جثة شوهدت في مشرحة سرية يمكن أن تحل لغز اختفاء زعيم ديني

جثة شوهدت في مشرحة سرية يمكن أن تحل لغز اختفاء زعيم ديني

تحذير: يحتوي هذا التقرير على صور قد يجدها البعض مزعجة

كان عالم حاسوب في جامعة في شمال إنجلترا يدرس صورة لجثة – محاولاً حل لغز حيَّر الشرق الأوسط لحوالي خمسين عاماً.

سأل البروفيسور، حسن أوغيل، من جامعة برادفورد بشيء من الشك: “هل هذا شكله الآن؟”

الصورة الرقمية هي لوجه متحلل وهي على وشك أن تُعرض على خوارزمية خاصة ضمن تحقيق أجرته بي بي سي.

التُقطت الصورة الأصلية من قبل صحفي رأى الجثة في مشرحة سرية في العاصمة الليبية عام 2011. وقيل له آنذاك إنها قد تعود إلى رجل الدين ذي الشخصية الكاريزمية، موسى الصدر، الذي اختفى في ليبيا عام 1978.

ولَّد اختفاء الصدر سيلاً لا ينضَب من نظريات المؤامرة. من الناس مَن يعتقد أنه قُتل، بينما يزعم آخرون أنه لا يزال حيّاً و محتجزاً في مكان ما في ليبيا.

وبالنسبة لأتباعه المتحمسين، فإن اختفاءه يثير القدر ذاته من الغموض الذي أحاط بمقتل الرئيس الأمريكي جون كينيدي عام 1963. ولشدة حساسية هذا التحقيق المطوّل، وجدت نفسي أنا وفريقي في الخدمة العالمية في بي بي سي محتجزين لعدة أيام في ليبيا.

تتأجج المشاعر لأن الصدر شخصية مُبجّلة عند أتباعه – سواء لسمعته السياسية كمدافع عن مسلمي لبنان الشيعة المهمَّشين آنذاك، أو بوصفه زعيماً دينياً في الإطار الأشمل.

منحه أتباعه لقب “إمام” وهو تكريم غير اعتيادي لرجل دين شيعي وهو على قيد الحياة، أُسبِغ عليه عرفاناً لعمله من أجل الطائفة الشيعيّة.

إن اختفاءه الغامض أضاف إلى قوته المعنويّة لأنه يذكّر بمصير “الإمام الثاني عشر الغائب”، الذي يعتقد أكبر فروع الشيعة، المعروفون بـ “الاثني عشرية”، أنه لم يمت وسيعود في آخر الزمان ليُحِلَّ العدلَ في الأرض.

لقد بدَّل اختفاء الصدر ربما مصير أكثر مناطق العالم اضطراباً دينياً وسياسياً وعرقياً: الشرق الأوسط. فالبعض يعتقد أن رجل الدين الإيراني – اللبناني كان على وشك أن يستخدم نفوذه لدفع إيران – وبالتالي المنطقة – نحو اتجاه أكثر اعتدالاً عندما اختفى على أعتاب الثورة الإيرانية.

لذلك، يتوقّف الكثير على جهود التعرف التي قامت بها جامعة برادفورد. فقد قال الصحفي الذي التقط الصورة إن الجثة طويلة القامة على نحو غير عادي – وكان الصدر معروفاً بطول القامة التي بلغت 1.98 متر (6 أقدام و5 بوصات). لكن الوجه بالكاد احتفظ بملامح تسمح بالتعرّف عليها.

هل يمكننا أخيراً حل اللغز؟

موسى الصدر: ما الذي يجعل من قضيته ملفاً لا يغلق؟

صورة بالأبيض والأسود لموسى الصدر
الصدر شخصيةٌ مُبجلة لدى المسلمين الشيعة

أنا من قرية “اليمّونة”، في أعالي جبال لبنان، حيث تُروى قصص منذ زمن بعيد عن شتاء 1968 القاسي، حين دمر البلدةَ انهيار ثلجي، فجاء موسى الصدر مجتازاً الثلوج العميقة لنجدتها.

الانبهار الذي يروي به القرويون تلك القصة اليوم، يعكس مقدار الصبغة الأسطورية التي اكتسبها. قال لي أحدهم وهو يسترجع ذكرياته عندما كان في الرابعة من عمره: “كان الأمر أشبه بالحلم … سار فوق الثلج، وتبعه جميع القرويين … وسرت أنا في الأثر فقط لألمس عباءة الإمام”.

فيما مضى من عام 1968، لم يكن الصدر معروفاً كثيراً في قرية معزولة مثل اليمّونة، لكنه كان بدأ يكتسب شيئاً فشيئاً سمعة وطنية. ومع نهاية ذلك العقد، أصبح شخصية بارزة في لبنان، معروفاً بدعوته إلى الحوار بين الأديان وإلى الوحدة الوطنية.

وانعكست مكانته في اللقب الفخري “إمام” الذي أسبغه عليه أتباعه. وفي عام 1974 أطلق الصدر “حركة المحرومين”، كمنظمة اجتماعية وسياسية طالبت بالتمثيل النسبي للشيعة والتحرر الاجتماعي والاقتصادي للفقراء بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينيّة. وكان مصمماً على تجنب الطائفية إلى حد أنه ألقى خطباً حتى في الكنائس.

الصدر مع شخص يبدو أنه ينحني ليقبل يديه
كان الصدر يحظى بجاذبيته لدى أصحاب العديد من الأديان

في 25 آب/آب 1978، سافر الصدر إلى ليبيا بدعوة من زعيمها آنذاك العقيد معمر القذافي.

قبل ذلك بثلاث سنوات، اندلعت في لبنان حرب أهلية. شارك المقاتلون الفلسطينيون في النزاع الطائفي، خصوصاً أن كثيرين منهم كانوا يتمركزون في جنوب لبنان حيث يقطن معظم أتباع الصدر. وبدأ الفلسطينيون يتبادلون النيران مع إسرائيل عبر الحدود، فأراد الصدر من القذافي الذي كان يدعم الفلسطينيين، أن يتدخل لحماية المدنيين اللبنانيين.

