أسطول الصمود العالمي يبحر إلى غزة “لكسر الحصار” الإسرائيلي… والاحتلال يتوعد

أسطول الصمود العالمي يبحر إلى غزة “لكسر الحصار” الإسرائيلي… والاحتلال يتوعد

أبحر من مدينة برشلونة الإسبانية، اليوم الأحد، أسطول يحمل مساعدات إنسانية وناشطين من بينهم السويدية غريتا تونبرغ، في محاولة “لكسر الحصار غير القانوني” الذي تفرضه إسرائيل على غزة، بحسب منظميه، وذلك تحت شعار “بينما يبقى العالم صامتاً، نحن نُبحر”. يأتي ذلك فيما يعدّ الاحتلال خطة للاستيلاء على السفن واحتجاز الناشطات.

وغادرت حوالي 20 سفينة ترفع أعلاماً فلسطينية وتقل مئات الأشخاص الميناء الكاتالوني بعيد الساعة 15:30 (13:30 بتوقيت غرينتش). ويشارك في الأسطول ناشطون من 44 دولة في محاولة جديدة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع. وقال سيف أبو كشك، المتحدث باسم الأسطول، إنّ “المبادرة ستعمل بلا كلل حتى كسر الحصار عن القطاع، وإيقاف الإبادة الجماعية في غزة”.

وفي ما يتعلق بالتحديات والمخاطر التي قد تلحق بهم في طريقهم البحري إلى غزة، قال أبو كشك في مقابلة مع وكالة الأناضول: “نعلم أن إسرائيل قد تتخذ بعض الإجراءات العنيفة ضدنا في طريقنا نحو غزة”. وأكد أنه لا يمكن مقارنة أي خطر محتمل قد يواجهونه بالأخطار التي يواجهها الفلسطينيون يومياً في غزة. وأضاف: “رسالتنا الأولى ستكون لأهل غزة: وصلنا متأخرين، لكننا لن نستسلم أبداً. سنعمل بلا كلل حتى نكسر الحصار ونوقف الإبادة الجماعية”. وأما عن رسالتهم إلى العالم بحسب أبو كشك، فهي أن “على الجميع أن يسألوا أنفسهم: ماذا فعلتم لمنع الإبادة الجماعية؟ لا يسعنا إلا تنظيم أنفسنا وحشد الجهود، فهذا واجبنا الأخلاقي”.

واحتشد آلاف الأشخاص لتوديع السفن في برشلونة للتعبير عن دعمهم أكبر أسطول بحري غير حكومي بهدف إيقاف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة.

خطة إسرائيلية للاستيلاء على السفن واحتجاز الناشطات

لكن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يخطط لتقديم خطة إلى بنيامين نتنياهو لاحتجاز الناشطات في ظروف قاسية “على مستوى الإرهاب” في مركزي احتجاز “كتسيعوت” و”دامون” للنساء، بحسب صحيفة “إسرائيل اليوم”، إحدى أكبر الصحف الإسرائيلية. وتتضمن الخطة أيضاً الاستيلاء على عشرات السفن واستخدامها لإنشاء “قوة بحرية لعمليات الشرطة”. ونقلت صحيفة “يسرائيل هيوم” عن مقربين من بن غفير قولهم: “بعد أسابيع من وجودهم في كتسيؤوت ودامون، سيندمون على الوقت الذي وصلوا فيه إلى هنا. يجب أن نقضي على رغبتهم في محاولة أخرى”.

ويتكون الأسطول من اتحاد أسطول الحرية وحركة غزة العالمية وقافلة الصمود ومنظمة “صمود نوسانتارا” الماليزية، ويضم آلاف الناشطين. وقال الناشط البرازيلي تياغو أفيلا لصحافيين في برشلونة الأسبوع الماضي: “ستكون هذه أكبر مهمة تضامنية في التاريخ”، إذ “سيشارك فيها عدد أكبر من الأشخاص والسفن يفوق كل محاولات الوصول إلى غزة”.

ويفترض أن تشارك في الأسطول عشرات السفن الإضافية التي ستنطلق من تونس ودول أخرى مطلة على البحر الأبيض المتوسط في الرابع من أيلول/أيلول، إضافة إلى تظاهرات و”نشاطات متزامنة” في 44 دولة، وفق ما أفادت به على إنستغرام الناشطة السويدية غريتا تونبرغ، وهي عضو اللجنة التوجيهية في “أسطول الصمود العالمي”، وانضمت غريتا إلى الأسطول وقالت للمحتشدين قبل انطلاق الأسطول: “إنها مهمة تهدف إلى الوقوف في وجه النظام الدولي الذي يتسم بالعنف البالغ ويتعامل مع الأوضاع كأنها طبيعية ولا يطبق القانون الدولي”.

