by | Sep 1, 2025 | اقتصاد
في خطوة تعكس تصاعد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على ملايين الأميركيين، كشف وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تبحث في إعلان حالة طوارئ وطنية في قطاع الإسكان خلال الخريف المقبل، بهدف إبراز هذه القضية ملفاً انتخابياً أساسياً مع اقتراب استحقاق منتصف الولاية عام 2026. والخطوة، التي قد تفتح الباب أمام قرارات تنفيذية سريعة، تأتي في وقت يواجه فيه الأميركيون ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار المنازل وتكاليف الإيجار، وسط انتقادات متزايدة لسياسات الفيدرالي وارتفاع الفوائد.
فقد قال الوزير بيسنت، يوم الاثنين، إن إدارة ترامب قد تعلن حالة طوارئ وطنية في قطاع الإسكان هذا الخريف، في إطار مسعى البيت الأبيض لتسليط الضوء على قضايا أساسية تهم الناخبين مع اقتراب انتخابات منتصف الولاية. وأوضح، في مقابلة مع صحيفة واشنطن إكزامينر، أوردتها بلومبيرغ: “نحاول أن نحدد ما يمكننا القيام به، لكننا لا نريد التدخل في صلاحيات الولايات والمقاطعات والحكومات المحلية. ومع ذلك، قد نعلن حالة طوارئ وطنية في الخريف”.
وأشار الوزير إلى أن مسألة القدرة على تحمّل تكاليف السكن ستكون محوراً رئيسياً في حملة الجمهوريين للانتخابات النصفية عام 2026. ورغم امتناعه عن الكشف عن خطوات محددة قد يتخذها الرئيس، إلا أنه لمح إلى أن الإدارة تدرس آليات لتوحيد القوانين المحلية الخاصة بالبناء والتقسيمات التنظيمية، إضافة إلى خفض تكاليف إتمام الصفقات العقارية.
يُذكر أن الرئيس ترامب دأب خلال ولايته على استخدام إعلانات الطوارئ وسيلةً لتجاوز الحاجة إلى تمرير تشريعات عبر الكونغرس، وهي خطوات واجه بعضها اعتراضات في المحاكم الفيدرالية، لا سيما قانون الطوارئ الذي استند إليه لفرض نظام الرسوم الجمركية.
وفي إطار هجومه المستمر هذا العام على مجلس الاحتياط الفيدرالي، اعتبر ترامب أن معدلات الفائدة المرتفعة أسهمت في زيادة تكاليف التمويل الحكومي وأضرت بسوق الإسكان. وقد عمّقت جائحة كورونا التفاوتات المالية في سوق العقارات، إذ أدت إلى ارتفاع كبير في تكاليف الإيجارات وأثقلت كاهل المشترين الجدد بفوائد مرتفعة.
وتُعد أزمة السكن قضية انتخابية حساسة منذ الحملة الرئاسية لعام 2024، حين ركزت نائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس على هذا الملف، متعهدة بتقديم اعتمادات ضريبية للمطورين الذين يبنون مساكن ميسّرة، إلى جانب مساعدات تصل إلى 25 ألف دولار دفعةً أولى لفئات معينة من المشترين. أما ترامب، فقد تعهد خلال حملته آنذاك بفتح أراضٍ فيدرالية أمام مشاريع الإسكان، وبالعمل على خفض القيود التنظيمية في محاولة لخفض الأسعار وتحسين القدرة على تملك المنازل.
by | Aug 29, 2025 | اقتصاد
في خطوة أثارت قلق المستهلكين والشركات على حد سواء، أعلنت جنوب أفريقيا، بعد مجموعة دول، عن تعليق خدمات شحن الطرود إلى الولايات المتحدة بشكل غير محدد، بعد أن ألغى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإعفاء الجمركي للطرود الدولية. القرار يعكس تبعات الرسوم الجمركية الأميركية على أسواق دولية عدة، ويزيد الضغوط على أنظمة البريد الوطنية التي تواجه تحديات مالية وتشغيلية.
