اعتبرت نيويورك تايمز أن قرار الحكومة الإسرائيلية بمنع الصحفيين الدوليين من دخول غزة “مخز ومدمر للذات”.
وانتقدت هيئة تحرير الصحيفة -في مقال افتتاحي- بشدة الحظر الإسرائيلي المستمر على دخول الصحفيين الأجانب إلى غزة خلال الحرب، مؤكدة أنه غير مبرر ويؤدي إلى نتائج عكسية.
الصحفيون الذين استشهدوا في غزة يوم 25 آب/آب 2025 (الجزيرة)
وبينما أقرت هيئة تحرير نيويورك تايمز بالمخاطر الجسيمة التي يواجهها الصحفيون، إذ قتل أكثر من 200 منهم، على يد القوات الإسرائيلية، فإنها أبرزت أن هذا الحظر يفاقم من انعدام الشفافية والمساءلة.
وقالت هيئة التحرير، التي تضم مجموعة من صحفيي الرأي، إن تل أبيب تُقوض بهذا الفعل مصداقيتها، خاصة بالمقارنة مع بلدان مثل الولايات المتحدة خلال حربها في أفغانستان والعراق وأوكرانيا حاليا اللتين سمحتا بدخول الصحفيين خلال الحرب.
ولفتت الافتتاحية إلى أن الصحفيين الفلسطينيين سدوا هذه الفجوة بشجاعة، لكن أفعال إسرائيل تشير إلى أنها تحاول إخفاء حجم الدمار الذي خلفته الحرب، والذي يشمل سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، وانتشار الجوع، وانهيار البنية التحتية للقطاع الفلسطيني.
وأشارت كذلك إلى أن الهدف من هذا الحظر هو محاولة إخفاء الرعب الكامل للحرب، لكن وسائل التواصل الاجتماعي وعمل الصحفيين المحليين أفشلا هذه المحاولة.
وأوضحت الافتتاحية أن “قسوة إسرائيل تجاه الصحفيين الذين يغطون الحرب” هي نتيجة محتملة للحظر، مستشهدة بالهجوم على مستشفى ناصر الذي أسفر عن مقتل العديد من الصحفيين.
ووصفت هذا الهجوم الذي وقع الأسبوع الماضي وراح ضحيته 5 صحفيين من أسيوشيتد برس ورويترز والجزيرة وميدل إيست آي، بأنه مثال مروع وصادم.
وأوضحت أن إسرائيل استخدمت أحيانا ما يُسمى بالضربات المزدوجة في غزة، حيث تتبع الضربة الأولى ضربة أخرى، بهدف إلحاق أقصى ضرر بالعدو، ومع ذلك، غالبا ما يكون الصحفيون وفرق الطوارئ الطبية هم أول من يصل إلى موقع الحادث.
إعلان
وذكّرت بأن نيويورك تايمز كانت ضمن 100 وسيلة إعلامية طالبت إسرائيل في شباط/شباط 2024 بالالتزام بالقانون الدولي وحماية الصحفيين الفلسطينيين الذين يواصلون تقديم التقارير، “على الرغم من المخاطر الشخصية الجسيمة التي يتعرضون لها”.
يُعدّ انتشار الذكاء الاصطناعي بنماذجه وأدواته المتعددة من أبرز التحولات التقنية التي واجهت المؤسسات وغرف الأخبار مؤخرا.
لكن هذا الانتشار رافقته سلبيات واضحة، أهمها الفوضى في استخدام النماذج والأدوات، ومحاولات اللحاق بكل ما يظهر من جديد رغم إدراك استحالة ذلك، فضلا عن غياب الفهم العميق لما يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي فعليا في تطوير المؤسسات.
