by | Sep 3, 2025 | اقتصاد
يسود قلق بالغ في اليمن من اضطراب مضاعف قادم من البحر الأحمر وانعكاس ذلك على وضعية ميناء الحديدة المتردية، مع انخفاض واردات الغذاء عبر الميناء إلى مستوى متدن خطير. يتوقع برنامج الغذاء العالمي، أن تشهد اليمن أزمة غذائية حادة ابتداءً من شهر أيلول/ أيلول الحالي، مع استمرار انخفاض الواردات، الأمر الذي قد يجعل توافر الغذاء أقل من المعدل الطبيعي بحلول هذا الشهر.
وتزايد التصعيد خلال الأيام الماضية، مع بدء إسرائيل مرحلة جديدة من العمليات عنوانها الاغتيالات المباشرة، مع تنفيذ عملية كبيرة استهدفت خلالها اجتماعاً لحكومة الحوثيين غير المعترف بها، الخميس الماضي، فيما نعت رئاسة الجمهورية في صنعاء أحمد غالب الرهوي رئيس الوزراء في حكومة التغيير والبناء مع عدد من الوزراء.
وردت جماعة الحوثي التي تحكم صنعاء ومعظم محافظات شمال اليمن، الثلاثاء، تنفيذ 4 عمليات عسكرية بأربع طائرات مسيّرة ضد أهداف للاحتلال الإسرائيلي، واستهداف سفينة نفطية إسرائيلية شمالي البحر الأحمر، “وذلك انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني، ورداً على جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم التجويع التي يقترفها العدوان الإسرائيلي بحق سكان قطاع غزة” وفق تعبيرها.
هذا التصعيد حمل معه مخاوف شديدة من اتجاه اليمن نحو عتبة الجوع، مع تعطل ميناء الحديدة بسبب الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة، والقلق من استهدافه مجدداً ما يقطع الإمدادات إلى مرفق أساسي في البلاد.
يؤكد ذلك برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة الذي أشار في أحدث تقاريره إلى أن واردات الغذاء والوقود إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين سجلت انخفاضاً في الشهرين الماضيين هو الأكبر منذ بداية العام 2025. وهو الأمر الذي يؤشر إلى تضرر موانئ الحديدة بشكل كبير من الضربات الإسرائيلية التي طاولتها خلال الفترة الماضية وإعلانها فرض حصار مشدد عليها، حيث استقبلت نحو 3.7 ملايين طن متري من الوقود والمواد الغذائية خلال الفترة بين كانون الثاني/كانون الثاني وتموز/تموز 2025، بنسبة انخفاض تزيد على 22% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2024 التي شهدت دخول حوالي 4.7 ملايين طن متري، وبنحو 7% عن الفترة المقابلة من العام 2023 التي دخل فيها ما يقرب من 4 ملايين طن متري.
تجويع اليمن بعد غزة
يشير مراقبون وخبراء اقتصاد إلى أن ما تنتهجه إسرائيل في غزة من سياسة حصار وتجويع خانقة تحاول تطبيقه في اليمن بالنظر إلى تخبطها في مواجهة الضربات التي تستهدفها من قبل الحوثيين، ولجوئها إلى سياسة تستهدف المنشآت المدنية الاقتصادية العامة لتجويع اليمنيين ومضاعفة معاناتهم.
كما يحذر البرنامج الأممي من أزمة غذائية أخرى نتيجة تزايد خطر نقص الواردات من الوقود وغيره، حيث سينعكس ذلك إضافة إلى تراجع واردات الدقيق؛ في انقطاع عمليات الطحن، وارتفاع أسعار دقيق القمح. خلال ذلك تعمل صنعاء منذ فترة على تنفيذ خطة تحول في النمط الاستهلاكي من الدقيق الأبيض إلى طحين الحبوب المحلية في إطار سياسة متبعة لتقنين استيراد الدقيق الأبيض من الخارج.
ويلاحظ انخفاض كميات الدقيق الأبيض المستوردة والمتداولة في الأسواق مدفوعة بالتبعات التي طاولت ميناء الحديدة جراء العدوان الإسرائيلي الذي استهدفه عديد المرات وسبَّب تدمير أرصفة الميناء وانخفاض القدرات التشغيلية لأهم موانئ اليمن، كما تعاني الموانئ الحكومية تردياً كبيراً في قدراتها وارتفاع تكاليف الشحن من خلالها.