وقالت تونبرغ في مقابلة مع وكالة فرانس برس إنّ السفن في هذا الأسطول الجديد ستسعى “للوصول إلى غزة وتسليم المساعدات الإنسانية وإعلان فتح ممر إنساني، ثم جلب مزيد من المساعدات، وبالتالي كسر الحصار الإسرائيلي غير القانوني وغير الإنساني على غزة نهائياً”. وأضافت: “لم يكن ينبغي أن توجد مهمة مماثلة”، موضحة أنه “يجب أن يقع على عاتق حكوماتنا ومسؤولينا المنتخبين العمل والسعي للدفاع عن القانون الدولي، ومنع جرائم الحرب، ومنع الإبادة الجماعية”، لكنهم “يفشلون في ذلك، وبذلك يخونون الفلسطينيين، بل البشرية جمعاء”. وتابعت: “للأسف، الأمر متروك لنا، نحن المواطنين العاديين، لتنظيم” هذا الأسطول. وفي الوقت الذي تعد فيه هذه المحاولة الـ38 لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007، قالت تونبرغ إن هذه القافلة تختلف عن سابقاتها لأن “لدينا الآن مزيداً من السفن، وعددنا أكبر، وهذه التعبئة تاريخية”.

وكانت السفينة “حنظلة” قد وصلت إلى حدود 70 ميلاً من غزة حينما اختطفها الجيش الإسرائيلي، حيث تجاوزت المسافات التي قطعتها سفن سابقة مثل “مرمرة الزرقاء” التي كانت على بعد 72 ميلاً قبل اعتراضها من إسرائيل عام 2010، وسفينة “مادلين” التي وصلت إلى مسافة 110 أميال، وسفينة “الضمير” التي كانت على بُعد 1050 ميلاً، وفق اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة.

ويتزامن انطلاق الأسطول بينما أعلنت المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، “حالة المجاعة في مدينة غزة”، وتوقعت امتدادها إلى محافظتي دير البلح وخانيونس بنهاية أيلول/أيلول المقبل، ويتزامن أيضاً مع أوضاع إنسانية تتفاقم بسبب القصف والحصار الإسرائيليين، وسط خشية من عدوان إسرائيلي وشيك على مدينة غزة في إطار تنفيذ خطة احتلال المدينة.

(فرانس برس، العربي الجديد)

 

استمرار الاتصالات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة

استمرار الاتصالات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة

قال مصدر مصري مطلع على جهود الوساطة التي تشارك بها القاهرة بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، اليوم الأحد، إن المسؤولين في جهاز المخابرات العامة على تواصل دائم مع الجانب الإسرائيلي، مؤكداً على أن القاهرة لا تزال تعول على عدم صدور رد رسمي من حكومة الاحتلال، معتبرة أن ذلك ربما يحمل مخرجاً طالما أنه لم يتم الرد بالرفض.

وأضاف المصدر،  الذي طلب عدم ذكر نفسه، إن المشاورات المصرية الأميركية، التي جرت خلال الساعات الماضية، بشأن الوضع في قطاع غزة وسبل إنهاء الحرب تطرقت إلى مصير حركة حماس وإقناع نتنياهو بضرورة الوصول إلى محطة النهاية سريعاً، لافتاً إلى أن هناك مطالب أميركية من الوسيطين المصري والقطري بشأن ضغوط على حماس للوصول إلى صيغة تخص مستقبلها وتحديد مصير جناحها العسكري؛ وذلك ضمن مشاورات تستهدف فتح مسارات لإقناع رئيس حكومة الاحتلال بالسير نحوها.

من جانبه، قال قيادي في وفد التفاوض في حركة حماس إن الحركة لا تزال تتواصل مع الوسطاء في مصر وقطر في انتظار الرد الإسرائيلي على المقترح الأخير الذي وافقت عليه الحركة من دون شروط. وشدد القيادي على أن هناك تنسيقاً كاملاً مع الوسطاء في القاهرة والدوحة بشأن جهود إنهاء الحرب والتوصل إلى هدنة قائلاً إن “المقاومة في الوقت الراهن تعمل على محورين، أحدهما يتعلق باستمرار الصمود الميداني والثاني يستهدف التوصل إلى اتفاق، سواء جاء دائماً أو هدنة من أجل تخفيف الضغط عن الناس في القطاع”.

