“قوة أوريا”… وحدة إسرائيلية تمسح مباني غزة وتتخذ أهلها دروعاً بشرية

“قوة أوريا”… وحدة إسرائيلية تمسح مباني غزة وتتخذ أهلها دروعاً بشرية

ترتكب قوة إسرائيلية غير نظامية، لكنها تعمل تحت رعاية جيش الاحتلال الإسرائيلي، جرائم فظيعة على مستوى مسح المباني من الوجود في قطاع غزة وتسويتها في الأرض، فضلاً عن استخدام الفلسطينيين دروعاً بشرية من خلال “إجراء المنصة”، الذي يختبئ خلف اسمه الغامض، إجراء محظور بموجب قوانين الحرب. إنها “قوة أوريا” التي يقودها بتسلئيل زيني، شقيق رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك” القادم ديفيد زيني. وتقول صحيفة هآرتس العبرية في عددها اليوم الأربعاء، إنّ هذه الوحدة تعرّض حياة الجنود الإسرائيليين للخطر أيضاً لا الفلسطينيين فحسب، مشيرة إلى وجود جهات في الجيش ترفض وجودها، غير أنّ أزمة الجرافات والحفّارات، تدفع نحو الاستعانة بها، وبفرق أخرى على شاكلتها.

وتُدخل هذه القوة الجنود إلى أنفاق ومبانٍ قد تحتوي على عبوات ناسفة ومقاومين، وفق تقرير الصحيفة، وتتخذ من الفلسطينيين دروعاً بشرية، ومن غير الواضح مدى خضوعها لضباط جيش الاحتلال، إذ جاءت تعليقات الجيش متناقضة. وترسم شهادات جنود وقادة في جيش الاحتلال، ملامح “قوة أوريا”، التي يُشاهد طاقمها، في كل مكان تقريباً في أنحاء قطاع غزة. وهي عبارة عن مجموعات من الأشخاص يشغّلون معدات هندسية ثقيلة لهدف واحد، هو التدمير.

ولا يدور الحديث هنا عن إطار عسكري منظم، بل عن قوات صغيرة نشأت من مبادرات مستقلة، تضم “مواطنين” إسرائيليين، العديد منهم من المستوطنين، يتم استدعاؤهم للخدمة الاحتياطية عبر شركات مقاولات، بهدف تدمير المباني والأنفاق. أو كما يُقال بشكل أكثر شيوعاً بين المطّلعين على الأمر: “تسوية غزة بالأرض”. 

يكشف قادة وضباط وجنود احتياط، أنّ “أوريا” والفرق المشابهة لها، تعمل بلا رقابة على عناصرها، ولا يعرف دائماً من هم. وتتألف “قوة أوريا”، من 10 إلى 15 مشغّلاً لمعدات هندسية، وتتواجد في غزة منذ قرابة عام ضمن تشكيلات متغيّرة، وفي الآونة الأخيرة في خانيونس جنوبي قطاع غزة. “رجال قوة أوريا قد يكشفون أنفاقاً”، يقول قائد يشغل منصباً رئيسياً في فرقة احتياط كانت تعمل حتى وقت قريب في غزة، “لكنهم أيضاً يسمحون لأنفسهم بالقيام بأمور إشكالية للغاية”.

ووفقاً له، فقد أدخلوا جنوداً كانوا يؤمّنونهم إلى أنفاق ومبانٍ لم تتم الموافقة عليها بعد من قبل قوات الهندسة التابعة للفرقة. كما يروي أحد الجنود الذين أمّنوا نشاط القوة خلال الأشهر الأخيرة، أنه في عدة حالات طُلب من الجنود الاقتراب من فتحة تم كشفها، أو تأمين أعمال في مبانٍ لم يكن معروفاً بعد ما إذا كانت تحتوي على عبوات ناسفة أو إن كان ثمة مقاومين فيها. 

في بعض الأحيان، تحوّل الخطر إلى “كارثة”، على حد تعبير ضابط هندسة موجود في غزة، موضحاً أن “أبراهام أزولاي، الذي قُتل برصاص مسلح وصل إلى مقصورة الجرافة الخاصة به، قبل نحو شهرين في خانيونس، كان أيضاً جزءاً من قوة أوريا”. وكان أزولاي، مستوطناً من مستوطنة “يتسهار” في الضفة الغربية المحتلة، وكان يشارك في عمليات هدم في أحد المناطق بمدينة خانيونس. 

