أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، اليوم الثلاثاء، تسجيل 13 وفاة نتيجة التجويع وسوء التغذية، بينهم ثلاثة أطفال، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ليرتفع إجمالي شهداء التجويع وسوء التغذية إلى 361 شهيداً، بينهم 130 طفلاً. وأشارت الوزارة إلى تسجيل وفاة 83 شخصاً، منهم 15 طفلاً، منذ إعلان التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي IPC أن قطاع غزة منطقة مجاعة.
وخلال شهر آب/آب الماضي، سجلت الوزارة 185 حالة وفاة بسبب التجويع وسوء التغذية، وهو العدد الأكبر منذ أشهر. وأفادت، في بيانها اليوم، بـ”تسارع وتيرة التداعيات الكارثية للمجاعة في قطاع غزة”، موضحة أن 43 ألف طفل دون سن خمس سنوات يُعانون من سوء التغذية، وأن أكثر من 55 ألف امرأة حامل ومرضع يُعانين من سوء التغذية”، لافتة إلى أن 67% من الحوامل يُعانين من فقر الدم وهي النسبة الأخطر منذ سنوات، محذرة من خطورة المؤشرات الراهنة ومحدودية الاستجابة الطارئة مع نقص الإمدادات الغذائية والطبية.
من جانبه، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن المجاعة التي تشهدها غزة “من صنع الإنسان”، في إشارة إلى التجويع الممنهج الذي يفرضه الكيان الإسرائيلي على الفلسطينيين، معرباً عن غضبه الشديد من رفض الاحتلال الإسرائيلي السماح بدخول المساعدات، مشيراً في كلمة له خلال جلسة بالبرلمان البريطاني، الليلة الماضية، إلى الحاجة لاستجابة إنسانية شاملة لمنع مزيد من الموت في قطاع غزة المحاصر. وأضاف “هذه مجاعة من صنع الإنسان في القرن الحادي والعشرين، ورفض حكومة الاحتلال الإسرائيلي السماح بدخول المساعدات بالشكل الكافي أمر يثير الغضب، محذراً من تفاقم المجاعة في غزة إذا لم تتخذ التدابير اللازمة”، مشيراً إلى أن أكثر من 300 شخص، بينهم 119 طفلاً، لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية منذ الأول من تموز/تموز الماضي، معلناً أن بلاده ستقدم 15 مليون جنيه إسترليني إضافية بصفة مساعدات ورعاية طبية إلى الفلسطينيين في قطاع غزة. ولفت لامي إلى أنه يعمل على جلب المزيد من الأطفال الجرحى والمصابين بأمراض خطيرة من غزة إلى بريطانيا لتلقي العلاج، وأكد أنه في حال عدم إحراز تقدم بشأن وقف إطلاق النار في غزة، فإن بريطانيا ستتخذ إجراءات للاعتراف بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الجاري.
من جهة أخرى، حذّرت بلدية غزة، اليوم الثلاثاء، من خطورة تصعيد الاحتلال الإسرائيلي عدوانه في منطقة المنارة ومحيط بركة تجميع مياه الأمطار في حي الشيخ رضوان، شمال غربي المدينة. وأشارت البلدية، في بيان صحافي، إلى منع طواقم البلدية من الوصول إلى هذه المرافق وتشغيلها بسبب خطورة الأوضاع في المنطقة. وأكدت البلدية أن “عدم تمكّن طواقمها من الوصول إلى محطة الصرف الصحي رقم (5) المعروفة باسم “محطة البقارة” ومحطة 7B، شرق حي الزيتون، جنوب المدينة، وتشغيلهما قد يؤدي إلى طفحهما وغرق المنازل في المنطقة إذا استمر الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه وتصعيده هناك”.
لم تنجح شاحنات البضائع التي دخلت إلى قطاع غزة مؤخراً في كسر حدة التجويع، كونها محدودة للغاية مقارنة بحجم الحاجة، وأسعارها تفوق القدرة الشرائية لغالبية العائلات التي فقدت مصادر رزقها وسط الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ نحو 23 شهراً.
يخيم شبح التجويع على آلاف العائلات الفلسطينية في قطاع غزة، والتي لم تستفد كثيراً من دخول أعداد محدودة من شاحنات المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم في رفح (جنوب)، ومنطقة زيكيم في الشمال، ولا تزال موائدهم أسيرة أطعمة مكررة لا تكفي لمسك رمق الأطفال أو الكبار، ولا تحمي أجسادهم من الأمراض، تنحصر في العدس والأرز وبعض المعلبات. ويفيد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن الاحتلال يواصل منع أكثر 430 صنفاً من المواد الغذائية الأساسية، والمواد المحظورة تشمل اللحوم الحمراء والبيضاء، والأسماك، والأجبان، ومشتقات الألبان، والفواكه والخضراوات، والمكملات الغذائية، إلى جانب أصناف ضرورية مثل المدعمات التي تحتاج إليها الحوامل وأصحاب الأمراض المزمنة.
