by | Aug 29, 2025 | اقتصاد
شهدت محكمة أميركية جلسة استماع حادة اليوم الجمعة، بشأن محاولة الرئيس دونالد ترامب إقالة عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك في جو اتسم بالأسئلة الصعبة والمتابعة الدقيقة من القاضية جيا كوب، لكنها انتهت من دون إصدار حكم. الجلسة كشفت التوتر بين سلطات الرئيس واستقلالية البنك المركزي، وأبرزت التساؤلات القانونية العميقة حول مفهوم “الإقالة لأسباب وجيهة”، علماً أن ليزا كوك هي اقتصادية أميركية بارزة، وتشغل حالياً منصب عضو في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، وهو أعلى جهاز إداري في البنك المركزي.
واستمعت القاضية كوب لنحو ساعتين خلال جلسة الاستماع، حيث طرحت أسئلة حادة على محامية كوك ومحامي الإدارة حول ما إذا كان للرئيس الحق القانوني في إقالة عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي
“لسبب وجيه”. القاضية لم تُشر إلى أي ميل نحو قرار محدد، ما يجعل التوقعات معلقة حتى تقديم محامية كوك مستندات إضافية يوم الثلاثاء المقبل للرد على استفسارات المحكمة.
وبحسب بلومبيرغ، تركزت النقاشات على الحجج الرئيسية التي تستند إليها ليزا كوك، والتي اعتبرت أن الإقالات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وادعاءات الاحتيال لا تشكل إجراءات قانونية عادلة، وأن استخدام ترامب لمثل هذه المزاعم هو أداة لإبعاد المسؤولين الذين يعرقلون أجندته. وقالت محامية كوك، آبي لويل، إن الرئيس يسعى لإبعاد أعضاء المجلس الذين قد يعارضون تخفيض أسعار الفائدة وفق ما يريده، مشيرة إلى أن هدف الإقالة لم يكن نتيجة مخالفات فعلية.
من جهته، جادل محامي وزارة العدل، ياكوف روث، بأن كوك لم تقدم تفسيراً للتناقضات في طلبات الرهن العقاري، ما يدعم حق الرئيس في الإقالة لأسباب قانونية. وأضاف أن الرئيس لم يسعَ لإقالة كوك بسبب اختلافها في السياسات، وأن المطالبة بحماية حقوقها الدستورية تتعارض مع السلطة الدستورية للرئيس في إزالة أعضاء مجلس الاحتياطي “لسبب وجيه”.
وقد أبرزت الجلسة توتراً واضحاً في أجواء المحكمة، حيث أعربت القاضية كوب عن شعورها بعدم الراحة من بعض الحجج، سواء من جهة كوك أو من الإدارة، وأشارت إلى أنها تحاول تحديد ما إذا كان من صلاحيتها مراجعة الأسباب المعلنة للإقالة، أم أن الرئيس يتمتع بسلطة تقديرية واسعة في هذا الشأن.
وفي الوقت نفسه، أكد الاحتياطي الفيدرالي التزامه بقرار المحكمة بشأن استمرارية كوك في عضويتها، مشيراً إلى أن أي قرار حول مهامها العملية سيظل معلقاً حتى صدور الحكم النهائي. وتركز النقاشات أيضاً على تفسير مصطلح “لسبب وجيه” في قانون الاحتياطي الفيدرالي، الذي يشمل الكفاءة، والإهمال في الواجب، أو ارتكاب مخالفات في العمل، في حين ترى الحكومة أن كوك تبنت تفسيراً ضيقاً يحد من سلطة الرئيس.
وتُعد الجلسة اختباراً حقيقياً لمستوى الرقابة القضائية على السلطة التنفيذية، وقد تشكل سابقة قانونية لتحديد حدود تدخل الرئيس في إدارة أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي. ومع استمرار المعركة القانونية، يترقب المجتمع المالي والسياسي الأميركي نتائجها، التي قد تؤثر مباشرة على استقلالية السياسة النقدية واستقرار الاقتصاد الأميركي.
by | Aug 28, 2025 | اقتصاد
في تطور قضائي غير مسبوق يضع العلاقة بين البيت الأبيض ومجلس الاحتياطي الفيدرالي على المحك، رفعت عضو مجلس البنك المركزي الأميركي ليزا كوك دعوى قضائية ضد الرئيس دونالد ترامب بعد محاولته عزلها من منصبها بتهم تتعلق بالاحتيال العقاري، في مواجهة لا تبدو مجرد نزاع شخصي، بل تفتح باباً واسعاً على أسئلة حول استقلالية الفيدرالي، الذي يشكل إحدى الركائز الأساسية لثقة الأسواق واستقرار النظام المالي الأميركي، وفقاً لما أوردت شبكة بلومبيرغ اليوم الخميس.
