ترامب يثير الجدل بإلغاء الحماية الأمنية لكامالا هاريس، فما السبب؟

ترامب يثير الجدل بإلغاء الحماية الأمنية لكامالا هاريس، فما السبب؟

أصدر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قراراً يقضي بإنهاء الحماية الأمنية من جانب جهاز الخدمة السرية لنائبة الرئيس السابقة، كامالا هاريس، بعد مضي سبعة أشهر على تركها مهام منصبها في أعقاب إخفاق حملتها الرئاسية.

وينص القانون على تولى جهاز الخدمة السرية في الولايات المتحدة توفير حماية أمنية تمتد لستة أشهر لنائبي الرئيس السابقين وأفراد أسرهم عقب انتهاء فترة ولايتهم.

بيد أن تلك الفترة يمكن تمديدها، وقد أفادت تقارير بأن الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، آذار هذا الحق قبل مغادرة منصبه.

وأثار الإجراء الذي اتخذه ترامب جدلاً، إذ وصفه حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، وكذلك رئيسة بلدية لوس أنجلوس، كارين باس، بأنّه قرار ينطوي على دوافع سياسية.

وفيما يلي ما نعرفه عن القرار حتى الآن.

ما السبب الذي دفع بايدن إلى تمديد الحماية الأمنية لهاريس؟

نائبة الرئيس الأمريكي السابقة كامالا هاريس (يسار) الرئيس السابق جو بايدن في غرفة روزفلت في البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة، يوم الأحد 14 تموز/تموز 2024
نائبة الرئيس الأمريكي السابقة كامالا هاريس (يسار) والرئيس السابق جو بايدن في غرفة روزفلت في البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة، يوم الأحد 14 تموز/تموز 2024 (صورة أرشيفية)

لم يصدر، حتى الآن، أي تعليق من بايدن أو هاريس، بشأن أسباب تمديد الحماية الأمنية لها لمدة تتجاوز المهلة القانونية المحددة بستة أشهر، وأفادت شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية بأن بايدن أصدر توجيهاً غير معلن سابقاً بتمديد الحماية لمدة عام كامل، وذلك قبيل مغادرته منصبه.

ومن الناحية القانونية يعد قرار بايدن ضمن صلاحياته المشروعة.

ويحق لجهاز الخدمة السرية، بمقتضى قانون مصدّق عليه عام 2008، تقديم الحماية الأمنية لنواب الرئيس السابقين، وأزواجهم، والأبناء الذين تقل أعمارهم عن ستة عشر عاماً عقب مغادرة المنصب.

وعلى الرغم من أن القانون يحدد مدة الحماية بستة أشهر كحد أقصى، إلا أن وزير الأمن الداخلي يمتلك صلاحية تتيح له إصدار قرار يقضي بتوفير “حماية مؤقتة” في الحالات التي تستدعيها “المعلومات أو الظروف الراهنة”.

وقال رونالد كيسلر، الخبير في شؤون جهاز الخدمة السرية، لبي بي سي: “بصرف النظر عن الأبعاد السياسية، فإن ذلك يُعد إجراء روتينياً”.

هل هاريس في خطر؟

نائبة الرئيس الأمريكي السابقة كامالا هاريس تتحدث مع مسؤولة الأمن القومي السابقة في إدارة ترامب أوليفيا تروي والناخبة الجمهورية السابقة أماندا ستراتون في 17 تموز/تموز 2024 في كالامازو بولاية ميشيغان
نائبة الرئيس الأمريكي السابقة كامالا هاريس خلال حديث مع مسؤولة الأمن القومي السابقة في إدارة ترامب أوليفيا تروي والناخبة الجمهورية السابقة أماندا ستراتون في 17 تموز/تموز 2024 في كالامازو بولاية ميشيغان (صورة أرشيفية)

أفادت مصادر مطلعة لشبكة “سي بي إس”، الشريك الإخباري لبي بي سي في الولايات المتحدة، بأن عمليات تقييم التهديد الأخير لهاريس لم تثبت وجود أي مؤشرات مقلقة تبرّر تمديد ترتيبات الحماية الخاصة بها.

بيد أن بعض مصادر فريق هاريس أفادت بأنه، نظراً لكونها أول امرأة وأول شخص من ذوي أصول عرقية خارجية تتبوأ منصب نائب الرئيس، وكانت مرشحة في انتخابات رئاسية محتدمة ومؤثرة، فإنها قد تتعرض لتهديدات إضافية.

وكان قد أُعلن عن عدد من التهديدات الموجهة إلى هاريس أثناء شغلها منصب نائب الرئيس وأثناء ترشحها للرئاسة في عام 2024.

كما اعتقلت السلطات عدداً من الرجال ووجهت إليهم اتهامات من بينها تهديدات إلكترونية بحق هاريس في عام 2024، وفي واقعة أخرى، اعترفت سيدة من ولاية فلوريدا في عام 2021 بتوجيه تهديدات لهاريس، وقالت السيدة إنها أرسلت مقاطع فيديو إلى زوجها الذي يقضي عقوبة السجن أظهرت فيها أسلحة نارية، وزعمت إمكانية تنفيذ “عملية اغتيال” خلال خمسين يوماً.

