“إنفيديا” البوصلة التكنولوجية: شركة تحدد مسار الاستثمار بالذكاء الاصطناعي

“إنفيديا” البوصلة التكنولوجية: شركة تحدد مسار الاستثمار بالذكاء الاصطناعي

كانت الأسواق تترقب نتائج شركة إنفيديا المالية بقلق. الشركة الأكثر قيمة في العالم لم تطمئن المستثمرين، خاصة في القطاع التكنولوجي. توقعات الشركة للإيرادات تدل على تباطؤ أو هدوء في النمو بعد صعود هائل استمر عامين مدعوم بالاستثمارات الواعدة في مشاريع الذكاء الاصطناعي.

لفت بيان “إنفيديا” المالي، الأربعاء الماضي، إلى أن مبيعاتها ستبلغ حوالي 54 مليار دولار في الربع المالي الثالث، الذي يمتد حتى تشرين الأول/تشرين الأول المقبل، ما يقل عن توقعات عدد من الشركات المالية وخبراء السوق، ويتماشى مع تصورات وول ستريت.

ارتفع سهم “إنفيديا” بنسبة 239% في عام 2023، و171% في عام 2024، وبعد ارتفاع وصل إلى 35% هذا العام، ووصول الشركة إلى قيمة سوقية تقارب الأربعة تريليونات دولار، اعتبرت السوق نتائج “إنفيديا” الأخيرة مخيبة للآمال، وهبطت أسهمها 3% مباشرة بعد الإعلان، إذ يوجد تفصيل أساسي راقبه المستثمرون: إيرادات قطاع مراكز البيانات، الذي يشمل مبيعات أقوى رقاقات الشركة، والمستخدمة في تدريب وتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، والتي تمثل 89% من مبيعات الشركة. هذه الإيرادات ارتفعت بنسبة 56% لتصل إلى 41.1 مليار دولار، لكنها جاءت أقل من توقعات المحللين البالغة 41.3 مليار دولار.

وعلى الرغم من ارتباك السوق، قال الرئيس التنفيذي للشركة، جنسن هوانغ، إن “الفرصة المستقبلية هائلة. نتوقع إنفاقاً يتراوح بين 3 و4 تريليونات دولار على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بحلول نهاية العقد”.

أهمية إنفيديا في السوق

وتُعتبر “إنفيديا” بوصلة سوق الذكاء الاصطناعي حول العالم، ولها تأثير كبير في سوق الأسهم. السبب يعود إلى أنها المزود الأساسي لشرائح مراكز البيانات، والشبكات والبرمجيات التابعة للشركات التكنولوجية الكبرى. وبطريقة أسهل، تضم مراكز البيانات آلاف الخوادم (السيرفرات) لتخزين وتشغيل البيانات والتطبيقات والخدمات التابعة للشركات الكبرى، أوبن آي، ومايكروسوفت، وأمازون، وألفابيت، وميتا، التي تقوم بتدريب نماذج ذكاء اصطناعي أكثر قوة، وتوسع مراكز بياناتها القديمة لتشغيل المنتجات الأكثر حداثة.

“إنفيديا” تزود الشركات بالمنتجات والمعالجات الرسومية لتوسيع هذه المراكز، أي كلما زاد الاستثمار في الذكاء الاصطناعي ارتفعت إيرادات “إنفيديا” واتسعت قيمتها السوقية والعكس صحيح. وبالتالي تعتبر هذه الشركة الضخمة مقياساً لدورة الإنفاق على الذكاء الاصطناعي من الشركات الكبرى. كذلك، فإن أي تباطؤ أو أزمة قد تنشأ داخل هذه الشركة أو بدورتها الإنتاجية تضرب مباشرة كبرى الشركات والقطاع التكنولوجي بأسره.

من جهة أخرى، تعتبر حصة “إنفيديا” الأكبر في مؤشر ستاندرد آند بورز 500، الذي يقيس أداء أكبر 500 شركة مُدرجة في الولايات المتحدة من حيث القيمة السوقية.

ووفق تتبع “العربي الجديد” لجداول موقع سليك شارت، المتخصص في البيانات، سجلت “إنفيديا” حصة 7.46% من المؤشر، أمس الخميس، وهو أكبر وزن لأي سهم منفرد في تاريخ “ستاندرد آند بورز 500” منذ عام 1981. بالتالي، فإن أداءها يؤثر مباشرة بأداء المؤشر، ويطاول مباشرة ادخار ملايين المستثمرين في صناديق المؤشرات المرتبطة بـ”ستاندرد آند بورز 500″، حتى لو لم يشتر المستثمر سهم “إنفيديا” مباشرة.

