“نظرة جديدة مؤلمة إلى وحشية الأسد في سوريا”- في الإيكونوميست

“نظرة جديدة مؤلمة إلى وحشية الأسد في سوريا”- في الإيكونوميست

في إطار متابعتنا لأبرز ما تناولته الصحف العالمية، نرصد تقارير ومقالات تتناول قضايا بارزة، من مشروع رقمي يوثق الانتهاكات التي حدثت في السجون السورية في عهد الأسد، إلى تحذيرات أوروبية تتعلق بالملف النووي الإيراني، وصولاً إلى الجدل المتزايد بشأن تأثير حقن إنقاص الوزن وارتفاع أسعارها.

نبدأ جولتنا من صحيفة الإيكونوميست البريطانية التي نشرت تقريراً يفيد بأن فريقاً من الصحفيين والنشطاء السوريين أطلقوا مشروعاً رقمياً جديداً يحمل اسم “متحف سجون سوريا”، وهو موقع تفاعلي يقدّم سرداً شاملاً “للدور القاتم” الذي لعبه سجن صيدنايا في عهد نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد.

وتُذكر الصحيفة بأنه منذ سقوط الأسد، شرع السوريون في توثيق نصف قرن من “القمع الذي أفرغ بلادهم من الحياة”، مؤكدة أن “قلب هذه القصة يكمن في سجون سوريا، حيث لا يوجد سجن أكثر شهرة ورعباً من صيدنايا”.

وتشير الصحيفة إلى أن المشروع الرقمي الجديد يُعد “تذكاراً وأرشيفاً جنائياً، كما يوفر تجربة مؤلمة وواقعية للزائرين”.

وتبرز الإيكونوميست أن جولة فيديو بزاوية 360 درجة تتيح للمشاهدين الدخول إلى غرف الإعدام، كما تكشف الوثائق عن العبارات التي استُخدمت لوصف موت السجناء، كما تتضمن شهادات مصورة يحكي فيها الناجون قصصهم عن قسوة الحراس، وفق ما جاء في التقرير.

وترى الصحيفة أن كلاً من “حافظ الأسد وابنه استعملا السجون لاحتجاز المعارضين من مختلف التيارات”، لافتة إلى أنه مع تحوّل الانتفاضة “السلمية” في سوريا إلى حرب أهلية، تحولت السجون إلى أماكن للإعدام بقدر ما كانت مراكز للاعتقال.

وتوضح الصحيفة في تقريرها أن سجن صيدنايا كان يعتبر بالنسبة لمعارضي النظام “نهاية رحلة معقدة عبر شبكة التعذيب ومراكز التحقيق في سوريا”. كما تضيف أن المشروع الرقمي يعرض ذلك بشكل مفصل.

“كان الإعدام يتم غالباً شنقاً في ساعات الفجر الأولى. أحياناً يجَوّع السجناء قبل الإعدام لتسهيل الموت. وفي حالات الاكتظاظ التي تعيق الإعدام شنقاً، كان الحراس يلجأون إلى ضرب السجناء حتى الموت أو خنقهم”، وفق ما جاء في التقرير.

وتضيف الصحيفة أنه بالرغم من سقوط حكم الأسد، لا يزال مئات الآلاف من السوريين يبحثون عن أقاربهم المفقودين، وتبقى آليات عمل أجهزة النظام غامضة. إلا أن الأرشيف يقدم أدلة مهمة، حيث يسجل أسماء الضباط الذين أشرفوا على سجن صيدنايا، ويشرح بالتفصيل الإجراءات القانونية أو غيابها التي أوصلت البعض إلى هناك.

وتفيد الصحيفة بأن الموقع الإلكتروني سيكون متاحاً للجميع، من عائلات المفقودين السوريين إلى محامي حقوق الإنسان والمؤرخين، في خطوة قد تُسهم مستقبلاً في تحقيق لحظة من المحاسبة، وفقاً لما ذكرته الإيكونوميست.

  • رسائل من الغُربة: سوريون بين كسر حاجز الخوف وفقدان الأمان
  • ما هي السجون التي جسدت آلة القمع والرعب في سوريا؟

“الملف النووي الإيراني يتطلب تحركاً دبلوماسياً عاجلاً”

صورة بالأقمار الصناعية تظهر تدمير عدة مبانٍ في مركز أصفهان النووي بعد الغارات الجوية، مع آثار حريق وانهيار أسقف.
مركز أصفهان للتكنولوجيا النووية، إيران، 22 حزيران/حزيران 2025

ودعت صحيفة لوموند الفرنسية في افتتاحيتها، الدول الأوروبية، التي ظلت ملتزمة بالاتفاق النووي لعام 2015 رغم انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى اتخاذ قرار بحلول نهاية آب/آب بشأن إعادة فرض العقوبات الدولية على البرنامج النووي الإيراني.

