءه سيؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد ويزيد التكاليف على المستهلكين.

تجدر الإشارة إلى أن تعليق المكسيك للشحنات يأتي في ظل محاولات متكررة لتجنب نزاعات تجارية أوسع مع واشنطن، خاصة بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة الجديدة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك (USMCA) عام 2020، والتي حلّت محل اتفاقية “نافتا”. لكن رغم الاتفاقية، بقيت التوترات قائمة بشأن قضايا الرسوم والإجراءات الحمائية.

(أسوشييتد برس، العربي الجديد)

صدمة جمركية تضرب الهند هي الأخطر منذ عقدين… كيف تمتصها؟

صدمة جمركية تضرب الهند هي الأخطر منذ عقدين… كيف تمتصها؟

دخل اقتصاد الهند منعطفاً حاداً مع بدء تنفيذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيادة الرسوم الجمركية على السلع القادمة من الهند إلى ما يصل إلى 50% اعتباراً من أمس الأربعاء، في خطوة وصفتها تقارير مالية بأنها الأخطر منذ عقدين على العلاقات التجارية بين البلدين. وسوف تضاف رسوم جمركية تبلغ 25% على الهند، بسبب مشترياتها من النفط الروسي إلى الرسوم السابقة البالغة 25% على عدد من المنتجات الهندية. ونقلت “رويترز” عن مصدر في الحكومة قوله إن نيودلهي تأمل أن تراجع الولايات المتحدة الرسوم الجمركية الإضافية بنسبة 25%، مضيفاً أن الحكومة تعتزم اتخاذ خطوات لتخفيف أثر هذه الرسوم.

وتحت وطأة الصدمة الجمركية الجديدة، افتتحت بورصة بومباي تداولات اليوم الخميس على تراجعات حادة، إذ خسر مؤشر نفتي 50 نصف نقطة مئوية، بينما تراجع مؤشر سينسيكس بنحو 0.6% في الدقائق الأولى للتداول. أما الروبية، فقد تراجعت إلى حدود 88 روبية مقابل الدولار، ما اضطر بنك الاحتياطي الهندي إلى التدخل بشكل محدود للحد من الانخفاض. وتزامن هذا الارتباك المالي مع موجة خروج لرؤوس الأموال الأجنبية تجاوزت 2.6 مليار دولار في آب/آب وحده، وهو الأعلى منذ شباط/شباط الماضي، ما يعكس عمق الصدمة التي أحدثها القرار في السوق المحلي والدولي.

وقالت الولايات المتحدة إن شراء الهند النفط الروسي يساعد موسكو على تمويل حربها في أوكرانيا، وإن نيودلهي تتربح من ذلك أيضاً. ورفضت الهند هذه الاتهامات ووصفتها بأنها كيل بمكيالين، وأشارت إلى أن هناك روابط تجارية أميركية وأوروبية مع روسيا. وتعليقاً على الرسوم العقابية، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية الهندي كيرتي فاردان سينغ لصحافيين، أمس الأربعاء: “نتخذ الخطوات المناسبة لضمان عدم الإضرار باقتصادنا، ودعوني أطمئنكم بأن قوة اقتصادنا ستمكننا من تجاوز هذه الأوقات العصيبة”. وأضاف “ما يهمنا هو أمن طاقتنا، وسنواصل شراء موارد طاقة من أي دولة تعود علينا بالنفع”.

صادرات الهند تحت التهديد

وأظهرت تقديرات صادرة عن بنك باركليز، نقلتها صحيفة تايمز أوف إنديا، أن الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة تمثل تهديداً مباشراً لما يقارب 70% من صادرات الهند إلى الولايات المتحدة. ويعني ذلك أن ما يقرب من 55 مليار دولار من إجمالي 80 مليار دولار من صادرات الهند المتجهة إلى السوق الأميركية باتت مهددة بشكل مباشر، وهو ما يعادل نحو 13% من إجمالي الصادرات السلعية للهند في عام 2024. ووفقاً للبيانات المجمعة من مركز المعلومات الاقتصادية الصيني (CEIC)، فإن الولايات المتحدة تعد أكبر شريك تجاري للهند بفارق واسع، حيث تستوعب وحدها 18% من إجمالي الصادرات الهندية، أي ما يزيد عن 80 مليار دولار من البضائع سنوياً.

