ذكر موقع “واللا” العبري مساء اليوم الأحد، أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أبلغ نظيره الأميركي ماركو روبيو بأن إسرائيل تستعد لإعلان ضم الضفة الغربية قريبًا.
وكان ثلاثة مسؤولين إسرائيليين قد قالو اليوم إن إسرائيل تدرس ضم الضفة الغربية المحتلة، في رد محتمل على اعتراف فرنسا ودول أخرى بدولة فلسطينية.
وبحسب وكالة “رويترز”، ذكر مسؤول إسرائيلي آخر أن الفكرة ستحظى بقدر أكبر من النقاش اليوم الأحد.
وقال عضو في مجلس الوزراء الأمني المصغر لوكالة رويترز: إن إعلان إسرائيل “سيادتها” على الضفة الغربية، أي ضم الأراضي التي احتلتها في حرب عام 1967 فعليًا، يأتي على جدول أعمال اجتماع المجلس الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مساء اليوم، والمتوقع أن يركز على العدوان على غزة.
وأيّد الكنيست الإسرائيلي بالأغلبية، الأربعاء الماضي، اقتراحًا يدعم “ضم” الضفة الغربية المحتلة، في خطوة يتوقع أن تثير رفضًا عربيًا ودوليًا واسعًا باعتبارها انتهاكًا للقانون الدولي، وفي وقت تتعرض فيه مدن الضفة لعدوان وحملات تهجير وهدم للمباني.
وقالت القناة “12” العبرية الخاصة، إن 71 نائبًا من أصل 120 صوتوا لصالح الاقتراح وعارضه 13.
تصعيد في الضفة
ومنذ أن شن جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية أطلق عليها “الجدار الحديدي” شمالي الضفة الغربية في كانون الثاني/ كانون الثاني الفائت “لا يزال نحو 30 ألف فلسطيني مهجّرين قسرًا”، بحسب المتحدث باسم مفوضية حقوق الإنسان ثمين الخيطان.
وكانت الأمم المتحدة قد قالت إن العملية العسكرية الإسرائيلية، التي بدأت في شمال الضفة شرّدت عشرات الآف الأشخاص، ما يثير مخاوف من احتمال وقوع “تطهير عرقي“.
وتواجه إسرائيل انتقادات دولية متزايدة بسبب عدوانها على غزة، الذي أدى إلى استشهاد وجرح عشرات آلاف الفلسطينيين.
وقد عبّرت عن غضبها من تعهدات فرنسا وبريطانيا وأستراليا وكندا بالاعتراف رسميًا بدولة فلسطينية خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل.
وكانت أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة قد أكدت عام 2024، أن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، ومنها الضفة الغربية والمستوطنات هناك، غير قانوني ويجب إنهاؤه في أسرع وقت ممكن.
لكن منذ سنوات يدعو أعضاء بالائتلاف الحاكم في إسرائيل إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية رسميًا. وصوّت الكنيست بالأغلبية في تموز/ تموز 2024 على رفض قيام دولة فلسطينية.
يشار إلى أن الولايات المتحدة قالت الجمعة الماضية، إنها لن تسمح للرئيس الفلسطيني محمود عباس وأعضاء السلطة الفلسطينية بالسفر إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث من المقرر أن يتم الاعتراف بدولة فلسطينية من جانب عدة دول حليفة لواشنطن.
أظهر استطلاع أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالتعاون مع المركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة أن الرأي العام السوري متفائل بشأن الأوضاع في سوريا عمومًا؛ إذ أفاد 56% من المستجيبين أن الأمور في سوريا تسير في الاتجاه الصحيح، في حين قال 25% فقط إنها تسير في الاتجاه الخاطئ .
وفي تقييمهم، ركز المستجيبون الذين أفادوا أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح على العديد من الأسباب ومنها زوال حكم النظام السابق وتحرير سوريا، وتحرير المعتقلين والسجناء، إضافة إلى تحسّن في الأوضاع الأمنية، والاتجاه نحو الاستقرار، ورفع العقوبات.