وعلق القيادي في الحركة على أنباء استهداف الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة بأن “المعني بالحديث عن هذه الملفات هو قيادة القسام”، متابعاً: “حتى وإن كان الخبر صحيحاً، فإن المقاومة لا تتوقف على أحد”، مضيفاً: “خلال عامين، استشهد كبار القادة في المستويين السياسي والعسكري وعلى رأسهم يحيى السنوار وإسماعيل هنية ومحمد الضيف، واستمرت المقاومة وزادت شراستها”.

وأكد المصدر أن عمل الجناح العسكري في القطاع في الوقت الراهن أخذ شكلاً غير مركزي، ما جعله أكثر مرونة وزاد من صعوبة كسره”، ثم أضاف: “في كل مرة يخرج الجيش الإسرائيلي ويؤكد أنه قضى على المقاومة في منطقة، ولا يمر أكثر من ساعات أو أيام قليلة حتى يتلقى ضربة قوية في المناطق التي يتحدث عنها”.

خطة ترامب لليوم التالي للحرب في غزة: سيطرة أميركية وإغراءات مالية للتهجير

خطة ترامب لليوم التالي للحرب في غزة: سيطرة أميركية وإغراءات مالية للتهجير

تدور في أروقة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حالياً خطة لإعادة بناء قطاع غزة بعد انتهاء الحرب وفق الاقتراح الذي كان تقدم به ترامب لبناء ما سماها “ريفييرا الشرق الأوسط” على أنقاض القطاع المدمر. وبحسب صحيفة واشنطن بوست الأميركية، تقوم الخطة على وضع القطاع تحت السيطرة الأميركية مدة عشر سنوات على الأقل أثناء عمليات البناء، وتحويله في نهاية المطاف إلى منتجع سياحي ومركز صناعي وتكنولوجي عالي التقنية.

وتقوم الخطة، المكونة من 38 صفحة، والتي تقول واشنطن بوست إنها اطلعت عليها، على نقل “مؤقت” لجميع سكان غزة، أكثر من مليوني نسمة، إما من خلال ما يُسمى “مغادرات طوعية” إلى بلد آخر أو إلى مناطق محظورة وآمنة داخل القطاع خلال فترة إعادة الإعمار. وسيُمنح أصحاب الأراضي من الغزيين خيارين: إما استبدالها بشقة في المباني الجديدة، حيث ستُبنى من ست إلى ثماني مدن ذكية جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، أو بيعها والانتقال إلى مكان آخر. كما ستُقدّم وفق الخطة دفعة نقدية قيمتها 5 آلاف دولار أميركي، بالإضافة إلى إعانات لتغطية إيجار أربع سنوات في مكان آخر وكلفة الطعام لمدة عام، لكل فلسطيني يختار المغادرة. وبحسب الصحيفة، فإن كل فلسطيني يختار المغادرة سيوفر 23 ألف دولار مقارنةً بتكلفة السكن المؤقت، وما يُسمى بـ”خدمات دعم الحياة”، في المناطق الآمنة لمن يختارون البقاء.

وبحسب واشنطن بوست، اقتُرح أيضاً إنشاء صندوق خاص أُطلق عليه اسم “صندوق إعادة بناء غزة والتسريع الاقتصادي والتحول” أو “GREAT Trust” (الثقة العظمى). وكشفت الصحيفة أن أصحاب هذا الاقتراح هم الإسرائيليين الذين أنشأوا وأطلقوا “مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل. وتعود الصحيفة إلى اجتماع الأربعاء الماضي الذي عقده ترامب في البيت الأبيض لمناقشة الأفكار حول كيفية إنهاء الحرب وما يليها، وكان من بين المشاركين وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو والمبعوث الرئاسي الخاص ستيف ويتكوف ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي استطلعت الإدارة آراءه بشأن مستقبل غزة؛ وصهر ترامب جاريد كوشنر الذي أشرف على معظم مبادرات الرئيس خلال ولايته الأولى بشأن الشرق الأوسط، وله مصالح خاصة واسعة في المنطقة. لم يُعلن عن أي تفاصيل عن الاجتماع أو قرارات سياسية، على الرغم من أن ويتكوف صرّح في الليلة التي سبقت الاجتماع بأن الإدارة لديها “خطة شاملة للغاية”.

وليس من الواضح ما إذا كان مقترح “الثقة العظمى” هو ما يدور في ذهن ترامب، لكن عناصر رئيسية منه، وفقاً لشخصين مطلعين على الخطط، صُممت بحسب واشنطن بوست خصيصاً لتحقيق رؤية الرئيس لـ”ريفييرا الشرق الأوسط”. ولعل أكثر ما يجذب الانتباه هو أنه لا يتطلب أي تمويل من الحكومة الأميركية ويُقدم في الوقت نفسه ربحاً كبيراً للمستثمرين، إذ إن الصندوق “لا يعتمد على التبرعات”، وفقاً للخطة، بل سيُموَّل من خلال استثمارات القطاعين العام والخاص في ما يُطلق عليه اسم “مشاريع ضخمة” تتوزع بين مصانع سيارات كهربائية ومراكز بيانات ومنتجعات شاطئية، بالإضافة لبنايات سكنية شاهقة.