وفي 31 آب/آب، وبعد انتظارٍ دام ستة أيام للقاء القذافي، شوهد الصدر وهو يُقاد بعيداً عن فندق في طرابلس في سيارة حكومية ليبية. واختفى أثره بعد ذلك.

زعمت أجهزة أمن القذافي لاحقاً أنه غادر إلى روما، لكن التحقيقات أثبتت زيف ذلك.

ولم يكن ممكناً وجود صحافة مستقلة في ليبيا زمن القذافي. لكن في 2011، حين ثار الليبيون ضده أثناء الربيع العربي، فُتحت كوّة صغيرة لتبيان الحقيقة.

قاسم حمد
في عام 2011، ذهب الصحفي قاسم حمد إلى ليبيا حيث تلقى معلومة سرية عن الصدر

كانت هناك سبع عشرة جثة محفوظة في غرفة التبريد التي أُدخل إليها – إحداها لطفل، والبقية لرجال بالغين. قيل لقاسم إن الجثث محفوظة منذ نحو ثلاثة عقود – وهو ما يتوافق مع الخط الزمني الذي يخص الصدر. جثّة واحدة منها فقط تشبه الصدر.

قال قاسم: “ذلك الدرج الواحد، (موظف المشرحة يفتحه)، يكشف الجثة، ولفت انتباهي أمران فوراً”.

أولاً، قال قاسم، شكل وجه الجثة ولون البشرة والشعر ما زال يشبه الصدر رغم مرور الزمن. وثانياً، أضاف، إن الشخص بدا أنه أُعدم.

على الأقل كان ذلك استنتاج قاسم، استناداً إلى الجمجمة. وبدت وكأنها تعرضت إما لضربة قوية على الجبهة أو لطلقة فوق العين اليسرى.

لكن كيف يمكن أن نعرف يقيناً أن هذه الجثة للصدر؟

حركة أمل اللبنانية منذ موسى الصدر وحركة المحرومين حتى نبيه بري

عامل في المشرحة (في الصورة) يظهر الجثة لقاسم حمد
أظهر عامل في المشرحة (في الصورة) الجثة لقاسم حمد

لذا أخذنا الصورة، التي التقطها قاسم في المشرحة، إلى فريق في جامعة برادفورد كان يطور منذ 20 عاماً خوارزمية فريدة تُدعى “التعرف العميق على الوجه”، وهي تميّز أوجه تشابه معقدة بين الصور، وأُثبت أنها موثوقة للغاية في الاختبارات حتى على الصور غير المثالية.

وافق البروفيسور أوغيل، الذي يقود الفريق، على مقارنة صورة المشرحة بأربع صور للصدر في مراحل مختلفة من حياته، ثم تمنح البرمجية صورة المشرحة تقييماً عاماً على 100، وكلما ارتفع الرقم زادت احتمالية أن يكون الشخص هو نفسه، أو أحد أقاربه.

وإذا جاءت النتيجة دون الخمسين يُرجّح أن يكون الشخص غير ذي صلة بالصدر. أما بين 60 و70 نقطة فيعني أنه هو أو قريب له. أمّا إذا بلغت 70 نقطة أو أكثر فهذا يُعتبر تطابقاً مباشراً.

الصورة حصلت على نتيجة في الستينيات – “احتمال مرتفع” – أن تكون للصدر، بحسب ما قال البروفيسور أوغيل.

وللتأكد من النتيجة، استخدم الأستاذ الخوارزميّة ذاتها لمقارنة الصورة مع ستة من أفراد عائلة الصدر، ثم مع 100 صورة عشوائية لرجال من الشرق الأوسط على درجات متفاوتة من الشّبه به.

صورة الجثة في المشرحة (يسار) وصور أفراد عائلة الصدر ورجال عشوائيين لا علاقة لهم بالصدر
قورنت صورة الجثة في المشرحة بصور عائلة الصدر، وصور أخرى لرجال عشوائيين لا علاقة لهم بالصدر

حصلت صور العائلة على نتائج أفضل بكثير من الصور العشوائية، لكن أفضل نتيجة بقيت المقارنة بين صورة المشرحة وصور الصدر في حياته.

وأظهرت النتيجة أن هناك احتمالاً قوياً أن قاسم قد رأى جثة الصدر. والحقيقة أن الجمجمة وُجدت متضررة، ما يوحي، على الأرجح، بأن الصدر قُتل.

في آذار/آذار 2023، بعد أربع سنوات تقريباً من عثوري على صورة قاسم لأول مرة، تمكنا من السفر إلى ليبيا للحديث مع شهود محتملين وللبحث عن الجثة بأنفسنا. كنا نعرف دائماً أن القصة حساسة، لكننا فوجئنا برد الفعل الليبي.

قاسم (يمين) يتحدث مع محمد (يسار)
يحاول قاسم (يمين) تذكر موقع المشرحة السرية بينما يتجول في شوارع طرابلس ويتحدث مع محمد (يسار)

في اليوم الثاني من مهمتنا في طرابلس، كنا نبحث عن المشرحة السرية. قاسم، الذي رافق فريق بي بي سي، لم يتذكر اسم المنطقة التي زارها عام 2011، سوى أنها كانت قرب مستشفى.

قيل لنا إن هناك مستشفى على مسافة قريبة، فاتجهنا إليه.

فجأة قال قاسم: “هذا هو المكان. أنا متأكد. هذا هو المبنى الذي ضمَّ المشرحة”.

كان مظهر المبنى الخارجي آخر ما استطعنا تصويره. طلبنا إذناً للتصوير داخله، لكن تصاريحنا أُلغيت. وفي اليوم التالي، قبضت علينا مجموعة رجال مجهولين، اتضح لاحقاً أنهم من جهاز المخابرات الليبية، من دون أي تفسير.

