by | Sep 1, 2025 | اقتصاد
تتزايد حالة الغموض والاحتجاج بين موظفين وعاملين في مؤسسات عامة عدة في سورية، بعد قرارات متضاربة بشأن عودتهم من الإجازات القسرية والمأجورة رغم صدور قرار رسمي من الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية يقضي بإنهاء هذه الإجازات وعودة جميع العاملين إلى وظائفهم اعتباراً من الأول من أيلول/أيلول 2025. فقد أصدرت الشركة السورية للاتصالات قراراً يقضي بتمديد الإجازات المأجورة الممنوحة للعاملين المتعاقدين معها شهرين إضافيين، مع تكليف الإدارة التنفيذية بإخطار العاملين بانتهاء العلاقة التعاقدية بعد نهاية المدة المحددة، بحجة “عدم حاجة الشركة لخدماتهم”.
وقال أحد الموظفين المتضررين في الشركة لـ”العربي الجديد” إن الخطوة تعني عملياً تسريح العشرات من العاملين المتعاقدين، مضيفاً أن “القرار جاء صادماً، خصوصاً أننا كنا نستعد للعودة إلى العمل بعد التعميم الرئاسي”. الخطوة أثارت غضب الموظفين، ودفعت بعضهم للاحتجاج في دمشق وطرطوس وحمص، معتبرين أنها “بوابة للفصل التعسفي” وتتعارض مع القرار الرئاسي.
والوضع لم يقتصر على الاتصالات. ففي مرفأ طرطوس، أُبلغ الموظفون بأن أي تعميم رسمي بعودتهم للعمل لم يصل حتى الآن، وأنه “في حال وصوله، سيتم التواصل معهم عبر أرقام هواتفهم”، ما أبقى العاملين في حالة ترقب وقلق.
وفي دمشق، حاول موظفو الجمارك الممنوحون إجازات قسرية العودة إلى عملهم صباح اليوم، لكنهم فوجئوا بالمنع. وقال موظف من الجمارك لـ”العربي الجديد”: “استقبلونا بالسخرية، وقالوا لنا: شو بدكم بالهشغلة طالما عم تقبضوا راتب بلا ما تشتغلو. نحن لا نريد راتباً بلا عمل، نريد أن نعود إلى مكاتبنا ونآذار مهامنا بشكل طبيعي”.
أما في “مشاغل الوسيم” للألبسة، فقد حضر العمال إلى مقر المؤسسة متحمسين للعودة إلى الإنتاج، لكنهم فوجئوا بشروط إضافية وُضعت أمامهم. وقال عامل في المشاغل: “طلبوا منا توقيع تعهد بعدم الاعتراض على أي نقل أو ندب قبل السماح لنا بالعمل، وهذا مخالف للقرار الرسمي. نحن نريد العودة للإنتاج وليس الدخول في ابتزاز جديد”.
ويأتي كل ذلك رغم القرار رقم 2533/ص الصادر بتاريخ 27 آب/آب 2025 عن الأمين العام لرئاسة الجمهورية لشؤون مجلس الوزراء، والذي نص بوضوح على عودة جميع العمال الممنوحين إجازات مدفوعة الأجر إلى أعمالهم ابتداءً من اليوم الاثنين الأول من أيلول/أيلول. ولم يصدر حتى الآن أي تعليق من الحكومة يوضح سبب تضارب الإجراءات بين مؤسسات الدولة المختلفة أو الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، ما يفتح الباب أمام مزيد من الاعتراضات والاحتجاجات في الأيام المقبلة.
by | Aug 28, 2025 | اقتصاد
بعد توقف دام ست سنوات، افتُتحت فعاليات الدورة الثانية والستين من معرض دمشق الدولي على أرض مدينة المعارض بريف العاصمة اليوم الأربعاء، بمشاركة نحو 800 شركة محلية ودولية. وحضر الافتتاح الرئيس السوري أحمد الشرع وعدد من الشخصيات السياسية والاقتصادية، فيما تكتسب الدورة الحالية رمزية خاصة كونها الأولى بعد سقوط النظام السابق في كانون الأول/ كانون الأول 2024، وما تبعه من رفع العزلة الدولية عن سورية وفتح المجال أمام العودة إلى الأسواق الإقليمية والعالمية.
