إسرائيل وأوروبا… من بيانات القلق إلى قيود السلاح

إسرائيل وأوروبا… من بيانات القلق إلى قيود السلاح

قرّرت الحكومة البريطانية (الجمعة الماضي) منع مسؤولين إسرائيليين من المشاركة في معرض الأسلحة الدولي (DSEI UK 2025)، الذي سيقام في لندن (9 – 12 أيلول/ أيلول الجاري). ما زالت الشركات الإسرائيلية الكبرى قادرةً على عرض منتجاتها، لكنّ لغياب وفد رسمي من جناح دولة الاحتلال دلالات سياسية ودبلوماسية، ولا يأتي القرار البريطاني بمعزل عن مشهد أوروبي أوسع يتدرّج من خطوات رمزية إلى إجراءات أكثر جذرية، تُترجم انتقادات متكرّرة لجرائم الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزّة أفعالاً دبلوماسية في مجالات التجارة والدفاع والتسليح. فهل يمكن للضغوط الأوروبية أن تغير فعلياً السلوك الإسرائيلي العسكري في قطاع غزّة؟

يبدو الموقف البريطاني في ظاهره متقدّماً، فحتى كتابة هذه السطور علّقت لندن نحو 30 رخصة تصدير من أصل 350 رخصة، وجمّدت محادثات تجارية ثنائية، وجاءت الخطوة أخيراً بإغلاق الباب أمام كبار المسؤولين الإسرائيليين في معرض السلاح الأكثر أهمية عالمياً. مع ذلك، يظلّ الضغط جزئياً إن أبقت لندن على استثناءٍ أساسي يتعلّق بمكوّنات برنامج F-35، المشروع المشترك بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة، إذ قضت المحكمة العليا البريطانية (حزيران/ حزيران الماضي) بجواز استمرار التصدير، وهو استثناء يحفظ لإسرائيل شرياناً استراتيجياً لسلاحها الجوي. تحمل البيانات الرسمية البريطانية بعداً رمزياً من رفض التصعيد والمطالبة بوقف إطلاق النار إلى حديث عن ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزّة، لكنها لا تذهب أبعد إلى حدّ الحظر الشامل أو العقوبات الاقتصادية الأوسع، فترفع الدبلوماسية البريطانية الكلفة المعنوية والسياسية لكن من دون خطّة متكاملة لقطع سلاسل التوريد. كان الموقف الألماني أكثر تقدّماً حين أعلنت برلين (آب/ آب الماضي) وقف تصدير أسلحة إلى دولة الاحتلال، وهو ليس تفصيلاً بسيطاً حين نعلم أن ألمانيا تحتلّ المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة مورّدة للأسلحة إلى إسرائيل. وجاء القرار استجابةً لضغط من الرأي العام (أكثر من 70% من الألمان يريدون قيوداً مشدّدة على صادرات السلاح إلى إسرائيل، وثلثهم مع حظر كامل)، وفي وقت كانت فيه إسرائيل تتحضّر لتوسيع عملياتها في غزّة، ما يشير إلى أن برلين تريد مآذارة ضغط استثنائي ملموس لا الاكتفاء ببيانات قلق إنساني، لكن قرارها يركّز في الأسلحة التي يُحتمل استخدامُها في غزّة، من دون حظر شامل لصادرات الأسلحة. قرار مؤقّت حتى إشعار آخر.

اضطرت شركات إسرائيلية في معرض باريس للطيران (حزيران/ حزيران 2025) لإزالة أسلحة هجومية من أجنحتها (أُغلقت أخرى رفضت ذلك). إجراءات فرنسية ترتبط بالمعارض والفعّاليات لم تصبح سياسة ثابتة في التراخيص، ونقضت محاكم فرنسية قرارات حظر “دفاعية” مع إسرائيل، ما عكس تبايناً بين السلطتَين التنفيذية والقضائية، وبين المصالح التجارية واعتبارات السياسة، ما يجعل الموقف الفرنسي ضغطاً تكتيكياً متقطّعاً لا يعبّر عن توجّهات استراتيجية أصلية. وحده القضاء الهولندي لعب دوراً مهماً في احتكاك موقف لاهاي بسلاسل التوريد لمشروع F-35، حين أمر (شباط/ شباط 2024) بوقف تصدير قطع غيار تلك الطائرات إلى الاحتلال، لكن هولندا مورّداً وسوقاً للسلاح تأثيرها محدود إذا بقيت وحيدة في أوروبا، لكن مع إلغاء إسبانيا مبكّراً صادرات السلاح إلى إسرائيل، ولاحقاً بعض تراخيص الذخيرة (وكذلك إقليم فالونيا في بلجيكا)، ودفْع كلٍّ من أيرلندا وسلوفينيا ومالطا بالتشريعات التي تحظر التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية، ومع توجّهات أوروبية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، تتعزّز الصورة بأن إسرائيل لم تعد تحظى بإجماع أوروبي داعم بلا تحفّظ.