وهكذا برزت تساؤلات حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي أداة مفيدة فعلا داخل المؤسسات أم هو مجرد ضجة إعلامية وترند سريع الزوال لا يلبث أن تخبو لمعاته؟
وقد ولّدت هذه التساؤلات تخوّفا حقيقيا لدى إدارات كثيرة من اتخاذ قرار إدخال الذكاء الاصطناعي إلى بيئة عملها، خشية انتقال الفوضى إلى سير العمل، وهو ما لا يرغبه أي مسؤول أو مدير، غير أن المفارقة أن هذه الفوضى تسللت بالفعل إلى العديد من المؤسسات عبر الاستخدام الفردي للكوادر، مما ولّد العديد من الفجوات في الأداء والعمل.
ومن هنا، تسعى هذه المقالة إلى رسم خريطة طريق عملية تساعد المؤسسات على تجاوز هذه الفجوات، والانتقال بخطوات آمنة وواعية نحو استثمار الذكاء الاصطناعي بما يخدم أهدافها.
قرار استخدام الذكاء الاصطناعي بالمؤسسات
وتتمثل النقطة الجوهرية في إدخال الذكاء الاصطناعي، إلى غرف الأخبار والمؤسسات المختلفة، في القرار الذي تتخذه الإدارة العليا في إدخال الذكاء الاصطناعي إلى المؤسسة.
ولا يُعد هذا القرار الخطوة الأولى في الخريطة، وإنما يمثل جوهر التغيير في مفاهيم العمل عند الإدارات العليا أولا، ثم انعكاس ذلك على مفاصل العمل، والبدء بتنفيذ خريطة طريق مخصصة للمؤسسة.
ومن غير هذا القرار الإستراتيجي لا قيمة لأي خطوات أو حتى تجارب واستخدامات للأفراد لنماذج وأدوات الذكاء الاصطناعي.
وهذا ما يُلمس بشكل مباشر في مؤسسات مختلفة لم تقرر الإدارات العليا فيها بعد أن تُدخل الذكاء الاصطناعي إلى بيئتها العملية، في حين بدأ العديد من الكوادر في مختلف مستويات المؤسسة باستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل شخصي، ما ولد العشوائية من جهة وعدم الاتساق مع السياسات التحريرية أو حتى التفاوت الكبير بين أداء كوادر المؤسسة.
إعلان
وقد أصبح هذا واقعا أن تسبق الكوادر بالمؤسسات الإدارات العليا في قرار استخدام أدوات ونماذج الذكاء الاصطناعي.
وإذا كان قارئ المقال يمثل أحد مستويات الإدارات العليا في أي غرفة أخبار أو مؤسسة، فربما عليه فعلا مراجعة واقع مؤسسته، وسيرى فجوات كثيرة على مستويات العمل والموظفين والأدوات والمهارات، مما يخلّف عدم اتساق حقيقي في تحقيق أهداف المؤسسة.
رباعية خريطة طريق المؤسسات باستخدام الذكاء الاصطناعي
استخدام الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار أصبح ضرورة ولكن مع تحديد احتياجات كل مؤسسة (الجزيرة)
ووفق التجربة العملية في العديد من المؤسسات، فإنها توصلت إلى أن هناك رباعية تمثل خريطة طريق حقيقية وعملية في غرف الأخبار والمؤسسات بمختلف تخصصاتها للوصول الذكي والآمن لاستخدام أدوات ونماذج الذكاء الاصطناعي، وهي وفق الآتي:
تحديد الواقع الحالي والأهداف المطلوب الوصول إليها.
تحديد الاحتياجات الحقيقية من أدوات الذكاء الاصطناعي.
التدريب والتوعية المستمرة.
التغذية الراجعة والتقييم المستمر.
تحديد الواقع الحالي للمؤسسات وغرف الأخبار
وفق استطلاع أولي أجريت على مجموعة مؤسسات بتخصصات مختلفة، من غرف أخبار أو منظمات مجتمع مدني وحتى وكالات تجارية تعمل في مجالات متعددة، توصلت إلى أن نسبة من يستخدم أدوات ونماذج الذكاء الاصطناعي في عملهم، على نحو مباشر ويومي، تتراوح بين 20% و40%، من إجمالي العاملين في هذه المؤسسات.
