by | Aug 29, 2025 | أخبار العالم
ناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إسرائيل الامتناع عن السيطرة على مدينة غزة وسط مخاوف من كارثة إنسانية.
وفي منشور على منصة “إكس”، كتب أنطونيو غوتيريش:”يواجه المدنيون في غزة تصعيدا مميتا آخر، إعلان إسرائيل عن نيتها احتلال مدينة غزة ينذر بمرحلة جديدة وخطيرة”.
وأضاف غوتيريش:”سيجبر مئات الآلاف من المدنيين على الفرار مرة أخرى، مما يدفع العائلات إلى خطر أعمق، هذا يجب أن يتوقف. لا يوجد حل عسكري للصراع”.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن “مستويات الموت والدمار في غزة لا مثيل لها في الآونة الأخيرة”. وأضاف “غزة مليئة بالركام، بالجثث، بأمثلة على ما قد يكون انتهاكات خطيرة للقانون الدولي”، مردفا: “نحن بحاجة إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار. يجب إطلاق سراح الرهائن على الفور، ويجب أن تتوقف المعاملة الفظيعة التي أجبروا على تحملها”.
وأكد غوتيريش أن على إسرائيل “التزامات واضحة” في غزة: ضمان توفير “الغذاء والماء والدواء وغيرها من الضروريات”، و “الموافقة على وتسهيل وصول إنساني أكبر بكثير” و”حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أصدر أمرًا للجيش بالسيطرة على مدينة غزة، التي يُقدّر عدد سكانها حاليا بحوالي مليون شخص.
وفي يوم الأربعاء، أعلن متحدث عسكري أن الاستعدادات جارية لإجلاء مدروس لسكان المدينة، مع اتخاذ ترتيبات لإقامة مراكز للمساعدات الإنسانية وتسليم الخيام. ومع ذلك، حذرت منظمات الإغاثة مرارا من الظروف الكارثية في جنوب القطاع الساحلي.
المصدر: “د ب أ”
by | Aug 29, 2025 | أخبار العالم
تفصل أشهر عن مؤتمر المناخ السنوي للأمم المتحدة (COP31) والتنافس لا يزال قائماً، لم تُحسَم استضافته بين أستراليا وتركيا، وكل منهما ما زالت تصرّ على ترشّحها، والركود مستمر وسط دعوات إلى إنهاء المأزق، حيث تواجه مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ مشكلات تنظيمية وسياسية، مثل تنافس الدول المضيفة ومتطلبات التوافق، ما يجمّد طموحات العمل الجماعي الدولي، وتتزايد الضغوط لٳعادة التفكير في الطريقة التي تصاغ فيها السياسات العالمية خلال أكثر من 30 عاماً. وكثيرون في العالم أصبحوا أقل ثقة بقدرة هذه القمم على ٳحداث تغيّر حقيقي.
جميع الأفكار مطروحة، بما في ذلك أن يكون مؤتمر عام 2026 الأخير من نوعه. وبشكل خاص بعد ٳعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 27 تموز/ تموز الانسحاب من وكالة حماية البيئة في ٳجراءاتها الرامية ٳلى الحد من الانبعاثات، ورفض اللوائح الأوروبية الرئيسية التي تفرض على شركات الطيران الأميركية شراء حصص الانبعاثات. ويشكّل هذا القرار هجوماً على الجهود العالمية لمكافحة تغيّر المناخ. ويترافق ذلك مع ارتفاع أسعار الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا، ما جعل دولاً عديدة تعود إلى الاعتماد أكثر على الفحم والغاز، ودفع الحكومات إلى تبنّي سياساتٍ أكثر تحفّظاً بسبب ضغوط داخلية مرتبطة بالوظائف والنمو الاقتصادي، فتؤجل الأهداف البيئية.
هذا لا يغير في حقيقة أن نظام المؤتمرات قد دخل في تفاصيل بيروقراطية. لم تعد مؤتمرات COP قادرةً على تحقيق الالتزامات المعلنة، وتحولت ٳلى استعراض ٳعلامي وسياسي أكثر مما هي حلول علمية، فيما تزداد الحاجة ٳلى حلول بيئية واضحة وفعّالة، والانتقال من “عصر التفاوض” والٳجراءات الدولية البطيئة جداً ٳلى “عصر التنفيذ”، ٳدراكاً لحالات الطوارئ المناخية (سيناريوهات عديدة، مثل اختفاء الغطاء الجليدي في القارّة القطبية الجنوبية أو الغابة الأمازونية، أو انهيار التيارات البحرية).