المشكلات التي تهدّد سوريا
وبحسب الاستطلاع الذي شمل 3690 شخصًا، ويعد جزءًا من استطلاعات المؤشر العربي لعام 2025، أورد السوريون العديد من القضايا التي اعتبروها أهم مشكلة تواجه بلادهم اليوم. وقد تصدّرت القضايا السياسية والأمنية أولوياتهم؛ إذ أفاد 51% من المستجيبين أن أهم المشكلات التي تواجه البلاد اليوم مرتبطة بخطر تقسيم سوريا، أو عدم الاستقرار أو تدخلات خارجية أو توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي السورية أو غياب الأمن والأمان.
من نتائج استطلاع المركز العربي للأبحاث حول الوضع في سوريا
وفي ما يخص الأوضاع الاقتصادية، رأى 42% من المستطلعين أنّ أسرهم تعيش في حالة حاجةٍ وعوز؛ حيث أن دخلهم لا يكفي لتغطية حاجاتهم الأساسية، وقال 43% إنهم يعيشون في حالة كفاف، مقابل 11% قالوا إنهم في حالة وفر.
وذكر نحو 61% من المستجيبين أنهم نادرًا ما يأكلون اللحم، أو أن ذلك يكون أقل من مرة واحدة في الأسبوع. كما أفاد 36% أن أسرهم تعتمد على تحويلات مالية من الخارج، سواء كانت منتظمة أو غير منتظمة.
تفاوت الاهتمام السياسي
وبحسب الاستطلاع الذي أجري خلال 25 يومًا في الفترة 25 تموز/ تموز و17 آب/ آب 2025، يتفاوت اهتمام السوريين بالشؤون السياسية.
وأفاد ما نسبتهم 80% من السوريين أنهم يهتمون بالشؤون السياسية بدرجات متفاوتة، في حين أفاد 18% أنهم غير مهتمين على الإطلاق. وأفادت أغلبية المستجيبين، بنسبة تراوح بين 54% و57%، أنها تثق بمؤسسات الدولة الرسمية من حكومة، وأمن عام، ودفاع، ومحافظين.
من نتائج الاستطلاع عن الفساد
كذلك يرى 47% من الرأي العام أن الحكومة تطبق القانون بالتساوي بين المواطنين، بينما رأى 30% من المستجيبين أنّها تطبّق القانون، ولكنها تحابي بعض الفئات؛ أي إنها تميّز لمصلحتها، ورأى 12% أنّها لا تطبق القانون بالتساوي على الإطلاق.
تقييم أداء الحكومة السورية
ويعتقد 61% من المستجيبين أن سياسات الحكومة السورية الخارجية تعبّر عن تطلعات الشعب السوري، مقابل 25% قالوا إنها لا تعبر عن تطلعاتهم. وبنسبة مشابهة، أفاد 59% من السوريين أنّ سياسات الحكومة الاقتصادية تعبّر عن تطلعاتهم، مقابل 31% أفادوا عكس ذلك.
واعتبرت غالبية المستجيبين بنسبة تزيد على 50% أن الحكومة نجحت في التعامل مع بعض المهمات الرئيسية مثل: الجرائم، وحماية الأملاك الخاصة بالناس، ومكافحة السرقات، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وفض الخلافات والنزاعات بين الناس. في حين اعتبر أقل من 50% من المستجيبين أن الحكومة نجحت في أداء مهمات رئيسة أخرى مثل البطالة ومحاربة الخطاب الطائفي والعمل على إخراج إسرائيل من الأراضي التي احتلتها منذ 8 كانون الأول/ كانون الأول 2024، وضبط الأسعار.
من نتائج استطلاع المركز العربي للأبحاث في سوريا
إلى ذلك، أفاد 89% من المستجيبين أنّ الفساد منتشر بدرجات متفاوتة، بينما أفاد 7% أنّه غير منتشرٍ على الإطلاق. ويعتقد 56% من المستجيبين أن انتشار الفساد المالي والإداري أصبح أقل مما كان عليه قبل سقوط نظام بشار الأسد.