وفي آذار/آذار، بعد أن غادرت هاريس منصبها، اعتقلت السلطات رجلاً من فلوريدا بعد أن أفادت أنباء بأنه هدد باغتيالها ببندقية قناصة.

بيد أن كيسلر قال إنه بالمقارنة بسياسيين آخرين، فإن هاريس “لم تُحدث قدراً كبيراً من الجدل بحسب ما أراه”.

وأضاف: “أرى أنّ هذا قرار صائب لجهاز الخدمة السرية”.

ويأتي قرار رفع الحماية الأمنية عن هاريس قبل أسابيع قليلة من انطلاق جولتها في عدد من المدن للترويج لكتابها الذي يحمل عنوان “107 أيام”، والذي يركز على حملتها الرئاسية القصيرة غير الناجحة.

وبحسب كيسلر، فإن تنفيذ مثل هذه المهمة يزيد من أعباء جهاز الخدمة السرية، الذي يعاني من نقص في الموظفين والموارد، فضلاً عن تحمل الجهاز مسؤولية حماية الشخصيات الدولية وكبار الضيوف خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في شهر أيلول/أيلول.

وقال: “سيستلزم الأمر، ربما، نشر نحو اثني عشر من جهاز الخدمة السرية في جميع أنحاء البلاد لمتابعة هاريس خلال جولتها الرئيسية، وهذا يُشكل ضغطاً كبيراً على الجهاز”.

ما هي عناصر الأمن التي يُتخذ قرار بإلغائها؟

أفراد الأمن يراقبون من الأعلى بينما تستعد المرشحة الديمقراطية للرئاسة ونائبة الرئيس الأمريكي السابقة كامالا هاريس الصعود على متن طائرة الرئاسة الثانية في مطار هاري ريد الدولي في الأول من تشرين الثاني/تشرين الثاني 2024 في لاس فيجاس، نيفادا.
أفراد أمن يراقبون من الأعلى بينما تستعد المرشحة الديمقراطية للرئاسة ونائبة الرئيس الأمريكي السابقة كامالا هاريس الصعود على متن طائرة الرئاسة الثانية في مطار هاري ريد الدولي في الأول من تشرين الثاني/تشرين الثاني 2024 في لاس فيغاس، نيفادا (صورة أرشيفية)

وتتجاوز حماية جهاز الخدمة السرية حدود الأفراد المسؤولين عن قيادة السيارات ومرافقة الشخص الخاضع للحماية، وكذلك حمايته وحماية أسرته المباشرة.

علاوة على ذلك، يُناط بجهاز الخدمة السرية مهمة تأمين المنازل، مثل مقر إقامة هاريس في لوس أنجلوس، بما في ذلك تركيب أنظمة الإنذار والحماية، ويقوم أفراد الجهاز مسبقاً بتحديد ورصد التهديدات المحتملة، سواء كانت مرسلة عبر الوسائل الإلكترونية أو شبكات التواصل الاجتماعي.

ولا يُعرف حجم تكاليف تلك الحمايات، كما أن جهاز الخدمة السرية لم يعلن عنها.

وقد تصل تكلفة الحماية الخاصة للمشاهير وكبار الشخصيات وقادة الأعمال إلى ملايين الدولارات سنوياً، بحسب شدة التهديدات ودرجة الحماية المطلوبة.

فعلى سبيل المثال أفادت تقارير بأن شركة “ميتا” دفعت ما يزيد على 23 مليون دولار أمريكي لتوفير الحماية الشخصية لمارك زوكربيرغ في عام 2023، بما في ذلك 9.4 مليون دولار تكاليف أمنية مباشرة.

هل هذا إجراء انتقامي من ترامب ينطوي على دوافع سياسية؟

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
ألغى ترامب سابقاً الحماية الأمنية المقدمة من جهاز الخدمة السرية لمؤيدين وخصوم سابقين على حد سواء

عقب الإعلان عن رفع الحماية الأمنية عن هاريس، سارع بعض مؤيديها والساسة من منتقدي ترامب إلى وصف الإجراء بأنه ينطوي على دوافع سياسية من جانب الرئيس.

وكان ترامب قد أقدم سابقاً على رفع الحماية الأمنية المقدمة من جهاز الخدمة السرية عن كل من المؤيدين والخصوم السابقين على حد سواء، ومن بينهم هانتر وآشلي بايدن، أبناء الرئيس السابق، وكذلك أنطوني فوسي، المدير السابق للمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية.

كما ألغى الحماية الأمنية الممنوحة لعدد من المسؤولين السابقين في إدارته وحلفائه، ومن بينهم وزير الخارجية الأسبق مايك بومبيو، وجون بولتون، المستشار السابق للأمن القومي الذي أصبح منتقداً صريحاً للرئيس.

