بوق “الشوفار” آلة موسيقية تستخدم في طقوس الديانة اليهودية، تُصنع من قرن حيوان ذي تجويف طبيعي، يُصدر النفخ فيه صوتا يشبه الأنين أو الصرخة، ويُعد سماع هذا الصوت وصية مركزية وفرضا دينيا أثناء عيد رأس السنة العبرية (روش هشناه).
استُخدم الشوفار عبر التاريخ في المناسبات الدينية وأثناء تتويج الملوك، وأيضا في مراسم أداء اليمين الدستورية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، وأدى دورا مهما في الحروب وحشد القوات وإعلان “النصر”.
وأثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة انتشرت مقاطع مصورة في مواقع التواصل الاجتماعي تظهر جنود الاحتلال الإسرائيلي وهم ينفخون في البوق قبيل انطلاق مدرعاتهم وجيوشهم في معارك ضد المقاومة الفلسطينية.
ما بوق الشوفار؟
هو آلة موسيقية تُآذار بها بعض الطقوس في الديانة اليهودية، تُصنع من قرن حيوان ذي تجويف طبيعي، وغالبا من قرن كبش. يُصدر النفخ فيه صوتا يشبه الأنين أو الصرخة، ويُعد سماع هذا الصوت الوصية المركزية في عيد رأس السنة اليهودية، حسب مصادر عبرية.
وتُقسم أصوات الشوفار إلى 3 أنماط رئيسية:
“تكعاه” وهي نفخة طويلة متصلة.
“شفريم” وهي 3 نفخات قصيرة متقطعة.
“تروعة” وهي سلسلة من 9 نفخات قصيرة ومتتابعة.
وبحسب الديانة اليهودية، يتعين على المكلف (المستمع للطقس) سماع 30 صوتا من الشوفار أثناء المناسبة الدينية.
بوق الشوفار يصدِر النفخ فيه صوتا يشبه الأنين ويُعد سماعه فرضا دينيا أثناء عيد رأس السنة اليهودية (غيتي)
أنواع الشوفار
إلى جانب الشوفار التقليدي المصنوع من قرون الكباش، ظهرت أنواع أخرى منها ما هو مصنوع من قرن الكودو، وهو نوع من الظباء يُصنف ضمن “الحيوانات الطاهرة” في الديانة اليهودية.
كما توجد شوفارات مصنوعة من قرون الماعز، وأخرى من قرون الآرام (واحدها رئم)، وهي نوع من الظباء الصحراوية المعروفة في أفريقيا والشرق الأوسط. أما قرن الوعل فيُعتبر صالحا أيضا لعمل الشوفار، غير أن ندرته وارتفاع ثمنه جعلا استخدامه محدودا ونادر الانتشار.
وبحسب مصادر عبرية، يشترط في الشوفار أن يكون مصنوعا من قرن “حيوان طاهر”، وألا يقل طوله عن 10 سنتميترات. كما يشترط أن يتم النفخ من الطرف الضيق للقرن، وهو نهايته الخارجية الطبيعية، لا من الطرف العريض الذي يتصل برأس الحيوان.
إعلان
الدلالات الدينية
ظهرت آلة الشوفار لأول مرة، وفق المصادر العبرية، يوم نزول التوراة على الشعب اليهودي في جبل سيناء. وبحسب النصوص الدينية اليهودية، “كان صوت الشوفار العظيم مصحوبا بالرعود والسحاب الكثيف، مما أثار ارتعاد الشعب الإسرائيلي، ليكون وسيلة الله لتجهيزهم لتسلّم الوصايا العشر”.
ويُحتفل بهذا الحدث في “عيد الشفوعوت” بعد 7 أسابيع من عيد الفصح اليهودي، أي في الخامس والسادس من شهر “سيفان” حسب التقويم العبري.
ويرمز نفخ البوق في بداية السنة العبرية إلى قرب مجيء المخلّص (المسيح المنتظر)، ومن جهة أخرى إلى يوم لم شتات اليهود حول العالم، وأيضا إلى اليوم الذي أمر فيه النبي إبراهيم بذبح ابنه إسحاق قبل أن يفدى بكبش.
كما استُعمل قديما للإعلان عن تتويج ملك جديد على إسرائيل، ليصبح رمزا للسلطة الشرعية ووسيلة رسمية للإعلان عن حكمه.