وتتوقع الحسابات المدرجة في الخطة تحقيق عائد يقارب أربعة أضعاف قيمة الاستثمار المقدرة بـ100 مليار دولار بعد عشر سنوات، بالإضافة لاستمرار تدفق الإيرادات “ذاتية التوليد”. وقال شخص مطلع على مداولات الإدارة الداخلية للصحيفة الأميركية: “أعتقد أن ترامب سيتخذ قراراً جريئاً” عند انتهاء القتال، مضيفاً: “هناك العديد من الخيارات المختلفة التي يمكن للحكومة الأميركية اتباعها اعتماداً على ما سيحدث”.

خطط متعددة بشأن غزة

وتلفت الصحيفة إلى كثرة المقترحات التي تتناول اليوم التالي لانتهاء الحرب في غزة، والتي بدأت  تقريباً منذ اليوم الأول للحرب الإسرائيلية المستمرة منذ نحو عامين على قطاع غزة. ففي بداية الحرب، طُرحت مقترحات في إسرائيل لإنشاء مناطق خالية من حماس تحت الحماية العسكرية الإسرائيلية في غزة. وفي كانون الثاني/كانون الثاني 2023، قبل أقل من أسبوع على تولي ترامب منصبه، قدّم وزير الخارجية آنذاك، أنتوني بلينكن، خطة إدارة جو بايدن لما بعد الحرب، ودعت الخطة إلى “إدارة مؤقتة” لغزة تشرف عليها الأمم المتحدة، مع توفير الأمن من قِبل فلسطينيين مُعتمدين و”دول شريكة” غير مُحددة، على أن تُسلّم السلطة في نهاية المطاف للسلطة الفلسطينية بعد إصلاحها.

كما وضعت السلطة الفلسطينية ومصر والإمارات خططاً. وفي قمة عُقدت في آذار/آذار الماضي، أيّد القادة العرب الاقتراح المصري الذي يُحدد تشكيل حكومة من تكنوقراط غزة ومسؤولين من السلطة الفلسطينية بتمويل من دول الخليج العربي. وبالإضافة إلى إمكانية نشر قوات حفظ سلام عربية على الأرض. ولكن إسرائيل والولايات المتحدة رفضتا الاقتراح العربي.

من جهته، لم يقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رؤية واضحة لمستقبل غزة تتجاوز ما اعتاد ترديده عن ضرورة نزع سلاح حماس وإعادة جميع المحتجزين، وقوله إنه على إسرائيل الاحتفاظ بالسيطرة الأمنية على القطاع، ورفضه أي حكم مستقبلي للسلطة الفلسطينية في غزة وكذلك احتمال قيام دولة فلسطينية. فيما دعا أعضاء اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو الائتلافية إلى احتلال إسرائيلي دائم. 

البحث عن دول ثالثة للتهجير

لطالما كان تهجير الفلسطينيين من غزة، سواء بـ”الإقناع أو بالتعويض” أو بالقوة، موضوع نقاش في السياسة الإسرائيلية منذ انتزاع غزة من السيطرة المصرية واحتلالها من قبل إسرائيل في حرب عام 1967. وقال نتنياهو إن إسرائيل “تتحدث مع عدة دول” بشأن استقبال سكان غزة المُعاد توطينهم. وذُكرت ليبيا وإثيوبيا وجنوب السودان وإندونيسيا وأرض الصومال خياراتٍ محتملةً، لكن جميع هذه الدول تقع في أفريقيا وتعاني من صراعاتها الداخلية وحرمان المدنيين، باستثناء إندونيسيا (التي أعلنت سابقاً أنها ستسمح مؤقتاً بدخول بضعة آلاف من الفلسطينيين الباحثين عن عمل أو علاج طبي).