وقال بوب سالادي، المتحدث باسم حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، لشبكة “سي إن إن” الإخبارية: “سلامة مسؤولينا لا ينبغي أن تصبح رهينة دوافع سياسية متقلبة أو انتقامية على الإطلاق”.

وأوضح كيسلر أنّ جهاز الخدمة السرية، الذي يعاني من نقص حاد في كوادر العمل، من المحتمل أن يعيد توجيه جهوده نحو التهديدات الأكثر إلحاحاً، بما في ذلك التهديدات الموجهة إلى ترامب وفريق إدارته.

وأضاف: “ربما يرضي ذلك الرئيس ترامب، إلا أنّ هناك أسباباً عملية حقيقية ومقنعة”.

وثمة اعتقاد بأن نائب الرئيس السابق، ديك تشيني، هو الشخص الوحيد الآخر الذي مُنح تمديد الحماية الأمنية له من جهاز الخدمة السرية بعد انتهاء ولايته، بموجب قرار من الرئيس الأسبق باراك أوباما.

هل تختلف اللوائح المطبقة على الرؤساء السابقين؟

على خلاف نواب الرئيس السابقين، فكل من تولّى رئاسة البلاد يتمتع بحماية أمنية دائمة مدى الحياة، ما لم يقرر التنازل عنها طواعية.

ففي عام 1994، ومن منطلق تقليل التكاليف، قرّر الكونغرس تقييد الحماية الممنوحة للرؤساء السابقين وأزواجهم بعشر سنوات عقب انتهاء ولايتهم.

بيد أن أوباما وقّع في عام 2013 قانوناً يقضي مجدداً بمنح الحماية الأمنية مدى الحياة، ويشمل هذا القانون حالياً الرؤساء السابقين، جورج دبليو بوش، وبيل كلينتون، وأوباما، وبايدن.

ومن المعروف أن الرئيس الوحيد الذي اختار التنازل عن الحماية الأمنية الممنوحة له كان ريتشارد نيكسون في عام 1985.

وقال أعضاء فريقه، في ذلك الوقت، لصحيفة “نيويورك تايمز”، إنه اتخذ هذا القرار لتقليل نفقات الوكالة.

محكمة الاستئناف الأمريكية تقضي بعدم قانونية بعض الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على دول العالم

محكمة الاستئناف الأمريكية تقضي بعدم قانونية بعض الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على دول العالم

قضت محكمة الاستئناف الأمريكية بعدم قانونية معظم الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما قد يمهد الطريق لمواجهة قانونية يمكن أن تغيّر السياسة الخارجية التي يتّبعها ترامب.

ويؤثر الحكم على الرسوم الجمركية “المتبادلة” التي فرضها ترامب على معظم دول العالم، بما في ذلك الرسوم المفروضة على الصين والمكسيك وكندا.

وفي قرار صدر بأغلبية سبعة أصوات مقابل أربعة، رفضت محكمة الاستئناف الأمريكية للدائرة الفيدرالية، حُجة ترامب بإمكانية فرض رسوم جمركية بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة، ووصفت الرسوم بأنها “باطلة لأنها تتعارض مع القانون”.

ولن يدخل حكم المحكمة حيز التنفيذ قبل 14 تشرين الأول/تشرين الأول، للسماح بتقديم طلب للمحكمة العليا للنظر في القضية.

وانتقد ترامب حكم المحكمة على منصة “تروث سوشيال”، وكتب منشوراً قال فيه: “إذا استمرّ هذا القرار، فإنه سيدمر الولايات المتحدة الأمريكية فعلياً”.

وأضاف: “اليوم، قالت محكمة الاستئناف المنحازة أنه يجب وقف التعريفات الجمركية لدينا، لكنهم يعرفون أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تفوز في النهاية”.

و”إذا أُلغيت التعريفات، فسيكون ذلك كارثةً شاملةً على البلاد. سيجعلنا ذلك ضعفاء مالياً، وعلينا أن نكون أقوياء”.

وبرر ترامب الرسوم الجمركية بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة (IEEPA)، الذي يمنح الرئيس سلطة التصرف ضد التهديدات “غير العادية والاستثنائية”.

وأعلن ترامب حالة طوارئ وطنية في ما يتعلّق بالتجارة، باعتبار أن اختلال التوازن التجاري يضر بالأمن القومي الأمريكي كما يقول.

لكن المحكمة قضت بأن فرض الرسوم الجمركية لا يقع ضمن صلاحيات الرئيس، وأنها “من صلاحيات الكونغرس الأساسية”.

  • ما هي الرسوم الجمركية وكيف تعمل ولماذا يستخدمها ترامب؟
  • ما تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على عشرات الدول؟

ويقول الحكم المكون من 127 صفحة إن قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة “لا يذكر التعريفات الجمركية (أو أي من مرادفاتها) ولا يتضمن ضمانات إجرائية واضحة لسلطة الرئيس، تخوله فرض تعريفات جمركية”.