أُخذنا إلى سجن تديره المخابرات الليبية، حيث احتُجزنا في الحبس الانفرادي، واتُّهمنا بالتجسس. عُصِبت أعيننا، واستُجوبنا مراراً، وقيل لنا إنه لا أحد يمكنه مساعدتنا. قال لنا خاطفونا إننا سنبقى هناك لعقود.

قضينا ستة أيام صعبة في الاحتجاز. وأخيراً، بعد ضغوط من بي بي سي والحكومة البريطانية، أُفرج عنا ورُحّلنا.

كان مؤلماً أن نشعر بأننا أصبحنا جزءاً من القصة. فما زالت ليبيا منقسمة بين إدارتين متنافستين وميليشيات متصارعة، وأوضح لنا موظفو السجن أن المخابرات الليبية تُدار من قبل موالين سابقين للقذافي، ممن لا يرغبون في أن تحقق بي بي سي في اختفاء الصدر.

احتجاج خلال الثورة الإيرانية في أيلول/أيلول 1978
احتجاج خلال الثورة الإيرانية في أيلول/أيلول 1978، بعد أيام قليلة من اختفاء الصدر. يعتقد محللون أن الصدر كان بإمكانه تغيير مسار الثورة

لطالما اعتقد بعض الناس أن الصدر قُتل.

الدكتور حسين كنعان، الأكاديمي اللبناني السابق الذي كان يعمل في الولايات المتحدة، قال إنه زار وزارة الخارجية الأمريكية في الأسبوع الذي اختفى فيه الصدر عام 1978، وأُبلغ أن الوزارة تلقت تقريراً يفيد بمقتله.

هذا السرد دعمه وزير العدل الليبي الأسبق، مصطفى عبد الجليل، الذي قال لقاسم عام 2011، “في اليوم الثاني أو الثالث، زوّروا أوراقه، بأنه ذاهب إلى إيطاليا. وقتلوه داخل سجون ليبيا”.

وأضاف: “القذافي له الكلمة الأولى والأخيرة في جميع القرارات”.

فلماذا إذن قد يأمر القذافي بقتل الصدر؟

إحدى النظريات، كما يقول الخبير في الشأن الإيراني، أندرو كوبر، هي أن القذافي تأثر بالمتشددين الإيرانيين الذين أقلقهم أن الصدر على وشك أن يعطل أهدافهم للثورة الإيرانية.

كان الصدر يدعم كثيراً الثوار الإيرانيين الذين أرادوا إنهاء حكم الشاه محمد رضا بهلوي. لكن رؤيته المعتدلة لإيران اختلفت بشدة مع أفكار المتشددين الإسلاميين الذين لم يستسيغوها بل كانوا ينبذونها.

قبل أسبوع من اختفائه، وفقاً لكوبر، كتب الصدر إلى الشاه عارضاً المساعدة.

كوبر أجرى مقابلة مع برويز ثابتي، المدير السابق لجهاز مكافحة التجسس في مخابرات الشاه، وذلك في سياق بحثه لكتاب سيرة عن الشاه. وقال له ثابتي إن رسالة الصدر عرضت المساعدة في تقويض قوة المتشددين الإسلاميين عبر السعي لإدخال إصلاحات سياسية تستميل العناصر الأكثر اعتدالاً في المعارضة.

ويؤكد سفير لبنان السابق لدى إيران، خليل الخليل، وجود هذه الرسالة، مشيراً إلى أنه فهم أنها طلبت اجتماعاً مع الشاه كان مقرراً في 7 أيلول/أيلول 1978.

ويعتقد كوبر أن هذه المعلومات سُرّبت إلى المتشددين الإيرانيين.

نساء يحملن صوراً لموسى الصدر خلال مظاهرة في ذكرى اختفائه العام الماضي
تعتقد حركة أمل في لبنان أن الصدر لا يزال على قيد الحياة، وتنظم في معظم الأعوام مسيرة في ذكرى اختفائه للمطالبة بالإفراج عنه

لكن الإيرانيين لم يكونوا الوحيدين الذين قد يرغبون في موت الصدر.

كان القذافي يقدّم دعماً عسكرياً للمقاتلين الفلسطينيين الذين يهاجمون إسرائيل من جنوب لبنان، ونُسِبت إلى الصدر أقوالاً من مقابلات أجراها أنه حاول إيجاد حل مع منظمة التحرير الفلسطينية.

قد تكون المنظمة اعتقدت أن الصدر، خوفاً على اللبنانيين، قد يقنع القذافي بكبحهم.

ورغم أن كثيرين يعتقدون أن الصدر مات، إلا أن آخرين يصرّون على أنه ما زال حياً.

من بين هؤلاء التنظيم الذي أسسه في السبعينيات، والذي أصبح اليوم حزباً سياسياً شيعياً نافذاً في لبنان يُعرف باسم “حركة أمل”.

رئيس “أمل”، ورئيس البرلمان، نبيه بري يؤكد أنه لا يوجد دليل على وفاة الصدر، الذي لو كان حيّاً اليوم لبلغ 97 عاماً. لكن كانت هناك فرصة للفصل في الأمر بشكل قاطع.

في عام 2011، عندما زار قاسم المشرحة السرية، لم يكتفِ بالتقاط صورة للجثة. بل تمكّن أيضاً من أخذ بعض بصيلات الشعر، بغرض استخدامها في فحص الحَمض النووي DNA. سلّمها لمسؤولين كبار في مكتب بري لكي تُخضع للتحليل.

لو ثبتت مطابقتها مع أحد أفراد عائلة الصدر لكان ذلك دليلاً قاطعاً على أن الجثة تعود له. لكن مكتب بري لم يأتِ بردٍّ على ما اقترحه قاسم.

القاضي حسن الشامي، أحد المسؤولين الذين عينتهم الحكومة اللبنانية للتحقيق في اختفاء الصدر، قال إن “أمل” أخبروه أن عينة الشعر فُقدت بسبب “خطأ تقني”.

قدمنا نتائج التعرف على الوجه إلى ابن الصدر، السيد صدر الدين الصدر. فجلب معه مسؤولاً بارزاً من أمل هو الحاج سميح هيدوس، وكذلك القاضي الشامي.

