كشفت هيئة مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية النيجيرية عن تورط مسؤولين في الشركة الوطنية النيجيرية للبترول في عمليات غسل أموال عبر حسابات تعود لرجل الأعمال بشير عبد الله حسكي، صهر نائب الرئيس السابق أتيكو أبو بكر، وفقا لما نشره موقع “أفريكا ريبورت”.
تفاصيل الاتهامات
بحسب وثائق حصلت عليها الهيئة، استخدم حسكي حسابات شركته “آذار أفييشن” لتلقي مدفوعات زُعم أنها مقابل خدمات طيران خاصة لصالح كبار مسؤولي شركة البترول، بينما تشير التحقيقات إلى أن هذه العقود كانت واجهة لتحويل أموال عامة خارج القنوات الرسمية.
وقد بلغت قيمة العقود نحو 46.7 مليون دولار، أُبرمت بين عامي 2018 و2022، أي قبل تولي الرئيس التنفيذي الحالي للشركة، بايو أوجولاري، منصبه.
ورغم تأكيد حسكي أن شركته قدمت طائرات خاصة من طراز 14 و50 مقعدا، نفت الهيئة وجود هذه الطائرات ضمن أسطول الشركة، معتبرة أن العقود كانت وسيلة “لنهب المال العام”.
وردا على إعلان الهيئة أنه مطلوب للعدالة، رفع حسكي دعوى قضائية ضدها بتهمة الاعتقال غير القانوني وانتهاك حقوقه، في خطوة تعكس تصاعد التوتر بينه وبين السلطات.
وفي المقابل، رفضت الهيئة مزاعم تعرضه لسوء المعاملة أثناء الاحتجاز.
مسؤولون سابقون في الشركة الوطنية النيجيرية للبترول في قلب عاصفة فضيحة فساد (رويترز)
خلفية حسكي وشبكة مصالحه
يدير حسكي مجموعة “إيه آي آند آر” الاستثمارية، التي تضم شركات في مجالات النفط والغاز، وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات اللوجستية، والزراعة، من بينها “اتحاد أوليفيلد سرفس” و”آذار إي آند بي”.
وقد ارتبط صعوده في قطاع الطاقة بعلاقته الوثيقة بالرئيس التنفيذي السابق لشركة البترول، ميكانتي بارو، الذي وافق على عقد تنقيب في شمال البلاد، أسفر عن اكتشاف نفطي في بئر “كولماني ريفر 2” عام 2019.
تداعيات سياسية
حسب أفريكا ريبورت، لا يخلو الملف من أبعاد سياسية، إذ يخشى بعض المقربين من الرئيس بولا تينوبو أن تكون العقود الممنوحة لحسكي وسيلة غير مباشرة لتمويل حملة المعارضة، في ظل استعداد البلاد لانتخابات رئاسية مرتقبة.
إعلان
في المقابل، يرى مؤيدو أوجولاري أن الاتهامات الموجهة إليه ما هي إلا محاولة لإقصائه بسبب رفضه منح عقود لبعض المقربين من السلطة.
الرئيس النيجيري بولا تينوبو (الفرنسية)
تشابك المال والسياسة في نيجيريا
تعكس هذه القضية نمطا متكررا في المشهد النيجيري، حيث تتداخل المصالح الاقتصادية مع الحسابات السياسية، وتُستخدم أدوات الدولة أحيانا لتصفية الحسابات أو إعادة تشكيل مراكز النفوذ.
كما تطرح تساؤلات حول مدى استقلالية المؤسسات الرقابية، وقدرتها على الفصل بين الجريمة المنظمة والتنافس السياسي.
إسطنبول– يكلف إدمان التبغ والكحول والمقامرة والمخدرات اقتصاد تركيا 78 مليار دولار سنويا، وفق ما ذكرته جمعية الهلال الأخضر التركية في تقرير.
قدّم التقرير، الذي عُرض في مؤتمر صحفي بإسطنبول مطلع الجاري، صورة صادمة عن الأعباء المالية والاجتماعية للإدمان، محذرا من أن الظاهرة لم تعد تهدد صحة الأفراد فحسب، بل باتت تمس استقرار الأسر ومستقبل الدولة بأكملها.
