إيران والغرب: شهر حاسم

إيران والغرب: شهر حاسم

أخطرت دول الترويكا الأوروبية؛ فرنسا وبريطانيا وألمانيا، أول من أمس الخميس، مجلس الأمن عبر رسالة رسمية بـ”عدم التزام” إيران بتعهداتها النووية في الاتفاق المبرم عام 2015، وبناءً عليه الشروع في إجراءات تفعيل آلية “سناب باك” لإعادة العقوبات الدولية ضدها. وبمقتضى هذا الإجراء، تبدأ مهلة مدتها ثلاثون يوماً، إذا لم يتوصل الطرفان الإيراني والأوروبي خلالها إلى اتفاق، فستُعاد تلقائياً بعد انقضائها جميع العقوبات والقرارات الدولية على إيران.

وتؤكد طهران أن هذه الخطوة الأوروبية تفتقر لشرعية قانونية، وأن الدول الثلاث استخدمت الآلية بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي عام 2018. لكن، وبغض النظر عن هذا الخلاف، فإن القوى الغربية صاغت آلية “سناب باك” منذ البداية، في إطار الاتفاق النووي وقرار مجلس الأمن رقم 2231 المكمّل له، بمهارة وبُعد نظر يضمنان مصالحها مستقبلاً؛ بحيث لا يمكن استخدام حق النقض حتى من جانب الصين أو روسيا، الشريكتين في الاتفاق، لتعطيلها. كما أن هذه الآلية تقوم على أساس خطير، إذ يكفي لأي طرف أوروبي أو أميركي تفعيلها بمجرد ادعاء، دون أي تحقق أو آلية لتوثيق صحته.

وعلى هذا الأساس، يُعدّ الشهر المقبل مفصلياً للطرفين، إذ في ظل استبعاد تراجع الجانب الأوروبي عن طلبه المقدم إلى مجلس الأمن، وعدم إمكانية التوصل إلى اتفاق نووي جديد خلال شهر، لمنع إعادة فرض العقوبات وتجنب الدخول في مرحلة أكثر تصعيداً، لا يتبقى أمام الجميع سوى خيار مؤقت واحد، يتمثل في تمديد العمل بقرار مجلس الأمن 2231، الذي تنقضي صلاحيته في 18 تشرين الأول/ تشرين الأول المقبل. وقد اقترحت الترويكا الأوروبية تمديد القرار لمدة ستة أشهر، غير أن ذلك مشروط أولاً: بموافقة طهران على استئناف عمليات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية في جميع المواقع النووية، ولا سيما الثلاثة التي تعرضت لهجمات القصف (خلال العدوان الإسرائيلي الأميركي الأخير، وهي نطنز وأصفهان وفوردو). والشرط الثاني: تمكين الوكالة من الوصول إلى مخزونات اليورانيوم المخصب داخل إيران، والتي نجت من الهجمات الإسرائيلية ـ الأميركية في حزيران/ حزيران الماضي. وثالثاً: الشروع في مفاوضات جدية مع الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق جديد.

إلّا أنّ هذه الشروط تنزع من طهران أوراقها وأدواتها الضاغطة في أي حوار مرتقب مع واشنطن. فبعد قصف مواقعها النووية، تبنّت إيران سياسة الغموض بشأن مصير اليورانيوم المخصب وحجم الأضرار التي لحقت بتلك المنشآت، باعتبار أنّ هذا الغموض ورقة استراتيجية في أي مفاوضات مستقبلية مع أميركا. إلّا أنّ الأوروبيين والأميركيين يسعون إلى سحب هذه الورقة عبر تمكين مفتشي الأمم المتحدة من العودة إلى تلك المواقع، ما سيؤدي إلى كشف حجم الخسائر وتحديد أماكن المخزونات، ما قد يضاعف من احتمالات استهدافها مجدداً. ومع ذلك، لا يُستبعد أن تستأنف إيران والولايات المتحدة المفاوضات خلال الأسبوعين المقبلين، وقد يُصار إلى تمديد العمل بقرار 2231، بما يعني تأجيل الأزمة مؤقتاً كخطوة داعمة لهذا المسار الدبلوماسي المستأنف.

