مضطربون عقلياً في شوارع المغرب… خطر متجول

مضطربون عقلياً في شوارع المغرب… خطر متجول

تمكنت السلطات الأمنية في مدينة الدار البيضاء المغربية، الأحد الماضي، من توقيف شخص يبلغ عمره 28 سنة في منطقة البرنوصي، تظهر عليه علامات الاضطراب العقلي، في أعقاب نشره مقطع فيديو يهدد فيه بارتكاب جنايات ضد مرتادي مسجد الأندلس بمنطقة أناسي بالعاصمة الاقتصادية للبلاد.
وفي 22 آب/ آب الجاري، لقي رجل أمن حتفه بمدينة إيموزار (وسط)، إثر طعنه بسلاح أبيض من قبل مضطرب عقلياً مشرّد أثناء مزاولته عمله في تنظيم المرور. وفي العاشر من أيار/ أيار الماضي، شهدت مدينة تارودانت مقتل شاب على يد شخص يعاني من اضطرابات عقلية، بعدما وجّه له ضربة قاتلة بحجر.
وتعد جرائم الأشخاص المضطربين عقلياً من بين القضايا المعقدة في المغرب نظراً لتداخل الأبعاد القانونية والطبية والاجتماعية. وتتزايد المطالب المجتمعية والحقوقية بإعادة النظر في منظومة الصحة النفسية، وتحميل السلطات مسؤولية الإهمال الذي تترتب عليه تبعات أمنية وإنسانية.
ويتجول مئات من المضطربين عقلياً في مدن وقرى المغرب، بعضهم يعيشون في الشوارع بشكل دائم، فيما يعود آخرون ليلاً إلى منازل أسرهم. بينما تعاني المراكز الصحية المخصصة لإيوائهم من مشاكل متعددة، أبرزها نقص الطاقة الاستيعابية، وقلة التجهيزات والأطقم الطبية.
وعلى امتداد الأسابيع الماضية، شهدت مناطق عدة في المغرب جرائم ارتكبها أشخاص مضطربون عقلياً. في إبريل/ نيسان الماضي، قتل شخص سبق أن خضع للعلاج جراء معاناته من اضطرابات نفسية ثلاثة أشخاص بمدينة بن أحمد بإقليم برشيد، وفي الثامن من آذار/ آذار الماضي، اعتدى شخص لديه أمراض نفسية على والدته المسنة حتى ماتت.
وأثار تكرار الاعتداءات حفيظة المنظمات الحقوقية، وانتقدت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة (أهلية)، الاثنين الماضي، في رسالة مفتوحة إلى الحكومة المغربية، تنامي ظاهرة تشرد المرضى النفسيين وما يرافقها من ارتفاع ملموس في الاعتداءات التي يرتكبونها، والتي تمس السلامة الجسدية للمواطنين في الفضاء العام، وقد تصل إلى حد القتل أو التسبب في عاهات مستديمة.
وحملت الشبكة منظومة الصحة النفسية والعقلية الحكومية مسؤولية تفاقم الأوضاع، مشيرة إلى تقصير مزمن، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانتشار المخدرات والمؤثرات العقلية، كما أبرزت النقص الحاد في الموارد البشرية والمالية في قطاع العلاج النفسي والعقلي، والذي يعاني من نقص حاد في الأطباء والأطر التمريضية المتخصصة، إلى جانب تهالك البنية التحتية للمراكز والمستشفيات النفسية، وتركزها في مدن محدودة، وارتفاع أسعار الأدوية الخاصة بالأمراض النفسية والعقلية، وفقدان بعضها من الصيدليات والمستشفيات، ما يؤدي إلى توقف المرضى عن العلاج.