وبناء على ذلك، قضت المحكمة بأن سلطة فرض الضرائب والتعريفات الجمركية تظل من اختصاص الكونغرس، ولا يبطل قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة ذلك.

وأوضحت المحكمة أنه من غير المرجح أن يكون القصد من إقرار الكونغرس لهذا القانون في عام 1977، هو “تغيير مآذاراته السابقة، ومنح الرئيس سلطة غير محدودة لفرض التعريفات الجمركية”.

وبحسب القرار: “إذا كان الكونغرس يريد تفويض الرئيس بسلطة فرض الرسوم الجمركية، لأعلن عن ذلك صراحة، إما باستخدام مصطلحات لا لبس فيها مثل التعريفة الجمركية والرسوم، أو من خلال هيكل عام يوضح أن الكونغرس يشير إلى الرسوم الجمركية”.

ويأتي هذا الحكم رداً على دعاوى قضائية رفعتها شركات صغيرة وائتلاف من الولايات الأمريكية، بعد أوامر ترامب التنفيذية في نيسان/ نيسان، التي فرضت تعريفات جمركية أساسية بنسب لا تقل عن 10 في المئة على معظم دول العالم، بالإضافة إلى تعريفات جمركية متبادلة على عشرات الدول.

وأعلن ترامب أن هذا التاريخ هو “يوم تحرير” أمريكا من سياسات التجارة غير العادلة.

وفي أيار/أيار، قضت محكمة التجارة الدولية، ومقرها نيويورك، بعدم قانونية الرسوم الجمركية، وتم تعليق هذا القرار خلال إجراءات الاستئناف.

كما يشمل حكم محكمة الاستئناف أيضاً التعريفات الجمركية على كندا والمكسيك والصين، التي يزعم ترامب أنها ضرورية لوقف تجارة المخدرات.

ومع ذلك، فإن هذا القرار لا ينطبق على جميع التعريفات الجمركية، بما في ذلك تلك المفروضة على الصلب والألومنيوم، التي تم فرضها بموجب سلطة رئاسية مختلفة.

وقبل صدور الحكم، زعم محامو البيت الأبيض أن إبطال التعريفات الجمركية من شأنه أن يؤدي إلى انهيار مالي على غرار انهيار سوق الأوراق المالية عام 1929، وهو ما أدى إلى الكساد العظيم.

وكتبوا في رسالة، أن “إلغاء سلطة الرئيس في فرض التعريفات الجمركية بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة فجأة، من شأنه أن يؤدي إلى عواقب كارثية على أمننا القومي وسياساتنا الخارجية واقتصادنا”.

وأضاف المحامون: “يعتقد الرئيس أن بلادنا لن تكون قادرة على سداد تريليونات الدولارات التي تعهدت دول أخرى بسدادها بالفعل، وهو ما قد يؤدي إلى دمار مالي”.

كما يثير قرار المحكمة تساؤلات حول الصفقات التي اتفقت عليها بعض الدول مع الولايات المتحدة لخفض معدلات الرسوم الجمركية.

ويعني التطور الأخير أن القضية ستتجه الآن إلى المحكمة العليا الأميركية دون شك، وهي محكمة عرفت بمواقفها الصارمة في السنوات الأخيرة تجاه الرؤساء الذين يحاولون تنفيذ سياسات جديدة شاملة، ولا يتم تمريرها مباشرة من قبل الكونغرس.

فخلال رئاسة جو بايدن، توسعت المحكمة فيما أسمته “مبدأ الأسئلة الرئيسية” لإبطال جهود الديمقراطيين لاستخدام القوانين القائمة للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من محطات الطاقة، وإسقاط ديون قروض الطلاب لملايين الأمريكيين.

وإذا وافق قضاة المحكمة العليا التسعة على النظر في القضية، فسيقررون ما إذا كان برنامج التعريفات الجمركية الموسع لترامب، هو مثال آخر على تجاوزات الرئيس، أم أنه يمتثل إلى القوانين والسلطة الرئاسية الممنوحة له.

وتضم المحكمة العليا ستة قضاة معينين من قبل الجمهوريين، بما في ذلك ثلاثة اختارهم ترامب بنفسه.

الاتحاد وسعيّد: جدل لا يتوقف بين دور المجتمع المدني وسلطة الدولة في تونس

الاتحاد وسعيّد: جدل لا يتوقف بين دور المجتمع المدني وسلطة الدولة في تونس

ظل الاتحاد العام التونسي للشغل أبرز الفاعلين في المشهد السياسي والاجتماعي في تونس منذ تأسيسه عام 1946. ولم يقتصر دوره على الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال فحسب، بل لعب أدواراً وطنية حاسمة، من مقاومة الاستعمار الفرنسي إلى الوساطة في أزمات الانتقال الديمقراطي بعد الثورة. وفي المقابل، لم يخلُ تاريخ الاتحاد من مواجهات وصدامات مع السلطة في مختلف مراحل الدولة التونسية.