في الجيش الإسرائيلي، زُعم أنّ مقاومين غير مسلحين تمكّنا من الوصول إلى الجرافة، وسحب أزولاي منها، والاستيلاء على سلاحه، ثم إطلاق النار عليه وقتله، لكن، وفقاً لقائد مطّلع على التفاصيل، فهذه ليست القصة الكاملة، ذلك أنهم “في الجيش لم يقولوا الحقيقة كاملة حول ذلك الحدث. لا أحد يسأل فعلياً كيف يمكن لشيء كهذا أن يحدث، أن يعمل سائق جرافة في منطقة لم يتم تطهيرها من المسلحين، ويصل أحدهم دون أي عائق إلى داخل مقصورته. لا أحد يخبر العائلة بمدى جسامة هذا الإخفاق”.

القادة والجنود في الميدان ليسوا متفاجئين، وبالتأكيد ليس من كون القوة تعمل في منطقة لم يتم “تطهيرها” بعد، ذلك أنهم “لا يرسلون تقارير عن مواقعهم أو طبيعة العمل المطلوب منهم، لا إلى الكتائب، ولا إلى اللواء، ولا إلى الفرقة”، بحسب ما يوضح أحد القادة. يضيف: “هذا أمر معروف بين جميع القوات. من غير الواضح من يعلم بدخول هذه القوة إلى منطقة القتال”. 

وفقًا للأوامر، يجب الإبلاغ عن كل جندي أو قوة أو مدني يدخل إلى قطاع غزة. تُنقل الأسماء إلى القيادة بهدف التأكد من كل من يدخل أو يخرج. هذا المبدأ يُطبق ويُنفذ على المقاولين الكبار الذين يعملون مع وزارة الأمن، لكن فيما يخص القوات المستقلة، بحسب العديد من المصادر، فالوضع فوضوي تماماً. يقول أحد المصادر لـ”هآرتس”: “نحن نفقد جنوداً لأن المنطقة تُدار وكأنها حي شعبي. كل سائق جرافة أصبح مهندساً ميدانياً يقدّم المشورة للقادة حول ما إذا كان من الصحيح الدخول إلى المباني أو التعامل مع الأنفاق. تجاهل الجيش الإسرائيلي لهذا الوضع وعدم فحصه هو المشكلة، وهذا ما سيؤدي إلى سقوط قتلى إضافيين”. 

 “إجراء المنصة” جريمة حرب

لكن القصة لا تتعلق فقط بالخطر الذي يواجه من يعملون مع الفريق أو الجنود الذين يؤمّنون نشاطه، إذ يروي مصدر عسكري أنّ في عمليات “قوة أوريا” تم استخدام ما يُعرف باسم “إجراء المنصة”. خلف هذا الاسم الغامض، كما يقول المصدر، يختبئ إجراء آخر معروف أكثر، لكنه محظور بموجب قوانين الحرب: “إجراء الجار”. ويوضح: “يتم تجهيز فلسطيني بمعدات حماية وإدخاله إلى نفق تم اكتشافه للتو، لمعرفة ما إذا كانت هناك عبوات ناسفة، أو مسلحون، أو أي شيء قد يشكل خطراً على الحياة”. 

وليس الأمر بجديد، على مستوى استخدام الفلسطينيين دروعاً بشرية، إذ كشف تحقيق لذات الصحيفة، في آب/ آب من العام الماضي، أن هذا إجراء معروف تستخدم فيه القوات الإسرائيلية في الميدان فلسطينيين في مهام تقصّي توكل عادة للكلاب. وفي السابق كان يُسمى “الجار”، وقبل نحو عام “إجراء البعوض”، والآن “المنصة”، ويبدو أن التغيير الوحيد هو في الاسم. 

“قوة أوريا” “مثل مليشيا ميدانية”

“قوة أوريا”، مثل الفرق المستقلة الأخرى، لم تظهر من العدم، بل كان هناك طلب كبير عليها من قبل جيش الاحتلال. ويقول مصدر عسكري مطّلع على قوات الهندسة في غزة: “في بداية الحرب، كان لدى كل لواء حوالي 20 جرافة مدرعة جاهزة للعمل. اليوم لا نملك حتى عشراً، وحتى هذه لا يتوفر لها دائماً مشغّلون محترفون”. لذلك، بحسب قوله، “اليوم كل قائد لواء، وحتى قائد كتيبة، يريد التقدّم في القتال، يستعين بهذه القوات، ويتعامل معها دون أن يُطلب منه تقديم تقرير للفرقة أو انتظار وصول المعدات… هذه القوات تنتقل من مكان إلى آخر دون أن يعلم بها ضابط الهندسة في الفرقة، وهي أيضاً غير خاضعة إلى حد ما للقادة المسؤولين في الميدان”. 