يبدو الاتحاد الأوروبي مقيّداً بقانون “الموقف الأوروبي المشترك”، الذي يضع معاييرَ لتصدير السلاح، لكنّه يترك القرار لكل دولة على حدة، لكن تحديثات نيسان/ إبريل 2025، شدّدت على مراقبة “مخاطر ما بعد الشحن”، وزادت شفافية منح التراخيص، لكن ذلك يوفّر ضغوطاً في حدود المبادرات الوطنية بتأثير تكتيكي يرفع الكلفة ويبطئ سلاسل التوريد، لكنه استراتيجياً يبقى دون تغيير المعادلة العسكرية الإسرائيلية فعلياً، في غياب خطّة أوروبية موحّدة واستمرار التدفّق العسكري الأميركي بلا قيود تذكر، وهو ما يهم إسرائيل التي لا تعبأ ببيانات القلق الأوروبي، بل بخطواتها العملية الناجعة، لا سيّما بخصوص تدفّق السلاح. لو نجحت أوروبا في توحيد موقفها لربما أدركت إسرائيل أن حربها في غزّة (وتوسيعها) غير ممكنة من دون ثمن، وأن سلاسل التوريد لم تعد في مأمن من حسابات الأخلاق والسياسة… لكن الوقت (للأسف!) ليس في صالح غزّة.

جيش الاحتلال يبدأ تجنيد 60 ألف جندي احتياط استعداداً لاحتلال غزة

جيش الاحتلال يبدأ تجنيد 60 ألف جندي احتياط استعداداً لاحتلال غزة

تبدأ، الثلاثاء، في إسرائيل، عملية تجنيد نحو 60 ألف جندي احتياط استعدادا لاحتلال مدينة غزة. وقالت صحيفة معاريف: “سيبدأ (الثلاثاء) تجنيد حوالي 60 ألف جندي احتياط استعدادا لاحتلال مدينة غزة”.

والجمعة، أعلنت تل أبيب مدينة غزة التي يسكنها نحو مليون فلسطيني “منطقة قتال خطيرة”، وبدأت غارات وعمليات نسف واسعة تسفر عن استشهاد وإصابة العديد من الفلسطينيين ودمار هائل في المدينة المنكوبة تحت وطأة إبادة مضاعفة.

وأوضحت “معاريف” أن جنود الاحتياط “سيخضون لتدريب وتنظيم يستمر ما بين 3 إلى 4 أيام، حيث ستُكلف بعض وحدات الاحتياط باستبدال جنود الخدمة النظامية في مناطق الدفاع والقتال في الشمال”. وأشارت إلى أنه “من المتوقع أن تشارك بعض ألوية الاحتياط في القتال داخل غزة، بينما سيُكلف جزء آخر بتعزيز وجود الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية”.

ومساء الأحد، أفاد موقع “واللاه” العبري نقلا عن مصادر خاصة، لم يسمّها، أن وزير الخارجية جدعون ساعر أبلغ نظيره الأميركي ماركو روبيو، الأربعاء، أن تل أبيب تتحضر لإعلان فرض سيادتها على الضفة الغربية المحتلة خلال الأشهر المقبلة.

وتابعت “معاريف”: “تشير التقديرات إلى أن الجيش الإسرائيلي سيبدأ قريبا تركيز ألوية الخدمة النظامية في مناطق التجمع المحيطة بالقطاع تمهيدا لدخول واسع للقوات لفرض حصار على مدينة غزة وبدء المناورة العسكرية”.

