صانعو الخراب.. ما الدور الذي يلعبه جنود سلاح الهندسة الإسرائيلي بغزة؟

صانعو الخراب.. ما الدور الذي يلعبه جنود سلاح الهندسة الإسرائيلي بغزة؟

بين كل الأهداف فإن كتائب ووحدات الهندسة في الجيش الإسرائيلي هي الأهم عند مقاتلي المقاومة الفلسطينية لأسباب عديدة، إذ تسميهم هذه الأخيرة بـ”صانعي الخراب”.

فجنود الهندسة المتنوعة هم المكلفون بتفخيخ المنازل لهدم أحياء كاملة، وشق الطرقات وتفكيك المتفجرات عدا عن تنفيذهم جرائم منها الإعدامات الميدانية.

ووثق مقطع  مصور حصل عليه التلفزيون العربي، إعدام مسن في حي النصر بمدينة غزة، وصفه الجنود بالمخرب، لكنهم اعترفوا لاحقًا أنه كان أعزل، وقد أشار لهم بيديه الخاليتين، ليتبين بعدها أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، ورغم ذلك تفاخر الجندي بقتله وهنأه الضابط وبقية الجنود.

جنود سلاح الهندسة الإسرائيلي 

فهؤلاء الجنود من كتيبة الهندسة المدرعة “أساف 601″، وهي من أهم كتائب الجيش الهندسية إلى جانب “لاهاف 603″، و”هميخان 605″، و”باهَد 614″، والكتيبة الأحدث “همفتس 607”.

ويوجد داخل الكتائب وحدات متخصصة أبرزها “يلهوم”، وهي نخبة الهندسة القتالية المتخصصة في قتال الأنفاق ومعالجة العبوات والدفاع الكيماوي والنووي والتفجير تحت الأرض.

كما أن لكل لواء مشاة سرية هندسية، ولكل لواء مدرعات كتيبة هندسية. كجفعاتي وجولاني، وناحال.

وفي 15 حزيران/ حزيران 2004، نفذت المقاومة الفلسطينية كمينًا مركبًا في حي تل السلطان برفح، حيث بدأ الهجوم باستهداف جرافة “D9” بقذيفة “ياسين 105” مما أدى إلى توقفها.

وعند وصول آليات الدعم، بدأت المرحلة الثانية من الكمين، وتم استهداف ناقلة الجند المدرعة “النمر”، أسفر ذلك عن مقتل 8 جنود جميعهم من سلاح الهندسة، ومن بينهم النقيب وسيم محمود، والرقيب أول ضابط أور بلوموفيتش ضابط الرشاش، والرقيب أول أوزي يشعيا غرابر، وآخرون.

صورة خاصة بالتلفزيون العربي لجنود سلاح الهندسة الإسرائيلي

صورة خاصة بالتلفزيون العربي لجنود سلاح الهندسة الإسرائيلي

وتظهر صور وجدت بحوزة الجنود القتلى توثيقًا لعمليات تخريب وتدمير نفذوها في غرب مدينة غزة خلال بدايات شهر كانون الأول/ كانون الأول لعام 2023.

وبعد مرور 7 أشهر كانت نهايتهم على يد المقاومين في رفح، إذ تقول المقاومة إن خسائر سلاح الهندسة في معركة طوفان الأقصى كبيرة، وقد حصل التلفزيون العربي على 13 مقطعًا مختلفًا لكمائن نفذها مقاتلو القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.

في المقابل اعترف الاحتلال بمقتل 75 جنديًا وضابطًا من سلاح الهندسة تحت بند ما سمح بنشره.

ورصدت معظم العمليات في رفح خاصة في مناطق يبنا والشابورة وتل السلطان، كما وثقت هجمات مماثلة في بيت لاهيا وجباليا والريان.

كما أن الكمائن الأخيرة في خانيونس ضمن ما سمته المقاومة بسلسلة عمليات “حجارة داوود“، معظم قتلاها من ضباط وجنود الهندسة.

وكان آخرهم مشغل المعدات الهندسية أبراهام أزولاي الذي حاول المقاومون أسره، ولكنه أبى إلا أن يكون في عداد القتلى.

