ينعكس الوضع الأمني المتردي الناتج عن أعمال العنف في باكستان على جوانب الحياة كافة، وأعلنت الحكومة قطع شبكة الإنترنت في إقليم بلوشستان (جنوب غرب)، حتى آخر آب/ آب الجاري، وقد يستمر القطع مدة أطول، الأمر الذي يؤثر على تفاصيل الحياة اليومية للسكان ويرخي بثقله على عملية التعليم، علاوة على الآثار النفسية التي يقاسيها الآباء والأمهات، حيث ينقطع تواصلهم مع أبنائهم عندما يكونون في المدارس أو الجامعات.
وبرّرت الحكومة الباكستانية خطوتها بالقول إن المسلحين يستخدمون الإنترنت من أجل التنسيق في ما بينهم والتخطيط للعمليات المسلحة وتنفيذها، مؤكدة أن الخطوة مؤقتة ولن تستمر أكثر من اللازم. لكن نظراً للواقع الأمني المتدهور، لا يتوقع المراقبون وسكان الإقليم عودة شبكة الإنترنت في القريب العاجل.
وتستند الحكومة في قرار تعطيل شبكة الإنترنت إلى المادة رقم 54 من قانون الاتصالات الباكستاني لعام 1996 التي تمنح الحكومة والسلطات المعنية صلاحية تعليق عمل الإنترنت والهواتف الذكية في حالات الطوارئ، وكلما رأت السلطات ضرورة لذلك. غير أن القانون المذكور لا يحدد فترة التعطيل، إنما يترك ذلك لرأي الحكومة ووفقاً لما تراه مناسباً، ما يثير خشية سكان بلوشستان، ولا سيما الأساتذة والطلاب، من إطالة أمد هذا القرار.
ليست هذه المرة الأولى التي تعطل فيها الحكومة الباكستانية شبكة الإنترنت، بل فعلت ذلك مراراً، لكنها كانت تكتفي عادةً بيوم أو يومين، وعلى الأكثر ثلاثة أيام، أما هذه المرة فتمتد لأسابيع، من دون معرفة إمكانية عودة الشبكة في الفترة القريبة. وفي السياق، نظم عدد من سكان الإقليم وبعض السياسيين وعلماء الدين احتجاجات شارك فيها صحافيون وناشطون، لكنها لم تؤدِّ إلى النتيجة المرجوة.
ويقول الناشط الاجتماعي لعل كل كاكر، لـ”العربي الجديد”: “ندرك جميعاً أن القرار لم يأتِ من الحكومة، بل من الجيش الباكستاني وفيلق بلوشستان، والحكومة المحلية ليست إلا واجهة تعلن ما تقرّره المؤسسة العسكرية. ومن المعروف أن الجيش الباكستاني إذا اتخذ قراراً فلا يمكن تغييره، كون رأي المواطن لا يعنيه، ولا يمكن أصلاً الحديث مع الجيش. لكننا شاركنا في الاحتجاجات، وسنشارك فيها مستقبلاً، كي نرفع الصوت تجاه معاناتنا”.
تتذرع الحكومة بالوضع الأمني في إقليم بلوشستان، 21 أيار 2025 (آصف حسن/فرانس برس)
ويوضح الناشط أن قادة الجيش وصنّاع القرار في المؤسسة العسكرية “لا يدركون معاناة سكان بلوشستان الذين يعيشون بأشد حالة من الفقر والبطالة المستشرية، إضافة إلى أعمال العنف التي تحصد أرواحهم”. ويتابع: “كما أن طلاب الإقليم يقاسون كل أنواع المعاناة التي فاقمتها اليوم مسألة قطع الإنترنت. فالعثور على كتاب في الإقليم أمر صعب جداً، ما دفع العديد من الطلاب إلى الاستعانة بالإنترنت من أجل الحصول على مراجع ومعلومات وتعزيز معارفهم ومتابعة الدراسة، لكن بعد تعطيل الشبكة لم يعد بإمكانهم مواصلة التعلّم أو البحث والتحقق من المعلومات أو إعداد البحوث العلمية أو حتى الدراسة عن بُعد. ويواجه الأساتذة أيضاً مشاكل ليس فقط في التواصل مع الطلاب والإدارات المعنية، بل أيضاً في البحث عمّا يحتاجون إليه”.