3 دول أوروبية تُفعل عملية إعادة فرض العقوبات على إيران

3 دول أوروبية تُفعل عملية إعادة فرض العقوبات على إيران

أظهرت رسالة اطلعت عليها “رويترز”، اليوم الخميس، أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا فعلت عملية إعادة فرض العقوبات على إيران. وبحسب الرسالة ستسعى الدول الثلاث لاستغلال الأيام الثلاثين المقبلة لحل القضايا العالقة مع طهران، حاثة إياها على الانخراط في دبلوماسية بناءة لتبديد المخاوف المرتبطة ببرنامجها النووي. وقالت الرسالة إن فرنسا وألمانيا وبريطانيا ستواصل مناقشة إيران في عرض تمديد القرار الذي يرسّخ الاتفاق النووي لعام 2015.

في السياق، نقلت “رويترز” عن مسؤول إيراني كبير قوله إن خطوة الدول الأوروبية الثلاث لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات غير قانونية ومؤسفة، مضيفاً أن الخطوة هي ضد الدبلوماسية وليست فرصة لها. وقال إن إيران تدرس بعض الخيارات مثل تقليص التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار اتفاق الضمانات، أو حتى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، مشدداً على أنها لن تتنازل تحت الضغط.

وكان دبلوماسيان أوروبيان قد قالا إن بريطانيا وفرنسا وألمانيا ستبدأ عملية إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران في مجلس الأمن اليوم الخميس. واجتمعت الدول الثلاث، المعروفة باسم الترويكا الأوروبية، مع إيران أمس الأول الثلاثاء في محاولة لإحياء الجهود الدبلوماسية بشأن البرنامج النووي قبل أن تفقد قدرتها في منتصف تشرين الأول/ تشرين الأول على إعادة فرض العقوبات على طهران التي رُفعت بموجب الاتفاق النووي الموقع في 2015 مع قوى عالمية.

لكن تلك المحادثات لم تسفر عن التزامات ملموسة كافية من إيران. وقال الدبلوماسيان إن الترويكا الأوروبية قررت الآن تفعيل ما يسمى آلية العودة السريعة للعقوبات على إيران (سناب باك) بسبب اتهامات لها بانتهاك اتفاق 2015. وأبلغ وزراء الترويكا الأوروبية، أمس الأربعاء، وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بقرارهم، وسينقلون رسالة إلى مجلس الأمن في وقت لاحق من اليوم الخميس. ويأمل الوزراء بأن تدفع هذه الخطوة طهران إلى تقديم التزامات بشأن برنامجها النووي خلال 30 يوماً تقنعهم بتأجيل اتخاذ إجراء ملموس.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، الخميس، في بيان لها، أن وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) إلى جانب مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، أجروا اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وأبلغوه نيتهم تقديم إخطار رسمي لمجلس الأمن لبدء العملية المعروفة بآلية “الزناد” أو “سناب باك” المنصوص عليها في الاتفاق النووي.

وبحسب بيان الخارجية الإيرانية، أكد وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا، في الوقت نفسه، استعدادهم لإيجاد حل دبلوماسي خلال الثلاثين يوماً المقبلة، بهدف معالجة القضايا العالقة ومنع عودة قرارات مجلس الأمن السابقة ضد إيران. واعتبر وزير الخارجية الإيراني هذه الخطوة من الدول الأوروبية الثلاث “غير مبررة، وغير قانونية، وخالية من أي أساس حقوقي”، مؤكداً أن بلاده أظهرت “سلوكاً مسؤولاً وحسن نية” في التزامها بالدبلوماسية لتسوية المسائل المرتبطة بالملف النووي.

وشدد عراقجي على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية سترد بالشكل المناسب على هذه الخطوة “غير القانونية وغير المبررة” من جانب الدول الأوروبية الثلاث، بما يحفظ حقوقها ومصالحها الوطنية. وأكد أيضاً جدية إيران في الدفاع عن مصالحها وحقوقها القانونية وفقاً للقانون الدولي ومعاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، معرباً عن أمله في أن تتبنى الدول الأوروبية الثلاث موقفاً مسؤولاً وتدرك الحقائق الراهنة، وأن تُصحّح هذه الخطوة الخاطئة في الأيام المقبلة.

