جنود الاحتلال يستصعبون العودة للقتال مع انطلاق تجنيد عشرات الآلاف من الاحتياط

جنود الاحتلال يستصعبون العودة للقتال مع انطلاق تجنيد عشرات الآلاف من الاحتياط

انطلقت صباح اليوم الثلاثاء، جولة جديدة من تجنيد عشرات آلاف جنود الاحتياط عشية استعداد جيش الاحتلال الإسرائيلي، لاحتلال مدينة غزة ضمن عملية “عربات جدعون 2“، التي تشكّل فصلاً جديداً من فصول الإبادة، ووسط مخاوف إسرائيلية من عدم امتثال جزء كبير من الجنود لأسباب مختلفة. ويدخل جزء من حوالي 60 ألف أمر استدعاء للخدمة العسكرية أرسلها الجيش الشهر الماضي حيّز التنفيذ اليوم، ومن المتوقع أن يبدأ نحو 40 ألف جندي احتياط بالتوافد إلى قواعد التدريب.

وحاول جيش الاحتلال في الأيام الأخيرة، استطلاع عدد الجنود الذين سيستجيبون للاستدعاء في الكتائب التي تم تفعيلها، خاصة بعد أن بلغت نسبة الامتثال للخدمة في الجولات السابقة ما بين 60% إلى 70% فقط، مما أدى إلى تقليص المهام العملياتية في مختلف الجبهات، بحسب ما نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الثلاثاء. وبحسب تقديرات أولية من ضباط احتياط في الجيش، فإن نسبة الاستجابة لن تختلف كثيراً عن الجولات السابقة، ما يثير تساؤلات حول قدرة الجيش على تنفيذ خططه العملياتية بكامل القوة المطلوبة.

من جهتها، لفتت صحيفة هآرتس، إلى أن معظم جنود الاحتياط خدموا مئات الأيام منذ بداية العدوان، في 7 تشرين الأول/ تشرين الأول 2023، والآن يُطلب منهم الالتزام بثلاثة أشهر إضافية من الخدمة، مع احتمال تمديدها لشهر آخر إذا تصاعدت العمليات القتالية. وسيرسل جيش الاحتلال جزءاً كبيراً من القوات التي ستمتثل اليوم، لتنفيذ مهام في الضفة الغربية المحتلة والشمال، حيث سيحلّون محل قوات نظامية. أما الآخرون، فسيُطلب منهم الدخول إلى قطاع غزة.

ويرى عدد من الجنود والقادة في قوات الاحتياط، بحسب ما أوردته “هآرتس”، أن الجولة الحالية من الخدمة تُعد الأصعب بالنسبة لهم حتى الآن؛ من بينهم من دخلوا بالفعل في جولة إضافية من الخدمة، وتم تمديد خدمتهم لأربعين يوماً، وآخرون تم استدعاؤهم دون معرفة موعد تسريحهم. ويشعر كثيرون بصعوبة العودة إلى القتال، خاصة بسبب القلق على حياة المحتجزين الإسرائيليين، وهناك من يصرّح بأنه لا يؤمن بالهدف الذي حددته الحكومة.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين كبار في جيش الاحتلال، لم تسمّهم، قولهم إن أزمة الثقة بين القيادة الأمنية والمستوى السياسي بدأت تتغلغل إلى صفوف الجيش نفسه. وقد طُلب من القادة في الاحتياط إجراء محادثات مع الجنود وإتاحة المجال لهم للتعبير عن مشاعرهم قبل العودة للقتال. وقال أحد جنود الاحتياط: “نحن نقول ما نشعر به، لكن لا إجابات”. وأضاف: “لا أذكر شعوراً صعباً كهذا من قبل. حتى من خلال الحديث مع القادة، يمكن أن نفهم أننا ندخل حرباً لا يريدها الجيش نفسه… لا علاقة لاحتلال غزة بإعادة المختطفين (المحتجزين الإسرائيليين في غزة) جميعنا نفهم ذلك”.