نقص في أعداد المختصين بالصحة العقلية في المغرب، حزيران 2015 (فاضل سنا/فرانس برس)

نقص في أعداد المختصين بالصحة العقلية في المغرب، حزيران 2015 (فاضل سنا/فرانس برس)

وكشف وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت، في 16 تموز/ تموز الماضي، في رد على سؤال بمجلس النواب، عن معطيات صادمة بشأن القضايا المرتبطة بأفعال إجرامية ارتكبها أشخاص لديهم اضطرابات عقلية، مؤكداً تسجيل 475 قضية خلال عام 2024، تم بموجبها توقيف 435 شخصاً، مقابل 246 قضية في 2023، و254 موقوفاً، ما يعني تضاعف العدد تقريباً خلال عام واحد.
ولتجاوز مخاطر المضطربين عقلياً، تشدد الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، على ضرورة زيادة مخصصات قطاع الصحة النفسية عبر زيادة الميزانية، وتوظيف مزيد من الأطباء والممرضين والاختصاصيين النفسيين، وتحفيزهم مادياً عبر تعويضات خاصة، إلى جانب إنشاء مراكز استشفائية جهوية وإقليمية متكاملة، ومراجعة التشريعات، أو سنّ قوانين جديدة تضمن كرامة المرضى النفسيين وحقوقهم، وتشجع على إدماجهم في المجتمع.
كما دعت الشبكة إلى مراجعة أسعار الأدوية والخدمات الصحية، مع تحمل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية كلفة الأدوية الأساسية، وتوفيرها بالمجان للمرضى، وإطلاق حملات وطنية للتوعية تهدف إلى محاربة الوصم الاجتماعي المرتبط بالمرض النفسي، وتشجع الأسر على طلب العلاج.

وفي 29 إبريل الماضي، أكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي أن وزارته تعمل على تعميم مصالح الصحة النفسية والعقلية المدمجة في المستشفيات العامة، وتطوير وحدات الاستشارات الخارجية للطب النفسي، وإنشاء فرق لتدبير الأزمات النفسية والاجتماعية، وتعزيز خدمات إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، وذلك في إطار المخطط الاستراتيجي الوطني متعدد القطاعات للصحة العقلية 2030.
وكشف المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي في العاشر من تشرين الأول/ تشرين الأول 2022، في دراسة حول الصحة العقلية، أن 48.9% من المغاربة يعانون أو سبق لهم اختبار اضطراب نفسي أو عقلي في فترة من الفترات.

مضطربون عقلياً في شوارع المغرب… خطر متجول

مضطربون عقلياً في شوارع المغرب… خطر متجول

تمكنت السلطات الأمنية في مدينة الدار البيضاء المغربية، الأحد الماضي، من توقيف شخص يبلغ عمره 28 سنة في منطقة البرنوصي، تظهر عليه علامات الاضطراب العقلي، في أعقاب نشره مقطع فيديو يهدد فيه بارتكاب جنايات ضد مرتادي مسجد الأندلس بمنطقة أناسي بالعاصمة الاقتصادية للبلاد.
وفي 22 آب/ آب الجاري، لقي رجل أمن حتفه بمدينة إيموزار (وسط)، إثر طعنه بسلاح أبيض من قبل مضطرب عقلياً مشرّد أثناء مزاولته عمله في تنظيم المرور. وفي العاشر من أيار/ أيار الماضي، شهدت مدينة تارودانت مقتل شاب على يد شخص يعاني من اضطرابات عقلية، بعدما وجّه له ضربة قاتلة بحجر.
وتعد جرائم الأشخاص المضطربين عقلياً من بين القضايا المعقدة في المغرب نظراً لتداخل الأبعاد القانونية والطبية والاجتماعية. وتتزايد المطالب المجتمعية والحقوقية بإعادة النظر في منظومة الصحة النفسية، وتحميل السلطات مسؤولية الإهمال الذي تترتب عليه تبعات أمنية وإنسانية.
ويتجول مئات من المضطربين عقلياً في مدن وقرى المغرب، بعضهم يعيشون في الشوارع بشكل دائم، فيما يعود آخرون ليلاً إلى منازل أسرهم. بينما تعاني المراكز الصحية المخصصة لإيوائهم من مشاكل متعددة، أبرزها نقص الطاقة الاستيعابية، وقلة التجهيزات والأطقم الطبية.
وعلى امتداد الأسابيع الماضية، شهدت مناطق عدة في المغرب جرائم ارتكبها أشخاص مضطربون عقلياً. في إبريل/ نيسان الماضي، قتل شخص سبق أن خضع للعلاج جراء معاناته من اضطرابات نفسية ثلاثة أشخاص بمدينة بن أحمد بإقليم برشيد، وفي الثامن من آذار/ آذار الماضي، اعتدى شخص لديه أمراض نفسية على والدته المسنة حتى ماتت.
وأثار تكرار الاعتداءات حفيظة المنظمات الحقوقية، وانتقدت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة (أهلية)، الاثنين الماضي، في رسالة مفتوحة إلى الحكومة المغربية، تنامي ظاهرة تشرد المرضى النفسيين وما يرافقها من ارتفاع ملموس في الاعتداءات التي يرتكبونها، والتي تمس السلامة الجسدية للمواطنين في الفضاء العام، وقد تصل إلى حد القتل أو التسبب في عاهات مستديمة.
وحملت الشبكة منظومة الصحة النفسية والعقلية الحكومية مسؤولية تفاقم الأوضاع، مشيرة إلى تقصير مزمن، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانتشار المخدرات والمؤثرات العقلية، كما أبرزت النقص الحاد في الموارد البشرية والمالية في قطاع العلاج النفسي والعقلي، والذي يعاني من نقص حاد في الأطباء والأطر التمريضية المتخصصة، إلى جانب تهالك البنية التحتية للمراكز والمستشفيات النفسية، وتركزها في مدن محدودة، وارتفاع أسعار الأدوية الخاصة بالأمراض النفسية والعقلية، وفقدان بعضها من الصيدليات والمستشفيات، ما يؤدي إلى توقف المرضى عن العلاج.