ويوضح المكتب الإعلامي الحكومي في بيان، أن الاحتلال لم يسمح خلال الثلاثين يوماً الماضية إلا بدخول 14% فقط من الاحتياجات، ما سبَّب العجز القائم، وأن أكثر من 95% من سكان القطاع بلا مصادر دخل، في حين يمنع الاحتلال تنظيم عمليات توزيع المساعدات أو تأمينها، ويواصل سياسة (هندسة التجويع) ضد نحو 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة، ما أدى إلى ارتفاع عدد ضحايا الجوع وسوء التغذية، وسط مخاوف من تفاقم الأعداد خلال الفترة المقبلة، خاصة بين الأطفال وكبار السن والمرضى.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، السبت، تسجيل 10 وفيات جديدة، من بينهم 3 أطفال بسبب التجويع وسوء التغذية في القطاع خلال 24 ساعة، ليرتفع عدد ضحايا التجويع إلى 332 شهيداً، من بينهم 124 طفلاً. وأعلنت الأمم المتحدة في 22 آب/آب، المجاعة في مدينة غزة، اعتماداً على تقييم للمبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.
تجلس الفلسطينية أم نزار ريان (35 سنة) على باب خيمتها في وسط مدرسة لإيواء النازحين غربي مدينة غزة، وقد بدا على ملامحها الإعياء، توزع نظراتها صوب أطفالها السبعة، وتقول لـ “العربي الجديد”: “اليوم كان طعامنا أرزّاً من التكيّة الخيرية. إذا كان هناك أرز نتناول وجبة، وإذا لم يصل الأرز إليهم فلا نأكل. نعيش طوال الأسبوع على وجبة الأرز اليومية، وأحياناً معلبات إن توفرت. الأولاد يطلبون اللحوم أو البطاطا أو الخضراوات، لكنّ الأسعار باهظة، ولا نملك ثمنها. حتى الملابس والأدوية لم نعد قادرين على توفيرها”. ويزيد مصاب ريان وضع زوجها الذي فقد بصره على إثر تعرضه للضرب المبرح خلال اقتحام قوات الاحتلال للمدرسة التي نزحوا إليها سابقاً في مخيم جباليا شمالي القطاع، قبل توجههم إلى حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، فالزوج لا يستطيع إعالة أسرته، وأصبح أسير الفراش، لذا أصبحت العائلة أسيرة المساعدات المحدودة التي تقدّمها التكيات الخيرية.
نزح الفلسطيني بدري معروف (44 سنة) مع أفراد أسرته الستة من بيت لاهيا إلى مدرسة إيواء في حي الشيخ رضوان المهدد بالإخلاء، ويختصر حال أسرته قائلاً: “أكلنا طوال الأسبوع الأرز والعدس فقط. دخلت بعض البضائع، لكن لا يتوفر لدي أموال لشراء أي منها كوني مُعطلاً عن العمل منذ بداية الحرب، ولا أستطيع توفير قوت يومي”. ويضيف معروف لـ “العربي الجديد”: “أولادي يطلبون بندورة أو بطاطا أو حلاوة، لكني لا أقدر على تلبية مطالبهم، وزوجتي مريضة قلب، وتزداد حالتها سوءاً من قلة الطعام، ولا أملك حتى ثمن دوائها. دخول بعض الأصناف لم يغيّر شيئاً في واقع التجويع، فالبضائع غالية، ونحن بلا مصدر دخل”.
مأساة أخرى يعيش تفاصيلها الفلسطيني سامي غبن (44 سنة)، والذي يعيل أسرة مكونة من 10 أفراد، وبات عاجزاً عن توفير أدنى مقومات الحياة لأطفاله، ما يدفعه إلى الذهاب لمناطق دخول المساعدات الإنسانية في أقصى شمالي القطاع، رغم أن الرحلة “مقامرة بالحياة”. ويقول غبن لـ “العربي الجديد”: “نضطر إلى الذهاب قرب حاجز زيكيم كي نحصل على كرتونة غذائية، لكن المكان هناك عبارة عن مصيدة موت. اليوم أكلنا جميعاً علبة حمص واحدة، وطعامنا المعتاد هو أرز أو عدس من التكيات. كيلو الحطب بـ7 شواكل، ولا نستطيع شراءه، وبالتالي نأكل من دون تسخين. حياتنا بائسة. نفس الأكل كل يوم، والنتيجة أمراض جلدية والتهابات وضعف مناعة عند الأطفال. ابني يسألني عن ملوخية أو جبن أو طماطم. لكن إذا أردت أن تطعم أولادك فعليك أن تخاطر بحياتك”.