هذا الإرث عاد إلى الواجهة مؤخرًا مع الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي أعاد منذ 25 تموز/تموز 2021 رسم قواعد الحياة السياسية عبر إجراءات استثنائية منحته صلاحيات واسعة وأقصت خصومه. وهكذا برزت ملامح أزمة جديدة بين رأس السلطة وأكبر منظمة نقابية في تونس.

تصعيد مستمر بين المنظمة النقابية ورأس السلطة

تجمع النقابيون في مسيرة يوم الخميس 21 آب/آب أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل، وسط إجراءات أمنية مشددة في العاصمة تونس. ولوّح الاتحاد بالاضراب العام ووقف المفاوضات مع الحكومة إذا استمر ما قال إنه اعتداء على مقره من قبل أنصار الرئيس التونسي.

ودعا المحتجون إلى حماية الحقوق النقابية وضرورة فتح السلطة باب الحوار.

يأتي ذلك في وقت قرر الرئيس قيس سعيد إنهاء التفرغ النقابي في القطاع العام.

التفرغ النقابي يعني تفرغ قيادات الاتحاد لمهامهم النقابية، وعدم مباشرتهم وظائفهم الحكومية، مع الإبقاء على رواتبهم الشهرية.

واعتبرت الحكومة التونسية في بيان، التفرغ “مخالفة واضحة تفضي إلى إسناد امتيازات مالية لغير مستحقيها وتتسبب في إضافة أعباء على ميزانيات الهياكل العمومية”.

وطالبت بـ”اتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية اللاّزمة، في حال عدم احترام المتفرغين لأحكام هذا المنشور”.

بينما يصر النقابيون في تونس على أن الحق النقابي يضمنه الدستور والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الدولة.

ويقول الناطق باسم الاتحاد سامي الطاهري إن “إلغاء التفرغ النقابي يهدف إلى إشعال فتيل الحرب على الحق النقابي”. كما يندرج قرار سعيّد، وفق الطاهري، “في سياق سياسي يؤكد أن السلطة الحاكمة ماضية في التضييق على الحق النقابي”.

واشتعل فتيل الأزمة مذ تظاهرت مجموعة من الأشخاص أمام مقر اتحاد الشغل يوم 9 آب/ آب، غداة تصريحات لسعيّد عبّر فيها عن غضبه من إضراب لمدة ثلاثة أيام في قطاع النقل نفذه الاتحاد. ورفع المتظاهرون حينها شعارات مناهضة للاتحاد واتهموا قياداته “بالفساد” وطالبوا برحيلها.

وقال سعيّد بعد الحادثة عبر صفحة رئاسة الجمهورية التونسية على فيسبوك إن “قوات الأمن حمت مقر الاتحاد العام التونسي للشغل” وإنه “لم تكن في نية المحتجين لا الاقتحام ولا الاعتداء”. لكن الرئيس التونسي شدد على أن “هناك ملفات يجب أن تفتح لأن الشعب يطالب بالمحاسبة”، حسب قوله.

وكان رد أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي في افتتاح اجتماع استثنائي للمنظمة بمقرها في العاصمة تونس أن الاتحاد لا يسعى للتصادم “لكن من يستهدفنا نقول له نحن جاهزون للدفاع عن العمال”، بحسب الطبوبي.

في خضم هذا الجدل، يتحدث البعض عن “احتقان شعبي ضد الاتحاد” كما يقول محمود بن مبروك رئيس حزب المسار الموالي للرئيس التونسي. ويرى بن مبروك أن “الشعب قد ملّ من الاضرابات خلال العشرية السوداء” وأن “الاحتقان زاد بعد إضراب في قطاع النقل مؤخراً إذ رأى فيه الناس تعطيلاً لمصالحهم”. وبحسب بن مبروك فإن “رفض السلطة إشراك الاتحاد في العمل السياسي هو ما جعله يثير مثل هذه المسائل”. ودعا بن مبروك اتحاد الشغل إلى “أن يعالج هذه الأزمة عن طريق تشبيب هياكله عبر إجراء انتخابات قانونية” متهما إياه بـ”الحياد عن دوره التاريخي”.

وكان الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي خلال اجتماع الهيئة الإدارية قد أقر بوجود “خلافات داخلية” واصفاً إياها “بالظاهرة الصحية” وقال إنه يمكن حسمها “بالآليات الديمقراطية”.

متظاهرون يحملون شعار "عاش الاتحاد العام التونسي للشغل حرا مستقلا"
من مسيرة نظمها الاتحاد العام التونسي للشغل يوم 21 آب/ آب 2025 للمطالبة بحماية الحقوق النقابية وضرورة فتح السلطة باب الحوار

“تضييق على العمل النقابي” وإضعاف للأجسام الوسيطة

حاز الاتحاد العام التونسي للشغل، مع منظمات أخرى، على جائزة نوبل للسلام عام 2015، تقديراً لدوره في الحوار الوطني وفي ما يعرف بمرحلة الانتقال الديمقراطي في تونس خلال السنوات التي تلت ثورة 2011.