ووفق تقاليد العديد من المجتمعات اليهودية، بما في فيها أتباع حركة حباد الحسيدية، يبدأ النفخ في “الشوفار” منذ أول أيام شهر أيلول/أيلول، ويهدف ذلك إلى تذكير الشعب بقدوم رأس السنة اليهودية وحث أفراده على مراجعة أفعالهم.
وبحسب المصادر، فإنه في اليوم الأخير من الشهر نفسه، يُمتنع عن النفخ في “الشوفار” بهدف “إرباك الشيطان” وفق التقاليد المتبعة.
ويُعد سماع صوت “الشوفار” في رأس السنة اليهودية “فرضا توراتيا”، وينفخ فيه داخل المعابد وأماكن أخرى.
الحاخام العام للجيش الإسرائيلي شلومو غورين ينفخ في “الشوفار” عند حائط البراق (أرشيف الجيش الإسرائيلي)
الشوفار في الحروب
تقول المصادر العبرية إن “الشوفار” لم يكن في العصور القديمة مجرد أداة للطقوس الدينية فحسب، بل كان أيضا وسيلة للدعوة وتجميع الشعب اليهودي، فقد استخدمه القادة لاستدعاء الجنود وحشدهم للخروج إلى المعارك.
وتذكر روايات إلى أن “الشوفار” لم يكن مجرد سلاح صوتي، بل أيضا إشارة رمزية معنوية مغزاها “تدخل الله وضمان النصر عند الوثوق به”، وأن صوت “الشوفار” كان يستخدمه الجيش الإسرائيلي في سياق الحرب، ليس فقط باعتباره وسيلة رمزية، بل أيضا عنصرا معنويا يرافق القتال تأكيدا على النصر.
وتوضح هذه المصادر أن “الشوفار” كان يُنفخ أثناء الحروب الإسرائيلية ليعزز من الهوية الوطنية للشعب اليهودي ويذكره بدور الحرب في حماية وجوده، كما تؤكد أن نفخ “الشوفار” يتجاوز استعادة الأمن، ليجسد “التحذير واليقظة تجاه من تصفهم بالأعداء، والذين يعلنون عن نياتهم العدائية تجاه اليهود”.
وقد استعمل اليهود “الشوفار” في مناسبات عدة، ومنها وفق التوراة، بعد نحو 40 عاما من خروج بني إسرائيل من مصر، استخدمه اليهود بقيادة يشوع بن نون عند دخولهم أرض كنعان واحتلالهم مدينة أريحا.
وبحسب الروايات، فإنه بعد تطويقهم لأسوار المدينة 7 أيام “نفخ الكهنة في أبواق الكبش، فسقطت الأسوار ودخل جيش إسرائيل المدينة واستولى عليها”.
وفي أعقاب حرب الأيام الستة في حزيران/حزيران 1967، احتل الإسرائيليون القدس الشرقية وسيطروا على حائط البراق واحتفلوا عنده، وبعد أداء صلواتهم التلمودية نفخ الحاخام العام للجيش الإسرائيلي شلومو غورين في “الشوفار” معلنا “النصر”.
قال مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة، إن الجيش الإسرائيلي قصف “داخل أسوار مستشفى شهداء الأقصى للمرة الــ14 على التوالي”.
وأوضح المكتب في بيان له، إن طائرات إسرائيلية قصفت “خيمة للنازحين داخل أسوار مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة، وتحديداً قرب العيادة الخارجية بالمستشفى، ما أدى إلى وقوع إصابات في مكان القصف وإلحاق أضرار مادية وتهديد حياة عشرات المرضى داخل المستشفى لخطر الموت بشكل مباشر”.
ودان المكتب بـ”أشد العبارات” ما وصفه بـ”العدوان الهمجي والمستمر ضد المستشفيات، والذي يمثل خرقاً فاضحاً لكافة المواثيق الدولية والإنسانية”، محملاً إسرائيل والإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن “هذه الجرائم المُمنهجة، التي تندرج ضمن سياسة واضحة لتدمير البنية الصحية”.
ولم تعلّق إسرائيل على قصف المستشفى حتى الآن.
بينما أدانت حركة حماس في بيان لها قصف مبنى العيادات الخارجية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، معتبرة ذلك “جريمة حرب موصوفة، تهدف إلى تدمير ما تبقى من القطاع الطبي والمرافق المدنية في قطاع غزة”.