مساع لضمان توافر الخبز
رئيس جمعية حماية المستهلك اليمنية فضل منصور، ينوه في حديث لـ”العربي الجديد”، بأهمية التوجه نحو استخدام الدقيق أو الطحين المركب في ظل ظروف استثنائية تعيشها البلاد حالياً، فالدقيق الأبيض المستخلص بنسبة 72% لا يحتوي على أي فوائد للمستهلك، لكن مثل هذا التحول وفق منصور يتطلب في المقابل توفير الحبوب على مدار العام للأفران والمخابز.
وكانت وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء قد أعلنت منذ فترة توافقاً بين نقابة الأفران والمخابز على التنفيذ التدريجي لخطة عمل برنامج التحول في النمط الاستهلاكي للمواطنين في مناطق نفوذ سلطة صنعاء؛ من الدقيق الأبيض إلى استخدام منتجات المخبوزات لطحين القمح والحبوب المحلية المتنوعة.
يأتي ذلك، مع تزايد الطلب في مختلف مدن اليمن ومناطقه على الخبز الأسمر ومختلف الأصناف التي تحتوي على تشكيلة متنوعة من الحبوب، ومخبوزات حبوب أخرى مثل “الكدم” و”اللحوح” ومخبوزات الشعير في صنعاء، و”الكدر” نوع من المخبوزات المنتجة من الدخن والذرة الشامية في تعز ومحافظات أخرى، إذ بدأت أفران ومعامل ومشاريع غذائية تنتشر في مدن يمنية عديدة لصناعة مخبوزات ومعجنات من الحبوب المنتجة محلياً كما يلاحظ ذلك في عدن وتعز جنوب، وجنوب غربي اليمن.
في السياق، يؤكد محمد حمود الجملولي، من نقابة المخابز والأفران، في حديث لـ”العربي الجديد”، أهمية مثل هذا التوجه الذي ساهم به بوصفه نقابياً وخبيراً متخصصاً في التصنيع الغذائي ومستشاراً في وزارة الصناعة والتجارة، إذ قدم دراسة في الجدوى الاقتصادية والغذائية ضمن خطة التحول في النمط الاستهلاكي لإنتاج المخبوزات.
وجرى مؤخراً استعراض نتائج تجارب أجرتها نقابة الأفران والمخابز في استخدام طحين القمح الكامل في منتجات الخبز المتنوعة “الروتي والخبز والرشوش، وخبز “التميز” وغيرها من مخبوزات المائدة اليمنية”، وكذلك منتجات المخبوزات المتنوعة باستخدام الخلط لدقيق القمح مع الحبوب المحلية من الذرة والدخن.
ويكشف الجملولي عن تجارب ناجحة أخرى في تصنيع الحلويات بالحبوب واستغلال محاصيل المزارعين من السمسم والشوفان والشعير، وهي تجارب تشجع الأفران والمخابز على تنفيذ خطة التحول في إنتاج المخبوزات بشكل متدرج، على أن يتم توفير الإمكانيات المناسبة لتحويل المعامل إلى مصانع لدعم الاقتصاد، وتشجيع المزارعين وتحفيزهم ودعمهم.
بخصوص مشكلة شحة الإنتاج من الحبوب والتي جعلت اليمن يعتمد بشكل كلي على استيراد الدقيق، يتفق الجملولي على أن هناك تحديات وصعوبات تتعلق بالإنتاج المحلي من الحبوب الذي لا يشكل سوى 10% من الاحتياجات، لكن هناك منتج بلدي يُزرع ويُستخدم في تزايد كبير مقارنة بالدقيق الأبيض.
تغيير النمط الاستهلاكي
محمد عوفان، رئيس نقابة عمال المطاعم، رئيس مركز الشيف اليمني، يقول لـ”العربي الجديد”، إن تعرض الموانئ للعدوان الإسرائيلي، ونهج الاحتلال في استهداف هذه المرافق ضمن استراتيجية تجويع لليمنيين، وغيرها من العوامل تقتضي في الضرورة القصوى تنويع استخدامات الحبوب وتقليص الواردات، إذ إن سعر الكيلوغرام الواحد من طحين الدخن المنتج محلياً يصل إلى 300 ريال، و600 ريال سعر الكيلوغرام من الشعير.