يُشغّل الجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة جهات “مدنية” لأعمال هندسية بطريقتين؛ تشمل المجموعة الأولى شركات مقاولات لأعمال الحفر التي تنفذ مشاريع بنية تحتية كبيرة مثل تعبيد المحاور التي يسيطر عليها جيش الاحتلال، وتعمل على هدم المباني في القطاع، وكشف الأنفاق. المسؤولون في هذه الشركات معترف بهم من قبل وزارة الأمن كمقاولين مرخّصين، ويُمنحون عقوداً حسب طبيعة العمل المطلوب، كما أنهم يعملون بالتنسيق مع ضابط الفرقة القيادي أو الفرعي، وبعلم القوات الميدانية، ووفقاً للخطة العملياتية لجيش الاحتلال الإسرائيلي. 

لكن حالة “قوة أوريا” وباقي الفرق المستقلة على نسقها، تختلف. وبحسب مصادر الصحيفة، يدور الحديث هنا عن قوات يتم تجنيد أفرادها عبر مجموعات في شبكات التواصل الاجتماعي، وغالباً من المستوطنات، وبعضهم بارزون في اليمين المتطرف داخل الضفة الغربية المحتلة. مثال على فريق من هذا النوع كان فريقاً بقيادة العقيد احتياط غولان فاخ، شقيق قائد الفرقة 252 يهودا فاخ، الذي كُشف عن نشاطه عبر صحيفة هآرتس في كانون الأول/ كانون الأول من العام الماضي. وأوضح ضابط كبير في قيادة الفرقة في حينه، أنه كان هناك “جنود ومدنيون يبدون وكأنهم من فتية التلال“. وبحسبه، “هدف هذا الفريق كان تدمير غزة، وتسويتها بالأرض”. 

من الشهادات التي وصلت إلى الصحيفة، هذه المرة، يبدو أنّ الأمور لم تتغير كثيراً، وربما ما تغير فقط، هو حاجة الجيش المتزايدة لقوة مساعدة لأهدافه في إطار حرب الإبادة. ويقول قائد في وحدة الهندسة بالقطاع: “الجيش الإسرائيلي لا يملك ما يكفي من القوات والمعدات لتنفيذ المهام المطلوبة، وشركات المقاولات الكبرى تصل بمعدات عالية الجودة وبمهنيين يعرفون عملهم. المشكلة في قوة أوريا هي أن هؤلاء ليسوا بالضرورة أشخاصاً لديهم خبرة في العمل، ولا ينتمون لأي إطار تنظيمي، وغالباً ما يُدار الأمر كما لو أنه مليشيا ميدانية. نحن ندرك تماماً هذا الوضع، ونعلم أنه غير سليم، لكن الجميع يفضلون تجاهله”.

لا يوجد كثيرون ممن يختلفون مع الادعاء بأن هناك نقصاً في قوات الهندسة العسكرية في الميدان. وهنا تدخل الفرق “المدنية” تقريباً بشكل طبيعي، فهي ليست فقط مستعدة للمساهمة، بل متحمسة لذلك. ولا يتعلق الأمر فقط بالإغراء الأيديولوجي، كما يتضح من إعلان وظائف نشره أخيراً أحد المقاولين العاملين في هذا المجال، بل بإغراء مالي أيضاً. وكُتب في الإعلان أن هناك حاجة إلى “حفّار (جرافة) بوزن 40 طناً مع مشغّل للعمل في الهدم داخل قطاع غزة. المطلوب هو العمل من الساعة 7:00 صباحاً حتى 16:30 عصراً، والراتب المعروض هو 6 آلاف شيكل عن يوم عمل، والوقود على حساب الجيش الإسرائيلي”. وهذا راتب خيالي في هذا المجال. 