التوازن الدقيق بين تكاليف سياسات التنمية والعمل المناخي، وفوائده المستقبلية يتطلب مبادرات صعبة عند السياسيين
التعهدات المتكررة بالتمويل والدعم من الدول الغنية للدول النامية (مائة مليار دولار سنوياً) لم تنفذ بشكل كافٍ، والاعتماد على الوقود الأحفوري لا يزال مستمرّاً. هذا يعني أن التوقعات المثالية انتهت. ولم يعد الخطاب “ٳنقاذ الكوكب”، بل “تقليل الخسائر” و”التكيّف مع الكوارث”، أي إن النقاش يتحوّل من الوقاية ٳلى ٳدارة الانهيارات في الأنظمة البيئية الاقتصادية جرّاء الأعاصير والفيضانات والحرائق والزلازل، ما يؤدّي ٳلى تدمير الأصول، سلاسل التوريد، وما يسبّب أزمات مالية محلية وعالمية.
يثير هذا كله تساؤلات عن اتفاق باريس 2015، وعن الفائدة من قمم عاجزة عن ٳحداث الفارق المطلوب في مناعة الالتزامات بخفض الانبعاثات، فنتائج قمة دبي للمناخ 2023 لم تكن حاسمة، والنقاشات في اجتماع بون 2025 لم تكن واضحة في مناقشة مسألة التحوّل عن الوقود الأحفوري، واستراتيجية مؤتمر البرازيل أظهرت مرونة، لكن وسط خيبة أمل في أن تأخذ تعهدات حاسمة من أيٍّ من الدول، وٳجراء تقدم في كيفية تنفيذ الالتزامات وحول القضايا الأساسية المتعلقة بأزمة المناخ، مثل مضاعفة الطاقة المتجدّدة، الغذاء، المياه، الزراعة، الغابات والطبيعة، المحيطات، والعدالة الاجتماعية والٳنصاف في عملية ٳزالة الكربون، وحتى الاستقرار السياسي في مناطق متعددة. لذلك، الحاجة ٳلى ٳصلاحات جذرية في تركيبة عمل القمم بدل التركيز على القضايا المالية بشكل أكبر، في وقت لم تقدم فيه سوى 10% من الدول التزاماتها المحدّدة وطنياً وخططها ٳلى الأمم المتحدة، بما في ذلك خمس دول من مجموعة العشرين (الملوّثين الرئيسيين)، والمملكة المتحدة وكندا واليابان والبرازيل لا تزال خططها غير كافية لتقليل الانبعاثات لعام 2040.
لا يمكن للاقتصادات الصناعية أن تتوقّف فجأة عن ٳصدار مليارات الأطنان من غازات الدفيئة
وعلى الرغم من إشارات إيجابية في مؤتمراتٍ تفرد مساحة لتجمع القادة السياسييين والعلماء والمجتمع المدني ورجال الأعمال لمناقشة الأزمة وسبل الحفاظ على أي نوع من التنسيق العالمي، وفي استمرار نمو التشريعات في دولٍ عديدة، وتحقيق استثمارات مهمّة في الطاقة المتجددة، سيظل العالم بحاجةٍ لٳعادة تعريف أهداف هذه المؤتمرات، التي لم تؤد إلا إلى نتائج غير مؤكّدة، وثائق مجزأة، ولغة غامضة وسط الانقسامات التي لا تزال قوية بين الدول الأعضاء. وٳذا لم تحدث تغييراً حقيقياً، فسيفقد العالم وقتاً ثميناً لا يملكه، يداهم في اتخاذ الٳجراءات العملية مع ازدياد تعرّض السكان لحرائق الغابات والفيضانات بنحو 40% من الناس المهدّدين في العالم. ويتركز الخطر الأكبر في أفريقيا، حيث يعيش نصف السكان المعرضين للحرائق، بينما يشهد سكان أوروبا تزايداً ملحوظاً في ارتفاع درجات الحرارة، وخصوصاً دول في حوض البحر الأبيض المتوسط، ٳسبانيا، البرتغال، جنوب فرنسا، اليونان، ٳيطاليا.