وقال بنك باركليز إن الرسوم الجديدة ستضع الهند في وضعية غير متكافئة مقارنة بالاقتصادات الناشئة المنافسة في آسيا، مثل بنغلادش وسريلانكا، حيث لا تتجاوز الرسوم على صادراتهما من المنسوجات إلى الولايات المتحدة 20%، بينما سترتفع في حالة الهند إلى أكثر من 60% عند إضافة التعرفات الجديدة فوق الرسوم السابقة، وهي من بين أعلى الرسوم التي تفرضها الولايات المتحدة. وذكر المصدر لرويترز أن الحكومة الهندية تجري محادثات مع المصدرين لزيادة شحنات المنسوجات والجلود والأحجار الكريمة والمجوهرات إلى دول أخرى، وأنها ستقدم على الأرجح مساعدات مالية للشركات المتضررة.

القطاعات المتأثرة والمستثناة

وعلى الرغم من شمول الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة قطاعات واسعة من الصادرات الهندية، فإن تأثيرها يتفاوت بشكل ملحوظ بين الصناعات. فبحسب بيانات باركليز ريسيرش ومركز (CEIC)، تأتي الآلات الكهربائية والمجوهرات والأحجار الكريمة والمنسوجات في صدارة القطاعات الأكثر عرضة للخطر. وتشير الأرقام إلى أن صادرات الهند من الآلات الكهربائية بلغت نحو 39.3 مليار دولار في عام 2024، وقد استحوذت الولايات المتحدة وحدها على 31% منها. وفي قطاع المجوهرات، الذي وصلت صادراته إلى 28.9 مليار دولار، فإن السوق الأميركية تمثل أكبر منفذ لهذه المنتجات بنسبة تتجاوز 31%، ما يجعلها في قلب المواجهة التجارية. أما صناعة المنسوجات، التي بلغت صادراتها أكثر من 21 مليار دولار، فتعتمد على الولايات المتحدة بحصة تقارب 37%، وهو ما يضعها في وضع تنافسي هش مقابل صادرات بنغلادش وسريلانكا التي تواجه تعرفات أدنى بكثير، بحسب تايمز أوف إنديا.

وفي المقابل، هناك بعض الصناعات التي حظيت باستثناءات مهمة خففت من حدة الصدمة. فالهواتف الذكية، التي أصبحت خلال السنوات الأخيرة أحد أبرز بنود الصادرات الهندية، بفضل برنامج الحوافز المرتبطة بالإنتاج، أعفيت من الرسوم الجديدة، ما يمثل دعماً كبيراً لهذا القطاع الذي عزز مكانة الهند قاعدة بديلة للتصنيع في مواجهة الصين. كذلك جاء قطاع الأدوية، الذي بلغ حجم صادراته إلى الولايات المتحدة نحو 8.7 مليارات دولار في 2024، في دائرة الاستثناء مؤقتاً، وهو أمر بالغ الأهمية باعتبار أن الولايات المتحدة تستحوذ على نحو 38% من صادرات الأدوية الهندية. غير أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان قد لوّح بفرض رسوم تصل إلى 200% على جميع واردات الأدوية خلال فترة سماح تتراوح بين 12 و18 شهراً، وهو ما يعني أن هذا القطاع الاستراتيجي يظل مهدداً على المدى المتوسط، بحسب “باركليز”.

النفط الروسي

ولا يمكن فصل الرسوم الجمركية الأميركية على الصادرات الهندية عن البعد الجيوسياسي المرتبط بعلاقات نيودلهي مع موسكو. فبحسب بيانات مركز (CEIC)، ارتفعت حصة روسيا من واردات الهند النفطية بشكل غير مسبوق، إذ قفزت من 2.7% فقط في عام 2021 إلى نحو 26% في 2025، لتتفوق على العراق والسعودية وتصبح المورد الأول للهند. وتكشف بيانات باركليز أن هذه الطفرة وفرت للهند وفورات مالية تراوحت بين 7 و10 مليارات دولار خلال 2024 وحده، بفضل الخصومات السعرية التي منحتها موسكو، والتي تراوحت بين 3 و8 دولارات للبرميل، مقارنة بالنفط القادم من الشرق الأوسط.

وأثار هذا الاعتماد العميق على الخام الروسي حفيظة واشنطن، التي فرضت بدورها رسوماً ثانوية بنسبة 25% على الواردات النفطية من موسكو في محاولة لتقويض جدوى هذه المعادلة. ورغم ذلك، واصلت نيودلهي شراء النفط الروسي بكميات كبيرة، مبررة موقفها باعتبارات اقتصادية بحتة، خصوصاً أن وارداتها النفطية الإجمالية بلغت 186 مليار دولار في 2024، وأن أي ارتفاع إضافي في الأسعار العالمية كان سيضاعف من فاتورة الطاقة ويهدد الاستقرار الداخلي، بحسب “تايمز أوف إنديا”.