وتقول الطالبة الجامعية بروين مظفر، وهي من سكان مديرية مستونك في إقليم بلوشستان، لـ”العربي الجديد”: “60% من عملية تعليمنا توقفت بشكل كامل، لا يمكننا البحث عمّا يطلبه الأساتذة والمعلمون، ولا يمكننا الاستعداد للامتحانات المقبلة. علاوة على ذلك، تبرز إشكالية التواصل مع الأهل، أحياناً نتواصل معهم عبر الاتصال الهاتفي، لكن كلفته عالية من جهة، وشبكات إرسال الهواتف ضعيفة من جهة أخرى، وأحياناً تكون معدومة”.
وترى أنه “كان من الأنسب أن تعلن الحكومة توقف عملية التعليم بشكل كامل، خصوصاً أن الأساتذة يضغطون علينا ويصرّون على إنجاز البحوث العلمية والواجبات الدراسية الفصلية. لكنهم في النهاية يعرفون أننا نواجه جميعاً مشاكل عديدة تعرقل إنجاز أي بحث علمي أو عمل فصلي أو حتى التحضير للامتحانات والتعليم عن بُعد. لقد توقفت العملية التعليمية برمّتها. فقط نقصد الصفوف لنتلقى الدروس المتاحة لدى الأساتذة”.
وتؤكد الطالبة مظفر أن المدارس تعاني بدورها من المشاكل جراء قطع الإنترنت، لكن تلامذة المدارس لا يحتاجون للأبحاث المعمقة مثل طلاب الجامعات. لذلك، فإن تعطل شبكة الإنترنت يمثل مصيبة كبرى بالنسبة إلى عموم طلاب الجامعات والأساتذة من دون استثناء، لكن صنّاع القرار، بنظرها، لا يدركون حجم المعاناة، حيث إنّ أولوياتهم تختلف كثيراً عن أولويات الطلاب وسكان الإقليم.
كشف المحامي المصري أحمد النمس عن تقدمه ببلاغات للنائب العام ومجلس الوزراء، بعد اكتشاف عملية تلاعب واستغلال بإحدى مديريات التربية والتعليم، ما يفتح الباب أمام قضية خطيرة متكررة.
وأوضح المحامي المصري في تصريحات لـRT، أن عددا من أولياء أمور طلاب مدارس الطروات (الإعدادية بنات وبنين – الثانوي بنات وبنين – الثانوي التجاري والصناعي)، والمقيمين بدائرة إدارة المعادي التعليمية، تقدموا ببلاغات ضد مسؤولي إدارة مدارس الطروات، وكل من يثبت تورطه في هذه الوقائع.
وطالب المحامي المصري في بلاغه بالتحقيق العاجل فيما يتعرض له أولياء الأمور من تجاوزات جسيمة داخل مدارس الطروات، حيث فوجئ أولياء الأمور بقيام إدارات المدارس بتوجيههم لشراء الزي المدرسي من موقع بعينه (محلات الفردوس بشارع حسنين دسوقي في منطقة حدائق المعادي)، دون أن يتم اعتماد صورة رسمية للزي.
وأوضح أن سعر الطقم الواحد وصل إلى 650 جنيها، مقارنة بـ 250 جنيها فقط العام الماضي، بما يمثل زيادة غير مبررة، وإرهاقا كبيرا يقع على كاهل الأسر.
وتابع: “عند التوجه للمحل، أُبلغ أولياء الأمور بعدم توافر الزي إلا بعد دفع عربون للحجز، وهو ما يُؤكد وجود استغلال متعمد وتربح غير مشروع على حساب أولياء الأمور”.
ونوه بأن هذه الأفعال تُشكل شبهة استغلال نفوذ وإضرار متعمد بالمواطنين واحتكارًا مخالفًا للقانون، وتمثل إخلالًا جسيمًا بمبادئ العدالة والمساواة وإضرارًا بالعملية التعليمية وإساءة لسمعة المؤسسات التعليمية الحكومية.
