نائب رئيس البرلمان العراقي: ما زلنا بحاجة للقوات الأميركية وقانون الحشد لن يمرر

نائب رئيس البرلمان العراقي: ما زلنا بحاجة للقوات الأميركية وقانون الحشد لن يمرر

أكد نائب رئيس البرلمان العراقي شاخوان عبد الله أن العراق ما زال بحاجة إلى القوات الأميركية وقوات التحالف لأن تنظيم داعش لم يُقضَ عليه بشكل كامل، فيما أعلن عن عدم تمرير قانون الحشد الشعبي لكونه يضر بمصالح العراقيين، على حد وصفه. وجاءت تصريحات نائب رئيس البرلمان بعد سحب الحكومة العراقية مشروع قانون الحشد الشعبي من البرلمان، بعد موجة من الاعتراضات الأميركية، وتصاعد الخلافات بين الكتل السياسية بشأن بنود القانون وتوقيته. ويأتي هذا التراجع ليعكس حجم الضغوط الخارجية والتباينات الداخلية التي تحيط بملف الحشد الشعبي والفصائل المسلحة المنضوية تحت هذا الغطاء.

وقال عبد الله في تصريح لوكالة “كردستان 24″، المقربة من حكومة إقليم كردستان العراق، اليوم الاثنين، إن “العراق ما زال بحاجة إلى القوات الأميركية وقوات التحالف لأن تنظيم داعش لم يُقضَ عليه بشكل كامل، وما زال يشكل تهديداً متصاعداً خلال الأشهر الأخيرة”، مشيراً في سياق آخر إلى أن “مشروع قانون الحشد الشعبي لن يُقر ولن يُمرر تحت قبة البرلمان، لأنه يضر بمصالح جميع العراقيين”.

في المقابل، قال مستشار رئيس الوزراء العراقي حسين علاوي، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، إن “منجز الحكومة برئاسة القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، هو المضي بتنفيذ ما ورد في المنهاج الحكومي بشأن إنهاء مهام التحالف الدولي والتحول إلى علاقات ثنائية أمنية مع الولايات المتحدة وكل دول التحالف، وهذا الأمر يعيد العراق إلى مرحلة ما قبل سقوط الموصل، حين كانت علاقاته الدفاعية والدبلوماسية طبيعية ومنظمة مع المجتمع الدولي”.

وأضاف علاوي أن “المسار المحدد يقتضي إنهاء المهام في بغداد والأنبار خلال شهر أيلول/ أيلول 2025، على أن يستكمل الانسحاب من إقليم كردستان العراق في أيلول 2026، والقوات المسلحة العراقية تمتلك جاهزية قتالية عالية وقدرة على مواجهة التحديات”. وأكد مستشار رئيس الوزراء العراقي ان “بعثة التحالف كانت استشارية وليست قتالية، إذ إن العراقيين هم من تصدوا للإرهاب على الأرض، بينما يقتصر التعاون مع الشركاء على التدريب، والتسليح، وتبادل الخبرات والمعلومات الاستخبارية، والمهام المستقبلية ستتحول إلى اتفاقيات ثنائية مع الدول وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، أو عبر عقود التسليح مع دول أوروبية وآسيوية”.

من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي غازي فيصل، لـ”العربي الجديد”، إن “تصريحات نائب رئيس البرلمان العراقي، التي شدد فيها على استمرار حاجة العراق إلى القوات الأميركية ورفض تمرير قانون الحشد الشعبي، تكشف عن طبيعة التوازنات الدقيقة التي تحكم المشهد العراقي في المرحلة الحالية”. وبيّن فيصل أن “بقاء القوات الأميركية، ولو بمهام محدودة، يعكس إدراك الطبقة السياسية للمخاطر الأمنية القائمة، خصوصاً في ظل عودة التهديدات الإرهابية، وضعف قدرات المؤسسات الأمنية على إدارة الملف العسكري بشكل كامل دون دعم خارجي، سواء عبر التدريب أو الإسناد الاستخباري والجوي”، معتبراً أن “الحديث عن الانسحاب الأميركي لا يرتبط فقط بقرار سيادي، بل أيضاً بقدرة العراق على ملء هذا الفراغ الأمني دون أن تنفلت الأوضاع مجدداً”.

وأضاف في ما يخص قانون الحشد الشعبي ورفض تمريره في البرلمان، أن الأمر ليس مجرد خلاف قانوني، بل يعكس صراعاً سياسياً أعمق حول هوية الدولة العراقية ومستقبلها، فإقرار مثل هذا القانون قد يعني إضفاء شرعية مضاعفة على قوة عسكرية موازية للمؤسسة الرسمية، وهو ما قد يهدد مبدأ حصر السلاح بيد الدولة، ويخلق معادلات داخلية تزيد تبعية القرار العراقي للتجاذبات الإقليمية والدولية، وفق قوله. وختم الباحث في الشأن السياسي بالقول إن “تصريحات نائب رئيس البرلمان تمثل رسالة مزدوجة: الأولى للداخل بضرورة التمسك بالسيادة ومنع احتكار أي قوة للقرار العسكري، والثانية للخارج بتأكيد حاجة العراق المستمرة للشراكة الأمنية مع الولايات المتحدة، ريثما تكتمل مقومات بناء دولة قادرة على حماية نفسها بعيداً عن الضغوط السياسية والعسكرية المتعددة”.

وسبق أن تعثرت عدة محاولات للقوى العربية الشيعية، مدعومة بالفصائل المسلحة، لتمرير التصويت على مشروع قانون الحشد الشعبي داخل البرلمان العراقي. هذا التعثر يعزوه نواب في قوى “الإطار التنسيقي” الحاكم بالبلاد إلى الغياب المتعمّد لأعضاء البرلمان من الكتل السنية والكردية الرافضة للقانون، بالإضافة إلى نواب الأحزاب المدنية، الأمر الذي عطّل التصويت. لكن الواقع يؤكد أن بإمكان القوى الشيعية تمرير القانون بأغلبية مريحة تمتلكها في البرلمان، وهو ما يؤكده مراقبون ومختصون بالشأن العراقي، لكن الرفض الأميركي، والقلق من رد فعل واشنطن الرافضة لمشروع القانون، وما سيترتب عنه من تبعات سياسية على العراق، بات العامل الأول في تأخر إقراره.