وفي تل زعرب في رفح رُصدت آليات هندسية استهدفت بـ”السهم الأحمر”، وقاذفة رجوم إضافة إلى الكمائن المركبة شرق رفح والاشتباكات المباشرة كما يظهر في أكثر من مقطع.

وفي بيت لاهيا شمالًا، رُصدت الآليات ثم استهدفت بشكل متزامن بعدة قذائف ياسين منها ميركافا و”D9″.

وفي جباليا كمين محكم لقوة هندسية جنوب دوار الصفطاوي، بدأ برسم المسار المتوقع ثم تجهيز العبوات ثم باستهداف الآليات بقذائف التاندوم لدفعها نحو مسار الكمين وجلب مزيد من التعزيزات قبل تفجير العبوات.

فما يظهر من هذه الكمائن ليس مجرد أرقام بل هو تحول نوعي في طبيعة المواجهة، حيث أصبح العمل الهندسي العسكري هدفًا مباشراً ومتكررًا في هذه المعركة، وبات صانع الخراب في عين الهدف.

ما الدور الذي يلعبه سلاح الهندسة الإسرائيلي؟

وفي هذا الإطار، أكد محلل التلفزيون العربي للشؤون العسكرية والإستراتيجية اللواء المتقاعد محمد الصمادي أن المهام التي تتبعها وحدات الهندسة الإسرائيلية هي “الهدم والتخريب وإفساد في الأرض”.

وفي حديث للتلفزيون العربي من العاصمة الأردنية عمان، أوضح أن منهجية التدمير التي تتبعها إسرائيل تهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه، عبر سياسة الأرض المحروقة، حيث تبدأ العمليات بدخول وحدات الهندسة، تمهيدًا لتوغل القوات البرية.

وأشار الصمادي إلى أن هذه الإستراتيجية ليست مجرد أداة عسكرية، بل تحمل أهدافًا سياسية واضحة، معتبرًا أن ما يجري في غزة يمثل أكبر عملية تطهير عمراني ممنهج في التاريخ الحديث.

وأضاف أن الاحتلال يعتمد على القصف المدفعي والجوي، إلى جانب استخدام الطائرات المسيّرة والمروحيات والروبوتات المتفجرة، لتجنب المواجهة المباشرة مع المقاومة التي لا تزال حاضرة، وقد تُلحق به خسائر فادحة.

كما لفت أن الاحتلال يستخدم ما يصل إلى 10 روبوتات في كل منطقة مستهدفة، يحمل كل منها ما بين 5 إلى 7 أطنان من المتفجرات، بهدف محو تلك المناطق بالكامل من الخارطة.

وفي حديث للتلفزيون العربي من غزة، أضاف بصل أن الاحتلال دمر أيضًا كامل المنطقة الجنوبية لحي الزيتون في مدينة غزة.

وأوضح أن الاحتلال لجأ إلى جميع الوسائل الممكنة لتنفيذ عمليات القتل والتدمير، بما في ذلك الروبوتات المفخخة، والعربات، والجرافات، والحفارات التي سوت المنازل بالأرض.

وأكد بصل أن الاحتلال ينتهج سياسة تدمير ممنهجة ومدروسة، تهدف إلى إزالة كل منزل قائم في أي منطقة تدخلها قواته البرية داخل قطاع غزة.

أميركا تفرض عقوبات على منظمات حقوقية فلسطينية.. ما تداعيات القرار؟

أميركا تفرض عقوبات على منظمات حقوقية فلسطينية.. ما تداعيات القرار؟

فرضت واشنطن عقوبات على 3 منظمات حقوقية فلسطينية طالبت المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق مع إسرائيل بشأن ارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة، حسبما أظهر الموقع الإلكتروني لوزارة الخزانة الأميركية، الخميس.

وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

ومنذ ذلك الحين، أسفر العدوان الإسرائيلي عن عشرات آلاف الشهداء والجرحى، ودفع جميع سكان غزة تقريبًا إلى النزوح من منازلهم مرة واحدة على الأقل، وتسبب في أزمة جوع، وصفها مرصد عالمي لمراقبة الجوع بأنها مجاعة.

