قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي، إن ما وصفه بـ “العقول الشيطانية” أخطر على لبنان من سلاح المقاومة الذي حرر الأرض، مشيرًا إلى أن “المطروح في الورقة الأميركية يتجاوز مبدأ نزع السلاح”.
وأوضح برّي في كلمة بمناسبة ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، مؤسس حركة أمل، أن الاحتلال الإسرائيلي تجاهل الورقة الأميركية ووسع وجوده في الجنوب اللبناني، لافتًا إلى أن “لبنان موضوع ضمن خريطة إسرائيل الكبرى وفق الحلم الإسرائيلي”.
زيارة زامير إلى جنوب لبنان “إهانة”
وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتفاخر بأنه في مهمة تاريخية لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى ولبنان كاملًا ضمن هذا الحلم، متسائلًا: “ألا تشكل زيارة رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير لجنوب لبنان إهانة؟”.
ولفت رئيس مجلس النواب اللبناني في معرض كلمته اليوم الأحد، إلى أن “هناك من يبحث عن ضخ الحياة في مشاريع قديمة، حتى ولو كانت على ظهر دبابة إسرائيلية”، وفق تعبيره.
وأضاف أن إسرائيل تصرّ على عدم الانسحاب من الأراضي اللبنانية، وأنها “زادت احتلالها لأراضٍ لبنانية ومنعت سكان أكثر من 30 بلدة من العودة إليها”.
وأكد برّي الانفتاح “على حوار هادئ وتوافقي تحت سقف الدستور والبيان الوزاري”، مؤكدًا أنه “لا ينبغي رمي كرة النار إلى حضن الجيش”.
خطة تطبيقية لحصر السلاح
ويعقد مجلس الوزراء جلسة في القصر الجمهوري يوم الجمعة في 5 أيلول/ أيلول، لعرض ومناقشة الخطة التطبيقية لحصر السلاح التي كلف الجيش بوضعها.
وفي مطلع آب/ آب الجاري، وافق مجلس الوزراء اللبناني على الأهداف الواردة في ورقة أميركية تتضمن خطة لنزع سلاح حزب الله وفصائل مسلحة أخرى، وهي خطوة أثارت انقسامات حادة في لبنان.
وتقضي المرحلة الأولى من الخطة بأن تصدر الحكومة اللبنانية في غضون 15 يومًا مرسومًا تلتزم فيه بنزع سلاح حزب الله تمامًا بحلول 31 كانون الأول/ كانون الأول 2025. وستتوقف إسرائيل في هذه المرحلة أيضًا عن العمليات العسكرية البرية والجوية والبحرية، وفق ما يرد في الخطة.
وفي المرحلة الثانية، يبدأ لبنان في تنفيذ خطة نزع السلاح في غضون 60 يومًا، على أن توافق الحكومة على “خطة مفصلة لنشر الجيش اللبناني لدعم خطة وضع كل الأسلحة تحت سلطة الدولة”. وستحدد هذه الخطة الأهداف بشأن نزع السلاح.
وكلّفت الحكومة اللبنانية في الخامس من آب/ آب الجاري الجيش وضع خطة لنزع سلاح حزب الله على أن يتم تطبيقها قبل نهاية العام.
أكد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أن العقول الشيطانية أخطر على لبنان من سلاح المقاومة وأن الورقة الأمريكية ترقى إلى مستوى اتفاق جديد، معربا عن انفتاحه على مناقشة قضية السلاح.
قال رئيس مجلس النواب اللبناني إن المطروح في الورقة الأمريكية يتجاوز مسألة حصر السلاح بيد الدولة، مشيرا إلى أن هذا عمليا بديل لاتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل ويتجاوز ما تم الاتفاق عليه إلى مستوى “اتفاق جديد”.
وجاء في كلمة رئيس مجلس النواب بمناسبة الذكرى الـ47 لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه:
تحية لكل الذين ارتقوا خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي ما زالت تستهدف لبنان وفي مقدمهم مقدمهم أمين عام حزب الله حسن نصر الله.
الوطن لا يموت.
نكرر القول إن المرحلة ليست لنكء الجراح ولا للرقص فوق الدمار وهناك من راهن على إطالة أمد العدوان.
حذار أن يجتمع الجهل والتعصب ليصبح سلوكا لدى البعض فهو الطريق إلى الخراب.
العقول الشيطانية أخطر على لبنان من سلاح المقاومة الذي حرر الأرض.
