إصدارات.. نظرة أولى

إصدارات.. نظرة أولى

في زاوية “إصدارات.. نظرة أولى” نقف على آخر ما تصدره أبرز دُور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المُترجمة إليها.

هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أُولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.

مختارات هذا الأسبوع تتضمن كتباً في الأدب، والسياسية، والتراث، وغيرها.

■■■

أقوى من الدول

عن دار الساقي، صدر كتاب “أقوى من الدول: 6 مليارديرات غيّروا وجه العالم” للكاتبة والصحافية الفرنسية كريستين كيرديلان، بترجمة أنطوان سركيس. يكشف العمل كيف تحوّل ستة من كبار رجال الأعمال إلى قوة تتجاوز الحكومات وتتحكّم بمصير البشرية. فبيل غيتس يسيطر على الصحة العالمية، وإيلون ماسك يرسم ملامح الإنترنت الفضائي وفق مصالحه، ومارك زوكربيرغ يهدد الأجيال الشابة بخوارزميات منصاته. أما جيف بيزوس فيخطّط لحياة بشرية في كبسولات عملاقة، بينما يعمل لاري بيج وسيرغي برين على دمج الإنسان بالآلة في سباقٍ مع الموت.
 

الاقتصد الإبداعي

يتناول كتاب “الاقتصاد الإبداعي والثقافة: التحديات والتحولات ومستقبل الصناعات الإبداعية”، الذي يصدر عن دار نينوى، من تأليف جون هارتلي، وين وين، وهنري سيلينغ لي، وترجمة سامي حسن عرار، مفهوم الاقتصاد الإبداعي بديلاً تنموياً يعيد الاعتبار للثقافة والمعرفة والابتكار في تشكيل المستقبل. لا يكتفي المؤلفون بعرض سرد تقليدي لمسار الصناعات الإبداعية، بل يقدمون قراءة نقدية وتطورية تعيد رسم العلاقة بين الثقافة والاقتصاد. ويطرح الكتاب مفاهيم جديدة مثل “السيميوسفير” و”الفرادة الثقافية” و”الإنتاجية الدقيقة” لفهم التحولات المعاصرة.
 

ضد الليبرالية الرمزية -

ضمن سلسلة “ترجمان”، صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب “ضدّ الليبرالية الرمزية: دعوة إلى علم اجتماع تحاوري”، من تأليف ساري حنفي، وترجمة ياسر الزيات. يقع الكتاب في 344 صفحة، يتضمن سبعة فصول، ويتناول كيفية تشكّل ليبرالية رمزية تنتهك مبادئ الليبرالية السياسية، مع الدعوة إلى مشروع ليبرالي تحاوري. يمزج المؤلف الفلسفة السياسية بالأخلاقية بالنقد السوسيولوجي، ليقدّم مفهوم “الليبرالية الرمزية”، مع توضيح التناقض الذي يتمثل في أفراد يتبنّون المبادئ الليبرالية الكلاسيكية ويتصرّفون بطرائق غير ليبرالية سياسياً.

 

الأقليات -القسم الثقافي

عن دار أبعاد للنشر والتوزيع، صدر كتاب “الأقليات ركن يتصدع بصمت: الموحدون الدروز”، للباحث حسام نصار، وهو دراسة إنثروسوسيولوجية في الثقافة الأساسية لمعتقداتهم الدينية، وموروثاتهم الاجتماعية، وتأثيرها على سلوكهم الجمعي. يناقش فيه الباحث مفاهيم الدين والتدين، بالتركيز على البعد الاجتماعي في تشكيل الخصوصية الثقافية لهذه الجماعة، كما يدرس علاقاتها مع الجماعات الأخرى داخل التركيبة اللبنانية، ويفكك العلاقة بين الهوية الطائفية والعقيدة الدينية، ويشرح نتائج هذه العلاقة في الواقع، بأبعاده الاجتماعية والسياسية.
 

واصف جوهرية -القسم الثقافي

موسيقار وموظّف بلديّة، وعاشق للمتعة، هكذا يتمثّل المؤرّخ والملحّن والفوتوغرافي الفلسطيني واصف جوهريّة في كتاب الفرنسية من أصل إيطالي لورا أولنيتي “كنتُ ملكاً في القدس” الصادر عن أكت سود. يقدّم العمل جوهرية بوصفه شاهداً على زمن كان فيه المسيحيون واليهود والمسلمون جميعاً يلقّبون أنفسهم بـ”أهل الأرض المقدّسة”، سكان مدينة “تختلط فيها وتتناول جميع لهجات البحر المتوسط معاً”. على أوتار العود، يعيد واصف إحياء صوت القدس في العقود الأولى من القرن العشرين، بنكهاتها وألوانها الزاهية المنسية، بعيداً عن الصورة النمطية للصراع عليها.
 

الوظائف -القسم الثقافي

عن دار جبرا للنشر والتوزيع، صدر كتاب “الوظائف والأثر الدلالي في النص الكنفاني” للشاعر والناقد العراقي علاء حمد. يبحث الكتاب، الواقع في 246 صفحة، بالمعنى والتأثير لواحد من أهم الكتّاب المتجذرين في الثقافة الفلسطينية: غسان كنفاني، وبالأخص أعماله الروائية، بالاعتماد على مفاهيم مثل التشريح الكتابي وتوظيف الاستعارات والمبدأ الإشاري. من إصدارات حمد النقدية: “المحسوس وثقافة المتخيل”، والكائن النصي.. اتجاهات النص الحديث، الرمزية، السريالية”، و”أمام جدلية النص.. الجدل الحجاجي، تفعيل التأويل، مبدأ السبب التفاعلي”.
 

