تمويل ضخم للإسكان يحفز الاقتصاد الكويتي

تمويل ضخم للإسكان يحفز الاقتصاد الكويتي

ضخ الصندوق الكويتي للتنمية مبلغ 1.9 مليار دولار لدعم مشاريع الإسكان، ما دفع استراتيجية الدولة إلى تحديث القطاع العقاري وتعزيز استدامته، إذ ارتفعت مبيعات القطاع العقاري الكويتي في الربع الأول من 2025 بنسبة 45% مقارنة بالعام الماضي، وحققت صفقات الإسكان زيادة معتبرة بلغت 38.5%، ما يشير إلى حركة انتعاش قوية في السوق، بحسب تقدير نشرته منصة “تريد أرابيا”، المعنية بالشؤون التجارية في منطقة الخليج والشرق الأوسط.

ووفقاً لتحليل صدر عن المركز المالي الكويتي في آب/آب الجاري، فإن تخصيص الصندوق الكويتي لهذه السيولة للمشاريع السكنية مثل دعماً مباشراً لخطط الدولة في ظل رؤية 2035 التي تركز بقوة على تطوير البنية التحتية وتنويع الاقتصاد، وسط توقعات بنمو الناتج المحلي بنسبة 1.9% خلال 2025، متجاوزاً الانكماش الذي شهده الاقتصاد في 2024.

ويشير الخبير الاقتصادي الكويتي، محمد رمضان، لـ”العربي الجديد”، إلى أن الدعم المقدم من الصندوق الكويتي للتنمية يمثل مساراً ممتداً منذ عام 2003، إذ يساهم الصندوق في تمويل هذا القطاع من خلال أكثر من قناة. فمن جهة، يشتري السندات الصادرة عن بنك الائتمان، وهو مؤسسة حكومية تُعنى بتقديم قروض إسكانية بلا فوائد للمواطنين الراغبين في الحصول على سكن، ومن جهة أخرى يقتطع نسبة تبلغ 25% من أرباحه ليحولها إلى المؤسسة العامة للرعاية السكنية.

وبذلك يتوزع التمويل بين الديون طويلة الأجل لبنك الائتمان، والدعم المباشر لمشاريع الإسكان التي تنفذها المؤسسة العامة، كما يوضح رمضان، وعليه فإن مبلغ الدعم الأخير لمشاريع الإسكان ليس مستجداً، بل يمثل تراكمات متواصلة على مدى أكثر من عشرين عاماً.

ويقول الخبير الاقتصادي في مكتب استشارات بلندن، علي متولي، لـ”العربي الجديد”، إن كل دينار يُنفَق على بناء الوحدات السكنية يسهم في تحفيز سلسلة اقتصادية ممتدة، تشمل مقاولات البناء، وصناعة المواد الإنشائية، والخدمات اللوجستية، والتمويل العقاري، وشركات الهندسة والاستشارات.

ويشير إلى أن التجارب السابقة في دول الخليج تظهر أن الاستثمار في البنية التحتية السكنية يولد “مضاعفاً اقتصادياً” يراوح بين 1.5 و2 مرة من قيمة الإنفاق الأولي، ما يعني أن الأثر الكلي لهذا التمويل قد يتجاوز 3 مليارات دولار على النشاط الاقتصادي الكلي.

ويلفت متولي إلى أن هذه المشاريع تسهم في فتح آفاق واسعة لفرص العمل أمام الشباب الكويتي، وتقلص الفجوة بين العرض والطلب المتراكم على الوحدات السكنية.

الكويت تعتزم بناء نحو 170 ألف وحدة سكنية في 3 مدن

الكويت تعتزم بناء نحو 170 ألف وحدة سكنية في 3 مدن

قال  وزير الدولة لشؤون الإسكان في الكويت، عبد اللطيف المشاري، اليوم الأربعاء، إن بلاده تعتزم بناء نحو 170 ألف وحدة سكنية في ثلاث مدن جديدة خلال 10 سنوات. جاء ذلك في تصريحات أدلى بها لصحافيين على هامش المؤتمر الإسكاني الخليجي الثاني المنعقد في الكويت حالياً. وهذه المدن هي الصابرية التي تقع في شمال البلاد وتبعد 60 كيلومتراً عن مركز مدينة الكويت، وتستوعب أكثر من خمسين ألف وحدة سكنية، ونواف الأحمد التي تقع في الجهة الغربية من مدينة الكويت على بعد 110 كيلومترات وتستوعب عدداً مماثلاً من الوحدات السكنية

أما المدينة الثالثة فهي مدينة الخيران السكنية التي تقع جنوب الكويت، وعلى بعد نحو ثمانين كيلومتراً عن العاصمة وتستوعب نحو ستين ألف وحدة سكنية. وقال المشاري وفقاً لوكالة رويترز: “استلمنا عروض التصميم للثلاث مدن، وهي تحت الدراسة الحين (الآن)، وخلال شهرين ستجري الترسية على المصممين لهذه المدن”. وأشار إلى أن تكلفة بناء هذه المدن “ستعتمد على الدراسات”، وأن العدد الإجمالي للوحدات السكنية قد يتغير بناء على الدراسات أيضاً. 