منفتحون لمناقشة سلاح المقاومة الذي هو شرفنا وهو عزنا وذلك تحت خطاب هادئ.
نرفض التهديد وضرب الميثاقية واستباحة الدستور والقفز فوق البيان الدستوري ووقف النار الذي يمثل الإطار التنفيذي.
لبنان نفذ اتفاق وقف إطلاق النار وإسرائيل لم تلتزم به.
القرى المدمرة ليست قرى شيعية بل إن من بينها قرى سنيّة وبعضها يشبه لبنان بجناحيه المسلم والمسيحي.
من غير الجائز وطنيا وبأي وجه من الوجوه رمي كرة النار في حضن الجيش اللبناني الذي نعتبره درع الوطن.
إسرائيل زادت احتلالها لأراض لبنانية ومنعت سكان أكثر من 30 بلدة من العودة إليها.
لسنا إلا دعاة وحدة وتعاون كما تعاونا على إنجاز استحقاقات أساسية بينها تشكيل الحكومة.
وخاطب بري اللبنانيين: ألم تروا أن موقف (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو الذي تفاخر بأنه في مهمة تاريخية لتحقيق حلم “إسرائيل الكبرى” يشمل لبنان؟.
تنتظر لبنان أيام مفصلية قبيل جلسة مجلس الوزراء المقرّرة في الثاني من أيلول/ أيلول المقبل، حيث تتسع رقعة الخلافات الداخلية بشأن قرار الحكومة حصر السلاح، وترتفع دعوات حزب الله وحركة أمل بضرورة العودة عنه، مقابل إصرار الجهات المعارضة للثنائي على المضي قدماً بتنفيذها، وذلك في وقتٍ تتزايد الضغوط الأميركية على المسؤولين اللبنانيين، وقد وصلت إلى حدّ التهديد بنزع سلاح حزب الله بالقوة العسكرية.
وبعد تصعيده في القصر الجمهوري خلال جولة الوفد الأميركي في بيروت، رفع السيناتور الأميركي ليندسي غراهام، من تل أبيب، أمس الخميس، حدّة خطابه بوجه حزب الله، مؤكداً أنه حان وقت إنهائه، وفي حال لم يُنزَع سلاحه بشكل سلميّ، فيجب النظر في الخطة “ب” أي نزع السلاح بالقوة العسكرية. وتزامن تصريح غراهام أولاً مع إعلان الجيش اللبناني استشهاد ضابط وعسكري وجرح عنصرين آخرين نتيجة انفجار مسيّرة إسرائيلية سقطت في منطقة رأس الناقورة في القطاع الغربي من جنوب لبنان، وذلك خلال الكشف عليها، وكذلك مع تصعيد إسرائيل الغارات جنوباً، وتمسّكها بمواصلة الاعتداءات واحتلال النقاط الخمس لحين نزع سلاح حزب الله، في شروط تبنّتها الولايات المتحدة الأميركية بعد تنصّلها من تعهّداتها تجاه لبنان.
وتشهد الساحة اللبنانية اليوم حراكاً داخلياً واتصالات مفتوحة بين القوى السياسية للبحث عن حلول تجنّب البلاد أي انفجار داخلي، وكذلك تصعيداً إسرائيلياً عسكرياً، خصوصاً أنّ نتائج جولة الموفد الأميركي الأخيرة شكّلت صدمة للمسؤولين اللبنانيين الذين كانوا ينتظرون، وربطاً بوعود السفير توماس برّاك، خطوة إسرائيلية بعد المقرّرات التي اتخذتها الحكومة على صعيد إقرار أهداف الورقة الأميركية الـ11، وتكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الجاري.
في المقابل، خرق الأجواء السوداوية، أمس الخميس، قرار مجلس الأمن تمديد ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) حتى 31 كانون الأول/ كانون الأول 2026، من دون أن يتضمّن أي تعديل على مهامها، بما يتماشى مع مطالب لبنان، وبدعم فرنسي، في حين جدّد المجلس دعوة إسرائيل إلى سحب قواتها من المواقع الخمسة التي لا تزال تحتلها، وأكد ضرورة بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها. في هذا الإطار، تقول مصادر وزارية لـ”العربي الجديد” إنّ “جلسة الحكومة لا تزال قائمة حتى الساعة، لكن التعقيدات إلى تزايد، وكل شيء وارد حصوله، بما في ذلك التأجيل، إذ إنّ هناك انقسامات داخل مجلس الوزراء، ومطالبات بضرورة عدم السير بالمقررات التي اتُخذت في جلستي 5 و7 آب/ آب الحالي، خصوصاً بعد عودة أميركا عن تعهداتها، وعدم تقديم إسرائيل رداً على الورقة، وعدم تقديم أي ضمانات بوقف الاعتداءات والانسحاب، وبالتالي فإنّ عدم التزام إسرائيل يدفع لبنان بدوره إلى عدم الالتزام أيضاً”.