ورداً على بدء عملية تفعيل آلية “سناب باك”، أعلنت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، في بيان، أن “أعضاء المجلس يقفون في لحظة مصيرية: فإما أن يدعموا مشروع القرار الروسي الصيني الذي يهدف إلى التمديد الفني (لقرار 2231) واستمرار المسار الدبلوماسي، أو أن يمضوا في تفعيل آلية الزناد، بما سيترتب عليه من عواقب وخيمة”. وبحسب ما نقل التلفزيون الإيراني، أكدت البعثة الإيرانية أنّ رد الترويكا الأوروبية على مشروع القرار الروسي الصيني سيكشف في نهاية المطاف ما إذا كانت هذه الدول ملتزمة حقاً بالدبلوماسية، أم أنها تسعى إلى تفاقم الأزمة.

وبالعودة إلى نص خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، أو ما يعرف بالاتفاق النووي، يظهر أن البندين 36 و37 من القرار 2231 يتحدثان عن آلية “فضّ النزاع” كإطار لحل الخلافات بين أطراف الاتفاق. وينص البند 36 على أنه في حال رأى أي من الطرفين (إيران أو مجموعة 1+5، التي أصبحت لاحقاً 1+4 بعد انسحاب الولايات المتحدة) أن الطرف الآخر لا ينفّذ تعهداته، فيمكنه إحالة الموضوع للجنة المشتركة التي تضم إيران وروسيا والصين والدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبي. وسيكون أمام اللجنة 15 يوماً لحل الخلافات، قابلة للتمديد بإجماع الأطراف.

وإذا لم يقتنع الطرف المشتكي بالتزام الطرف الآخر، فيمكنه إحالة الأمر إلى اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتفاق، ولديهم 15 يوماً للحل، قابلة أيضاً للتمديد. وبعد ذلك، يكون أمام مجلس الأمن 30 يوماً للنظر في تفعيل آلية “فضّ النزاع” بعد تلقيه إخطاراً من دولة مشاركة في خطة العمل.

من جهته، حذر نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي من أنه من “غير المنطقي” أن تعمل طهران مع المفتشين النوويين إذا أعيد فرض العقوبات الأممية، وقال في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الإيراني: “لقد قلنا لهم إنه في حال حدوث ذلك، فإن المسار الذي قمنا بفتحه مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية سوف يتضرر بصورة كاملة، ومن المحتمل أن تتوقف العملية”. وأضاف: “إذا اختاروا إعادة فرض العقوبات، فسيكون من غير المنطقي بالنسبة لإيران استمرار التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.

وهددت إيران من قبل باتخاذ “رد قاسٍ” في حال إعادة فرض العقوبات. وشاب التوتر المحادثات بين الترويكا الأوروبية وإيران بسبب غضب طهران الشديد من قصف الولايات المتحدة وإسرائيل منشآتها النووية في حزيران/ حزيران. وتستغرق عملية إعادة فرض العقوبات من الأمم المتحدة 30 يوماً قبل دخولها حيّز التنفيذ، وتشمل قطاعات المؤسسات المالية والبنوك والنفط والغاز والدفاع.

وحذّر آبادي، مساء أمس الأربعاء، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني، من أن “أي إجراء أوروبي لتفعيل آلية سناب باك سيُواجَه برد، بما في ذلك وقف التعاون القائم حالياً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية“. وأضاف أن أوروبا إذا اختارت مسار المواجهة، فإنها “ستُقصي نفسها من الساحة الدبلوماسية مع إيران، وستجد نفسها مضطرة إلى الإجابة حصراً في مجلس الأمن”.

وأشار غريب‌ آبادي إلى أن الجانب الأوروبي طرح، خلال اجتماع الثلاثاء، فكرة تمديد العمل بالقرار 2231، مؤكداً أن “هذا الموضوع يقع ضمن صلاحيات مجلس الأمن، وقرارات المجلس ملزمة لجميع الدول”، مضيفاً: “بيّنا (خلال الاجتماع) بشكل واضح أن الأوروبيين ليسوا في وضع قانوني يسمح لهم بتفعيل سناب باك، ولا توجد أي أرضية قانونية لخطوتهم، وقد شرحنا ذلك لهم تفصيلاً، رغم أنهم يملكون وجهة نظر مغايرة”.

