ثلاثة إكراهات دستورية تواجه رئيس الحكومة المقبل في الجزائر

ثلاثة إكراهات دستورية تواجه رئيس الحكومة المقبل في الجزائر

يواجه رئيس الحكومة المقبل في الجزائر ثلاثة إكراهات دستورية ملزمة، تتعلق بتقديم حصيلة عمل الحكومة عن العام السابق، وتقديم خطة عمل حكومته، بعدما كانت حكومة نذير العرباوي قد تهرّبت خلال العامين الماضيين من هذه الالتزامات، إضافة إلى إكراه ثالث يخص صياغة قانون الموازنة الجديد قبل السابع من تشرين الأول/تشرين الأول المقبل.

ولم يكشف بيان الرئاسة الجزائرية عن دوافع إقالة رئيس الحكومة نذير العرباوي، غير أن الكثير من التقديرات السياسية تصف هذا التغيير بالخطوة الاضطرارية التي لجأ إليها الرئيس عبد المجيد تبون، خاصة في ظرف سياسي واجتماعي داخلي متوتر، يبدو أنه كان الأكثر تأثيراً في قرار التغيير الحكومي، لامتصاص حالة من الضغط الداخلي المتصاعد في الفترة الأخيرة نتيجة سلسلة إخفاقات حكومية في عدة قطاعات، وبروز مشكلات في الدورة الاقتصادية بسبب تشدد الحكومة في التوريد وإغلاق باب الاستيراد للحفاظ على احتياطي الصرف.

ويأتي هذا التعديل الحكومي قبل أقل من شهر على الدخول الاجتماعي والمدرسي المقرر في 21 أيلول/أيلول المقبل، وقبل أربعة أيام فقط من حدث اقتصادي ضخم تستعد الجزائر لتنظيمه، وهو معرض التجارة الأفريقية الذي سيحضره رؤساء دول وحكومات، وتراهن عليه الجزائر لتعزيز موقعها الاقتصادي والتجاري في القارة.

وبحسب النائب في كتلة جبهة التحرير الوطني (من الحزام الحكومي)، أحمد رابحي، فإن “هذه الإقالة جاءت في توقيت مناسب. أعتقد أن التغيير كان ضرورياً وقراراً اضطرارياً بسبب حالة القلق التي كانت سائدة في الفترة الماضية. الرئيس تبون قرأ الظرف بشكل جيد وامتص القلق والتساؤلات الاجتماعية، واتخذ قراراً يهدف إلى ضخ نفس جديد في الحكومة، ويفتح أفقاً لتغيير نهج وأسلوب العمل والتنسيق الحكومي”. وأضاف أن “رئيس الحكومة السابق ربما كان أقل حيوية بحكم طابعه الدبلوماسي، مقارنة بما يتطلبه الوضع، خاصة في الفترة التي غاب فيها الرئيس تبون منذ بداية الشهر”.

وأقال الرئيس تبون، يوم الخميس، رئيس الحكومة نذير العرباوي بعد عامين من تعيينه، ليصبح ثالث رئيس حكومة في عهده، وعيّن وزير الصناعة سيفي غريب وزيراً أول بالنيابة خلفاً له، بانتظار تكليف رئيس حكومة جديد والإعلان عن التشكيل الوزاري. وقد بدأ نقاش سياسي ونيابي حول ما إذا كانت الحكومة المقبلة ستجد مهرباً للمرة الثانية من موجبات دستورية تفرضها المادة 111 من الدستور، التي تلزم الحكومة بتقديم بيان السياسة العامة الذي يتضمن حصيلة عملها السنوي أمام البرلمان لمناقشته، بعدما تهرّبت حكومة العرباوي من ذلك العام الماضي بحجة الانتخابات الرئاسية التي جرت في 7 أيلول/أيلول 2024.

وتنص المادة 111 من الدستور على أن “الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، يجب أن يقدم سنوياً إلى المجلس الشعبي الوطني بياناً عن السياسة العامة. تعقب بيان السياسة العامة مناقشة عامة حول عمل الحكومة، ويمكن أن تُختتم هذه المناقشة بلائحة، كما يمكن أن يترتب عليها إيداع ملتمس رقابة من طرف المجلس الشعبي الوطني”. يذكر أن حكومة العرباوي لم تقدم أيضاً، بعد تعيينها، مخطط عمل الحكومة أمام البرلمان، واعتبرت نفسها استمرارا لخطة حكومة أيمن بن عبد الرحمن حتى تشرين الثاني/تشرين الثاني 2023.

وأكد النائب عبد الوهاب يعقوبي في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “الحكومة السابقة ارتكبت تجاوزين للدستور: لم تقدم بيان مخطط عملها نهاية العام الماضي، ولم تقدم حصيلة عملها عن العام الذي سبق، بينما استمرار المرفق العام واحترام الدستور ولو شكلياً يفرض ذلك”. وأضاف: “ليس واضحاً ما إذا كان الوزير الأول المقبل سيقدم مخطط عمل الحكومة طبقاً للمادة 106 من الدستور، التي تُلزم الوزير الأول أو رئيس الحكومة بتقديم مخطط عمل حكومته إلى غرفتي البرلمان (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة) للموافقة عليه بعد مناقشة عامة”.

وإضافة إلى هذه الإكراهات الدستورية، تواجه الحكومة المقبلة إكراهاً ثالثاً يتعلق بالزمن الدستوري الذي يفرض عليها صياغة وتقديم قانون الموازنة الجديد لعام 2026 إلى البرلمان، حيث يحدد الدستور تاريخ السابع من تشرين الأول/تشرين الأول من كل عام أجلاً لذلك.