صانعي الخراب.. ما الدور الذي يلعبه جنود سلاح الهندسة الإسرائيلي بغزة؟

صانعي الخراب.. ما الدور الذي يلعبه جنود سلاح الهندسة الإسرائيلي بغزة؟

بين كل الأهداف فإن كتائب ووحدات الهندسة في الجيش الإسرائيلي هي الأهم عند مقاتلي المقاومة الفلسطينية لأسباب عديدة، إذ تسميهم هذه الأخيرة بـ”صانعي الخراب”.

فجنود الهندسة المتنوعة هم المكلفون بتفخيخ المنازل لهدم أحياء كاملة، وشق الطرقات وتفكيك المتفجرات عدا عن تنفيذهم جرائم منها الإعدامات الميدانية.

ووثق مقطع  مصور حصل عليه التلفزيون العربي، إعدام مسن في حي النصر بمدينة غزة، وصفه الجنود بالمخرب، لكنهم اعترفوا لاحقًا أنه كان أعزل، وقد أشار لهم بيديه الخاليتين، ليتبين بعدها أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، ورغم ذلك تفاخر الجندي بقتله وهنأه الضابط وبقية الجنود.

جنود سلاح الهندسة الإسرائيلي 

فهؤلاء الجنود من كتيبة الهندسة المدرعة “أساف 601″، وهي من أهم كتائب الجيش الهندسية إلى جانب “لاهاف 603″، و”هميخان 605″، و”باهَد 614″، والكتيبة الأحدث “همفتس 607”.

ويوجد داخل الكتائب وحدات متخصصة أبرزها “يلهوم”، وهي نخبة الهندسة القتالية المتخصصة في قتال الأنفاق ومعالجة العبوات والدفاع الكيماوي والنووي والتفجير تحت الأرض.

كما أن لكل لواء مشاة سرية هندسية، ولكل لواء مدرعات كتيبة هندسية. كجفعاتي وجولاني، وناحال.

وفي 15 حزيران/ حزيران 2004، نفذت المقاومة الفلسطينية كمينًا مركبًا في حي تل السلطان برفح، حيث بدأ الهجوم باستهداف جرافة “D9” بقذيفة “ياسين 105” مما أدى إلى توقفها.

وعند وصول آليات الدعم، بدأت المرحلة الثانية من الكمين، وتم استهداف ناقلة الجند المدرعة “النمر”، أسفر ذلك عن مقتل 8 جنود جميعهم من سلاح الهندسة، ومن بينهم النقيب وسيم محمود، والرقيب أول ضابط أور بلوموفيتش ضابط الرشاش، والرقيب أول أوزي يشعيا غرابر، وآخرون.

صورة خاصة بالتلفزيون العربي لجنود سلاح الهندسة الإسرائيلي

صورة خاصة بالتلفزيون العربي لجنود سلاح الهندسة الإسرائيلي

وتظهر صور وجدت بحوزة الجنود القتلى توثيقًا لعمليات تخريب وتدمير نفذوها في غرب مدينة غزة خلال بدايات شهر كانون الأول/ كانون الأول لعام 2023.

وبعد مرور 7 أشهر كانت نهايتهم على يد المقاومين في رفح، إذ تقول المقاومة إن خسائر سلاح الهندسة في معركة طوفان الأقصى كبيرة، وقد حصل التلفزيون العربي على 13 مقطعًا مختلفًا لكمائن نفذها مقاتلو القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.

في المقابل اعترف الاحتلال بمقتل 75 جنديًا وضابطًا من سلاح الهندسة تحت بند ما سمح بنشره.

ورصدت معظم العمليات في رفح خاصة في مناطق يبنا والشابورة وتل السلطان، كما وثقت هجمات مماثلة في بيت لاهيا وجباليا والريان.

كما أن الكمائن الأخيرة في خانيونس ضمن ما سمته المقاومة بسلسلة عمليات “حجارة داوود“، معظم قتلاها من ضباط وجنود الهندسة.

وكان آخرهم مشغل المعدات الهندسية أبراهام أزولاي الذي حاول المقاومون أسره، ولكنه أبى إلا أن يكون في عداد القتلى.