إلى ذلك، وصف سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، قرار فرنسا وبريطانيا وألمانيا إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران بسبب برنامجها النووي بأنه “خطوة مهمة”. وقال دانون، في بيان الخميس، إن “دول العالم تنضم إلى الحرب على محور الشر”، مضيفاً أن “هذه خطوة مهمة من أجل وقف البرنامج النووي الإيراني وزيادة الضغط على النظام في طهران”.

وعرضت الترويكا الأوروبية تأجيل تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات لمدة تصل إلى ستة أشهر لإتاحة الوقت لمفاوضات جادة إذا سمحت إيران مجدداً بعمليات التفتيش الكاملة من قبل الأمم المتحدة ووافقت على الانخراط في محادثات مع الولايات المتحدة. وستسعى عمليات التفتيش تلك أيضاً لمعرفة حجم المخزون الإيراني من اليورانيوم المخصب الذي لم يجرِ التحقق منه منذ القصف الإسرائيلي والأميركي على المنشآت النووية الإيرانية في حزيران/حزيران.

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تخصب إيران اليورانيوم إلى درجة نقاء انشطاري تصل إلى 60%، مقتربة من نسبة 90% اللازمة لصنع سلاح نووي. وتقول الوكالة إن طهران كان لديها ما يكفي من المواد المخصبة إلى هذا المستوى لصنع ستة أسلحة نووية، إذا جرت معالجتها بدرجة أكبر، قبل الهجمات الإسرائيلية التي بدأت في 13 حزيران/حزيران. ومع ذلك، فإن إنتاج سلاح فعلياً سيستغرق وقتاً أطول، وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنه لا يمكنها ضمان سلمية برنامج طهران النووي بالكامل، وأوضحت أنها لا تملك مؤشراً موثوقاً إلى وجود مشروع تسلح نووي. ويقول الغرب إن تقدم البرنامج النووي الإيراني يتجاوز الاحتياجات المدنية، بينما تنفي طهران سعيها لإنتاج أسلحة نووية.

3 دول أوروبية تُفعل عملية إعادة فرض العقوبات على إيران

3 دول أوروبية تُفعل عملية إعادة فرض العقوبات على إيران

أظهرت رسالة اطلعت عليها “رويترز”، اليوم الخميس، أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا فعلت عملية إعادة فرض العقوبات على إيران. وبحسب الرسالة ستسعى الدول الثلاث لاستغلال الأيام الثلاثين المقبلة لحل القضايا العالقة مع طهران، حاثة إياها على الانخراط في دبلوماسية بناءة لتبديد المخاوف المرتبطة ببرنامجها النووي. وقالت الرسالة إن فرنسا وألمانيا وبريطانيا ستواصل مناقشة إيران في عرض تمديد القرار الذي يرسّخ الاتفاق النووي لعام 2015.

في السياق، نقلت “رويترز” عن مسؤول إيراني كبير قوله إن خطوة الدول الأوروبية الثلاث لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات غير قانونية ومؤسفة، مضيفاً أن الخطوة هي ضد الدبلوماسية وليست فرصة لها. وقال إن إيران تدرس بعض الخيارات مثل تقليص التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار اتفاق الضمانات، أو حتى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، مشدداً على أنها لن تتنازل تحت الضغط.

وكان دبلوماسيان أوروبيان قد قالا إن بريطانيا وفرنسا وألمانيا ستبدأ عملية إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران في مجلس الأمن اليوم الخميس. واجتمعت الدول الثلاث، المعروفة باسم الترويكا الأوروبية، مع إيران أمس الأول الثلاثاء في محاولة لإحياء الجهود الدبلوماسية بشأن البرنامج النووي قبل أن تفقد قدرتها في منتصف تشرين الأول/ تشرين الأول على إعادة فرض العقوبات على طهران التي رُفعت بموجب الاتفاق النووي الموقع في 2015 مع قوى عالمية.