تأييد النظام الديمقراطي
وتتفق أكثرية الرأي العام السوري على الانحياز إلى النظام الديمقراطي، حيث أن أكثرية المستجيبين رفضت مجموعة من المقولات السلبية التي يثيرها عادة خصوم النظام الديمقراطي. وتوافق 60% من السوريين المستطلعين على أنّ النظام الديمقراطي، وإن كانت له مشكلاته، فهو أفضل من غيره من الأنظمة، مقابل 20% عارضوا ذلك.
وعلى نحوٍ متسق، أكد ما نسبته 61% من المستطلعة آراؤهم أن النظام الأفضل للحكم في سوريا اليوم هو النظام الديمقراطي. في حين بلغت نسبة تأييد أنظمة الحكم الأخرى أقل من 10% لكل منها.
وأفاد 53% من المستجيبين أنهم يقبلون استلام السلطة من حزب سياسي لا يتّفقون معه، إذا حصل على عدد أصوات يؤهّله لذلك ضمن انتخابات حرّة ونزيهة.
وأيدت الكتلة الأكبر من المستجيبين وجود تيارات قومية عربية وتيارات ليبرالية مدنية.
العدالة الانتقالية والاندماج المجتمعي
وفي ما يخص العدالة الانتقالية، فقد توافق 65% من المشاركين في الاستطلاع على أن العدالة الانتقالية يجب أن تشمل أي شخص تورط في جرائم حرب، حتى لو كان من المعارضة أو الفصائل المسلحة، في حين رأى 25% من المستجيبين أن العدالة الانتقالية يجب أن تشمل شخوص النظام السابق المتورطين في أعمال إجرامية.
وتناول الاستطلاع فصلًا يرصد الاندماج المجتمعي والهوية الوطنية، إذ يعتقد 64% من المستجيبين أن الشعب السوري نجح عبر السنين بدرجات متفاوتة في الانصهار في بوتقة الأسرة الواحدة، مقابل 12% قالوا إنه لم يحصل انصهار على الإطلاق.
ويرى 19% من المستجيبين أن “الثقافة السورية المشتركة” هي العامل الأهم في تشكّل الهوية الوطنية.
وأفاد 85% من المشاركين بالاستطلاع أن “خطاب الطائفية” منتشر في البلاد، ويعتقد 84% من المستجيبين أن الناس هذه الأيام يصنفون أنفسهم والآخرين على أساس مذهبي وديني في سورية. وأرجع 41% من المستجيبين التوتر بين المواطنين بحسب المذهب أو الدين إلى تدخلات جهات خارجية، فيما رأى 36% أن التوتر هو نتاج غياب المواطنة والتسامح.
يعارض 70% من المستجيبين عقد اتفاق مع إسرائيل من دون عودة الجولان السورية- الأناضول
وعلى الرغم من إقرار المشاركين في الاستطلاع بوجود خطاب طائفي، قال 66% منهم إنه لا يوجد لديهم فرق في التعامل مع الآخرين بغض النظر عن طائفتهم أو دياناتهم، بينما فضل 25% من المستجيبين التعامل مع أشخاص من الطائفة نفسها. كما توافق السوريون وبنسب 66% – 78% على أنهم لا يمانعون أن يكون جيرانهم من ديانات وطوائف وإثنيات أخرى.
إلى ذلك، اعتبر نحو 78% من المشاركين بالاستطلاع أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مكانًا لترويج خطاب طائفي. ورأى 80% أن مواقع التواصل مكان لاختراع الأخبار المزيفة عن الآخرين.
إسرائيل تهديد محلي وإقليمي
توافق الرأي العام السوري وبنسبة 75% على أن سكان العالم العربي يمثلون أمة واحدة، حيث أفادوا أن سكان العالم العربي إما أمة واحدة ذات سمات واحدة وإن كانت تفصل بينهم حدود مصطنعة، وإما أمة واحدة مع تمايز كل شعب من شعوبها بسمات خاصة مختلفة، مقابل 16% قالوا إنهم يمثلون شعوبًا وأممًا مختلفة تربطها روابط ضعيفة.
ويرى السوريون أن إسرائيل هي الأكثر تهديدًا لأمن منطقة الشرق الأوسط واستقرارها وبنسبة 78%. وتوافق أغلبية السوريين وبنسبة 58% على أن إسرائيل هي الدولة الأكثر تهديدًا لأمن الوطن العربي.