وفي تل زعرب في رفح رُصدت آليات هندسية استهدفت بـ”السهم الأحمر”، وقاذفة رجوم إضافة إلى الكمائن المركبة شرق رفح والاشتباكات المباشرة كما يظهر في أكثر من مقطع.

وفي بيت لاهيا شمالًا، رُصدت الآليات ثم استهدفت بشكل متزامن بعدة قذائف ياسين منها ميركافا و”D9″.

وفي جباليا كمين محكم لقوة هندسية جنوب دوار الصفطاوي، بدأ برسم المسار المتوقع ثم تجهيز العبوات ثم باستهداف الآليات بقذائف التاندوم لدفعها نحو مسار الكمين وجلب مزيد من التعزيزات قبل تفجير العبوات.

فما يظهر من هذه الكمائن ليس مجرد أرقام بل هو تحول نوعي في طبيعة المواجهة، حيث أصبح العمل الهندسي العسكري هدفًا مباشراً ومتكررًا في هذه المعركة، وبات صانع الخراب في عين الهدف.

ما الدور الذي يلعبه سلاح الهندسة الإسرائيلي؟

وفي هذا الإطار، أكد محلل التلفزيون العربي للشؤون العسكرية والإستراتيجية اللواء المتقاعد محمد الصمادي أن المهام التي تتبعها وحدات الهندسة الإسرائيلية هي “الهدم والتخريب وإفساد في الأرض”.

وفي حديث للتلفزيون العربي من العاصمة الأردنية عمان، أوضح أن منهجية التدمير التي تتبعها إسرائيل تهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه، عبر سياسة الأرض المحروقة، حيث تبدأ العمليات بدخول وحدات الهندسة، تمهيدًا لتوغل القوات البرية.

وأشار الصمادي إلى أن هذه الإستراتيجية ليست مجرد أداة عسكرية، بل تحمل أهدافًا سياسية واضحة، معتبرًا أن ما يجري في غزة يمثل أكبر عملية تطهير عمراني ممنهج في التاريخ الحديث.

وأضاف أن الاحتلال يعتمد على القصف المدفعي والجوي، إلى جانب استخدام الطائرات المسيّرة والمروحيات والروبوتات المتفجرة، لتجنب المواجهة المباشرة مع المقاومة التي لا تزال حاضرة، وقد تُلحق به خسائر فادحة.

كما لفت أن الاحتلال يستخدم ما يصل إلى 10 روبوتات في كل منطقة مستهدفة، يحمل كل منها ما بين 5 إلى 7 أطنان من المتفجرات، بهدف محو تلك المناطق بالكامل من الخارطة.

وفي حديث للتلفزيون العربي من غزة، أضاف بصل أن الاحتلال دمر أيضًا كامل المنطقة الجنوبية لحي الزيتون في مدينة غزة.

وأوضح أن الاحتلال لجأ إلى جميع الوسائل الممكنة لتنفيذ عمليات القتل والتدمير، بما في ذلك الروبوتات المفخخة، والعربات، والجرافات، والحفارات التي سوت المنازل بالأرض.

وأكد بصل أن الاحتلال ينتهج سياسة تدمير ممنهجة ومدروسة، تهدف إلى إزالة كل منزل قائم في أي منطقة تدخلها قواته البرية داخل قطاع غزة.

وصم المشاركين فيه بـ”الإرهابيين”.. أسطول الصمود: تهديدات بن غفير واهية

وصم المشاركين فيه بـ”الإرهابيين”.. أسطول الصمود: تهديدات بن غفير واهية

أدان أسطول الصمود العالمي لكسر حصار غزة “بشدة” تهديدات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، التي وصم فيها المشاركين في الأسطول بأنهم “إرهابيون”، وقال إن تلك التهديدات “واهية ولن تثنينا عن مهمتنا الإنسانية”.

جاء ذلك في بيان للأسطول نشره على منصة شركة “إكس” الخميس، ردًا على تصريحات بن غفير، الأربعاء، التي قال فيها إن “القوارب في الأسطول ستتم مصادرتها، والأشخاص الموجودين على متنها سيُعتقلون وسيُعاملون باعتبارهم مشتبها فيهم بالإرهاب”.