لم ينظر يوماً ٳلى التغيّر المناخي على أنه قضية أساسية في التخطيط، فالتوازن الدقيق بين تكاليف سياسات التنمية والعمل المناخي، وفوائده المستقبلية يتطلب مبادرات صعبة عند السياسيين. كذلك لا يمكن للاقتصادات الصناعية أن تتوقّف فجأة عن ٳصدار مليارات الأطنان من غازات الدفيئة. وستكون الصين أكثر ترقّباً لكونها أكبر مصدّر لها، ومع ما يعنيه غياب أكبر اقتصاد في العالم عن المؤتمر المقبل في خطوةٍ تؤكد تراجع واشنطن عن التزاماتها البيئية الدولية بعد انسحابها من اتفاق باريس في كانون الثاني/ كانون الثاني الماضي، ما يعني نكسة تضعف الثقة في النظام المناخي الدولي، ٳلى تقليص الحوافز، سندات “الضمانات الخضراء”، وتهميش العلوم المناخية.
الخطر أن تصبح الأمور غير قابلة للاستثمار مع تأثر سياسات المناخ بالأزمات الاقتصادية والتقلبات السياسية
كانت الحكومات قد وضعت أهدافاً طموحة لتقليص الانبعاثات، وأدرجت الأهداف في تشريعاتها، ما أعطى المستثمرين أسباباً في التغيير. لكن الخطر أن تصبح الأمور غير قابلة للاستثمار، مع تأثر سياسات المناخ بالأزمات الاقتصادية والتقلبات السياسية. فارتفاع أسعار الطاقة جعل الناخبين أقلّ تقبلاً للٳجراءات الخضراء، فيما الحكومات تعيد النظر في التزاماتها البيئية، مثال ذلك تخلي المملكة المتحدة عن الحظر التدريجي للسيارات العاملة بالبنزين والديزل، ما يجعل وتيرة التغيير أبطأ بكثير مما كان متوقّعاً.
المشكلة أن المؤتمرات المناخية غالباً ما تحدّد أهدافاً بعيدة المدى 2050 – 2070 يصعب تحقيقها في استراتيجيات تعتمد على التكنولوجيات المستقبلية، مثل احتجاز الكربون أو الوقود الاصطناعي، ولم تثبت فعاليتها على نطاق واسع في التخفيضات السريعة، أو زيادة كفاءة استخدام الطاقة. فالدول تعد بالحياد الكربوني بحلول عام 2050، وهو هدف بعيد المدى، قد يبدو غامضاً للناخبين، ويجعل بعض الٳجراءات أقلّ جاذبية سياسياً، ودفع التكاليف لا يحظى بالقبول الشعبي.
… تقوم فكرة مؤتمرات المناخ على النقاشات النظرية، لكن الأمور تأخذ منحىً غير متوقّع، فالسياسة المناخية ليست فقط علماً أو تكنولوجيا أو مؤتمرات، بل هي أيضاً فن الممكن، كيف تقنع الناس بأن يلتزموا تضحياتٍ صغيرة، وكيف تقنع أصحاب المصانع بتضحيات أكبر من أجل غدٍ أفضل، وأن تمنح الناس فوائد مباشرة وتعويضات تنقذهم من الأخطار التي تهدّدهم في أمنهم ومعيشهم: سكن، مياه نظيفة، طاقة أرخص، نقل… هذه مقدّمات لتقبل العمل المناخي والنجاح في الجمع بين الأهداف البعيدة، مثل الحياد الكربوني والٳجراءات اليومية الملموسة، التي تظهر للمواطنيين فوائد ملموسة لكسب معركة المناخ التي تنتقل من قمة ٳلى أخرى، بين السيئ والأسوأ في سيناريو نهاية النظام الأممي المناخي، وانتقال القيادة ٳلى تكتلات ٳقليمية أو ٳعادة تشكيل الآلية الدولية.
by | Aug 28, 2025 | أخبار العالم
منذ أن دشن المجتمع الدولي تدخله في ليبيا عبر بعثة الأمم المتحدة للدعم السياسي، ظل السؤال مطروحاً حول مدى جدية هذا التدخل في الدفع فعلاً نحو إنهاء المراحل الانتقالية، أم إنه مجرد غطاء لتمرير أجندات أخرى تسعى القوى الكبرى إلى فرضها بوساطة البعثة تحت عباءة الشرعية الدولية.