وطالب المحامي في بلاغه بفتح تحقيق موسع وعاجل في تلك الوقائع، ومحاسبة كل من يثبت تورطه قانونا وإلزام وزارة التربية والتعليم بإصدار منشور رسمي يمنع المدارس من توجيه أولياء الأمور لشراء الزي من محلات محددة، مع توفير صورة رسمية معتمدة للزي وترك الحرية لأولياء الأمور.
خلال الآونة الأخيرة، عكفت رئاسة الوزراء المصرية بالتسيق مع وزارة الأوقاف، على دراسة مقترح لعودة الكتاتيب في مصر، بعدما طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بذلك.
وتقول رئاسة الوزراء إن الكتاتيب ستُسهم في تكوين الشخصية المصرية ونشر قيم “التسامح” و”احترام الآخر” و”حب الوطن” و”احترام الأديان”.
فمتى نشأت الكتاتيب في مصر؟ وهل كانت مقترنة بعدم وجود تعليم ابتدائي؟ وما التغييرات التي طرأت عليها؟
تختلف وتتضارب الآراء حول نشأة الكتاتيب في مصر. فبعض المؤرخين يقولون إن بداية نشأتها كانت في أواخرعصر المماليك، والبعض الآخر يقول إن ظهور الكُتاب في مصر يرجع إلى الحقبة العثمانية.
قصة حاكم مصر الذي زلزل أركان الإمبراطورية العثمانية
مذبحة القلعة: كيف تخلص محمد علي من منافسيه في حكم مصر بضربة واحدة؟
رسم توضيحي للرسام لويس كابانيس، لسبيل وكُتاب “عبد الرحمن كتخدا” بشارع المعز لدين الله الفاطمي، الذي بُني عام 1744 ميلادياً، وقد نُشرت هذه الصورة في كتاب “نزهات عبر القاهرة- Promenades à travers Le Caire”.
الكُتاب المُلحق بالسبيل
وفقاً لمؤرخين كان العصر الذهبي للكتاتيب في مصر في عهد العثمانيين.
إذ تذكر المؤرخة المصرية، الدكتورة نللي حنا، في كتابها “ثقافة الطبقة الوسطى في مصر العثمانية ق17م – ق18م”، إن نظام الكتاتيب “ساد في الفترة من القرن الـ 16 إلى القرن الـ 18” كقاعدة للتعليم الأساسي.
كما تذكر حنا في كتابها، موضحة: “كان عدد الكتاتيب في القاهرة عند نهاية القرن الـ18 حوالي 300 كُتاب، بينما بلغ تعداد سكان المدينة نحو 260 ألف نسمة”.
ويقول الدكتور أيمن فؤاد أستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة وخبير المخطوطات المصري إن “الكتاتيب انتشرت في العصر العثماني مع وجود الأسبلة، حيث كان يُلحق كُتاب بكل سبيل مياه، وكان الأطفال يتعلمون فيه القراءة والكتابة وحفظ القرأن”.
وصف مصر: أسرار ومفارقات تحكي قصة الموسوعة الأشهر في التاريخ
ويشير الدكتور أيمن فؤاد إلى وصف عالم الآثار الفرنسي، آدم فرانسوا جومار، الذي كتب الجزء الخاص ب”مدينة القاهرة وقلعة الجبل”، ضمن دراسات موسوعة وصف مصر.
ويذكر فؤاد بعضاً من وصف جومار للكتاتيب في مصر، قائلاً: “كانت وجهات السبيل بها أعمدة رُخامية وكان السبيل مُكوناً من مستويين: المستوى الأول، حيث كان السقاؤون يأتون بصهاريج حفظ المياه، مُحملةً على ظهور الجمال والبغال من الخليج (منطقة صناعية تخرج من نهر النيل) لتخزينها في السبيل”.
أما داخل المستوى الثاني من السبيل، فيقع كُتاب لتعليم أطفال المسلمين وكان يوجد أيضاً “المزملاتي” وهو الشخص الذي يناول مياه الشرب للناس، بحسب الدكتور أيمن فؤاد.
رسم توضيحي رسمه الفنان باسكال كوست، لسبيل وكتاب السلطان قايتباي الذي أسسه السلطان المملوكي الجركسي قايتباي المحمودي الأشرفي عام 1479 ميلادي
وقبل الحقبة العثمانية، خلال حكم المماليك لمصر، برزت كذلك بعض الكتاتيب، ومن أشهرها كان كُتاب وسبيل السلطان قايتباي.