أميركا تفرض عقوبات على منظمات حقوقية فلسطينية

وأدرجت الولايات المتحدة المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومركز الميزان لحقوق الإنسان ومقرهما قطاع غزة، بالإضافة إلى مؤسسة الحق- القانون من أجل الإنسان ومقرها رام الله، في ما قالت الوزارة إنه إدراج مرتبط بالمحكمة الجنائية الدولية.

وطلبت المنظمات الثلاث من المحكمة الجنائية الدولية في تشرين الثاني/ تشرين الثاني 2023 إجراء تحقيق في الغارات الجوية الإسرائيلية على المناطق المدنية المأهولة بالسكان في غزة، فضلًا عن حصار القطاع وتشريد سكانه.

وبعد عام، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وفرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب عقوبات على قضاة بالمحكمة الجنائية الدولية، وكذلك المدعي العام بها، بسبب مذكرات الاعتقال الإسرائيلية.

وتأتي العقوبات الأميركية على المنظمات الفلسطينية بعد أيام من إصدار أكبر رابطة أكاديمية من العلماء والمتخصصين في شؤون الإبادة الجماعية في العالم قرارًا ينص على استيفاء المعايير القانونية التي تثبت ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة.

ووصفت إسرائيل هذا الإعلان بأنه مشين و”يستند كليًا إلى حملة أكاذيب حماس”، حسب تعبيرها.

ما تأثير فرض العقوبات؟

من جانبه، اعتبر نائب مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، سمير زقوت، أن القرار الصادر عن الإدارة الأميركية لم يكن مفاجئًا، مؤكدًا أن واشنطن تُعد شريكًا في إبادة الشعب الفلسطيني، وداعمًا تاريخيًا للسياسات والمآذارات التي تنتهك القانون الدولي، بما في ذلك الفصل العنصري، والتهجير القسري، ومخططات التهويد.

وفي حديث للتلفزيون العربي من مدينة دير البلح، أشار زقوت إلى أن جميع الانتهاكات الإسرائيلية التي تخالف قواعد القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، تقف خلفها الولايات المتحدة بشكل مباشر أو غير مباشر.

وأضاف أن المؤسسات الحقوقية الثلاث تلعب دورًا محوريًا في المواجهة القانونية، من خلال نزع الشرعية عن الاحتلال وكل من يسانده، مستندة في عملها إلى المرجعيات القانونية الدولية دون أي أهداف أو أجندات سياسية.

وأكد زقوت أن العقوبات التي تطال هذه المؤسسات لا تختلف عن تلك التي واجهها شخصيات دولية مثل المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية كريم خان، ومقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية في جنيف فرانشيسكا ألبانيز، وكل من أدان جرائم الحرب الإسرائيلية.

وختم بالقول: “سنواصل جهودنا بكل ما أوتينا من قوة، وسنسعى للبقاء كمؤسسة تقدم خدمات إنسانية جليلة”.

ما حمله استطلاع رأي السوريين

ما حمله استطلاع رأي السوريين

أعلن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات نتائج استطلاع رأيٍ نفذه في سورية، بالتعاون مع المركز العربي لدراسات سورية المعاصرة في دمشق، وبوصفه جزءاً من استطلاعات المؤشّر العربي لعام 2025. وتستدعي نتائج الاستطلاع النظر فيما تحمله من دلالاتٍ ومواقف، كونها أول مؤشّر يرصد توجهات السوريين في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ إعادة بناء الدولة السورية ورسم ملامح مستقبلها.