والكل أجمع على عدم تصديق نتائجنا.

صورة بالأبيض والأسود لموسى الصدر
أسس الصدر حركة أمل في السبعينيات من القرن الماضي

قال صدر الدين إن من “الواضح” من شكل الجثة في الصورة أنها ليست لوالده. وأضاف أن ذلك “يتعارض مع معلوماتٍ لدينا تعود إلى ما بعد هذا التاريخ (2011، عام التقاط الصورة)”، بأن والده ما زال حياً و محتجزاً في سجن ليبي.

لم تعثر بي بي سي على أي دليل يدعم هذا الرأي.

لكن خلال تحقيقاتنا، اتضح لنا أن الاعتقاد بأن الصدر لا يزال على قيد الحياة له قوة كبيرة كعقيدة موحدة للعديد من الشيعة اللبنانيين. في 31 آب/ آب من كل عام، تحيي حركة أمل ذكرى اختفائه.

تواصلنا مراراً مع مكتب نبيه بري لطلب مقابلة، وطلبنا تعليقاً على نتائجنا، ولم نتلقَّ ردّا.

كما طلبت بي بي سي من السلطات الليبية التعليق على تحقيقنا هذا، وتوضيح سبب احتجاز فريقنا من قبل المخابرات. ولم نتلقَّ أي رد أيضاً.

“حلقة النار”.. جولة حرب جديدة قاسية بين إيران وإسرائبل

“حلقة النار”.. جولة حرب جديدة قاسية بين إيران وإسرائبل

مع مرور 23 شهرا على الحرب الدائرة بين إسرائيل ومحور المقاومة بقيادة إيران، انهارت جميع الركائز السياسية والأمنية التقليدية في الشرق الأوسط، من اتفاقية “سايكس- بيكو” (1916)، و”اتفاق الطائف” (1989)، و”اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974″ بين سوريا وإسرائيل، وغيرها.

وفي الوقت نفسه، يسعى بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية اليميني، بالتنسيق مع واشنطن، إلى إعادة صياغة النظام السائد في منطقة “المشرق العربي”.

فبعد أن تكبد نتنياهو إحدى أعنف الهزائم الاستخباراتية والعسكرية في تاريخ إسرائيل خلال عملية “طوفان الأقصى” 7 تشرين الأول/تشرين الأول 2023، قرر الدخول في “معركة وجودية” مع إيران وحلفائها، معلنا عزمه على “تغيير وجه الشرق الأوسط”، كما قال في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

الهدف المركزي للحملة العسكرية الإسرائيلية، هو إعادة تشكيل النظام الإقليمي عبر إضعاف أو تفكيك محور المقاومة، وربط شرق المتوسط بجنوب الخليج من خلال توسيع اتفاقيات “أبراهام”، وتفعيل مشروع “ممر آيمك”.

لكن بعد “الحرب الحديثة” في حزيران/حزيران بين طهران وتل أبيب، تخلت إيران عن سياسة “الهروب من فخ الحرب”، وبدأت بإحداث تغييرات واسعة على مستوى البنى السياسية والقيادات، استعدادا لموجة تهديدات جديدة من جانب الكيان الإسرائيلي.

وفي هذا السياق، جاء تعيين علي لاريجاني أمينا جديدا للمجلس الأعلى للأمن القومي، وإنشاء “المجلس الأعلى للدفاع”، كإشارتين بارزتين إلى مرحلة جديدة في السياسة الإيرانية الهادفة إلى “استعادة الردع” في مواجهة التهديدات الخارجية.

ومن هنا تفهَم زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني السابق إلى العراق ولبنان، بوصفها جزءا من سياسة ميدانية تهدف إلى ترميم وإحياء محور المقاومة، كما تؤكد تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين، وقادة فصائل المقاومة، والمستجدات الميدانية الأخيرة.

سعي لإحياء “حلقة النار” حول إسرائيل

لقد أدت حربا جورج بوش الابن في العراق وأفغانستان، وامتلاك إسرائيل السلاح النووي، والعلاقة الإستراتيجية الوثيقة بين واشنطن وتل أبيب، إلى دفع إيران نحو البحث عن توازن إقليمي من خلال سياسة تعزيز وتنظيم القوى “المناهضة للهيمنة”، المعروفة باسم محور المقاومة، وفق إستراتيجية “الحرب غير المتماثلة”.

إعلان

وفي السنوات الأولى من هذه السياسة، صرح ملك الأردن عبدالله الثاني عام 2004 بظهور ما سماه “الهلال الشيعي” في الشرق الأوسط. أما المسؤولون ومراكز التفكير الإسرائيلية، فقد أطلقوا على هذه الإستراتيجية مصطلح “حلقة النار”.

تقوم هذه المقاربة على إبقاء الحرب بعيدة عن الحدود الإيرانية عبر استنزاف القوات الأميركية على الجبهتين الشرقية والغربية، وخلق حالة من “الحصار” في البيئة المحيطة بإسرائيل، بحيث تعتمد على “حرب استنزاف” في “المجال الرمادي” لمنع الماكينة العسكرية الإسرائيلية من التوغل شرقا نحو المشرق ثم إيران.

وقد شكلت حرب لبنان 2006 (حرب الـ33 يوما) محطة فارقة، إذ نجح حزب الله لأول مرة في وقف تقدم الجيش الإسرائيلي ومنع احتلال بيروت بالكامل، مما مهد لانكسار القوات الإسرائيلية. هذا التطور أثبت قدرة إيران ومحور المقاومة على فرض توازن يمنع إسرائيل من العبث بالحدود الدولية بشكل كامل.

لكن أحداث “الربيع العربي” خلقت معضلة “الأمن الإقليمي” بالنسبة للدول العربية تجاه الدور الإيراني، بل وحتى تجاه قوى غير عربية مثل تركيا. هذا الشعور بالخطر تجسد في العقد الثاني من القرن الـ21 عبر اتفاقيات “أبراهام”.