كما اعتبر 55% من المستجيبين أن إسرائيل هي الدولة الأكثر تهديدًا لأمن سوريا واستقرارها، تليها إيران بنسبة 14%.
وبحسب نتائج الاستطلاع، يرفض 74% من السوريين الاعتراف بإسرائيل، مقابل 17% يؤيدون ذلك.
وقد أورد المستجيبون المعارضون للاعتراف بإسرائيل العديد من الأسباب لرفضهم مثل كونها “دولة استعمار واحتلال واستيطان في فلسطين”، و”دولة توسعية تسعى للهيمنة أو احتلال بلدان في العالم العربي وثرواته”، وأنها دولة عنصرية ضد العرب، وبسبب احتلالها للجولان، ولقيامها بتشتيت الفلسطينيين واستمرارها في اضطهادهم وقتلهم، وتحرمهم من حقهم في تقرير المصير والحرية.
وفي ما يخص الموقف من القضية الفلسطينية، يعتبر 69% من المستجيبين أن القضية الفلسطينية هي “قضية جميع العرب وليست قضية الفلسطينيين وحدهم”، وفي المقابل، يرى 15% أن القضية تخصّ الفلسطينيين وحدهم.
وأفاد 74% من السوريين الذين شاركوا في الاستطلاع أنهم يتابعون الحرب الإسرائيلية على غزة.
ويعتبر هذا الاستطلاع الأول من نوعه في تاريخ سوريا لناحية حجم العيّنة وتغطية جميع المحافظات وتضمّنه أكثر من 420 سؤالًا، تناولت موضوعات مهمة وذات راهنية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وموضوعات الاندماج الاجتماعي والوطني.
في وقت تتزايد فيه التسريبات الإعلامية حول اقتراب اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل، ولقاء حصل بالفعل بين وزير الخارجية السوري ووفد إسرائيلي في باريس، تنفي دمشق وجود أي مفاوضات أو اتفاق وشيك مع إسرائيل، مؤكدة أن الموقف السوري “ثابت ولم يتغير”. فماذا نعرف حتى الآن؟
في حزيران/ حزيران الماضي، نشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية بياناً حكومياً ينفي “وجود أي اتصالات مباشرة أو اتفاقات سرية مع إسرائيل”. ووصف التسريبات الإعلامية بأنها “مفبركة”، كما قالت مصادر رسمية لوكالة الأنباء إن أي حديث عن سلام أو تطبيع مع إسرائيل “سابق لأوانه”.
بعد هذا النفي الحكومي، التقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في 19 آب/آب ، وفداً إسرائيلياً في باريس لمناقشة عدد من الملفات المرتبطة بتعزيز الاستقرار في المنطقة والجنوب السوري.
وركزت النقاشات على خفض التصعيد وعدم التدخل بالشأن السوري الداخلي، والتوصل لتفاهمات تدعم الاستقرار في المنطقة، ومراقبة وقف إطلاق النار في محافظة السويداء، وإعادة تفعيل اتفاق 1974.
أما رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع فأكد خلال اجتماع مع وفد إعلامي عربي في 24آب/آب أن أي اتفاق مع إسرائيل سيُبنى على أساس خط الهدنة لعام 1974، وإن دمشق لن تتردد في اتخاذ أي قرار أو خطوة من شأنها خدمة مصلحة سوريا والمنطقة.
من الجانب الإسرائيلي تحدثت القناة 12 الإسرائيلية عن اتفاق أمني وشيك بين سوريا وإسرائيل بوساطة أمريكية – خليجية يتضمّن تنازلات سورية مقابل مساعدات وإعمار.
وتتصدّر في الإعلام الإسرائيلي تغطيات حول الاتصالات الجارية بين الجانبين، حيث نشرت صحف مثل “يديعوت أحرونوت” و”تايمز أوف إسرائيل” تقارير تتحدث عن محادثات سرية تديرها أطراف ثالثة، منها الإمارات والولايات المتحدة، لإشراك سوريا في مسار “الاتفاقيات الإبراهيمية”.
