عجز كبير في الميزان التجاري السوداني

عجز كبير في الميزان التجاري السوداني

سجل الميزان التجاري السوداني خلال الربع الأول من عام 2025 عجزاً ضخماً بلغ 608.7 ملايين دولار، بعد أن بلغت قيمة الواردات 1.3 مليار دولار مقابل صادرات لم تتجاوز 704.1 ملايين دولار، ولا يزال الذهب يمثل العمود الفقري للصادرات السودانية والإيرادات الحكومية، حيث بلغت عائداته 449.5 مليون دولار، أي ما يعادل 63.8% من إجمالي الصادرات، وجاءت الحيوانات الحية في المرتبة الثانية بـ 103.7 ملايين دولار، تلاها السمسم بـ 81.9 مليون دولار، وفقاً للموجز الإحصائي للتجارة الخارجية الصادر عن بنك السودان المركزي.

وتصدرت الواردات السلع الغذائية بـ 387.8 مليون دولار (29.5%)، تلتها المواد البترولية بـ 205.6 ملايين دولار (15.7%)، ثم السلع المصنعة بـ 193.6 مليون دولار. ويقول المختص في شؤون التجارة عمر سيد أحمد لـ “العربي الجديد” إنّ الذهب يمثل اليوم المورد الأول للنقد الأجنبي في السودان خلال الفترة 2023–2025، خاصة بعد تراجع قطاع النفط.

ووفق بيانات الشركة السودانية للموارد المعدنية، وتقارير تشاتام هاوس (2025)، فإن إجمالي إنتاج السودان من الذهب يتراوح بين 100 و120 طناً سنوياً، يشمل الإنتاج الرسمي وغير الرسمي، في كل من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة وتلك الخارجة عنها، غير أنّ ما بين 70 و80% من هذا الإنتاج يُهرَّب إلى الخارج عبر مسارات غير رسمية، بخاصة عبر الحدود مع مصر وتشاد، قبل أن يصل معظمه إلى أسواق مثل الإمارات.

أما الإنتاج الرسمي المصرح به من قبل الحكومة السودانية منذ إبريل 2023 وحتى مطلع 2025، فقد بلغ نحو 64 طناً، وهو ما يعادل حوالي 7.01 مليارات دولار بالقيمة السوقية الحالية، رقم يقل بكثير عن التقديرات الفعلية للإنتاج.

أسباب عجز الميزان التجاري

ويرى الخبير الاقتصادي والمهتم بشؤون التجارة أسامة أحمد بابكر لـ”العربي الجديد” أن الحكومة لم تعتمد على خطة اقتصادية واضحة منذ بداية الحرب، ولم تستطع إحداث توازن بين اقتصاد التنمية في المناطق الآمنة واقتصاد الحرب في المناطق غير المستقرة، مع ضرورة الإنفاق على التسليح وتوفير احتياجات الجيش، رغم أن هذا يشكل صعوبات على ميزان المدفوعات وموارد النقد الأجنبي.

وأشار إلى ظهور بعض الأزمات مع الحرب، فيما موارد النقد الأجنبي التي يعتمد عليها السودان توقفت تماماً، ما أدى إلى ارتفاع قيمة العملات الأجنبية وانهيار الجنيه السوداني، وارتفاع أسعار المواد التموينية الأساسية. وقال إن ازدياد حاجة البلاد للنقد الأجنبي لتغطية الاستيراد يطال العديد من السلع، بينما الصادرات المتمثلة في الذهب والسمسم والحيوانات في مجملها في حدود 4.4 مليارات دولار.

وأضاف أنّ ذلك يعني زيادة في عجز الميزان التجاري، كما أنّ الموارد الأخرى التي يمكن أن تقلل من أثر هذا العجز كالقروض والمعونات الأجنبية وتحويلات المهاجرين والعائد من استخدام المجال الجوي السوداني ورسوم مرور نفط الجنوب وغيرها، تضاءلت إلى حد بعيد بسبب الحرب.