وبالرغم من أن ترامب خلال حملته الانتخابية تعهد بإنهاء حرب غزة بسرعة، إلا أنه وبعد دخوله البيت الأبيض، أصبح حديثه في الغالب عن كيفية توظيف مهاراته في تطوير العقارات بعد رحيل سكان غزة. وقال ترامب للصحافيين أثناء توقيعه مجموعة من الأوامر التنفيذية في المكتب البيضاوي بعد يومين من تنصيبه: “نظرتُ إلى صورة غزة، إنها أشبه بموقع هدم هائل. تجب إعادة بنائها بطريقة مختلفة”. وأضاف أن غزة تملك “موقعاً رائعاً على البحر، وتتمتع بأفضل طقس. يمكن صنع بعض الأشياء الجميلة فيها”. وبعد أسبوعين، في مؤتمر صحافي عُقد في البيت الأبيض مع نتنياهو، قال ترامب إن “الولايات المتحدة ستتولى قطاع غزة”، ووصف الوضع بأنه “وضع ملكية طويلة الأمد”، مضيفاً أن كل من تحدث إليه بشأنه “معجب بالفكرة”. وقال ترامب: “درستُ هذا الأمر من كثب على مدار أشهر عديدة، ورأيته من كل زاوية مختلفة. إن ريفييرا الشرق الأوسط ستكون شيئاً رائعاً للغاية”.

في أعقاب الغضب العربي والاتهامات واسعة النطاق بأن أي ترحيل قسري يُعد انتهاكاً للقانون الدولي، أكد كل من ترامب ونتنياهو مؤخراً أن أي ترحيل لسكان غزة بعد الحرب سيكون طوعياً ومؤقتاً، إذا اختار الفلسطينيون ذلك. وتقدر الأمم المتحدة أن 90% من المساكن في القطاع قد دُمرت. ويبقى السؤال حول ما يجب فعله حيال سكان غزة ريثما تصبح صالحة للسكن ومن سيحكمها في المستقبل سؤالاً محورياً، بغض النظر عن الخطة المُعتمدة. وقال يوسف منير، الزميل البارز في المركز العربي بواشنطن، للصحيفة: “إن حجم الدمار هائل، ولا يشبه أي شيء رأيناه من قبل”، وأضاف: “حجم مشروع إعادة الإعمار بالغ الأهمية ومطلوب بسرعة. لكن المسألة السياسية لا تزال غامضة أكثر من أي وقت مضى”.

إعادة تطوير “ريفييرا” جديدة

قدّم تعهد ترامب في شباط/شباط الماضي بامتلاك غزة وإعادة تطويرها ضوءاً أخضر وخريطة طريق لمجموعة من رجال الأعمال الإسرائيليين، بقيادة رائدي الأعمال مايكل آيزنبرغ (أميركي إسرائيلي) وليران تانكمان (ضابط سابق في المخابرات العسكرية الإسرائيلية). وبحثوا في قضية ما بعد الحرب في غزة مع خبراء ماليين وإنسانيين دوليين، ومستثمرين حكوميين وخاصين محتملين، بالإضافة إلى بعض الفلسطينيين، وفقاً لأشخاص مطلعين على التخطيط.

وبحلول الربيع، كان فريق من مجموعة بوسطن الاستشارية، ومقره واشنطن، يعمل على التخطيط التفصيلي والنمذجة المالية، وقارنها المطلعون على المبادرة في كل من واشنطن وإسرائيل بالوصاية الأميركية على جزر المحيط الهادئ بعد الحرب العالمية الثانية، والأدوار الإدارية والاقتصادية التي لعبها الأميركيان: الجنرال دوغلاس ماك آرثر في اليابان، ووزير الخارجية جورج سي. مارشال في ألمانيا، بعد الحرب.

وفي حين أن الولايات المتحدة كانت تدير أقاليم المحيط الهادئ المشمولة بالوصاية، فقد وافقت الأمم المتحدة على هذه الترتيبات، ومن غير المرجح أن يوافق أعضاؤها على شيء مماثل في غزة. لكن أصحاب الخطة يؤكدون أنه بموجب مبدأ القانون الدولي العرفي والقيود المفروضة على الحكم الذاتي الفلسطيني بموجب اتفاقيات أوسلو لعام 1993، تتمتع إسرائيل بالسيطرة الإدارية على الأراضي المحتلة وحق التنازل عنها.

وكما هو موضح في الخطة، ستنقل إسرائيل “السلطات والمسؤوليات الإدارية في غزة إلى الصندوق الإئتماني الكبير” بموجب اتفاقية ثنائية بين الولايات المتحدة وإسرائيل “ستتطور” إلى وصاية رسمية. ويتوقع المخطط استثمارات محتملة من “دول عربية ودول أخرى” من شأنها أن تحول هذا الترتيب إلى “مؤسسة متعددة الأطراف”. ورفض مسؤولو إدارة ترامب إصرار الحكومات العربية، وخاصة في الخليج العربي، على أنها لن تدعم سوى خطة ما بعد الحرب التي تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية، ووصفوه بأنه مجرد خطاب عام.