ويدرك القادة في جيش الاحتلال حجم الضغوط التي يواجهها جنود الاحتياط، ومنهم من صرّح بأن رئيس الأركان إيال زامير، حاول تجنّب عملية تجنيد واسعة النطاق، بل قدّم للمستوى السياسي خططاً عملياتية لا تتطلب تعبئة واسعة، إلا أن اقتراحاته لم تُقبل. وفي الوقت الراهن، يتخوف الجيش من احتمال انخفاض نسبة الاستجابة بين جنود الاحتياط. ويعرف الجيش وفق الصحيفة، كيف “يتلاعب” ببيانات الامتثال للخدمة، ليعرضها بطريقة لا تكشف حجم الغياب في الجولة الحالية، لكن على أرض الواقع، الجميع يدرك مدى تعقيد الوضع.

ونقلت الصحيفة عن أحد جنود الاحتياط، في وحدة تشارك حالياً في القتال، أنه حتى قبل اتخاذ القرار بشأن التجنيد للاحتياط وتمديد الخدمة، كان هناك من طلب عدم المشاركة في هذه الجولة. وأوضح أن القادة أجروا محادثات مع الجنود مسبقاً لمعرفة من يستطيع ومن ينوي فعلياً الحضور. وأضاف: “لكل واحد مشاكله، وفي النهاية هناك قائمة بمن ينوي الوصول. اليوم نحن نعمل بقوة يتكوّن ربعها تقريباً من أشخاص جاؤوا بصفة تعزيزات، أشبه بمرتزقة (المقصود في هذه الحالة جنود من وحدات أخرى)”.

وأوضح الجندي أنه يتعيّن الآن على القادة في هذه الكتيبة إعادة تنظيم لكل القوة، وأن “كل من وصل إلينا ملحقاً سيُطلب منه الآن العودة إلى كتيبته أو وحدته الأصلية. لا يوجد قائد سيتنازل اليوم عن جنوده. هؤلاء الجنود هم مورد ثمين، والقادة يتنافسون على كل جندي يعرف كيف يحمل السلاح. الجيش الإسرائيلي بأكمله في حالة من الفوضى الداخلية. ومع بدء تجنيد هذا العدد الكبير من الألوية والكتائب، سيكون من الضروري إعادة ترتيب الصفوف والعودة إلى البنية المنظمة التي كانت قائمة في 7 تشرين الأول، قبل كل هذه التغييرات”.

يُذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعمل على زيادة المعونات والمنح المالية والمزايا لجنوده، خاصة جنود الاحتياط، في محاولة لتشجيعهم على الامتثال للخدمة العسكرية، عشية اجتياح مدينة غزة. ومن المتوقّع أن تُدخل عملية “عربات جدعون 2” إلى حسابات الجنود المشاركين، المقاتلين منهم بخاصة، مبالغ قد تصل إجمالاً إلى عشرات آلاف الشواكل، وذلك بالإضافة إلى المنح القائمة حالياً، بحيث ينفّذ جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل موسّع قرار الحكومة الصادر مطلع العام، والذي يزيد التعويضات المالية إلى مستويات غير مسبوقة، على حدّ تعبير “يديعوت أحرونوت”، أمس الاثنين، بهدف تشجيع جنود الاحتياط على الانضمام، وتقليص التراجع في نسب الامتثال للخدمة العسكرية، ما دفعها لاستخدام وصف “عربات المال” على كل هذا الدعم.

وثيقة إسرائيلية مسرّبة تتوقع فشل عملية “عربات جدعون 2” في غزة بصيغتها الحالية

وثيقة إسرائيلية مسرّبة تتوقع فشل عملية “عربات جدعون 2” في غزة بصيغتها الحالية

تظهر وثيقة موقّعة من قبل العميد احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي غاي حازوت، رئيس منظومة التعلّم في سلاح البر، أن الطريقة التي ينوي الجيش اتّباعها لإدارة حرب الإبادة على قطاع غزة، ضمن عملية “عربات جدعون 2″، لا تتضمن الخطوات الأساسية اللازمة لتحقيق النصر. وتشير بنود في الوثيقة، التي كشفت عنها صحيفة يسرائيل هيوم العبرية اليوم الثلاثاء، إلى عدة عمليات “حاسمة” لم ينفّذها الجيش حتى الآن، ولا يخطط لتنفيذها خلال احتلال مدينة غزة، مثل فرض حصار كامل، وعزل حركة حماس عن السكان المدنيين، وتعطيل خطوط الإمداد.