وتشير المصادر إلى أن “هذه المواقف عبّر عنها وزراء حزب الله وحركة أمل الممثلين في الحكومة، الذين يصرّون على ضرورة عدم السير بالمقررات ما دامت إسرائيل لم تلتزم بشيء، وعلى الرغم من تمسّك الحكومة بموقفها لناحية حصرية السلاح، لكنها باتت الآن في وضع صعب بعد نتائج جولة الموفد الأميركي الأخيرة، وهي تدرس كل الخيارات أمامها، بما يضمن مصلحة لبنان، ويؤكد البيان الوزاري وقسم الرئيس جوزاف عون”.
وتشدد المصادر على أن “لبنان فعل كل شيء، وبدأ بشكل جدي مسار حصر السلاح بيد الدولة، سواء السلاح المرتبط بحزب الله في جنوب نهر الليطاني، والعمليات المشتركة التي تحصل بين الجيش اللبناني ويونيفيل في هذا الإطار، وكذلك على صعيد السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، ورأينا أمس واحدة من أكبر عمليات سحب السلاح، وستُستكمل في المرحلة المقبلة، في حين أن إسرائيل لم تفعل شيئاً، لا بل تواصل اعتداءاتها وخروقاتها اليومية للاتفاق”.
وتلفت المصادر إلى أن “هناك اتصالات تحصل مع الجانبين الأميركي والفرنسي للضغط على إسرائيل لتنفيذ التزاماتها، وتقديم ضمانات للبنان، إذ لا يمكن الاستمرار بمطالبة لبنان بالقيام بخطوات من دون إلزام إسرائيل بشيء، وهي التي تواصل خرقها اتفاق وقف إطلاق النار منذ 27 تشرين الثاني/ تشرين الثاني الماضي، بلا أي تحرك أو ردّ فعل دولي”، مشيرة إلى أن “هناك مساعي داخلية أيضاً لإجراء حوار بين الأفرقاء، وفق رغبة رئيس البرلمان نبيه بري، بما يضمن مصلحة لبنان، ويحمي الساحة الداخلية، وكذلك الجيش اللبناني”.
كذلك، تشير المصادر إلى أن “المؤسسة العسكرية صامدة، ومتماسكة، ولا استقالة لقائد الجيش، لكن هناك إصراراً من قبل الجيش اللبناني على وضع خطة غير صدامية تحمي الاستقرار والسلم الأهلي”. وأوضحت قيادة الجيش في بيان، اليوم الجمعة، ما تناولته وسائل إعلام من معلومات حول موقف القيادة من المهام التي تتولاها المؤسسة العسكرية في المرحلة الحالية، بحيث أكدت أنها “تنفذ مهامها بأعلى درجات المسؤولية والمهنية، والحرص على أمن الوطن واستقراره الداخلي، وفق قرار السلطة السياسية، والتزاماً بأداء الواجب مهما بلغت الصعوبات”.
وقالت إن “الواجب الوطني الذي يتشرف الجيش بأدائه هو التزام ثابت لا تراجع عنه، وقد بذل العسكريون من مختلف الرتب تضحيات كبيرة في هذا السياق خلال مختلف المراحل، بخاصة مع استمرار العدو الإسرائيلي في اعتداءاته على وطننا”.
إلى ذلك، قال مصدر عسكري لـ”العربي الجديد” إن الجيش اللبناني يستكمل اليوم تسلم السلاح الفلسطيني من حركة فتح في مخيم برج البراجنة في بيروت. ووسط هذه التطورات، تتجه الأنظار إلى الكلمة التي سيلقيها رئيس البرلمان نبيه بري يوم الأحد في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، والتي من المتوقع أن تكون حاسمة قبيل الجلسة المرتقبة لمجلس الوزراء، وتحدّد الخطوات أو الطروحات التي من الممكن السير بها، وسط تمسك بري المستمرّ بالتوافق والحوار مدخلاً أساسياً لأي أزمة.