ويشدد خبراء اقتصاد ومختصون في التصنيع الغذائي على أهمية التحول في النمط الاستهلاكي من الدقيق الأبيض إلى الحبوب المحلية من الناحية الاقتصادية، فالتحول في ثقافة الاستهلاك ونمطه في هذه الظروف الصعبة التي تتطلب تشجيع المزارعين المحليين على زراعة الحبوب وإنتاجها بمختلف أنواعها التي تشتهر بها المحافظات اليمنية، وكذلك الفائدة الاقتصادية في تخفيض فاتورة الاستيراد.
ويرى الجملولي أن نسبة كبيرة من القمح المستورد والدقيق المطحون إلى اليمن مهجنة، فيما تحمل الحبوب المنتجة محلياً قيمة غذائية عالية مقارنة بمثل هذه الأصناف المستوردة. علاوة على ذلك تبقى نسبة المخاطرة كبيرة لمحدودية توفير عوامل نجاح كافية حيث كانت هناك تجربة فاشلة في العام 2021، بعد توقف عمل اللجنة التي أُعيد تشكيلها حالياً لتنفيذ مشروع التحول الاستهلاكي بسبب عدم توفر الحبوب غير القمح لتوزيعها على الأفران والمخابز لإنتاج الخبز المركب طوال العام.
by | Sep 2, 2025 | اقتصاد
أعلنت جماعة الحوثي التي تحكم صنعاء ومعظم محافظات شمال اليمن، عن استهداف سفينة نفطية إسرائيلية شمالي البحر الأحمر، “وذلك انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني، ورداً على جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم التجويع التي يقترفها العدوان الإسرائيلي بحق سكان قطاع غزة” وفق تعبيرها.
وتأتي هذه العملية بعد فترة من التوقف عن استهداف السفن والاكتفاء بتنفيذ سياسة الحصار المتبعة منذ نحو شهر بمنع مرور السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية. ويؤكد مختصون في الملاحة أن العملية تعتبر تصعيداً نوعياً بالنظر إلى استهداف السفينة بالقرب من ميناء ينبع السعودي.
وجاء الاستهداف بعد أقل من ساعتين من تصريحات تناقلتها وسائل إعلامية تابعة للحوثيين، منسوبة لرئيس الأركان في صنعاء محمد الغماري، أشار فيها إلى أن اعتداءات إسرائيل على اليمن لن تمر دون عقاب، معلناً عن عمليات نوعية سيسمع عنها الجميع في القريب العاجل. تلا ذلك إعلان المتحدث العسكري للحوثيين، يحيي سريع، صباح الاثنين، عن تنفيذ القوات البحرية عملية عسكرية استهدفت سفينة “SCARLET RAY” النفطية الإسرائيلية شمالي البحر الأحمر، وذلك بصاروخ باليستي.
وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، إن السفينة، “سكارليت راي” ترفع العلم الليبيري، ومملوكة لشركة “إيسترن باسيفيك”، المرتبطة بإسرائيل. شركة “Eastern Pacific” هي شركة يسيطر عليها في نهاية المطاف الملياردير الإسرائيلي عيدان عوفر، وكانت مستهدفة في السابق في هجمات، وفق “أسوشييتد برس”.
الموظف السابق في الهيئة العامة للشؤون البحرية اليمنية عبد الله العزي، تحدث لـ”العربي الجديد”، وقال إن هذا الاستهداف يدل على تطور في العمليات التي تنفذها سلطة صنعاء، لأنها وقعت في مكان أقرب لميناء ينبع في السعودية الذي يبعد مسافة قد تزيد الضعف عن مواقع السفن التي كان يجري استهدافها خلال الفترة الماضية.
وأضاف أن “الهدف هي سفينة نفطية، وهذه أول مرة يجري استهداف سفينة منسوبة لإسرائيل محمّلة بالمشتقات النفطية”، مشيراً إلى أن المكان الذي جرى فيه استهداف السفينة قد يكون خطاً ملاحياً مستحدثاً لمرور مثل هذه السفن المحملة بالنفط. تجدر الإشارة إلى أن ميناء ينبع التجاري، هو ميناء سعودي يقع على الساحل الشرقي للبحر الأحمر، وعلى مسافة تبعد حوالي 460 ميلاً بحرياً جنوب قناة السويس، و168 ميلاً بحرياً شمال غرب ميناء جدة.