نقص في أعداد المختصين بالصحة العقلية في المغرب، حزيران 2015 (فاضل سنا/فرانس برس)

نقص في أعداد المختصين بالصحة العقلية في المغرب، حزيران 2015 (فاضل سنا/فرانس برس)

وكشف وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت، في 16 تموز/ تموز الماضي، في رد على سؤال بمجلس النواب، عن معطيات صادمة بشأن القضايا المرتبطة بأفعال إجرامية ارتكبها أشخاص لديهم اضطرابات عقلية، مؤكداً تسجيل 475 قضية خلال عام 2024، تم بموجبها توقيف 435 شخصاً، مقابل 246 قضية في 2023، و254 موقوفاً، ما يعني تضاعف العدد تقريباً خلال عام واحد.
ولتجاوز مخاطر المضطربين عقلياً، تشدد الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، على ضرورة زيادة مخصصات قطاع الصحة النفسية عبر زيادة الميزانية، وتوظيف مزيد من الأطباء والممرضين والاختصاصيين النفسيين، وتحفيزهم مادياً عبر تعويضات خاصة، إلى جانب إنشاء مراكز استشفائية جهوية وإقليمية متكاملة، ومراجعة التشريعات، أو سنّ قوانين جديدة تضمن كرامة المرضى النفسيين وحقوقهم، وتشجع على إدماجهم في المجتمع.
كما دعت الشبكة إلى مراجعة أسعار الأدوية والخدمات الصحية، مع تحمل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية كلفة الأدوية الأساسية، وتوفيرها بالمجان للمرضى، وإطلاق حملات وطنية للتوعية تهدف إلى محاربة الوصم الاجتماعي المرتبط بالمرض النفسي، وتشجع الأسر على طلب العلاج.

وفي 29 إبريل الماضي، أكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي أن وزارته تعمل على تعميم مصالح الصحة النفسية والعقلية المدمجة في المستشفيات العامة، وتطوير وحدات الاستشارات الخارجية للطب النفسي، وإنشاء فرق لتدبير الأزمات النفسية والاجتماعية، وتعزيز خدمات إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، وذلك في إطار المخطط الاستراتيجي الوطني متعدد القطاعات للصحة العقلية 2030.
وكشف المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي في العاشر من تشرين الأول/ تشرين الأول 2022، في دراسة حول الصحة العقلية، أن 48.9% من المغاربة يعانون أو سبق لهم اختبار اضطراب نفسي أو عقلي في فترة من الفترات.