الصورة
ظفر بحصص طعام من مطابخ خيرية في مدينة غزة، 30 آب 2025 (عبد الحكيم أبو رياش/ الأناضول)
من جانبها، تقول الفلسطينية هناء أبو العيش، وهي أم لأسرة مكونة من 6 أفراد: “نعاني عدم القدرة على شراء الأطعمة، رغم دخول بعض البضائع في الفترة الأخيرة، ونعتمد على الأطعمة المعلبة مثل الحمص والفول، وطوال أيام الأسبوع لا أطبخ، وأعتمد على الأرز الذي توزعه التكيّات الخيرية في مدرسة النزوح”. وتحكي لـ “العربي الجديد”: “في كل أيام الأسبوع طعامنا مكرر، ولا يتغير عن العدس والأرز والمعكرونة وبعض المُعلبات. لا أذهب إلى السوق لأنني لا أملك مالاً لشراء أي شيء. سعر كيلو البندورة 120 شيكلاً، فكيف أشتريها؟ أنا مريضة قلب، وطعام المعلبات مضر لحالتي، لكننا لا نملك غيره. المجاعة مستمرة في قطاع غزة رغم دخول أصناف من البضائع، والغالبية يواجهون صعوبات في توفير الطعام بسبب عدم وجود مُعيل”.
ولا يختلف حال الفلسطيني موسى عطية كثيراً، فهو أب لثمانية أطفال، وبات عاجزاً عن تلبية أدنى مقومات الحياة، خصوصاً المأكل والمشرب. ويقول لـ “العربي الجديد”: “دخول بعض البضائع لا يغير الواقع الصعب الذي نعيشه، خاصة أنني عاطل، ولا أملك أموالاً لشراء مستلزمات العائلة. أولادي أنفسهم في المربى أو العسل، أو حتى البسكويت. بعد دخول البضائع لم أقدر على شراء الخضراوات أو الفواكه. زهقنا من العدس والفاصوليا والأرز، والمجاعة لا تزال موجودة”.
تعيش الفلسطينية سامية طشطاش مع أشقائها الثلاثة من ذوي الإعاقة داخل خيمة في مدرسة إيواء بمدينة غزة، وهم بلا مُعيل، وتقول لـ “العربي الجديد”: “إذا جاءنا أرز من تكية المدرسة نأكل، وإذا لم يأتنا فلا نأكل، وطوال الأسبوع نعيش على العدس والمعكرونة والأرز. نفسي أذوق الدجاج أو البطاطا أو الباذنجان. البضائع وصلت إلى السوق، لكننا لا نستطيع الشراء لأنه ليس لدينا أموال”. وتضيف طشطاش: “البضائع التي دخلت قطاع غزة أسعارها مرتفعة، وتفوق مقدرة الجميع، وحتى الآن لم أستطع شراء أي شيء منها. نحلم بتغيير روتين الطعام اليومي، ونعود إلى تناول الدجاج والخضراوات، لكن حتى اللحظة تظل هذه مجرد أمنية لا نملك تحقيقها”.
من جهتها، تؤكد اختصاصية التغذية، سماهر أبو عجوة لـ “العربي الجديد”، أن “غياب التنوع الغذائي الذي يشمل البروتينات والخضراوات والفواكه، يؤدي إلى ضعف المناعة، والإصابة بالأمراض المزمنة، وتأخر نمو الأطفال، وانتشار أمراض مثل فقر الدم والهزال، وما يتوفر حالياً في قطاع غزة لا يلبي أدنى مقومات الصحة السليمة”. وتضيف أبو عجوة : “الغذاء الصحي يعتمد على التنوع الذي يشمل الكربوهيدرات، والبروتينات، والدهون الصحية، وفي غزة حالياً، ما يتناوله الناس يومياً يقتصر على العدس والأرز والمعكرونة وبعض المعلبات، بينما الخضراوات والفواكه معدومة تقريباً، واللحوم غائبة تماماً، وهذا يعني نقصاً خطيراً في الفيتامينات والمعادن الأساسية، ما يؤدي إلى ضعف المناعة وانتشار الأمراض”.