والأحد، انطلقت نحو 20 سفينة ضمن “أسطول الصمود” من ميناء برشلونة الإسباني، تبعتها قافلة أخرى فجر الإثنين من ميناء جنوى شمال غرب إيطاليا، ومن المنتظر أن تلتقي هذه السفن بقافلة أخرى ستنطلق من تونس الأحد المقبل، قبل أن تواصل رحلتها باتجاه غزة خلال الأيام المقبلة.

أسطول الصمود يرد على بن غفير

وقال أسطول الصمود في البيان: “في غضون أيام، سيصل أسطول الصمود العالمي إلى شواطئ تونس، حيث ستنضم إليه سفن إضافية قبل مواصلة رحلتنا إلى شواطئ غزة، محملة بمساعدات إنسانية منقذة للحياة”.

وذكر أن الأسطول “يدين بشدة تهديدات بن غفير التي تعد محاولة لترهيب المشاركين، ووصمهم زورًا بـ’الإرهابيين’”.

وأكد أن تلك التهديدات الإسرائيلية “ليست فقط باطلة وغير عادلة، بل تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف”، وقال: “لن تثنينا التهديدات الواهية من المسؤولين الإسرائيليين. مهمتنا إنسانية وقانونية ولا يمكن إيقافها”.

وأكد أنه “لا ترهيب ولا حملة تشويه ولا عمل وحشي يستطيع إسكات المطالب العالمية بالعدالة والكرامة والمساعدات الإنسانية. اجتمعنا لنبذل قصارى جهدنا لكسر الحصار وإعادة الأمل إلى أطفال غزة وعائلاتهم”.

وأوضح أن “الاحتلال الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي استخدم هذه الأساليب (التهديدات ووصمهم بالإرهابيين) سلاحًا ضد الشعب الفلسطيني، حيث جرمهم وعاملهم بوحشية وحط من إنسانيتهم”.

وأشار الأسطول إلى قيام إسرائيل بـ”إسكات الاحتجاجات السلمية والتضامن الإنساني مع الفلسطينيين، في محاولة يائسة لقمع الدعوات العالمية إلى العدالة”.

وقال إن المحاولة الأخيرة لترهيب الأسطول هي “استمرار لإستراتيجية العنف المستخدمة ضد المدنيين الفلسطينيين والصحفيين والمسعفين والنشطاء الدوليين الذين يتجرأون على الوقوف ضد الفصل العنصري والإبادة الجماعية” في فلسطين.

وشدد على أنه “بموجب القانون الدولي، يخضع ساحل غزة المتوسطي، الذي يبلغ طوله 40 كيلومترًا، لسيطرة شعب غزة، وله الحق في استقبال السفن والبضائع والأشخاص عبر مياهه الإقليمية”.

وأكد الأسطول أنه “ينبغي أن يتمتع الفلسطينيون بحقوق سيادية في استخدام بحرهم للتجارة وصيد الأسماك والسفر. ومع ذلك، فمنذ عام 2007، وقع الفلسطينيون ضحايا لحصار بحري وجوي وبري شامل غير قانوني فرضه الاحتلال الإسرائيلي”.

دعوة لتوثيق الرحلة “لضمان الشفافية والمساءلة التامة”.

وأضاف: “يقف أسطول الصمود العالمي متحدًا في مهمته الإنسانية لإيصال الغذاء والماء والإمدادات الطبية الضرورية بشكل عاجل إلى الشعب الفلسطيني الذي يعاني من إبادة جماعية كارثية ومجاعة وأزمة صحية متفاقمة ناجمة عن الحصار الإسرائيلي غير القانوني على غزة”.

وأكد أن الأسطول الذي يمثل 44 دولة يضم “أطباء وممرضين وبرلمانيين وصحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان ملتزمين فقط بتخفيف المعاناة الإنسانية” عن الفلسطينيين قطاع غزة.

ودعا الأسطول المجتمع الدولي والأمم المتحدة وجميع الحكومات إلى “الوقوف بحزم إلى جانبنا وضمان وصولنا الآمن إلى غزة”.