هل يوقّع أحمد الشرع على اتفاق تطبيع مع إسرائيل؟
فهل نحن أمام ملامح اتفاقية جديدة تعيد رسم خريطة الصراع في سوريا والمنطقة، أم أن ما يُطرح لا يتجاوز تسريبات عابرة في ظل واقع جيوسياسي متقلّب ومعقّد؟
“اتفاق مرتبط بظروف إقليمية أوسع”
يرى خبير العلاقات الدولية، الدكتور أشرف عُكة، أن ما يجري حتى الآن هو “حديث عن اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل، وليس عن اتفاق شامل أو سلام كامل”، إذ أن “الحكومة السورية تُنكر وجود مسار نحو اتفاق شامل، وما يُطرح لا يتجاوز كونه محاولة للعودة إلى ترتيبات اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974، خصوصاً في الجولان وجنوب سوريا. أي صيغة أخرى، لن يكون اتفاقاً حقيقياً”، على حد قوله.
ويعتبر عُكة أن أي اتفاق أمني تُقدِم عليه الحكومة السورية دون أن يراعي مسألة الجولان أو السيادة بالحد الأدنى يُعتبر ضعيفاً.
وحول احتمالية توسط دول في المنطقة لجمع الجانبين السوري والإسرائيلي، يقول عكة إن السؤال الأهم هو: إلى أي مدى يمكن للوساطات الخليجية والأمريكية أن تلبي ما تسميه إسرائيل “متطلبات أمنها”، خاصة أن الاستراتيجية الإسرائيلية تقوم على إقامة مناطق عازلة ليست مجرد حائط صد، بل مناطق انتشار وسيطرة فعلية؟
ويرى عُكة أنه “علينا أن نُدرك أن الملف السوري لا ينفصل عن بقية ملفات المنطقة: لبنان وغزة والضفة الغربية، وحتى اليمن وإيران وتركيا. فكل المسارات مترابطة”.
ويضيف: “من هنا، فإن أي اتفاق أمني محتمل مع سوريا سيظل ناقصاً، مرهوناً بتطورات أكبر في المنطقة. وإن أقدمت دمشق على اتفاق لا يأخذ بعين الاعتبار مستقبل الجولان وسيادة البلاد، فسيكون ذلك اتفاقاً محفوفاً بالمخاطر على النظام والدولة السورية معاً”.
” لماذا يحق لسوريا في عهد الشرع التواصل مع إسرائيل؟” – عرض الصحف
“مساحة مفتوحة”
بينما يقول الخبير في المجال الجيوسياسي والأمني، الدكتور عامر السبايلة: “دعونا ننطلق من حقيقة أن التحولات في السنوات الأخيرة، خصوصاً منذ سقوط النظام في سوريا، أثبتت أن الدولة السورية لم تعد قائمة بالمعنى الحقيقي. وبالتالي، فإن إسرائيل لا ترى نفسها مضطرة للدخول في سلام مع كيان تعتبره منهاراً أو غير موجود. هذه نقطة أساسية لفهم ديناميكيات التحركات الإسرائيلية في المنطقة”.
ويرى السبايلة أن إسرائيل تنظر إلى الجغرافيا السورية على أنها مساحة مفتوحة “قد تتعرض للاستغلال”، وكانت قد حاولت فرض واقع جديد من خلال تدخلات عسكرية متكررة، وصولاً إلى تبني خطاب حماية مكونات سورية معينة.
ويضيف: “إذا تحدثنا عن اتفاقية أمنية محتملة، فالأمر بالنسبة لإسرائيل يقوم على عدة أسس واضحة: أولاً، الحفاظ على المكاسب التي حققتها على الأرض كجزء من استراتيجيتها الأمنية. ثانياً، تكريس فكرة حماية المكونات التي ترتبط بها، كالمسألة الدرزية أو الممرات الإنسانية. ثالثاً، تعزيز قدرتها على العمل داخل سوريا، وتحويل النظام القائم هناك إلى شريك في هذه المعادلة”.