تحديات أبرزها ترامب

وتواجه الشركة العديد من التحديات حالياً. هنالك أولاً حديث يزيد رسوخاً في الأسواق حول فقاعة التكنولوجيا، حيث تؤكد التحليلات والبيانات أن العوائق من خدمات ومنتجات الذكاء الاصطناعي لا توازي النفقات الاستثمارية الهائلة على القطاع، وتسود المخاوف من أن تكون هنالك مبالغة في تقدير حجم هذه السوق قد تتحول إلى انهيار سريع.

حالياً، لا يوجد أي منافس قد يهز عرش “إنفيديا” في سوق رقائق الذكاء الاصطناعي، إلا أن بعض الشركات بدأت بناء نماذج منافسة لها، وإن لم تصل إلى مرحلة تشكيل تهديد فعلي، إلا أن موجة النهوض بدأت تتشكل. وأيضاً، تبرز مشكلة الإمدادات، حيث لا تمتلك “إنفيديا” مصانع للرقائق فهي شركة تصميم وابتكار، وتعتمد على الإنتاج الخارجي للرقائق خاصة من تايوان، ما يضعها أمام تحدٍ متواصل في توفير المواد الأولية لمنتجاتها، خاصة مع اكتظاظ الطلب على الرقائق من العديد من الشركات الأخرى، والخوف من التأثيرات التي قد تطاول المصانع مثل الحروب والكوارث ونقص المواد وغيرها.

أما الأزمة المستجدة، فهي الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. الأخير فرض حظراً في مطلع 2025 على تصدير شريحة H20 المخصصة لمراكز البيانات والذكاء الاصطناعي من “إنفيديا” إلى الصين، رغم أن هذه الشريحة صُممت خصيصاً للامتثال للقيود الأميركية التي وضعتها إدارة جو بايدن.

في تموز/تموز الماضي، تراجع ترامب جزئياً، حيث سمح مجدداً ببيع هذه الشرائح، لكن على أن تدفع “إنفيديا” 15% من إيرادات مبيعاتها في الصين للحكومة الأميركية مقابل تراخيص التصدير. الحكومة الصينية عبرت عن قلقها من الشريحة H20 أيضاً، وطلبت من شركاتها تجنب شرائها لأسباب أمنية.

نتيجة لذلك، طلبت “إنفيديا” من مورديها وقف إنتاج هذه الشريحة تماماً. وفي الوقت نفسه، بدأت الشركة تطوير شريحة جديدة (B30A) بهدف تقديم بديل أكثر قوة وتتوافق مع اللوائح الأميركية.

وصرحت شركة إنفيديا، الأربعاء الماضي، بأن الحكومة الأميركية لم تُحدد بعد كيفية تطبيق اللوائح التي تُلزم الشركة المُصنِّعة للرقائق بسداد هذه المدفوعات. ولا تزال المناقشات جارية بين “إنفيديا” والحكومة، وفقاً للمديرة المالية كوليت كريس.

وقالت الشركة في ملف قدمته سابقاً: “أي طلب للحصول على نسبة من الإيرادات من حكومة الولايات المتحدة قد يعرضنا للتقاضي، ويزيد من تكاليفنا، ويضر بموقفنا التنافسي، ويفيد المنافسين غير الخاضعين لمثل هذه الترتيبات”.

بايت دانس ترفع تقييمها إلى 330 مليار دولار رغم تهديدات بحظر تيك توك

بايت دانس ترفع تقييمها إلى 330 مليار دولار رغم تهديدات بحظر تيك توك

تستعد شركة بايت دانس، المالكة لتطبيق الفيديوهات القصيرة تيك توك، لإطلاق برنامج جديد لإعادة شراء أسهم الموظفين، سيقيّم عملاق التكنولوجيا الصيني بأكثر من 330 مليار دولار، مدفوعاً باستمرار نمو الإيرادات، بحسب ثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر، وفق “رويترز”. وتخطط بايت دانس لعرض 200.41 دولار للسهم الواحد في برنامج إعادة الشراء للموظفين الحاليين، بزيادة قدرها 5.5% عن 189.90 دولارًا كانت قد عرضته قبل نحو ستة أشهر، عندما قيّمت بايت دانس بحوالي 315 مليار دولار. ومن المتوقع إطلاق إعادة الشراء في الخريف.