ذاكرة الصدمات

وتظهر تجارب الهند خلال العقدين الماضيين أن الصدمات الخارجية، رغم قسوتها على المدى القصير، كانت في كثير من الأحيان محفزاً لإصلاحات هيكلية عميقة. ففي عام 2013، شهدت الروبية واحدة من أسوأ أزماتها عندما أعلن الاحتياط الفيدرالي الأميركي عزمه تقليص برنامج التيسير الكمي. هذا الإعلان أدى إلى انهيار سريع للعملة الهندية وارتفاع حاد في عوائد السندات، ما أجبر البنك الاحتياطي الهندي على التدخل الطارئ برفع أسعار الفائدة وتشديد السيولة. ورغم حالة الذعر في الأسواق، فإن الأزمة دفعت الحكومة آنذاك إلى تسريع تحرير قطاعات رئيسية أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة في مجال التجزئة والطيران المدني، وهو ما ساعد على استعادة الثقة تدريجياً.

وبالمثل، في عام 2022 واجهت الهند صدمة حادة بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية التي أشعلت أسعار الطاقة والمواد الغذائية عالمياً. وارتفعت فاتورة واردات النفط والغاز، وقفز معدل التضخم إلى أعلى مستوياته منذ سنوات. لكن نيودلهي لجأت حينها إلى إبرام عقود طويلة الأجل مع روسيا ودول الخليج بأسعار تفضيلية، كما وسّعت برامج دعم الوقود والسلع الأساسية لحماية الطبقات الوسطى والفقيرة. وساعدت هذه الخطوات، إلى جانب تعزيز الاستثمارات في الطاقات المتجددة، على تقليص أثر الأزمة ودعمت مرونة الاقتصاد المحلي.

واليوم، ومع الرسوم الأميركية الجديدة التي تهدد ما يقارب 70% من الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة، يجد صناع القرار أنفسهم أمام تكرار النمط ذاته (أزمة خارجية تضرب الأسواق وترفع الضغوط التضخمية، لكنها تفتح في الوقت ذاته الباب أمام إصلاحات أكثر جرأة). ويرى خبراء اقتصاديون أن الأزمة الحالية قد تدفع الحكومة إلى توسيع برامج التصنيع المحلي، وتعميق اتفاقيات التجارة الحرة مع شركاء بديلين مثل الاتحاد الأوروبي والإمارات والمملكة المتحدة. 

صدمة جمركية تضرب الهند هي الأخطر منذ عقدين… كيف تمتصها؟

صدمة جمركية تضرب الهند هي الأخطر منذ عقدين… كيف تمتصها؟

دخل اقتصاد الهند منعطفاً حاداً مع بدء تنفيذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيادة الرسوم الجمركية على السلع القادمة من الهند إلى ما يصل إلى 50% اعتباراً من أمس الأربعاء، في خطوة وصفتها تقارير مالية بأنها الأخطر منذ عقدين على العلاقات التجارية بين البلدين. وسوف تضاف رسوم جمركية تبلغ 25% على الهند، بسبب مشترياتها من النفط الروسي إلى الرسوم السابقة البالغة 25% على عدد من المنتجات الهندية. ونقلت “رويترز” عن مصدر في الحكومة قوله إن نيودلهي تأمل أن تراجع الولايات المتحدة الرسوم الجمركية الإضافية بنسبة 25%، مضيفاً أن الحكومة تعتزم اتخاذ خطوات لتخفيف أثر هذه الرسوم.

وتحت وطأة الصدمة الجمركية الجديدة، افتتحت بورصة بومباي تداولات اليوم الخميس على تراجعات حادة، إذ خسر مؤشر نفتي 50 نصف نقطة مئوية، بينما تراجع مؤشر سينسيكس بنحو 0.6% في الدقائق الأولى للتداول. أما الروبية، فقد تراجعت إلى حدود 88 روبية مقابل الدولار، ما اضطر بنك الاحتياطي الهندي إلى التدخل بشكل محدود للحد من الانخفاض. وتزامن هذا الارتباك المالي مع موجة خروج لرؤوس الأموال الأجنبية تجاوزت 2.6 مليار دولار في آب/آب وحده، وهو الأعلى منذ شباط/شباط الماضي، ما يعكس عمق الصدمة التي أحدثها القرار في السوق المحلي والدولي.