وبحسب الوثيقة، فإنّ الاستراتيجية المختارة للمرحلة الثانية من “عربات جدعون” في غزة تتعارض مع المنطق العملياتي، ومع التوصيات المستخلصة من تجارب سابقة، كما تحذّر من أنّ عدم تطبيق هذه الخطوات قد يمنع تحقيق “إنجاز حقيقي” في العدوان، حتى في المرحلة التالية المخطط لها. وبخلاف الآراء في المنظومة العسكرية الإسرائيلية التي تقول إنه لا يمكن هزيمة تنظيمات تتّبع طريقة حرب الشوارع، تزعم الوثيقة أنه بالإمكان التغلّب عليها من خلال خطوات ضرورية لم تُنفذ حتى الآن، وتشير إلى أنه “يجب العمل (عسكرياً) بشكل مكثّف جداً، وبوسائل متنوّعة، وتطويق مناطق بالمناورة، ودفع العدو إلى مواجهات قريبة، مع إظهار المبادرة والهجوم، ومنع أسلوب الضرب والفرار”، كما توصي “بتقسيم المناطق إلى خلايا صغيرة وعزلها لمنع حرية حركة العدو”.

وتزعم الوثيقة، التي تحمل عنوان “كيف هزمت الجيوش تنظيمات حرب العصابات”، أنّ “فصل التنظيم عن السكان، ودمج القوة العسكرية مع خطوات لتحسين حياة المدنيين، والسيطرة على الأرض، ومنع وجود مدن ملاذ، وقطع خطوط الإمداد”، كلها عناصر أساسية في تحقيق الحسم. وسبق أن كشفت القناة 12 العبرية، أول من أمس الأحد، أجزاء أخرى من الوثيقة نفسها، والتي أشارت إلى فشل “عربات جدعون” في تحقيق أهدافها، بخلاف مزاعم رئيس الأركان إيال زامير أنها حققتها.

وسواء نجحت العملية أم فشلت وفق المفاهيم الإسرائيلية، فلا عزاء بذلك للفلسطينيين، في ظل استمرار الإبادة، والتجويع، والتدمير، والتهجير. وتذكر الوثيقة أن “إسرائيل ارتكبت كل خطأ ممكن حين أدارت الحرب بما يتعارض مع عقيدتها العسكرية”. ووفقاً لما ورد فيها، فإن إسرائيل وفّرت “للعدو” موارد، وخاضت القتال دون بُعد زمني أو إدارة فعّالة للموارد، ما أدى إلى إنهاك قواتها، ولفقدان كامل رصيدها الدولي. وكتب حازوت “فشلنا”. وبحسب الوثيقة، “توفّرت لدى حماس جميع الشروط اللازمة للبقاء من أجل تحقيق النصر، الموارد، البُعد الزمني، وأسلوب القتال المناسب”، كما أبرزت أن بعض أهداف القتال لم تتحقق على الإطلاق، إذ لم تُهزم حماس لا عسكرياً ولا سياسياً، ولم تتم إعادة المحتجزين الإسرائيليين، لا من خلال صفقة تبادل ولا عبر عمليات عسكرية مباشرة.

ومن أسباب الفشل التي وردت في الوثيقة الداخلية أنّ “إسرائيل اعتمدت منطق الردع بدلاً من الحسم، وذلك بهدف الدفع نحو صفقة تبادل جديدة، وهو توجه أدركته حماس واستغلته لصالحها”. كما ورد في الوثيقة أن هناك إخفاقاً في التخطيط والتنفيذ بما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، “ما أتاح للتنظيم إطلاق حملة دعائية كاذبة، لكنها فعالة، تحت عنوان التجويع”، بحسب زعمها. وجاء في الوثيقة أيضاً أنّ “المنطق العملياتي للمناورة قد انهار”، حيث “لم يُسجل تركيز للجهد في نقاط الثقل، وعملت القوات مجدداً في المناطق نفسها التي سبق أن تمّت فيها المناورة، بينما أدى البطء في وتيرة العمليات – الناتج عن فجوات في الموارد وتفضيل مبدأ الأمان – إلى إعاقة تحقيق إنجازات ملموسة”.