وقالت “اللواءان المناوران اليوم، 99 و162، بدءا بالفعل عمليات الحصار”. وبحسب الصحيفة، فإن “اللواء 162 يحاصر المدينة من الشمال، بينما من المتوقع أن يكمل اللواء 99 خلال الأيام القادمة احتلال منطقتي الزيتون والصبرة وتطهيرهما”.

وأضافت: “الجيش الإسرائيلي سيفتح ممرا في الجزء الجنوبي الغربي لتمكين السكان من الخروج من مدينة غزة إلى المناطق الإنسانية في المواصي وجنوب القطاع”. واستطردت أن “تنفيذ إطلاق النار سيتم بشكل مختلف عن السابق (..) فقد تم وضع معايير أمان لتجنب الإضرار بالمختطفين المحتجزين”، على حد زعمها.

وأوضحت الصحيفة أنه: “يعتبر تعقيد العمليات في مدينة غزة كبير ومختلف عن المناطق التي عملت فيها قوات الجيش خلال العامين الماضيين”. وتابعت: “المدينة مكتظة بالسكان، والمساحة محدودة، ويتعلق الأمر بمنطقة حضرية تحتوي على مبانٍ مرتفعة”، وفق تعبيرها. وادعت “معاريف” أن القوات الإسرائيلية لن تحصل على موافقة لشن هجمات “إلا حال توافر معلومات مؤكدة عن عدم وجود مختطفين في الموقع”.

وفي موازاة حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر، تدور في أروقة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حالياً خطة لإعادة بناء القطاع بعد انتهاء الحرب وفق الاقتراح الذي كان تقدم به ترامب لبناء ما سماها “ريفييرا الشرق الأوسط” على أنقاض القطاع المدمر. وبحسب ما أوردته صحيفة واشنطن بوست الأميركية الأحد، تقوم الخطة على وضع القطاع تحت السيطرة الأميركية مدة عشر سنوات على الأقل أثناء عمليات البناء، وتحويله في نهاية المطاف إلى منتجع سياحي ومركز صناعي وتكنولوجي عالي التقنية.

(الأناضول، العربي الجديد)

 

 

جندي إسرائيلي ينهي حياته في قاعدة عسكرية: 18 منتحراً منذ بداية 2025

جندي إسرائيلي ينهي حياته في قاعدة عسكرية: 18 منتحراً منذ بداية 2025

أنهى جندي إسرائيلي حياته، الاثنين، داخل قاعدة عسكرية شمالا، ما يرفع عدد العسكريين المنتحرين منذ بداية العام 2025 إلى 18، وفق إعلام عبري رسمي. وقالت هيئة البث العبرية إن “مقاتلا من لواء غولاني في الخدمة النظامية (لم تذكر اسمه) أنهى حياته اليوم (الاثنين)، وعُثر عليه ميتا في قاعدة عسكرية شمالي إسرائيل“.

وفتحت الشرطة العسكرية الإسرائيلية تحقيقا بوفاة الجندي، ومع انتهائه، ستتحوَّل النتائج لفحص النيابة العسكرية، وفق المصدر نفسه. ولم توضح الهيئة ملابسات انتحار الجندي وفي أية قاعدة، لكنها أشارت إلى أن “عدد الجنود الذين أنهوا حياتهم منذ بداية العام الجاري بلغ 18”.

وقبل نحو أسبوعين، انتحر النقيب في الاحتياط يوسف حاييم (28 عاما) وعُثر عليه في أحراش قرب “رمات بوريا” شمالي إسرائيل. وذكرت هيئة البث أنه “مع موجة الانتحارات المتزايدة في صفوف الجيش الإسرائيلي، قرر رئيس شعبة القوى البشرية في الجيش اللواء دادو بار كاليفا، نهاية تموز/ تموز الماضي، تشكيل لجنة لفحص مستوى الدعم المقدم للجنود المسرّحين ولأفراد الاحتياط خارج الخدمة النشطة الذين أنهوا حياتهم بسبب خدمتهم العسكرية”. وجاء إعلان كاليفا آنذاك بعد انتحار جندي الاحتياط في “لواء المدرعات 401” روعي فاسرشتاين إثر تعرضه لمشاهد مروعة خلال الحرب في غزة، وفق إذاعة الجيش الإسرائيلي. وشهد تموز الماضي وحده انتحار سبعة جنود إسرائيليين، وفق صحيفة “هآرتس” العبرية.