شخص مجهول

وصفت الصحيفة العبرية بتسلئيل زيني بأنه شخص شبه مجهول. وبخلاف شقيقه ديفيد الذي قد يصبح رئيساً لـ”الشاباك”، وزوجة شقيقه (ديفيد) نعمي، التي كتبت في كتابها أنّ “هدم المنازل في غزة هو فريضة”، فإنّ لبتسلئيل زيني حضوراً شبه معدوم في الإعلام أو على وسائل التواصل الاجتماعي. ويبلغ زيني من العمر 50 عاماً، ويملك شركة “بتسلئيل زيني للمبادرات والمشاريع المحدودة”، وعنوانها هو نفسه عنوان سكنه في مستوطنة “عوفرا”. وفي تفاصيل الشركة، يُذكر أن مجال عملها هو “الإنتاج واللوجستيات”.

قبل نحو شهرين، ورد اسمه في منشور على “فيسبوك”، للصحافي أوري ميسغاف من “هآرتس”، حيث ذُكر كشخصية محورية في “قوة أوريا”. وفي رد الجيش الإسرائيلي، قيل إن زيني الأخ ليس جزءاً من تلك القوة ولا يُعتبر فرد احتياط نشط. أما “قوة أوريا”، فقد ادعى الجيش أنها شركة مقاولات تعمل لصالح وزارة الأمن.

ومع ذلك، بعد أن وصلت إلى الصحيفة شهادات إضافية حول القوة ومشاركة بتسلئيل زيني فيها، طلب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي توضيح الأمور. وقال الجيش في البداية، إن زيني يقود “قوة أوريا”، لكن الجيش استمر في الادعاء بأنها شركة مقاولات تحت مسؤولية وزارة الأمن. ولاحقاً، تم تصحيح التصريح مرة أخرى وجاء فيه: “قوة أوريا هي قوة من جنود الاحتياط من وحدات متنوعة، يشغّلون معدات هندسية من نوع حفارات في جنوب القطاع”. كما أكد الجيش أنّ “قوة أوريا”، “لا ترتبط بشركات المقاولات العاملة في القطاع”. 

غير أنّ قادة ميدانيين في جيش الاحتلال، لديهم وجهة نظر مختلفة. وقال مصدر عسكري مطّلع على التفاصيل إنّ “قوة أوريا” “تحاول الدخول إلى غزة مع عدد غير قليل من الكتائب دون مهمة واضحة، ومن غير المعروف ما الذي يبحثون عنه هناك”. وبحسبه، صدرت في الآونة الأخيرة، تعليمات في عدة قيادات مفادها بأنه إذا طلب أفراد القوة الدخول إلى القطاع، يجب عدم السماح لهم بذلك، إلا “في حال كان اللواء يعرف ويوافق على النشاط”.

وأكد ضابط هندسة يشغل منصباً رئيسياً في القطاع مضمون هذه التصريحات في حديثه مع “هآرتس”: “ليس سرّاً أن قيادة الجنوب كانت تودّ إيجاد حل أفضل. الآن وصلت جرافات جديدة إلى إسرائيل، لكن تجهيزها وتدريعها لتكون جاهزة للقتال سيستغرق وقتاً. لذلك، يفضل الجيش غضّ الطرف لأنه لا يوجد بديل آخر”.

سفينة يونانية تنضم الاثنين المقبل إلى أسطول الصمود العالمي المتجه نحو غزة

سفينة يونانية تنضم الاثنين المقبل إلى أسطول الصمود العالمي المتجه نحو غزة

أعلنت مبادرة “المسيرة إلى غزة” اليونانية، أنّ سفينة ستنطلق الاثنين المقبل الموافق 8 أيلول/ أيلول الجاري من جزيرة سيروس في بحر إيجة، لتنضم إلى “أسطول الصمود العالمي” المتجه إلى غزة. وأوضحت المبادرة في تدوينة على منصة التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أمس الثلاثاء، أنّ “أسطول الصمود العالمي انطلق من أجل إعادة تسليط الضوء على صوت الشعب الفلسطيني وكسر الحصار المفروض على غزة”.

وأضافت المبادرة: “ستبحر سفينة تحمل الأمل والتضامن من جزيرة سيروس إلى غزة، من أجل إيصال رسالة صمود ومقاومة الشعب الفلسطيني البطل”. وأشار البيان أيضاً إلى أن السفينة ستنقل إلى قطاع غزة مواد أساسية ومساعدات جُمعت من أجل الشعب الفلسطيني خلال حفل موسيقي نُظم في أثينا مساء الأحد الفائت. ووفقاً للبرنامج الذي أعدته المبادرة، سيُقام حفل موسيقي كبير دعماً للشعب الفلسطيني في 7 أيلول، تليها تظاهرة في 8 أيلول، وهو الموعد المقرر لإبحار السفينة إلى غزة.