وشددت الوثيقة على أنّ “القتال جرى دون وجود إطار زمني واضح، حيث طغت أولوية الحفاظ على القوات على جوهر المهمة نفسها، ما أدى إلى إنهاك القوات واستنزاف الذخائر. وقد زاد من تعقيد الوضع سوء التعامل مع حرب العصابات التي تخوضها حماس، الأمر الذي صعّب أكثر فأكثر إمكانية الوصول إلى حسم حقيقي”. في المقابل، عرضت الوثيقة ما اعتبرتها إنجازات ميدانية، من بينها “التدمير الكامل للبنية التحتية التابعة لحماس في المنطقة العازلة ومناطق أخرى، وإلحاق أضرار جسيمة بعناصر التنظيم وبمنشآته، بالإضافة إلى تصفية واستهداف قيادة حماس، مع التركيز بشكل خاص على يحيى السنوار. كما تم استرجاع جثامين بعض المحتجزين إلى إسرائيل”.

وعلّق مسؤولون كبار في جيش الاحتلال الإسرائيلي على مضمون الوثيقة بأن “الجيش يشجع النقاش النقدي، وخلال المناقشات التي تُجرى في منتدى هيئة الأركان العامة وبين المستويات المختلفة، تُطرح آراء متنوعة بشأن أنماط العمل العملياتي التي يجب اتباعها في القتال داخل قطاع غزة”، وزعموا أن عملية “عربات جدعون” حققت أهدافها، حيث فكك الجيش بشكل كامل البنية التحتية العسكرية في المناطق التي عمل فيها، “كما زادت العملية الضغط العسكري على حماس، وأدت إلى سيطرة الجيش الإسرائيلي على ثلاثة أرباع مساحة القطاع، بالإضافة إلى تصفية نحو ألفي مسلّح”. وأضاف الرد أن قائد القوات البرية استجوب العميد حازوت، لأن الوثيقة ونتائجها “لم تُكتب بتفويض رسمي، ولم تمثل موقف الجيش الإسرائيلي كما يُتوقع من وثيقة رسمية تُنقل إلى قوات الاحتياط”.

إسرائيل وأوروبا… من بيانات القلق إلى قيود السلاح

إسرائيل وأوروبا… من بيانات القلق إلى قيود السلاح

قرّرت الحكومة البريطانية (الجمعة الماضي) منع مسؤولين إسرائيليين من المشاركة في معرض الأسلحة الدولي (DSEI UK 2025)، الذي سيقام في لندن (9 – 12 أيلول/ أيلول الجاري). ما زالت الشركات الإسرائيلية الكبرى قادرةً على عرض منتجاتها، لكنّ لغياب وفد رسمي من جناح دولة الاحتلال دلالات سياسية ودبلوماسية، ولا يأتي القرار البريطاني بمعزل عن مشهد أوروبي أوسع يتدرّج من خطوات رمزية إلى إجراءات أكثر جذرية، تُترجم انتقادات متكرّرة لجرائم الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزّة أفعالاً دبلوماسية في مجالات التجارة والدفاع والتسليح. فهل يمكن للضغوط الأوروبية أن تغير فعلياً السلوك الإسرائيلي العسكري في قطاع غزّة؟