وفي آب/آب الماضي، أرجع تحقيق أجراه جيش الاحتلال الإسرائيلي معظم حالات الانتحار في صفوف جنوده إلى الظروف القتالية ومواجهة صعوبات ناجمة عن البقاء لفترات طويلة في مناطق القتال، والتعرّض خلالها لمشاهد “قاسية” خلال الحرب المتواصلة على قطاع غزة.

وانتحر في عام 2024 21 جندياً، منهم 12 جندياً في الاحتياط. وفي عام 2023، انتحر 17 جندياً، وفي عام 2022، انتحر 14 جندياً، وفي عام 2021، انتحر 11 جندياً. وقال مسؤول عسكري كبير: “نقيّم ونستعد لاحتمال اتساع ظاهرة الانتحار بين الجنود النظاميين والاحتياطيين، ونبذل جهوداً في جميع المجالات لوقف هذه الظاهرة؛ حيث يشعر الجيش بالقلق إزاء الواقع المقلق المتمثل في زيادة عدد الجنود الذين انتحروا في العامين الماضيين مقارنة بالسنوات السابقة”.

ومنذ 7 تشرين الأول/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلّفت الإبادة 63 ألفا و557 شهيدا، و160 ألفا و660 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 348 فلسطينيا بينهم 127 طفلا.

(الأناضول، العربي الجديد)

خاص | ناشطان إيطاليان يتحدثان عن تفاصيل وأهداف “أسطول الصمود”

خاص | ناشطان إيطاليان يتحدثان عن تفاصيل وأهداف “أسطول الصمود”

بعد محاولات سابقة من “أساطيل الحرية” تم اعتراضها من قبل البحرية الإسرائيلية، كان آخرها في حزيران/حزيران وتموز/تموز الماضيين، حين احتُجزت سفينتا مادلين وحنظلة واقتيدتا إلى ميناء أشدود، ما أثار انتقادات منظمات حقوقية مثل العفو الدولية، تستعد عشرات القوارب من مختلف موانئ البحر المتوسط للإبحار نحو غزة في أكبر مبادرة إنسانية بحرية من نوعها (أسطول الصمود العالمي)، تهدف إلى إيصال المساعدات الإنسانية وكسر الحصار البحري الإسرائيلي المفروض على القطاع، ومن المخطط أن تصل إلى مقصدها في غضون 10 أيام بعد مغادرتها الموانئ الإيطالية، وفقاً لتصريح منسقة الأسطول في إيطاليا ماريا إلينا ديليا.

وفي إيطاليا، وتحديداً في مقر منظمة “موسيقى من أجل السلام” الإنسانية بمدينة جنوة نُصبت في منتصف يوم السبت منصة توالت فيها مداخلات من قبل شخصيات إيطالية ودولية، ومن ثم انطلقت في تمام الساعة التاسعة مساء مسيرة شارك فيها نحو 40 ألفا تتقدمهم عمدة المدينة سيلفيا ساليس من مقر المنظمة ذاتها وصولاً إلى السفن الراسية في الميناء.

وصرح مؤسس ورئيس منظمة “موسيقى من أجل السلام” وأحد المشاركين في القافلة ستيفانو ريبورا أن “الاستجابة لحملة جمع المساعدات التي أطلقناها (بالتعاون مع الاتحاد المستقل للعاملين بالموانئ) على مدار 5 أيام كانت كبيرة للغاية، حيث تجاوز حجم المساعدات 300 طناً”.

من جهته، ذكر الناشط الإيطالي أنطونيو لابيتشيريلا، المتواجد حالياً على متن إحدى سفن أسطول الصمود العالمي في برشلونة، أن “عدد الإيطاليين المتواجدين معه 3 نشطاء، ولكن ثمة أعداد كبيرة من الإيطاليين المشاركين في الأسطول على وجه العموم، وثمة 20 قارباً هنا في إسبانيا ومثلها تقريباً في كل من تونس واليونان”. وأضاف لابيتشيريلا، في تصريحات خاصة لـ”العربي الجديد”، أن “الانطلاق الرسمي للقوارب من برشلونة كان يوم أمس الأحد من خلال إبحار فني تجريبي قبل المغادرة التي من المنتظر أن تكون إما اليوم أو غداً. أمّا في إيطاليا، فإن الموعد الرسمي لمغادرة القوارب هو يوم 4 أيلول/أيلول الجاري، وفي تونس يوم 5 على حد علمي”.