بداية، هذه هي المرّة الأولى أيضاً، التي يعبّر فيها آلاف السوريين بحرّية عن آرائهم وهمومهم وتوجّهاتهم حيال مختلف القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تشغل بالهم، ومن دون توجّس أو خوف من الاعتقال والملاحقة. وأظهرت نتائج الاستطلاع أن الرأي العام في سورية متعلق بالأمل بمستقبل بلاده، ومتفائل بتحسّن أوضاعه على مختلف الصعد، على الرغم من التحديات الأمنية، ودعوات الانفصال التي يطرحها بعضهم، ومن التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية، فضلاً عن الشروخ في الجسد السوري. ومن ثم، تقدّم نتائج الاستطلاع صورة تعاكس تماماً ما يُتداول في العديد من وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تقدم صوراً مختلفة عن السوريين وبلادهم.

يلفت الانتباه حجم عينة المستجيبات والمستجيبين لهذا الاستطلاع، التي بلغت 3690 شخصاً، بحيث يمكن اعتبارها تمثل شريحة واسعة من السوريين، جرى اختيارها “بطريقة طبقية عنقودية متعدّدة المراحل”، كي يشمل تمثيلها مختلف تكوينات المجتمع السوري الاجتماعية والاقتصادية في جميع المحافظات. إضافة إلى حداثة الاستطلاع الذي نُفّذ من 25 تموز/ تموز إلى 17 من آب/ آب 2025. وهي فترة تفرض مواجهة صعوبات رصد آراء المستجيبين، بالنظر إلى توزّع بعضهم في مناطق تسيطر عليها قوى الأمر الواقع، وإلى الظروف الحسّاسة التي تمرّ بها على خلفية الأحداث والانتهاكات التي شهدتها مناطق الساحل قبل أشهر، وما شهدت محافظة السويداء أخيراً.

ترفض الغالبية العظمى من السوريين الاعتراف بإسرائيل، ولا تقبل بأي تسوية معها من دون عودة الجولان المحتل

ليس مستغرباً أن يرى 56% من المستجيبين أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح، لأن إسقاط نظام الأسد البائد كان أمراً عظيماً بالنسبة إليهم، أفضى إلى خلاصهم من حواجز أجهزة الأمن التي كانت تقطع أوصال مدنهم وبلداتهم، وتبتزّهم، وتهدّد حياتهم، إلى جانب انفراط عقد مجموعات الشّبّيحة، وما كان يُعرف بالحرس الوطني، وهروب رموز النظام وأزلامه، فضلاً عن إطلاق “سراح المعتقلين، وتحسّن الأوضاع الأمنية، والاتجاه نحو الاستقرار، ورفع العقوبات”. ولذلك كان طبيعياً أن يُعبر ما بين 80% و94% عن مشاعر الأمل والفرح والسعادة بعد إسقاط النظام. ولا يعدم الأمر وجود 20% منهم تنتابهم مشاعر قلق أو عدم يقين، خصوصاً بعد الانتهاكات والمجازر التي ارتكبت خلال أحداث الساحل والسويداء. ويمكن تفهم أن 57% من المستجيبين يرون أن الوضع السياسي جيد جداً أو جيد، فيما عبّرت غالبيتهم عن معاناتهم المعيشية، لأن الوضع الاقتصادي سيئ جداً، الأمر الذي يفسّر رغبة 27% من السوريين في الهجرة لأسباب اقتصادية وأمنية، حيث يكشف الاستطلاع أن 42% من أسر المستجيبين تعيش في حالة فقر وعوز، ودخلهم لا يكفي لتغطية حاجاتهم الأساسية، فيما يعيش قسمٌ منهم حالة كفاف، وأغلبية الأُسر الفقيرة تعتمد على الاستدانة والمعونات من المعارف في سد حاجاتها الأساسية، خصوصاً تلك الأسر التي لا تصل إليها تحويلات مالية من أقاربها في الخارج.

يقدّم الاستطلاع صورة سورية ما بعد نظام الطاغية، يجسّدها تفاؤل بمستقبل البلاد، ونضج سياسي يقابله وجع عام من تردٍّ اقتصادي. والصورة ليست وردية، إذ يقرّ 85% بانتشار الخطاب الطائفي، ويرى 83% التمييز المذهبي واقعاً يوميّاً، ومع ذلك هناك رغبة عميقة في التعايش ضمن الإطار المسكوني المشترك بين جميع التكوينات والأطياف. ولعل ما ينغّص عيش السوريين تفشي حالات من العوز، والفقر، واعتماد على مساعدات الخارج. وعلى الرغم من المفاوضات التي تجريها السلطة مع إسرائيل، ترفض الغالبية العظمى من السوريين الاعتراف بإسرائيل، ولا تقبل بأي تسوية معها من دون عودة الجولان المحتل.