يبدو الموقف البريطاني في ظاهره متقدّماً، فحتى كتابة هذه السطور علّقت لندن نحو 30 رخصة تصدير من أصل 350 رخصة، وجمّدت محادثات تجارية ثنائية، وجاءت الخطوة أخيراً بإغلاق الباب أمام كبار المسؤولين الإسرائيليين في معرض السلاح الأكثر أهمية عالمياً. مع ذلك، يظلّ الضغط جزئياً إن أبقت لندن على استثناءٍ أساسي يتعلّق بمكوّنات برنامج F-35، المشروع المشترك بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة، إذ قضت المحكمة العليا البريطانية (حزيران/ حزيران الماضي) بجواز استمرار التصدير، وهو استثناء يحفظ لإسرائيل شرياناً استراتيجياً لسلاحها الجوي. تحمل البيانات الرسمية البريطانية بعداً رمزياً من رفض التصعيد والمطالبة بوقف إطلاق النار إلى حديث عن ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزّة، لكنها لا تذهب أبعد إلى حدّ الحظر الشامل أو العقوبات الاقتصادية الأوسع، فترفع الدبلوماسية البريطانية الكلفة المعنوية والسياسية لكن من دون خطّة متكاملة لقطع سلاسل التوريد. كان الموقف الألماني أكثر تقدّماً حين أعلنت برلين (آب/ آب الماضي) وقف تصدير أسلحة إلى دولة الاحتلال، وهو ليس تفصيلاً بسيطاً حين نعلم أن ألمانيا تحتلّ المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة مورّدة للأسلحة إلى إسرائيل. وجاء القرار استجابةً لضغط من الرأي العام (أكثر من 70% من الألمان يريدون قيوداً مشدّدة على صادرات السلاح إلى إسرائيل، وثلثهم مع حظر كامل)، وفي وقت كانت فيه إسرائيل تتحضّر لتوسيع عملياتها في غزّة، ما يشير إلى أن برلين تريد مآذارة ضغط استثنائي ملموس لا الاكتفاء ببيانات قلق إنساني، لكن قرارها يركّز في الأسلحة التي يُحتمل استخدامُها في غزّة، من دون حظر شامل لصادرات الأسلحة. قرار مؤقّت حتى إشعار آخر.

اضطرت شركات إسرائيلية في معرض باريس للطيران (حزيران/ حزيران 2025) لإزالة أسلحة هجومية من أجنحتها (أُغلقت أخرى رفضت ذلك). إجراءات فرنسية ترتبط بالمعارض والفعّاليات لم تصبح سياسة ثابتة في التراخيص، ونقضت محاكم فرنسية قرارات حظر “دفاعية” مع إسرائيل، ما عكس تبايناً بين السلطتَين التنفيذية والقضائية، وبين المصالح التجارية واعتبارات السياسة، ما يجعل الموقف الفرنسي ضغطاً تكتيكياً متقطّعاً لا يعبّر عن توجّهات استراتيجية أصلية. وحده القضاء الهولندي لعب دوراً مهماً في احتكاك موقف لاهاي بسلاسل التوريد لمشروع F-35، حين أمر (شباط/ شباط 2024) بوقف تصدير قطع غيار تلك الطائرات إلى الاحتلال، لكن هولندا مورّداً وسوقاً للسلاح تأثيرها محدود إذا بقيت وحيدة في أوروبا، لكن مع إلغاء إسبانيا مبكّراً صادرات السلاح إلى إسرائيل، ولاحقاً بعض تراخيص الذخيرة (وكذلك إقليم فالونيا في بلجيكا)، ودفْع كلٍّ من أيرلندا وسلوفينيا ومالطا بالتشريعات التي تحظر التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية، ومع توجّهات أوروبية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، تتعزّز الصورة بأن إسرائيل لم تعد تحظى بإجماع أوروبي داعم بلا تحفّظ.

يبدو الاتحاد الأوروبي مقيّداً بقانون “الموقف الأوروبي المشترك”، الذي يضع معاييرَ لتصدير السلاح، لكنّه يترك القرار لكل دولة على حدة، لكن تحديثات نيسان/ إبريل 2025، شدّدت على مراقبة “مخاطر ما بعد الشحن”، وزادت شفافية منح التراخيص، لكن ذلك يوفّر ضغوطاً في حدود المبادرات الوطنية بتأثير تكتيكي يرفع الكلفة ويبطئ سلاسل التوريد، لكنه استراتيجياً يبقى دون تغيير المعادلة العسكرية الإسرائيلية فعلياً، في غياب خطّة أوروبية موحّدة واستمرار التدفّق العسكري الأميركي بلا قيود تذكر، وهو ما يهم إسرائيل التي لا تعبأ ببيانات القلق الأوروبي، بل بخطواتها العملية الناجعة، لا سيّما بخصوص تدفّق السلاح. لو نجحت أوروبا في توحيد موقفها لربما أدركت إسرائيل أن حربها في غزّة (وتوسيعها) غير ممكنة من دون ثمن، وأن سلاسل التوريد لم تعد في مأمن من حسابات الأخلاق والسياسة… لكن الوقت (للأسف!) ليس في صالح غزّة.