وتحذر الطبيبة الفلسطينية من خطورة الاعتماد على تناول الأطعمة المُعلبة لفترات طويلة، مؤكدة أن “المعلبات مليئة بالأملاح والمواد الحافظة، وهي تسبب مشكلات في القلب والكلى والجهاز الهضمي، كما تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستوى سكر الدم، وصولاً إلى الأورام السرطانية. الأطفال الذين يتغذون على هذه الأطعمة سيعانون الهزال وضعف النمو، وربما التأخر العقلي”. وتشدد أبو عجوة على أن “غياب البروتين الحيواني والخضراوات والفواكه سيترك آثاراً طويلة المدى على الصحة العامة لأهالي غزة، خاصة الأطفال والمرضى وكبار السن، ونتحدث عن جيل كامل مهدد بالإصابة بسوء التغذية الحاد”.
تستعد إسرائيل خلال الأيام القريبة لوقف عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات الإنسانية فوق مدينة غزة شمالي القطاع، وتقليص إدخال الإمدادات في خطوة تهدف إلى إجبار مئات آلاف السكان على النزوح نحو الجنوب قبيل العملية العسكرية المرتقبة لاقتحام المدينة، وفق ما أوردته قناة “كان” العبرية الرسمية، اليوم الجمعة. وقالت القناة إن “القرار يستهدف إيصال رسالة إلى أكثر من 800 ألف من سكان غزة بضرورة إخلاء المدينة والتوجه جنوباً، ضمن الإجراءات الممهدة لاحتلالها”.
ونقلت القناة عن مصدر أمني إسرائيلي زعمه أن “البنى التحتية الإنسانية في جنوب القطاع باتت جاهزة لاستقبال السكان”، مضيفة أن التقديرات تفيد بأنّ جيش الاحتلال سيبدأ بإصدار أوامر للفلسطينيين في مدينة غزة بإخلائها، خلال قرابة أسبوع ونصف. ووفق القناة، فإن المستوى السياسي في إسرائيل أوعز، صباح الجمعة، بوقف ما سمّاه “التهدئة التكتيكية” التي كانت تُطبّق في مدينة غزة منذ شهر، وتسمح بساعات محدودة من وقف إطلاق النار اليومي لإدخال مساعدات، وذلك بعد ضغوط وانتقادات دولية حادة حذّرت من تفاقم الجوع في القطاع.
وتفرض إسرائيل حصاراً مطبقاً على 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة، منذ 2 آذار/ آذار الماضي، وتآذار بحقهم سياسة تجويع ممنهجة، من خلال إغلاق المعابر الحدودية للقطاع، ما أدخل سكانه في مرحلة المجاعة، وأزهق أرواح كثيرين. ولجأت بعض الدول العربية والغربية، أبرزها الأردن ومصر والإمارات وفرنسا، إلى إسقاط المساعدات من الجو. وبينما يُقال إن المساعدات الجوية تسد بعض احتياجات السكان المحاصرين، يرى أهل غزة أنها طريقة مُذلة تحط من كرامتهم، وأن الحل الأمثل هو فتح المعابر البرية وإدخال المساعدات من خلالها.
ويأتي هذا بينما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، في وقت سابق اليوم، إلغاء الهدنة التكتيكية اليومية في مدينة غزة ومحيطها، واعتبرها منطقة قتال خطيرة، مشيرًا إلى أنه بدأ العمليات التمهيدية والمراحل الأولية للهجوم على المدينة، وأنه “يعمل حالياً بقوة كبيرة على مشارفها”. وقال متحدث باسم جيش الاحتلال في بيان “بناء على تقييم الوضع وتوجيهات المستوى السياسي تقرر ابتداء من اليوم (الجمعة) في تمام الساعة 10:00، ألا تشمل حالة الهدنة التكتيكية المحلية والمؤقتة للأنشطة العسكرية منطقة مدينة غزة، والتي ستعتبر منطقة قتال خطيرة”. وفي 27 تموز/ تموز الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء ما سماه “تعليقاً تكتيكياً محلياً للأنشطة العسكرية” في مناطق محددة بقطاع غزة، بينها مدينة غزة، للسماح بمرور المساعدات الإنسانية.
وأوضح أن “التهدئة الجزئية” ستستمر فقط في بعض مناطق الوسطى والمواصي جنوبي القطاع، حيث تخطط إسرائيل إلى تجميع السكان هناك. في موازاة ذلك، تُستكمل التحضيرات في جنوب القطاع لاستقبال المهجرين من مدينة غزة، وفق زعم القناة ذاتها. وفي 8 آب/ آب الجاري، أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة طرحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل تدريجياً، بدءاً بمدينة غزة.