وقد أسس هذا الكُتاب، السلطان المملوكي الجركسي قايتباي المحمودي الأشرفي عام 1479ميلادياً إبان حقبة المماليك البرجية (الجركسية)، ويقع الكُتاب الذي خُصص لتعليم أطفال المسلمين مبادئ القراءة والكتابة في الطابق الثالث من السبيل، وفقاً لمركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع لمكتبة الإسكندرية.
ويقول الدكتورعبد الباقي القطان، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة عين شمس “إن الكُتاب له أكثر من اسم من بينهم مجلس الأدب أوالمكتب، وكلها أسماء لمكان واحد، وهو المكان الذي يُطلب فيه علم للصبيان وهم الأطفال الصغار”.
مخاوف أثرية من انهيار يهدد قلعة قايتباي بالإسكندرية
يشيرعلي باشا مبارك في كتابه “الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة” إلى الكُتاب أو كما أطلق عليه “المكتب”، الذي بناه السلطان المملوكي لاجين داخل مسجد أحمد بن طولون لتعليم الأطفال اليتامي القراءة.
ويوضح الدكتور عبد الباقي القطان، في حديثه لبي بي سي ، أن السلطان المنصور حسام الدين لاجين، أحد سلاطين المماليك، بنى كُتاباً فى مسجد أحمد بن طولون وخصصه للأيتام للدراسة فيه.
وهو ما يؤكده علي باشا مبارك، أول وزير للتعليم في مصر، في كتابه “الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة”، الذي يشير إلى الكتاب، مستخدماً كلمة “مكتب”.
إذ يذكر مبارك في كتابه هذا: “استولى لاجين على الديار المصرية وتلقب بالملك المنصور سنة ست وتسعين وستمئة… ورتب فيه دروساً للمذاهب الأربعة، ودرساً للتفسير ودرساً للحديث ودرساً للطب وقرر للخطيب معلوماً وجعل له إماماً راتباً ومؤذنين وفراشين، وقومه وعمل بجواره مكتباً لإقراء أيتام المسلمين”.
كان الهدف من الدراسة في الكُتاب القديم ( قبل إصلاح الكتاتيب في عام 1869) حفظ القرأن الكريم وتجويده بالشكل الذي يستطيع أن يحمل صاحبه إلى التعليم في جامع الأزهر.
وبالعودة إلى الكتاتيب في الفترة العثمانية يقول الدكتورأيمن فؤاد، إن من بين أشهر الكتاتيب خلال تلك الفترة من تاريخ مصر، كان كُتاب “عبد الرحمن كتخدا” بشارع المعز لدين الله الفاطمي وهو النموذج الذي يُمثل وجود السقاية والمياه بالدورالأسفل. أما الدور العلوي فتوجد به شُرفة الكُتاب.
ويوضح فؤاد أنه، أيضاً، من بين أبرز الكتاتيب التي بُنيت خلال الحقبة ألعثمانية في القاهرة، كان سبيل وكُتاب “نفيسة البيضاء” في منطقة باب زويلة وسبيل وكُتاب “رقية دودو”في سوق السلاح.
لماذا حذفت مصر اسم “سلطان عثماني” من أحد شوارع القاهرة؟
ويستدرك في حديثه لنا قائلاً ” في مصر العثمانية، كان يبني الخيّرون الكتاتيب والأسبلة بأموالهم الخاصة وخصصوا لها وقفاً لتمويلها، وكان أهالي الأطفال الساكنين في أحياء العاصمة القاهرة يرسلونهم إليها لتلقي التعليم، الذي كان مجانياً”.
“ولم يكن الوقف يوفر التعليم المجاني فحسب، بل كان يتضمن تعليم التلاميذ وكسوتهم وتقديم الهدايا لهم في مواسم معينة”، وفق ما ذكرته المؤرخة المصرية نللي حنا في كتابها ” ثقافة الطبقة الوسطى في مصر العثمانية ق17م – ق 18م”.
رسم توضيحي بالألوان لكُتاب في القاهرة بالقرن التاسع عشر.