وستحتفظ إسرائيل بموجب الخطة بـ”الحقوق الشاملة لتلبية احتياجاتها الأمنية” خلال السنة الأولى من الخطة، بينما سيتولى مواطنو دول ثالثة، غير محددة، ومتعاقدون عسكريون غربيون خاصون توفير جميع مهام الأمن الداخلي تقريباً. وسيتقلص دورهم تدريجياً على مدى عقد من الزمن مع تولي “الشرطة المحلية” المدربة المسؤولية. أي أنه سيُدار قطاع غزة من قبل هيئة خارجية لفترة متعددة السنوات، يُقدر أنها ستستغرق عشر سنوات، حتى “يصبح هناك نظام سياسي فلسطيني مناسب ومنزوع التطرف ومستعد لتولي زمام الأمور”.

ولا تُشير الخطة، بطبيعة الحال، إلى قيام دولة فلسطينية في نهاية المطاف، وتكتفي بالقول إن الكيان الفلسطيني الحاكم، غير محدد، “سينضم إلى اتفاقيات أبراهام”. كما تتحدث الخطة عن موقع غزة “على مفترق طرق” لما سيصبح منطقة “موالية لأميركا”، ما يتيح للولايات المتحدة الوصول إلى موارد الطاقة والمعادن الأساسية، وأن غزة ستشكل مركزاً لوجستياً للممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، الذي أُعلن عنه لأول مرة خلال إدارة بايدن، لكنه توقف بسبب حرب إسرائيل على غزة.

وستُموَّل التكاليف الأولية باستخدام 30% من أراضي غزة، التي قال المخططون إنها مملوكة بالفعل “للقطاع العام”، ضماناً، وستؤول ملكيتها فوراً إلى الصندوق الإئتماني. وأشارت إحدى وثائق تخطيط الصندوق، التي اطلعت عليها واشنطن بوست، إلى أن هذا الإجراء “هو الأكبر والأسهل. لا حاجة لسؤال أحد”. ليجيب آيزنبرغ في ملاحظة: “أخشى كتابة ذلك، لأنه قد يبدو وكأنه استيلاء على الأرض”.

وتشمل “المشاريع الضخمة” الممولة من المستثمرين تعبيد طريق دائري وخط ترام حول محيط غزة، يُطلق عليه المخططون بإطراء اسم “طريق محمد بن سلمان السريع”، نسبةً إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي ستُسهم موافقته على مثل هذه المبادرة في قبولها إقليمياً بشكل كبير. كما سُمي طريق سريع حديث يربط الشمال بالجنوب عبر مركز غزة باسم رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان. وسيُبنى ميناء ومطار جديدان في أقصى الجنوب، مع ربط بري مباشر بمصر والمملكة العربية السعودية وإسرائيل.

وأعلنت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة التزامهما علناً بالمقترح المصري بشأن غزة وإقامة الدولة الفلسطينية في نهاية المطاف، من دون أي إشارة إلى موافقتهما على أي بند من بنود خطة الصندوق الإئتماني. كما ستُنشأ محطة لتحلية المياه ومجموعة من الألواح الشمسية في شبه جزيرة سيناء المصرية لتزويد غزة بالمياه والكهرباء. وستكون الحدود الشرقية لغزة مع إسرائيل منطقة صناعية “ذكية”، تضم شركات سيارات كهربائية أميركية ومراكز بيانات إقليمية لخدمة إسرائيل ودول الخليج العربي. كما ستُخصص الواجهة البحرية الغربية لغزة لـ”ريفييرا غزة ترامب”، التي ستضم “منتجعات عالمية المستوى” مع إمكانية بناء جزر اصطناعية شبيهة بتلك التي على شكل نخيل والمبنية قبالة سواحل مدينة دبي الإماراتية.

وفي قلب القطاع بين المنتجعات المطلة على الواجهة البحرية والمنطقة الصناعية التي تتوقع الخطة أن توفر مليون فرصة عمل، ستبنى مبانٍ سكنية تصل إلى 20 طابقاً في ست إلى ثماني مدن ذكية ديناميكية وحديثة ومدعومة بالذكاء الاصطناعي. وستشمل المناطق متعددة الاستخدامات “مساكن، ومراكز تجارية، وصناعات خفيفة، ومرافق أخرى، بما في ذلك عيادات ومستشفيات ومدارس وغيرها”، تتخللها “مساحات خضراء، بما في ذلك أراضٍ زراعية وحدائق وملاعب جولف”.