إعادة ضبط العلاقة بين فصائل المقاومة والدول المحلية

بلغت سياسة “حلقة النار” ذروتها خلال معركة “طوفان الأقصى” وتفعيل إستراتيجية “وحدة الساحات”:

  • الحلقة الأولى: غزة والضفة الغربية.
  • الحلقة الثانية: لبنان واليمن.
  • الحلقة الثالثة: إيران والعراق.

ومن تشرين الأول/تشرين الأول 2023 حتى أيلول/أيلول 2024، كان الهدف الضغط على إسرائيل لفرض وقف الحرب في غزة وإقرار هدنة. لكن مع اندلاع “الحرب الثالثة في لبنان” تغيرت المعادلة.

فقد أطلق نتنياهو، بالاعتماد على قدرات الجيش والاستخبارات، “لعبة عالية المخاطر” ضد محور المقاومة عبر حملة اغتيالات وضربات جوية واسعة، وألحق أضرارا جسيمة بالقيادة السياسية والعسكرية لحزب الله.

كما أن سقوط نظام الأسد، وتضييق قنوات الإمداد اللوجيستي بين إيران وحزب الله أفضيا إلى معادلة جديدة على “الجبهة الشمالية”. وهكذا وجد حزب الله نفسه، بعد القبول بوقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701 لمجلس الأمن، في موقع دفاعي، يواجه تحدي “نزع السلاح” ضمن تسوية مع الدولة اللبنانية.

في هذا السياق بالذات، جاءت زيارة علي لاريجاني إلى بغداد وبيروت. هذه الزيارة أثارت تساؤلات لدى الرأي العام العراقي، واللبناني حول أهدافها في ظل الظروف الحساسة.

وخلال لقائه الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، قال لاريجاني في مؤتمر صحفي: “أنا مسؤول الأمن القومي في إيران، وأؤكد أن إيران لا تنوي التدخل في شؤون الدول، خصوصا لبنان. على الدولة اللبنانية أن تتحاور مع جميع الطوائف للوصول إلى اتفاق.

من يتدخل في شؤونكم هو ذاك الذي يأتيكم من آلاف الكيلومترات ليقدم خططا وجداول زمنية. نحن لم نفرض خطة عليكم. لا تخلطوا بين العدو والصديق. المقاومة هي رصيد وطني لكم ولكل الدول الإسلامية”.

هذا التصريح يعكس مرحلة جديدة في علاقة إيران بمحور المقاومة، حيث تسعى طهران إلى تقليل “شيطنة” أذرع المقاومة عبر تقديم نفسها وسيطا يمكّن بغداد وبيروت من إدارة هذه القوى.

إعلان

وبحسب هذه الرؤية، يصبح “الحشد الشعبي” جزءا من البنية الرسمية للدولة العراقية، فيما يتحول حزب الله إلى ذراع عسكرية- أمنية ضمن الدولة اللبنانية في مواجهة التهديدات الخارجية.

الهدف ليس الاندماج الكامل لهذه القوى في القوات المسلحة أو نزع سلاحها، بل جعلها كيانات طليعية منضبطة تعمل تحت إشراف الدولة، وتظل جاهزة لمواجهة أي عدوان خارجي.

هذه المقاربة الجديدة تعتبر امتدادا للتفاهمات التي أبرمت في “اتفاق بكين” (آذار/آذار 2023) بين إيران والسعودية، وما نتج عنه من مناخ جديد في المشرق العربي.

هل يمتد لهيب الحرب المقبلة إلى المنطقة بأسرها؟

أدت المشاركة المحدودة لحلفاء إيران خلال الحرب التي استمرت 12 يوما إلى عجز طهران عن استخدام كامل إمكاناتها في التصدي للعدوان الإسرائيلي، ومنع انجرار الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية جديدة.

لكن دروس حرب حزيران/حزيران دفعت إيران إلى تعزيز دعمها لحزب الله كقوة مسلحة في مواجهة “التهديد الوجودي” الإسرائيلي، وإلى تزويد جماعة أنصار الله اليمنية بصواريخ جديدة، الأمر الذي غير توازن القوى مجددا.

ومع تفعيل آلية “سناب باك” من جانب الترويكا الأوروبية بهدف إعادة العقوبات الأممية ضد إيران، ارتفعت احتمالات نشوب جولة جديدة من الصراع بين إيران وإسرائيل.

وفي حال أقدم نتنياهو على مغامرة عسكرية جديدة، يتوقع أن تتسع رقعة الحرب لتقترب أكثر من كابوس “الحرب الإقليمية الشاملة”. ولا يمكن للكيان الإسرائيلي وحلفائه احتواء المواجهة مع إيران إلا إذا تمكنوا، قبل بدء أي حرب مباشرة، من توجيه ضربات قاسية إلى أذرع محور المقاومة في لبنان واليمن والعراق.

أما في ظل مرحلة الترميم وإعادة بناء القدرات، فإن عامل الزمن يعمل لصالح إيران ومحور المقاومة، فيما يتعين على إسرائيل عاجلا أم آجلا اتخاذ قرار بشأن “الشوط الثاني” من هذه الحرب.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

كيف استخدمت إسرائيل الحراس الشخصيين كحلقة لاستهداف قادة إيران؟ في نيويورك تايمز

كيف استخدمت إسرائيل الحراس الشخصيين كحلقة لاستهداف قادة إيران؟ في نيويورك تايمز

نتناول في عرض الصحف الأحد، مقالاً في صحيفة “نيويورك تايمز” يتحدث عن آلية اغتيال إسرائيل لمسؤولين إيرانيين، ومقالا في الغارديان يتطرق إلى “الوضع الاستبدادي” الذي تعيشه الولايات المتحدة تحت حكم دونالد ترامب، ومقالا في الفايننشال تايمز عن كيف تلعب عملة البيتكوين دوراً في الثراء الجديد ورحلات السفر الفاخرة.

ونبدأ جولتنا من صحيفة “نيويورك تايمز” التي عنونت تقريرها المشترك لعدد من الصحفيين بـ “استهداف قادة إيران: إسرائيل وجدت الحلقة الأضعف في حراسهم الشخصيين”.