انفصال الكُتاب عن السبيل
ومع بداية عصر حكم الخديوي إسماعيل (1879-1863م) ” لم تعد الكتاتيب المُلحقة بالأسبلة تُستخدم للتعليم، إذ أصبحت هناك شركات لتوصيل المياه وكانت هناك صنابير مياه في الأماكن العامة وأصبحت المياه تصل لوسط المدينة، لذلك تم الاستغناء تقريباً عن الأسبلة”، وفقاً لما يقوله الدكتورأيمن فؤاد لبي بي سي.
لماذا أرسل الخديوي إسماعيل جنوداً مصريين إلى المكسيك؟
ويوضح فؤاد أنه بسبب ذلك، انفصلت الكتاتيب عن الأسبلة، لتصبح مُلحقة بالزوايا والمساجد لتعليم القرأن ومبادىء القراءة والكتابة وكانت هذه الكتاتيب هي الأكثر شيوعاً، بحسبه.
ويقسم الباحث والأكاديمي المصري، الدكتورعبد الباسط هيكل في حديثه لبي بي سي الكتاتيب في مرحلة ما بعد اندثار الأسبلة إلى نوعين: “الكتاتيب القديمة” وهي تلك التي كانت موجودة قبل عام 1869 و”الكتاتيب الحديثة” التي أُنشأت بعد ذلك التاريخ.
سبيل وكُتاب “رقية دودو”، الذي بُني أثناء الفترة العثمانية في تاريخ مصر، بعد ترميمه في منطقة سوق السلاح بالعاصمة المصرية القاهرة.
الكُتاب والدراسة في الأزهر الشريف
ينقل الدكتورعبد الباسط هيكل، عن الشيخ الراحل عبد المتعال الصعيدي أحد علماء الأزهر الشريف والعضو السابق في مجمع اللغة العربية، قوله عن الكُتاب القديم” بأنه النموذج السيء”، حيث كان ردىء التهوية، وكان هذا “الكُتاب يعتمد على الكتابة على الألواح”.
وبحسب هيكل “يشرف على هذا الكُتاب الشيخ والعريف (مساعد الشيخ)، ويعتمد في تمويله على هبة تأتي من الشخص الذي تكفل بتمويل وفتح الكُتاب في القرية”.
ومن أبرز الكتاتيب القديمة، كان الكُتاب الذي أنشأه حسن باشا عبد الرازق في صعيد مصر، والذي تعلم فيه ولداه: العالم الأزهري الشيخ مصطفى عبد الرازق وعلي عبد الرازق، الذي أصبح فيما بعد وزيراً للأوقاف، بحسب ما يقول الدكتور عبد الباسط هيكل لبي بي بي سي.
كيف مهد كتاب لشيخ أزهري للجدل حول الإسلام والعلمانية؟
أما بالنسبة للأجر الذي كان يتقاضاه شيخ الكتاب والعريف، فيوضح هيكل أنه “أحياناً كان يحصل أي منهما على بعض الهدايا أو شيء عيني من الأهالي”.
ويستدرك هيكل حديثه لبي بي سي، قائلاً: “كان الهدف من الدراسة في الكُتاب القديم هو حفظ القرأن الكريم وتجويده بالشكل الذي يستطيع أن يحمل صاحبه إلى التعليم في الأزهر، أو أن يعمل مثلاً كاتباً في المحكمة أو في بعض المهن البسيطة”.
في عصر الخديوي إسماعيل، بالقرن التاسع عشر، أُسندت إدارة التعليم إلى علي باشا مبارك الذي وضع خطة لإصلاح الكتاتيب، صورة الخديوي من نقش من مجلة L’Illustrazione Italiana
الكتاتيب في عهد الخديوي إسماعيل
في عصر الخديوي إسماعيل (1863-1879)، بالقرن التاسع عشر، أُسندت إدارة التعليم إلى علي باشا مبارك، الذي سيصبح فيما بعد ناظراً للمعارف العمومية (وزير التربية والتعليم)، بحسب ما جاء في كتاب “زعماء الإصلاح في العصر الحديث” للمؤرخ المصري أحمد أمين.
وفي عام 1869، خضعت الكتاتيب لإشراف نِظارة المعارف العمومية (وزارة التعليم في عهد الخديوي إسماعيل)، وفقاً لما قاله الأكاديمي والباحث المصري، الدكتورعبد الباسط هيكل لبي بي سي.