والأحد، انطلقت نحو 20 سفينة ضمن “أسطول الصمود العالمي” من ميناء برشلونة الإسباني، تبعتها قافلة أخرى فجر الاثنين من ميناء جنوة شمال غربي إيطاليا. ومن المنتظر أن تلتقي هذه السفن بقافلة أخرى تنطلق من تونس، غداً الجمعة، قبل أن تواصل رحلتها باتجاه غزة خلال الأيام المقبلة.

ودعت منظمة العفو الدولية، أول أمس الاثنين، إسرائيل إلى السماح لـ”أسطول الصمود” بتنفيذ مهمته السلمية بأمان وعدم التعرّض له. وقالت المنظمة في بيان، نشرته على منصة إكس، إنّ الأسطول يُعد “تضامناً قوياً وملهماً مع الفلسطينيين الذين يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة تحت الحصار الإسرائيلي القاسي وغير القانوني، والإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة المحتل”.

ويتكون الأسطول من اتحاد أسطول الحرية، وحركة غزة العالمية، وقافلة الصمود، ومنظمة “صمود نوسانتارا” الماليزية. وتحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاماً، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون في القطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم. ويتوقع أن يصل الأسطول إلى غزة في منتصف أيلول/ أيلول الحالي، ويأتي بعدما منعت إسرائيل محاولتين للناشطين لإيصال مساعدات بحراً إلى القطاع الفلسطيني في حزيران/ حزيران وتموز/ تموز الفائتين.

ومنذ 2 آذار/ آذار الماضي تغلق إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة مانعة أي مواد غذائية أو علاجات أو مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده. لكنها سمحت قبل نحو شهر بدخول كميات شحيحة جداً من المساعدات لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المجوعين، فيما ما تزال المجاعة مستمرة، إذ تتعرض معظم الشاحنات للسطو من عصابات تحظى بحماية إسرائيلية، وفق بيان سابق للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

(الأناضول، العربي الجديد)

سانشيز ينتقد “فشل” أوروبا تجاه حرب غزة: تخاطر بتقويض مصداقيتها

سانشيز ينتقد “فشل” أوروبا تجاه حرب غزة: تخاطر بتقويض مصداقيتها

قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إن رد فعل أوروبا تجاه حرب غزة كان “فاشلاً” ويخاطر بتقويض مصداقيتها العالمية. وذكرت وكالة الأنباء البريطانية “بي إيه ميديا” أنّ سانشيز، أول زعيم أوروبي يتهم إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية في غزة، قال قبل لقائه مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر

في لندن لصحيفة ذا غارديان إنّ الحرب تمثل “إحدى أكثر حلقات العلاقات الدولية في القرن الـ21 قتامة”.

وأوضح” بالطبع واقعياً داخل الاتحاد الأوروبي، هناك دول منقسمة في ما يتعلق بكيفية التأثير على إسرائيل”. وقال “ولكن في رأيي، هذا غير مقبول، ولا يمكن أن يستمر طويلاً إذا أردنا أن نعزز مصداقيتنا عندما يتعلق الأمر بالأزمات الأخرى، مثل التي نواجهها في أوكرانيا”.

وأشار سانشيز إلى أنّ الولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب تنهي النظام العالمي الذي ترسخ بعد الحرب العالمية الثانية، لكنه أشار إلى أنّ انسحاب أميركا من مؤسسات كبرى مثل منظمة الصحة العالمية يمكن أن يمنح أوروبا والمملكة المتحدة فرصة لتأكيد قيادتهما عالمياً بصورة أكبر.

وقال “الحقيقة الأكثر صدمة التي نواجهها هي أن المهندس الرئيسي للنظام العالمي، وهى أميركا بعد الحرب العالمية الثانية، تعمل على إضعاف هذا النظام العالمي، وهذا أمر لن يعتبر إيجابياً بالنسبة للمجتمع الأميركي أو بقية العالم، خاصة الدول الغربية”.

وكان سانشيز، وصف، في وقت سابق، إسرائيل بأنها “دولة إبادة جماعية”، وسبق أن استدعت إسرائيل السفيرة الإسبانية آنا سولومون لجلسات توبيخ متكررة في تشرين الثاني/ تشرين الثاني 2023، على خلفية انتقادات حادة وجّهها سانشيز إلى تل أبيب، واتهمها خلالها بعدم احترام القانون الدولي، وردّت إسبانيا حينها بخطوة مماثلة، إذ استدعت سفيرة إسرائيل في مدريد، روديانا غوردون.