كما دعا المراقبين المستقلين ووسائل الإعلام للانضمام للأسطول بتوثيق الرحلة “لضمان الشفافية والمساءلة التامة”.

إيطاليا: سنضمن سلامة مواطنينا

وفي سياق متصل، أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، أن بلادها ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان سلامة مواطنيها المشاركين في “أسطول الصمود العالمي” لكسر الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة.

جاء ذلك في تدوينة عبر فيسبوك الخميس، ردًا على سؤال إيلي شلاين زعيمة الحزب الديمقراطي الإيطالي عما ستفعله الحكومة لحماية مواطنيها المشاركين في “أسطول الصمود العالمي”، دون تحديد عددهم.

وقالت ميلوني إن هذه المبادرة قد يكون لها غرض رمزي أو سياسي، لكن الحكومة الإيطالية كما دأبت دائمًا على ضمان سلامة مواطنيها ستتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان حماية وسلامة مواطنيها في الخارج.

ويتكون الأسطول من اتحاد أسطول الحرية، وحركة غزة العالمية، وقافلة الصمود، ومنظمة “صمود نوسانتارا” الماليزية.

أوبئة وأمراض غير مألوفة تنتشر بين أطفال غزة

أوبئة وأمراض غير مألوفة تنتشر بين أطفال غزة

خلّفت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة كوارث صحية وبيئة تشكّل أرضاً خصبة لانتشار مختلف الأمراض، ولا سيّما في ظل نقص الغذاء وندرة الدواء وتلوث مياه الشرب.

لم يعد فيروس شلل الأطفال الذي اكتشف سابقاً وجوده بمياه الصرف الصحي في قطاع غزة هو الأخطر، إذ ظهر خلال الفترة الأخيرة عدد آخر من الأمراض التي لا تقل خطورة عنه، كالتهاب السحايا، والالتهابات الرئوية، ومتلازمة “غيلان باريه”. وتظهر أرقام وزارة الصحة في غزة تسجيل 452 إصابة بالتهاب السحايا، و103 آلاف إصابة بالجرب، و65 ألف حالة طفح جلدي، ونحو 11 ألف إصابة جدري مائي، و71 ألف إصابة بالتهاب الكبد الوبائي “أ”، و167 ألف حالة إسهال مصحوب بالدم، و1116 إصابة بالحمى الشوكية، و64 إصابة بمتلازمة “غيلان باريه” من بينها ثلاث وفيات.

على أحد أسرّة قسم العناية المكثفة بمستشفى الرنتيسي للأطفال بمدينة غزة شمالي القطاع، وضع الطفل عز الدين صبرة (3 سنوات) على جهاز التنفس الاصطناعي بينما يتصل جسده بوصلات طبية، وهو يعاني التهاباً حاداً في الرئتين وضيق تنفس منذ شهرين، وتعرض مؤخراً لضيق في التنفس أدى إلى توقف القلب، ونجح الإنعاش القلبي في إعادة النبض إلى قلبه، لكن الخطر ما زال يهدده. يتابع الطبيب محمد العلي حالة الطفل عز الدين ويقول لـ”العربي الجديد” إن “تكرار الالتهاب الرئوي الحاد سببه تراكم الدخان المنبعث من الصواريخ الإسرائيلية والغبار، وهذا النوع من الحالات بمجرد دخولها القسم توضع على جهاز التنفس الاصطناعي، ويستمر المريض وقتاً طويلاً على الجهاز. التجاوب مع العلاج بطيء، ويصل أحياناً إلى مقاومة المضادات الحيوية. الطفل عز الدين تعرض لانتكاستين خلال العشرين يوماً الماضية، ومن بين كل خمس حالات إدخال للعناية المكثفة يوجد أربع حالات التهابات رئوية، وجميعهم يعانون من ارتفاع درجة الحرارة، وضيق في التنفس، وألم في المفاصل والعضلات، واستجابتهم للعلاج بطيئة”.