وتشير الصحيفة إلى أنه رغم مرور أكثر من شهرين على الضربات الإسرائيلية الأمريكية ضد إيران، لم يغب ملف البرنامج النووي الإيراني عن الأجندات الدبلوماسية، بل أصبح أكثر إلحاحاً، وهو الأمر الذي يعكس “صعوبة تقييم التأثير الحقيقي للقصف غير المسبوق الذي استهدف الجمهورية الإسلامية في حزيران/حزيران الماضي.”

وترى الافتتاحية أن عزل رئيس المخابرات العسكرية الأمريكية، جيفري كروز، يعكس هذه الحقيقة، حيث أُقيل بعد صدور تقرير من جهازه يقدّر أن البرنامج النووي الإيراني تأخر لعدة سنوات بسبب الضربات، وهو ما تعارض مع تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أكد فيها تدمير المواقع المستهدفة بشكل كامل.

وتشير الافتتاحية إلى أنه رغم انسحاب الولايات المتحدة الأحادي الجانب من الاتفاق، فقد ضغطت واشنطن على ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة لتفعيل أداة دبلوماسية تعرف بـ “استرجاع العقوبات”، المصممة لتفعيلها عند حدوث انتهاك كبير لشروط الاتفاق، بهدف زيادة الضغط على بلد يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة.

وتقول الصحيفة إن اتفاق عام 2015 ينتهي في تشرين الأول/تشرين الأول، وهو ما قد يحرم الأوروبيين من آلية العقوبات، ويزيد من فرص تصعيد التوتر، مع احتمال انسحاب إيران من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.

وتلفت الافتتاحية إلى أن الأوروبيين مستعدون لعدم إعادة فرض العقوبات بشرطين: الأول، السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذين عادوا مؤخراً إلى إيران، باستئناف عملهم في المواقع الحساسة، خاصة تلك التي تعرضت للقصف في حزيران/حزيران، والثاني، استئناف حوار جاد مع الولايات المتحدة.

  • “النظام الإيراني يظهر بشكل أكثر صلابة بعد الضربات الأمريكية والإسرائيلية” – مقال رأي في الغارديان
  • من يملك الأسلحة النووية وكيف حصل عليها؟

“لا شيء يضاهي شعور النحافة”

نشرت صحيفة التلغراف البريطانية مقالاً للكاتبة روان بيليغ، عن حقن إنقاص الوزن وارتفاع أسعارها، حيث أشارت إلى أن بعض أصدقائها المقربين أصبحوا “مدمنين على الظهور برشاقة، ويعيشون في حالة قلق شديد بسبب توقع زيادة الأسعار بنسبة 170 في المئة”.

وتشير الكاتبة إلى أن هناك نساء يفضلن التخلي عن أي شيء “بدلاً من التخلي عن حقن فقدان الوزن التي يعتمدن عليها”، وتنقل عن إحداهن قولها: “لا شيء يضاهي شعور النحافة”.

وتضيف بيليغ أن إعلان شركة تصنيع الدواء “تعليق مبيعات عقار مونجارو في المملكة المتحدة حتى تطبيق الأسعار الجديدة، التي يُتوقع أن ترتفع بنسبة 170 في المئة، تسبب في حالة ذعر فورية”.

ويذكر المقال أن التقديرات الأولية تشير إلى أن حوالي 1.5 مليون شخص في المملكة المتحدة يتلقون هذه الحقن حالياً، مما يعكس انتشارها الكبير بين الطبقات التي تخلت عن دروس التمارين الرياضية ونظام الكيتو والصيام لاعتقادهم بأنها بطيئة ومرهقة وغير فعالة، بحسب الكاتبة.

وتعبّر الكاتبة عن قلقها من تأثير ارتفاع الأسعار والنقص المتوقع على الذين فقدوا الوزن مؤخراً، وتساءلت عن احتمالية ظهور سوق سوداء لأدوية إنقاص الوزن نتيجة لذلك.