(أسوشييتد برس)

احتجاجات إسرائيلية أمام منزل نتنياهو للمطالبة باتفاق في غزة

احتجاجات إسرائيلية أمام منزل نتنياهو للمطالبة باتفاق في غزة

انطلقت احتجاجات إسرائيلية، اليوم الأربعاء، في القدس المحتلة، للمطالبة بإبرام اتفاق يعيد المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، في ظل رفض رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو المقترح الذي وافقت عليه حركة حماس. وأشعل محتجون إطارات بالقرب من مقر إقامة نتنياهو في القدس المحتلة. وذكرت الشرطة الاسرائيلية أنّ عدداً من المركبات التي كانت مركونة في المكان تضررت نتيجة لذلك، وجرى إخلاء عدد من سكان المباني المجاورة، لكن لم يُبلغ عن وقوع إصابات.

وتجمّع عشرات المتظاهرين أمام منزل وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، فيما احتج آخرون عند مدخل القدس المحتلة. وسارت قافلة من المركبات تحمل أعلاماً صفراء باتجاه المدينة. كما تظاهر عشرات آخرون قرب “المكتبة الوطنية” في القدس المحتلة، حيث علّق المحتجون لافتات على سطح المبنى كُتب عليها “تخلّيتم وقتلتم أيضاً (المحتجزين)” إلى جانب صورة لرئيس الوزراء نتنياهو. وقال المتظاهرون: “تختار حكومة إسرائيل ورئيسها الاستمرار في حرب سياسية بلا أهداف أو مبررات عملية. إنهم يتخلّون عن المختطفين والجنود. إنهم يقتلونهم ويقتلوننا”.

تضررت مركبات في محيط مقر إقامة نتنياهو بالقدس المحتلة 3/9/2025 (الشرطة الإسرائيلية)

تضررت مركبات في محيط مقر إقامة نتنياهو بالقدس المحتلة، 3 أيلول 2025 (الشرطة الإسرائيلية)

وبدأت عائلات المحتجزين ومؤيدو الاتفاق، اليوم الأربعاء، ثلاثة أيام من الاحتجاجات في القدس المحتلة، بعد أن تركزت فعالياتهم الشهر الماضي بشكل رئيسي في منطقة تل أبيب الكبرى. وفضلاً عن التظاهرات بالقرب من منزل نتنياهو الرسمي في شارع غزة، ستشمل الاحتجاجات إقامة خيمة اعتصام في المنطقة. ومن المتوقع اختتام الاحتجاجات بتظاهرة كبيرة مساء السبت. وانطلقت الاحتجاجات بشكل عفوي صباح اليوم، كما يبدو، إذ كان مخططاً أن تبدأ في ساعات الظهيرة من محيط الكنيست الإسرائيلي، وأن تتجه من هناك نحو منطقة إقامة نتنياهو، حيث يدلي المنظمون بتصريحات ويفتتحون خيمة الاعتصام، يعقبها تظاهرة في ساعات المساء.

لاحقاً، أفادت الشرطة الإسرائيلية، في بيان، بأنها تلقّت بلاغاً، “حول إشعال عدد من حاويات القمامة والإطارات المشتعلة في أحياء رحافيا وجفعات رام في القدس. نتيجة لذلك، تضررت عدة مركبات كانت مركونة في المكان، كما تم إخلاء عدد من السكان من المباني القريبة”. أضاف البيان:” في هذه الساعة، يواصل أفراد الشرطة العمل في المواقع المختلفة مع جهات الطوارئ والإنقاذ، وقد تم إخماد حاويات القمامة والإطارات المشتعلة، وبذلك تم منع خطر وإصابة لمستخدمي الطريق وللسكان في المكان. التحقيق في فحص ملابسات الحادثة مستمراً. تؤكد الشرطة أنّ إشعال النار في الحيز العام مخالف للقانون، وهو عمل خطير، جنائي وغير مسؤول، من شأنه أن يؤدي إلى المس بحياة الإنسان أو بالممتلكات، ويعرّض مستخدمي الطريق للخطر”.

وتوعّدت الشرطة المحتجين، بأنّ “شرطة إسرائيل ستواصل الحفاظ لكل شخص على مآذارة حقه في حرية التعبير ضمن إطار تظاهرات قانونية. ومع ذلك، فإنّ الشرطة لن تسمح بالمسّ بالنظام العام، بما في ذلك إشعال الحاويات، أعمال التخريب، إغلاق المحاور (الشوارع) أو أي خرق آخر للقانون قد يُعرّض سلامة الجمهور للخطر أو يمس بسير الحياة الاعتيادي لمستخدمي الطريق والسكان”.

