حملة “جيل الغد… نساعده اليوم” لإنقاذ تلاميذ تونس من التسرّب

حملة “جيل الغد… نساعده اليوم” لإنقاذ تلاميذ تونس من التسرّب

قبيل العام الدراسي المقبل 2025-2026، وتحت شعار “جيل غدوة… نعاونونه اليوم” (جيل الغد… نساعده اليوم)، أُطلقت حملة في تونس لجمع تبرّعات من أجل توفير مستلزمات العودة إلى المدرسة لفائدة مئات من تلاميذ الريف المهدّدين بالتسرّب، وذلك من خلال بيع أعمال فنية وإصدارات أدبية. ويعوّل الناشطون، الذين أعلنوا عن مبادرتهم في ندوة صحافية بالعاصمة تونس اليوم الاثنين، على جمع مبالغ مالية كافية لتوفير مئات الحقائب المدرسية لفائدة تلاميذ في المرحلة الابتدائية يهدّدهم الفقر بالتسرّب، بعد تضرّر أسرهم من جرّاء تغيّر المناخ وتداعياته، لا سيّما الجفاف.

وقال رئيس “جمعية متطوعون بوعرادة” عمر الوسلاتي لـ”العربي الجديد” إنّ “الهدف من الحملة هو جمع تبرّعات لفائدة تلاميذ في مناطق ريفية، قد تعجز أسرهم عن إعادتهم إلى مقاعد الدراسة بسبب انحدارها للفقر وتراجع مداخيلها نتيجة تأثيرات الجفاف على سكان الريف العاملين في القطاع الزراعي”. أضاف الوسلاتي أنّ “الشبّان الناشطين في الجمعية وضعوا على ذمّة المبادرة كلّ ما أنتجوه من أعمال فنية وإصدارات أدبية، حتى يكون الفن قاطرة لتقليص الفوارق بين التلاميذ والارتقاء الاجتماعي عبر التعليم”.

وقبل سنوات، أنشأت “جمعية متطوعون بوعرادة” التي تنشط في منطقة بوعرادة، إحدى معتمديات محافظة سليانة شمال غربي تونس، ورش رسم وكتابة لفائدة اليافعين في المنطقة، قبل أن يتطوّر نشاطها ويتمكّن الأطفال من إصدار مؤلفات ورسم لوحات فنية عُرضت للبيع لفائدة حملات تطوّعية مختلفة.

الصورة

حملة في تونس لجمع تبرعات بهدف منع التسرب المدرسي - 1 أيلول 2025 (العربي الجديد)

من الحملة التي أطلقتها “جمعية متطوعون بوعرادة” في تونس لمنع التسرّب المدرسي، 1 أيلول 2025 (العربي الجديد)

وأوضح رئيس “جمعية متطوعون بوعرادة” أنّ “الكلفة الدنيا لتوفير محفظة تلميذ في المرحلة الابتدائية تُقدَّر بما لا يقلّ عن 150 ديناراً تونسياً (نحو 52 دولاراً أميركياً)، وهو مبلغ قد تعجز أسر عديدة في الأرياف المنقطعة عن توفيره نتيجة انتشار الفقر الذي تسبّب في تسرّب آلاف التلاميذ في السنوات الماضية”. وأشار الوسلاتي إلى أنّ “الجمعيات الناشطة في الجهات الداخلية تستطيع أن تقدّم الحلول لفائدة المركز عبر توفير إنتاجات فنية قابلة للتسويق لفائدة حملات تضامنية لفائدة أهل الحقّ من التلاميذ الفقراء”.

ويتصدّر الفقر في تونس الأسباب التي تقف وراء التسرّب المدرسي الذي يؤدّي سنوياً إلى ترك 100 ألف تلميذ مقاعد الدراسة، الأمر الذي يدفع الجمعيات المدنية إلى تكثيف نشاطاتها من أجل توفير مستلزمات العودة لفائدة آلاف الأطفال في المناطق الريفية مع بداية كلّ عام دراسي. وتفيد بيانات رسمية بأنّ 55% من جملة التلاميذ المتسرّبين يتركون مقاعد الدراسة في السنوات الأولى، وهم يمثّلون فئة لا تشملها خطط إعادة الدمج أو برامج تعليم الكبار، فيما تنخفض نسبة الالتحاق بالمدرسة مع تقدّم الأطفال في السنّ.

وأكد رئيس “جمعية متطوعون بوعرادة” أنّ “تنمية الثقافة التضامنية لدى الناشطين اليافعين في الجمعيات المدنية يساعد في بناء أجيال واعية وقادرة على تقليص الفوارق بين التلاميذ”، علماً أنّ الفوارق “تتزايد تحت تأثير الأزمة الاقتصادية الاجتماعية”، بحسب ما شدّد الوسلاتي.

وفي عام 2022، نشر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية دراسة حول واقع التعليم في البلاد، بيّنت أنّ المنظومة التعليمية في تونس دخلت في أزمة هيكلية تسبّبت في موجة تسرّب واسعة للتلاميذ في الأعوام العشرة الأخيرة. أضافت الدراسة نفسها أنّ نسبة الالتحاق بالمدرسة تنخفض مع تقدّم التلاميذ في السنّ، إذ تُسجَّل فوارق ما بين نسبة الملتحقين الذين بلغوا سنّ السادسة وبين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و18 عاماً، إذ تنخفض النسبة من 99.5% بين الفئة الأولى إلى 81.9% بين الفئة الثانية.