وفي الوقت الذي يشكل فيه هذا الحدث قلقاً مضاعفاً من زيادة اضطراب الملاحة في البحر الأحمر، فإنه لا يقل عن القلق السائد في اليمن من مضاعفات وانعكاسات على زيادة تردي الشحن التجاري ووضعية ميناء الحديدة، ومن استهداف قادم للميناء الذي تعلن إسرائيل مراراً وتكراراً خلال الفترة الماضية أنها تفرض سياسة حصار مشددة عليه.
في السياق، كان الخبير في التجارة الدولية وسلاسل الإمداد عبد الملك الحداد، قد أكد لـ”العربي الجديد”، أن مثل هذه الأحداث والعمليات تنذر بزيادة الاضطراب في حركة السفن، وتنامي حالة عدم اليقين بشأن سلامة وأمان خطوط الملاحة البحرية، بسبب الوضع غير المستقر في البحر الأحمر وباب المندب والمتوقع اضطرابه بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، بسبب الإعلان الجديد للحوثيين عن تنفيذ المرحلة الرابعة من استهداف الموانئ الإسرائيلية.
ومن المتوقع كذلك أن تؤدي التطورات الجديدة إلى بحث شركات الشحن عن مسارات أطول وحلول أكثر تكلفة لتفادي المخاطر، الأمر الذي قد يضاعف التكاليف التشغيلية ورسوم التأمين إلى مستويات قياسية. وكانت سلطة الحوثيين في صنعاء قد أعلنت في 27 تموز/ تموز الماضي 2025، عن تصعيد عملياتها العسكرية الإسنادية لغزة، والبدء في تنفيذ المرحلة الرابعة من الحصار البحري على الاحتلال الإسرائيلي.
by | Sep 2, 2025 | اقتصاد
كثفت الجهات الحكومية المختصة في عدن وتعز ومأرب وحضرموت ومدن ومحافظات يمنية أخرى، من حملات الضبط الميدانية للأسواق لضبط أسعار الغذاء، حيث تركزت منذ أيام على المطاعم والكافيهات، والأفران والمخابز التي تمتنع عن البيع بالوزن والأسعار المحددة من قبل الجهات الحكومية، ووصل الأمر إلى إغلاق أبوابها كما حصل في تعز وقبلها في عدن.
وقالت مصادر مسؤولة في وزارة الصناعة والتجارة لـ”العربي الجديد”، إن فرقها نفذت نزولاً ميدانياً إلى عدد من المطاعم والكافيهات الواقعة داخل المولات التجارية في مدينة عدن، استجابة إلى بلاغات غرفة العمليات وشكاوى المواطنين بشأن ارتفاع الأسعار، إلى جانب تنفيذ حملة ميدانية على السوق المركزي للخضار في عدن لفحص أوزان سلال الخضار والتأكد من أوزانها وقيمتها بحسب الأسعار المحددة، حيث تم إغلاق السوق المركزي حتى يلتزم بالقوانين والأوزان والأسعار المحددة.
وتم ضبط منتجات فاسدة بسبب سوء التخزين ومنتجات غير صالحة للاستخدام بسبب انتفاخها، وكذا ضبط سلع غذائية مخالفة للتسعيرة، وتم تحرير محاضر للمخالفين وإحالتهم إلى نيابة الصناعة والتجارة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. وفيما صدر تعميم عن وزارة الصناعة والتجارة بتحديد تسعيرة الوجبات الأساسية للمطاعم السياحية، يؤكد مواطنون أن جميع هذه القطاعات العاملة في تقديم الوجبات لا تزال تعتمد التسعيرة السابقة في بيع الوجبات بمختلف أنواعها، حيث تمتنع عن تطبيق التسعيرة الحكومية التي تأتي وفق الجهات المختصة، بالتزامن مع تحسن سعر صرف العملة المحلية، حيث وصل سعر الصرف إلى أقل من 1500 ريال يمني للدولار، وإلى أقل من 300 مقابل الريال السعودي.
ويؤكد المحلل الاقتصادي في عدن رضوان فارع، لـ”العربي الجديد”، أن هناك تحسناً في أسعار الوجبات في المطاعم الشعبية، في حين ترفض المطاعم الكبيرة والسياحية والكافيهات تصحيح الأسعار وإعادة ضبطها وفق تحسن قيمة العملة، أما السلع الغذائية فهناك تحسن كبير في أسعارها، وكذلك الخضروات والفواكه.