لماذا أرسل الخديوي إسماعيل جنوداً مصريين إلى المكسيك؟
وقد أدخل علي باشا مبارك إدارة التعليم تحت الإشراف الحكومي، بعدما كانت “الحكومة لا تُعنى إلا بالمدارس الحربية”، بحسب المؤرخ المصري، أحمد أمين.
كما أوضح المؤرخ أحمد أمين أن علي باشا مبارك أرسل مندوبين لإحصاء كل كتاتيب القطر المصري حينها، وكُلّفوا بتقييم حالة كل كُتاب وعما إذ كان مبناه صالحاً أم غير صالح و كذلك معرفة عدد تلاميذه وتقييم حالة الفقهاء.
والفقيه هو الشيخ الذي يعلم الطلاب في الكُتاب ويُحفظهم القرأن ويطلق عليه في العامية المصرية “فقي”.
“حالة يُرثى لها”
رسم توضيحي لكُتاب، في معبد قديم بمدينة الأقصرالمصرية من كتاب “من الفرعون إلى الفلاح” لتشارلز فريدريك بيل. الصورة من رسوم جورج مونتبارد ونقش تشارلز باربانت وويلز جاردنر، دارتون وشركاؤه في لندن عام 1888
وقد وجد علي باشا مبارك التعليم داخل الكتاتيب “في حالة يُرثى لها… فكثير منها إما دكان أو حاصل (مخزن) أو في غرفة مظلمة بجانب مراحيض المسجد، والتلامذة يختلط صحيحهم بمريضهم، وقد يكون المرض مُعدياً”، بحسب ما قال المؤرخ المصري، أحمد أمين في كتابه “زعماء الإصلاح في العصر الحديث”.
ويستدرك أمين في وصفه لحالة التلاميذ في الكتاتيب، قائلاً إنه كان هناك “أبرص وأجرب ومحموم ينشرون العدوى بين الأصحاء. يجلسون على حصير بالٍ ويشربون بكوز واحد من زير واحد ويأكلون في الظهر من صحن واحد”.
ليس هذا فحسب، بل أن فقيه الكُتاب عادةً ما “لا يُحسن رعاية التلاميذ ولا إدارة شؤونهم”، وكان هدفه الوحيد تحفيظ القرأن من غير فهم، ووسائل التأديب عنده ليست إلا السب والضرب، وفقاً لما أورده أحمد أمين في كتابه “زعماء الإصلاح في العصر الحديث”.
وقد دونت نِظارة المعارف العمومية جميع ملاحظتها عن أوضاع الكتاتيب في مصر، من أجل إصلاحها للاستعانة بها لمحو الأمية وانطلاق ما أُطلق عليه “الكتاتيب الحديثة”، وكان ذلك ما بين عامي 1869 و1902، بحسب الدكتور عبد الباسط هيكل.
لوحة فنية باسم “فنان في مصر” تظهر طُلاباً يدرسون داخل جامع وتعود لنحو عام 1905 للرسام البريطاني والتر تيندال.
بداية الإصلاح
يشير أحمد أمين إلى أن علي باشا مبارك قسّم الكتاتيب، بعد إحصائها، إلى ثلاثة مستويات: جيدة ومتوسطة ورديئة.
كما أن مبارك وضع لائحة أسماها لائحة رجب – وهو تاريخ صدورها – عالج فيها كل المشاكل التي واجهتها الكتاتيب من “مراعاة التدابير الصحية وتدبير المال اللازم ورفع مستوى الفقهاء”.
ويقول الدكتورعبد الباسط هيكل إن “نِظارة المعارف وضعت برنامجاً لإصلاح الكتاتيب. وحاولت أن تُلزم بعضاً من الشيوخ، الذين يريدون الحصول على منحة الالتحاق بهذا البرنامج، بالمساهمة في تجديد الكتاتيب”.
و”تكون المُساهمة من خلال استيفاء بعض الملاحظات التي تطلُبها نظارة المعارف، من خلال مُساهمة أهل القرية أو شيخ الكتاب أوالعمدة لتوفير مبانٍ جيدة للكتاتيب”.