وقالت الولايات المتحدة إن شراء الهند النفط الروسي يساعد موسكو على تمويل حربها في أوكرانيا، وإن نيودلهي تتربح من ذلك أيضاً. ورفضت الهند هذه الاتهامات ووصفتها بأنها كيل بمكيالين، وأشارت إلى أن هناك روابط تجارية أميركية وأوروبية مع روسيا. وتعليقاً على الرسوم العقابية، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية الهندي كيرتي فاردان سينغ لصحافيين، أمس الأربعاء: “نتخذ الخطوات المناسبة لضمان عدم الإضرار باقتصادنا، ودعوني أطمئنكم بأن قوة اقتصادنا ستمكننا من تجاوز هذه الأوقات العصيبة”. وأضاف “ما يهمنا هو أمن طاقتنا، وسنواصل شراء موارد طاقة من أي دولة تعود علينا بالنفع”.

صادرات الهند تحت التهديد

وأظهرت تقديرات صادرة عن بنك باركليز، نقلتها صحيفة تايمز أوف إنديا، أن الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة تمثل تهديداً مباشراً لما يقارب 70% من صادرات الهند إلى الولايات المتحدة. ويعني ذلك أن ما يقرب من 55 مليار دولار من إجمالي 80 مليار دولار من صادرات الهند المتجهة إلى السوق الأميركية باتت مهددة بشكل مباشر، وهو ما يعادل نحو 13% من إجمالي الصادرات السلعية للهند في عام 2024. ووفقاً للبيانات المجمعة من مركز المعلومات الاقتصادية الصيني (CEIC)، فإن الولايات المتحدة تعد أكبر شريك تجاري للهند بفارق واسع، حيث تستوعب وحدها 18% من إجمالي الصادرات الهندية، أي ما يزيد عن 80 مليار دولار من البضائع سنوياً.

وقال بنك باركليز إن الرسوم الجديدة ستضع الهند في وضعية غير متكافئة مقارنة بالاقتصادات الناشئة المنافسة في آسيا، مثل بنغلادش وسريلانكا، حيث لا تتجاوز الرسوم على صادراتهما من المنسوجات إلى الولايات المتحدة 20%، بينما سترتفع في حالة الهند إلى أكثر من 60% عند إضافة التعرفات الجديدة فوق الرسوم السابقة، وهي من بين أعلى الرسوم التي تفرضها الولايات المتحدة. وذكر المصدر لرويترز أن الحكومة الهندية تجري محادثات مع المصدرين لزيادة شحنات المنسوجات والجلود والأحجار الكريمة والمجوهرات إلى دول أخرى، وأنها ستقدم على الأرجح مساعدات مالية للشركات المتضررة.

القطاعات المتأثرة والمستثناة

وعلى الرغم من شمول الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة قطاعات واسعة من الصادرات الهندية، فإن تأثيرها يتفاوت بشكل ملحوظ بين الصناعات. فبحسب بيانات باركليز ريسيرش ومركز (CEIC)، تأتي الآلات الكهربائية والمجوهرات والأحجار الكريمة والمنسوجات في صدارة القطاعات الأكثر عرضة للخطر. وتشير الأرقام إلى أن صادرات الهند من الآلات الكهربائية بلغت نحو 39.3 مليار دولار في عام 2024، وقد استحوذت الولايات المتحدة وحدها على 31% منها. وفي قطاع المجوهرات، الذي وصلت صادراته إلى 28.9 مليار دولار، فإن السوق الأميركية تمثل أكبر منفذ لهذه المنتجات بنسبة تتجاوز 31%، ما يجعلها في قلب المواجهة التجارية. أما صناعة المنسوجات، التي بلغت صادراتها أكثر من 21 مليار دولار، فتعتمد على الولايات المتحدة بحصة تقارب 37%، وهو ما يضعها في وضع تنافسي هش مقابل صادرات بنغلادش وسريلانكا التي تواجه تعرفات أدنى بكثير، بحسب تايمز أوف إنديا.

وفي المقابل، هناك بعض الصناعات التي حظيت باستثناءات مهمة خففت من حدة الصدمة. فالهواتف الذكية، التي أصبحت خلال السنوات الأخيرة أحد أبرز بنود الصادرات الهندية، بفضل برنامج الحوافز المرتبطة بالإنتاج، أعفيت من الرسوم الجديدة، ما يمثل دعماً كبيراً لهذا القطاع الذي عزز مكانة الهند قاعدة بديلة للتصنيع في مواجهة الصين. كذلك جاء قطاع الأدوية، الذي بلغ حجم صادراته إلى الولايات المتحدة نحو 8.7 مليارات دولار في 2024، في دائرة الاستثناء مؤقتاً، وهو أمر بالغ الأهمية باعتبار أن الولايات المتحدة تستحوذ على نحو 38% من صادرات الأدوية الهندية. غير أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان قد لوّح بفرض رسوم تصل إلى 200% على جميع واردات الأدوية خلال فترة سماح تتراوح بين 12 و18 شهراً، وهو ما يعني أن هذا القطاع الاستراتيجي يظل مهدداً على المدى المتوسط، بحسب “باركليز”.