لكن دور الاتحاد في فترة قيس سعيد استمر في التقلص خاصة وقد استأثر الرئيس بالقرار السياسي في البلاد. فيقول البعض في المجتمع المدني في تونس إن الرئيس ألغى بعد امتلاكه جميع السلطات أي مجال للتفاوض مع أي طرف كان.

واشتد الصراع بين قيس سعيّد والاتحاد بعد شهرين من احتكار سعيّد للسلطات منتصف عام 2021. رغم أن الاتحاد كان قد ساند سعيّد بداية عندما علق عمل البرلمان الذي كان يرأسه آنذاك رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وحل الحكومة وأقر إجراءات اعتبرها المعارضون له مؤشراً على انزلاق خطير نحو حكم فردي مطلق ووأداً للمشهد الديمقراطي في البلاد.

لكن سرعان ما غيّر الاتحاد موقفه بسبب ما اعتبره “إبعاد الرئيس لأي سياسة تشاركية “.

وواجهت مواقف الاتحاد من الرئيس انتقادات ترى أن المنظمة “لم تحسن قراءة اللحظة”.

وقال الأمين العام المساعد للاتحاد سامي الطاهري لبي بي سي إن ما دفع الاتحاد للاحتجاج الآن هو التضييق على العمل النقابي و”الاعتداء على المنظمة” إلى جانب إغلاق السلطة باب التفاوض والحوار الذي يرى الطاهري أنه ضروري في هذه المرحلة التي يمر بها عمال تونس وهم “في أسوء أوضاعهم الاجتماعية بسبب غلاء المعيشة التي لم تشهد له البلاد مثيلا”، على حد تعبيره.

وشدد الطاهري على أن النقابيين “سيكونون صفاً واحداً من أجل الدفاع عن منظمتهم مهما كانت اختلافاتهم”.

ويؤكد الصحفي والمحلل السياسي صبري الزغيدي في حديثه لبي بي سي أن “العمل النقابي يتعرض للتضييق” مستدلاً على ذلك بما قال إنها “عمليات عزل وطرد وإيقاف عن العمل طالت عاملين في قطاعات مختلفة، إضافة إلى اعتقالات وملاحقات قضائية تطال النقابيين”.

وعن التصعيد بين الاتحاد والسلطة، يرى الزغيدي أن “الاتحاد اعتبر إلغاء جلسات الحوار مع السلطة في ما يخص النزاعات الشغلية، إصراراً على خوض معركة كسر العظام، وحصراً للاتحاد في مربعات ضيقة”.

ويرى نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، بسام خواجا، أنه “بعد أن كثّفت السلطات هجماتها ضد الأحزاب السياسية والجمعيات، يبدو أن النقابات العمالية، وهي واحدة من آخر أعمدة الديمقراطية في تونس، أصبحت الآن هدفاً للسلطات،”.

واعتبر خواجا أن “التهديدات المبطنة من الرئيس التونسي ضد المركزية النقابية تشكل انتهاكاً جديداً للمؤسسات التي يسعى سعيّد إلى تفكيكها”، وفق تعبيره.

ويرفض الرئيس التونسي الحوار منذ إقراره الإجراءات الاستثنائية، التي وصفها معارضوه بأنها “تكريس لحكم فردي” بينما يصر سعيّد على أنها إجراءات “ضرورية وقانونية” لإنقاذ الدولة من “انهيار شامل”.

يضم الاتحاد العام التونسي للشغل 700 ألف عضو على الأقل، ما قد يسبب خسائر كبيرة إذا نفذ تهديده بالإضراب العام، “إذا تواصلت الاعتداءات عليه”، في وقت تواجه البلاد صعوبات اقتصادية، إذ وصل عجز الميزان التجاري فيها عام 2024 إلى نسبة 10.8 في المائة.

“نحن لسنا ملكاً لترامب” – في نيويورك تايمز

“نحن لسنا ملكاً لترامب” – في نيويورك تايمز

تناقش عناوين الصحف التي نعرضها اليوم، قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مقال على نيويورك تايمز، يرى كاتبه أن الرئيس الأمريكي يتعامل وكأنه ملك للولايات المتحدة. وفي صحيفة الغارديان ناقش مقال رأي قرار عضو حزب الديمقراطيين الأحرار بمقاطعة دعوة للملك تشارلز الثالث، لإيصال رسالة بضرورة إيقاف حرب غزة. وأخيراً في الإيكونومست مقال يتحدث عن اليأس الذي يصيب الشباب في العصر الحالي.

ونبدأ من مقال الصحيفة الأمريكية حيث يقول الكاتب جميل بوي إن “البيت الأبيض ليس ملكاً لدونالد ترامب، بل هو ملك للولايات المتحدة، والشعب الأمريكي. الرئيس مقيم مؤقت، ولا تدوم ملكيته للمبنى إلا مدة ولايته، وهو ما ينص عليه الدستور”.