وفي ما يتعلق بتهديدات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير باعتقال أطقم أسطول الصمود العالمي بتهمة الإرهاب، أكد أن هذه التصريحات “تتعارض مع القانون الدولي، لأن المداهمة ستنفذ في مياه دولية لا سلطان لإسرائيل عليها. والحقيقة أن بن غفير استخدم مصطلح “إرهابيين” استخداماً استغلالياً بالمخالفة للقوانين الدولية التي تحمينا”، مشيراً إلى أن “مصطلح ’إرهابيين‘ لا يقتصر استخدامه على إسرائيل فقط، وإنما تستخدمه أيضاً حكومات غربية عدة بهدف عزل وقمع جميع التحركات والاحتجاجات التضامنية مع غزة”. وشدد على أن “إسرائيل دولة إرهابية، وإذا كانت ستمضي قدماً في مداهمة قواربنا واعتقالنا وإيداعنا في سجونها، فإننا سنكون في هذه الحالة رهائن، وفي هذه الحالة سوف ننتظر أن يكون ثمة رد بشكل أو بآخر من قبل حكوماتنا”.

الصورة

الناشط الإيطالي أنطونيو لابيتشيريلا

الناشط الإيطالي أنطونيو لابيتشيريلا

بدورها، ذكرت الناشطة الإيطالية سيلفيا سيفيريني، عضو الحركة العالمية نحو غزة وهي أحد المكونات الأساسية لأسطول الصمود العالمي، أن “هذه المبادرة خرجت إلى النور بعد خيبة الأمل من مسيرة غزة حيث أُجبرنا على التوقف في القاهرة من قِبل الحكومة المصرية. وعقب عودتنا، توجه وفد منا إلى بروكسل للتظاهر في الأسبوع الذي صادف اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. وبعد انتهاء تلك التظاهرات أيضًا، كان ثمة شعور كبير بالإحباط يتملكنا، لكن الحماسة والرغبة في التحرك كانت أكبر”.

وأضافت سيفيريني، في حديث خاص لـ”العربي الجديد”، أنه “عند عودتنا من بروكسل تحديداً، اقترحت علينا منسقة أسطول الصمود في إيطاليا، ماريا إلينا ديليا، خلال اجتماع مشروع القوارب: أسطول من عشرات القوارب لنقل المساعدات الإنسانية وكسر الحصار عن غزة. وقالت لنا “سيكون جميلاً لو شاركت إيطاليا على الأقل بقارب واحد!”. وتابعت أن “فكرة المشروع لاقت ترحيباً وحماسة كبيرة، لكن خزائننا كانت خاوية إلا من بضع عشرات من اليوروهات. ومنذ تلك اللحظة أعادت حركتنا تنظيم نفسها، وأسست الوفود الدولية الـ44 الأسطول العالمي للصمود”.

وأوضحت أنهم تلقوا تمويلاً من “الوفود الأخرى، وعلى وجه الخصوص من إسبانيا، ما سمح لنا بشراء القوارب. وهكذا واصلنا جهودنا ليل نهار بسبب ضخامة العمل، الذي توزع على مجموعات عدة: مجموعة مهمتها البحث عن القوارب واختبارها، وأخرى لشرائها وثالثة لإدارة تنقلاتها وأخرى للبحث عن طواقمها، إلخ..”، مشيرة إلى أن “العدد وصل اليوم إلى عشرات القوارب، ونحن نقوم حتى هذه اللحظة بإعداد القوارب التي أصبحت جاهزة بنسبة كبيرة للإبحار. وننتظر حالياً انضمام بعض السفن لنا من موانئ إيطالية أخرى، وكذا من إسبانيا”.