إيرادات متصاعدة

ستأتي إعادة الشراء الأخيرة عند تقييم أعلى، فيما تواصل بايت دانس ترسيخ مكانتها كأكبر شركة تواصل اجتماعي في العالم من حيث الإيرادات. فقد ارتفعت إيراداتها في الربع الثاني بنسبة 25% على أساس سنوي، لتصل إلى نحو 48 مليار دولار، معظمها من السوق الصينية، في وقت تواصل مواجهة ضغوط سياسية للتخلي عن ذراعها في الولايات المتحدة.

وكانت إيرادات بايت دانس في الربع الأول قد تجاوزت 43 مليار دولار، ما جعلها تتفوق على فيسبوك وإنستغرام المملوكين لشركة ميتا، التي بلغت إيراداتها 42.3 مليار دولار خلال الفترة نفسها. وحافظت الشركتان على نمو يفوق 20% في المبيعات بالربع الثاني، مدعومتين بالطلب القوي على الإعلانات.

إعادة شراء منتظمة

تسمح عمليات إعادة الشراء نصف السنوية من بايت دانس لموظفي الشركة الخاصة غير المدرجة ببيع جزء من حصصهم، وهو ما يعكس قوة ميزانيتها العمومية المدعومة بأنشطتها المتوسعة محليًا ودوليًا. وأصبحت هذه الخطوة شائعة بين الشركات الخاصة المتأخرة في الطرح، بهدف الاحتفاظ بالموظفين وتوفير السيولة لهم من دون اللجوء إلى إدراج عام أولي.

وعلى خلاف شركات مثل “سبيس إكس” و”أوبن إيه آي”، التي تلجأ إلى رأس المال الاستثماري الخارجي لتمويل مثل هذه البرامج، اعتمدت بايت دانس باستمرار على ميزانيتها العمومية، في إشارة إلى مرونتها المالية وهوامشها الصحية. كما تُعد من أبرز رواد الذكاء الاصطناعي في الصين، باستثمارات ضخمة في شراء شرائح “إنفيديا”، وبناء بنية تحتية متخصصة، وتطوير نماذجها.

ملف بيع تيك توك

ورغم تفوقها على ميتا في الإيرادات هذا العام، فإن تقييم بايت دانس لا يزال أقل من خمس القيمة السوقية لميتا البالغة نحو 1.9 تريليون دولار، وهو فارق يعزوه المحللون إلى المخاطر السياسية والتنظيمية في الولايات المتحدة. وتتعرض الشركة لضغوط شديدة في واشنطن، حيث أقر الكونغرس قانونًا يُلزمها بالتخلي عن أصول تيك توك في الولايات المتحدة بحلول 19 كانون الثاني 2025، أو مواجهة حظر وطني للتطبيق، الذي يضم 170 مليون مستخدم أميركي.

وكان الرئيس دونالد ترامب قد منح تيك توك عدة فترات سماح، ومدد الأسبوع الماضي الموعد النهائي لتخلي الشركة عن أصولها الأميركية إلى 17 أيلول/أيلول، مع إشارته إلى وجود مشترين أميركيين مستعدين لذلك. لكنه لم يستبعد تمديد المهلة مجددًا، الأمر الذي أثار انتقادات من مشرعين اعتبروا أن إدارته تتجاهل القانون وتتغاضى عن المخاوف الأمنية. وبينما تعد بايت دانس شركة مربحة، فإن أعمال تيك توك في الولايات المتحدة لا تزال خاسرة، بحسب مصادر.

ائتلاف استثماري محتمل

في حال تم بيع أصول تيك توك الأميركية، فمن المتوقع أن تنتقل ملكيتها إلى شركة مشتركة تضم ائتلافًا من المستثمرين الأميركيين وبايت دانس، التي ستحتفظ بحصة أقلية. ويضم هذا الائتلاف، الذي برز باعتباره الأوفر حظًا، مستثمرين حاليين في بايت دانس مثل Susquehanna International وGeneral Atlantic وKKR، إلى جانب Andreessen Horowitz، فيما انسحبت بلاكستون أخيرًا بعد عدة تأجيلات، بحسب ما أفادت به “رويترز” سابقًا.

معنويات الموظفين وخطط بديلة

من شأن برنامج إعادة الشراء الجديد أن يعزز معنويات موظفي بايت دانس في الولايات المتحدة، حيث يسود القلق بشأن مستقبل تيك توك. كما تعمل الشركة على إعداد تطبيق مستقل محتمل للمستخدمين الأميركيين، رغم عدم وضوح ما إذا كان سيُعتمد فعليًا وسط استمرار المحادثات التجارية بين إدارة ترامب وبكين.