وأوضحت هيئة البريد الجنوب أفريقية، في بيان اليوم الجمعة، أن شحن جميع الطرود أو المواد التي تحتوي على بضائع موجهة إلى الولايات المتحدة سيتم تعليقه مؤقتاً، فيما ستظل الوثائق والرسائل والفئات البريدية المعفاة مثل البريد العسكري مقبولة. وجاء في البيان: “نظراً لتعقيد الإجراءات المطلوبة للامتثال للتنظيم الجديد، ليس أمامنا خيار سوى تعليق هذه الشحنات مؤقتاً. نحن نأسف لأي إزعاج قد يسببه ذلك لعملائنا”، وفقاً لما أوردت بلومبيرغ.
وكان المستهلكون الأميركيون يتمتعون سابقاً بإمكانية شراء سلع بأسعار منخفضة من الخارج عبر ما يُعرف باستثناء “الطرود الصغيرة جداً” (de minimis) الذي يسمح للشحنات الصغيرة بالدخول إلى الولايات المتحدة بدون رسوم جمركية. وقد جرى إلغاء هذا الإعفاء بالنسبة للصين في أيار/ أيار الماضي، قبل أن يشمل بقية دول العالم في أمر رئاسي وقع الشهر الماضي، بهدف “الحد من تدفق المخدرات غير القانونية مثل الفنتانيل”.
ويأتي إعلان البريد الجنوب أفريقي بعد قرارات مماثلة اتخذتها خدمات بريدية وطنية أخرى، شملت اليابان وبريطانيا وأستراليا، والتي أوقفت أيضاً شحن هذه الفئة من الطرود إلى الولايات المتحدة. كما يزيد هذا القرار من الضغوط على البريد الجنوب أفريقي، الذي دخل في برنامج إنقاذ الأعمال منذ 2023 بعد سنوات من تراجع حجم البريد، وتراكم الديون، والمشاكل التشغيلية، ما يضع مستقبل الخدمة البريدية في البلاد تحت تحديات كبيرة.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت اليوم إلغاء الإعفاءات من الرسوم الجمركية المخصصة للطرود الصغيرة التي تدخل البلاد من الخارج، في خطوة أثارت مخاوف الأعمال التجارية وتحذيرات من ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين. وأرجعت إدارة ترامب الخطوة إلى استخدام الشحنات منخفضة القيمة لتجنّب الرسوم الجمركية وتهريب المخدرات، بعدما كانت الطرود التي تقدَّر قيمتها بـ800 دولار أو أقل مستثناة من الرسوم. وستكون الطرود حالياً عرضة إما لرسوم تعادل تلك المطبقة على البلدان التي تُنتَج فيها أو لرسوم محددة تراوح ما بين 80 و200 دولار للسلعة، لكن بعض السلع الشخصية والهدايا ما زالت معفاة من الرسوم.
وفي السياق، قال مستشار ترامب للشؤون التجارية بيتر نافارو للصحافيين إن سد هذه “الثغرة” يساعد على الحد من تدفق المخدرات وغيرها من السلع الخطيرة والمحظورة، بينما يدرّ على الولايات المتحدة المزيد من عائدات الرسوم. لكن فترة الشهر التي سبقت أمر ترامب أدت إلى موجة قلق. وأضاف أن على مكاتب البريد الأجنبية أن تضبط أمورها في ما يتعلق بمراقبة وضبط استخدام البريد الدولي لأغراض التهريب والتهرب من الرسوم الجمركية.
وأعلنت خدمات البريد في بلدان، بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا والهند وأستراليا واليابان، في وقت سابق، أنها لن تقبل إرسال معظم الطرود المخصصة للولايات المتحدة. أما خدمة البريد الملكي البريطاني، فقد اتخذت خطوة مشابهة، وأعلنت عن خدمات جديدة، أمس الخميس، لزبائنها الذين ما زالوا يرسلون منتجات إلى الولايات المتحدة. وأفاد الاتحاد البريدي العالمي التابع للأمم المتحدة، الثلاثاء، بأن 25 من مشغلي البريد في البلدان المنضوية فيه علّقوا الخدمات البريدية إلى الولايات المتحدة.