وتكافح الكويت الغنية بالنفط، وعضو منظمة أوبك، من أجل توفير الرعاية السكنية لمواطنيها البالغ عددهم نحو 1.5 مليون نسمة، وسط تراكم الطلبات لدى المؤسسة العامة للرعاية السكنية حتى باتت الأسرة الكويتية تضطر للانتظار أحياناً أكثر من 17 عاماً للحصول على مسكن. والحكومة ملزمة بتوفير الرعاية السكنية لجميع الأسر، مما يحملها أعباء مالية ضخمة، في ظل المواصفات باهظة التكلفة للوحدات التي يقبل المواطنون بالانتقال للعيش الدائم بها. 

وبحسب توضيح المتحدث الرسمي باسم المؤسسة محمد الرويح في تصريحات سابقة لـ”العربي الجديد”، فإن المؤسسة توفر احتياجات المواطنين من السكن عبر ثلاثة أشكال، الأول القسائم، وتشمل تخصيص قطعة أرض بمشروع إسكاني لا تقل عن 400 متر مربع، وتتوفر فيها جميع مقومات البنية التحتية مع قرض من بنك الائتمان الكويتي ليبني المواطن منزله، والثاني بيوت تبنيها المؤسسة وتسلم جاهزة لصاحب الطلب، والشكل الثالث شقق سكنية داخل مبان أنشأتها المؤسسة. وسجلت الكويت في عام 2024 نمواً بنسبة 34% في قيمة الصفقات العقارية مقارنة بالعام السابق، نتيجة لعوامل متعددة منها ارتفاع الدخل المحلي، وتسهيل إجراءات التأشيرات، وانخفاض أسعار الفائدة.

وتواجه الكويت، أيضاً أزمة حادة في الكهرباء نتيجة النمو السكاني السريع، والتوسع العمراني، وارتفاع درجات الحرارة، وتأخر أعمال الصيانة في بعض المحطات، ما أجبر الحكومة منذ العام الماضي على اللجوء إلى قطع الكهرباء في بعض المناطق، وفق جداول زمنية محددة، والإعلان مؤخراً عن دعوة شركات وتحالفات دولية وإقليمية لتقديم عطاءات لتنفيذ مشروعات لإنشاء محطات لتوليد الكهرباء لتغطية الحجز الحالي وتلبية المتطلبات المستقبلية.

وقالت أسماء الموسى، المديرة العامة لهيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص بالتكليف، لوكالة رويترز في أيار/ أيار الماضي، إن مشروعات الطاقة التي تطرحها الهيئة سوف تساهم في إنهاء أزمة الطاقة بالبلاد، مشيرة إلى أن هيئة الشراكة تعمل على دراسة وطرح مشروعات عدة من شأنها “رفع العبء المالي عن ميزانية الدولة، لأن تكلفة هذه المشاريع سوف يتحملها القطاع الخاص”.

(رويترز، العربي الجديد)

الكويت تطلب عروضاً لتنفيذ مشروع محطة الخيران لتوليد لكهرباء وتحلية المياه

الكويت تطلب عروضاً لتنفيذ مشروع محطة الخيران لتوليد لكهرباء وتحلية المياه

دعت هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في الكويت ائتلافات دولية مؤهلة مسبقًا لتقديم عطاءاتها والمشاركة في المزايدة المتعلقة بتنفيذ مشروع محطة الخيران لتوليد الكهرباء وتحلية المياه – المرحلة الأولى، الذي سيضيف ما لا يقل عن 1.8 جيغاواط من الكهرباء و125 مليون غالون من المياه يوميًا، بحسب وكالة “رويترز”.

وتواجه الكويت، العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وأحد كبار منتجي النفط، أزمة حادة في الكهرباء نتيجة النمو السكاني السريع والتوسع العمراني وارتفاع درجات الحرارة، إلى جانب تأخر أعمال الصيانة في بعض المحطات. وقد أجبرت هذه الظروف الحكومة منذ العام الماضي على اللجوء إلى قطع الكهرباء في بعض المناطق وفق جداول زمنية محددة.

وقالت الهيئة إن المشروع سيُطوَّر وفق نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ويتعلق بتمويل وتصميم وبناء وتشغيل وصيانة ونقل المحطة التي ستُقام على بُعد 100 كيلومتر جنوب مدينة الكويت على ساحل الخليج، وذلك في إطار خطط الحكومة لزيادة قدرة إنتاج الكهرباء والمياه، بحسب الإعلان المنشور في صحيفة الرأي أمس الأحد.

ووجّهت الهيئة دعوة إلى ثلاثة ائتلافات لتقديم عطاءاتها، الأول تقوده شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة)، الثاني تقوده شركة أكوا باور السعودية، أما الثالث فتقوده شركة تشاينا باور إنترناشونال هولدينغ. كما دُعيت شركتا نبراس للطاقة وسوميتومو كوربوريشن للمشاركة. وأوضحت الهيئة أن الفائز سيؤسس شركة المشروع التي ستوقّع عقدًا مدته 25 عامًا لبيع الكهرباء والمياه لوزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة.