ويعد ارتفاع عدد الإصابات بالالتهابات الرئوية والبكتيرية والفيروسية في قطاع غزة غريباً، ويفترض أن تتحسن الحالة مع العلاج، لكن ما يحصل أنه خلال العلاج يتعرض المريض لانتكاسات، وهذا شيء غير مألوف. واستقبل قسم العناية المكثفة بمستشفى الرنتيسي للأطفال خلال ثلاثة أشهر 48 طفلاً، من بينهم 17 حالة التهابات تنفسية، و9 حالات التهابات سحايا، و4 بمتلازمة غيلان باريه، وتوفي بالقسم خلال ذات المدة تسعة أطفال.

في قسم المبيت بالمشفى، تقضي الطفلة لارا البطراوي (8 سنوات) في يومها الأول بدون تنفس اصطناعي، بعد 65 يوماً أمضتها في العناية المكثفة بعد إصابتها بمتلازمة غيلان باريه. وتحكي أمها لـ “العربي الجديد”: “استيقظت ليلاً للذهاب إلى دورة المياه، وأثناء مشيها سقطت، ثم نهضت ونامت. ذهبت لإيقظها في الصباح، فلم تستجب لنداءاتي، واكتشفت انقطاع النفس، فجئت بها إلى المشفى، وأُدخلت مباشرة لغرفة العناية المكثفة”. تضيف الأم: “شخّص الأطباء إصابتها بالشلل، إذ لم تكن قادرة على تحريك يديها أو قدميها، واستمرت على جهاز التنفس لخمسين يوماً، وكانت أياماً قاسية عليها وعلينا، ثم عادت إليها الحركة، وخرجت أخيراً من العناية المكثفة. لكنها تعاني من سوء تغذية حاد، وانخفض وزنها إلى النصف، وأصبحت أشبه بهيكل عظمي، وهي بحاجة إلى تغذية خاصة، لكن لا نستطيع توفير الغذاء اللازم لها من فواكه وخضار بسبب ارتفاع ثمنه، وانعدام مصادر الدخل منذ استشهاد زوجي”.

ولا يجد الأطباء تفسيراً واضحاً للإصابة بمتلازمة “غيلان باريه”، ومن بين أعراضها ضيق التنفس الحاد، وشلل الأطراف، مع إمكانية عودتها للحركة بعد استجابة الجسم للعلاج، وخلال العلاج يتم تقديم الغذاء عبر المحاليل الوريدية، فضلاً عن فتح مجرى للتنفس في الرقبة للمساعدة على التنفس.

في غرفة معزولة عن بقية المرضى، يرقد الطفل مالك محمود طوطح (ستة شهور) مصاباً بمرض “السحايا”، وترافقه أمه. وبدأت المضاعفات الصحية تظهر عليه عقب ولادته، إذ اكتشف وجود ثقب بالظهر، ثم تكرار ارتفاع درجة حرارته. تقول أمه لـ “العربي الجديد”: “كنا نعطيه مسكّناً، فتنخفض الحرارة، ثم تعود للارتفاع مجدداً، ولا يتقبل الطعام بسبب الإسهال، وبعد الفحوص والتحاليل تبينت إصابته بالسحايا. نتردد منذ شهرين على المشفى بين مبيت وخروج من دون استجابة، وكل ما يتناوله من الحليب هو 30 سم، وأي غذاء آخر لا يتقبله، باستثناء المكمل الغذائي، ما جعله يعاني أيضاً من سوء تغذية”.

في نفس الغرفة، يوجد الطفل محمد جنيد (35 يوماً) المصاب بالسحايا، وهو يعاني من ارتفاع درجة الحرارة، والتقيؤ، والكحة المستمرة، وتقول أمه لـ “العربي الجديد”: “بعد ولادته وضعناه في الحضانة، وحين خرجت من المشفى كان وزنه 3 كيلوغرامات، وحتى الآن لم يزد وزنه نتيجة المرض والتقيؤ المستمر”.

ويعاني الأطفال من التلوث الناتج عن طهي الطعام على الخشب، ويؤثر الدخان المنبعث على صحة المواليد الجدد. ترقد الرضيعة سوار حسن قاسم (ثلاثة أشهر) بأحد أقسام المبيت في مستشفى الرنتيسي، وتقول أمها لـ “العربي الجديد”: “أثناء حملي لم يكن الغذاء الكافي متوفراً، وبالتالي ولدت بثقب في القلب، وبعد ولادتها لم يكن متوفراً الحليب أو الفيتامينات، ونتيجة عيشنا في مركز إيواء تعرضت لالتهابات بالصدر بسبب الأدخنة الناتجة عن حرق البلاستيك، وحين أصيبت بتشنج جئت بها إلى المشفى”.