ويشدد مسؤولون أميركيون على أن 5% فقط من شحنات الطرود الصغيرة المعفاة من الرسوم الجمركية تصل عبر شبكة البريد، بينما يمر أغلبها عبر خدمات البريد السريع. مع ذلك، أدى التغيير إلى حالة إرباك وأثار قلق الأعمال التجارية الصغيرة.
by | Aug 29, 2025 | اقتصاد
شهدت الأسواق الأميركية تقلبات ملحوظة مع تراجع الأسهم من مستويات قياسية فيما أظهرت بيانات التضخم المستمرة والإنفاق الاستهلاكي تعقيدات الاقتصاد الأميركي المتأرجح على وقع سياسات الرئيس دونالد ترامب
. بينما يبدي المستثمرون قلقهم إزاء ارتفاع الأسعار وتوقعات الركود المحتملة، تظل أنظارهم موجهة إلى خطوات مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) المقبلة، خاصة مع دعوات إلى خفض أسعار الفائدة وسط مؤشرات مختلطة على نمو الاقتصاد وسوق العمل. هذه التطورات تعكس حالة من عدم اليقين بين المستثمرين والمستهلكين على حد سواء، مما يضع الاقتصاد الأميركي أمام تحديات مزدوجة: السيطرة على التضخم ودعم النمو المستدام.
فقد تراجعت الأسهم الأميركية من مستوياتها القياسية، حيث أخذ المستثمرون أرباحهم بعد أن أظهرت بيانات مؤشر الإنفاق الشخصي الأساسي (PCE) ارتفاعاً مستمراً للتضخم في تموز/ تموز. وانخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 0.7%، بينما فقد مؤشر ناسداك 100 نحو 1.2%. جاء هذا التراجع رغم استمرار الاتجاه الصعودي لمؤشر S&P 500 على مدى أربعة أشهر متتالية، فيما سجلت أحجام التداول انخفاضاً عن متوسط الثلاثين يوماً، قبيل عطلة عيد العمال.
وكانت شركات محددة مثل Dell Technologies وMarvell Technology قد سجلت انخفاضات حادة في أسهمها بعد أن جاءت مبيعاتها وأرباحها أقل من توقعات المحللين، مما ساهم في الضغط على المؤشرات العامة للأسهم، وفقاً لما أوردت وكالة بلومبيرغ اليوم الجمعة.
وقد أظهرت بيانات تموز ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي في الاقتصاد الأميركي بأكبر معدل خلال أربعة أشهر، ما يعكس قوة الطلب رغم استمرار التضخم. وسجل مؤشر الإنفاق الشخصي الأساسي ارتفاعاً بنسبة 2.9% مقارنة بالعام الماضي، متجاوزاً الهدف المركزي للبنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. هذه الأرقام أثارت تساؤلات حول إمكانية قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة الشهر المقبل، بعد دعوات صادرة عن محافظي البنك مثل كريستوفر والر لتخفيف تكاليف الاقتراض.
إلى ذلك، حافظت سندات الخزانة الأميركية على مكاسبها الأسبوعية، إذ يبقي توقع خفض الفائدة القادمة المستثمرين متفائلين. حيث سجلت العوائد على السندات قصيرة الأجل استقراراً نسبياً، بينما ارتفعت العوائد على السندات طويلة الأجل عدة نقاط أساس. وقد أظهرت البيانات أن معدل التضخم الأساسي بلغ 2.9% في تموز، فيما تظل توقعات خفض الفائدة مرتفعة خلال الأشهر القادمة.
وقد ساهمت أحداث سياسية، مثل محاولة الرئيس ترامب إقالة محافظة البنك الاحتياطي الأميركي ليزا كوك، في زيادة تقلبات الأسواق على المدى القصير، مع تسليط الضوء على مسألة استقلالية البنك المركزي.