يضيف: “كان التجاوب بطيئاً في الأسواق في بداية فترة تحسن قيمة الريال اليمني، إذ كان مفاجئاً للجميع دون أي مقدمات، باستثناء إصلاحات من البنك المركزي، والحكومة اليمنية بقيادة رئيس الوزراء سالم بن بريك”. وكان مكتب وزارة الصناعة والتجارة في عدن قد حذر من أي تلاعب أو تجاوز في أسعار البيض بالأسواق المحلية، مؤكداً أن المخالفين سيُحالون إلى النيابة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
من جانبه، يتحدث الناشط الاجتماعي وضاح الأحمدي، لـ”العربي الجديد”، عن وجود تحسن ملموس في كافة المواد الغذائية والاستهلاكية الأساسية والثانوية، بعد الإجراءات الحكومية الأخيرة الداعمة للعملة الوطنية، مشيراً إلى أن المطاعم والكافيهات تفاعلت مع حملة التخفيض وعلقت على أبوابها ملصقات بأسعار كافة أنواع الأطعمة والمشروبات بسعرها الجديد.
ويتابع أنه تبقى بعض المواد الاستهلاكية التي لم تشهد انخفاضاً يلبي الطموح الشعبي، مثل الغاز المنزلي والأدوية والمستلزمات الطبية، لذا على الجهات الرسمية القيام بدورها المأمول إزاء هذه الجهات وإجبارها على التخفيض وفقاً لما هو سائد في السوق المحلية.
في تعز، لوح مكتب الصناعة والتجارة والسلطة المحلية بإجراءات حازمة ورادعة لأي مخالف للتسعيرة المخفضة والحقيقية الموازية لسعر الصرف، وإحالة أي موظف مقصر في أداء واجبه للتحقيق والرفع بتقارير يومية لتقييم الأداء ومعالجة الصعوبات.
كما نفذت الجهات المعنية في تعز حملات ميدانية استهدفت عدداً من المخابز والمطاعم، حيث أكدت قيامها بضبط نحو ثماني مخالفات متنوعة بين نقص في أوزان أقراص الروتي والرغيف وعدم إشهار الأسعار.
by | Aug 29, 2025 | اقتصاد
حذر رئيس غرفة عدن التجارية والصناعية، نائب رئيس الاتحاد العام اليمني للغرف التجارية والصناعية أبوبكر باعبيد، في مقابلة مع “العربي الجديد”، من الفجوة في سلاسل الإمداد، بين المتوفر حالياً من المخزون السلعي والذي بدأ ينفد وبين المستورد.
وقال باعبيد، وهو عضو اللجنة الوطنية العليا لتنظيم وتمويل الاستيراد، إن المرحلة الأولى من الطلبات التي أجازتها اللجنة قليلة جداً بحوالي 36.6 مليون دولار، وهذا لا يساوي شيئاً مقارنة بالاحتياجات والمتوفر من المخزون الاستراتيجي، مشيراً إلى أن أسباب الغلاء ترجع لانهيار العملة وفقدان السيطرة على سوق الصرف وعقبات الاستيراد والرسوم المتعددة. كما تحدث عن المضايقات التي يتعرض لها القطاع الخاص وتجار الحروب. وفيما يلي نص الحوار:
– كيف تنظرون للقرارات المتتالية الصادرة عن البنك المركزي والحكومة المتعلقة بتنظيم وتمويل الاستيراد؟ وهل يتم التشاور معكم حول ما يصدر من قرارات؟
رغم ما نمر به من ظروف استثنائية، ننظر إليها بإيجابية، وخاصة ما يتعلق بقرار تشكيل لجنة خاصة بتنظيم وتمويل الاستيراد، صحيح أن هذا القرار تأخر كثيراً لكنه جاء، وأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي.
اللجنة يفترض أن تكون خطوة مهمة لتصحيح الوضع المالي والنقدي وإنقاذ العملة من الانهيار، وتحدد الاستيراد بشكل منظم، وتتابع حركة الأموال المتداولة، وأنا عضو فيها ممثلاً للقطاع الخاص، حيث عقدنا عديد الاجتماعات، والأمور تمضي حتى الآن بشكل مناسب.
آخر قرار تم اتخاذه من اللجنة مهم للغاية، حيث تمت الموافقة على 91 طلب استيراد بقيمة تصل إلى نحو 39.6 مليون دولار، والتي ستتم عبر 15 بنكاً وثلاث شركات صرافة، ضمن الآلية الجديدة الملزمة باستيراد السلع عبر النظام البنكي المعتمد.