وربما لم يخضع الاستطلاع لقواعد البحث العلمي مكتمل الأركان، لكنه يمثل في تقديري واقعا في الكثير من المؤسسات.
ورغم سلبياته على المستوى الإستراتيجي في المؤسسات -نظرا لأنه يخلّف فجوات المهارة بين العاملين، ولا يسير بوضوح باتجاه إستراتيجيات المؤسسة- فإن استخدام الذكاء الاصطناعي الفعلي بالعمل يمثل نقطة قوة يمكن للمؤسسات أن تستثمره بالشكل الأمثل.
فالكوادر التي بدأت الخطوات الأولى -في تضمين واستخدام الذكاء الاصطناعي في المؤسسات- لمسوا عمليا حجم الفائدة الحقيقية التي تعود على عملهم من خلال هذه الأدوات أو النماذج.
وبالتالي يمكن لأي مؤسسة أن تشكل النواة الأولى الداخلية منها على وجه التحديد، من خلال الفريق الذي أدخل أدوات ونماذج الذكاء الاصطناعي إلى المؤسسة.
وبالتأكيد لن يمثل عمل هذه النواة إستراتيجية عمل المؤسسة بالذكاء الاصطناعي بشكل كاف أو كامل في مراحلها الأولى، لكن ستكتشف الإدارات العليا أن هناك عتبة مهمة تم تجاوزها، وتصورا أوليا تم تشكيله، وبالتالي فإن قرار الانتقال لا يبدأ من الصفر، وإنما من عتبات يمكن البناء عليها.
وفي حال لم يكن لدى المؤسسة هذه النواة العاملة، فبالإمكان طلب الاستشارة من خبراء الذكاء الاصطناعي لقراءة وتقديم الواقع الحالي للمؤسسة، وبناء خطط إدخال أدوات ونماذج الذكاء الاصطناعي حسب طبيعة المؤسسة.
الخطوات العملية:
تشكيل فريق متعدد الوظائف يضم أعضاء من أقسام مختلفة من المؤسسة، والأفضل أن يتنوع بين المحتوى والتقنية وأدوار المؤسسة الأخرى.
العصف الذهني وتبادل الأفكار من خلال التركيز على استخدام الأدوات المتوفرة في نماذج الذكاء الاصطناعي.
تجربة بعض الأدوات والنماذج، وتقييم مدى الاستفادة منها.
صياغة النموذج الأولي الذي تم التوصل إليه بالتجارب لخدمة أهداف المؤسسة.
تطوير خريطة طريق للتنفيذ تشمل الموارد التي ستحتاجها المؤسسة، وكيف سيتم تطبيقها.
إعلان
تحديد التحديات التي تواجهها المؤسسة
ربما السؤال الأهم للمؤسسات: لماذا نُدخل الذكاء الاصطناعي إلى مؤسستنا؟ هل الموضوع عبارة عن ترند تكنولوجي لا بد من استخدامه؟ أم هو فعلا حاجة مهمة للمؤسسة تختصر الوقت والجهد والموارد، وتقدم جودة أعلى في الكثير من مفاصل العمل؟
والجواب عن هذه الأسئلة يتمثل بتحديد التساؤلات العملية الخاصة بالمؤسسة، مثل:
ما التحديات التي تواجهها المؤسسة في مراحلها المختلفة؟
كيف تؤثر هذه التحديات على مسار العمل؟
هل يمكن فعلا أن يقدم الذكاء الاصطناعي حلولا عملية لهذه التحديات؟
ما الحلول التي سيقدمها الذكاء الاصطناعي لمواجهة هذه التحديات؟
كيف ستنعكس هذه الحلول المطورة بالذكاء الاصطناعي على عملنا؟
هل ستختصر علينا هذه الحلول الجهد والوقت والموارد؟
هل سننتقل بهذه الحلول إلى جودة أعلى في مخرجات الشركة؟
وهذه الأسئلة وغيرها ستجعل المؤسسة تقف بوضوح على حجم التحديات التي تواجهها، وستدرك ما الذي يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي لمعالجة هذه التحديات.