تراجع ثقة المستهلكين في الاقتصاد الأميركي
هذا وأظهرت مسوحات جامعة ميشيغن انخفاض مؤشر ثقة المستهلكين إلى أدنى مستوياته خلال ثلاثة أشهر، متأثراً بالمخاوف المتعلقة بالرسوم الجمركية والتضخم. وتوقع المستهلكون زيادة الأسعار بنسبة 4.8% على مدار العام المقبل، فيما أعرب نحو 63% منهم عن توقعات بارتفاع معدل البطالة، ما يعكس القلق المتنامي بشأن المستقبل الوظيفي والاقتصادي.
ورغم هذه المخاوف، أظهرت البيانات الرسمية أن الإنفاق الاستهلاكي ارتفع في تموز، مدعوماً بزيادة الدخل، مما يشير إلى مرونة الطلب الاستهلاكي رغم الضغوط التضخمية. ومع ذلك، أشار المحللون إلى أن ارتفاع الأسعار والرسوم الجمركية قد يضغطان على نية المستهلكين لشراء السلع الكبيرة مثل السيارات والأجهزة المنزلية.
by | Aug 28, 2025 | اقتصاد
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعداده لخوض معركة قضائية مفتوحة مع عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأميركي” ليزا كوك، بعد أن أصدر قراراً بعزلها بدعوى ارتكابها مخالفات تتعلق بتزوير بيانات في طلبات رهن عقاري. وقال ترامب، خلال اجتماع لمجلس الوزراء، أول أمس الثلاثاء، إنه “غير قلق” من التحدي القانوني المتوقع، مضيفاً أن القضية تتعلق مباشرة بملف حساس هو الرهون العقارية، وأن أي خلل فيه لا يمكن التساهل معه، بحسب “بلومبيرغ”. ولم يسبق لرئيس أميركي أن أقال عضواً من مجلس محافظي الفيدرالي منذ تأسيسه عام 1913.
وفي أول تعليق رسمي على القرار، أكد مجلس الاحتياطي الفيدرالي أنه سيلتزم بأي حكم قضائي قد يصدر بشأن شرعية عزل كوك، وأنه أجل حسم وضعها الوظيفي إلى حين الفصل في الدعوى القضائية. من جانبها، أكدت كوك أنها لن تستقيل، وأنها ستلجأ إلى المحاكم لإبطال القرار، وقالت في بيان رسمي: “سأواصل أداء مهامي لخدمة الاقتصاد الأميركي كما كنت منذ 2022″، فيما أعلن محاميها آبي لويل أن الخطوة التي اتخذها ترامب تمثل “تجاوزاً صارخاً للقانون” بحسب “رويترز”.
تهديد لاستقلالية الفيدرالي
واعتبر ديمقراطيون قرار ترامب بإقالة كوك “انقلاباً استبدادياً” إذ قالت إليزابيث وارن، كبيرة الديمقراطيين في لجنة البنوك بمجلس الشيوخ، إن إقالة كوك “انتهاك صارخ لقانون الاحتياطي الفيدرالي ومحاولة غير قانونية يجب إسقاطها في المحكمة”، وفق واشنطن بوست. يشار إلى أن استقلالية الفيدرالي تعد حجر الأساس لثقة المستثمرين العالمية بالاقتصاد الأميركي، وأي مساس بها قد ينعكس سلباً على تصنيفات الديون الأميركية ويزيد تكاليف الاقتراض.
وألمح ترامب إلى أنه يفكر في إعادة ترتيب مقاعد الفيدرالي لتعزيز نفوذه. فقد اقترح نقل ستيفن ميران، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين، من المقعد قصير الأجل إلى المقعد الذي تشغله كوك، والذي يمتد حتى عام 2038، ما يمنحه فرصة لتشكيل أغلبية موالية له داخل المجلس (4 من أصل 7 أعضاء). وسيمنح ذلك ترامب نفوذاً مباشراً على السياسة النقدية، خصوصاً في ظل دعواته المتكررة إلى خفض أسعار الفائدة بشكل حاد لدعم النمو قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال مستثمرون ومحللون، إن استقلالية الفيدرالي كانت على الدوام خطاً أحمر في ما يخص أسواق وول ستريت ووكالات التصنيف الائتماني، وأي شعور بأن قرارات البنك المركزي باتت خاضعة لضغوط سياسية قد ينعكس على سعر الدولار، وعوائد السندات، وثقة المستثمرين الدوليين. ووفقاً لتقديرات “فاينانشال تايمز”، فإن هذه المواجهة بين ترامب والفيدرالي قد يضعف موقف الولايات المتحدة في إدارة الدين العام الذي تجاوز 34 تريليون دولار، كما قد يزيد من هشاشة الأسواق الناشئة المرتبطة بالدولار.