أما بالنسبة للتشاور معنا من قبل الحكومة فهو ضعيف جداً، لكن بعدما تشكلت اللجنة وتم تمثيل القطاع الخاص فيها أصبح هناك نوع من تواصل، وينبغي في هذا السياق أن يكون هناك تشاور وتنسيق مع القطاع الخاص خلال الفترة القادمة.
– هل ترون أنكم بصفتكم قطاعاً خاصاً تتعرضون لابتزاز ومضايقات بسبب الحملات الأمنية التي تم تنفيذها في عدن ومدن أخرى لضبط أسعار السلع بالقوة مع تحسن سعر صرف العملة المحلية؟
نعم تعرض القطاع الخاص لمضايقات شديدة، وهذا يرجع إلى ضعف وقلة توعية لدى المعنيين المكلفين بمراقبة الأسواق والأسعار، لكننا فوجئنا في القطاع الخاص بهذه الحملات والمضايقات وما رافقها من تصرفات غير لائقة في التعامل.
القطاع الخاص تحمل على عاتقه مهام جسيمة خلال فترات صعبة، ولم يكن للحكومة أي وجود حقيقي، واجهنا تحديات وصعوبات وما زلنا نقاوم للقيام بمهامنا ومسؤولياتنا تجاه البلاد والمواطنين وتوفير احتياجات الأسوق، إضافة إلى القيام بأعمال إغاثية وغيرها بالنظر إلى الفراغ الذي وجدنا أنفسنا نعمل فيه خلال فترات عديدة سابقة.
– ماذا عن حال الاسواق؟ وما مدى قدرة الأسواق على تلبية احتياجات المواطن؟ وماذا عن السلع التي تشهد نقصاً في الأسواق؟
الأسواق تشهد توفراً للسلع الغذائية في الوقت الراهن، لأنه لدينا مخزون سلعي، المشكلة ليست هنا بل في الفجوة المقلقة في سلاسل الإمداد، بين المتوفر حالياً والذي بدأ ينفد وبين القادم المستورد إلى الأسواق والذي يعتبر كمية قليلة جداً لا تغطي الاحتياجات، وأيضاً مستوى الطلبات للفترة القادمة.
بمعنى أكثر وضوحاً نحن نتحدث هنا عن ثلاث مراحل؛ المتوفر في الأسواق، والذي في الشحن، وفي الطلبات المقدمة للاستيراد خلال الفترة القادمة، لذا فالفجوة هنا مقلقة لأن الكمية القادمة غير كافية ولا تلبي احتياجات الأسواق.
مقابل ذلك، هناك نظام جديد متمثل باللجنة الوطنية للاستيراد المعلن عنها حديثاً، فالطلبات لا تزال في المراحل الأولى لأن هناك متغيرات حصلت، تتمثل أهمها بالتحسن الذي طرأ في سعر صرف العملة المحلية، والذي تلته عملية تقديم طلبات المصارفة للاستيراد والبت فيها، لذا فإن المرحلة الأولى من الطلبات التي أجازتها اللجنة قليلة جداً، حوالي 36 مليون دولار، وهذا المبلغ الخاص بهذه الطلبات لا يساوي شيئاً بالنسبة للاحتياجات والمخزون الاستراتيجي.
– ما أسباب قفزات الأسعار، وخاصة أن هناك من يتهم القطاع الخاص بأنه المتسبب الرئيسي بالغلاء ورفع الأسعار؟
السبب الأهم في قفزات الأسعار معروف؛ كان هناك انهيار في العملة وخرج الأمر عن سيطرة البنك المركزي الذي لم يستطع التحكم أيضاً بالعملات الصعبة، وبالمشتريات، وبسوق الصرف والتداول النقدي، إضافة إلى ذلك لم يكن هناك ضبط للاستيراد؛ لذا كانت هناك قفزات في الأسعار بسبب انهيار العملة بالدرجة الأولى.
لكن كما نلاحظ فإن القطاع الخاص هو المتهم، وهذا أمر مستغرب، بمعنى أنه كيف يمكن للتاجر أن يبيع سلعه بأسعار مرتفعة في ظروف قد تؤدي إلى كسادها وخسارته.
إلى جانب مشكلة العملة، تأتي الرسوم والجبايات، لذا يتم العمل على الحد منها للتقليل من التكاليف، إضافة إلى تكاليف التأمين على الشحن التجاري، وهي ما نسعى مع الحكومة لتخفيضها.