لكن تلك المحادثات لم تسفر عن التزامات ملموسة كافية من إيران. وقال الدبلوماسيان إن الترويكا الأوروبية قررت الآن تفعيل ما يسمى آلية العودة السريعة للعقوبات على إيران (سناب باك) بسبب اتهامات لها بانتهاك اتفاق 2015. وأبلغ وزراء الترويكا الأوروبية، أمس الأربعاء، وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بقرارهم، وسينقلون رسالة إلى مجلس الأمن في وقت لاحق من اليوم الخميس. ويأمل الوزراء بأن تدفع هذه الخطوة طهران إلى تقديم التزامات بشأن برنامجها النووي خلال 30 يوماً تقنعهم بتأجيل اتخاذ إجراء ملموس.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، الخميس، في بيان لها، أن وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) إلى جانب مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، أجروا اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وأبلغوه نيتهم تقديم إخطار رسمي لمجلس الأمن لبدء العملية المعروفة بآلية “الزناد” أو “سناب باك” المنصوص عليها في الاتفاق النووي.

وبحسب بيان الخارجية الإيرانية، أكد وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا، في الوقت نفسه، استعدادهم لإيجاد حل دبلوماسي خلال الثلاثين يوماً المقبلة، بهدف معالجة القضايا العالقة ومنع عودة قرارات مجلس الأمن السابقة ضد إيران. واعتبر وزير الخارجية الإيراني هذه الخطوة من الدول الأوروبية الثلاث “غير مبررة، وغير قانونية، وخالية من أي أساس حقوقي”، مؤكداً أن بلاده أظهرت “سلوكاً مسؤولاً وحسن نية” في التزامها بالدبلوماسية لتسوية المسائل المرتبطة بالملف النووي.

وشدد عراقجي على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية سترد بالشكل المناسب على هذه الخطوة “غير القانونية وغير المبررة” من جانب الدول الأوروبية الثلاث، بما يحفظ حقوقها ومصالحها الوطنية. وأكد أيضاً جدية إيران في الدفاع عن مصالحها وحقوقها القانونية وفقاً للقانون الدولي ومعاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، معرباً عن أمله في أن تتبنى الدول الأوروبية الثلاث موقفاً مسؤولاً وتدرك الحقائق الراهنة، وأن تُصحّح هذه الخطوة الخاطئة في الأيام المقبلة.

ورداً على بدء عملية تفعيل آلية “سناب باك”، أعلنت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، في بيان، أن “أعضاء المجلس يقفون في لحظة مصيرية: فإما أن يدعموا مشروع القرار الروسي الصيني الذي يهدف إلى التمديد الفني (لقرار 2231) واستمرار المسار الدبلوماسي، أو أن يمضوا في تفعيل آلية الزناد، بما سيترتب عليه من عواقب وخيمة”. وبحسب ما نقل التلفزيون الإيراني، أكدت البعثة الإيرانية أنّ رد الترويكا الأوروبية على مشروع القرار الروسي الصيني سيكشف في نهاية المطاف ما إذا كانت هذه الدول ملتزمة حقاً بالدبلوماسية، أم أنها تسعى إلى تفاقم الأزمة.

وبالعودة إلى نص خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، أو ما يعرف بالاتفاق النووي، يظهر أن البندين 36 و37 من القرار 2231 يتحدثان عن آلية “فضّ النزاع” كإطار لحل الخلافات بين أطراف الاتفاق. وينص البند 36 على أنه في حال رأى أي من الطرفين (إيران أو مجموعة 1+5، التي أصبحت لاحقاً 1+4 بعد انسحاب الولايات المتحدة) أن الطرف الآخر لا ينفّذ تعهداته، فيمكنه إحالة الموضوع للجنة المشتركة التي تضم إيران وروسيا والصين والدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبي. وسيكون أمام اللجنة 15 يوماً لحل الخلافات، قابلة للتمديد بإجماع الأطراف.

وإذا لم يقتنع الطرف المشتكي بالتزام الطرف الآخر، فيمكنه إحالة الأمر إلى اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتفاق، ولديهم 15 يوماً للحل، قابلة أيضاً للتمديد. وبعد ذلك، يكون أمام مجلس الأمن 30 يوماً للنظر في تفعيل آلية “فضّ النزاع” بعد تلقيه إخطاراً من دولة مشاركة في خطة العمل.