وتصف بيليغ عقلية المهوسيين بفقدان الوزن والرشاقة بأنها “إدمانية ومخيفة”. وتوضح ذلك من خلال تجربتها الشخصية مع اضطراب البوليميا العصبي، الذي سيطر عليها من أواخر مراهقتها وحتى بلوغها 25 عاما من عمرها.

وتختتم بالقول: “لو لم أتعلم كيف أسيطر على رغباتي وأتوقف عن الأكل عند أول علامات الشبع، ربما كنت سأستخدم هذه الحقن بنفسي، وربما أكون الآن على وشك نوبة هلع بسبب ارتفاع سعر جرعتي”.

الدفاع التركية تؤكد دعمها أي إجراء تتخذه الحكومة السورية لحماية وحدة البلاد

الدفاع التركية تؤكد دعمها أي إجراء تتخذه الحكومة السورية لحماية وحدة البلاد

أكدت الدفاع التركية أن استقرار سوريا مرتبط بأمن تركيا وأن كل خطوة بهذا الاتجاه تسهم في تحقيق السلام الإقليمي، معربة عن دعمها أي إجراء تتخذه الحكومة السورية لحماية وحدة سوريا.

وجاء خلال المؤتمر الصحفي للمتحدث باسم الدفاع التركية زكي آكتورك: “سندعم أي إجراءات تتخذها الحكومة السورية، لحماية وحدتها وسلامة أراضيها”.

وأضاف: “تؤمن تركيا، بأن سوريا ستحقق الاستقرار، من خلال نظام حكم مركزي يحمي وحدة أراضيها وسيادتها، ويمنع العناصر الانفصالية من دخول البلاد”.

ولفت أكتورك إلى أن الحكومة السورية “تواصل جهودها الرامية إلى التعامل مع جميع المكونات العرقية والطائفية في البلاد على قدم المساواة”.

كما ربط المتحدث استقرار سوريا بشكل مباشر بأمن تركيا، مبينا أن كل خطوة تُتخذ في هذا الاتجاه، تسهم في تحقيق السلام الإقليمي.

وعلى صعيد متصل نوّه المتحدث باستمرار أنشطة التدريب والاستشارات الرامية إلى تعزيز قدرات القوات المسلحة السورية، في إطار “مذكرة التفاهم المشتركة للتدريب والاستشارات” الموقعة مع سوريا في 13 آب الجاري.

وتابع في هذا الجانب: “في هذا السياق، ستقدم تركيا المساهمة اللازمة لمراكز التدريب المزمع إنشاؤها وفقا لطلبات سوريا”.

المصدر: RT

سوريا وإسرائيل: بين التسريبات والنفي، تكهنات تُطرح حول مستقبل العلاقة بين الجانبين

سوريا وإسرائيل: بين التسريبات والنفي، تكهنات تُطرح حول مستقبل العلاقة بين الجانبين

في وقت تتزايد فيه التسريبات الإعلامية حول اقتراب اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل، ولقاء حصل بالفعل بين وزير الخارجية السوري ووفد إسرائيلي في باريس، تنفي دمشق وجود أي مفاوضات أو اتفاق وشيك مع إسرائيل، مؤكدة أن الموقف السوري “ثابت ولم يتغير”. فماذا نعرف حتى الآن؟

في حزيران/ حزيران الماضي، نشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية بياناً حكومياً ينفي “وجود أي اتصالات مباشرة أو اتفاقات سرية مع إسرائيل”. ووصف التسريبات الإعلامية بأنها “مفبركة”، كما قالت مصادر رسمية لوكالة الأنباء إن أي حديث عن سلام أو تطبيع مع إسرائيل “سابق لأوانه”.

بعد هذا النفي الحكومي، التقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في 19 آب/آب ، وفداً إسرائيلياً في باريس لمناقشة عدد من الملفات المرتبطة بتعزيز الاستقرار في المنطقة والجنوب السوري.

وركزت النقاشات على خفض التصعيد وعدم التدخل بالشأن السوري الداخلي، والتوصل لتفاهمات تدعم الاستقرار في المنطقة، ومراقبة وقف إطلاق النار في محافظة السويداء، وإعادة تفعيل اتفاق 1974.

أما رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع فأكد خلال اجتماع مع وفد إعلامي عربي في 24 آب/آب أن أي اتفاق مع إسرائيل سيُبنى على أساس خط الهدنة لعام 1974، وإن دمشق لن تتردد في اتخاذ أي قرار أو خطوة من شأنها خدمة مصلحة سوريا والمنطقة.