جيش الاحتلال يبدأ تجنيد 60 ألف جندي احتياط استعداداً لاحتلال غزة

جيش الاحتلال يبدأ تجنيد 60 ألف جندي احتياط استعداداً لاحتلال غزة

تبدأ، الثلاثاء، في إسرائيل، عملية تجنيد نحو 60 ألف جندي احتياط استعدادا لاحتلال مدينة غزة. وقالت صحيفة معاريف: “سيبدأ (الثلاثاء) تجنيد حوالي 60 ألف جندي احتياط استعدادا لاحتلال مدينة غزة”.

والجمعة، أعلنت تل أبيب مدينة غزة التي يسكنها نحو مليون فلسطيني “منطقة قتال خطيرة”، وبدأت غارات وعمليات نسف واسعة تسفر عن استشهاد وإصابة العديد من الفلسطينيين ودمار هائل في المدينة المنكوبة تحت وطأة إبادة مضاعفة.

وأوضحت “معاريف” أن جنود الاحتياط “سيخضون لتدريب وتنظيم يستمر ما بين 3 إلى 4 أيام، حيث ستُكلف بعض وحدات الاحتياط باستبدال جنود الخدمة النظامية في مناطق الدفاع والقتال في الشمال”. وأشارت إلى أنه “من المتوقع أن تشارك بعض ألوية الاحتياط في القتال داخل غزة، بينما سيُكلف جزء آخر بتعزيز وجود الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية”.

ومساء الأحد، أفاد موقع “واللاه” العبري نقلا عن مصادر خاصة، لم يسمّها، أن وزير الخارجية جدعون ساعر أبلغ نظيره الأميركي ماركو روبيو، الأربعاء، أن تل أبيب تتحضر لإعلان فرض سيادتها على الضفة الغربية المحتلة خلال الأشهر المقبلة.

وتابعت “معاريف”: “تشير التقديرات إلى أن الجيش الإسرائيلي سيبدأ قريبا تركيز ألوية الخدمة النظامية في مناطق التجمع المحيطة بالقطاع تمهيدا لدخول واسع للقوات لفرض حصار على مدينة غزة وبدء المناورة العسكرية”.

وقالت “اللواءان المناوران اليوم، 99 و162، بدءا بالفعل عمليات الحصار”. وبحسب الصحيفة، فإن “اللواء 162 يحاصر المدينة من الشمال، بينما من المتوقع أن يكمل اللواء 99 خلال الأيام القادمة احتلال منطقتي الزيتون والصبرة وتطهيرهما”.

وأضافت: “الجيش الإسرائيلي سيفتح ممرا في الجزء الجنوبي الغربي لتمكين السكان من الخروج من مدينة غزة إلى المناطق الإنسانية في المواصي وجنوب القطاع”. واستطردت أن “تنفيذ إطلاق النار سيتم بشكل مختلف عن السابق (..) فقد تم وضع معايير أمان لتجنب الإضرار بالمختطفين المحتجزين”، على حد زعمها.

وأوضحت الصحيفة أنه: “يعتبر تعقيد العمليات في مدينة غزة كبير ومختلف عن المناطق التي عملت فيها قوات الجيش خلال العامين الماضيين”. وتابعت: “المدينة مكتظة بالسكان، والمساحة محدودة، ويتعلق الأمر بمنطقة حضرية تحتوي على مبانٍ مرتفعة”، وفق تعبيرها. وادعت “معاريف” أن القوات الإسرائيلية لن تحصل على موافقة لشن هجمات “إلا حال توافر معلومات مؤكدة عن عدم وجود مختطفين في الموقع”.