ودعة الحركة في البيان الذي نشرته على تلغرام، جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، والأمم المتحدة ومؤسساتها، إلى التحرّك لــ”وقف جرائم الإبادة”، والتدخّل لفرض الحماية للمدنيين والمستشفيات والمؤسسات العامة.
وفي مدينة غزة، أكدت مصادر طبية فلسطينية مقتل الصحافية إسلام عابد مراسلة قناة القدس برفقة زوجها وأبنائها، في قصف جوي إسرائيلي استهدف شقة سكنية بمدينة غزة مساء الأحد.
غزة تودّع صحفييها: حسام يوصي بعلاج زوجته مريضة السرطان، ومريم تترك كليتها لوالدها قبل رحيلها
يأتي ذلك في وقت أكدت فيه وكالة الأنباء الفلسطينية مقتل 90 فلسطينياً على الأقل في قطاع غزة منذ فجر الأحد، جراء العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.
ونقلت الوكالة عن مصادر طبية، أن القتلى وصلوا إلى مستشفيات القطاع، إذ استقبل مستشفى الشفاء 20 جثة، وعيادة الشيخ رضوان 6 قتلى، ومستشفى الهلال- السرايا 7 قتلى، ومستشفى العودة 9 قتلى، ومستشفى الأقصى 21 قتيلاً، ومستشفى ناصر 27 قتيلاً على الأقل.
وأوضحت المصادر الطبية أن من بين القتلى، 38 شخصاً قتلوا أثناء محاولتهم الوصول إلى مساعدات إنسانية.
محاولة جديدة لكسر الحصار عن غزة
وانطلقت الأحد، سفن محملة بالمساعدات من برشلونة الإسبانية، متجهة إلى غزة، في محاولة جديدة لكسر الحصار البحري الإسرائيلي على القطاع وإيصال الغذاء والإمدادات الإنسانية الأخرى إليه.
نشطاء خليجيون يخططون للإبحار نحو غزة لكسر الحصار
وقالت عضوة اللجنة التوجيهية ياسمين عكار، إن المزيد من القوارب ستنضم إلى الأسطول من اليونان وإيطاليا وتونس.
ويقول المنظمون إنه تمّ جمع حوالي 250 طن من المساعدات في ميناء جنوة شمال غرب إيطاليا، تم تحميل بعضها على متن قوارب انطلقت من جنوة الأحد، بينما سيتم إرسال الباقي إلى ميناء كاتانيا في صقلية، حيث من المقرر أن تنطلق المزيد من السفن إلى غزة في 4 أيلول/أيلول.
دخل الصراع بين جماعة أنصار الله (الحوثيين) وإسرائيل مرحلة جديدة من التصعيد، عنوانها “الاغتيالات” التي دشنتها إسرائيل بتنفيذ عملية كبيرة استهدفت خلالها اجتماعاً لحكومة الحوثيين غير المعترف بها، الخميس الماضي، وأطلقت على العملية اسم “قطرة حظ”. وبلغت أهمية هذه العملية حداً دفعت الاحتلال الإسرائيلي إلى نقل جلسات الحكومة والمجلس الوزاري للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) إلى موقعٍ سرّي، أمس الأحد، حسبما أفادت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، وذلك خشية من رد الحوثيين. وتمثلت عملية الاستهداف الخميس الماضي، بغارات إسرائيلية شملت عدة مواقع في العاصمة صنعاء، سبق للاحتلال استهدافها مثل جبل عطان وجبل النهدين، ومجمع دار الرئاسة، غير أن الهدف الرئيس للغارات تمثل بموقع حُدِّد في منطقة حدة جنوبي العاصمة، حيث تلقى الجيش الإسرائيلي معلومات عن وجود هدف ثمين يتمثل برئيس حكومة الحوثيين وعدد كبير من الوزراء ونواب الوزراء، بالإضافة إلى قيادات عسكرية. كانت الضربة هذه المرة “استثنائية” كما وصفها الجانب الإسرائيلي، ولأهميتها فقد تابع وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس الأركان إيال زامير تنفيذ العملية من مقر قيادة الجيش، فيما كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتابعها عبر هاتف آمن، وأوضح الجيش الإسرائيلي، أن العملية جاءت في إطار ما وصفه بـ”ضربة دقيقة ضد مراكز القيادة والسيطرة للحوثيين”.