أما الرضيع آدم محمد الكفارنة (ثلاثة أشهر)، فلم يغادر المشفى منذ مولده، وقد عانى نقصاً في الأوكسجين أدى إلى تلف في الدماغ والأعصاب وصعوبات في التنفس، ويعطيه الأطباء علاج لوقف التشنجات. وتؤكد أمه لـ “العربي الجديد” أن حالته لم تتحسن، رغم تجريب خمسة أنواع من الأدوية، وهي كميات كبيرة مقارنة بعمره. وتقول: “قال لي الأطباء إن علاجه يفوق إمكانات الطواقم الطبية في غزة، في ظل عدم وجود أجهزة ومستلزمات، فضلاً عن غياب العلاج. ليل نهار يصاب بالتشنج، وأصبح هكيلاً عظمياً، ما يدفع الأطباء لتنويمه، وهو أقصى ما يمكن تقديمه له، وينبغي أن يسافر للعلاج قبل فقدان حياته”.

وتمتلئ أقسام مستشفى الرنتيسي بالأطفال المرضى، وبسبب امتلاء الأسرة يقبع العديد منهم على أرضية ممرات أقسام المبيت، ويتخوف الأهالي من تكرار إخراج المستشفى عن الخدمة بعدما عاد لتقديم الخدمة الطبية في حدودها الأدنى، ويخشون إجبار الطواقم الطبية على النزوح، ما يهدد بوفاة الأطفال.

وسط ارتكابه مجازر بحق الفلسطينيين.. الاحتلال يستعد لإخلاء مدينة غزة

وسط ارتكابه مجازر بحق الفلسطينيين.. الاحتلال يستعد لإخلاء مدينة غزة

استشهد عشرات الفلسطينيين، وأصيب آخرون اليوم الخميس، بقصف إسرائيلي استهدف مناطق متفرقة بقطاع غزة.

ويأتي ذلك ضمن الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، بدعم أميركي، بحق الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ تشرين الأول 2023.

واستهدفت هجمات الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة اليوم منازل وخيام نازحين ومنتظري مساعدات.

شهداء وجرحى معظمهم في مدينة غزة

وفي التفاصيل، أفاد مراسل التلفزيون العربي، باستشهاد 86 فلسطينيًا جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر اليوم الخميس.

ومساء اليوم الخميس، استشهد 3 فلسطينيين على الأقل، وأصيب آخرون، إثر قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي، منزلًا بمدينة غزة.

كما استشهد 3 فلسطينيين مساء اليوم في قصف منزل بجوار مدرسة الفلاح بحي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، و4 آخرين، بينهم أطفال، في قصف الاحتلال مركبة بمحيط مفرق الطيران غرب المدينة.

وفي سياق متصل استشهد عدد من الفلسطينيين، بقصف طيران الاحتلال مجموعة مواطنين قرب برج الظافر في منطقة السرايا بمدينة غزة، في وقت استشهدت فيه مواطنة برصاص أطلقت مسيرة تابعة لطيران الاحتلال جنوب حي البركة بدير البلح وسط القطاع.

تواصل إسرائيل عدوانها على غزة منذ السابع من تشرين الأول 2023

تواصل إسرائيل عدوانها على غزة منذ السابع من تشرين الأول 2023 – غيتي

وفي وقت سابق الخميس، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، ارتفاع حصيلة الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ 7 تشرين الأول 2023، إلى 64 ألفًا و231 شهيدًا و161 ألفًا و583 مصابًا من الفلسطينيين.

وأشارت في بيان إلى أن مستشفيات القطاع سجلت خلال الـ24 ساعة الماضية “3 حالات وفاة جديدة نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع العدد الإجمالي منذ 7 تشرين الأول 2023 إلى 370 حالة وفاة، ضمنهم 131 طفلًا”.