النفط الروسي

ولا يمكن فصل الرسوم الجمركية الأميركية على الصادرات الهندية عن البعد الجيوسياسي المرتبط بعلاقات نيودلهي مع موسكو. فبحسب بيانات مركز (CEIC)، ارتفعت حصة روسيا من واردات الهند النفطية بشكل غير مسبوق، إذ قفزت من 2.7% فقط في عام 2021 إلى نحو 26% في 2025، لتتفوق على العراق والسعودية وتصبح المورد الأول للهند. وتكشف بيانات باركليز أن هذه الطفرة وفرت للهند وفورات مالية تراوحت بين 7 و10 مليارات دولار خلال 2024 وحده، بفضل الخصومات السعرية التي منحتها موسكو، والتي تراوحت بين 3 و8 دولارات للبرميل، مقارنة بالنفط القادم من الشرق الأوسط.

وأثار هذا الاعتماد العميق على الخام الروسي حفيظة واشنطن، التي فرضت بدورها رسوماً ثانوية بنسبة 25% على الواردات النفطية من موسكو في محاولة لتقويض جدوى هذه المعادلة. ورغم ذلك، واصلت نيودلهي شراء النفط الروسي بكميات كبيرة، مبررة موقفها باعتبارات اقتصادية بحتة، خصوصاً أن وارداتها النفطية الإجمالية بلغت 186 مليار دولار في 2024، وأن أي ارتفاع إضافي في الأسعار العالمية كان سيضاعف من فاتورة الطاقة ويهدد الاستقرار الداخلي، بحسب “تايمز أوف إنديا”.

ذاكرة الصدمات

وتظهر تجارب الهند خلال العقدين الماضيين أن الصدمات الخارجية، رغم قسوتها على المدى القصير، كانت في كثير من الأحيان محفزاً لإصلاحات هيكلية عميقة. ففي عام 2013، شهدت الروبية واحدة من أسوأ أزماتها عندما أعلن الاحتياط الفيدرالي الأميركي عزمه تقليص برنامج التيسير الكمي. هذا الإعلان أدى إلى انهيار سريع للعملة الهندية وارتفاع حاد في عوائد السندات، ما أجبر البنك الاحتياطي الهندي على التدخل الطارئ برفع أسعار الفائدة وتشديد السيولة. ورغم حالة الذعر في الأسواق، فإن الأزمة دفعت الحكومة آنذاك إلى تسريع تحرير قطاعات رئيسية أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة في مجال التجزئة والطيران المدني، وهو ما ساعد على استعادة الثقة تدريجياً.

وبالمثل، في عام 2022 واجهت الهند صدمة حادة بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية التي أشعلت أسعار الطاقة والمواد الغذائية عالمياً. وارتفعت فاتورة واردات النفط والغاز، وقفز معدل التضخم إلى أعلى مستوياته منذ سنوات. لكن نيودلهي لجأت حينها إلى إبرام عقود طويلة الأجل مع روسيا ودول الخليج بأسعار تفضيلية، كما وسّعت برامج دعم الوقود والسلع الأساسية لحماية الطبقات الوسطى والفقيرة. وساعدت هذه الخطوات، إلى جانب تعزيز الاستثمارات في الطاقات المتجددة، على تقليص أثر الأزمة ودعمت مرونة الاقتصاد المحلي.

واليوم، ومع الرسوم الأميركية الجديدة التي تهدد ما يقارب 70% من الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة، يجد صناع القرار أنفسهم أمام تكرار النمط ذاته (أزمة خارجية تضرب الأسواق وترفع الضغوط التضخمية، لكنها تفتح في الوقت ذاته الباب أمام إصلاحات أكثر جرأة). ويرى خبراء اقتصاديون أن الأزمة الحالية قد تدفع الحكومة إلى توسيع برامج التصنيع المحلي، وتعميق اتفاقيات التجارة الحرة مع شركاء بديلين مثل الاتحاد الأوروبي والإمارات والمملكة المتحدة.