ترامب كان قد اتهم كوك بالكذب في طلبات قروض عقارية عام 2021 للحصول على شروط أفضل لمنزلين في ميشيغن وجورجيا، من خلال الادعاء بأن كلاً منهما سيكون محل إقامتها الأساسي. لكن كوك تؤكد أن هذه المزاعم تسبق تعيينها من قبل مجلس الشيوخ ولا علاقة لها بعملها الرسمي، مشيرة في الدعوى إلى أن الاتهام غير مثبت ولم ينتج عنه أي إجراء جنائي. فريق دفاعها اعتبر أن استخدام هذه المزاعم لتبرير العزل هو ذريعة سياسية تهدف لإخلاء مقعدها وتمكين ترامب من تعيين بديل يكرّس هيمنته على مجلس الفيدرالي.
المحامي آبي لويل، الذي يتولى الدفاع عن ليزا كوك، شدد في نص الدعوى على أن خطوة الرئيس تمثل سابقة خطيرة، إذ لم يشهد تاريخ المجلس محاولة مماثلة لعزل عضو على أساس غير مثبت. قانون الاحتياطي الفيدرالي الصادر عام 1913 يجيز عزل الأعضاء فقط “لأسباب موجبة”، لكن القانون لم يحدد بدقة ما المقصود بهذه الأسباب. التفسيرات القانونية المتعارف عليها تحصرها في ثلاث حالات: الإهمال، أو التقصير في الواجب، أو سوء السلوك أثناء تولي المنصب، بينما أي خطأ محتمل في طلبات القروض، على افتراض صحته، يظل بعيداً عن هذه المعايير.
وتأتي الدعوى في سياق توتر متصاعد بين ترامب ومجلس الاحتياطي الفيدرالي. فالرئيس لم يتوقف عن مهاجمة رئيس المجلس جيروم باول بسبب رفضه خفض أسعار الفائدة أو تقديم استقالته. وفي دعواها، ذهبت كوك أبعد من الدفاع عن نفسها، إذ ربطت محاولات عزلها بمحاولة أوسع لعزل باول أيضاً، واعتبرت ذلك جزءاً من مسعى منسق من جانب ترامب للسيطرة على المجلس وتوجيه سياساته النقدية بما يخدم أجندته السياسية. في حال نجح ترامب في عزلها، سيُتاح له تثبيت أغلبية داخل مجلس المحافظين، خصوصاً بعد أن أعلنت العضو الأخرى أدريانا كوغلر استقالتها المبكرة مطلع آب/آب.
الأسواق الأميركية تتابع هذه التطورات بحذر شديد، إذ يخشى المستثمرون أن يؤدي تدخل مباشر من البيت الأبيض في تركيبة المجلس إلى تقويض استقلاليته، وهو عامل جوهري في الحفاظ على التصنيف الائتماني للولايات المتحدة واستقرار الدولار. المحاكم الفيدرالية ستجد نفسها مضطرة هذه المرة لتحديد حدود السلطة التنفيذية في التعامل مع أعضاء الفيدرالي، وهو ما قد يرسخ سابقة قانونية لسنوات مقبلة.
وتلقي القضية الضوء أيضاً على المسار الشخصي للسيدة السمراء ليزا كوك التي أصبحت عام 2022 أول امرأة سوداء تنضم إلى مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي. مسيرتها لم تخلُ من الجدل، إذ واجهت خلال عملية تأكيدها في مجلس الشيوخ معارضة شرسة من الجمهوريين الذين اتهموها بتضخيم سيرتها الذاتية. لكن تعيينها تم بفضل تصويت متساوٍ حسمته نائبة الرئيس كامالا هاريس. وعلى الصعيد الاقتصادي، أبدت مواقف متشددة إزاء التضخم والرسوم الجمركية، وأشارت في تصريحاتها الأخيرة إلى أن تقرير الوظائف لشهر تموز/تموز مثير للقلق وقد يشير إلى نقطة تحول في الاقتصاد الأميركي.
وتمثل معركة ليزا كوك مع ترامب اختباراً حقيقياً لاستقلالية الفيدرالي ولقدرة مؤسسات الدولة على الصمود أمام محاولات التسييس. وإذا ما قضت المحكمة لصالح الرئيس، فقد يشهد النظام المالي الأميركي تحولات جذرية تضعف مناعة البنك المركزي أمام التدخلات السياسية، وهو ما سيترك تداعيات طويلة الأمد على الأسواق والاقتصاد العالمي برمته.