كريس هيمسوورث يخوض مغامرته العلاجية

كريس هيمسوورث يخوض مغامرته العلاجية

بثّ كل من شبكة “ديزني بلس” و”ناشيونال جيوغرافيك” أخيراً الموسم الثاني من وثائقي Limitless with Chris Hemsworth (من دون حدود مع كريس هيمسوورث)، الذي يعود فيه الممثل الأسترالي مفتول العضلات لاكتشاف قدراته الجسدية، خصوصاً قدرة دماغه على التطور والتمرن، بعد أن اكتشف امتلاكه جينة نادرة تجعل احتمال إصابته بألزهايمر أكبر بعشر المرات من الإنسان العادي. بطل “مارفل” الذي اشتهر بلعب دور ثور إله الرعد نراه الآن إنساناً خائفاً متوتراً، لا تنفعه عضلاته أمام عطب جيني يهدد حياته، والأهم إدراكه.

يتعامل الوثائقي مع هيمسوورث بوصفه عينة بشرية، فنراقبه وهو يحاول “تطوير خلايا دماغه” والعلاقات بينها. هنا، لا يمكن تجاهل هوس القناة بكل ما هو أسترالي؛ فقبله كان صائد التماسيح ستيف أيروين بطل القناة، لكن اليوم، مغامرات هيمسوورث أكثر غواية لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، إذ نراه يتمرن على الإيقاع ليشارك في حفلة للموسيقي إيد شيران، بهدف تطوير قدرته على التنسيق الحركي، أو يتدرب مع راقصين من مسرح الشمس، أو يستكشف طرقاً قديمة لتجاوز الألم.
اللافت أن هذه “المغامرات العلاجية” تحدث بإشراف مختصين، ما يكسب الأنشطة التي تبدو “مسلية” صيغة طبية وعلميّة، لكنها في النهاية “مغامرات”، ليبدو الأمر وكأننا أمام علاج وقائي للأغنياء والمشاهير، أو رحلة تخاض أمام الكاميرات لتفادي المرض بطلها واحد من أشهر نجوم العالم، وكأننا نتأمل صنفاً نادراً من البشر يحاول اكتشاف أساليب جديدة لتطوير الذات وحمايتها من الموت أو التلاشي.

الصيغة الجدية التي يحملها الوثائقي لا تنفي إمكانية مقارنته بما يفعله مؤثرو وسائل التواصل الاجتماعي، سواء كنا نتحدث عن “ملك الكبد” الذي فضح زيف حميته القائمة على أكل الطعام النيء، أو براين جونسون الذي حوّل جسده إلى محطة اختبارات علميّة كي يوقف الشيخوخة. سبب المقارنة هو الهوس بالجسد، ذاك الذي مهما اختلفت أساليب “تعديله” و”اكتشافه” يبقى الهدف واحداً، مجابهة وتحدي “الطبيعة”، ومواجهة المكونات الجينية للجسد. وفي حالة إله الرعد، فإن المال والكاميرا الوثائقية والمخاطرات الشخصية هي الوسيلة.

بعض التحديات التي يُقدِم عليها كريس هيمسوورث قائمة على أساس شهرته، كالعزف مع فرقة معروفة، وأخرى تتطلب قدرة جسدية يمتلكها نتيجة التمارين التي يؤدّيها. وهنا بالضبط المفارقة التي تكشفها العلاقة بين المال والقدرة الجسدية. لا يمكن لأي أحد آخر أن يتبع “الطريق” نفسه نحو الشفاء. امتياز الوقاية من الأمراض الجينية والحفاظ على نمط الحياة نفسه حق للأغنى، وبثُّ “ناشيونال جيوغرافيك” الوثائقي يكسبه قيمة طبيّة/علمية، لكنها ليست الأساس، بل الأهم يكن في الزينة والزخرفة، إذ يمكن لأي أحد أن يتعلم عزف الطبول في قبو منزله، أو تسلق جبل مرتفع، لكن لا يستطيع أي أحد أن يتمرن مع راقصين من مسرح الشمس.

نطرح الأسئلة عن المال والشهرة كون الوثائقي يتبنى شعار “الحياة من دون حدود”، كما يشير اسمه نفسه، هذه الحدود التي تبدو في الوثائقي شخصية وذاتيّة نضعها نحن أمام أنفسنا، لكن المعوقات الاقتصادية والمالية هي الحدود الحقيقية، من منا لا يرغب بتعلم الإيقاع خلال أيام والعزف مع فرقته المفضلة؟ من يمتلك رفاهية ألا يعمل لأشهر من أجل أن “يتجاوز الحدود التي وضعها لنفسه”؟ الإشكالية أننا أمام وثائقي يحاول أن يقدم لنا “التحديات” التي يواجهها شخص يبلغ رأسماله نحو 130 مليون دولار.

يقول كريس هيمسوورث في لقاء معه: “كنت مثل فأر تجارب، رميت في تحديات شديدة من دون توقعات، لكن بعد هذه التجربة، بدأت أفكر كيف يمكن أن أعيش أفضل الآن، ليس كيف أعيش أطول وحسب”. يلخص هيمسوورث الوثائقي بقوله إنه فأر تجارب أمام عدسة الكاميرا. والهدف من “التجارب” ذات الصيغة العلميّة هو “الحياة” بمفهومها الصرف، لكن لا نتحدث هنا عن حياة موظف يتقاضى الحد الأدنى من الأجور في أحد الأحياء الفقيرة، بل عن نجم سينمائي، يخضع لتحديقة كاميرا واحدة من أشهر قنوات إنتاج الوثائقيات “الطبيعيّة”. هل تحول المشاهير إلى فئران تجارب؟ أم تحول العلم إلى سلعة تباع للمشاهير؟