وصيّة غزّة الأخيرة

وصيّة غزّة الأخيرة

أنا غزّة، لا أحتاج إلى نشرات الأخبار كي يُنطق اسمي، فهو مكتوبٌ على الجدران المهدّمة، ومحفور على أجساد الأطفال، ومعلّقٌ في صرخات الأمهات بين الركام، ومسطّر بدماء الشهداء. منذ 23 شهراً وأنا أُساق إلى المذبحة، أُسحق تحت الحديد والنار، ثم أنهض من تحت الرماد لأكتب وصيّتي الأخيرة، لا لأنني استسلمت، بل لأنني على يقين أنني سأبقى حيّة في الكلمات، ما دام اسمي يجري على كل الألسن وبكل اللغات، وما دام دمي الذي لم يجفّ يقطُر في ذاكرة الأرض.

أنتم تعرفونني جيداً، فالكاميرات لا تكذب، وصراخي يصل إلى شاشاتكم حيث تحصون عدد شهدائي وتشاهدون بيوتي وهي تفجّر وتُهدم وتمحى، والدبابات تقتلع أزقتي، وشوارعي تختفي تحت غبار القصف، ومساجدي وكنائسي تُسوّى بالأرض، بينما الجرافات تبتلع حجارة الماضي والطائرات تحرق سمائي، والميناء الذي مرّت به حضارات العالم يُردَم كما لو أن التاريخ نفسه صار جريمة. يظنّون أنني فراغٌ يمكن محوُه من الخريطة، لكن الركام يتكلّم، والحجارة تحفظ اسمي، والذاكرة ستظل عصيّة على الهدم لا تذعن للجرافات.

كنتُ مدينةً تعج بالحياة، بروائح الخبز في الصباح وصخب المقاهي الصغيرة وهدير البحر الذي لا يهدأ، ثم تحوّلتُ إلى كومة من الركام وبقعة مشوهة كأنها أرض قمرية. لم أقتل بالقصف وحده، بل أقتل ببطء بالجوع أيضاً، إذ يواجه نصف مليون من أبنائي المجاعة، ويموت الأطفال لأن كيس الطحين صار أغلى من الحياة، فيما الماء ملوّثٌ والدواء ممنوع والمستشفيات تحوّلت إلى قبور جماعية. ومع ذلك، لم أعرف يوماً طريق الاستسلام، لأني لم أتعلم عبر التاريخ معنى الانكسار.

أنا غزّة، المرآة التي تُعرّي الجميع. الغرب في نفاقه، الأنظمة في عجزها، الشعوب في خوفها وترددها

إلى العالم الذي يراني ولا يراني: شاهدتُم بيوتي تُهدم، ومساجدي وكنائسي وهي تُمحى، ومستشفياتي تحرق، وأطفالي يتناثرون في السماء، وأشلاءهم تُجمع في أكياس الطحين الفارغة لتُدفن في ترابي، ثم اخترتُم الصمت، أو قرّرتم أن تمدّوا القاتل بالسلاح والمال. وصيّتي أن لا تدّعوا غدًا وتقولوا إنكم لم تعرفوا، فأنتم عرفتُم ورأيتم وسجّلتم ووقّعتم، ومع ذلك آثرتم التواطؤ. جريمتي ستبقى لطخةً على جباهكم، لا تغسلها دموعكم العاجزة أمام عدسات الكاميرات، ولا بياناتكم الباردة.

إلى الأنظمة العربية: أعرف صمتكم أكثر مما أعرف أصواتكم فصمتكم أفصح من كل كلماتكم، اخترتم الخوف بدل الغضب، والمصالح بدل الكرامة، بعضُكم باع وطبّع فوق جثتي وسمّاه سلاماً، وبعضكم خان الرسالة وأدار ظهره للتاريخ والجغرافيا، أو اكتفى ببيانات باهتة باردة لا تساوي الحبر الذي كُتبت به، وسيكتب التاريخ أن غزة قُصفت واحترقت ودُمِّرت وأنكم كنتم شهودًا صامتين متواطئين عاجزين.