ثم أضاف أن مؤسسة سميثسونيان وأسسها الكونغرس عام 1846، ليست ملكاً للرئيس ترامب أيضاً، وليست حتى جزءاً من السلطة التنفيذية. وهي منظمة مستقلة تدعمها الحكومة -تهدف لنشر المعرفة وتضم متحف سميثسونيان للفنون الأمريكية- ويديرها مجلس أمناء يتألف من رئيس المحكمة العليا ونائب رئيس الولايات المتحدة، ومشرعين اتحاديين، ومواطنين عاديين.

ويستهل الكاتب مقالته بهذه السطور لمناقشة قرارات ترامب التي تظهره وكأنه يملك الولايات المتحدة، وليس رئيساً منتخباً.

“طموحات استبدادية”

يقول الكاتب إن “ادعاء ترامب بملكية السلع العامة والأماكن العامة ليس نزوة يمكن تجاهلها أو انتظارها، بل هو تعبير مباشر عن طموحاته الاستبدادية وعقليته الاستبدادية”.

ويضيف أن ترامب لا يرى نفسه مقيداً بإيقاعات الزمن الدستوري، بل حاكماً ذا سيادة يتمتع بسلطة لا حدود لها.

يتطرق الكاتب أيضاً إلى تصريحات ترامب في المؤتمرات الصحيفة، وأوامره بالانتشار العسكري في واشنطن لمكافحة الجريمة، ومحاولاته لعزل أعضاء من مؤسسات مستقلة مثل إقالته لليزا كوك من مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

ويضرب مثالاً على تصريحات ترامب في إحدى المؤتمرات الصحفية: “لدينا إنجازات عظيمة بكل المقاييس، من الصعب تصديق أنه يمكنك تحقيق ذلك في ظل وجود إعلام فاسد”.

ويعلق بوي في مقاله على قرار إقالة كوك، بالتأكيد على أن ترامب لا يستطيع إقالتها فيما ترفض هي أيضاً الاستقالة.

ويختم مقاله بالقول: “كوك لديها القانون في صفها، وقد تنتصر. وإن اختيارها التمسك بموقفها هو تذكير بأنه بينما قد يرغب ترامب في أن يكون ملكاً، إلا أن الأمر متروك لنا كأمريكيين، فيما إذا كنا سنعامله على هذا الأساس”.

  • كيف أدت سياسات إسرائيل إلى مجاعة في غزة؟
  • ماذا سيحدث إذا نجح ترامب في إقالة قادة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي؟
  • لماذا تزداد أمراض القلب بين الشباب؟
مجموعة من الأطفال والنساء يحملون أواني طعام فارغة ينتظرون على أمل الحصول على طعام. الصورة التقطت نهاراً.
نساء وأطفال فلسطينيون ينتظرون استلام حصصهم الغذائية من مطبخ خيري في خان يونس، جنوب قطاع غزة، في 27 آب/آب 2025

مقاطعة لإنهاء حرب غزة

كتب إد ديفي زعيم حزب الديمقراطيين الليبراليين مقالاً في صحيفة الغارديان البريطانية أعلن فيه أنه سيقاطع دعوة الملك تشارلز على العشاء -مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب- لإيصال رسالة إلى ترامب بضرورة التدخل لوقف حرب غزة.

ويلفت ديفي إلى أن زيارة ترامب الرسمية الثانية للمملكة المتحدة في غضون ثلاثة أسابيع، تتضمن مأدبة رسمية في قلعة وندسور يستضيفها الملك تشارلز.

يقول الكاتب: “أم تحمل رضيعاً نحيفاً جداً، لدرجة أنه يمكنك رؤية هيكله العظمي، من الجوع. جثث أطفال هامدة قُتلوا وهم ينتظرون الماء. رهائن هزيلون، لا يزالون محتجزين لدى حماس بعد عامين تقريباً من تلك الهجمات الإرهابية المروعة”.

“هذه الصور، وغيرها الكثير، أرعبتنا جميعاً خلال الأشهر الأخيرة. يجب أن تتوقف الأزمة الإنسانية في غزة. يجب أن تنتهي المجاعة. يجب إعادة الرهائن إلى ديارهم”، يضيف.

ويرى ديفي أن ترامب هو الرجل الوحيد القادر على وقف حرب غزة.

ويقول إن ترامب يمكنه “الاتصال ببنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، وأن يطلب منه إنهاء حصار المساعدات الذي يُسبب معاناة ومجاعة على نطاقٍ مُروّع. رجل واحد يستطيع استخدام نفوذه على قطر ودول الخليج الأخرى للمساعدة في تأمين الإفراج العاجل عن رهائن حماس”.

ويؤكد مرة أخرى أن دونالد ترامب يستطيع “القيام بهذه الأمور اليوم إن شاء. لديه القدرة أكثر من أي شخص آخر على فرض وقف إطلاق النار أخيراً ووضع إسرائيل وفلسطين على طريق سلام دائم قائم على حل الدولتين”.