أرقام صادمة
وثق التقرير الذي جاء بعنوان “اقتصاد الإدمان: الكلفة الاقتصادية لإدمان التبغ والكحول والمقامرة والمخدرات في تركيا”، بالأرقام حجم الأضرار المباشرة وغير المباشرة التي تخلفها هذه الظاهرة على الاقتصاد الوطني، إذ كشف أن التكلفة السنوية لإدمان 4 أنواع رئيسية بلغت نحو 78 مليار دولار، توزعت على النحو التالي:
التبغ: حوالي 24 مليار دولار.
الكحول: قرابة 9 مليارات دولار.
المخدرات: نحو 5 مليارات دولار.
المقامرة: حوالي 40 مليار دولار.
وحسب التقرير، فإن مجموع هذه الخسائر يعادل نحو 3.1 تريليونات ليرة، وأوضح أن حساب هذه الكلفة لا يشمل فقط الإنفاق المباشر على مواد الإدمان، بل يمتد إلى الأعباء غير المباشرة مثل تكاليف الرعاية الصحية، وفقدان الإنتاجية، والحوادث، والجريمة، وهي عوامل تلقي بثقلها على الاقتصاد التركي سنويا.
إدمان المخدرات يكلف تركيا 5 مليارات دولار سنويا (شترستوك)
استنزافات
لم تقتصر الخسائر التي رصدها تقرير الهلال الأخضر على الجانب المالي المباشر، بل امتدت لتشمل انعكاسات خطيرة على الصحة العامة والسلامة والبيئة؛ فإدمان التبغ وحده يفرض أعباء صحية ضخمة، وقُدرت نفقات العلاج المرتبطة بالأمراض الناجمة عن التدخين سنويا ما يقارب من 2.2% من الناتج المحلي الإجمالي.
وسجّلت تركيا ارتفاعا في استهلاك السجائر بنسبة 39% خلال العقدين الماضيين، من 108 مليارات سيجارة إلى 150 مليارا سنويا، ما يعكس تفاقم هذه الظاهرة.
إعلان
على الصعيد البيئي، أظهر التقرير أن أعقاب السجائر وحدها تُخلف ما يملأ 5 آلاف شاحنة قمامة سنويا، فيما ينتهي جزء كبير منها في البحيرات والبحار مسببا تلوثا قد يستمر لعقد كامل.
وتُعد الحرائق الناجمة عن السجائر وأعواد الثقاب مصدر قلق متزايدا، إذ تشير إحصاءات الإطفاء في إسطنبول إلى أن 40% من الحرائق، أي نحو 27 ألف حريق سنويا، سببها التدخين، وهو ما يفرض على الاقتصاد عبئا مباشرا يصل إلى 4 مليارات دولار سنويا من الخسائر المادية.
أما الكحول والمخدرات، فتمثل بدورها تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، وقدر التقرير استهلاك الكحول في تركيا بنحو 1.3 مليار لتر سنويا بتكلفة مباشرة تصل إلى 5.5 مليارات دولار، بينما ترتبط قيادة المركبات تحت تأثير الكحول بنسبة 22% من حوادث المرور، تنتج عنها خسائر تقارب 15 مليار دولار سنويا بين وفيات وإصابات وأضرار مادية.
المؤتمر الصحفي لإعلان تقرير الهلال الأخضر (الجزيرة)
وفيما يتعلق بالمقامرة، خصوصا عبر الإنترنت، فقد وصفها التقرير بأنها الأكثر استنزافا على المستويين المالي والاجتماعي، إذ لا تقتصر خسائرها على عشرات المليارات من الدولارات سنويا، بل تمتد إلى تفكك أسر وديون متراكمة وجرائم مرتبطة بالاحتيال والاختلاس.
وخلص التقرير إلى أن مختلف أشكال الإدمان تسهم في اضطرابات اجتماعية واسعة النطاق تبدأ من انهيار الروابط الأسرية، مرورا بتراجع الإنتاجية وتراجع مساهمة القوى العاملة، وصولا إلى ارتفاع معدلات الجريمة والعنف، وهو ما يهدد بشكل مباشر الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي ويعرقل خطط التنمية في البلاد.