ثلاثية المؤسسات في العمل والذكاء الاصطناعي
بعد استعراض حجم التحديات وكيف يمكن الوصول إليها وفق التساؤلات أعلاه، تأتي مرحلة “تحديد الاحتياجات الحقيقية من أدوات الذكاء الاصطناعي”. ولكي يكون هذا التحديد عمليا، فلا بد من استعراض آلية عملية تمر بها معظم المؤسسات بثلاثية واضحة المعالم، تتحدد فيها المدخلات والمعالجة والمخرجات.
الأولى: المدخلات، وتمثل كل ما يرتبط بالرصد والجمع والتحقق والبيانات الأولية.
الثانية: المعالجة، وتمثل كل ما يرتبط بصياغة المحتوى الخبري ومعالجته وإعداد التقارير والخطط.
الثالثة: المخرجات، وتمثل كل ما يرتبط بالنشر والتوزيع والتقييم.
البعض استغل الذكاء الاصطناعي لإنشاء مواقع مزورة (برس غازيت)
وهذه المراحل الثلاث، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد فيها بشكل كبير جدا، وهي آلية لا تختلف فيها المؤسسات كثيرا باختلاف أنواعها، إذ إن فلسفة العمل واحدة في كل قطاعات العمل تقريبا، من حيث وجود مدخلات ومعالجات ومخرجات.
ولو تأملنا نموذجا متنوعا يضم 5 أنواع من المؤسسات، لتبيّن لنا بوضوح وجود اتفاق جوهري في فلسفة العمل، بغض النظر عن آلياته، وجميعها يدخل الذكاء الاصطناعي في المراحل الثلاث آنفة الذكر بشكل جوهري، ومثال ذلك:
غرف الأخبار والمؤسسات الصحفية.
مؤسسات المجتمع المدني.
المؤسسات التجارية.
المؤسسات العلمية/البحثية.
المؤسسات الإغاثية والقطاع الثالث.
المدخلات، تمثل المواد الأولية أو المعلومات الخام التي تعتمد عليها المؤسسة في بناء عملياتها، ودور الذكاء الاصطناعي في المدخلات سيتركز على:
الجمع الآلي للمعلومات.
تحليل البيانات الأولية.
تلخيص النصوص الطويلة.
التعرف على الأنماط والاحتياجات
2. المعالجة، وتمثل مرحلة تحويل المدخلات إلى منتج أو قرار أو محتوى ذي قيمة، ودور الذكاء الاصطناعي فيها سيتمثل في:
إنتاج محتوى نصي أو بصري آلي.
اقتراح حلول/قرارات بناء على بيانات.
إعداد جداول ورسوم بيانية احترافية.
الترجمة، التدقيق، التصنيف.
3- المخرجات، وتمثل النتيجة النهائية الموجهة للجمهور أو العملاء أو المانحين أو صناع القرار، ويتمثل دور الذكاء الاصطناعي في:
تصميم المنشورات باحترافية عالية.
توليد فيديوهات وصور بالذكاء الاصطناعي.
تحليل مدى التأثير والتفاعل.
التوصية بمحتوى أو قرارات لاحقة.
التدريب والتوعية المستمرة
بعد تحديد الاحتياجات وآليات إدخال وتفعيل الذكاء الاصطناعي، يبقى إدراك أن التحديات ليست تقنية فقط، بل بشرية أيضا، ومرتبطة بردود فعل الكوادر داخل المؤسسة.