تذكر الصحيفة أن المسؤولين الإيرانيين كانوا حذرين فيما يتعلق باستخدام الهواتف النقالة، لكن وبحسب مسؤولين إيرانيين وإسرائيليين، فإن الاستخدام المتهور لحراس الأمن الإيرانيين للهواتف النقالة على مدار عدة سنوات، بما في ذلك النشر على وسائل التواصل الاجتماعي، لعب دوراً محورياً “في السماح للمخابرات العسكرية الإسرائيلية بمطاردة العلماء النوويين والقادة العسكريين الإيرانيين، وللقوات الجوية الإسرائيلية بالانقضاض عليهم وقتلهم بالصواريخ والقنابل خلال الأسبوع الأول من حرب حزيران/حزيران”.

تشير الصحيفة إلى السادس عشر من حزيران/حزيران الماضي، وهو اليوم الرابع من حرب إيران مع إسرائيل، حين اجتمع المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بشكل طارئ في مخبأ على عمق 100 قدم تحت منحدر جبلي في الجزء الغربي من طهران.

وعلى مدار أيام، أدى هجوم جوي إسرائيل متواصل إلى تدمير مواقع عسكرية وحكومية ونووية حول إيران، وأدى إلى مقتل عدد من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين الإيرانيين، حسب الصحيفة.

وتضيف: “وصل المسؤولون، ومن بينهم الرئيس مسعود بزشكيان، ورئيسا السلطة القضائية ووزارة الاستخبارات، وكبار القادة العسكريين، في سيارات منفصلة. لم يكن أي منهم يحمل هواتف محمولة، لعلمهم أن المخابرات الإسرائيلية قادرة على تتبعهم”.

لكن رغم جميع الاحتياطات، أسقطت طائرات إسرائيلية ست قنابل على المخبأ بعد بدء الاجتماع بقليل، مستهدفةً بابي الدخول والخروج.

تلفت الصحيفة إلى أنه “لم يُقتل أحدٌ في المخبأ. وعندما خرج القادة لاحقاً من المخبأ، عثروا على جثث بعض الحراس، قُتلوا بسبب الانفجارات”، إلا أنها أشارت أيضاً إلى إصابة بزشكيان حينها بجروح طفيفة.

ونقل التقرير عن بيزشكيان تصريحاته حول تفاصيل الهجوم في اجتماع مع كبار رجال الدين، قائلا: “لم يكن هناك سوى ثقب واحد، ورأينا الهواء يتسلل، فقلنا: لن نختنق. الحياة تتوقف على لحظة واحدة. لو نجحت إسرائيل في قتل كبار المسؤولين في البلاد، لخلقت حالة من الفوضى في البلاد، ولفقد الناس الأمل”.

أدى الهجوم إلى حالة من الفوضى في جهاز المخابرات الإيراني، وسرعان ما اكتشف المسؤولون الإيرانيون ثغرة أمنية فادحة، إذ تمكن الإسرائيليون من اختراق هواتف الحراس الشخصيين الذين رافقوا القادة الإيرانيين إلى الموقع وانتظروا في الخارج. في حين لم يُبلّغ سابقاً عن تتبع إسرائيل للحراس.

وتنقل الصحيفة عن المحلل السياسي ساسان كريمي، الذي شغل سابقاً منصب نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإيرانية الحالية، قوله: “نعلم أن كبار المسؤولين والقادة لم يحملوا هواتف، لكن محاوريهم وحراس أمنهم وسائقيهم كانوا يحملون هواتف، لم يأخذوا الاحتياطات على محمل الجد، وهذه هي الطريقة التي تم بها تعقب معظمهم”.

تقول “نيويورك تايمز” إن إسرائيل استهدفت مجموعة واسعة من القادة الإيرانيين، بمن فيهم رؤساء فروع الحكومة في اجتماع الأمن القومي، وقتلت ما لا يقل عن 30 من كبار القادة العسكريين، من بينهم قائد القوات الجوية للحرس الثوري الجنرال حاجي زاده.

ترامب مرتدياً بدلة رسمية كحلية اللون وقميص أبيض وربطة عنق كحلية منقطة بالأحمر، ودبوس بالعلم الأمريكي. نظرات حادة تبرز من وجهه العابس في تلك اللحظة.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اجتماع وزاري مع أعضاء إدارته في قاعة مجلس الوزراء في البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، بتاريخ 26 آب/آب 2025
  • بسبب إيران، البنتاغون يقيل رئيس وكالة الاستخبارات، فما القصة؟
  • لماذا ارتفع سعر بيتكوين وكيف تعمل العملات المشفرة؟

“ربما نريد ديكتاتوراً”

وفي صحيفة الغارديان، يقول الكاتب جوناثان فريدلاند إن “سلوك ترامب الأشبه بالديكتاتورية صار واضحاً، ونحن للمفارقة نتجاهله، لكن حان الوقت الآن لنسميه بما هو عليه”.

ويرى الكاتب أن أفعال ترامب لو كانت في إحدى دول أمريكا اللاتينية لكان الخطاب الموجه ضدها أكثر صرامة، مشيرا إلى أن “مسيرة دونالد ترامب نحو الاستبداد ثابتة للغاية، إذ تتقدم خطوة أو خطوتين كل يوم، مما يُسهل التعود عليها ـ إذ لا يُمكن أن تبقى في حالة صدمة دائمة”.

ويذكر فريدلاند أمثلة على سياسات ترامب الاستبدادية من بينها، “نشر ترامب الحرس الوطني في شوارع واشنطن العاصمة، ليصل عدد الجنود المدججين بالسلاح إلى 2000 جندي، يقومون بدوريات في العاصمة، تحت ذريعة مكافحة الجريمة، لكن جرائم العنف في العاصمة كانت في أدنى مستوياتها منذ 30 عاماً عندما اتخذ الرئيس الأمريكي قراره”.