في 2015 دخلت البعثة مباشرة على خط الأزمة عبر رعاية أول الحوارات السياسية في الصخيرات، واستدعت لعضويته ممثلين عن مختلف الكيانات السياسية والقانونية والاجتماعية، بينما كانت الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور تعكف على إعداد مشروع دستور دائم يُعرض للاستفتاء لإنهاء المراحل الانتقالية، كما ينص الإعلان الدستوري المؤقت على ذلك، إلا أن البعثة تجاهلت هذه الهيئة تماماً، فلم تجعل لها أي تمثيل في الحوار. الأمر ذاته تكرر في حوارات الملتقى السياسي في جنيف عام 2020، بل لم يتضمن اتفاق جنيف أي إشارة لمسودة الدستور التي كانت وقتها قد أُنجزت منذ 2017، بل دعا الاتفاق إلى الذهاب في مسار دستوري لإعداد قوانين انتخابية مؤقتة.
وحتى حينما أدرجت البعثة خيار الدستور ضمن مبادرتها الأخيرة، تحت ضغط الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني التي بدأت في السؤال عن أسباب تغييب الدستور، عادت البعثة عند إعلان النتائج لتستبعده مجدداً، مدعية أن الليبيين اختاروا خيار إصلاح القوانين الانتخابية المؤقتة الحالية لإجراء الانتخابات، من دون أن تقدم دليلاً أو سنداً لذلك. كل هذه المآذارات تناقض خطاب الأمم المتحدة، ومن ورائها المجتمع الدولي، حول ضرورة إنهاء المراحل الانتقالية والدخول في مرحلة دائمة تقود إلى الاستقرار.
المفارقة أن الأمم المتحدة تعرف جيداً أن ليبيا لا تعاني فراغاً دستورياً، فهي لا تزال تعترف بها دولة كاملة العضوية في منظومتها على أساس استقلالها عام 1951. ذلك الاستقلال الذي أشرفت هي نفسها على ترتيباته، بدءاً بوضع دستور دائم، استفتي الليبيون عليه آنذاك، وهو الدستور الذي لم يُلغ حتى في عهد نظام العقيد الراحل معمر القذافي بل جمده، فما الذي يجعلها تتجاهل اليوم هذا الأصل الذي منح ليبيا شرعيتها الدولية؟ ليست القضية هنا دفاعاً عن دستور 1951 ولا عن مسودة 2017، بل سؤال مشروع عن صدق الخطاب الأممي الذي لا يكف عن ترديد عبارة إنهاء المراحل الانتقالية، بينما تسهم مآذاراته في صناعة فراغ سياسي في البلاد بخريطة تصوغها القوى الكبرى لتبقى تحت الوصاية بدل أن تمهد لاستقرار دائم.
by | Aug 28, 2025 | أخبار العالم
منذ أن دشن المجتمع الدولي تدخله في ليبيا عبر بعثة الأمم المتحدة للدعم السياسي، ظل السؤال مطروحاً حول مدى جدية هذا التدخل في الدفع فعلاً نحو إنهاء المراحل الانتقالية، أم إنه مجرد غطاء لتمرير أجندات أخرى تسعى القوى الكبرى إلى فرضها بوساطة البعثة تحت عباءة الشرعية الدولية.
في 2015 دخلت البعثة مباشرة على خط الأزمة عبر رعاية أول الحوارات السياسية في الصخيرات، واستدعت لعضويته ممثلين عن مختلف الكيانات السياسية والقانونية والاجتماعية، بينما كانت الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور تعكف على إعداد مشروع دستور دائم يُعرض للاستفتاء لإنهاء المراحل الانتقالية، كما ينص الإعلان الدستوري المؤقت على ذلك، إلا أن البعثة تجاهلت هذه الهيئة تماماً، فلم تجعل لها أي تمثيل في الحوار. الأمر ذاته تكرر في حوارات الملتقى السياسي في جنيف عام 2020، بل لم يتضمن اتفاق جنيف أي إشارة لمسودة الدستور التي كانت وقتها قد أُنجزت منذ 2017، بل دعا الاتفاق إلى الذهاب في مسار دستوري لإعداد قوانين انتخابية مؤقتة.
وحتى حينما أدرجت البعثة خيار الدستور ضمن مبادرتها الأخيرة، تحت ضغط الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني التي بدأت في السؤال عن أسباب تغييب الدستور، عادت البعثة عند إعلان النتائج لتستبعده مجدداً، مدعية أن الليبيين اختاروا خيار إصلاح القوانين الانتخابية المؤقتة الحالية لإجراء الانتخابات، من دون أن تقدم دليلاً أو سنداً لذلك. كل هذه المآذارات تناقض خطاب الأمم المتحدة، ومن ورائها المجتمع الدولي، حول ضرورة إنهاء المراحل الانتقالية والدخول في مرحلة دائمة تقود إلى الاستقرار.