فقبول الموظفين لهذا التحول يشكل شرطا أساسيا لنجاح أي خطة، وأي رفض أو تخوف داخلي قد يُعطل التنفيذ مهما كانت الخريطة واضحة، وهو ما نصطلح عليه بمعوّقات التنفيذ الداخلي.
ولذلك، فإن المؤسسة التي قررت إدخال الذكاء الاصطناعي ضمن عملها ستجابَه غالبا بردود فعل مختلفة، وأهم هذه الردود هي المرتبطة برفض العديد من الكوادر التغيير، وهذا ما لمسته بشكل مباشر من صحفيين مميزين في مجال عملهم لكنهم خائفون جدا من أن يأخذ هذا التطور القادم أدوارهم، أو يقلص تأثيرهم.
إعلان
وبرأيي تعود أسباب هذا الرفض الداخلي لكوادر المؤسسة إلى العديد من التخوفات، أهمها:
عدم إدراك مفهوم الذكاء الاصطناعي.
عدم فهم ماذا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم فعلا في مجال العمل.
التخوف من “الإشاعات الدولية” بخصوص استبدال الآلة بالبشر.
عدم إدراك أن نماذج الذكاء الاصطناعي إنما هي مساعدة وليست بديلة.
مديرة ياهو نيوز: الاستحواذ على تطبيق “Artifact” سهّل عملية تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي بغرفة الأخبار (شترستوك)
وهنا يأتي دور التدريب والتوعية المستمرة لكوادر المؤسسة لحل كل الإشكاليات، سواء منها التي يتعلق بأصل المفهوم، أو التخوفات، مرورا بإتقان الأدوات والنماذج، وانتهاء بالتطوير المستمر.
ويأخذ التدريب في المؤسسات أشكالا عدة، أبسطها الدورات النظرية، وأعلاها المآذارة العملية وكسر كل حواجز إدخال هذا الزائر المقيم إلى مفاصل العمل.
ونتيجة إنشاء وتكوين الوعي الكامل بالذكاء الاصطناعي، يسير عمل المؤسسة باتساق وبالشكل الأفضل بما ينعكس على تطوير العمل مستقبلا.
التغذية والتقييم المستمر
المتابع للتطور السريع في نماذج الذكاء الاصطناعي يجد مثالا حيا على أن هذا القطاع ما زال في بداياته. ولهذا، ومع تسارع تطور هذه النماذج، على المؤسسات وغرف الأخبار أن تدرك أن ما وصلت إليه لا يمثل النهاية في هذا المجال.
فالأمر بحاجة إلى مراجعة مستمرة وتغذية راجعة من قبل كل جمهور المؤسسة، سواء كان جمهورا داخليا يمثل الكوادر، أو جمهورا خارجيا يقيم ويتفاعل بطرق مختلفة، أو حتى عملاء مرتبطين بالمؤسسة.
وستجعل هذه التغذية الراجعة المؤسسة على قدم التطور المستمر، رغم إدراكها بوضوح أن ليس كل ما يظهر في هذا المجال يمكن أن يكون مفيدا لها.
دليل المؤسسة والسياسة التحريرية
لأن أحد أهم ميزات نماذج الذكاء الاصطناعي هي “توليد المحتوى” فهذا يعني أن هذه النماذج ستعمل إما على توليد محتوى غير متسق مع سياسة المؤسسة أو تبدأ ببعض “الهلوسات” لهذا من الضروري أن يكون لكل مؤسسة دليل بالمصطلحات الخاص بها أو سياسة تحريرية تتبعها عن التعامل مع هذه الأدوات.
ويتم تلقيم هذه السياسة أو الدليل للنماذج التي سيتم اعتمادها داخل المؤسسة، وبالتالي سيكون المحتوى المولد متسقا تماما مع سياسة المؤسسة.