وقال الرئيس السوري إن بلاده “لطالما احتلت موقعاً مركزياً على الصعيد التجاري، ما جعل الشام بيئة آمنة للقوافل التجارية بين الشرق والغرب، واشتهرت بتاريخها في التجارة والاستثمار الصناعي والسياحة، ولاسيما الأنشطة المرتبطة بالاقتصاد والزراعة”. وأكد أن “السوريين هم أصحاب خبرة طويلة في مجالات الصناعة والتجارة، وشهدت البلاد تغييرات كبيرة خلال سنوات النظام السابق بسبب العزلة عن العالم، وتشتت الموارد الوطنية”. وأضاف أن سقوط النظام السابق “أعاد لسورية وأهلها فرصة البناء من جديد”، مشيراً إلى “الجهود المبذولة منذ لحظة التحرير لتأمين الأمان، وتوفير الكهرباء، وتحسين البنية التحتية، ورفع الرواتب والأجور”، موضحا أن الحكومة “تبذل جهوداً لإصلاح القضاء وتطوير التعليم، بهدف خلق بيئة مستقرة ومستدامة للاستثمار والمشاريع الاقتصادية”.
وأشار الشرع إلى أن الدبلوماسية السورية “تعمل على إعادة العلاقات الخارجية مع الدول الشقيقة والصديقة، لتعزيز التجارة والاستثمار وإعادة إدماج سورية في الاقتصادين الإقليمي والدولي”. وأكد أن الحكومة “تسعى لتسهيل عمل المستثمرين، ودعم القطاع الخاص، وتشجيع الابتكار والصناعة الوطنية، بما يعيد سورية إلى مكانتها التاريخية دولة فاعلة على خريطة التجارة العالمية”. كما شدد على أهمية المعارض الدولية، مثل معرض دمشق الدولي، منصةً لإظهار قدرة سورية على الانفتاح والاستثمار، وتعزيز الروابط الاقتصادية والثقافية مع الدول المشاركة، بما يساهم في إعادة بناء الثقة في الاقتصاد السوري وفتح آفاق جديدة للنمو والتنمية.
وخلال الافتتاح، أكّد المدير العام للمؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية، محمد حمزة، أنّ الدورة الثانية والستين “تمثل محطة جديدة لانفتاح سورية على العالم بعد عقود من العزلة والاستبداد”. واعتبر أنّ المعرض هذا العام “يحمل دلالة خاصة، كونه الأول بعد سقوط النظام السابق، ويمثل لحظة لطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة في علاقات البلاد الاقتصادية والثقافية”. وأوضح أنّ انعقاد معرض دمشق الدولي “لم يكن ليتحقق لولا التضحيات الكبيرة التي قدّمها السوريون خلال سنوات الثورة”، مؤكداً أنّ “سورية التي حلم بها هؤلاء بدأت تتشكل واقعاً”.
وشارك في المعرض عدد من الشركات السعودية، التي اختارت شعار “نشبه بعضنا” في جناحها، رمز التقاطع بين النقوش السعودية والسورية، ليعكس “عمق الروابط التاريخية والثقافية بين البلدين”. وأكد مساعد وزير الاستثمار السوري، عبدالله الدبيخي، أن الاستثمارات السعودية “تجاوزت التوقعات”، وأن المرحلة المقبلة ستشهد توقيع اتفاقيات في مجالات الطاقة والاستيراد والتصدير والبنية التحتية، إضافة إلى إنشاء غرف عمل ومكاتب لتسهيل إجراءات المستثمرين والصناديق الاستثمارية، مع التركيز على الاستفادة من خبرات المملكة في تطوير بيئة الأعمال.
كما شاركت الجمعية الدولية لرعاية ضحايا الكوارث من خلال مكتبها في سورية، حيث قال عبد السلام الأمين، مدير المكتب، لـ”العربي الجديد”، إن المشاركة تهدف إلى تبادل الخبرات ولقاء المواطنين، وعرض المنتجات والخدمات التي تقدمها الجمعية لدعم الأسر المتأثرة بالكوارث والضحايا. وأوضح أن معرض دمشق الدولي يوفر منصة لعرض المنتجات الطبية والغذائية التي تصنعها أو تدعمها الجمعية، بما يسهم في اندماج المستفيدين بالمجتمع وتحقيق مردود مالي مستدام يعزز استقلاليتهم ويحسن حياتهم اليومية.
ويُعد المعرض، الذي انطلق لأول مرة عام 1954، أقدم وأكبر تظاهرة اقتصادية وثقافية في البلاد، إذ مثّل عبر تاريخه منصة للتبادل التجاري والانفتاح على الأسواق العالمية، إلى جانب دوره الفني والسياحي. وتُوصف الدورة الحالية بأنها الأضخم منذ انطلاق المعرض، إذ تشارك فيها شركات من 22 دولة، وتبلغ المساحة المخصّصة للأجنحة 100 ألف متر مربع، فيما خُصصت نحو 350 ألف متر مربع كمساحات خضراء مزوّدة بالخدمات. ويعوّل القائمون على المعرض على أن يشكّل منصة لإعادة دمج سورية في الاقتصادين الإقليمي والدولي، واستقطاب استثمارات جديدة تساهم في إعادة الإعمار وتحريك عجلة النمو، في وقت تواجه البلاد تحديات كبيرة على صعيد البنية التحتية والخدمات وفرص العمل.