والثلاثاء، قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إنه خلال 30 يوماً دخلت قطاع غزة نحو ألفين و654 شاحنة، تعرض معظمها للنهب بمساعدة إسرائيل. وشدد على أن قطاع غزة يحتاج يومياً إلى أكثر من 600 شاحنة مساعدات مختلفة لتلبية الحد الأدنى من احتياجات 2.4 مليون إنسان، وسط انهيار شبه كامل للبنية التحتية بفعل الحرب والإبادة المستمرة. وخلّفت الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ تشرين الأول 2023، بدعم أميركي مطلق، 63 ألفاً و25 شهيداً، و159 ألفاً و490 مصاباً من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 322 فلسطينياً بينهم 121 طفلاً.
عبر خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة اليوم الخميس عن قلقهم إزاء تقارير عن حالات “اختفاء قسري” ضحيتها فلسطينيون جوعى كانوا يحاولون الحصول على الطعام في مواقع توزيع تديرها “مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة أميركياً، وطالبوا إسرائيل بوضع حد لهذه “الجريمة البشعة”. وأفاد الخبراء المستقلون السبعة في بيان مشترك أنهم تلقوا تقارير تفيد بأن عدداً من الأفراد، بينهم طفل، كانوا ضحية “الاختفاء القسري” بعد توجههم إلى مواقع لتوزيع المساعدات في رفح.
وأضافوا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، بحسب التقارير، “متورط بشكل مباشر في حالات الاختفاء القسري لأشخاص كانوا يسعون للحصول على المساعدة”، فيما سارعت “مؤسسة غزة الإنسانية” إلى القول إنه “لا دليل على حالات اختفاء قسري” في مواقع توزيع المساعدات. وزعمت في بيان “نحن نعمل في منطقة حرب، حيث تُوجه اتهامات خطيرة إلى جميع الأطراف التي تعمل خارج موقعنا، لكن داخل منشآت مؤسسة غزة الإنسانية، لا يوجد أي دليل على وقوع حالات اختفاء قسري“.
في الأثناء، جاء في رسالة اطلعت عليها “رويترز” أن مئات الموظفين في مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك طلبوا منه وصف حرب غزة صراحة بأنها إبادة جماعية تحدث حالياً. وأظهرت الرسالة، التي وُجهت أمس الأربعاء، أن الموظفين يعتبرون أن المعايير القانونية من أجل وصف ما يحدث بأنه إبادة جماعية قد تحققت في الحرب الإسرائيلية غزة المتواصلة منذ 7 تشرين الأول/تشرين الأول 2023، وأشاروا إلى حجم الانتهاكات الموثقة هناك ونطاقها وطبيعتها.
وتؤكد بيانات الأمم المتحدة أن أكثر من 1800 فلسطيني قُتلوا في أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء منذ أيار/ أيار الماضي، بينهم نحو ألف شخص في محيط مواقع “مؤسسة غزة الإنسانية”. وتشير تقارير مفوضية حقوق الإنسان إلى أن إطلاق النار أصبح شبه يومي في تلك المواقع، فيما تحدث مقاولون أميركيون سابقون لوسائل إعلام أخرى عن مشاهدتهم إطلاق نار على الحشود الفلسطينية.
وترفض وكالات الأمم المتحدة وأغلبية المنظمات الإنسانية العاملة في غزة التعاون مع “مؤسسة غزة الإنسانية” مع التشكيك في آليات عملها ومبادئها. ومنذ افتتاحها نقاط توزيع للمواد الغذائية في أيار/أيار في غزة، استشهد مئات الفلسطينيين بنيران إسرائيلية وهم ينتظرون الحصول على ما يمسك رمقهم في هذه المواقع. وطالبت السلطة الفيدرالية السويسرية للرقابة على الشركات المؤسسة بتوضيح الوضع حتّى نهاية حزيران/حزيران الفائت، “نظراً إلى أنها لا تحترم بعض التزاماتها القانونية”.
وبعد أشهر من التحذيرات، أعلنت الأمم المتحدة في 22 آب/آب الجاري رسميّاً حالة المجاعة في غزة. وأصدر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعوم من المنظمة الدولية، والذي يتّخذ من روما مقرّاً له، تقريراً أفاد بوجود مجاعة في محافظة غزة التي تضمّ مدينة غزة ومحيطها وتشكل 20% من مساحة القطاع، مع تقديرات بأن تنتشر المجاعة في دير البلح (وسط)، وخانيونس (جنوب)، بحلول أواخر أيلول/ أيلول المقبل.