الحوثيون وهجوم إسرائيل
وعقب الضربة الإسرائيلية حاول الحوثيون التقليل منها، إذ سارعوا إلى التصريح عبر القيادي نصر الدين عامر، رئيس مجلس إدارة وكالة “سبأ” بنسختها الحوثية، بأنه “‘لا صحة للأنباء التي تتحدث عن استهداف قيادات في صنعاء”، و”ما يحدث هو استهداف لأعيان مدنية واستهداف للشعب اليمني ككل بسبب مواقفه الداعمة لغزة”. لكن نتائج العملية بدأت تظهر أمس الأول السبت بشكل رسمي وتدريجي، حيث كُشف عن مقتل رئيس حكومة الحوثيين أحمد غالب الرهوي، مع عدد من الوزراء والقيادات العسكرية والأمنية. وبعد إعلان مقتل الرهوي، وهو أكبر مسؤول سياسي يُقتل في تداعيات المواجهة اليمنية الإسرائيلية، توعّد رئيس المجلس السياسي في حركة الحوثيين مهدي المشاط، بـ”الثأر”. وقال المشاط في كلمة مصوّرة: “نعاهد الله والشعب اليمني العزيز وأسر الشهداء والجرحى أننا سنأخذ بالثأر”. وأضاف متوجهاً إلى إسرائيل: “تنتظركم أيام سوداوية”. ودعا “جميع المواطنين حول العالم إلى الابتعاد وعدم التعامل مع أي أصول تابعة للكيان الصهيوني”، و”جميع الشركات” في إسرائيل “للمغادرة قبل فوات الأوان”. كما أكد عبد الملك الحوثي، زعيم جماعة أنصار الله (الحوثيين) أن “المعركة الأمنية هي معركة أساسية ورديفة للمعركة العسكرية”، لافتاً في كلمة متلفزة أمس الأحد، إلى أن “الأجهزة الأمنية تبذل جهدها وحققت نجاحات كبيرة ومهمة في تحصين الجبهة الداخلية”. وشدد الحوثي على أن “استهداف إسرائيل بالصواريخ والمسيرات مسار مستمر ثابت تصاعدي”. وأكّد أنّ الاعتداءات الإسرائيلية الاخيرة “لن تؤدي إلى التراجع أو الضعف أو الهوان”. وفي صنعاء، نقلت وكالة فرانس برس عن مصدر أمني يمني، أول من أمس السبت، أن السلطات الحوثية اعتقلت العشرات في العاصمة وعمران، شمالي صنعاء، وذمار جنوبي العاصمة “للاشتباه في تعاونهم مع إسرائيل”.
المشاط لإسرائيل: تنتظركم أيام سوداوية
وتأتي العملية الإسرائيلية لتمثل تغييراً في استراتيجية الغارات الإسرائيلية التي تستهدف الحوثيين، والتي تركزت خلال الهجمات السابقة التي بلغت أكثر من 14 مرة على استهداف بنى تحتية مدنية أبرزها موانئ الحديدة ومطار صنعاء ومحطات توليد الطاقة الكهربائية، ومواقع عسكرية ثابتة أبرزها جبل النهدين، وجبل عطان، وهي عمليات أثبتت خلالها إسرائيل أنها عاجزة عن تحقيق أي نجاح لهذه الغارات نتيجة عدم امتلاك أي بنك أهداف، بالإضافة إلى ضعف الجانب الاستخباراتي، لكونها ظلت تتعامل مع جماعة الحوثيين عدواً مستبعداً لا يمثل أي تهديد حقيقي عليها. غير أن استمرار الحوثيين بتنفيذ عمليات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية في إطار معركة إسناد غزة، التي تعرف بمعركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” دفع الاستخبارات الإسرائيلية إلى العمل على جمع المعلومات ومحاولة اختراق جسد الجماعة الحوثية من الداخل، بحسب تسريبات وسائل إعلام إسرائيلية. وفي حزيران/ حزيران الماضي، أدخل الإسرائيليون متغيراً جديداً إلى معادلة الصراع مع الحوثيين من خلال مشاركة سلاح البحرية الإسرائيلي، الذي نفذ هجوماً نوعياً على ميناء الحديدة، غربي اليمن، في أول مشاركة معلنة للبحرية الإسرائيلية في عمليات مباشرة ضد مواقع حوثية، وسط تصعيد متزايد في المواجهة بين الجانبين.