ليس مستغرباً أن يرى 56% من المستجيبين الأمور تسير في الاتجاه الصحيح

يتوقف الاستطلاع عند قضية الديمقراطية، بوصفها أكثر قضية حساسة في المرحلة الراهنة في سورية، يرى 61% من السوريين أن النظام الديمقراطي الأفضل للحكم في بلدهم، بعكس ما يشاع في بعض الأوساط السياسية، إذ تشير هذه النسبة إلى توق السوريين إلى الديمقراطية بوصفها أفضل الأنظمة السياسية، لكن الأهم أن غالبية السوريين تعنيهم الديمقراطية بالافتراق عن المواقف الأيديولوجية. كما أن أكثر من نصف المستجيبين يقبلون بتسلّم السلطة من حزب سياسي لا يتفقون معه، في حال حصوله على عدد أصوات يؤهله إلى ذلك ضمن انتخابات حرّة ونزيهة. ويترافق ذلك بوعي سياسي متقدّم، يتجلى بتأييد تأسيس أحزاب سياسية جديدة، إلى جانب التيارات الوطنية السورية والتيارات الإسلامية، وتأييد وجود تيارات قومية عربية، وليبرالية مدنية، ما يشي بأن غالبية السوريين لم تتأثر بالتصحّر السياسي الذي أراد نظام الأسد فرضه على المجتمع السوري.

يدخل استطلاع الرأي في سياق تقليد دأب عليه المركز العربي، لكنه في الحال السورية كان متعذّراً، أو بالأحرى محرّماً، في العقود السابقة. والمأمول أن تنتهجه مراكز البحوث والدراسات السورية، كونه يسهم في استجلاء الرأي العام السوري حول مختلف القضايا السياسية والاجتماعية، وفي تحقيق قدر أكبر من المشاركة المجتمعية العامة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ سورية ما بعد نظام الأسد. والأمر برسم السلطة الجديدة، كي تأخذ بما عبّرت عنه الأغلبية حول عدم نجاحها في ضمان التعدّدية السياسية، وإنهاء التمييز بين المواطنين، وتطبيق مبدأ المحاسبة بحق كبار المسؤولين. إضافة إلى انتشار الفساد المالي والإداري في البلاد، خصوصاً بعد أن أصبح السوريون، رغم فقرهم المدقع، أكثر اتصالًا بالعالم.

صانعي الخراب.. ما الدور الذي يلعبه جنود سلاح الهندسة الإسرائيلي بغزة؟

صانعي الخراب.. ما الدور الذي يلعبه جنود سلاح الهندسة الإسرائيلي بغزة؟

بين كل الأهداف فإن كتائب ووحدات الهندسة في الجيش الإسرائيلي هي الأهم عند مقاتلي المقاومة الفلسطينية لأسباب عديدة، إذ تسميهم هذه الأخيرة بـ”صانعي الخراب”.

فجنود الهندسة المتنوعة هم المكلفون بتفخيخ المنازل لهدم أحياء كاملة، وشق الطرقات وتفكيك المتفجرات عدا عن تنفيذهم جرائم منها الإعدامات الميدانية.

ووثق مقطع  مصور حصل عليه التلفزيون العربي، إعدام مسن في حي النصر بمدينة غزة، وصفه الجنود بالمخرب، لكنهم اعترفوا لاحقًا أنه كان أعزل، وقد أشار لهم بيديه الخاليتين، ليتبين بعدها أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، ورغم ذلك تفاخر الجندي بقتله وهنأه الضابط وبقية الجنود.

جنود سلاح الهندسة الإسرائيلي 

فهؤلاء الجنود من كتيبة الهندسة المدرعة “أساف 601″، وهي من أهم كتائب الجيش الهندسية إلى جانب “لاهاف 603″، و”هميخان 605″، و”باهَد 614″، والكتيبة الأحدث “همفتس 607”.