وفي موازاة حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر، تدور في أروقة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حالياً خطة لإعادة بناء القطاع بعد انتهاء الحرب وفق الاقتراح الذي كان تقدم به ترامب لبناء ما سماها “ريفييرا الشرق الأوسط” على أنقاض القطاع المدمر. وبحسب ما أوردته صحيفة واشنطن بوست الأميركية الأحد، تقوم الخطة على وضع القطاع تحت السيطرة الأميركية مدة عشر سنوات على الأقل أثناء عمليات البناء، وتحويله في نهاية المطاف إلى منتجع سياحي ومركز صناعي وتكنولوجي عالي التقنية.

(الأناضول، العربي الجديد)

 

 

جندي إسرائيلي ينهي حياته في قاعدة عسكرية: 18 منتحراً منذ بداية 2025

جندي إسرائيلي ينهي حياته في قاعدة عسكرية: 18 منتحراً منذ بداية 2025

أنهى جندي إسرائيلي حياته، الاثنين، داخل قاعدة عسكرية شمالا، ما يرفع عدد العسكريين المنتحرين منذ بداية العام 2025 إلى 18، وفق إعلام عبري رسمي. وقالت هيئة البث العبرية إن “مقاتلا من لواء غولاني في الخدمة النظامية (لم تذكر اسمه) أنهى حياته اليوم (الاثنين)، وعُثر عليه ميتا في قاعدة عسكرية شمالي إسرائيل“.

وفتحت الشرطة العسكرية الإسرائيلية تحقيقا بوفاة الجندي، ومع انتهائه، ستتحوَّل النتائج لفحص النيابة العسكرية، وفق المصدر نفسه. ولم توضح الهيئة ملابسات انتحار الجندي وفي أية قاعدة، لكنها أشارت إلى أن “عدد الجنود الذين أنهوا حياتهم منذ بداية العام الجاري بلغ 18”.

وقبل نحو أسبوعين، انتحر النقيب في الاحتياط يوسف حاييم (28 عاما) وعُثر عليه في أحراش قرب “رمات بوريا” شمالي إسرائيل. وذكرت هيئة البث أنه “مع موجة الانتحارات المتزايدة في صفوف الجيش الإسرائيلي، قرر رئيس شعبة القوى البشرية في الجيش اللواء دادو بار كاليفا، نهاية تموز/ تموز الماضي، تشكيل لجنة لفحص مستوى الدعم المقدم للجنود المسرّحين ولأفراد الاحتياط خارج الخدمة النشطة الذين أنهوا حياتهم بسبب خدمتهم العسكرية”. وجاء إعلان كاليفا آنذاك بعد انتحار جندي الاحتياط في “لواء المدرعات 401” روعي فاسرشتاين إثر تعرضه لمشاهد مروعة خلال الحرب في غزة، وفق إذاعة الجيش الإسرائيلي. وشهد تموز الماضي وحده انتحار سبعة جنود إسرائيليين، وفق صحيفة “هآرتس” العبرية.

وفي آب/آب الماضي، أرجع تحقيق أجراه جيش الاحتلال الإسرائيلي معظم حالات الانتحار في صفوف جنوده إلى الظروف القتالية ومواجهة صعوبات ناجمة عن البقاء لفترات طويلة في مناطق القتال، والتعرّض خلالها لمشاهد “قاسية” خلال الحرب المتواصلة على قطاع غزة.

وانتحر في عام 2024 21 جندياً، منهم 12 جندياً في الاحتياط. وفي عام 2023، انتحر 17 جندياً، وفي عام 2022، انتحر 14 جندياً، وفي عام 2021، انتحر 11 جندياً. وقال مسؤول عسكري كبير: “نقيّم ونستعد لاحتمال اتساع ظاهرة الانتحار بين الجنود النظاميين والاحتياطيين، ونبذل جهوداً في جميع المجالات لوقف هذه الظاهرة؛ حيث يشعر الجيش بالقلق إزاء الواقع المقلق المتمثل في زيادة عدد الجنود الذين انتحروا في العامين الماضيين مقارنة بالسنوات السابقة”.

ومنذ 7 تشرين الأول/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلّفت الإبادة 63 ألفا و557 شهيدا، و160 ألفا و660 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 348 فلسطينيا بينهم 127 طفلا.

(الأناضول، العربي الجديد)