لكن يعتقد الكاتب أن ترامب قرر حتى الآن، عدم القيام بذلك، بل “بدلاً من ذلك، منح نتنياهو دعمه الكامل. وفي الأسبوع الماضي، بينما كان يتفاخر زائفاً بإنهاء ست حروب، قال ترامب إن أوكرانيا (هي الوحيدة المتبقية) – مُظهراً أنه لا يرى حتى ما يحدث في غزة حرباً يُريد إيقافها”.

يبرر ديفي مقاطعته للزيارة بالقول “من أعظم امتيازات كوني قائداً لحزبي أني وزوجتي إميلي مدعوان لحضور مآدب رسمية. وإن تلقي دعوة من الملك شرف عظيم، وأنا أتحمل واجبي تجاه ملكنا بكل جدية. وكعضو في البرلمان، أقسمتُ بفخر بالله العظيم أن أكون وفياً ومخلصاً لجلالة الملك تشارلز، وورثته وخلفائه. إن رفض دعوة كهذه يتعارض مع كل غرائزي. لكن بعد تفكير عميق وصلوات طويلة مع إميلي، توصلتُ إلى أنه يجب عليّ الرفض في هذه المناسبة”.

ويخشى ديفي وفق ما أورد في مقاله أن “نصل إلى وضع يأتي فيه ترامب إلى بلادنا، ويُكرم بعشاء فاخر في أحد أفخم قصورنا، ولا أحد يُذكره بقدرته على وقف المجاعة والموت والأسر المروع في غزة. ولا أحد يستغل هذه اللحظة لمطالبة الرئيس الأمريكي بالاتصال بنتنياهو والقطريين وفعل الصواب”.

من هم الأكثر الجيل بؤساً؟

وإلى مقال الإيكونومست البريطانية وحمل عنوان “لم يعد الأشخاص في منتصف العمر هم الأكثر بؤساً”.

ويشير المقال إلى أن الاستطلاعات وعلى مدار عقود أظهرت أن منتصف العمر كان المرحلة التي يشعرون فيها الأشخاص أنهم غير راضين، بينما أبلغ الشباب وكبار السن أبلغوا عمومًا عن مستويات مرتفعة من الرضا عن الحياة. بحست “ما يُعرف بمنحنى السعادة على شكل U أو قمة اليأس، بحسب زاوية النظر، ووثق مئات المرات في عدة بلدان”.

لكن مؤخراً يجد المقال أن “هذا المنحنى قد تغير. إذ وجدت دراسة نُشرت في 27 آب/آب في مجلة PLOS ONE، أجراها الاقتصاديون ديفيد بلانش فلاور وأليكس برايسون وشياووي شو، أن الشباب حول العالم باتوا اليوم يبلغون عن أعلى مستويات من التعاسة مقارنة بأي فئة عمرية أخرى”.

الدراسة الجديدة تُقدم لمحة بسيطة عن التعاسة حسب العمر، في نقطة زمنية محددة، فقد يتبع شباب العشرينيات البائسون اليوم مسار أسلافهم ويصبحون أكثر كآبة في منتصف العمر. ويقول الدكتور برايسون: “ليس من المستبعد أن يكون حال الشباب أسوأ في منتصف العمر إذا بدأوا حياتهم بهذه السوء”، وفق مقال الإيكونومست.

وتشرح الصحيفة: “قسمت مجلة الإيكونوميست بيانات مسح BRFSS حسب الأجيال، ووجدت أن كل فئة عمرية أصبحت أكثر تعاسة مع بلوغها منتصف العمر.

وانزلق جيلا إكس (مواليد 1965-1980) والألفية (1981- 1996) إلى حالة من الضيق في منتصف العمر قبل جيل طفرة المواليد (1946-1964)، بينما يبدأ جيل زد (1997-2010) حياتهم البالغة بائسين أكثر بكثير من أي جيل سابق. وعلى مستوى السكان، تعني هذه الاتجاهات أن كبار السن يبدون الآن أقل كآبة تدريجياً من الفئات العمرية الأصغر سناً”.

لا يجد المقال سبباً واضحاً لاكتئاب الشباب، لكنه قد يعزوه إلى سوق العمل وانخفاض الرضا بين فئة الشباب في الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال. في حين وجد باحثان أنه في بعض دول جنوب أوروبا ارتفع رضا الشباب عن حياتهم لانخفاض البطالة بين الشباب.

ويقترح المقال أنه قد يكون من الأسباب الأخرى التي يُستشهد بها كثيراً لقلق المراهقين “استخدام الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، الذي ارتفع بالتزامن مع مشاكل الصحة النفسية لدى الشباب منذ أوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. هناك بعض الأدلة على وجود علاقة سببية، لكن الدراسات الأكثر دقة، التي تتتبع مزاج المراهقين واستخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي على مدى فترات طويلة، لا تجد علاقة قوية بين استخدام هذه التطبيقات واعتلال الصحة النفسية اللاحق”.