الأسواق تستعد لمخاطر أيلول

الأسواق تستعد لمخاطر أيلول

يبدو أن فترة الركود الصيفي في الأسواق تقترب من نهايتها، مع تزايد المخاطر المتراكمة التي يَعِدُ بها شهر أيلول/أيلول. قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإقالة ليزا كوك، حاكمة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والاضطرابات السياسية في فرنسا لا يشكلان سوى لمحة أولية عما قد يحمله الشهر من تطورات. وفي هذا السياق، قال جاستن أونويكويزي، مدير الاستثمار في “سانت جيمس بليس”، لوكالة “رويترز”، إن أكثر ما يقلقه هو عودة السيولة بعد العطلة الصيفية، حينها “قد تشهد الأسواق تحركات كبيرة”.

مشكلة في الاحتياطي الفيدرالي

أصبحت أرقام الوظائف الأميركية مثيرة للجدل بعد أن دفعت بيانات تموز/تموز ترامب إلى إقالة رئيس مكتب إحصاءات العمل. لذا، تأتي قراءة آب/آب، المقرر صدورها في 5 أيلول، واجتماع الاحتياطي الفيدرالي يومي 16 و17 أيلول، في وقت يشعر فيه المستثمرون بالقلق بالفعل إزاء التوتر بين ترامب والبنك المركزي.

أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الذي ضغط عليه ترامب لخفض أسعار الفائدة، إلى خطوة محتملة في أيلول في خطابه في جاكسون هول، لكنه حذّر أيضًا من التضخم الثابت. وتُقدّر الأسواق احتمالية خفض أسعار الفائدة هذا الشهر بنسبة تقارب 85%، لكن التساؤلات حول استقلال الاحتياطي الفيدرالي زادت من حالة عدم اليقين بشأن توقعات أسعار الفائدة وقدرته على السيطرة على التضخم.

وقالت إيبيك أوزكارديسكايا، كبيرة المحللين في بنك سويسكوت: “هذه الدراما السياسية الأخيرة تُجدد المخاوف بشأن استقلال الاحتياطي الفيدرالي، وبالتالي تُقوّض الثقة في الولايات المتحدة بما هي معيار عالمي لأسواق رأس المال الشفافة والقائمة على القواعد”.

سحب الثقة في فرنسا

من المتوقع أن يخسر رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو تصويتاً على سحب الثقة في 8 أيلول بشأن خطط الحكومة لخفض الميزانية، مما يُسلط الضوء على المخاطر التي تُهدد الأسهم الأوروبية والبنوك الفرنسية والسندات الفرنسية طويلة الأجل، والتي تقترب عوائدها من أعلى مستوياتها منذ عام 2011.

في حال سقوط حكومة الأقلية، قد يُعيّن الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس وزراء جديدًا أو يحلّ البرلمان ويُجري انتخابات تشريعية جديدة، مما يُبقي قضايا الميزانية دون حل لفترة أطول ويزيد من مخاطر خفض التصنيف الائتماني الفرنسي. وتُحدّث وكالة فيتش للتصنيف الائتماني نظرتها بشأن فرنسا في 12 أيلول، تليها DBRS في 19 أيلول، وScope في 26 أيلول. وقال ستيفان إيكولو، استراتيجي الأسهم العالمية في شركة تراديشن للوساطة: “إذا فشلت فرنسا، فسيكون هناك تأثير الدومينو، وسيتعين علينا التشكيك في استدامة أداء الأسواق الأوروبية”. 

لا تنسَ الجغرافيا السياسية

بعد قمة ألاسكا الشهر الماضي بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يُقيّم المستثمرون جهود إنهاء الحرب في أوكرانيا. وفي إشارة إلى تلاشي آمال السلام، تراجعت سندات أوكرانيا بنحو نصف مكاسب الأسعار التي حققتها قبل اجتماع آب. ولا تزال أسهم الدفاع الأوروبية القوية (SXPARO) تحظى بشعبية كبيرة مع التزام أوروبا بزيادة الإنفاق الدفاعي. كما يجب مراقبة أسعار خام برنت، التي تتأثر سلبًا بالعناوين الرئيسية وانقطاعات الإمدادات مع تصعيد روسيا وأوكرانيا هجماتهما على البنية التحتية للطاقة.

أُضيفت تعرفة جمركية عقابية بنسبة 25%، فرضها ترامب على الواردات من الهند بسبب مشترياتها من النفط الروسي، إلى تعريفة سابقة بنسبة 25% على العديد من السلع. لكن التطورات الإيجابية قد تُفيد الأسهم والشركات الحساسة للطاقة، التي قد تلعب دورًا في إعادة إعمار أوكرانيا، مثل مجموعة هولسيم للمواد (HOLN.S).