من الجانب الإسرائيلي تحدثت القناة 12 الإسرائيلية عن اتفاق أمني وشيك بين سوريا وإسرائيل بوساطة أمريكية – خليجية يتضمّن تنازلات سورية مقابل مساعدات وإعمار.

وتتصدّر في الإعلام الإسرائيلي تغطيات حول الاتصالات الجارية بين الجانبين، حيث نشرت صحف مثل “يديعوت أحرونوت” و”تايمز أوف إسرائيل” تقارير تتحدث عن محادثات سرية تديرها أطراف ثالثة، منها الإمارات والولايات المتحدة، لإشراك سوريا في مسار “الاتفاقيات الإبراهيمية”.

  • هل يوقّع أحمد الشرع على اتفاق تطبيع مع إسرائيل؟

فهل نحن أمام ملامح اتفاقية جديدة تعيد رسم خريطة الصراع في سوريا والمنطقة، أم أن ما يُطرح لا يتجاوز تسريبات عابرة في ظل واقع جيوسياسي متقلّب ومعقّد؟

“اتفاق مرتبط بظروف إقليمية أوسع”

يرى خبير العلاقات الدولية، الدكتور أشرف عُكة، أن ما يجري حتى الآن هو “حديث عن اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل، وليس عن اتفاق شامل أو سلام كامل”، إذ أن “الحكومة السورية تُنكر وجود مسار نحو اتفاق شامل، وما يُطرح لا يتجاوز كونه محاولة للعودة إلى ترتيبات اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974، خصوصاً في الجولان وجنوب سوريا. أي صيغة أخرى، لن يكون اتفاقاً حقيقياً”، على حد قوله.

ويعتبر عُكة أن أي اتفاق أمني تُقدِم عليه الحكومة السورية دون أن يراعي مسألة الجولان أو السيادة بالحد الأدنى يُعتبر ضعيفاً.

وحول احتمالية توسط دول في المنطقة لجمع الجانبين السوري والإسرائيلي، يقول عكة إن السؤال الأهم هو: إلى أي مدى يمكن للوساطات الخليجية والأمريكية أن تلبي ما تسميه إسرائيل “متطلبات أمنها”، خاصة أن الاستراتيجية الإسرائيلية تقوم على إقامة مناطق عازلة ليست مجرد حائط صد، بل مناطق انتشار وسيطرة فعلية؟

ويرى عُكة أنه “علينا أن نُدرك أن الملف السوري لا ينفصل عن بقية ملفات المنطقة: لبنان وغزة والضفة الغربية، وحتى اليمن وإيران وتركيا. فكل المسارات مترابطة”.

ويضيف: “من هنا، فإن أي اتفاق أمني محتمل مع سوريا سيظل ناقصاً، مرهوناً بتطورات أكبر في المنطقة. وإن أقدمت دمشق على اتفاق لا يأخذ بعين الاعتبار مستقبل الجولان وسيادة البلاد، فسيكون ذلك اتفاقاً محفوفاً بالمخاطر على النظام والدولة السورية معاً”.

  • ” لماذا يحق لسوريا في عهد الشرع التواصل مع إسرائيل؟” – عرض الصحف

“مساحة مفتوحة”

بينما يقول الخبير في المجال الجيوسياسي والأمني، الدكتور عامر السبايلة: “دعونا ننطلق من حقيقة أن التحولات في السنوات الأخيرة، خصوصاً منذ سقوط النظام في سوريا، أثبتت أن الدولة السورية لم تعد قائمة بالمعنى الحقيقي. وبالتالي، فإن إسرائيل لا ترى نفسها مضطرة للدخول في سلام مع كيان تعتبره منهاراً أو غير موجود. هذه نقطة أساسية لفهم ديناميكيات التحركات الإسرائيلية في المنطقة”.

ويرى السبايلة أن إسرائيل تنظر إلى الجغرافيا السورية على أنها مساحة مفتوحة “قد تتعرض للاستغلال”، وكانت قد حاولت فرض واقع جديد من خلال تدخلات عسكرية متكررة، وصولاً إلى تبني خطاب حماية مكونات سورية معينة.

ويضيف: “إذا تحدثنا عن اتفاقية أمنية محتملة، فالأمر بالنسبة لإسرائيل يقوم على عدة أسس واضحة: أولاً، الحفاظ على المكاسب التي حققتها على الأرض كجزء من استراتيجيتها الأمنية. ثانياً، تكريس فكرة حماية المكونات التي ترتبط بها، كالمسألة الدرزية أو الممرات الإنسانية. ثالثاً، تعزيز قدرتها على العمل داخل سوريا، وتحويل النظام القائم هناك إلى شريك في هذه المعادلة”.