وجاءت ردات فعل الأسواق حذرة منذ تداولات الثلاثاء. فقد ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بنحو 7 نقاط أساس ليسجل 4.46%، مع تزايد المخاوف من أن يؤدي الصراع إلى تعطيل مسار السياسة النقدية. في المقابل، شهد مؤشر الدولار (DXY) تراجعاً طفيفاً إلى 101.9 نقطة بعد أن سجل مكاسب في بداية الجلسة، ما يعكس انقسام المستثمرين بين توقعات خفض الفائدة السريع إذا تمكن ترامب من السيطرة على الفيدرالي، وبين المخاوف من اهتزاز الثقة المؤسسية. أما أسواق الأسهم، فقد أنهى مؤشر S&P 500 الجلسة منخفضاً بنسبة 0.6%، فيما سجل مؤشر ناسداك تراجعاً أكبر بلغ 1.1%، مع هبوط أسهم البنوك الكبرى مثل جي بي مورغان وسيتي غروب نتيجة القلق من تقويض استقلالية المؤسسة النقدية.
منطقة مجهولة
وبحسب تقرير أكسيوس الأميركي، فإن قرار ترامب بعزل ليزا كوك يدفع الولايات المتحدة إلى ما وصف بأنه “منطقة مجهولة” في تاريخ العلاقة بين البيت الأبيض والبنك المركزي. فالإقالة لا تعد مجرد خطوة فردية ضد مسؤول بعينه، بل تحمل دلالات أوسع قد تغير القواعد المؤسسية المستقرة منذ أكثر من قرن. فإذا أقر القضاء بسلامة هذه الخطوة، فسيعني ذلك أن أي رئيس مستقبلي يمكنه استخدام الذريعة نفسها لفصل أعضاء الفيدرالي متى شاء، وهو ما يحول استقلالية البنك المركزي من قاعدة راسخة إلى خيار سياسي يخضع لتقديرات السلطة التنفيذية.
وأشار التقرير إلى أن هذه السابقة المحتملة قد تعرض أمام المحكمة العليا لتحديد المدى الدستوري لعبارة “لأسباب مبررة” التي ينص عليها قانون الاحتياطي الفيدرالي. وحتى الآن لم يسبق لأي محكمة أميركية أن تعاملت مع قضية تتعلق بإقالة عضو من مجلس محافظي الفيدرالي، مما يجعل أي حكم قضائي في هذا الملف سابقة ستستشهد بها في العقود المقبلة. وإذا قررت المحكمة العليا دعم سلطة الرئيس في التفسير الفضفاض لعبارة “لأسباب مبررة”، فسيعني ذلك توسيعاً جذرياً للسلطات الرئاسية على حساب استقلال المؤسسات التنظيمية.
يذكر أنّ العلاقة بين الرؤساء الأميركيين والبنك الفيدرالي شهدت توترات عديدة، لكن من دون أن تصل إلى مستوى العزل المباشر. فعلى سبيل المثال، كان الرئيس ريتشارد نيكسون في السبعينيات يآذار ضغوطاً كبيرة على رئيس الفيدرالي آنذاك آرثر بيرنز لخفض الفائدة قبل الانتخابات، وهو ما أثار لاحقاً انتقادات بأنه ساهم في انفجار التضخم. كذلك، اصطدم الرئيس دونالد ترامب نفسه خلال ولايته الأولى مع رئيس الفيدرالي جيروم باول، ووصل به الأمر إلى وصفه بـ “الغبي والعدو الأكبر”، لكنه لم يملك صلاحية عزله. وما يفعله ترامب اليوم يتجاوز كل هذه السوابق، إذ يحاول أن يؤسس لأول مرة لحق مباشر في إقالة عضو من المجلس، وهو ما قد يستخدم مستقبلاً لتغيير تشكيل الفيدرالي بما يتماشى مع أي أجندة سياسية آنية.