التعاون مع الخبراء والمؤسسات
الانفتاح نحو التعاون بين المؤسسات من خلال الاستعانة بالخبرات المشتركة، أو حتى الاستفادة من خبرات المدربين بهذا المجال يُعد محورا مهما يجب ألا يُغفل. فهو أحيانا يكون من أبرز المتطلبات النجاح، لأن المؤسسات ستواجه تحديات وستقدم حلولا مشتركة، وهذا ما يختصر الوقت والجهد والموارد بشكل كبير.
انتقدت صحيفة نيويورك تايمز مواصلة البيت الأبيض إعطاء الأولوية والأفضلية لإعلاميين ومؤثرين يمينيين، على حساب وسائل الإعلام التقليدية، التي ما فتئ الرئيس الأميركي دونالد ترامب ينعتها بالمضللة وغير النزيهة، منذ توليه مقاليد الحكم مطلع العام الجاري.
وركزت الصحيفة على نموذج المؤثر واليوتيوبر ومقدم البودكاست بيني جونسون، الذي دعته إدارة ترامب إلى الجلوس في مقعد وسائل الإعلام الجديدة، خلال مؤتمر صحفي للمتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، عقب إعلان ترامب استيلاء الحكومة الفدرالية على سلطة إنفاذ القانون في واشنطن، رغم تاريخ جونسون الحافل بالاتهامات بالسرقة الأدبية والترويج لمعلومات مضللة.
ويحظى الجالسون على مقعد وسائل الإعلام الجديدة بفرصة طرح الأسئلة أولا على المتحدثين بالمؤتمرات الصحفية.
وقالت “نيويورك تايمز” إن جونسون استغل الفرصة لذكر قصص شخصية عن جرائم في محيط منزله السابق بواشنطن، زاعما أن حيه شهد جرائم قتل، وأن منزله تعرض لحريق متعمد، في حين أظهرت سجلات الشرطة عدم تسجيل أي جريمة قتل في الشارع منذ عام 2017، وأن الحريق طال منزل جاره لا منزله، كما أن جونسون غادر منزله في واشنطن نهائيا عام 2021.
ومع ذلك، تبنت المتحدثة باسم البيت الأبيض رواية جونسون لتبرير ودعم قرار ترامب الفدرالي، وفق الصحيفة.
وقبل نحو أسبوعين بدأ الحرس الوطني في الوصول إلى واشنطن تنفيذا لقرار الرئيس، في ظل مخاوف الحزب الديمقراطي من لجوء ترامب إلى نشر مزيد من القوات في المدن والولايات التي يديرها الديمقراطيون، لإظهارهم بموقف ضعيف، بحسب مراقبين.
وكان ترامب أعلن حالة طوارئ بالعاصمة الأميركية، رغم الإحصائيات التي أظهرت أن معدل الجريمة انخفض خلال العامين الماضيين في المدينة.
أظهر جونسون موهبته في إنشاء الميمات والمحتوى الفيروسي، قبل أن تطرده صحيفة “بازفيد نيوز” في 2012 فور اكتشافها حالات سرقة أدبية في 41 من مقالاته (غيتي)
سجل حافل بالسرقة والتلاعب
وتتمتع شخصيات إعلامية جديدة بوصول نادر ودعم من إدارة ترامب، بحسب “نيويورك تايمز”، وفي المقابل، يقدمون للبيت الأبيض دعما واسعا، عبر ترويج روايته إلى ملايين المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن بين هؤلاء يبرز جونسون، الذي يتمتع بعدد كبير من المتابعين على يوتيوب، وبودكاست يومي شهير، وحساب كبير على موقع “إكس”.
إعلان
وبدأ جونسون (39 عاما) مسيرته في مجال الإعلام عام 2011 في موقع “ذا بلايز”، الذي يميل إلى اليمين، وسرعان ما أظهر موهبته في إنشاء الميمات والمحتوى الفيروسي، قبل أن ينتقل إلى “بازفيد نيوز” في 2012، لكنه طُرد بعد عامين، بعد أن اكتشفت الصحيفة حالات سرقة أدبية في 41 من مقالاته.