المفارقة أن الأمم المتحدة تعرف جيداً أن ليبيا لا تعاني فراغاً دستورياً، فهي لا تزال تعترف بها دولة كاملة العضوية في منظومتها على أساس استقلالها عام 1951. ذلك الاستقلال الذي أشرفت هي نفسها على ترتيباته، بدءاً بوضع دستور دائم، استفتي الليبيون عليه آنذاك، وهو الدستور الذي لم يُلغ حتى في عهد نظام العقيد الراحل معمر القذافي بل جمده، فما الذي يجعلها تتجاهل اليوم هذا الأصل الذي منح ليبيا شرعيتها الدولية؟ ليست القضية هنا دفاعاً عن دستور 1951 ولا عن مسودة 2017، بل سؤال مشروع عن صدق الخطاب الأممي الذي لا يكف عن ترديد عبارة إنهاء المراحل الانتقالية، بينما تسهم مآذاراته في صناعة فراغ سياسي في البلاد بخريطة تصوغها القوى الكبرى لتبقى تحت الوصاية بدل أن تمهد لاستقرار دائم.
by | Aug 28, 2025 | أخبار العالم
منذ أن دشن المجتمع الدولي تدخله في ليبيا عبر بعثة الأمم المتحدة للدعم السياسي، ظل السؤال مطروحاً حول مدى جدية هذا التدخل في الدفع فعلاً نحو إنهاء المراحل الانتقالية، أم إنه مجرد غطاء لتمرير أجندات أخرى تسعى القوى الكبرى إلى فرضها بوساطة البعثة تحت عباءة الشرعية الدولية.
في 2015 دخلت البعثة مباشرة على خط الأزمة عبر رعاية أول الحوارات السياسية في الصخيرات، واستدعت لعضويته ممثلين عن مختلف الكيانات السياسية والقانونية والاجتماعية، بينما كانت الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور تعكف على إعداد مشروع دستور دائم يُعرض للاستفتاء لإنهاء المراحل الانتقالية، كما ينص الإعلان الدستوري المؤقت على ذلك، إلا أن البعثة تجاهلت هذه الهيئة تماماً، فلم تجعل لها أي تمثيل في الحوار. الأمر ذاته تكرر في حوارات الملتقى السياسي في جنيف عام 2020، بل لم يتضمن اتفاق جنيف أي إشارة لمسودة الدستور التي كانت وقتها قد أُنجزت منذ 2017، بل دعا الاتفاق إلى الذهاب في مسار دستوري لإعداد قوانين انتخابية مؤقتة.
وحتى حينما أدرجت البعثة خيار الدستور ضمن مبادرتها الأخيرة، تحت ضغط الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني التي بدأت في السؤال عن أسباب تغييب الدستور، عادت البعثة عند إعلان النتائج لتستبعده مجدداً، مدعية أن الليبيين اختاروا خيار إصلاح القوانين الانتخابية المؤقتة الحالية لإجراء الانتخابات، من دون أن تقدم دليلاً أو سنداً لذلك. كل هذه المآذارات تناقض خطاب الأمم المتحدة، ومن ورائها المجتمع الدولي، حول ضرورة إنهاء المراحل الانتقالية والدخول في مرحلة دائمة تقود إلى الاستقرار.
المفارقة أن الأمم المتحدة تعرف جيداً أن ليبيا لا تعاني فراغاً دستورياً، فهي لا تزال تعترف بها دولة كاملة العضوية في منظومتها على أساس استقلالها عام 1951. ذلك الاستقلال الذي أشرفت هي نفسها على ترتيباته، بدءاً بوضع دستور دائم، استفتي الليبيون عليه آنذاك، وهو الدستور الذي لم يُلغ حتى في عهد نظام العقيد الراحل معمر القذافي بل جمده، فما الذي يجعلها تتجاهل اليوم هذا الأصل الذي منح ليبيا شرعيتها الدولية؟ ليست القضية هنا دفاعاً عن دستور 1951 ولا عن مسودة 2017، بل سؤال مشروع عن صدق الخطاب الأممي الذي لا يكف عن ترديد عبارة إنهاء المراحل الانتقالية، بينما تسهم مآذاراته في صناعة فراغ سياسي في البلاد بخريطة تصوغها القوى الكبرى لتبقى تحت الوصاية بدل أن تمهد لاستقرار دائم.