by | Aug 28, 2025 | اقتصاد
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعداده لخوض معركة قضائية مفتوحة مع عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأميركي” ليزا كوك، بعد أن أصدر قراراً بعزلها بدعوى ارتكابها مخالفات تتعلق بتزوير بيانات في طلبات رهن عقاري. وقال ترامب، خلال اجتماع لمجلس الوزراء، أول أمس الثلاثاء، إنه “غير قلق” من التحدي القانوني المتوقع، مضيفاً أن القضية تتعلق مباشرة بملف حساس هو الرهون العقارية، وأن أي خلل فيه لا يمكن التساهل معه، بحسب “بلومبيرغ”. ولم يسبق لرئيس أميركي أن أقال عضواً من مجلس محافظي الفيدرالي منذ تأسيسه عام 1913.
وفي أول تعليق رسمي على القرار، أكد مجلس الاحتياطي الفيدرالي أنه سيلتزم بأي حكم قضائي قد يصدر بشأن شرعية عزل كوك، وأنه أجل حسم وضعها الوظيفي إلى حين الفصل في الدعوى القضائية. من جانبها، أكدت كوك أنها لن تستقيل، وأنها ستلجأ إلى المحاكم لإبطال القرار، وقالت في بيان رسمي: “سأواصل أداء مهامي لخدمة الاقتصاد الأميركي كما كنت منذ 2022″، فيما أعلن محاميها آبي لويل أن الخطوة التي اتخذها ترامب تمثل “تجاوزاً صارخاً للقانون” بحسب “رويترز”.
تهديد لاستقلالية الفيدرالي
واعتبر ديمقراطيون قرار ترامب بإقالة كوك “انقلاباً استبدادياً” إذ قالت إليزابيث وارن، كبيرة الديمقراطيين في لجنة البنوك بمجلس الشيوخ، إن إقالة كوك “انتهاك صارخ لقانون الاحتياطي الفيدرالي ومحاولة غير قانونية يجب إسقاطها في المحكمة”، وفق واشنطن بوست. يشار إلى أن استقلالية الفيدرالي تعد حجر الأساس لثقة المستثمرين العالمية بالاقتصاد الأميركي، وأي مساس بها قد ينعكس سلباً على تصنيفات الديون الأميركية ويزيد تكاليف الاقتراض.
وألمح ترامب إلى أنه يفكر في إعادة ترتيب مقاعد الفيدرالي لتعزيز نفوذه. فقد اقترح نقل ستيفن ميران، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين، من المقعد قصير الأجل إلى المقعد الذي تشغله كوك، والذي يمتد حتى عام 2038، ما يمنحه فرصة لتشكيل أغلبية موالية له داخل المجلس (4 من أصل 7 أعضاء). وسيمنح ذلك ترامب نفوذاً مباشراً على السياسة النقدية، خصوصاً في ظل دعواته المتكررة إلى خفض أسعار الفائدة بشكل حاد لدعم النمو قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال مستثمرون ومحللون، إن استقلالية الفيدرالي كانت على الدوام خطاً أحمر في ما يخص أسواق وول ستريت ووكالات التصنيف الائتماني، وأي شعور بأن قرارات البنك المركزي باتت خاضعة لضغوط سياسية قد ينعكس على سعر الدولار، وعوائد السندات، وثقة المستثمرين الدوليين. ووفقاً لتقديرات “فاينانشال تايمز”، فإن هذه المواجهة بين ترامب والفيدرالي قد يضعف موقف الولايات المتحدة في إدارة الدين العام الذي تجاوز 34 تريليون دولار، كما قد يزيد من هشاشة الأسواق الناشئة المرتبطة بالدولار.