وسيُعرض على العائلات الغزية المالكة للأراضي التي تبقى أن تغادر ثم تعود بعد اكتمال المناطق السكنية لتبادل أراضيها بملكية شقق جديدة بمساحة 1800 قدم مربعة، تبلغ قيمة كل منها 75 ألف دولار أميركي. وصرح عادل حق، الأستاذ والخبير في قانون النزاعات المسلحة بجامعة روتجرز، لواشنطن بوست، بأن أي خطة “تُمنع فيها عودة الفلسطينيين إلى ديارهم، أو يحرمون من الطعام والرعاية الطبية والمأوى بشكل كافٍ، ستكون غير قانونية بغض النظر عن أي حافز نقدي يُقدم للمغادرين”.

الحرس الثوري الإيراني يتوقع من الحوثيين رداً قوياً ومؤلماً على إسرائيل

الحرس الثوري الإيراني يتوقع من الحوثيين رداً قوياً ومؤلماً على إسرائيل

أدان الحرس الثوري الإيراني، اليوم الأحد، في بيان، “جريمة اغتيال رئيس وزراء حكومة التغيير والبناء في صنعاء (التابعة للحوثيين) وعدد من وزرائها”، واصفاً إياها بـ”جريمة حرب بارزة ضد الإنسانية، ونموذج واضح على الإرهاب الحكومي، وطبيعة هذا النظام الشيطاني المتوحشة والمعادية للإنسانية”.

وأضاف الحرس الثوري الإيراني أن “هذه الجرائم لن تُضعف الإرادة الجهادية والعزم الثوري للشعب اليمني في مسار المقاومة والصمود في مواجهة المحتلين والمستكبرين”، مؤكداً أنّ “المقاومة في المنطقة، ولا سيما الشعب اليمني المقاوم، وبالاعتماد على الإيمان والإرادة، والاستفادة من دعم الشعوب الحرة في جميع أنحاء العالم، ستوجه رداً قوياً ومؤلماً يندم عليه المجرمون الصهاينة”، على حد قوله.

وشدد الحرس الثوري الإيراني على أنّ إيران “ستظل تدعم الشعوب المظلومة في المنطقة، خاصة الشعبين صانعي التاريخ في فلسطين واليمن، ولن تدخر جهداً في مواجهة الكيان المحتل وداعميه”، مضيفاً أنّ “المقاومة مستمرة، وفي النهاية سيكون النصر حليف الحق والشعوب المطالبة بالعدالة والمناهضة للظلم”.

وكان الحوثيون في اليمن، أعلنوا أمس السبت، رسمياً، مقتل أحمد غالب الرهوي، رئيس حكومة التغيير والبناء (غير المعترف بها)، مع عدد من الوزراء، وإصابة آخرين، في العدوان الإسرائيلي على صنعاء الخميس الماضي. وكان الطيران الإسرائيلي قد شنّ، الخميس، سلسلة غارات عنيفة على عدد من المواقع في العاصمة اليمنية صنعاء، بينها أحد المنازل في منطقة حدة جنوبي صنعاء، بالتزامن مع الخطاب الأسبوعي لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي. وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنّ الهجوم في العاصمة اليمنية صنعاء “استثنائي وذو أهمية”، وأنّ الجيش حاول استهداف قيادات كبيرة في جماعة الحوثي في اليمن.

مظاهرة مؤيدة لفلسطين تقاطع أوركسترا ملبورن السيمفونية في لندن

مظاهرة مؤيدة لفلسطين تقاطع أوركسترا ملبورن السيمفونية في لندن

قاطع ناشطون مؤيّدون لفلسطين عرضاً موسيقيّاً لأوركسترا ملبورن السيمفونية (Melbourne Symphony Orchestra) ضمن مهرجان “بي بي سي برومز” (BBC Proms) في قاعة “رويال ألبرت هول” (Royal Albert Hall) في لندن، متّهمين إدارة الأوركسترا بمحاولة إسكات الفنانين الذين وجّهوا انتقادات إلى إسرائيل بسبب مآذاراتها في غزة.

وتولّت مجموعة “فنانون يهود من أجل فلسطين” (Jewish Artists for Palestine) قيادة الاحتجاج مساء الجمعة، حيث استمرّت المقاطعة أكثر من عشر دقائق، وراح بعض المشاركين يصرخون من الشرفات العليا بشعارات يتهمون فيها إدارة الأوركسترا بـ “إسكات الفنانين” و”إسكات الاحتجاج”. وأظهرت مقاطع مصوّرة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أعضاء المجموعة وهم يرفعون لافتة كتب عليها “فنانون يهود من أجل فلسطين”، وأخرى حملت عبارة “متواطئون في الإبادة الجماعية”.