  • ماذا نعرف عن “جبل الشيخ” الذي سيطرت عليه إسرائيل؟
  • قصة هضبة الجولان المحتلة من الكنعانيين وحتى المُستوطنين

يضيف، يجب أن نكون واضحين: التسريبات التي تطرح عن صفقة محتملة اليوم ليست اتفاق سلام بين طرفين متكافئين، بل اتفاق يفرضه طرف يملك اليد العليا، مقابل نظام مضطر للقبول به من أجل شرعنة بقائه. وبالنسبة لإسرائيل، لا توجد حاجة حقيقية لأي اتفاق، لكنها قد تراه مدخلاً للتطبيع الإجباري مع سوريا، ونموذجاً يُعلن لاحقاً، بحسب رأيه.

ويرى الخبير الجيوسياسي أنّه لهذا السبب، لا يمكن مقارنة أي اتفاق – إن كانت هناك محاولات في هذا الاتجاه – باتفاقية فض الاشتباك عام 1974؛ فالظروف مختلفة تماماً. باعتبار أن “إسرائيل تعتقد أن لديها اليوم مساحة واسعة لفرض شروطها ومعادلاتها على الحكومة السورية، دون الحاجة إلى اتفاقيات تقليدية بين جيوش نظامية كما كان في الماضي”، كما يقول.

ما هو اتفاق عام 1974؟

إذاً، لماذا يعود الحديث حول “اتفاقية فض الاشتباك” لعام 1974؟

ينص اتفاق فصل القوات بين سوريا وإسرائيل عام 1974، الذي تمّ التوصل إليه بوساطة أمريكية بعد حرب تشرين الأول/تشرين الأول من عام 1973، على وقف إطلاق النار، وانسحاب إسرائيل من بعض المناطق، وإقامة منطقة فصل تحت إشراف الأمم المتحدة، مع قيود على التسليح العسكري.

وعلى الرغم من أن هذا الاتفاق جَمّد القتال، إلاّ أنه لم يكن سلاماً سياسياً ولم ينهِ الاحتلال أو اعتراف أي طرف بالآخر بشكل رسمي.

أبرز التحليلات حول هذا الاتفاق خلال المرحلة الحالية:

  • الاهتمام المتجدد باتفاق 1974 ينبع أولاً من التصعيد الإقليمي المتزايد على الجبهة الشمالية لإسرائيل، خصوصاً مع تصاعد التوتر في الجنوب السوري، وتكثيف الغارات الإسرائيلية على مواقع عسكرية سورية.
  • إعادة طرح الاتفاق تأتي في إطار الترتيبات الإقليمية الأوسع، مع اتساع رقعة الاتفاقيات الإبراهيمية ومحاولة واشنطن تثبيت الاستقرار على الجبهة الشمالية لإسرائيل، في وقت تشهد فيه سوريا منذ أواخر 2024 تحوّلاً في موقعها الإقليمي، مع عودة تدريجية لاعتراف دبلوماسي عربي وغربي بها.
  • قد يُستخدم اتفاق 1974 كورقة ضغط على دمشق. فإما الالتزام بخطوطه الأمنية لضمان التهدئة، أو مواجهة احتمالات أكبر للتصعيد الإسرائيلي.
  • من زاوية قانونية ودبلوماسية، فإن اتفاق 1974 هو آخر وثيقة دولية مُعترف بها من الطرفين (ولو ضمنياً)، وهو ما يمنحه قيمة تفاوضية عالية الآن.
  • بينما لا تعترف سوريا بضم إسرائيل للجولان، لا تزال تعتبِر هذا الاتفاق هو القاعدة الوحيدة السارية ميدانياً، ويمكن البناء عليه كمخرج سياسي مقبول دولياً إذا ظهرت مبادرة جادة للتسوية أو التطبيع لاحقاً.

السويداء “نقطة مفصلية”

رجال دين دروز يحملون لافتات خلال مظاهرة تضامنية مع المجتمع الدرزي من مدينة السويداء جنوب سوريا في 19 تموز/تموز
رجال دين دروز يحملون لافتات خلال مظاهرة تضامنية مع المجتمع الدرزي من مدينة السويداء جنوب سوريا في 19 تموز/تموز

في ظل هذه التسريبات والتطورات على الأرض، دعا الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا، الشيخ حكمت الهجري، إلى تدخل دولي لدعم مطالبتهم بـ”إقليم مستقل” في السويداء.