وتابعت سيفيريني أنها لم تكن قط “ناشطة، وعلى وجه التحديد من أجل فلسطين، إلا أن الأوضاع في غزة التي تجتاحها إبادة جماعية في ظل لا مبالاة من قبل الحكومات الغربية التي لم تتخذ قط موقفاً من جرائم (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو، جعلتني أخرج من ’منطقة الراحة‘ الخاصة بي (الأسرة والعمل والاستمتاع بالإجازات) كأي شخص عادي في الدول الغربية، من أجل إجراء تعديل مسار على حياتي وقلبها رأساً على عقب، شأني في ذلك شأن الكثيرين ممن اتخذوا هذا الخيار، وذلك بسبب عبثية الجرائم التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية التي لا يمكن الدفاع عنها أو بسبب موقف التعايش الذي لا يليق من قبل حكوماتنا”.

وشددت على أن هدفهم “بطبيعة الحال هدف إنساني، يقوم على توصيل المساعدات إلى سكان غزة الذين يتعرضون ليس فقط للقصف وإنما أيضاً للمجاعة”، مشيرة إلى أن تحركهم هو “تحرك سياسي، فنحن نمثل بمهمتنا هذه وأجسادنا، بشكل أو بآخر، مجتمعاً مدنياً نحظى بدعمه القوي ومعارضته لحالة التعايش والتقاعس التي عليها حكوماتنا التي لا تفعل شيئاً البتة حيال ما يرتكبه نتنياهو من فظائع”.

وختمت بقولها إن “جميع مكونات المجتمعات الغربية تنزل إلى الساحات وتنضم إلينا، وهذا ما يمكن ملاحظته جلياً من خلال ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي والفعاليات التي ينظمونها، والمساعدات التي يرسلونها من خلالنا. كل ذلك يؤكد كيف أن المجتمع المدني بحاجة إلى إثبات إلى أي جانب يصطف، أي إلى جانب الصواب والضعفاء. لذا، فإننا نتشرف بأننا نمثل هؤلاء جميعاً”.

الصورة

 سيلفيا سيفيريني

الناشطة الإيطالية سيلفيا سيفيريني
وقفة في رام الله تطالب بإجراءات عملية بعد إعلان المجاعة في غزة

وقفة في رام الله تطالب بإجراءات عملية بعد إعلان المجاعة في غزة

طالبت فصائل فلسطينية ونقابات واتحادات وحراكات شعبية في رام الله، اليوم الاثنين، الأمم المتحدة والمنظمات الأممية والدولية ودول العالم باتخاذ إجراءات عملية وعدم الاكتفاء بالبيانات والشجب والاستنكار، خاصة بعد إعلان غزة منطقة مجاعة إنسانية في 22 آب/ آب الماضي. ونظمت القوى والفصائل ظهر اليوم وقفة أمام مكتب الأمم المتحدة في رام الله، ورفعت الشعارات التي تطالب بوقف التجويع والإبادة والقتل ومحاسبة الاحتلال. وكان لافتاً خلال الوقفة حديث ممثل عن مكتب الأمم المتحدة باسم الخالدي، المستشار في الأمم المتحدة، عن مصادرة قوة واحدة مجلسَ الأمن، متهماً إياها بأنها شريكة في الجريمة، وذلك في إشارة إلى الولايات المتحدة.

وقال الخالدي خلال كلمة له بعد استماعه مطالب المعتصمين ووعده بنقلها إلى الأمين العام للأمم المتحدة: “إن الأمم المتحدة نفسها أمست ضحية كما كل أهل غزة”، معتبراً أن “منع (أونروا) من العمل خطة ممنهجة ليست عبثية، بل خطة ذات أهداف سياسية، خصوصاً أنها أكبر منظمة إغاثية في قطاع غزة، ولديها ما يقارب 400 نقطة توزيع”. وتابع الخالدي: “لو أتيح لأونروا المجال للتوزيع، لما اضطر أي فلسطيني في غزة للانتقال إلى مكان آخر، ولما اضطر للذهاب إلى مصايد الموت”. وأكد الخالدي موقف الأمم المتحدة من مؤسسة غزة الإنسانية قائلاً: “نحن ضدها بالمطلق، لأننا نؤمن أنه لا يجب تسييس المساعدات الإنسانية، ولن نقبل أن تسيس المساعدات لأنها حق، بغض النظر عن الوضع الميداني، وبغض النظر عن الموقف السياسي لكل الأطراف”.