كما أرسل في حزيران/حزيران “الحرس الوطني ومشاة البحرية إلى لوس أنجليس لقمع الاحتجاجات ضد سياساته المتعلقة بالهجرة، وهي احتجاجات وصفتها الإدارة بأنها ترقى إلى التمرد”. أما “وكالة الهجرة التي، بفضل ترامب، أصبحت ميزانيتها تُضاهي ميزانية أكبر جيوش العالم، فإنها تختطف الناس من الشوارع أو تسحبهم من سياراتهم”، وفق كاتب المقال.

ومن الأمثلة التي ذكرها المقال أيضاً أن “ترامب خالف جميع الأعراف، وربما القانون الأمريكي، بمحاولته إقالة ليزا كوك من مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي بتهم احتيال غير مثبتة في مجال الرهن العقاري”.

وفي نهاية مقاله، يعتقد الكاتب أن “المشكلة تكمن في أن الناس لا يريدون أن يروا هذا يحدث في الولايات المتحدة، والخوف من مواجهة واقع يغيّر موازين الاستراتيجيات العالمية. وإذا انزلقت أمريكا نحو الاستبداد المفرط، فإن موقع بريطانيا والاتحاد الأوروبي سيتأثر جذرياً بعد 80 عاماً من الاعتماد على فكرة الغرب بقيادة أمريكية ديمقراطية مستقرة”.

“الأثرياء الجدد”

وإلى صحيفة الفايننشال تايمز التي تحدثت في مقال للكاتبين ماري نوفيك ونيكو أسغري، عن طفرة البيتكوين التي تدفع الأثرياء الجدد إلى “الإسراف في السفر الفاخر”.

يذكر المقال أن رواد الأعمال الشباب الأثرياء، أحدثوا طفرة في سوق السفر العالمي الفاخر، إذ أنفق “الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و40 عاماً 28 مليار دولار على السفر الفاخر في عام 2023، ومن المتوقع أن ينفقوا 54 مليار دولار في عام 2028″، وفقاً لتحليل شركة ماكنزي، التي تعد واحدة من أكبر شركات الاستشارات الإدارية في العالم.

ويعزو المقال ذلك إلى بدء شركات الطيران الخاص الفاخرة، وكذلك رحلات السفن السياحية الفاخرة، في قبول الدفع بالعملات المشفرة، مع ازدياد الطلب من جيل جديد من الأثرياء ممن كوّنوا ثرواتهم من ارتفاع أسعار البيتكوين.

يعود ذلك أيضاً إلى تسجيل عملة البيتكوين أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 124,000 دولار أمريكي في الأسابيع الأخيرة، بدعم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهذا القطاع وتعهده بجعل أمريكا “عاصمة العملات المشفرة” في العالم، بحسب المقال.

ويلفت المقال أيضاً إلى إقرار “الكونغرس تشريعات تاريخية، بينما عيّن ترامب جهاتٍ تنظيميةً داعمةً للعملات المشفرة، ودعم العديد من شركات الأصول الرقمية. وإلى جانب أسعار العملات المشفرة، وصلت أسهم شركات مثل بورصة كوين بيس، ومشغل العملات المستقرة سيركل، إلى مستويات قياسية”.

وبسبب كل ذلك “يمكن الآن شراء بطاقة السفر السنوية لشركة “فيرجن فوياجيز” للرحلات البحرية الفاخرة، والتي تبلغ قيمتها 120,000 دولار أمريكي، بمدفوعات العملات المشفرة”، حسب المقال.

ويستشهد المقال بتصريحات لرئيس قسم الطيران التجاري والفضاء في بنك جيفريز الاستثماري، نيك فازيولي، قال فيها إن “رواد أعمال البيتكوين والتكنولوجيا يمتلكون موارد غير محدودة، وأموالاً غير محدودة، وطموحات لا حصر لها”، لكن “العنصر الأهم الذي ينقصهم هو الوقت”. وبحسب فازيولي فإن الطائرات الخاصة تتيح للمسافرين “أن يكونوا في ثلاث مدن في يوم واحد، والعودة مساء لرؤية أسرهم. بمجرد أن تعتاد على السفر الخاص، من الصعب جداً أن تعود إلى غيره”.

الحرس الثوري الإيراني يتوقع من الحوثيين رداً قوياً ومؤلماً على إسرائيل

الحرس الثوري الإيراني يتوقع من الحوثيين رداً قوياً ومؤلماً على إسرائيل

أدان الحرس الثوري الإيراني، اليوم الأحد، في بيان، “جريمة اغتيال رئيس وزراء حكومة التغيير والبناء في صنعاء (التابعة للحوثيين) وعدد من وزرائها”، واصفاً إياها بـ”جريمة حرب بارزة ضد الإنسانية، ونموذج واضح على الإرهاب الحكومي، وطبيعة هذا النظام الشيطاني المتوحشة والمعادية للإنسانية”.

وأضاف الحرس الثوري الإيراني أن “هذه الجرائم لن تُضعف الإرادة الجهادية والعزم الثوري للشعب اليمني في مسار المقاومة والصمود في مواجهة المحتلين والمستكبرين”، مؤكداً أنّ “المقاومة في المنطقة، ولا سيما الشعب اليمني المقاوم، وبالاعتماد على الإيمان والإرادة، والاستفادة من دعم الشعوب الحرة في جميع أنحاء العالم، ستوجه رداً قوياً ومؤلماً يندم عليه المجرمون الصهاينة”، على حد قوله.

وشدد الحرس الثوري الإيراني على أنّ إيران “ستظل تدعم الشعوب المظلومة في المنطقة، خاصة الشعبين صانعي التاريخ في فلسطين واليمن، ولن تدخر جهداً في مواجهة الكيان المحتل وداعميه”، مضيفاً أنّ “المقاومة مستمرة، وفي النهاية سيكون النصر حليف الحق والشعوب المطالبة بالعدالة والمناهضة للظلم”.