النهضة -القسم الثقافي

“العالم عند أول ضوء: تاريخ جديد لعصر النهضة”، عنوان الكتاب الذي صدر للباحث بيرند روك عن منشورات جامعة برنستون. يُظهر المؤلف أن إعادة اكتشاف المعرفة القديمة، بما في ذلك علوم العالم العربي في العصور الوسطى، لعبت دوراً حاسماً في تشكيل بدايات الحداثة الغربية. كما يوضح أن عصر النهضة ظهر في جزء من أوروبا حين شكلت الدول والمدن المتنافسة مجتمعات منفتحة نسبياً، وجاء معظم المبدعين في ذلك العصر، من ليوناردو دافنشي ومايكل أنجلو إلى كوبرنيكوس وغاليليو، من الطبقة الوسطى، الذين رسخوا بذور التفكير النقدي والدولة الحديثة والديمقراطية.
 

بول شاؤول -القسم الثقافي

عن دار راية للنشر والترجمة، صدرت الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر والناقد اللبناني بول شاوول. تشتمل الأعمال على المجموعات الشعرية ابتداءً من مجموعته الأولى “أيها الطاعن في الموت”، ومروراً بـ”الهواء الشاغر” و”بلا أثر يذكر”، وصولاً إلى “ذلك الجسد”، آخر أعمال الشاعر المنشورة. علماً أن شاوول عمِل في الصحافة الثقافية اللبنانية، وترجم عشرات النصوص الإبداعية لأشهر الكتّاب والشعراء من مختلف الثقافات، أوروبية وآسيوية، بالإضافة إلى إصداره عدداً من الأنطولوجيات الموسوعية، بينها “مختارات الشعر الفرنسي 1900-1985”.

تاريخ الفن الغرافيكي العربي

تاريخ الفن الغرافيكي العربي

كيف يمكن أن يُكتب تاريخ لـ التصميم الغرافيكي العربي؟ وهل يمكن النظر إليه بوصفه تطوراً طبيعياً لتاريخ الخط والطباعة، أم إنه تجربة بصرية ذات مسار مستقل؟ بهذا السؤال ينطلق كتاب “تاريخ التصميم الغرافيكي العربي” (منشورات الجامعة الأميركية بـ القاهرة، 2025)، من تأليف بهية شهاب وهيثم نوار، في محاولة لرسم خريطة أولى لهذا الفن في العالم العربي.

يستعيد الكتاب بدايات الطباعة العربية في القرن التاسع عشر ودورها في نشر الصحافة والكتب والمجلات، باعتبارها الجذر الأول لتكوّن ثقافة بصرية حديثة. في القاهرة وبيروت خصوصاً، نشأت مطابع ساهمت في إدخال الحرف المطبوع وتطوير أشكال الحروف العربية، وهو ما انعكس لاحقاً على تصميم المجلات والجرائد. من هنا، يبدأ المؤلفان في تتبع التحولات اللاحقة التي جعلت التصميم الغرافيكي جزءاً من الذاكرة الثقافية والسياسية العربية.

في الخمسينيات والستينيات، ومع صعود الحركات القومية، برز جيل من المصممين والفنانين الذين جعلوا من الملصق والكتاب وسيلة لتجسيد القضايا الكبرى. حلمي التوني في مصر مثلاً، أعاد صياغة التراث الشعبي في تصميماته للكتب والمجلات، بينما قدّم السوري برهان كركوتلي ملصقات سياسية ثرية بالرموز البصرية. وفي فلسطين، لعبت الملصقات التي أُنتجت في المنفى دوراً محورياً في تكوين صورة بصرية للقضية الفلسطينية، حيث اجتمع الفن بالغرافيك ليصنع خطاباً مؤثراً في الوعي العربي والعالمي.

يربط تجارب الغرافيكيين بتحولات اجتماعية وسياسية أوسع

مع السبعينيات والثمانينيات، يتسع المشهد ليشمل تجارب تجريدية أكثر اقتراباً من الفن البصري، ومنها أعمال الفنان الفلسطيني كمال بلّاطه، الذي دمج الخط العربي بالتجريد الغربي ليخلق معادلة خاصة بين الهوية والحداثة، كما برز اسم حسن المسعود، الذي نقل الخط العربي إلى فضاء جديد أقرب للتصميم المعاصر، من دون أن يفقد خصوصيته الجمالية. هذه التجارب عكست بحثاً متواصلاً عن لغة بصرية تتجاوز الدعاية المباشرة، وتنفتح على إمكانات الفن.

أما الجيل الأحدث، فقد ارتبط بظهور المدارس الأكاديمية للتصميم، وصعود ثقافة الهوية البصرية والوسائط الرقمية. ومن بين الأسماء بهية شهاب، التي وظفت الخط العربي في مشاريع معاصرة، كما في مشروعها الفني “لا ولا ألف لا”، حيث يلتقي البحث التاريخي بالفعل الفني. وهيثم نوار، الذي شارك في تأليف الكتاب، وجمَع بين المآذارة والبحث الأكاديمي في تتبع أثر الغرافيتي والتصميم العربي الحديث. إلى جانبهم، ظهر جيل واسع من المصممين في الخليج والمغرب ولبنان، عملوا على تطوير الخطوط العربية الرقمية وتصميم الشعارات والهويات البصرية للشركات والمؤسسات.

لا يكتفي الكتاب بسرد الأسماء، بل يربطها بتحولات اجتماعية وسياسية أوسع، من الطباعة الأولى حتى لحظة الهوية الرقمية اليوم. إنه يضع التصميم الغرافيكي العربي في مكانه المستحق ضمن تاريخ الثقافة العربية الحديثة، بوصفه مرآة للتفاعلات بين النص والصورة، بين التراث والحداثة، وبين المحلي والعالمي.