الرابحون والخاسرون من حُكم بأن معظم رسوم ترامب غير قانونية

الرابحون والخاسرون من حُكم بأن معظم رسوم ترامب غير قانونية

أحدث حكم قضائي صدر عن محكمة استئناف فيدرالية في واشنطن صدمة في الأسواق بعدما قضى بأن معظم الرسوم الجمركية العالمية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب نُفذت بطريقة “غير قانونية”.

ورغم أن القرار لن يدخل حيز التنفيذ قبل 14 تشرين الأول/تشرين الأول المقبل، إلا أن تداعياته المحتملة على الاقتصاد الأميركي والعالمي دفعت المحللين والمستثمرين إلى إعادة حساباتهم بدقة.

صعوبة إضافية أمام الاحتياطي الفيدرالي

وبحسب ما نقلت أكسيوس عن هنرييتا ترايز، مديرة السياسة الاقتصادية في شركة “فيدا بارتنرز”، فإن “مهمة الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) أصبحت أكثر صعوبة الآن”، وأضافت أن القرار قد يخلق فوضى في تقديرات السياسة النقدية، خصوصا مع ارتباط الرسوم الجمركية بالعوائد على السندات الفيدرالية.

لكن تيري هاينز مؤسس شركة “بانجيا بوليسي”، خفف من وقع القرار، وقال في رسالة نصية لـ أكسيوس: “لا ينبغي للمستثمرين أن يقرأوا كثيرا في هذا القرار، فلم ننته بعد من عملية الاستئناف، والرئيس ما زال يملك أدوات أخرى لفرض الرسوم”، في إشارة إلى احتمالية أن يُحال الملف في النهاية إلى المحكمة العليا.

Facade,On,The,Federal,Reserve,Building,In,Washington,Dc
تتزايد التحديات أمام السياسة النقدية بعد الحكم القضائي المتعلق بالرسوم الجمركية (غيتي)

الرابحون المحتملون

وإذا ما تم تثبيت الحكم، فإن كبرى شركات التجزئة الأميركية مثل وولمارت، وهوم ديبو ونايكي ستكون أكبر المستفيدين. وتوضح ترايز: “شركات التجزئة الكبرى ستذهب بعيدا في المكاسب”.

وعلى مستوى أوسع، تشير المحللة إلى أن دول جنوب شرق آسيا ستكون الرابح الأكبر، قائلة: “قطاع إعادة الشحن في المنطقة مقبل على هامش ربح يزيد بنسبة 60%”.

وتوضح أكسيوس أن دولا عدة في هذه المنطقة كانت قد تضررت من رسوم مزدوجة بنسبة 20% بموجب قانون السلطات الاقتصادية في الطوارئ الدولية، و40% إضافية على عمليات إعادة الشحن، رفع هذه الأعباء سيمنحها دفعة قوية في التجارة العالمية.

الخاسرون في المشهد الجديد

ستطال الخسائر قطاعات بعينها، فشركات السيارات مثل فورد، جنرال موتورز، وأوتوزون ستظل خاضعة لرسوم مفروضة بموجب المادة 232 من قانون التجارة، وهي غير متأثرة بالحكم القضائي.

إعلان

وتقول ترايز: “هذه الشركات ستبقى مطالبة بدفع أكثر من مليار دولار من الرسوم سنويا”.

كما أن الشركات العاملة في مجالات الأثاث وأشباه الموصلات والأخشاب والمعادن الحيوية والطائرات والنقل بالشاحنات والمنتجات الدوائية “لن تنعم بأي راحة”، بحسب توصيف ترايز، إذ يمكن أن تظل هذه القطاعات عرضة لرسوم قطاعية جديدة يلجأ إليها ترامب لتعويض الإيرادات.

FILE PHOTO: The new GM logo is seen on the facade of the General Motors headquarters in Detroit, Michigan, U.S., آذار 16, 2021. Picture taken آذار 16, 2021 رويترز
صناعة السيارات الأميركية ستبقى خاضعة لرسوم جمركية تتجاوز مليار دولار سنويا رغم الحكم القضائي الأخير (رويترز)

سندات الخزانة تحت الضغط

وتشير الصحيفة إلى أن الأسواق المالية تراقب تطورات سوق السندات الأميركية عن كثب، وتقول ترايز في تصريحاتها لـ أكسيوس إن “إيرادات الرسوم الجمركية كانت الشيء الوحيد الذي يحافظ على تماسك سوق السندات”.

ومع احتمال تراجع هذه الإيرادات بفعل الحكم القضائي، قد تسعى إدارة ترامب إلى “تعزيز الرسوم القطاعية لضمان بقاء مستويات العوائد كما هي”.

وتصف أكسيوس أجواء الأسواق مع اقتراب عطلة نهاية الأسبوع بأنها أشبه بـ”ورشة طوارئ”، فمكاتب التداول والمستشارون الماليون والمحللون القطاعيون منشغلون في حساب التداعيات على كل قطاع، في محاولة لتحديد “من سينجو ومن سيتضرر” في الجولة المقبلة من الفوضى الجمركية.

الخدمات والمشاريع الاقتصادية.. أدوات نفوذ حزب الله المجتمعية

الخدمات والمشاريع الاقتصادية.. أدوات نفوذ حزب الله المجتمعية

بيروت – لا يقتصر حضور حزب الله في لبنان على أدواره العسكرية والسياسية، بل يتجاوزهما إلى شبكة واسعة من الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية التي ترسخت داخل بيئته، وجعلت منه ركيزة أساسية في التخفيف من أعباء الدولة اللبنانية المتراجعة عن تلبية حاجات مواطنيها.

فمنذ عقود، عمل الحزب على بناء منظومة متكاملة من المؤسسات الخدمية والصحية والتعليمية والإغاثية، حيث تحولت هذه الشبكة مع مرور الوقت إلى ما يشبه “دولة ظل” موازية، تقدم خدمات يومية لعشرات آلاف العائلات.

وتشير أوساط سياسية مطلعة للجزيرة نت إلى أن الهيئة الصحية الإسلامية وحدها تدير نحو 8 مستشفيات وأكثر من 90 مركزا طبيا، موزعة بين الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق الجنوب والبقاع.

هذه المراكز لا تقتصر خدماتها على الإسعاف والخدمات الأولية، بل تمتد لتشمل برامج دفاع مدني متكاملة تضم الإنقاذ والإخلاء والإغاثة، ما يعكس مدى اتساع الدور الاجتماعي لهذه المؤسسات.

وفي المجال الإنمائي، برزت مؤسسة “جهاد البناء” التي تأسست في ثمانينيات القرن الماضي لتسد فراغ الوزارات الخدماتية، وقد لعبت منذ نشأتها دورا مركزيا في إعادة إعمار ما دمرته الاعتداءات الإسرائيلية، من منازل وبنى تحتية، مرورا بشق شبكات المياه والصرف الصحي، وتأهيل المدارس، وصولا إلى توسيع نشاطها نحو مشاريع التنمية الزراعية والبيئية والخدمات الاجتماعية.

وتشمل هذه المشاريع برامج للتدريب المهني والحرفي، وتمكين التعاونيات، وتنشيط المشاريع الصغيرة، وتنظيم معارض لتسويق الإنتاج المحلي، كما أطلقت المؤسسة مبادرات لترشيد استهلاك المياه والطاقة، وتشجيع الزراعات ذات القيمة المضافة مثل الفطر والزعفران، ما يعكس توجها نحو تعزيز الاكتفاء الذاتي وتقوية الاقتصاد المحلي.

وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، يتولى مشروع “العباس لمياه الشفة”، التابع للمؤسسة، مهمة تزويد مئات الخزانات يوميا بمياه صالحة للشرب، ولا يقتصر نشاطها على العاصمة ومحيطها، بل يمتد إلى مناطق الجنوب والبقاع لدعم المزارعين وحماية المواشي وتعزيز الاكتفاء الأسري.

إعلان

أما الجمعيات المرتبطة بالحزب، فتواصل توزيع مساعدات غذائية وطبية ومالية على آلاف الأسر شهريا، لا سيما منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية والمالية في عام 2019، الأمر الذي زاد اعتماد شرائح واسعة على هذه المساعدات باعتبارها مصدر دعم رئيسيا في ظل غياب الدولة.

مدونات - حزب الله في لبنان
أي مواجهة عسكرية أو حصار سياسي يهدد مباشرة استمرارية الشبكات التي يغذيها الحزب (رويترز)

ومع تصاعد النقاشات حول مستقبل الحزب، وطرح سيناريوهات الصدام بعد قرار نزع سلاحه، تبرز تساؤلات جادة حول مصير هذه المنظومة الخدماتية، ويرى خبراء أن أي ضربة عسكرية أو سياسية واسعة قد تضعف قدرة الحزب على تمويل مؤسساته الاجتماعية، وهو ما سينعكس بصورة مباشرة على الفئات الشعبية التي تعتمد بشكل شبه كامل على خدماته.

في المقابل، تشير تقديرات أخرى إلى أن الحزب سيحاول بما يمتلكه من موارد داخلية الحفاظ على الحد الأدنى من استمرارية هذه الشبكات، بالنظر إلى أنها تشكّل ركيزة أساسية في ترسيخ شرعيته الشعبية والسياسية، وأداة مركزية من أدوات نفوذه داخل بيئته وفي المجتمع اللبناني الأوسع.

شبكة حزب الله الاقتصادية

يقول الصحافي الاقتصادي منير يونس للجزيرة نت إن النشاط الاقتصادي والاجتماعي لحزب الله يتجاوز طابعه العسكري التقليدي، ليشكل شبكة متشعبة من المؤسسات والبرامج.

فإلى جانب المدارس والمستشفيات والمستوصفات، يدير الحزب مشاريع مرتبطة بالبناء والإعمار، كما يوفر برامج دعم اجتماعي عبر بطاقات استهلاكية مخصصة للمناصرين والعناصر، وصولا إلى مبادرات في قطاع المحروقات.

ويبرز في هذا الإطار دور مؤسسة “القرض الحسن”، التي تُعد الذراع المالية الأبرز للحزب، وتشبه هذه المؤسسة في آليات عملها البنك المركزي الخاص به، حيث تضطلع بدور محوري في تلبية احتياجاته الاقتصادية والاجتماعية، مما يعكس مدى تأثيرها في الشبكة الاقتصادية للحزب داخل المجتمع.

ويضيف يونس “هذه المنظومة كانت تعمل بزخم واسع قبل اندلاع الحرب الأخيرة في تشرين الأول/تشرين الأول 2023، لكن قدراتها تراجعت مع شح السيولة، وتوقف خطوط الإمداد عبر سوريا، وتعطل الرحلات الإيرانية إلى بيروت”.

كما يشير يونس إلى أن الحزب أنفق خلال السنوات الماضية ما يقارب مليار دولار لإيواء العائلات المتضررة من التهجير وتدمير المنازل، غير أن موارده تقلصت بشكل حاد بعد الحرب.

ويتابع “اليوم يواجه الحزب تحديا أكبر يتمثل في ملف إعادة الإعمار، إذ يسعى إلى دفع الدولة لتحمل المسؤولية، لكنه يدرك في المقابل أن أي تأخير في إعادة بناء الوحدات السكنية قد يضعف رصيده الشعبي.

لذلك، تتزايد المؤشرات على شروعه بالتحضير لمشاريع إعمارية رغم تكاليفها الباهظة المقدرة بمليارات الدولارات، وسط تساؤلات جدية حول قدرته على توفير هذه المبالغ”.

جمعية مؤسسة القرض الحسن في لبنان (twitter/@Qard_Hasan)
مؤسسة القرض الحسن تُعد الذراع المالية الأبرز لحزب الله في بيئته (مواقع التواصل)

وفي حال اندلاع مواجهة جديدة، يتوقع يونس أن تتفاقم المعضلات مع اتساع حجم الدمار وتزايد الحاجة إلى موارد مالية للإيواء والإعمار، ويزداد المشهد تعقيدا مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي، حيث يسعى الحزب إلى حماية مقاعده من أي اختراق، ما يفرض عليه إنفاقا انتخابيا واسعا يضيف عبئا ماليا إضافيا على موارده.

إعلان

ويرى يونس أن الحزب يجد نفسه في هذه المرحلة أمام تحديات حرجة تتطلب موارد مالية ضخمة لمواجهة استحقاقات الإعمار، وتلبية متطلبات السياسة الداخلية، والتعامل مع تداعيات الحرب المستمرة.

النفوذ المجتمعي وآفاقه

بدوره، يرى المحلل السياسي قاسم قصير أن النشاط الاقتصادي والاجتماعي الذي يآذاره حزب الله، خصوصا داخل بيئته، لا يقتصر على تخفيف الأعباء عن الدولة فحسب، بل يمتد إلى دعم البيئة المحلية المحيطة به.

ويضيف أن أي استهداف لهذه الأنشطة أو اندلاع صدام مباشر مع الحزب قد يحمل انعكاسات خطيرة على الواقع اللبناني بأسره.

ويشير قصير، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن مثل هذه التدخلات قد تؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز مستويات التطرف، وربما إثارة ردود فعل شعبية معارضة على نطاق أوسع.

ويتابع أن الحزب يدير شبكة واسعة من الخدمات تشمل الترميم والإيواء والرعاية الصحية والاجتماعية، إلى جانب التعليم والثقافة، وتعمل عشرات المؤسسات التابعة له على الأرض، مستهدفة شرائح متعددة من المجتمع، ما يعكس مدى تغلغل الحزب في الحياة اليومية للمناطق التابعة له.

ممر لوبيتو.. منصة لوجيستية لتأمين سلاسل توريد المعادن الحيوية

ممر لوبيتو.. منصة لوجيستية لتأمين سلاسل توريد المعادن الحيوية

في خطوة تعكس التحولات الجيوسياسية والاقتصادية المتسارعة في القارة الأفريقية، يبرز ممر لوبيتو للسكك الحديدية كمشروع محوري لنقل المعادن الحيوية بين أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، في إطار دعم التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.

ويمثل المشروع، الذي تديره شركة “لوبيتو أتلانتيك ريلواي”، شراكة أوروبية-أنغولية تهدف إلى تحديث البنية التحتية، وتعزيز حركة التجارة الإقليمية، حسب مجلة أفريكا ريبورت.

بنية تحتية عابرة للحدود

يمتد الممر على مسافة تُقدّر بـ1800 كيلومتر، منها 1289 كيلومترا داخل أنغولا و450 كيلومترا داخل الكونغو الديمقراطية، ويربط ميناء لوبيتو بمدينة كولويزي الغنية بالنحاس والكوبالت.

وتُعد هذه المعادن من العناصر الأساسية في صناعة البطاريات وتقنيات الطاقة المتجددة، ما يمنح المشروع أهمية إستراتيجية في سياق التحول العالمي بقطاع الطاقة.

ويؤكد الرئيس التنفيذي الجديد للشركة نيكولا فورنييه أن المشروع لا يخدم فقط مصالح أنغولا والكونغو، بل يشكل أيضا بنية تحتية دولية ذات طابع تنموي.

وأشار فورنييه إلى أن النقل عبر السكك الحديدية يوفر حلا أكثر أمانا وأقل تلويثا مقارنة بالشاحنات، التي كانت الوسيلة التقليدية لنقل المعادن عبر موانئ جنوب وشرق أفريقيا مثل ديربان ودار السلام.

رافعات على الأرصفة في ميناء لوبيتو بأنغولا

دعم دولي ومنافسة صينية

يحظى المشروع بدعم مباشر من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث وافقت مؤسسة التمويل التنموي الأميركية على قرض بقيمة 553 مليون دولار أميركي في كانون الأول/كانون الأول 2024، خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أنغولا.

كما حصل تحالف أوروبي يضم شركات “ترافيغورا”، “موتا-إنجيل”، و”فيكتوريس” البلجيكية على امتياز لمدة 30 عاما لتشغيل الممر ومحطة تصدير المعادن.

وقد أثار هذا التحرك تحفظات في بكين، خاصة أن الصين كانت قد استثمرت نحو 1.3 مليار دولار أميركي في إعادة تأهيل الممر، وكانت تأمل في فوز تحالفها بالعقد.

إعلان

لكن شركة “إل آي أر” بدأت فعليا تشغيل الممر في كانون الثاني/كانون الثاني 2024، تحت إدارة فورنييه، الذي يشرف على فريق يضم نحو 945 موظفا، معظمهم من المواطنين الأنغوليين.

US President Joe Biden (3rd R) meets employees of Lobito Atlantic Railway (LAR) with Director of Operations (COO) at LAR Nicolas Gregoir (R) at the Port in Lobito on كانون الأول 4, 2024. (Photo by ANDREW CABALLERO-REYNOLDS / AFP)
الرئيس الأميركي السابق جو بايدن يلتقي بموظفي شركة لوبيتو أتلانتيك للسكك الحديدية أثناء زيارته لأنغولا (الفرنسية)

تسريع وتيرة النقل والخدمات

حسب فورنييه، فإن الممر الجديد سيختصر زمن النقل من 35 يوما إلى 5 أيام فقط، ما يجعله أسرع 6 مرات من الممرات التقليدية.

وتتوقع الشركة نقل نحو 120 ألف طن من النحاس من كولويزي إلى لوبيتو، وكمية مماثلة من الكبريت في الاتجاه المعاكس خلال عام 2025، مع خطط لمضاعفة هذه الكميات بحلول عام 2026، لتصل إلى 750 ألف طن سنويا بحلول عام 2027.

كما تعمل الشركة على تطوير خدمات النقل الداخلي في أنغولا، بما يشمل المواد الغذائية ومواد البناء، إلى جانب التخطيط لإطلاق خدمات نقل الركاب بالتنسيق مع شركة السكك الحديدية الأنغولية.

تحديات لوجيستية وتمويلية

رغم استمرار حركة القطارات بين ديلولو وكولويزي، فإن بعض أجزاء الممر داخل الكونغو الديمقراطية لا تزال بحاجة إلى تأهيل شامل.

وقد موّلت شركة “ترافيغورا” بالفعل نحو 100 مليون دولار أميركي لدعم شركة السكك الحديدية الكونغولية، حيث تجري أعمال ترميم للسكك والمحطات منذ أكثر من عام.

وفيما يتعلق بالتمويل، استثمر المساهمون الأوروبيون نحو 550 مليون دولار أميركي حتى الآن، وتجري مفاوضات مع بنك التنمية لجنوب أفريقيا ومؤسسة “دي إف سي” لتأمين تمويل إضافي، رغم تعقيدات الهياكل القانونية التي تطيل أمد التفاوض، خصوصا في ظل تعدد الجهات السيادية المعنية.

أنغولا 1600
خريطة أنغولا (الجزيرة)

الحياد الجيوسياسي والنمو المستقبلي

ورغم أن بعض المراقبين يرون في المشروع ردا إستراتيجيا على النفوذ الصيني في أفريقيا، يؤكد فورنييه أن الشركة تلتزم بدورها التجاري البحت، وتعمل مع جميع المناجم بغض النظر عن جنسية مالكيها.

وشدد على أن الطلب العالمي على النحاس والمعادن الحيوية سيظل ثابتا، ما يجعل نموذج الشركة قادرا على الصمود أمام التقلبات الجيوسياسية.

وتتوقع الشركة أن يتبع نمو الإيرادات وتيرة نمو حجم النقل، مع خطط لتخصيص جزء من القدرة التشغيلية لنقل الركاب بعد عام 2027.

أما التوسع خارج أنغولا والكونغو، فلا يدخل ضمن نطاق عمل الشركة حاليا.

ورغم أن بعض الابتكارات مثل إدارة الكبريت دون تلوث قد تُعتمد في موانئ أفريقية أخرى، في إطار ما يُعرف بمبادرة “الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية”، التي أطلقتها أميركا والاتحاد الأوروبي عام 2022 لمواجهة مشاريع “الحزام والطريق” الصينية.

ما الدول الأفريقية المتصدرة لسباق الطاقة النووية؟

ما الدول الأفريقية المتصدرة لسباق الطاقة النووية؟

في وقت لا تزال فيه أكثر من نصف سكان القارة الأفريقية محرومين من الكهرباء، تسعى نحو 20 دولة أفريقية إلى اعتماد الطاقة النووية، باعتبارها خيارا إستراتيجيا لتأمين احتياجاتها من الطاقة، وتقليص الانبعاثات، وتعزيز الاستدامة.

ومع ذلك، فإن التقدم الفعلي في هذا المضمار لا يزال محدودا، إذ لم تتجاوز 4 دول مرحلة الإنشاء، وتبقى جنوب أفريقيا الدولة الوحيدة التي تمتلك محطة نووية عاملة.

مصر تتقدم

تُعد مصر من أبرز الدول التي قطعت شوطا متقدما في هذا المجال، حيث تواصل العمل على مشروع محطة الضبعة النووية التي تضم 4 مفاعلات بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاواط.

تنفذ المشروع شركة “روس آتوم” الروسية بميزانية تبلغ 30 مليار دولار، منها 25 مليارا ممولة عبر قرض روسي.

وفي سنة 2025، حصل المشروع على ترخيص لإنشاء منشأة لتخزين الوقود المستهلك، ومن المتوقع تشغيل أول مفاعل بحلول سنة 2028، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

أعمال إنشائية بمحطة الضبعة النووية المصدر: حساب هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء على منصة فيس بوك الرابط: https://www.facebook.com/share/p/15sXREkLhH/
أعمال إنشائية بمحطة الضبعة النووية (حساب هيئة المحطات النووية)

غانا وكينيا ونيجيريا بمرحلة الإنشاء

إلى جانب مصر وجنوب أفريقيا، تشير تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن 3 دول أخرى تستعد لدخول مرحلة الإنشاء، وهي: غانا، وكينيا، ونيجيريا، حيث تعمل هذه الدول على التحضيرات الفنية والتعاقدية اللازمة، بانتظار اتخاذ القرار السياسي النهائي.

وفي تصريح سابق في تشرين الثاني/تشرين الثاني 2023، دعا المدير العام للوكالة رافائيل ماريانو غروسي المملكة المغربية إلى الانضمام إلى قائمة “الدول النووية” خلال السنوات المقبلة.

لكن التقرير الأخير يصنف المغرب ضمن المرحلة الأولى، وهي مرحلة الدراسات التمهيدية التي تسبق إطلاق البرنامج النووي رسميا.

دول المرحلة الأولى وما قبلها

تشمل المرحلة الأولى الدول التالية: الجزائر، ورواندا، وتونس، وإثيوبيا، والسنغال، والنيجر، والسودان، وأوغندا، وزامبيا، وهي دول بدأت بدراسة الجدوى دون اتخاذ خطوات تنفيذية بعد.

إعلان

أما المرحلة التي تسبق ذلك، والمعروفة بـ”ما قبل المرحلة الأولى”، فتضم 9 دول لم تبدأ بعد بأي خطوات عملية، وهي: بوركينا فاسو، وساحل العاج، وتوغو، وغينيا، وجيبوتي، وتنزانيا، ومدغشقر، وناميبيا، وزيمبابوي.

زخم أفريقي يجذب الشركات

لم يغب الاهتمام الأفريقي بالطاقة النووية عن أنظار الشركات العالمية الكبرى، وعلى رأسها شركة “إي دي إف” الفرنسية التي أنشأت محطة “كوبيرغ” في جنوب أفريقيا.

وكذلك شركة “كيبكو” الكورية الجنوبية، و”روس آتوم” الروسية، والمؤسسة الصينية الوطنية للطاقة النووية التي تصدرت السوق العالمية سنة 2024 بإطلاقها 7 مشاريع من أصل 9 على مستوى العالم.

وحسب تقرير “حالة الصناعة النووية العالمية” الصادر في كانون الثاني/كانون الثاني، فقد شهد العالم خلال السنوات الخمس الماضية إطلاق 40 مفاعلا نوويا، منها 26 في الصين، ومفاعل واحد في باكستان عبر شركات صينية، و13 مفاعلا نفذتها الصناعة النووية الروسية في مصر، والهند، وتركيا، وروسيا.

رسائل اقتصادية وسياسية من معرض دمشق الدولي بعد سنوات من الغياب

رسائل اقتصادية وسياسية من معرض دمشق الدولي بعد سنوات من الغياب

دمشق– بعد غياب دام 6 سنوات، شهدت العاصمة السورية دمشق عودة معرضها الدولي بنسخته الـ 62 تحت شعار “سوريا تستقبل الجميع”، بمشاركة 22 دولة عربية وأجنبية وأكثر من 800 شركة من مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية والتعليمية والصحية والتراثية.

وافتتح المعرض بحضور رسمي تقدمه الرئيس السوري أحمد الشرع، لتتحول ساحاته إلى ملتقى تجاري واستثماري واسع، يتجاوز كونه مجرد فعالية اقتصادية نحو كونه حدثًا سياسيًا واجتماعيًا يحمل دلالات أوسع.

مشاركات دولية واسعة

وبرزت مشاركة المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر والأردن والكويت إلى جانب السفارة الفلسطينية، في حين حضرت شركات ومؤسسات من دول أخرى عربية وأجنبية، لتفتح من جديد نافذة سوريا على العالم.

المشاركة الدولية في المعرض شكلت مؤشرًا على رغبة في إعادة دمج سوريا اقتصاديًا (الجزيرة)
الحضور العربي الواسع حمل رسائل سياسية عن كسر العزلة السورية الناجمة عن حقبة نظام بشار الأسد المخلوع (الجزيرة)

وأوضح مصطفى خطيب، المدير التنفيذي لقسم التسويق في مؤسسة شام للدعاية والإعلان، أن المعرض استقبل وفودًا من 22 دولة بمشاركة ما يقارب 800 شركة، في صورة تعكس الرغبة بإعادة وصل الاقتصاد السوري بمحيطه.

وأضاف أن التنظيم كان على مستوى عالٍ، حيث أسهمت الإجراءات الأمنية والتنظيمية في تسهيل حركة دخول وخروج آلاف الزوار، بينهم مؤثرون وأكاديميون عرب جاؤوا من خارج البلاد وداخلها.

شهادات زوار وتجارب مباشرة

الزائرة هدى عمار وصفت الإقبال الكبير بأنه “مفاجأة سارة وصادمة في الوقت ذاته”، مؤكدة أن حجم التنظيم والجهود المبذولة يعكسان طاقات سورية كانت غائبة لسنوات.

وقالت إن المعرض منح السوريين فرصة للشعور بالفرح، مع فعاليات متنوعة شملت مسابقات ومدينة ألعاب للأطفال، مضيفة: “اليوم أشاهد الابتسامة على وجوه الناس وهم يعيشون لحظة اقتصادية واجتماعية مختلفة”.

أما أحمد الزعيم، الذي قطع مسافة 400 كيلومتر من إدلب إلى دمشق لحضور المعرض لأول مرة، فقال إنه وجد الفعالية أكبر مما توقع من حيث التنظيم وحجم المشاركات. وأضاف أن سوريا “قادرة على استقبال الجميع”، وأن أبناءها “قادرون على البناء والخروج من الركام كما النار التي تبقى تحت الرماد”.

أبعاد اقتصادية ومعرفية

لم يقتصر الحدث على الشركات التجارية والاستثمارية فحسب، بل شهد حضورًا واسعًا للقطاعات الصناعية والزراعية والطبية والغذائية والدوائية، إلى جانب الجامعات السورية التي عرضت ابتكارات طلابها.

إعلان

كما شاركت وزارات رئيسية، بينها وزارة الاقتصاد ووزارة الطوارئ والكوارث، في خطوة تحمل رمزية مضاعفة حول دور المؤسسات الرسمية في إعادة الإعمار واستعادة الحضور السوري.

التنوع في الشركات المشاركة كشف اتساع الاهتمام بالاقتصاد السوري (الجزيرة)
التنوع في الشركات المشاركة كشف اتساع الاهتمام بالاقتصاد السوري (الجزيرة)

وقال مصطفى خطيب إن مشاركة القطاعين العام والخاص مع مستثمرين من مختلف الدول يعكس صورة عن بداية عودة النشاط الاقتصادي إلى البلاد بعد 14 عامًا من الحرب. وأكد أن المعرض وفر منصة لتلاقي القطاعات الاقتصادية التقليدية مع مجالات حديثة كالذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الصناعية.

رمزية سياسية واجتماعية

حمل المعرض في طياته رسائل سياسية عن انفتاح سوريا بعد سنوات من الحرب والعزلة. مشاركة دول عربية بارزة، إلى جانب شركات سورية، عكست استعدادًا تدريجيًا لعودة سوريا إلى المشهد الإقليمي والدولي.

وتميّز جناح وزارة الطوارئ والكوارث بخصوصية لافتة، إذ عرض معدات استخدمت في إنقاذ المدنيين شمال البلاد خلال الحرب، وبينها سيارة دفاع مدني تعرضت للقصف المباشر. وقد تحول الجناح إلى شاهد رمزي على سنوات الحرب، لكنه وُضع هذه المرة وسط المعرض الدولي في دمشق كرسالة عن القدرة على تجاوز آثار الدمار.

رسائل أبعد من الاقتصاد

تحوّل معرض دمشق الدولي في دورته الحالية إلى أكثر من مجرد حدث اقتصادي، إذ بدا منصة للتواصل بين السوريين والعالم، وفرصة لعرض إمكانيات كامنة رغم الجراح الطويلة.

المشاركة الدولية في المعرض شكلت مؤشرًا على رغبة في إعادة دمج سوريا اقتصاديًا (الجزيرة)
المشاركة الدولية في المعرض شكلت مؤشرا على رغبة في إعادة دمج سوريا اقتصاديا (الجزيرة)

وبمشاركة 22 دولة وأكثر من 800 شركة شكّلت إشارة إلى رغبة متزايدة في إعادة وصل الاقتصاد السوري بالأسواق الإقليمية والدولية.

ومع رمزية الافتتاح الرسمي من قبل الرئيس أحمد الشرع، فإن الفعالية حملت رسالة سياسية مفادها أن سوريا تسعى للخروج من عزلتها واستعادة موقعها الاقتصادي، وسط تساؤلات حول ما إذا كان هذا الزخم يمكن أن يتحول إلى مسار مستدام لإعادة الإعمار والتنمية.