وكان الحوثيون في اليمن، أعلنوا أمس السبت، رسمياً، مقتل أحمد غالب الرهوي، رئيس حكومة التغيير والبناء (غير المعترف بها)، مع عدد من الوزراء، وإصابة آخرين، في العدوان الإسرائيلي على صنعاء الخميس الماضي. وكان الطيران الإسرائيلي قد شنّ، الخميس، سلسلة غارات عنيفة على عدد من المواقع في العاصمة اليمنية صنعاء، بينها أحد المنازل في منطقة حدة جنوبي صنعاء، بالتزامن مع الخطاب الأسبوعي لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي. وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنّ الهجوم في العاصمة اليمنية صنعاء “استثنائي وذو أهمية”، وأنّ الجيش حاول استهداف قيادات كبيرة في جماعة الحوثي في اليمن.

الرئيس الإيراني إلى الصين وسط استعدادات لتجدد الحرب مع إسرائيل

الرئيس الإيراني إلى الصين وسط استعدادات لتجدد الحرب مع إسرائيل

توجّه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، صباح اليوم الأحد، إلى الصين للمشاركة في قمة منظمة شنغهاي، واصفاً الزيارة بأنها “مهمة للغاية واستراتيجية”. وأضاف في تصريحات للتلفزيون الإيراني في مطار طهران، أنّ القمة تمثل فرصة مهمة لتعزيز التعددية والتعاون الإقليمي، مشيراً إلى أن منظمة شنغهاي تضم نحو مليارين ونصف المليار نسمة، وتشكل أكثر من 40% من الاقتصاد العالمي.

وأكّد أنّ طبيعة هذه المنظمة تتمثل في “السعي لمواجهة الأحادية وتعزيز التعددية في العلاقات الدولية”، لافتاً إلى أن بلاده تسعى في هذا المسار إلى لعب دور فاعل. وأوضح بزشكيان أنّه على هامش هذه القمة سيعقد لقاءات مع رؤساء جمهوريات ورؤساء حكومات الدول الأعضاء والمراقبة، وهي “فرص قيّمة لتقريب وجهات النظر في المجالات العلمية والاقتصادية والثقافية والسياسية والأمنية”، ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الإيراني نظيريه الصيني والروسي ويجري معهما محادثات.

إيران تستعد لاستئناف الحرب

في شأن آخر، دعا رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء عبد الرحيم موسوي، اليوم الأحد، في رسالة بمناسبة يوم الدفاع الجوي في التقويم الإيراني، إلى أن يكون الدفاع الجوي الإيراني “عبر الاستفادة من التقنيات الحديثة والابتكارات المحلية والاستثمار في الكوادر البشرية الملتزمة والمتخصّصة، في مستوى يتناسب مع التهديدات المستجدة، وأن يثبت ويعزز كفاءته واقتداره في مواجهة أي اعتداءات محتملة من العدو”. يُذكر أنّ وصول المقاتلات الإسرائيلية خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً في حزيران/حزيران الماضي إلى طهران، وقيامها بقصف في عمق إيران، أثار انتقادات بشأن انكشاف أجواء البلاد.

من جهته، قال القائد العام للجيش الإيراني، اللواء أمير حاتمي، اليوم الأحد، خلال لقائه عائلات عدد من ضحايا قوات الدفاع الجوي في العدوان الإسرائيلي على إيران في حزيران/حزيران الماضي: “لقد كان للأعداء نيّات خبيثة وأهداف شريرة ضد إيران الإسلامية، لكنّ الشعب الإيراني العظيم ومقاتلي القوات المسلحة، بفضل توجيهات قائد الثورة الإسلامية والقائد العام للقوات المسلحة، وبالانسجام والاقتدار والمقاومة، أحبطوا مؤامرات الأعداء”، وأضاف في هذا اللقاء الذي جاء بمناسبة يوم الدفاع الجوي في التقويم الإيراني، أنّ “الدفاع الجوي يقف في الخط الأمامي لحماية سماء البلاد، وقد أثبت في الحرب المفروضة التي استمرت 12 يوماً أنّه مستعد لمواجهة التهديدات على أيّ مستوى”.

من جانبه، قال أول قائد للحرس الثوري الإيراني جواد منصوري، في تصريح لموقع “خبر أونلاين” الإيراني، إنّه “يجب أن نكون مستعدين لحرب جديدة؛ فإذا اندلعت مجدداً، فإنّ نطاقها سيكون واسعاً”، وأضاف: “إذا قال أحد إنّنا لا نواجه اختراقاً أو لا يعرف ما هو الاختراق، فهو إما مخترَق أو لا يدرك الأمر”، واستطرد قائلاً: “ليس مستبعداً أن يصل الاختراق إلى المستويات العليا”. وأشار منصوري إلى أنّ “المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة خلقت توقعاً بالتخلي عن المواجهة المباشرة مع إسرائيل”، لكنه أكد أنّ “إسرائيل لن تقبل أبداً بالتعايش مع الجمهورية الإسلامية”.

وبشأن حرب حزيران/حزيران الماضية بين إيران وإسرائيل، قال: “رغم أنّ إيران تلقت ضربة في بداية العمليات، إلّا أنّ حدثين أهم وقعا لاحقاً؛ أولاً تمكنت إيران سريعاً من استعادة قدراتها، وثانياً وجّهت ضربة كانت بلا شك أثقل من تلك التي تلقتها. لكن من حيث الخسائر البشرية، لا أنكر أن إسرائيل وجهت إلينا ضربة كبيرة”. وكان رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، قد قال أمس السبت إن الحرب يمكن أن تستأنف و”يجب أن نكون أقوياء”.

مقتل عقيد في الحرس الثوري

أعلن الحرس الثوري الإيراني في بيان أنّه، أمس السبت، قُتل العقيد رحيم محمدي من قواته أثناء تنفيذ مهمة في المنطقة الحدودية لمدينة سراوان بمحافظة سيستان وبلوشستان. وفي الأشهر الأخيرة، تصاعدت الاشتباكات في هذه المحافظة بين جماعة “جيش العدل” المعارضة المسلحة والقوات العسكرية الإيرانية.