وجاءت ردات فعل الأسواق حذرة منذ تداولات الثلاثاء. فقد ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بنحو 7 نقاط أساس ليسجل 4.46%، مع تزايد المخاوف من أن يؤدي الصراع إلى تعطيل مسار السياسة النقدية. في المقابل، شهد مؤشر الدولار (DXY) تراجعاً طفيفاً إلى 101.9 نقطة بعد أن سجل مكاسب في بداية الجلسة، ما يعكس انقسام المستثمرين بين توقعات خفض الفائدة السريع إذا تمكن ترامب من السيطرة على الفيدرالي، وبين المخاوف من اهتزاز الثقة المؤسسية. أما أسواق الأسهم، فقد أنهى مؤشر S&P 500 الجلسة منخفضاً بنسبة 0.6%، فيما سجل مؤشر ناسداك تراجعاً أكبر بلغ 1.1%، مع هبوط أسهم البنوك الكبرى مثل جي بي مورغان وسيتي غروب نتيجة القلق من تقويض استقلالية المؤسسة النقدية.
منطقة مجهولة
وبحسب تقرير أكسيوس الأميركي، فإن قرار ترامب بعزل ليزا كوك يدفع الولايات المتحدة إلى ما وصف بأنه “منطقة مجهولة” في تاريخ العلاقة بين البيت الأبيض والبنك المركزي. فالإقالة لا تعد مجرد خطوة فردية ضد مسؤول بعينه، بل تحمل دلالات أوسع قد تغير القواعد المؤسسية المستقرة منذ أكثر من قرن. فإذا أقر القضاء بسلامة هذه الخطوة، فسيعني ذلك أن أي رئيس مستقبلي يمكنه استخدام الذريعة نفسها لفصل أعضاء الفيدرالي متى شاء، وهو ما يحول استقلالية البنك المركزي من قاعدة راسخة إلى خيار سياسي يخضع لتقديرات السلطة التنفيذية.
وأشار التقرير إلى أن هذه السابقة المحتملة قد تعرض أمام المحكمة العليا لتحديد المدى الدستوري لعبارة “لأسباب مبررة” التي ينص عليها قانون الاحتياطي الفيدرالي. وحتى الآن لم يسبق لأي محكمة أميركية أن تعاملت مع قضية تتعلق بإقالة عضو من مجلس محافظي الفيدرالي، مما يجعل أي حكم قضائي في هذا الملف سابقة ستستشهد بها في العقود المقبلة. وإذا قررت المحكمة العليا دعم سلطة الرئيس في التفسير الفضفاض لعبارة “لأسباب مبررة”، فسيعني ذلك توسيعاً جذرياً للسلطات الرئاسية على حساب استقلال المؤسسات التنظيمية.
يذكر أنّ العلاقة بين الرؤساء الأميركيين والبنك الفيدرالي شهدت توترات عديدة، لكن من دون أن تصل إلى مستوى العزل المباشر. فعلى سبيل المثال، كان الرئيس ريتشارد نيكسون في السبعينيات يآذار ضغوطاً كبيرة على رئيس الفيدرالي آنذاك آرثر بيرنز لخفض الفائدة قبل الانتخابات، وهو ما أثار لاحقاً انتقادات بأنه ساهم في انفجار التضخم. كذلك، اصطدم الرئيس دونالد ترامب نفسه خلال ولايته الأولى مع رئيس الفيدرالي جيروم باول، ووصل به الأمر إلى وصفه بـ “الغبي والعدو الأكبر”، لكنه لم يملك صلاحية عزله. وما يفعله ترامب اليوم يتجاوز كل هذه السوابق، إذ يحاول أن يؤسس لأول مرة لحق مباشر في إقالة عضو من المجلس، وهو ما قد يستخدم مستقبلاً لتغيير تشكيل الفيدرالي بما يتماشى مع أي أجندة سياسية آنية.