من جهته، حذر نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي من أنه من “غير المنطقي” أن تعمل طهران مع المفتشين النوويين إذا أعيد فرض العقوبات الأممية، وقال في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الإيراني: “لقد قلنا لهم إنه في حال حدوث ذلك، فإن المسار الذي قمنا بفتحه مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية سوف يتضرر بصورة كاملة، ومن المحتمل أن تتوقف العملية”. وأضاف: “إذا اختاروا إعادة فرض العقوبات، فسيكون من غير المنطقي بالنسبة لإيران استمرار التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.

وهددت إيران من قبل باتخاذ “رد قاسٍ” في حال إعادة فرض العقوبات. وشاب التوتر المحادثات بين الترويكا الأوروبية وإيران بسبب غضب طهران الشديد من قصف الولايات المتحدة وإسرائيل منشآتها النووية في حزيران/ حزيران. وتستغرق عملية إعادة فرض العقوبات من الأمم المتحدة 30 يوماً قبل دخولها حيّز التنفيذ، وتشمل قطاعات المؤسسات المالية والبنوك والنفط والغاز والدفاع.

وحذّر آبادي، مساء أمس الأربعاء، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني، من أن “أي إجراء أوروبي لتفعيل آلية سناب باك سيُواجَه برد، بما في ذلك وقف التعاون القائم حالياً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية“. وأضاف أن أوروبا إذا اختارت مسار المواجهة، فإنها “ستُقصي نفسها من الساحة الدبلوماسية مع إيران، وستجد نفسها مضطرة إلى الإجابة حصراً في مجلس الأمن”.

وأشار غريب‌ آبادي إلى أن الجانب الأوروبي طرح، خلال اجتماع الثلاثاء، فكرة تمديد العمل بالقرار 2231، مؤكداً أن “هذا الموضوع يقع ضمن صلاحيات مجلس الأمن، وقرارات المجلس ملزمة لجميع الدول”، مضيفاً: “بيّنا (خلال الاجتماع) بشكل واضح أن الأوروبيين ليسوا في وضع قانوني يسمح لهم بتفعيل سناب باك، ولا توجد أي أرضية قانونية لخطوتهم، وقد شرحنا ذلك لهم تفصيلاً، رغم أنهم يملكون وجهة نظر مغايرة”.

إلى ذلك، وصف سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، قرار فرنسا وبريطانيا وألمانيا إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران بسبب برنامجها النووي بأنه “خطوة مهمة”. وقال دانون، في بيان الخميس، إن “دول العالم تنضم إلى الحرب على محور الشر”، مضيفاً أن “هذه خطوة مهمة من أجل وقف البرنامج النووي الإيراني وزيادة الضغط على النظام في طهران”.

وعرضت الترويكا الأوروبية تأجيل تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات لمدة تصل إلى ستة أشهر لإتاحة الوقت لمفاوضات جادة إذا سمحت إيران مجدداً بعمليات التفتيش الكاملة من قبل الأمم المتحدة ووافقت على الانخراط في محادثات مع الولايات المتحدة. وستسعى عمليات التفتيش تلك أيضاً لمعرفة حجم المخزون الإيراني من اليورانيوم المخصب الذي لم يجرِ التحقق منه منذ القصف الإسرائيلي والأميركي على المنشآت النووية الإيرانية في حزيران/حزيران.

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تخصب إيران اليورانيوم إلى درجة نقاء انشطاري تصل إلى 60%، مقتربة من نسبة 90% اللازمة لصنع سلاح نووي. وتقول الوكالة إن طهران كان لديها ما يكفي من المواد المخصبة إلى هذا المستوى لصنع ستة أسلحة نووية، إذا جرت معالجتها بدرجة أكبر، قبل الهجمات الإسرائيلية التي بدأت في 13 حزيران/حزيران. ومع ذلك، فإن إنتاج سلاح فعلياً سيستغرق وقتاً أطول، وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنه لا يمكنها ضمان سلمية برنامج طهران النووي بالكامل، وأوضحت أنها لا تملك مؤشراً موثوقاً إلى وجود مشروع تسلح نووي. ويقول الغرب إن تقدم البرنامج النووي الإيراني يتجاوز الاحتياجات المدنية، بينما تنفي طهران سعيها لإنتاج أسلحة نووية.