ويقوم نظام الشراكة على تأسيس شركات مساهمة عامة تضطلع بتنفيذ المشروعات، بينما يديرها شريك استراتيجي مع بيع السلع والخدمات المنتجة للدولة. وينص القانون على أن 50% من أسهم هذه الشركات يُخصص للمواطنين الكويتيين، بينما تُخصص نسبة تتراوح بين 26% و44% لمستثمر استراتيجي قد يكون كويتيًا أو أجنبيًا أو تحالفًا بين عدة مستثمرين، على أن تملك الحكومة النسبة الباقية.

وكانت الهيئة قد وقّعت وثيقة التزام لتنفيذ مشروع محطة الزور الشمالية لتوليد الطاقة – المرحلتين الثانية والثالثة مع تحالف يضم شركة أكوا باور السعودية ومؤسسة الخليج للاستثمار في آب/آب الماضي، بتكلفة تتجاوز مليار دينار كويتي (3.27 مليارات دولار)، وبدعم تمويلي من بنوك محلية وعالمية. وقد شكّلت مراسم التوقيع حينها انطلاقة لواحد من أكبر مشروعات الكهرباء في الدولة الخليجية التي تسعى إلى معالجة النقص الحاد في الكهرباء.

وكانت أسماء الموسى، المديرة العامة لهيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص بالتكليف، قد قالت لـ”رويترز”، في أيار/أيار، إن مشروعات الطاقة التي تطرحها الهيئة سوف تساهم في إنهاء أزمة الطاقة في البلاد، مشيرة إلى أن الهيئة تعمل على دراسة وطرح عدة مشروعات من شأنها رفع العبء المالي عن ميزانية الدولة، إذ سيتحمّل القطاع الخاص تكلفة هذه المشاريع.

وتعاني الكويت منذ سنوات من تحديات متصاعدة في مجال الطاقة والمياه، إذ تعتمد بشكل شبه كامل على النفط مصدرًا رئيسيًا لتوليد الكهرباء، وهو ما جعل المنظومة عرضة للضغط في ظل الارتفاع المستمر في الاستهلاك. فمع النمو السكاني المتسارع والتوسع العمراني الكبير والتطور الصناعي، تزايد الطلب على الكهرباء والمياه بشكل غير مسبوق. وقد تفاقمت الأزمة خلال الأعوام الأخيرة نتيجة تأخر خطط الصيانة والتوسعة، فضلًا عن ارتفاع درجات الحرارة التي تزيد من استهلاك أجهزة التكييف، ما يشكّل نحو 70% من الحمل الكهربائي في فصل الصيف.

في المقابل، تتبنى الكويت منذ مطلع الألفية الثالثة سياسة الانفتاح على نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) وسيلةً لتطوير البنية التحتية الحيوية، مع تقليل العبء المالي عن كاهل الدولة التي تعتمد ميزانيتها بدرجة كبيرة على إيرادات النفط. وقد شهد هذا النموذج تطبيقات في مجالات عدة، من أبرزها مشروعات الكهرباء والمياه، لا سيما محطة الزور الشمالية التي عُدت أول مشروع مستقل لإنتاج الطاقة والمياه في الكويت. نجاح هذه التجربة فتح الباب أمام مشاريع أخرى، مثل مشروع الخيران الذي يُنتظر أن يخفّف الضغط عن الشبكة الكهربائية والمائية ويمنح الدولة مرونة أكبر في مواجهة ذروة الطلب.

كما أن دخول شركات إقليمية وعالمية كبرى، مثل أكوا باور السعودية وطاقة الإماراتية وتشاينا باور، يعكس التنافس الدولي على الاستثمار في قطاع الطاقة الكويتي، ويدل على ثقة المستثمرين بالبيئة التشريعية لنظام الشراكة في الكويت، رغم التحديات البيروقراطية والتنظيمية التي أُثيرت في مراحل سابقة.

ويمثّل مشروع محطة الخيران لتوليد الكهرباء وتحلية المياه خطوة استراتيجية ضمن جهود الكويت لتأمين احتياجاتها المتنامية من الطاقة والمياه، وتجاوز الأزمة التي أجبرتها مؤخرًا على اللجوء إلى تقنين التيار. كما يعكس المشروع توجهًا متزايدًا نحو تعزيز دور القطاع الخاص والاستفادة من خبرات الشركات العالمية في تطوير البنية التحتية الحيوية. لكن نجاح هذا المشروع وغيره من المشاريع المستقبلية لن يقاس فقط بقدرته على إضافة طاقة إنتاجية جديدة، بل أيضًا بمدى استدامة النموذج المالي والتشغيلي، وقدرته على مواكبة الطلب المتزايد والتغيرات المناخية والاقتصادية. وفي ظل الاعتماد الكبير على النفط وتذبذب أسعاره، يظل تطوير مصادر طاقة بديلة ومتجددة أحد الخيارات التي لا مفر منها على المدى الطويل لضمان أمن الطاقة في الكويت.

(رويترز، العربي الجديد)