ويوجد داخل الكتائب وحدات متخصصة أبرزها “يلهوم”، وهي نخبة الهندسة القتالية المتخصصة في قتال الأنفاق ومعالجة العبوات والدفاع الكيماوي والنووي والتفجير تحت الأرض.

كما أن لكل لواء مشاة سرية هندسية، ولكل لواء مدرعات كتيبة هندسية. كجفعاتي وجولاني، وناحال.

وفي 15 حزيران/ حزيران 2004، نفذت المقاومة الفلسطينية كمينًا مركبًا في حي تل السلطان برفح، حيث بدأ الهجوم باستهداف جرافة “D9” بقذيفة “ياسين 105” مما أدى إلى توقفها.

وعند وصول آليات الدعم، بدأت المرحلة الثانية من الكمين، وتم استهداف ناقلة الجند المدرعة “النمر”، أسفر ذلك عن مقتل 8 جنود جميعهم من سلاح الهندسة، ومن بينهم النقيب وسيم محمود، والرقيب أول ضابط أور بلوموفيتش ضابط الرشاش، والرقيب أول أوزي يشعيا غرابر، وآخرون.

صورة خاصة بالتلفزيون العربي لجنود سلاح الهندسة الإسرائيلي

صورة خاصة بالتلفزيون العربي لجنود سلاح الهندسة الإسرائيلي

وتظهر صور وجدت بحوزة الجنود القتلى توثيقًا لعمليات تخريب وتدمير نفذوها في غرب مدينة غزة خلال بدايات شهر كانون الأول/ كانون الأول لعام 2023.

وبعد مرور 7 أشهر كانت نهايتهم على يد المقاومين في رفح، إذ تقول المقاومة إن خسائر سلاح الهندسة في معركة طوفان الأقصى كبيرة، وقد حصل التلفزيون العربي على 13 مقطعًا مختلفًا لكمائن نفذها مقاتلو القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.

في المقابل اعترف الاحتلال بمقتل 75 جنديًا وضابطًا من سلاح الهندسة تحت بند ما سمح بنشره.

ورصدت معظم العمليات في رفح خاصة في مناطق يبنا والشابورة وتل السلطان، كما وثقت هجمات مماثلة في بيت لاهيا وجباليا والريان.

كما أن الكمائن الأخيرة في خانيونس ضمن ما سمته المقاومة بسلسلة عمليات “حجارة داوود“، معظم قتلاها من ضباط وجنود الهندسة.

وكان آخرهم مشغل المعدات الهندسية أبراهام أزولاي الذي حاول المقاومون أسره، ولكنه أبى إلا أن يكون في عداد القتلى.

وفي تل زعرب في رفح رُصدت آليات هندسية استهدفت بـ”السهم الأحمر”، وقاذفة رجوم إضافة إلى الكمائن المركبة شرق رفح والاشتباكات المباشرة كما يظهر في أكثر من مقطع.

وفي بيت لاهيا شمالًا، رُصدت الآليات ثم استهدفت بشكل متزامن بعدة قذائف ياسين منها ميركافا و”D9″.

وفي جباليا كمين محكم لقوة هندسية جنوب دوار الصفطاوي، بدأ برسم المسار المتوقع ثم تجهيز العبوات ثم باستهداف الآليات بقذائف التاندوم لدفعها نحو مسار الكمين وجلب مزيد من التعزيزات قبل تفجير العبوات.

فما يظهر من هذه الكمائن ليس مجرد أرقام بل هو تحول نوعي في طبيعة المواجهة، حيث أصبح العمل الهندسي العسكري هدفًا مباشراً ومتكررًا في هذه المعركة، وبات صانع الخراب في عين الهدف.

ما الدور الذي يلعبه سلاح الهندسة الإسرائيلي؟

وفي هذا الإطار، أكد محلل التلفزيون العربي للشؤون العسكرية والإستراتيجية اللواء المتقاعد محمد الصمادي أن المهام التي تتبعها وحدات الهندسة الإسرائيلية هي “الهدم والتخريب وإفساد في الأرض”.