وذكرت أن حصيلة ضحايا منتظري المساعدات ارتفعت منذ 27 أيار/ أيار الماضي إلى ألفين و356 شهيدًا و17 ألفًا و244 مصابًا، بعد استشهاد 17 فلسطينيًا وإصابة 174 آخرين خلال الـ24 ساعة الماضية.

جيش الاحتلال يستعد لإخلاء مدينة غزة خلال أيام

وفي سياق العدوان على غزة، ذكرت قناة عبرية خاصة، الخميس، أن الجيش الإسرائيلي يستعد لإصدار إنذارات للفلسطينيين بإخلاء مدينة غزة “خلال الأيام القريبة المقبلة”، وذلك في إطار خطة تل أبيب لاحتلال المدينة كاملة.

وقالت قناة “14” إن عملية “مركبات جدعون 2” ستشمل “حملة نيران جوية واسعة الأسبوع المقبل، تعقبها عملية برية تهدف إلى السيطرة العملياتية الكاملة على مدينة غزة، وإخلاء السكان منها”.

والأربعاء، أطلق الجيش الإسرائيلي عدوانًا باسم “عربات جدعون 2” لاحتلال مدينة غزة بالكامل (شمال).

وأشارت القناة “14” إلى أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، زار محيط غزة الأربعاء، واطّلع على صورة الوضع الميداني، مؤكدًا المضي قدمًا نحو توسيع العمليات.

وفي سياق متصل، زعم جيش الاحتلال الخميس بأنه يسيطر على 40% من مدينة غزة، كبرى مدن القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمر، ويستعد للسيطرة عليها بالكامل في هجوم جديد.

وقال الناطق باسم جيش الاحتلال إيفي دفرين في بيان بالفيديو “نسيطر اليوم على 40% من مدينة غزة. ستستمر العملية في التوسع والتكثف في الأيام المقبلة”، مضيفًا “سنزيد الضغط على حماس حتى هزيمتها”.

والأسبوع الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي مدينة غزة “منطقة قتال خطيرة” وأكد وجوب إخلائها، لكن اللجنة الدولية للصليب الأحمر اعتبرت إخلاء المدينة “مستحيلًا”، مؤكدة أن الخطط لذلك “غير قابلة للتنفيذ”.

وبدل ذلك، يدفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نحو احتلال مدينة غزة بدعوى إطلاق سراح الأسرى وهزيمة حماس وسط تشكيك كبير في إمكانية تحقيق ذلك من قبل معارضين ومسؤولين سابقين، وتأكيد الجيش الإسرائيلي أن العملية تشكل خطرًا على حياة الأسرى.

خشية من سيناريو 7 تشرين الأول.. الاحتلال يقر “خطة طوارئ” لنقل قوات للضفة

خشية من سيناريو 7 تشرين الأول.. الاحتلال يقر “خطة طوارئ” لنقل قوات للضفة

صدّق جيش الاحتلال الخميس، على “خطة طوارئ” تتيح نقل قوات إلى الضفة الغربية المحتلة من جبهات أخرى، في حال وقوع هجمات بها خلال أيلول/ أيلول الجاري، ردًا على تطبيق خطة “الضم” المرفوضة دوليًا.

والأربعاء، أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش اعتزام تل أبيب ضم 82% من مساحة الضفة الغربية المحتلة للسيادة الإسرائيلية، وشدد على ضرورة “منع قيام دولة فلسطينية”.

وتمهيدًا لضمها، تكثف إسرائيل منذ بدئها حرب الإبادة على قطاع غزة، في 7 تشرين الأول/ تشرين الأول 2023، ارتكاب جرائم بالضفة الغربية، بينها هدم منازل وتهجير فلسطينيين ومصادرة أراضيهم وتوسيع وتسريع البناء الاستيطاني.

الاحتلال يقر “خطة طوارئ” لنقل قوات للضفة

وأوضحت قناة “14” العبرية، نقلًا عن مصادر مطلعة لم تسمها، أن “خطة الطوارئ” الخاصة بالضفة الغربية أُعدت بطلب من وزير الأمن يسرائيل كاتس.