واتُهم جونسون مرة أخرى بالسرقة الأدبية، بعد 3 سنوات، أثناء عمله في موقع “إندبندنت جورنال ريفيو” المحافظ، وعلى إثر ذلك، جرى إيقافه عن العمل وتخفيض رتبته، وفي الخريف الماضي، كشف المدعون الفدراليون عن تهم موجهة إلى اثنين من عملاء روسيا دفعا 10 ملايين دولار لشركة تدعى “تينيت ميديا” لإنتاج المحتوى، وكان جونسون أحد المؤثرين الذين تعاقدت معهم.
وإلى جانب تاريخه الصحفي المثير للريبة، خضع جونسون للتدقيق بسبب اكتسابه 2.5 مليون مشترك جديد في قناته على يوتيوب من نيسان/نيسان إلى تموز/تموز من هذا العام، وهو ارتفاع هائل ضاعف تقريبا عدد متابعيه على المنصة، بينما انخفضت المشاهدات الشهرية لفيديوهاته بأكثر من 40 مليون.
هذا التناقض أثار شكوكا حول احتمال التلاعب بالأرقام، لكن منصة يوتيوب أكدت أن الزيادة مرتبطة بإعلانات ممولة لجذب المشتركين، ولم تجد دليلا على نشاط غير أصيل.
من المؤسف أن الصحفيين الذين يحاولون نقل الأخبار الحقيقية، ويواجهون قيودا أمام السعي وراء الحقيقة ولا يختلقون الأخبار، لم يعودوا قادرين على الوصول إلى ما كان متاحا لهم من قبل.
بواسطة نيويورك تايمز
الصحافة الحقيقية في عهد ترامب
ويعلق سيث ستيرن، المدير في مؤسسة حرية الصحافة: “من الواضح أننا نتعامل مع إدارة تركز على روايتها أكثر من الحقيقة، ومن المؤسف أن الصحفيين الحقيقيين الذين يحاولون نقل الأخبار الحقيقية، ويواجهون قيودا أمام السعي وراء الحقيقة ولا يختلقون الأخبار، لم يعودوا قادرين على الوصول إلى ما كان متاحا لهم من قبل”.
وتبرر ديفيس إنجل، المتحدثة باسم البيت الأبيض، الحظوة التي تتمتع بها شخصيات إعلامية يمينية بالقول: “ثقة الأميركيين في وسائل الإعلام الجماهيري وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من 5 عقود”، مؤكدة أن البيت الأبيض بات يتبنى أصواتا جديدة من مختلف الأطياف السياسية، وتتمتع بجمهور كبير ومتزايد لتعكس بشكل أفضل “عادات وسائل الإعلام للشعب الأميركي في عام 2025”.
يشن ترامب منذ تسلمه الحكم هجوما متصاعدا وصف بغير المسبوق على وسائل الإعلام التقليدية (رويترز)
دعم متواصل لترامب
وتفيد “نيويورك تايمز” بأن جونسون ينشر يوميا 3 أو 4 مقاطع فيديو على يوتيوب، وبودكاست مدته ساعتان، وقصة أو قصتين على موقع إنستغرام، وعشرات المنشورات على “إكس”، تغطي مجموعة متنوعة من الموضوعات ولكنها ثابتة في دعمها لأجندة الرئيس ترامب.
وتم منح جونسون مرارا وتكرارا إمكانية الوصول إلى مسؤولين رفيعي المستوى في إدارة ترامب، كما دُعي للمشاركة في العديد من الأحداث، بما في ذلك المشاركة في لجنة وزارة العدل بعنوان “منتدى الرقابة على شركات التكنولوجيا الكبرى” قبل بضعة أشهر، وشغل المقعد المرموق لوسائل الإعلام الجديدة في يوم مهم للبيت الأبيض.