قلق التعرفات الجمركية

انخفضت المخاطر الرئيسية المرتبطة بالتعرفات الجمركية منذ اضطرابات السوق في “يوم التحرير” في إبريل/نيسان. أبرمت الولايات المتحدة اتفاقيات تجارية أولية مع بريطانيا والاتحاد الأوروبي، من بين دول أخرى، لكن ترامب زاد من الضغوط على اقتصادات كبيرة أخرى مثل الهند، مما يعني أن مخاطر التعريفات الجمركية لا تزال قائمة.

ويراقب المتداولون أيضاً ما إذا كان التمديد المؤقت للتعرفات الجمركية بين الولايات المتحدة والصين سيصبح دائماً، أم أن ترامب سيُحدث اضطراباً جديداً في سلاسل التوريد العالمية بفرض موجة جديدة من الرسوم الجمركية الباهظة على الواردات الصينية.

الحذر واجب في أيلول

يحذر المستثمرون من أن ارتفاعات أسواق الأسهم القياسية (.MIWD00000PUS) تعكس حالة من الرضا عن النفس وتدعو إلى الحذر. يُعد شهر أيلول شهراً ضعيفاً تاريخياً للأسهم، إذ انخفض مؤشر MSCI العالمي (MIWD00000PUS) بنسبة تقارب 4% في المتوسط كل أيلول منذ عام 2020. في حين أن شهر آب/آب كان تاريخيًا قويًا للأسهم الأميركية (SPX)، إلا أن أيلول هو الشهر الوحيد الذي سجّل متوسط عوائد سلبية.

عدم الارتياح في سوق السندات

أخيرًا، يجدر الانتباه إلى أسواق السندات نظرًا لارتفاع الاقتراض الحكومي واستدامة المالية العامة. إذ تبيع الولايات المتحدة واليابان وألمانيا سندات طويلة الأجل في النصف الأول من أيلول، في اختبار جديد لرغبة المستثمرين. وقد بلغت عائدات السندات اليابانية لأجل 30 عامًا، والتي ارتفعت بنحو 100 نقطة أساس حتى الآن هذا العام، مستويات قياسية مرتفعة، بينما تقترب عائدات السندات الأوروبية من أعلى مستوياتها في عدة سنوات.

الأسواق اليوم | صعود الذهب وتراجع النفط وتذبذب الدولار

الأسواق اليوم | صعود الذهب وتراجع النفط وتذبذب الدولار

تراجعت أسعار النفط، اليوم الجمعة، لكنها تتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية، وسط توقعات بانخفاض الطلب في الولايات المتحدة، أكبر مستخدم للنفط في العالم، مع انتهاء فترة الطلب الصيفي وعدم اليقين بشأن توافر الإمدادات الروسية. وهبطت العقود الآجلة لخام برنت تسليم تشرين الأول/ تشرين الأول التي ينتهي أجلها اليوم الجمعة 50 سنتاً أو 0.7% إلى 68.12 دولاراً بحلول الساعة 01:26 بتوقيت غرينتش، بينما انخفض العقد الأكثر تداولاً لشهر تشرين الثاني/ تشرين الثاني 46 سنتاً أو 0.7% إلى 67.52 دولاراً. ونزلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط 45 سنتاً أو 0.7% إلى 64.15 دولاراً.

وارتفع العقدان القياسيان أمس الخميس، ويتجه خام برنت لتسجيل مكاسب أسبوعية 0.6%، بينما من المقرر أن تصل المكاسب الأسبوعية لخام غرب تكساس الوسيط إلى 0.8%. وارتفعت الأسعار في وقت سابق من الأسبوع بعد الهجمات الأوكرانية على محطات روسية لتصدير النفط، لكنها انخفضت بعد ذلك بحدة مع ترقب السوق لنهاية فترة الطلب الصيفي في الولايات المتحدة ومع توافر المزيد من الإمدادات من كبار المنتجين مع نهاية تخفيضات طوعية للإنتاج.

وقالت مصادر، أمس الخميس، إنه في أعقاب الهجمات الأوكرانية يوم الأحد على محطة أوست-لوجا الروسية، وهي موقع التصدير الرئيسي على بحر البلطيق لخام الأورال الروسي، سيتم خفض العمليات بنحو النصف في أيلول/ أيلول إلى حوالي 350 ألف برميل يوميا. كما يترقب المستثمرون رد الهند على ضغوط الولايات المتحدة لوقف شراء النفط الروسي، بعد أن ضاعف ترامب الرسوم الجمركية على الواردات من الهند إلى ما يصل إلى 50% يوم الأربعاء. وقالت مصادر بقطاع التكرير إن السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، قد تخفض أسعار النفط الخام لشهر تشرين الأول/ تشرين الأول للمشترين الآسيويين وسط وفرة المعروض وضعف الطلب.