إلى الشعوب الممتدّة من المحيط إلى الخليج، فقد صرخ بعضها، وبعضها تتردّد بين غضب مكتوم وصمت طويل، وأغلبها آثر الصمت. وصيّتي أن لا يكون غضبكم طقساً موسميّاً ولا صرخة عابرة، بل فعلًا له صدى يقتلع الخوف من أرضكم. أوصيكم أن تُخرجوا الخوف من صدوركم، وإن لم ترفعوا اسمي عالياً فسيسجّل التاريخ أنني متُّ مرّتين: مرّة بالقضف والصواريخ ومرّة بخدلانكم وصمتكم وخوفكم.

أنا غزّة، لست مجرد جغرافيا، بل ذاكرة تمتد آلاف السنين

إلى أبنائي تحت الركام: سامحوني، لأنني لم أستطع أن أصدّ عنكم حمم السماء، لكن اعلموا أنكم بأجسادكم كتبتُم معنى الحياة، وأنكم شهداء الذاكرة التي لا تُباد.

أما القتلة الذين يظنّون أنهم انتصروا، فلا يعرفون أنني أكبر من الموت، وأن المدن لا تُمحى؛ قد تحوّلون شوارعي إلى غبار، لكن الغبار نفسه سيحمل اسمي، وقد تقتلون أطفالي، لكن كل طفلٍ سيعود ألف مرّة في الذاكرة، وما تظنّونه انتصاراً ليس إلا كتابة لاسمي بأحرف أوضح في ذاكرة العالم وضميره.

أنا غزّة، المرآة التي تُعرّي الجميع. الغرب في نفاقه، الأنظمة في عجزها، الشعوب في خوفها وترددها، أما القتلة فموعدي معهم أمام محكمة التاريخ. أنا لم أعد مجرد مدينة أو موقع جغرافي، أنا مرآة لحقيقة أعمق: لأن الدم يكتب ما لا يكتبه الحبر، ولأن المدن التي قاومت همج التاريخ لا يمكن محوها وسوف تعود لتسكن الذاكرة. أنا غزة، لست مجرد جغرافيا، بل ذاكرة تمتد آلاف السنين، فمرفئي كان باباً للبابليين واليونان والرومان، ومساجدي وكنائسي شاهدة على حياةٍ لا يمكن أن تُمحى، لأن الدم يكتب ما لا يكتبه الحبر، وأن المدن التي تُمحى تعود لتسكن الذاكرة. أنا غزّة المدينة الشهيدة والشاهدة على التاريخ لن أختفي، فكلما هدموني كتبتُ نفسي من جديد، وكلما دفنوني نطقت الحجارة باسمي، وسأظلّ مدينة تُذبح وتُبعث من جديد، جرحاً مفتوحاً يفضح خيانة العالم، وجمرة متّقدة في ذاكرة الإنسانية.

وصيّتي الأخيرة أن لا تبكوا عليّ، كما لو أنني انتهيت، فالبكاء يريح القاتل، بل اكتبوا اسمي في كتبكم وأغانيكم ودفاتر أطفالكم

أنا غزّة أُشهدكم أن روايتي لن تنتهي هنا، فجبال الركام ستظلّ شاهدة على الجريمة تحكيها في كتب التاريخ، ففي كل حجر اسم، وفي كل شارع مدفون ذاكرة، وفي كل صرخة معنى يتجاوز حدود الموت. وعندما ينتهي هذا الزمن الأسود لن يُقرأ اسمي كمدينة أُبيدت، بل كروايةٍ متواصلة كتبها الدم والرماد، رواية كشفت عجز العالم وخيانته، وسردت قصة شعبٍ يكتب على أنقاضه سر صموده ومعنى بقائه.

أنا غزّة الشهيدة، لم أقم وأقل هذه الكلمات لأودّعكم، بل لأترك لكم وصية: لا تدفنوني في صمتكم، ولا تجعلوا دمي خبراً عابراً، ارفعوا اسمي عالياً لا كنعش، وإنما كرمز، فأنا لست ضحية، بل قصيدة مفتوحة ورواية لا تنتهي وجرح يفضح خيانة العالم.

وصيّتي الأخيرة أن لا تبكوا عليّ، كما لو أنني انتهيت، فالبكاء يريح القاتل، بل اكتبوا اسمي في كتبكم وأغانيكم ودفاتر أطفالكم وعلى جدران البيوت التي ستُبنى من جديد، لأنني لم أُولد لأُمحى، بل وُلدت لأقاوم النسيان، وسأظلّ أتكلم حتى آخر نفس في هذا الكون.