وفي حديث للتلفزيون العربي من العاصمة الأردنية عمان، أوضح أن منهجية التدمير التي تتبعها إسرائيل تهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه، عبر سياسة الأرض المحروقة، حيث تبدأ العمليات بدخول وحدات الهندسة، تمهيدًا لتوغل القوات البرية.

وأشار الصمادي إلى أن هذه الإستراتيجية ليست مجرد أداة عسكرية، بل تحمل أهدافًا سياسية واضحة، معتبرًا أن ما يجري في غزة يمثل أكبر عملية تطهير عمراني ممنهج في التاريخ الحديث.

وأضاف أن الاحتلال يعتمد على القصف المدفعي والجوي، إلى جانب استخدام الطائرات المسيّرة والمروحيات والروبوتات المتفجرة، لتجنب المواجهة المباشرة مع المقاومة التي لا تزال حاضرة، وقد تُلحق به خسائر فادحة.

كما لفت أن الاحتلال يستخدم ما يصل إلى 10 روبوتات في كل منطقة مستهدفة، يحمل كل منها ما بين 5 إلى 7 أطنان من المتفجرات، بهدف محو تلك المناطق بالكامل من الخارطة.

وفي حديث للتلفزيون العربي من غزة، أضاف بصل أن الاحتلال دمر أيضًا كامل المنطقة الجنوبية لحي الزيتون في مدينة غزة.

وأوضح أن الاحتلال لجأ إلى جميع الوسائل الممكنة لتنفيذ عمليات القتل والتدمير، بما في ذلك الروبوتات المفخخة، والعربات، والجرافات، والحفارات التي سوت المنازل بالأرض.

وأكد بصل أن الاحتلال ينتهج سياسة تدمير ممنهجة ومدروسة، تهدف إلى إزالة كل منزل قائم في أي منطقة تدخلها قواته البرية داخل قطاع غزة.

وصم المشاركين فيه بـ”الإرهابيين”.. أسطول الصمود: تهديدات بن غفير واهية

وصم المشاركين فيه بـ”الإرهابيين”.. أسطول الصمود: تهديدات بن غفير واهية

أدان أسطول الصمود العالمي لكسر حصار غزة “بشدة” تهديدات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، التي وصم فيها المشاركين في الأسطول بأنهم “إرهابيون”، وقال إن تلك التهديدات “واهية ولن تثنينا عن مهمتنا الإنسانية”.

جاء ذلك في بيان للأسطول نشره على منصة شركة “إكس” الخميس، ردًا على تصريحات بن غفير، الأربعاء، التي قال فيها إن “القوارب في الأسطول ستتم مصادرتها، والأشخاص الموجودين على متنها سيُعتقلون وسيُعاملون باعتبارهم مشتبها فيهم بالإرهاب”.

والأحد، انطلقت نحو 20 سفينة ضمن “أسطول الصمود” من ميناء برشلونة الإسباني، تبعتها قافلة أخرى فجر الإثنين من ميناء جنوى شمال غرب إيطاليا، ومن المنتظر أن تلتقي هذه السفن بقافلة أخرى ستنطلق من تونس الأحد المقبل، قبل أن تواصل رحلتها باتجاه غزة خلال الأيام المقبلة.

أسطول الصمود يرد على بن غفير

وقال أسطول الصمود في البيان: “في غضون أيام، سيصل أسطول الصمود العالمي إلى شواطئ تونس، حيث ستنضم إليه سفن إضافية قبل مواصلة رحلتنا إلى شواطئ غزة، محملة بمساعدات إنسانية منقذة للحياة”.

وذكر أن الأسطول “يدين بشدة تهديدات بن غفير التي تعد محاولة لترهيب المشاركين، ووصمهم زورًا بـ’الإرهابيين’”.

وأكد أن تلك التهديدات الإسرائيلية “ليست فقط باطلة وغير عادلة، بل تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف”، وقال: “لن تثنينا التهديدات الواهية من المسؤولين الإسرائيليين. مهمتنا إنسانية وقانونية ولا يمكن إيقافها”.