صلاح علي صلاح: التحول في الأسلوب عكس تحسن القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية في اليمن
تقارير استخباراتية إسرائيلية
وجاء ذلك بالتزامن مع ما ذكرته تقارير استخباراتية إسرائيلية عن اختراق أمني تمكّن خلاله جهاز “الموساد” من تجنيد عناصر حوثية، ما أتاح لإسرائيل الحصول على معلومات دقيقة بشأن مواقع استراتيجية وعسكرية للحوثيين، وبناء بنك أهداف يشمل منشآت بحرية ومخازن تسليح ومنصات إطلاق صواريخ، بالإضافة إلى رصد تحركات بعض القيادات الحوثية. في المقابل، كان الحوثيون قد دخلوا مرحلة جديدة من الهجمات ضد إسرائيل في 22 آب/ آب الماضي، من خلال استخدام صاروخ باليستي فرط صوتي انشطاري فشلت منظومات الدفاع الإسرائيلي باعتراضه بشكل كامل، وذكر الجانب الإسرائيلي أنه يرجح تفكك الصاروخ اليمني وانشطاره إلى شظايا، فالصاروخ كان يحمل رأساً انفجارياً قابلاً للانشطار، وهو نوع من الرؤوس الحربية التي صُممت لتحدث انفجارات متعددة، وتُلحق دماراً واسعاً للغاية داخل دائرة الاستهداف.
الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، صلاح علي صلاح، قال لـ”العربي الجديد”، إن الأسلوب الإسرائيلي في الاغتيالات ليس جديداً، وقد سبق استخدامه في لبنان وإيران، واستمرار هجمات الحوثيين المتكررة على إسرائيل وتطور قدراتهم خصوصاً بإطلاقهم صاروخاً متعدد الرؤوس أخيراً حوّلهم بالنسبة إلى الإسرائيليين من مجرد إزعاج مرحلي إلى تهديد استراتيجي قابل للتطور أكثر مستقبلاً. وهذا ما سرَّع من تطوير إسرائيل عملياتها ضدهم من أسلوب الهجمات التقليدية، التي كانت تستهدف المنشآت الاقتصادية ومحطات الطاقة وخزانات الوقود إلى استهداف الشخصيات القيادية. وأضاف صلاح أن هذا التحول في الأسلوب عكس تحسن القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية في اليمن التي كانت بعيدة عن التركيز الإسرائيلي المباشر لليمن مقارنة بغزة ولبنان وسورية القريبة منها على سبيل المثال، ويرسل رسالة للحوثيين حول استعداد إسرائيل لتجاوز الأنماط التقليدية للاستهداف، بما يشمل أهدافاً، حتى وإن كانت إدارية وسياسية غير عسكرية، وهو تحول يؤكد بدء استهداف الأرواح بدلاً من الاكتفاء بالمنشآت.
وأشار صلاح إلى أن غالبية الشخصيات التي استُهدِفَت في العملية الأخيرة، وزراء وقيادات حكومية ليس لها طابع عسكري، لذلك سيكون تأثير هذه الخسارة التي تعرض لها الحوثيون محدوداً من الناحية العسكرية، قد تحدث بعض الإرباك في بعض التفاصيل، لكنها لن تؤثر كثيراً في الجوانب العملياتية والتشغيلية للعمليات العسكرية. وأوضح أن “تطور العمليات الإسرائيلية في انتقاء الأهداف يعتمد على المستوى الذي يمكن أن تصل إليه إسرائيل في تطوير قدراتها الاستخباراتية وتحسينها، كما قدرتها على رصد القيادات العسكرية والقيادات العليا التي تمثل تهديداً مباشراً لها، مثل مسؤولي العمليات الصاروخية أو البحرية، بما يربك قدرات الحوثيين العملياتية واللوجستية، ويحد من قدراتهم على تنفيذ الهجمات عليها، ومن المتوقع أن تستمر إسرائيل في تطوير خططها بما يساهم في تحقيق أهداف أكثر حساسية، تسير بشكل تصاعدي يؤثر بقدرات الحوثيين في التحكم بعملياتهم العسكرية واتخاذ القرار”.