ففي مقطع فيديو نُشر يوم الاثنين 25 آب آب، قال الهجري: “نناشد المجتمع الدولي والدول الحرة الوقوف إلى جانب الطائفة الدرزية لإعلان إقليم مستقل يضمن حمايتنا”.

وأضاف: “بدأنا مساراً جديداً بعد المحنة الأخيرة، التي كانت تهدف إلى القضاء على الطائفة الدرزية”، معرباً عن تقديره للدول التي ساندت الطائفة، وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل.

تحدثت تسريبات إعلامية إسرائيلية عن أن أي اتفاق أمني محتمل مع دمشق قد يتضمن إنشاء “ممر إنساني” يصل إلى محافظة السويداء، باعتبارها منطقة ذات حساسية خاصة بسبب وجود المكوّن الدرزي. هذا الممر يُطرح في سياق ما تراه إسرائيل “التزامات أمنية” مرتبطة بحماية الأقليات، وضمان تدفق المساعدات أو التسهيلات الإنسانية ويمكن أن تُستثمر سياسياً وأمنياً في المرحلة المقبلة.

في المقابل، ترى أوساط سورية أن إدخال بند “الممر الإنساني” قد يشكّل مدخلاً لتكريس “نفوذ إسرائيلي” في الجنوب السوري، وربطه مباشرة بالوضع الداخلي للسويداء، وهو ما يُخشى أن يُستخدم كورقة ضغط على الحكومة السورية، أو كأداة لفرض ترتيبات ميدانية جديدة تتجاوز اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، بما يمنح إسرائيل “اليد العليا” في الجنوب السوري، بحسب خبير العلاقات الدولية أشرف عُكة.

وكانت محافظة السويداء قد شهدت منذ 13 تموز تموز ولمدة أسبوع اشتباكات بين مسلحين دروز ومقاتلين من البدو، قبل أن تتصاعد الأحداث إلى مواجهات دموية مع تدخل القوات الحكومية وانضمام مسلحين من العشائر.

وتتواصل إدانات الخارجية السورية للهجمات الإسرائيلية على ريف القنيطرة، وتندد بتوغّل قوات إسرائيلية في بلدة سويسة الجنوبية واستمرار تمركزها في قمة جبل الشيخ والمنطقة العازلة، مؤكدة أن هذه المآذارات تشكل خرقاً للقانون الدولي وتهديداً للسلم الإقليمي، بحسب بيان حكومي نُشر يوم الثلاثاء 26 آب آب.

ما مصير الجولان المحتل في حال الوصول لاتفاق؟

القيادة الإسرائيلية لا تزال حذرة في ما يتعلق بالعلاقات بين الجانبين، حيث صرّح وزير الخارجية جدعون ساعر أن التقدم مع سوريا مرهون باعترافها بـ”الواقع الجديد”، مؤكداً أن السيادة الإسرائيلية على الجولان “ليست مطروحة للنقاش”.

وركّزت تقارير إسرائيلية مؤخراً على تمسّك إسرائيل بالسيادة على الجولان كشرط غير قابل للتفاوض، مع تداول تسريبات حول مقترحات “حلول وسط”، مثل إقامة منطقة منزوعة السيادة أو “منتزه سلام” يُدار بشكل مشترك، مع بقاء السيطرة الأمنية والعسكرية لإسرائيل.

بحسب اتفاقية جنيف الرابعة وقرار مجلس الأمن 497 (1981)، يُعتبر ضم الجولان “باطلاً” بالقانون الدولي.

تشير دراسة قانونية نُشرت في تموز تموز 2025، للباحث علي عثمان قراوغلو في “Law and Justice Review”، أن فرض إسرائيل قوانينها على الجولان يخالف مبدأ “عدم الاعتراف” في القانون الدولي، ويُشير الكاتب إلى أن سوريا “لا يمكنها قانونياً التنازل النهائي عن الجولان، حتى ضمن تسوية سياسية، لأن ذلك قد يُفسَّر كـ”شرعنة للاحتلال”.

ويقترح الباحث أن أي تسوية يجب أن تقوم إما على انسحاب إسرائيلي كامل، أو على حلول انتقالية بإشراف دولي (مثل الإدارة المشتركة أو التأجير المؤقت)، مع الحفاظ على السيادة القانونية لسوريا، كما يطرح خيار مطالبة سوريا بتعويضات عن سنوات الاحتلال.