ماذا نعرف عن “جبل الشيخ” الذي سيطرت عليه إسرائيل؟
قصة هضبة الجولان المحتلة من الكنعانيين وحتى المُستوطنين
يضيف،يجب أن نكون واضحين: التسريبات التي تطرح عن صفقة محتملة اليوم ليست اتفاق سلام بين طرفين متكافئين، بل اتفاق يفرضه طرف يملك اليد العليا، مقابل نظام مضطر للقبول به من أجل شرعنة بقائه. وبالنسبة لإسرائيل، لا توجد حاجة حقيقية لأي اتفاق، لكنها قد تراه مدخلاً للتطبيع الإجباري مع سوريا، ونموذجاً يُعلن لاحقاً، بحسب رأيه.
ويرى الخبير الجيوسياسي أنّه لهذا السبب، لا يمكن مقارنة أي اتفاق – إن كانت هناك محاولات في هذا الاتجاه – باتفاقية فض الاشتباك عام 1974؛ فالظروف مختلفة تماماً. باعتبار أن “إسرائيل تعتقد أن لديها اليوم مساحة واسعة لفرض شروطها ومعادلاتها على الحكومة السورية، دون الحاجة إلى اتفاقيات تقليدية بين جيوش نظامية كما كان في الماضي”، كما يقول.
ما هو اتفاق عام 1974؟
إذاً، لماذا يعود الحديث حول “اتفاقية فض الاشتباك” لعام 1974؟
ينص اتفاق فصل القوات بين سوريا وإسرائيل عام 1974، الذي تمّ التوصل إليه بوساطة أمريكية بعد حرب تشرين الأول/تشرين الأول من عام 1973، على وقف إطلاق النار، وانسحاب إسرائيل من بعض المناطق، وإقامة منطقة فصل تحت إشراف الأمم المتحدة، مع قيود على التسليح العسكري.
وعلى الرغم من أن هذا الاتفاق جَمّد القتال، إلاّ أنه لم يكن سلاماً سياسياً ولم ينهِ الاحتلال أو اعتراف أي طرف بالآخر بشكل رسمي.
أبرز التحليلات حول هذا الاتفاق خلال المرحلة الحالية:
الاهتمام المتجدد باتفاق 1974 ينبع أولاً من التصعيد الإقليمي المتزايد على الجبهة الشمالية لإسرائيل، خصوصاً مع تصاعد التوتر في الجنوب السوري، وتكثيف الغارات الإسرائيلية على مواقع عسكرية سورية.
إعادة طرح الاتفاق تأتي في إطار الترتيبات الإقليمية الأوسع، مع اتساع رقعة الاتفاقيات الإبراهيمية ومحاولة واشنطن تثبيت الاستقرار على الجبهة الشمالية لإسرائيل، في وقت تشهد فيه سوريا منذ أواخر 2024 تحوّلاً في موقعها الإقليمي، مع عودة تدريجية لاعتراف دبلوماسي عربي وغربي بها.
قد يُستخدم اتفاق 1974 كورقة ضغط على دمشق. فإما الالتزام بخطوطه الأمنية لضمان التهدئة، أو مواجهة احتمالات أكبر للتصعيد الإسرائيلي.
من زاوية قانونية ودبلوماسية، فإن اتفاق 1974 هو آخر وثيقة دولية مُعترف بها من الطرفين (ولو ضمنياً)، وهو ما يمنحه قيمة تفاوضية عالية الآن.
بينما لا تعترف سوريا بضم إسرائيل للجولان، لا تزال تعتبِر هذا الاتفاق هو القاعدة الوحيدة السارية ميدانياً، ويمكن البناء عليه كمخرج سياسي مقبول دولياً إذا ظهرت مبادرة جادة للتسوية أو التطبيع لاحقاً.
السويداء “نقطة مفصلية”
رجال دين دروز يحملون لافتات خلال مظاهرة تضامنية مع المجتمع الدرزي من مدينة السويداء جنوب سوريا في 19 تموز/تموز
في ظل هذه التسريبات والتطورات على الأرض، دعا الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا، الشيخ حكمت الهجري، إلى تدخل دولي لدعم مطالبتهم بـ”إقليم مستقل” في السويداء.
ففي مقطع فيديو نُشر يوم الاثنين 25 آب آب، قال الهجري: “نناشد المجتمع الدولي والدول الحرة الوقوف إلى جانب الطائفة الدرزية لإعلان إقليم مستقل يضمن حمايتنا”.