ماكرون: انسحاب إسرائيل ووضع حد للانتهاكات شرطان لتنفيذ خطة لبنان
على صعيدٍ ثانٍ، قال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إنه “تحدث مع الرئيس جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، وقد جرى تجديد ولاية يونيفيل، التي تشارك فيها فرنسا بشكل فاعل، بالإجماع، وهذه رسالة مهمة وقد رحبنا بها”. وأضاف: “أشَدتُ بالقرارات الشجاعة التي اتخذتها السلطة التنفيذية اللبنانية من أجل استعادة حصر استخدام القوة بيد الدولة، وأشجّع الحكومة اللبنانية على اعتماد الخطة التي ستُعرض على مجلس الوزراء لهذا الغرض، وسيتوجّه مبعوثي الشخصي جان إيف لو دريان إلى لبنان للعمل يداً بيد مع السلطات على أولوياتنا فور اعتماد هذه الخطة”.
وأكد أن “الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من جنوب لبنان ووضع حد لجميع الانتهاكات للسيادة اللبنانية يُشكّلان شرطين أساسيين لتنفيذ هذه الخطة، وقد أكّدت فرنسا دائماً استعدادها للاضطلاع بدور في تسليم النقاط التي ما زالت تحت الاحتلال الإسرائيلي”، مشدداً على أنه “يجب أن يكون أمن لبنان وسيادته في أيدي السلطات اللبنانية وحدها”. وتابع ماكرون: “جدّدتُ للرئيس عون ورئيس الوزراء تأكيد عزمنا على تنظيم مؤتمرين بحلول نهاية هذا العام، الأول لدعم القوات المسلحة اللبنانية، الركيزة الأساسية لسيادة البلاد، والثاني من أجل نهوض لبنان وإعادة إعماره”. وختم: “أمنٌ مُستعاد، سيادةٌ مُعزَّزة، وازدهارٌ مستدام: هذا هو المستقبل الذي نريده للبنان، على صورة قوة أرزه الراسخة أبداً”.
وقفة احتجاجية رفضاً لإخلاء سبيل متهم بالعمالة
على مقلبٍ آخر، يزيد امتعاض حزب الله ومناصريه من الحكومة، ليس فقط بمقرراتها الأخيرة، إنما بخطوات تحصل في عهدها، يعتبرونها إرضاءً للإملاءات الأميركية، أبرزها إطلاق سراح أسير إسرائيلي من دون أي مبادلة قبل أسبوع، واليوم، إخلاء سبيل محيي الدين حسنة، بعد 22 شهراً على توقيفه، بقرار محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي منير سليمان، لعدم كفاية الدليل، وعدم التمكّن من إثبات ضلوعه في التعامل مع إسرائيل، علماً أنه كان اتهم من قبل المحكمة العسكرية بالعمالة، وارتبط اسمه بمجزرتي “البيجرز” اللتين وقعتا في أيلول/ أيلول الماضي، وأدين بالسجن 15 عاماً.
ونُفذت صباح اليوم الجمعة وقفة احتجاجية أمام المحكمة العسكرية في بيروت “رفضاً لإخلاء سبيل عملاء للعدو”. واعتبرت هيئة ممثلي الأسرى والمحررين اللبنانيين أن قرار المحكمة فضيحة وطنية، مشيرة إلى أن “محيي الدين حسنة اعترف بقيامه بمسح إلكتروني شامل للضاحية الجنوبية وبيروت، وجمعه بيانات فنية حساسة عن شبكات الإنترنت لصالح العدو”، مستغربة توقيت إطلاق سراحه الذي جاء بعد زيارة الوفد الأميركي إلى لبنان والتصعيد ضد المقاومة.
لا حديث عن انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية قبل نزع سلاح حزب الله، هذه هي خلاصة زيارة الوفد الأمريكي إلى بيروت..
في المقابل حزب الله يتمسك بانسحاب إسرائيل والإفراج عن الأسرى وإعادة الإعمار قبل أي نقاش بملف السلاح. فما هي فرص نجاح الحراك الأمريكي في منطقة تتداخل فيها الحسابات بالمصالح الداخلية والإقليمية والدولية؟ وكيف سيتعاطى الجيش اللبناني مع خطة حصرية السلاح بيد الدولة في ظل الانقسام الداخلي حول هذا الملف؟ آخر مستجدات الوضع اللبناني نناقشها في هذه الحلقة من برنامج نيوزميكر مع عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عز الدين.