الذهب في أعلى مستوياته منذ أكثر من شهر

حومت أسعار الذهب، اليوم الجمعة، بالقرب من أعلى مستوياتها في أكثر من شهر، إذ أدى تراجع الدولار بشكل عام وزيادة التوقعات بخفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) للفائدة في أيلول/ أيلول إلى زيادة الطلب على المعدن النفيس. واستقر الذهب في المعاملات الفورية عند 3413.80 دولارا للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 00:59 بتوقيت غرينتش بعدما سجل أعلى مستوى منذ 23 تموز/تموز أمس الخميس. وزاد الذهب 3.6% منذ بداية الشهر وحتى الآن.

واستقرت أيضا العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم كانون الأول/كانون الأول عند 3473.80 دولارا. وتراجع الدولار 0.4% خلال الليل ويتجه لتكبد خسارة شهرية، مما يجعل الذهب المسعر به أقل تكلفة لحائزي العملات الأخرى. ووفقا لأداة فيد ووتش التابعة لسي.إم.إي فإن المتعاملين يتوقعون بنسبة 86% خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع السياسة النقدية للمركزي الأميركي الشهر المقبل.

وعادة ما يكون أداء الذهب الذي لا يدر عوائد جيدا في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة. ويترقب المستثمرون حاليا صدور مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو مقياس التضخم المفضل لدى المركزي الأميركي، والذي سيصدر في وقت لاحق من اليوم للحصول على مزيد من المؤشرات حول مسار أسعار الفائدة. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، انخفضت الفضة في المعاملات الفورية 0.1% إلى 39.02 دولار للأوقية، وتراجع البلاتين 0.2% إلى 1356.69 دولار، واستقر البلاديوم عند 1102.75 دولار.

الدولار يتجه للانخفاض مقابل العملات الرئيسية

شهد أداء الدولار تذبذباً اليوم الجمعة، لكنه يتجه للانخفاض 2% خلال آب/ آب مقابل العملات الرئيسية بسبب تزايد احتمالات قيام مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) بخفض أسعار الفائدة الشهر المقبل، بالتزامن مع تواصل المخاوف إزاء استقلالية البنك. وقد أثرت مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب

لمآذارة المزيد من النفوذ على السياسة النقدية، بما في ذلك محاولات إقالة ليسا كوك العضو بمجلس محافظي البنك المركزي الأميركي، على الدولار. وأقامت كوك دعوى قضائية تقول فيها إن ترامب لا يملك سلطة إقالتها من منصبها. وتمثل هذه المعركة القانونية أحدث فصل في محاولات ترامب لإعادة تشكيل البنك المركزي بعد انتقاده المتكرر للبنك ورئيسه جيروم باول لعدم خفض أسعار الفائدة.

واستهلت أسواق العملات تداولات، اليوم الجمعة، على تذبذب، وبدأ اليورو التعاملات بتغير طفيف عند 1.1675 دولار، ويتجه لتحقيق مكاسب بـ2% في آب/ آب. ووصل الجنيه الإسترليني في أحدث التداولات إلى 1.3509 دولار أميركي وسجل الين الياباني 146.97 لكل دولار. واستقر الدولار الأسترالي عند 0.6533 دولار، ويتجه لمكاسب شهرية 1.6% واستقر مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل ست عملات رئيسية، عند 97.917 ويتجه لانخفاض شهري بـ 2%. وتراجع المؤشر بنحو 10% منذ بداية العام بعدما دفعت السياسات التجارية الأميركية المتقلبة المستثمرين نحو الأصول البديلة. 

ووفقا لأداة فيد ووتش التابعة لس.إم.إي فإن الأسواق تتوقع حالياً بنسبة 86% خفض الفائدة في أيلول أيلول، ارتفاعاً من 63% قبل شهر. وأظهرت بيانات أمس الخميس أن الاقتصاد الأميركي نما بوتيرة أسرع مما كان يُعتقد في البداية في الربع الثاني من العام، لكن الرسوم الجمركية على الواردات تستمر بإرخاء ظلالها على الاقتصاد. إذ يترقب المستثمرون تقرير مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي المقرر نشره في وقت لاحق من اليوم الجمعة، وهو مقياس التضخم المفضل لدى البنك المركزي الأميركي.

(رويترز، العربي الجديد)