ثمن الرسوم الأميركية… انكماش الاقتصاد الكندي 1.6% والصادرات 27%

ثمن الرسوم الأميركية… انكماش الاقتصاد الكندي 1.6% والصادرات 27%

انكمش الاقتصاد الكندي للمرة الأولى منذ نحو عامين، في تطور يعكس حجم الأضرار التي ألحقها التصعيد التجاري مع الولايات المتحدة بالتصدير والاستثمار. ووفق بيانات رسمية صادرة عن هيئة الإحصاء الكندية، اليوم الجمعة، تراجع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي بلغ 1.6% خلال الربع الثاني من العام الجاري، وهو أكبر انكماش يسجله الاقتصاد منذ جائحة كورونا.

وبحسب ما أوردته وكالة بلومبيرغ، جاء الانكماش مدفوعاً بانهيار الصادرات بنسبة 27% على أساس سنوي، نتيجة الرسوم الجمركية الأميركية التي استهدفت سلعاً كندية أساسية مثل الصلب والألمنيوم والسيارات. كما تراجعت الواردات بنسبة 5.1%. أما استثمارات الشركات فانخفضت بشكل حاد بلغ 10.1% بعد نمو طفيف في الربع الأول، في إشارة إلى تفاقم حالة القلق وعدم اليقين لدى المستثمرين تجاه سياسات الإدارة الأميركية المتقلبة.

البيانات المفاجئة دفعت الدولار الكندي إلى أدنى مستوياته خلال الجلسة أمام نظيره الأميركي، حيث بلغ 1.3772 دولار كندي مقابل الدولار الأميركي. في المقابل، ارتفعت أسعار السندات الحكومية مع هبوط العوائد، إذ انخفض العائد على السندات لأجل عامين إلى 2.66%. كما رفع المتعاملون في أسواق المشتقات توقعاتهم لاحتمال خفض سعر الفائدة من بنك كندا في اجتماعه المقبل يوم 17 أيلول/ أيلول، لتقترب التوقعات من نسبة 50%، مقارنة بحوالي 40% قبل صدور البيانات.

ورغم هذه المؤشرات السلبية، أظهرت البيانات بعض نقاط التماسك في الاقتصاد الكندي المنكمش، إذ ارتفع الطلب المحلي النهائي بنسبة 3.5% بدعم من زيادة استهلاك الأسر بنسبة 4.5%، ما يعكس قوة نسبية في الإنفاق رغم تباطؤ نمو الدخل المتاح الذي لم يتجاوز 1.3%، وهو الأضعف منذ أكثر من عامين. كما أظهر قطاع العقارات انتعاشاً لافتاً، إذ ارتفعت الاستثمارات في المساكن بنسبة 6.3% وسط تحسن في بدايات البناء وتعافي السوق العقاري.

وتعود جذور الأزمة إلى بداية عام 2025 حين صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لهجته التجارية وفرض رسوماً جمركية جديدة على عدد من الواردات الكندية، في خطوة وصفت بأنها “أكبر اختبار” لاتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA). ورغم أن متوسط الرسوم الفعلية المفروضة ما زال في حدود 5 إلى 7%، وهو أدنى بكثير من المعدلات العالمية، فإنها أصابت القطاعات الكندية الموجهة للتصدير في مقتل، وأضعفت ثقة المستثمرين.

ووفقاً لـ”بلومبيرغ”، يرى خبراء أن البيانات الأخيرة تضع ضغوطاً إضافية على صناع السياسة النقدية في كندا لاتخاذ خطوات دعم عاجلة. وقال أندرو غرانثام، الخبير الاقتصادي في بنك CIBC: “الاتجاه الأضعف من المتوقع يعزز توقعاتنا بخفض سعر الفائدة في أيلول، لكن بيانات الوظائف والتضخم القادمة ستكون حاسمة”. وبينما تحاول الحكومة الكندية زيادة إنفاقها العام بنسبة 5.1% لدعم النمو، يبقى التحدي الأساسي هو كيفية التكيّف مع حرب تجارية مفتوحة مع أكبر شريك اقتصادي للبلاد.