وأكد الخالدي موقف الأمم المتحدة الرافض التهجيرَ والتجويعَ وليس المجاعة، ورفض محاولة الضم وعنف المستوطنين وإرهاب المستوطنين في الضفة الغربية. وقال: “مجلس الأمن مصادر من قوة واحدة، فقبل أربعة أيام، كان هناك نداء من 14 دولة، لم توقع عليه فقط دولة واحدة، واستخدمت الفيتو، وأستطيع القول بغض النظر عن موقعي الوظيفي؛ هي شريكة في الجريمة، أقولها علناً هي شريكة في الجريمة”، في إشارة إلى الولايات المتحدة.

وحول حجب الولايات المتحدة تأشيرات الوفد الفلسطيني للمشاركة في اجتماع الجمعية العامة الشهر الجاري، قال الخالدي إن الأمين العام لا يعارض في حال التصويت نقل جلسات الجمعية العامة في إلى فيينا أو أي مكان آخر تتوفر فيه الشروط من حيث المساحة والإمكانات اللوجستية والترجمة. واعتبر الخالدي أن “قضية غزة أكبر من كونها قضية إنسانية رغم المأساة، مؤكداً أنها قضية اجتثاث شعب بأكمله”.

من جانبه، قال رمزي رباح، رئيس دائرة مناهضة الفصل العنصري (الأبارتهايد) في منظمة التحرير الفلسطينية، لـ”العربي الجديد”، “إن الوقفة أمام مكتب الأمم المتحدة هدفها توجيه رسالة باسم الشعب الفلسطيني، عبر قواه ومؤسساته واتحاداته ونقاباته، إلى اتخاذ إجراءات عملية وخطوات ملموسة، وعدم الاكتفاء بالدعوات والمطالبات، بل بالإجراءات الملموسة من أجل كسر الحصار والتجويع والقتل الذي تآذاره إسرائيل”. كذلك دعا إلى اتخاذ خطوات ملموسة لتدفق المساعدات وإدخالها عبر المؤسسات الدولية والوكالات الدولية، والضغط من أجل وقف الحرب، ووقف القتل والإبادة والتطهير العرقي.

وتابع رباح: “هذا يجب أن يدركه العالم والمؤسسات الدولية والأمم المتحدة ومجلس الأمن الذي اتخذ القرار 2537، مطلوب أن يضع آليات تطبيقية وتنفيذية له”، مشيراً إلى أن مجلس الأمن دعا إلى وقف الحرب، وإدخال المساعدات والمواد الإغاثية والطبية، وانسحاب جيش الاحتلال من مراكز المدن ومن محيطها، وإلى مسار سياسي لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية، عدا عشرات القرارات التي صدرت عن المنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.

بدوره، قال عضو المؤتمر الشعبي الفلسطيني 14 مليون نبيل عبد الرازق لـ”العربي الجديد”: “إذا كان اليوم هو ليس يوم الأمم المتحدة لتفعل ما يجب أن تفعله لإنقاذ غزة من هذا الدمار والقتل والوحشية والفاشية غير المسبوقة في التاريخ، فمتى يكون دور لهيئة الأمم المتحدة”. وتابع: “صوتنا اليوم نريد أن يصل إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وإلى كل قادة العالم وإلى كل برلمانات العالم، أن أوقفوا هذه المذبحة، هذا عار كبير ووصمة عار لن تمحى عن جبين الإنسانية”.

في حين قال منسق القوى والفصائل في رام الله عصام بكر خلال كلمة له: “إن الوقفة تأتي لتأكيد أن بيانات الشجب والإدانة والاستنكار والإعراب عن القلق من قبل المؤسسات الدولية؛ باتت لا تكفي”، مطالباً الأمم المتحدة ومؤسساتها باتخاذ الإجراءات والتدابير التي تنسجم مع إعلان غزة منطقة مجاعة. وطالب بكر بإلزام دولة الاحتلال الإسرائيلي بالخضوع للقانون الدولي، والسماح بإدخال المساعدات الغذائية والإنسانية، ومعاقبة ومحاسبة إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، وتعليق عضويتها في المؤسسات الدولية. وقال بكر: “إن الاحتلال يرتكب جرائمه بغطاء أميركي، وإن إحدى أهم تعبيرات ذلك منع الرئيس محمود عباس والوفد الفلسطيني من الوصول إلى نيويورك لإلقاء الكلمة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة”.