وهو ما يؤكده المؤرخ أحمد أمين، الذي ذكر أن علي باشا مبارك جعل بعض الأهالي والمديريات الحكومية تتحمل بعضاً من الأعباء المالية لتطوير التعليم وتحويل بعض الكتاتيب الكبيرة الصالحة إلى مدارس ابتدائية.
كما يشرح هيكل أن من ضمن خطة الإصلاح، كان تلقي شيخ الكُتاب تدريباً “حيث كان يذهب إلى مكان تُخصصه له نِظارة المعارف للتدريب مدة يومين في الأسبوع، وعادةً ما يكونا يومي الخميس والجمعة، وينقطع الشيخ خلالهما عن الكُتاب وتُغلق أبوابه”
ليس هذا فحسب، “كما أنه يحصل على راتب ويُؤهل لتدريس علوم أخرى كالخط العربي أو مذكرة بسيطة لتعليم الحساب”.
في عصر ملك مصر الراحل، فؤاد الأول، أُصدر دستور 1923، الذي تنص المادة 19 منه على أن التعليم الأولي أصبح إلزامياً ومجانياً في مؤسسات الدولة التعليمية، والصورة من نقش من مجلة L’Illustrazione Italiana
دستور 1923 ومجانية التعليم
يعتبر الدكتور عبد الباسط هيكل دستور 1923 في عهد الملك فؤاد الأول الذي تنص المادة 19 منه على أن التعليم الأولي أصبح إلزامياً ومجانياً في مؤسسات الدولة التعليمية “حدثاً سياسياً مهماً للغاية في مسار التعليم في مصر”.
ويوضح هيكل أنه بناءً عليه تم التفكير في إنشاء المدارس الأولية، بمبانيها الحديثة والتي تختلف اختلافاً تاماً عن الكتاتيب.
ويرى مؤرخون أنه بعد هذه الفترة تراجعت الكتاتيب في مصر تدريجياً إلى أن وصلت ذروة التراجع بحلول حقبة الخمسينيات.
غير أن الدكتور عبد الباسط هيكل يقول ” في ظني لم يحدث تراجع للكتاتيب ولكن لم يحدث نمو. ففي هذا التوقيت كانت هناك تغييرات داخل المجتمع المصري مع ظهور طبقة جديدة تتشكل وهي الطبقة العُمالية”.
ووفقاً لهيكل، فإن هذه الطبقة الجديدة كانت لها متطلبات تعليمية مختلفة والمجتمع كان يُغذي هذه المتطلبات، “وبدأت تظهر أنواع جديدة من التعليم المهني. كما بدأ يظهر ما عُرف باسم المدارس المُلحقة بالمصانع، فتم تصوير الأمر على أنه ركود أو تراجع “.
وعلى الرغم من ذلك، لا تزال حتى الآن هناك بعض الكتاتيب في قرى مصر، حيث يتعلم الأطفال مبادىء القراءة والكتابة وحفظ القرآن، لكنها لا تشكل القاعدة الأساسية للتعليم في البلاد، ولا يُعتد بها كمرحلة تعليمية، للالتحاق بالمدارس الابتدائية.
قالت الأمم المتحدة إن الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة سيحرمون من التعليم للعام الثالث على التوالي، بسبب ما ترتكبه إسرائيل من حصار وحرب إبادة.
وأكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في مؤتمر صحفي أمس الأربعاء، أن “التعليم حق أساسي ولا يجوز حرمان أي طفل منه”، وذلك مع اقتراب العام الدراسي الجديد.
ودعا دوجاريك إلى “حماية حق الأطفال في غزة في الحصول على التعليم”.
وأكد ضرورة إعادة فتح المدارس وضمان تمكين الأطفال الفلسطينيين من مآذارة حقهم في التعليم، محذرًا من أن هذه الأزمة “تهدد مستقبل جيل كامل في غزة”.
تدمير ممنهج للجامعات في غزة
وهناك جيل من سكان غزة في مراحل تعليمية من المدرسة إلى الجامعة، حرم من التعليم بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة منذ عامين تقريبًا والتي دمرت مؤسسات القطاع.