– هناك من يرى أن القطاع الخاص التجاري مستفيد من الوضع المضطرب في العملة المحلية وسعر الصرف حيث يتحكم جزء من القطاع الخاص بالسيولة من العملات الأجنبية، وكذلك في الاستفادة من امتيازات كبيرة في السحب من الودائع السابقة التي تم تخصيصها لتمويل الاستيراد… فما رأيكم؟
الكلام عن أن القطاع الخاص مستفيد من ذلك غير صحيح، كيف يمكن أن يستفيد القطاع الخاص والتجار من وضعية عملة مضطربة ومنهارة! فهذا اتهام مجحف بحق القطاع الخاص.
طبعاً في أوقات الحروب والصراعات هناك من يستفيد من فئة تجار الحروب، لكن التجار الذين لهم باع طويل في التجارة بالعكس لا يستفيدون بل يتضررون. لا يوجد تاجر يسعى لتوزيع بضائعه بأسعار مرتفعة وحال القوة الشرائية ضعيف والوضع المعيشي للمواطن مترد، فمن يشتري منه في هذه الحالة؟
لذا، فنحن مع الإصلاحات الاقتصادية والنقدية والمصرفية ومع أي جهود لاستقرار سعر صرف العملة المحلية، وأن يكون سعراً مناسباً جداً يستطيع من خلاله التجار تسويق بضائعهم وبيعها، وفي الوقت نفسه يستطيع المواطن الشراء بأسعار مناسبة له.
طبعاً عملية تمويل الاستيراد غير واضحة لنا في القطاع الخاص حتى الآن، لكن هناك حركة وجهوداً يقوم بها البنك المركزي في هذا الخصوص لتنظيم وتمويل الاستيراد.
– ما الصعوبات والتحديات التي تواجهونها جراء اضطراب الممرات الدولية التجارية وارتفاع تكاليف خطوط الشحن التجاري؟
الاضطرابات في البحر الأحمر أثرت كثيراً على القطاع الخاص وعلى سلاسل الإمداد، وتسبب ما يجري في ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، والوضع زاد اضطراباً خلال الفترة الماضية بالتحديد، بصورة تزيد الأعباء على القطاع الخاص بشكل كبير.
هناك وضع طارئ دفع التجار لاتباع الطرق المناسبة للاستيراد، تم اتباع عديد الطرق لمواجهة هذا الوضع الطارئ، منها توجه كثير من التجار للاستيراد عبر سلطنة عمان ومنافذ أخرى، وهناك عديد الواردات تصل بطرق قانونية وشرعية، لكن بكميات أقل بسبب استخدام مراكب وقوارب صغيرة بعد أن تذهب لموانئ أخرى قريبة، وتحميلها بعد ذلك في شاحنات.
طبعاً لا يشمل ذلك معظم خطوط الشحن والاستيراد التي يتم اتباعها في هذه الحالات الطارئة، لأن هناك واردات تصل بصورة مباشرة إلى الموانئ الأخرى في المناطق الحكومية، لكن بكلفة أعلى ترهق التجار والمستوردين، ونحن بصدد دراسة هذا الوضع مع المسؤولين في مؤسسة الموانئ الحكومية ووزارة النقل لإيجاد حل لهذه الإشكالية.
– هل تتجهون للتشاور مع الحكومة وتقديم رؤية للعمل المشترك في ضوء المتغيرات التي يشهدها اليمن على الصعيد المصرفي والنقدي والمالي والتجاري؟
نراقب الوضع عن كثب، فهناك إجراءات وجهود عملت الحكومة على تنفيذها خلال الأيام القليلة الماضية في جانب ضبط السوق المصرفي والنقدي، وهناك أهمية بالغة لاستقرار العملة، حيث تعتبر من الأساسيات التي يبحث عنها المستثمرون لتحديد ما لهم وما عليهم، بحيث تكون لهم القدرة على تحديد تكاليف مشاريعهم الاستثمارية والرسوم التي عليهم دفعها. الأهم إجمالاً أن العجلة بدأت بالدوران ونتمنى أن تستمر، وسنرى ما إذا كان سيتم إيقافها في مرحلة من المراحل، ففي هذه الحالة يجب استشعار ما مر به الجميع، خاصة المواطنين من معاناة بسبب كل ذلك.