وأضاف: “بدأنا مساراً جديداً بعد المحنة الأخيرة، التي كانت تهدف إلى القضاء على الطائفة الدرزية”، معرباً عن تقديره للدول التي ساندت الطائفة، وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل.
تحدثت تسريبات إعلامية إسرائيلية عن أن أي اتفاق أمني محتمل مع دمشق قد يتضمن إنشاء “ممر إنساني” يصل إلى محافظة السويداء، باعتبارها منطقة ذات حساسية خاصة بسبب وجود المكوّن الدرزي. هذا الممر يُطرح في سياق ما تراه إسرائيل “التزامات أمنية” مرتبطة بحماية الأقليات، وضمان تدفق المساعدات أو التسهيلات الإنسانية ويمكن أن تُستثمر سياسياً وأمنياً في المرحلة المقبلة.
في المقابل، ترى أوساط سورية أن إدخال بند “الممر الإنساني” قد يشكّل مدخلاً لتكريس “نفوذ إسرائيلي” في الجنوب السوري، وربطه مباشرة بالوضع الداخلي للسويداء، وهو ما يُخشى أن يُستخدم كورقة ضغط على الحكومة السورية، أو كأداة لفرض ترتيبات ميدانية جديدة تتجاوز اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، بما يمنح إسرائيل “اليد العليا” في الجنوب السوري، بحسب خبير العلاقات الدولية أشرف عُكة.
وكانت محافظة السويداء قد شهدت منذ 13 تموز تموز ولمدة أسبوع اشتباكات بين مسلحين دروز ومقاتلين من البدو، قبل أن تتصاعد الأحداث إلى مواجهات دموية مع تدخل القوات الحكومية وانضمام مسلحين من العشائر.
وتتواصل إدانات الخارجية السورية للهجمات الإسرائيلية على ريف القنيطرة، وتندد بتوغّل قوات إسرائيلية في بلدة سويسة الجنوبية واستمرار تمركزها في قمة جبل الشيخ والمنطقة العازلة، مؤكدة أن هذه المآذارات تشكل خرقاً للقانون الدولي وتهديداً للسلم الإقليمي، بحسب بيان حكومي نُشر يوم الثلاثاء 26 آب آب.
ما مصير الجولان المحتل في حال الوصول لاتفاق؟
القيادة الإسرائيلية لا تزال حذرة في ما يتعلق بالعلاقات بين الجانبين، حيث صرّح وزير الخارجية جدعون ساعر أن التقدم مع سوريا مرهون باعترافها بـ”الواقع الجديد”، مؤكداً أن السيادة الإسرائيلية على الجولان “ليست مطروحة للنقاش”.
وركّزت تقارير إسرائيلية مؤخراً على تمسّك إسرائيل بالسيادة على الجولان كشرط غير قابل للتفاوض، مع تداول تسريبات حول مقترحات “حلول وسط”، مثل إقامة منطقة منزوعة السيادة أو “منتزه سلام” يُدار بشكل مشترك، مع بقاء السيطرة الأمنية والعسكرية لإسرائيل.
بحسب اتفاقية جنيف الرابعة وقرار مجلس الأمن 497 (1981)، يُعتبر ضم الجولان “باطلاً” بالقانون الدولي.
تشير دراسة قانونية نُشرت في تموز تموز 2025، للباحث علي عثمان قراوغلو في “Law and Justice Review”، أن فرض إسرائيل قوانينها على الجولان يخالف مبدأ “عدم الاعتراف” في القانون الدولي، ويُشير الكاتب إلى أن سوريا “لا يمكنها قانونياً التنازل النهائي عن الجولان، حتى ضمن تسوية سياسية، لأن ذلك قد يُفسَّر كـ”شرعنة للاحتلال”.
ويقترح الباحث أن أي تسوية يجب أن تقوم إما على انسحاب إسرائيلي كامل، أو على حلول انتقالية بإشراف دولي (مثل الإدارة المشتركة أو التأجير المؤقت)، مع الحفاظ على السيادة القانونية لسوريا، كما يطرح خيار مطالبة سوريا بتعويضات عن سنوات الاحتلال.