دعوات للمكافحة
أمام الأرقام التي كشفها التقرير، دقت جمعية الهلال الأخضر ناقوس الخطر مطالبة بجهود وطنية شاملة لمواجهة آفة الإدمان.
وفي هذا الإطار، أطلقت الجمعية أواخر عام 2024 حملة وطنية تحت اسم (حملة الاستقلال) بدأت في إسطنبول ومنطقة مرمرة، قبل أن تمتد في العام الجاري إلى ولاية إزمير ومنطقة بحر إيجة، وتُركز الحملة على التوعية والوقاية، ولا سيما بين الشباب، من خلال برامج تعليمية وإرشادية تستهدف ملايين الطلاب والأسر، فضلا عن توفير مراكز استشارية مجانية تقدم الدعم العلاجي وفرص التعافي وإعادة الاندماج في المجتمع.
لم يكتف التقرير برصد الخسائر، بل أبرز حجم الفرص التنموية المهدرة نتيجة نزيف الـ78 مليار دولار سنويا، وأشار إلى أنه كان بالإمكان استثمار هذه الأموال في مشروعات إستراتيجية كبرى، من بينها بناء 154 مستشفى جديد، وتوفير مساكن لـ513 ألف أسرة محتاجة، وتزويد 18 مليون طالب بأجهزة لوحية ودعم تعليمي، وإنشاء 15 ألف كيلومتر من شبكات القطارات فائقة السرعة، فضلا عن تمويل 50 ألف شركة ناشئة، وترميم ألف موقع أثري ومتحف.
خطوات عملية
قالت جمعية الهلال الأخضر التركي (يشيلاي) لـ”الجزيرة نت”، إنها تعمل منذ أكثر من قرن على مكافحة الإدمان، واضعة كرامة الإنسان وحقه في الحياة الكريمة في صميم أنشطتها.
وأوضحت أن هدفها الرئيس يتمثل في حماية المجتمع، ولا سيما الأجيال الشابة، من كافة أشكال العادات والسلوكيات الضارة.
وأكدت الجمعية، أنها تواصل جهودها في مواجهة الإدمان تحت 3 محاور أساسية هي الوقاية، وإعادة التأهيل، والمناصرة.
إعلان
في هذا السياق، تقدم يشيلاي تقارير ودراسات سياسية إلى الجهات الرسمية لتطوير سياسات عملية وحلول واقعية، حيث تُعرض هذه الدراسات على المجلس الأعلى لمكافحة الإدمان برئاسة نواب رئيس الجمهورية وبمشاركة 13 وزارة.
وأشارت إلى أن الجمعية تتحمل مسؤوليات فاعلة في تنفيذ العديد من خطط العمل، وعلى رأسها خطة العمل الوطنية لمكافحة المخدرات بالتعاون مع وزارتي الصحة والداخلية، مؤكدة أن القرارات الصادرة في هذه المجالس تستند إلى أبحاث علمية ومعطيات ميدانية حديثة تعاد صياغتها باستمرار لخدمة صانعي القرار.
القمار يستنزف 40 مليار دولار من اقتصاد تركيا سنويا (أسوشيتد برس)
وأوضحت الجمعية، أن إستراتيجيتها في مكافحة الإدمان لا تقتصر على تشخيص المشكلات، بل تقوم على إنتاج الوعي وتحويل المعطيات العلمية إلى سياسات عملية من خلال أنشطة مناصرة فعالة.
وأشارت الجمعية إلى أن التقرير الأخير يعد دراسة رائدة تناولت الظاهرة من زوايا متعددة، مؤكدة أن نتائجه ستُستخدم في المداولات الوطنية والدولية التي تشارك فيها الجمعية للتأثير في عمليات صنع القرار.
ولفتت إلى أن ما خلص إليه التقرير من أرقام واضحة حول الكلفة الاقتصادية المرتفعة للإدمان يمثل قاعدة علمية صلبة لبناء سياسات جديدة وخطوات عملية تهدف إلى تقليص الخسائر الاقتصادية والاجتماعية للإدمان في تركيا.