أحد المحتجين صاح قائلًا: “لدى أوركسترا ملبورن دماء على يديها. لقد أسكتم جايسون غيلهام”. وفي بيان صادر عن “فنانون يهود من أجل فلسطين”، ورد: “نرفض التمويل الصهيوني، والرقابة، والتواطؤ داخل مؤسساتنا الثقافية”.

من جانبها، اعتبرت الأوركسترا أنّ الحفل في لندن شكّل “ذروة الجولة الأوروبية الناجحة للأوركسترا”، مؤكّدة أن العازفين قدّموا “أداءً عالميّ المستوى في واحدة من أعظم قاعات الموسيقى في العالم”. وأضاف متحدّث باسم الأوركسترا: “نحن فخورون بأوركسترا ملبورن السيمفونية لما أظهرته من صمود واحترافية خلال العرض في لندن”.

تأتي هذه الاحتجاجات في وقت يلاحق فيه عازف البيانو الشهير جايسون غيلهام (Jayson Gillham) الأوركسترا قضائيّاً، بعد إلغاء حفل كان مقرّراً له في ملبورن بتاريخ 15 آب/آب 2024. ويؤكّد غيلهام أنّ إلغاء الحفل كان محاولة لإسكاته بسبب موقفه المؤيّد لغزة.

وفي بيان عقب احتجاج الجمعة، أبدى غيلهام تعاطفه مع أصدقائه قائلاً “أصدقائي وزملائي في الأوركسترا الذين اضطروا إلى تحمّل تبعات ذلك رغم عدم صلتهم بقرار إلغاء حفلي، إلا أنّ الاحتجاج يسلّط الضوء على التدهور الكبير في سمعة أوركسترا ملبورن عالميّاً، بسبب قرارات إدارتها التي ألغت مشاركتي قبل أكثر من عام”. وأضاف: “إسكات من يحاول تسليط الضوء على الظلم وتكريم الفلسطينيين الشجعان الذين يقاومون الإبادة، أمر مرفوض لدى الفنانين في كل مكان. لا يريد الفنانون أن يُجبروا على الصمت بشأن فلسطين من أجل ضمان عملهم أو استمرار مسيرتهم الفنية. بإمكان الأوركسترا معالجة هذا الأمر عبر التأكيد أنّ الفنانين لطالما تحدّثوا عن قضايا الضمير، ولهم الحق في القيام بذلك على خشبة المسرح”.

وجاء إلغاء مشاركة غيلهام عقب حفل عزف فيه مقطوعة قصيرة بعنوان “شاهد” (Witness) للمؤلف الأسترالي كونور دي نيتو (Connor D’Netto)، مكرّسة لذكرى الصحافيين الذين قُتلوا في حرب غزة. وخلال تقديمه المقطوعة للجمهور، قال غيلهام إنّ أكثر من 100 صحافي فلسطيني قُتلوا، معتبراً استهداف الصحافيين في النزاعات “جريمة حرب بموجب القانون الدولي”.

لكن إدارة الأوركسترا أرسلت لاحقاً بريداً إلكترونيّاً للجمهور تعلن فيه إلغاء مشاركة غيلهام في 15 آب/آب، مبرّرة القرار بأن تصريحاته “لم تحصل على موافقة الإدارة” وسبّبت “إزعاج” بعض الحاضرين. وأشارت في بيان لاحق إلى أنّ الخطوة “لم تكن مرتبطة بحرية التعبير” ولا تتعلّق “بآراء سياسية”، لكنها اعترفت بأن قرار الإلغاء “كان خطأ”، مؤكّدة أنها تحاول التواصل مع غيلهام لإعادة جدولة الحفل.

وقدّمت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” اعتذاراً عن توقف البث المباشر للحفل على إذاعة “بي بي سي راديو 3″، بعدما تم تحويله إلى موسيقى مسجّلة مسبقاً. وأشارت متحدثة باسم “بي بي سي” أن الأولوية دائماً “هي سلامة الحاضرين والمشاركين”، شاكرةً الطاقم الفني والعازفين على “استجابتهم التي ساعدت في تقليل الاضطراب”. ونقلت “بي بي سي” عن إحدى الحاضرات، أنجيلا تانر، أنّ إخراج المحتجّين استغرق “وقتاً طويلاً”، وأن البرنامج اضطر إلى إعادة الترتيب بعدما أُدخل البيانو إلى المسرح ثم أُزيل مرة أخرى. وفي أيار/أيار الماضي، أمرت المحكمة الفيدرالية في أستراليا بمواصلة النظر في دعوى غيلهام، على أن تبدأ المحاكمة في الأول من كانون الأول/كانون الأول المقبل.