وسبق أن اتهم وزير التعليم الفلسطيني أمجد برهم إسرائيل بتدمير المدارس والجامعات على نحو ممنهج، قائلًا: إنها دمرت 293 مدرسة من أصل 307 إما كليًا أو جزئيًا.
وفي 12 آب/ آب الجاري، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن أحدث تقييم للأضرار استنادًا إلى صور الأقمار الصناعية في تموز/ تموز، كشف أن 97% من المنشآت التعليمية في غزة تعرضت لأضرار بدرجات متفاوتة.
وأضاف أن 91% منها تحتاج إلى إعادة تأهيل أو إعادة بناء كاملة لتصبح صالحة للعمل مرة أخرى.
كما أوضح أنه “لا تزال القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية تحد من دخول المستلزمات التعليمية إلى غزة، وتؤثر سلبًا على حجم المساعدات المقدمة وجودتها”.
وترتكب إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية في غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
أطلقت الإدارة الأميركية إجراءً لتقليص مدة إقامة الطلاب والصحافيين في الولايات المتحدة، في خطوة إضافية على صعيد تشديد الهجرة النظامية.
وبموجب التعديلات المقترحة، لن يسمح للأجانب الحاملين تأشيرات تعليمية بالبقاء لأكثر من أربعة أعوام في الولايات المتحدة.
إلى ذلك، ستحدد مدة إقامة الصحافيين الأجانب بـ240 يومًا، مع إمكانية التقدم بطلبات لتجديدها لمدة مماثلة، باستثناء الصحافيين الصينيين الذين حددت مدة إقامتهم بتسعين يومًا.
ونشرت التعديلات المقترحة اليوم الخميس في السجل الفدرالي الأميركي، وهو الجريدة الرسمية في الولايات المتحدة. ويعطي ذلك مهلة وجيزة للتعليق العام عليها، قبل دخولها حيز التنفيذ.
“طلاب إلى الأبد”
وقالت وزارة الأمن الداخلي الأربعاء: إن العديد من الأجانب يمدّدون فترات دراستهم بما يتيح لهم البقاء “كطلاب إلى الأبد” في الولايات المتحدة.
انتقدت خطوة الإدارة الأميركية من جامعات ومؤسسات تعليمية ووصفت بأنها عقبة بيروقراطية لا طائل منها – غيتي
وأوضحت في بيان: “لفترة طويلة للغاية، سمحت الإدارات السابقة للطلاب الأجانب وحاملي التأشيرات الآخرين بالبقاء في الولايات المتحدة نظريًا إلى أجل غير مسمّى، ما سبّب مخاطر أمنية وكلّف مبالغ لا تحصى من أموال دافعي الضرائب، وأضرّ بالمواطنين الأميركيين”.
وكانت الولايات المتحدة حتى الآن تمنح الطلاب تأشيرات تمتد طوال برامجهم الأكاديمية، والصحافيين طوال فترة انتدابهم للعمل على أراضيها.
واستقبلت الولايات المتحدة ما يفوق 1,1 مليون طالب خلال العام الدراسي 2023-2024، أي أكثر من أي بلد آخر. ويوفر هؤلاء إيرادات مالية مهمة.
وانتقدت مجموعة تمثّل جامعات ومؤسسات تعليمية خطوة الإدارة الأميركية، معتبرةً أنها عقبة بيروقراطية بلا طائل، وقد تثني طلابًا من المحتمل أن يساهموا في البحث وخلق الوظائف، عن الانتقال إلى الولايات المتحدة.
وقالت رئيسة “تحالف الرؤساء للتعليم العالي والهجرة” ميريام فلدبلوم: إن الاجراء “يبعث برسالة إلى الأفراد الموهوبين في أنحاء العالم بأن مساهماتهم لا تحظى بالتقدير في الولايات المتحدة”.
واعتبرت فلدبلوم أن التعديل لا يضرّ فقط بالطلاب الأجانب “بل يضعف أيضًا قدرة الجامعات والكليات الأميركية على استقطاب أبرز المواهب، ما يضعف قدرتنا التنافسية”.
وألغت وزارة الخارجية ستة آلاف تأشيرة تعليمية منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض مطلع العام، جزء منها مرتبط بتحركات مناهضة لإسرائيل شهدتها الجامعات بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة.