by | Sep 5, 2025 | اقتصاد
يستيقظ البريطانيون كل صباح على وقع أخبار اقتصادية سيئة غالبا، أو متضاربة أحيانا، بعدما أصبحت مصطلحات مثل “الانخفاض” و”التراجع” و”أزمة تكاليف المعيشة” ضيفا دائما على نشرات الأخبار.
أحدث التقارير في هذه السلسلة يتعلق بمبيعات التجزئة خلال النصف الأول من العام الجاري والتي صدرت بشأنها أرقام معدلة تشير إلى أنها انخفضت بمعدل أكبر مما أُعلن سابقا. هذا الخبر الذي تصدر نشرات بي بي سي هذا الصباح، كان مفاجئا لكنه ليس صادما لجمهور يتوقع الأسوأ من الأداء الاقتصادي الذي يلازم بريطانيا منذ نهاية جائحة كورونا.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية، اليوم الجمعة، إن حجم المبيعات ارتفع بنسبة 1.1% فقط في النصف الأول من العام، وهو أقل من التقدير السابق البالغ 1.7%. وجاءت المراجعة بعدما اكتشف الإحصائيون خطأ في طريقة تعديل البيانات موسمياً. وهو ما يعني أن قيمة المبيعات وحسب التقديرات المعدلة ستكون أقل بمبلغ 2.7 مليار دولار عما أُعلن سابقا.
ويلقي هذا الخطأ بظلال من الشك على أداء مكتب الإحصاءات الوطنية، الذي يعاني بالفعل، كما من شأنه أن يعمق النقاش حول طبيعة عمله، خاصة في ظل المقترحات بخفض الميزانية الفعلية له. فقد أثرت سلسلة من المشكلات بالفعل على بيانات سوق العمل والأسعار والناتج المحلي الإجمالي ومبيعات التجزئة، ما يصعّب على صانعي السياسة النقدية في بنك إنكلترا (المركزي البريطاني) والوزراء الحكوميين تكوين صورة دقيقة عن وضع الاقتصاد البريطاني.
الأرقام الجديدة تهدد بتغيير السردية التي كانت تشير إلى أن المستهلك البريطاني بدأ يخرج من فترة طويلة من الحذر الشديد الذي كبّل الاقتصاد. ونظراً لأن الاستهلاك يشكل نحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة، فإن دقة بيانات الإنفاق العائلي تعد حاسمة بالنسبة للبنك المركزي، وهو يقرر ما إذا كان سيواصل خفض أسعار الفائدة.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن مراجعات بيانات مبيعات التجزئة كان لها تأثير هامشي فقط على الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول، ما أبقى معدل النمو عند 0.7% دون تغيير فعلي. كما لن تتأثر التقديرات المقبلة للناتج المحلي لشهر تموز/ تموز بهذه التعديلات. وتُساهم مبيعات التجزئة بنحو 4.8% في الناتج المحلي الإجمالي.
واعتبر خبراء اقتصاديون أن الارتفاع الشهري في مبيعات التجزئة خلال تموز الماضي، والذي جاء أسرع من المتوقع، يمثل الخبر الإيجابي الوحيد في البيانات الصادرة حديثا.
المراجعات للفترات السابقة أظهرت أن إنفاق العائلات توسّع بوتيرة أبطأ بكثير في النصف الأول من العام مقارنةً بالتقديرات الأولية. فعلى سبيل المثال، كانت مبيعات المتاجر الكبرى مُقدَّرة في البداية بأنها ارتفعت بنسبة 5.5% في الشهر المنتهي في إبريل/ نيسان، لكن الأرقام المعدلة خفضت هذا المعدل إلى 0.7% فقط.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن حجم السلع المباعة عبر الإنترنت وفي المتاجر ارتفع بنسبة 0.6% في تموز على أساس شهري، بعد تعديل الانخفاض في مكاسب حزيران/ حزيران إلى 0.3%. وجاءت هذه الزيادة أعلى من توقعات المحللين البالغة 0.2%، وهي تمثل أول تحسن متتالٍ منذ بداية العام.
وكان إصدار بيانات مبيعات التجزئة لشهر تموز قد تأخر أسبوعين بعدما أشار مكتب الإحصاءات الوطنية إلى الحاجة لمزيد من “ضمان الجودة”. وقد شكك محللو التجزئة والاقتصاديون في دقة بيانات الإنفاق الرسمية، مشيرين إلى إخفاقات في التكيف مع التحولات الموسمية وعدم مواكبة صعود التسوق عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل “تيك توك”. وقال المكتب إنه فتح تحقيقاً بعدما أعرب اقتصاديون ومستخدمون آخرون عن قلقهم بشأن هذه البيانات.
أسعار المنازل
على صعيد آخر، كشف مصرف وجمعية إسكان “هاليفاكس” عن أرقام جديدة بشأن أسعار المنازل في بريطانيا، تشير إلى أنها ارتفعت للشهر الثالث على التوالي، مسجلة بذلك رقما قياسيا جديدا.
تتناقض هذه الأرقام مع إحصاءات نُشرت في آب/ آب وأشارت إلى أن المعروض للبيع من المنازل في بريطانيا بلغ مستوى هو الأعلى منذ 2004، وهو ما يعزز فرضية تراجع الأسعار مع عدم الإقبال على الشراء.
لكن الأرقام الجديدة الصادرة عن “هاليفاكس” تفيد بأن تراجع أسعار الفائدة وارتفاع الأجور بمعدل يزيد عن التضخم عزز القدرة الشرائية للباحثين عن منازل.
وقال التقرير الصادر عن المؤسسة، اليوم الجمعة، إن متوسط سعر المنزل ارتفع بنسبة 0.3% ليصل إلى 299.331 جنيهاً إسترلينياً (403.090 دولاراً) في آب، بعد زيادة قدرها 0.4% في الشهر السابق. وارتفعت قيمة العقارات بنسبة 2.2% مقارنة بالعام الماضي، متجاوزةً بقليل أعلى مستوى قياسي سُجّل في كانون الثاني/ كانون الثاني الماضي.
ويشير التقرير إلى أن سوق الإسكان استعاد استقراره بعد التراجع المؤقت الذي أعقب انتهاء الإعفاء الضريبي على مشتريات العقارات في إبريل، وإن الطلب مدعوم بانخفاض معدلات الرهن العقاري ونمو الأجور الذي يواصل – حتى الآن – التفوق على معدل التضخم.
كما أظهرت بيانات بنك إنكلترا (المركزي البريطاني) في وقت سابق من الأسبوع ارتفاعاً قوياً في الطلب، حيث ارتفعت موافقات الرهن العقاري في تموز إلى أعلى مستوى في ستة أشهر.
لكن ما يثقل كاهل السوق هو وفرة المعروض العقاري وتجدد التضخم الذي يضغط على ميزانيات الأسر، واحتمال فرض ميزانية خريفية جديدة تتضمن زيادات ضريبية – ربما تستهدف العقارات – لسد فجوة في خطط وزير الخزانة رايتشل ريفز.
وتتناقض بيانات “هاليفاكس” مع بيانات جمعية “نيشنوايد” التي أظهرت تراجع الأسعار بشكل مفاجئ بنسبة 0.1% الشهر الماضي، حيث اتسم مؤشرها بأداء متقلب خلال الصيف. ويستند المؤشران إلى تقييمات يجريها المقرضون لتحديد القيمة الفعلية للعقار قبل بيعه.
by | Aug 29, 2025 | اقتصاد
تجددت المخاوف في لندن من سعي الحكومة لاستهداف قطاعات مالية بضرائب جديدة ضمن سعي وزيرة المالية راشيل ريفز الدائب للعثور على موارد تمويل إضافية مع اقتراب موعد إعلان الموازنة في الخريف. القطاع الأكثر تخوفاً هذه المرة هو قطاع البنوك، الذي تراجعت أسهمه في بورصة لندن، اليوم الجمعة، إثر دعوة أحد المراكز البحثية البارزة إلى فرض ضريبة إضافية على البنوك البريطانية مقابل الأرباح التي تجنيها نتيجة لتيسيرات حكومية.
ووفقاً لمعهد أبحاث السياسات العامة (IPPR) ذي التوجه اليساري، فقد استفادت البنوك التجارية في السنوات الأخيرة من “دعم هائل” من خلال برنامج التيسير الكمي لبنك إنكلترا (البنك المركزي البريطاني)، ما أدى إلى تضخم أرباحها وارتفاع أسعار أسهمها. ورأى المعهد أنّ على ريفز النظر في استرداد الأرباح التي تحققها البنوك من أموال دافعي الضرائب على الودائع المحتفظ بها في بنك إنكلترا.
وقال المعهد في تقرير، صدر اليوم الجمعة، إنّ من شأن فرض رسم سنوي على البنوك البريطانية أن يدرّ على الخزانة مبلغ 32.3 مليار جنيه إسترليني (43.6 مليار دولار) خلال الدورة البرلمانية الحالية، ويوفر لريفز 3.6 مليارات جنيه حيزاً إضافياً يتيح لها الالتزام بقاعدتها المالية الرئيسية التي تقضي بأن تغطي الضرائب الإنفاق الجاري بحلول العام المالي 2029-2030.
تراجع أسهم البنوك البريطانية
وقد أفادت وكالة بلومبيرغ، صباح الجمعة، بأنّ أسهم البنوك البريطانية قد سجلت تراجعاً عند بداية التعاملات بسبب تلك الدعوات لفرض ضريبة استثنائية على أرباحها. وتراجعت أسهم بنك نات ويست بنسبة وصلت إلى 5.1%، وهو أكبر انخفاض لها منذ ثمانية أسابيع، فيما هبطت أسهم لويدز بنسبة 4.4%، ليكونا بذلك الأسوأ أداءً بين شركات مؤشر فوتسي 100. كما انخفضت أسهم باركليز وستاندرد تشارترد و”إتش إس بي سي” في لندن.
وتعكس هذه التحركات حجم القلق الذي يسيطر على المستثمرين في الأسابيع التي تسبق ميزانية الخريف، مع تكثف الأنباء حول الضغوط المالية التي ستفرضها الحكومة قريباً. من جانبها، حذرت البنوك البريطانية من أنّ فرض ضريبة جديدة على القطاع سيتعارض مع التزام ريفز بضمان بقاء القطاع المالي البريطاني قادراً على المنافسة دولياً.
وقالت وزارة المالية تعليقاً على تقرير معهد أبحاث السياسة العامة إنه من المهم التأكد من أنّ القطاع المالي قادر على دفع عجلة النمو.
وقال اتحاد البنوك البريطانية في بيان عبر البريد الإلكتروني إنّ “البنوك العاملة هنا تدفع بالفعل كلاً من ضريبة إضافية على الشركات وضريبة على البنوك. فرض ضريبة أخرى سيجعل المملكة المتحدة أقل قدرة على المنافسة دولياً ويتناقض مع هدف الحكومة المتمثل في دعم قطاع الخدمات المالية”.
قالت ريفز في وقت سابق إنها لا تخطط لتغيير طريقة دفع الفائدة على احتياطيات بنك إنكلترا، لكنها تواجه الآن ميزانية خريف أكثر صعوبة، حيث تقدر “بلومبيرغ” بأنّ على وزيرة المالية أن تجد نحو 30 مليار جنيه إسترليني لإعادة بناء الهامش المالي الضئيل البالغ 9.9 مليارات جنيه الذي كانت تملكه في آذار الماضي وفقاً لقاعدتها المالية.
ومنذ ذلك الحين، أدى تمرّد بعض نواب حزب العمال على خفض الإنفاق الاجتماعي إلى محو ما يقرب من 7 مليارات جنيه إسترليني، كما أضافت تكاليف الاقتراض المرتفعة خسائر بنحو 5 مليارات جنيه، بينما يُتوقع أن يخفض مكتب مسؤولية الميزانية توقعاته للنمو الاقتصادي. ويبدو أنّ الحكومة البريطانية راضية عن مسار التكهنات بشأن خططها المحتملة، التي تشير في معظمها إلى فرض ضرائب جديدة على الأثرياء، في محاولة لتهدئة الجناح اليساري في الحزب.
by | Aug 29, 2025 | اقتصاد
كشفت صحيفة التايمز البريطانية الأسبوع الماضي أنّ ستة من كل عشرة أثرياء في بريطانيا يعتقدون أنّ حياتهم ستكون أفضل خارج البلاد، محذّرة من أن الضرائب الجديدة قد تدفع بموجة رحيل المليونيرات إلى الأعلى. غير أنّ عددا من الخبراء والمؤسسات المالية في العاصمة لندن يعتبر أن هنالك تضخيما للأرقام، فيما يشير البعض إلى أن أثر هؤلاء الأثرياء في الاقتصاد المحلي يظل محدودًا، إذ يتركّز حضورهم أكثر في رفع أسعار العقارات الفاخرة لا في تعزيز الإنتاجية والقطاع الصناعي. وفي المقابل، تظلّ لندن بالنسبة لرؤوس الأموال الخليجية مركزًا راسخًا.
في السياق، يؤكد البروفيسور مايكل كيتسون، أستاذ الاقتصاد في جامعة كامبريدج، في حديث خاص مع “العربي الجديد”، أنّ مكانة لندن مركزا ماليا عالميا لا تُبنى على خيارات سكنية يتخذها عدد محدود من أصحاب الدخول المرتفعة، بل على ركائز مؤسسية واقتصادية عميقة، مثل قوة النظام القضائي في إنفاذ العقود وتوافر الكفاءات والجامعات المرموقة، إضافة إلى موقعها الجغرافي وشبكاتها الدولية.
ويرى كيتسون أنّ “التنافس على استبقاء المليونيرات لا يعود بفوائد محلية كبيرة، إذ إنّ معظم دخولهم تُولّد في الخارج وجزءا كبيرا من محافظهم يُستثمر خارجيًا، فيما يظهر أثرهم الأوضح داخليًا في رفع أسعار العقارات الفاخرة أكثر من تعزيز الإنتاجية“. وبحسب كيتسون، فإنّ أي تغييرات ضريبية قد تؤدي إلى بعض “الحركة على الهامش”، غير أنّها لن تُقوّض الأسس الجوهرية التي تقوم عليها لندن، مثل التمويل بالجملة والخدمات القانونية والمهنية وقطاع التكنولوجيا المالية الناشئ.
ويشير إلى أنّ مراكز مالية أخرى قد تستفيد جزئيًا من خروج بعض المليونيرات، إلا أنّ لندن ستظل محتفظة بمزايا هيكلية يصعب تكرارها، كالقوة في إنفاذ العقود ومرونتها في اجتذاب المواهب العالمية، إلى جانب شبكاتها المهنية الكثيفة وموقعها الفريد. ويشدّد أستاذ الاقتصاد، على أنّ ما يحسم تنافسية لندن مستقبلًا هو وجود سياسات ضريبية وتنظيمية مستقرة وقابلة للتنبؤ، مدعومة باستثمارات جدية في المهارات والبنية التحتية والابتكار.
والأهم، بحسب قوله، وضع خطة عاجلة لتوسيع المعروض من المساكن بما يحافظ على جاذبية العاصمة مدينةً قابلة للعيش بالنسبة للقوى العاملة التي يعتمد عليها القطاع المالي. ويختم بالتأكيد أنّ المستثمرين الدوليين، ومن بينهم القادمون من الخليج، لا يحددون قراراتهم بناءً على “مشاعر المليونيرات”، بل على ما إذا كانت لندن لا تزال توفر أسواقًا عميقة ويقينًا قانونيًا واستقرارًا في السياسات.
مبالغة في أرقام مغادرة أثرياء بريطانيا
هذا الطرح يضع النقاش حول مستقبل لندن في إطار أوسع من مجرّد “هجرة المليونيرات”، إذ يكشف أنّ التحدي الحقيقي لا يرتبط بخيارات الأفراد، بل بالسياسات العامة التي تعيد رسم جاذبية العاصمة. ومن هنا يبرز السؤال: كيف تتقاطع هذه التغييرات مع موقع لندن التاريخي وجهةً أساسية للاستثمارات العربية والخليجية؟
في تشرين الأول/تشرين الأول 2024، أعلنت وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز عن نهاية النظام الضريبي الخاص بـ”نون-دوم” كجزء من التحوّل إلى نظام ضريبي قائم على الإقامة، تم التشريع له في البرلمان مطلع آذار/آذار 2025، ليُطبق رسميًا اعتبارًا من 6 إبريل/نيسان 2025. هذا النظام، الذي مثّل لعقود طويلة عامل جذب رئيسيًا للأثرياء الأجانب، طوى رسميًا أكثر من قرن من الامتيازات الاستثنائية.
وترافق القرار مع طرح مقترحات لفرض ضريبة مباشرة على الثروة، في خطوة قالت الحكومة إنها تهدف إلى سد العجز وتمويل الإنفاق العام، غير أنّها في المقابل أثارت مخاوف متنامية بشأن مستقبل لندن ملاذا ماليا عالميا. رغم هذه التحولات، تظلّ لندن بالنسبة للعرب والخليجيين مركزًا محوريًا.
وبحسب ما ورد في تقرير نشر على موقع شركة “بلاك بريك” العقارية في حزيران/حزيران 2023، فإنّ الاستثمارات الشرق أوسطية لعبت دورًا أساسياً في سوق العقار اللندني. وأشار تقرير آخر لشركة “سلكت بروبرتي” في إبريل/نيسان 2024 إلى أنّ الاستثمارات الخليجية في العقارات البريطانية بلغت 3.2 مليارات دولار خلال ذلك العام، أي ما يعادل نحو ثلث مبيعات العقارات الفاخرة. كما ذكرت تقارير صحفية أنّ مستثمري قطر امتلكوا عام 2006 ما يقارب ربع حي مايفير بقيمة مليار جنيه إسترليني، ما منح المنطقة لقب “ليتل دوحة”.
وبينما تحذر دراسات بريطانية، مثل تلك المنشورة في صحيفة التايمز من أن خطة فرض “ضريبة على الثروة” قد تدفع شريحة من الأثرياء المحليين إلى الهجرة، يورد تقرير لصحيفة الغارديان نقلاً عن بيانات هيئة الضرائب والجمارك البريطانية، أن أعداد المغادرين من أصحاب الثروات تسير بوتيرة متوقعة، بل أدنى من تقديرات مكتب مراقبة الميزانية.
وأكد التقرير أنّ بعض المخاوف من نزوح واسع النطاق قد يكون مبالغًا فيها، وأنّ المصطلح الأقرب للواقع هو “تحرّك محدود” لا “خروج جماعي”. يعزّز هذا الطرح ما جاء في دراسة نشرتها شبكة العدالة الضريبية التي شددت على أنّ نسبة المليونيرات الذين غادروا بريطانيا خلال 2025 لم تتجاوز 1% من إجمالي عددهم، مؤكدة أنّ توصيف “هجرة” الذي تداوله الإعلام يفتقر إلى الدقة.
في المقابل، أكّدت شركة هينلي أند بارتنرز المتخصصة في برامج الهجرة الاستثمارية، في تقريرها الصادر في 24 حزيران/حزيران 2025 بعنوان تقرير هينلي لهجرة الثروات الخاصة 2025، أنّ بريطانيا ستسجّل خلال العام الجاري مغادرة صافية لنحو 16,500 مليونير، أي ما يعادل خروج ثروة تقارب 92 مليار دولار. ورغم انتشار هذه الأرقام على نطاق واسع في وسائل الإعلام البريطانية، إلا أنّها وُوجهت بانتقادات وتشكيك من خبراء، لا سيما في ظل غياب الشفافية الكاملة حول منهجية جمع البيانات التي اعتمدها التقرير.
وفي المقابل، برزت مؤشرات على صلابة موقع لندن المالي؛ إذ أوضحت مؤسسة ذا سيتي أوف لندن، وهي هيئة تمثل المصالح المالية والمهنية في العاصمة البريطانية في تقرير صدر في تموز/تموز 2025 أنّ لندن لا تزال تحتفظ بمركزها الأول كأهم مركز مالي في أوروبا. كما أظهر مسح أجرته شركة إرنست آند يونغ العالمية للاستشارات والخدمات المالية أنّ المملكة المتحدة حلت ثانية على مستوى أوروبا في عدد المشاريع الاستثمارية، فيما احتفظت لندن بالمركز الأول بين المدن الأوروبية في نيات الاستثمار.