وأشارت إلى أن المؤسسة الأمنية تعتبر أيلول “فترة حساسة”، في ضوء انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة والتطورات السياسية المتوقعة المتعلقة بالاعتراف بدولة فلسطينية.

وأضافت المصادر أن رئيس أركان الجيش إيال زامير، وافق على الخطة التي تنص على “تجميد العمليات في قطاع غزة، وتحريك القوات نحو الضفة الغربية إذا شهدت هذه الأخيرة هجمات، وذلك بهدف إعادة السيطرة على الموقف”.

ولم يصدر تعليق رسمي من الجيش الإسرائيلي أو وزارة الأمن بشأن ما ذكرته القناة.

تُكثف إسرائيل ارتكاب جرائم بالضفة الغربية تمهيدًا لضمها

تُكثف إسرائيل ارتكاب جرائم بالضفة الغربية تمهيدًا لضمها – غيتي

ومن شأن ضم إسرائيل للضفة الغربية المحتلة القضاء على إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة، تنفيذا لمبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، الذي تنص عليه قرارات صدرت عن الأمم المتحدة.

وتمضي الحكومة الإسرائيلية التي يغلب عليها اليمين المتطرف، نحو خطوات لـ”ضم” الضفة الغربية، مدعية أن ذلك سيكون ردًا على عزم دول غربية، بينها فرنسا وبريطانيا وأستراليا وكندا وبلجيكا، الاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الأمم المتحدة التي تفتح أعمالها في 9 أيلول الجاري.

ووفي سياق متصل، قال جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك”، مساء الخميس، إن السلطة الفلسطينية “بدأت تُظهر مؤشرات على الانهيار” نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها، محذرًا من انعكاسات ذلك على الاستقرار الأمني.

وذكرت القناة 12 العبرية أن الشاباك أبلغ القيادة السياسية بأن “الوضع الاقتصادي المتدهور للسلطة، وارتفاع نسب البطالة، وعدم تلقي عناصر أجهزتها الأمنية رواتبهم، تشكل عوامل قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد” في الضفة الغربية.

وأضافت أن الشاباك رصد مؤخرًا “إشارات على هشاشة الوضع الداخلي” في الضفة الغربية، محذرًا من انعكاسات ذلك على الاستقرار الأمني.

إسرائيل تخشى من سيناريو 7 تشرين الأول

وفي هذا السياق، أفاد مراسل “التلفزيون العربي” أحمد جرادات أن إسرائيل تبحث مجموعة من السيناريوهات الأمنية المحتملة، أبرزها السيناريو المتطرف الذي يتضمن احتمال اندلاع اشتباكات بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والقوات الإسرائيلية في الضفة الغربية، إلى جانب توقعات باندلاع انتفاضة ثالثة وسيناريوهات أخرى تدرسها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.

وأوضح المراسل أن تل أبيب، وفقًا لما نقلته القناة 14 الإسرائيلية، تسعى لتفادي أي مفاجآت مشابهة لما حدث في عملية “طوفان الأقصى” بتاريخ 7 تشرين الأول/ تشرين الأول 2023، ولذلك تناقش جميع الاحتمالات، حتى تلك التي تبدو غير واقعية أو بعيدة التحقق في المدى القريب.

وأشار إلى أن القناة الإسرائيلية حددت 4 عوامل رئيسية قد تؤدي إلى اندلاع انتفاضة جديدة، من بينها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والتدهور الحاد في الوضع الاقتصادي بالضفة الغربية، وهجمات المستوطنين المتكررة ضد الفلسطينيين.

وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ناقش خلال اجتماعه اليوم تأجيل مسألة ضم أجزاء من الضفة الغربية، مركزًا على التحديات الأمنية واحتمالات حدوث اضطرابات أو مواجهات، حتى مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن التوجه الرسمي في تل أبيب في حال وقوع أي تصعيد في الضفة الغربية هو الرد عليه بقوة وحزم، كما أشار المراسل إلى أن وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس أصدر تعليماته بالاستعداد لجميع السيناريوهات، بما في ذلك احتمال انهيار السلطة الفلسطينية في ظل التوترات المتصاعدة داخل الضفة.