وأكد أنه “لا ترهيب ولا حملة تشويه ولا عمل وحشي يستطيع إسكات المطالب العالمية بالعدالة والكرامة والمساعدات الإنسانية. اجتمعنا لنبذل قصارى جهدنا لكسر الحصار وإعادة الأمل إلى أطفال غزة وعائلاتهم”.

وأوضح أن “الاحتلال الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي استخدم هذه الأساليب (التهديدات ووصمهم بالإرهابيين) سلاحًا ضد الشعب الفلسطيني، حيث جرمهم وعاملهم بوحشية وحط من إنسانيتهم”.

وأشار الأسطول إلى قيام إسرائيل بـ”إسكات الاحتجاجات السلمية والتضامن الإنساني مع الفلسطينيين، في محاولة يائسة لقمع الدعوات العالمية إلى العدالة”.

وقال إن المحاولة الأخيرة لترهيب الأسطول هي “استمرار لإستراتيجية العنف المستخدمة ضد المدنيين الفلسطينيين والصحفيين والمسعفين والنشطاء الدوليين الذين يتجرأون على الوقوف ضد الفصل العنصري والإبادة الجماعية” في فلسطين.

وشدد على أنه “بموجب القانون الدولي، يخضع ساحل غزة المتوسطي، الذي يبلغ طوله 40 كيلومترًا، لسيطرة شعب غزة، وله الحق في استقبال السفن والبضائع والأشخاص عبر مياهه الإقليمية”.

وأكد الأسطول أنه “ينبغي أن يتمتع الفلسطينيون بحقوق سيادية في استخدام بحرهم للتجارة وصيد الأسماك والسفر. ومع ذلك، فمنذ عام 2007، وقع الفلسطينيون ضحايا لحصار بحري وجوي وبري شامل غير قانوني فرضه الاحتلال الإسرائيلي”.

دعوة لتوثيق الرحلة “لضمان الشفافية والمساءلة التامة”.

وأضاف: “يقف أسطول الصمود العالمي متحدًا في مهمته الإنسانية لإيصال الغذاء والماء والإمدادات الطبية الضرورية بشكل عاجل إلى الشعب الفلسطيني الذي يعاني من إبادة جماعية كارثية ومجاعة وأزمة صحية متفاقمة ناجمة عن الحصار الإسرائيلي غير القانوني على غزة”.

وأكد أن الأسطول الذي يمثل 44 دولة يضم “أطباء وممرضين وبرلمانيين وصحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان ملتزمين فقط بتخفيف المعاناة الإنسانية” عن الفلسطينيين قطاع غزة.

ودعا الأسطول المجتمع الدولي والأمم المتحدة وجميع الحكومات إلى “الوقوف بحزم إلى جانبنا وضمان وصولنا الآمن إلى غزة”.

كما دعا المراقبين المستقلين ووسائل الإعلام للانضمام للأسطول بتوثيق الرحلة “لضمان الشفافية والمساءلة التامة”.

إيطاليا: سنضمن سلامة مواطنينا

وفي سياق متصل، أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، أن بلادها ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان سلامة مواطنيها المشاركين في “أسطول الصمود العالمي” لكسر الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة.

جاء ذلك في تدوينة عبر فيسبوك الخميس، ردًا على سؤال إيلي شلاين زعيمة الحزب الديمقراطي الإيطالي عما ستفعله الحكومة لحماية مواطنيها المشاركين في “أسطول الصمود العالمي”، دون تحديد عددهم.

وقالت ميلوني إن هذه المبادرة قد يكون لها غرض رمزي أو سياسي، لكن الحكومة الإيطالية كما دأبت دائمًا على ضمان سلامة مواطنيها ستتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان حماية وسلامة مواطنيها في الخارج.

ويتكون الأسطول من اتحاد أسطول الحرية، وحركة غزة العالمية، وقافلة الصمود، ومنظمة “صمود نوسانتارا” الماليزية.