ورأى صلاح أن هناك عاملين أساسيين يساعدان الحوثيين في تحسين قدراتهم في التخفي أمنياً، الأول يتمثل باتساع الرقعة الجغرافية التي يسيطرون عليها على عكس المساحات الموجودة في غزة وجنوب لبنان على سبيل المثال، ما يمثل فرصة أفضل للمناورة والتخفي، بالإضافة إلى المناطق الجبلية التي يمكن التخفي والتحصن فيها. والعامل الثاني هو الضعف الموجود في البنية التحتية العامة للاتصالات في البلد، ما يساهم في زيادة صعوبة الرقابة والرصد التقني. وأضاف أن “السلوك الإسرائيلي الأخير المتمثل باستهداف الأفراد والقيادات سيدعو الحوثيين إلى رفع مستوى الاحتياطات الأمنية الخاصة بهم، والاستفادة من تجارب أطراف أخرى تعرضت لهذه المشكلة نفسها، وحاولت إيجاد المعالجات لها”.
اغتيال رئيس حكومة الحوثيين
من جهته، قال المحلل السياسي خليل العمري، لـ”العربي الجديد”، إن عملية اغتيال رئيس حكومة الحوثيين أحمد الرهوي وعدد من وزراء حكومة الحوثيين على يد إسرائيل تمثل ضربة غير مسبوقة للجماعة، يمكن مقارنتها فقط باغتيال صالح الصماد رئيس المجلس السياسي الأعلى عام 2018 في الحديدة. واعتبر أن “هذه الضربات تكشف عن تحول استراتيجي في طبيعة المواجهة بين الحوثيين والإسرائيليين؛ فبدل الاكتفاء بغارات متفرقة على الجبهات، باتت إسرائيل تستهدف القيادات العليا مباشرةً، في استعراض لقدرات استخباراتية متقدمة، واختراق أمني عميق داخل مناطق سيطرة الحوثيين”. وعن تبعات هذه العملية، قال العمري إنه على المدى القصير، “تحدث هذه العملية إرباكاً واضحاً في صفوف الجماعة، وتخلق فراغاً قيادياً مؤقتاً يعوق سرعة اتخاذ القرار، ويؤثر بسلاسة التنسيق العملياتي، وتوجّه أيضاً رسالة قوية للحوثيين حول هشاشة منظومتهم الأمنية، وتثبت أن الوصول إلى شخصيات الصف الأول لم يعد أمراً مستحيلاً”. لكنه أضاف أن “التأثير بعيد المدى يبدو أكثر تعقيداً. فالحوثيون يتمتعون بمرونة تنظيمية عالية وبنية غير مركزية تسمح لهم بامتصاص الصدمات الكبيرة، علماً أن خبرتهم الطويلة في العمل تحت ظروف حرب غير متناظرة، وقدرتهم على الاختفاء في التضاريس الجبلية، تمنحهم أدوات التكيف والبقاء. ومع ذلك، تكشف هذه الاختراقات الأمنية عن ثغرات عميقة قد تدفع خصومهم المحليين والإقليميين إلى تكثيف الضربات ومحاولة استغلال لحظة الضعف”.
خليل العمري: هذه الضربات تكشف عن تحول استراتيجي في طبيعة المواجهة بين الحوثيين والإسرائيليين
وأشار العمري إلى أن “هذه الاغتيالات، رغم ألمها للجماعة، لن تكون كافية لتفكيك بنيتها بالكامل، لكنها ستدفعها إلى تعزيز الحذر، وإعادة ترتيب صفوفها. كذلك فإن نجاح إسرائيل في تنفيذ مثل هذه العمليات يعكس حجم التنسيق الاستخباري والتحالفات الإقليمية القائمة، ما يجعلها جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى إضعاف الحوثيين سياسياً وعسكرياً من دون أن تشكّل حسماً نهائياً للصراع”. ومنذ بداية دخول الحوثيين مباشرةً في معركة إسناد غزة في تشرين الثاني/ تشرين الثاني 2023، وجد الإسرائيليون أنفسهم أمام عدو جديد، ظل لسنوات خارج الحسابات الإسرائيلية، وتحدث الإسرائيليون عن وجود فجوة استخباراتية حول الحوثيين الذين لم يكونوا هدفاً للرصد وجمع المعلومات، باعتبار أن الجماعة لم تشكل أي تهديد لإسرائيل قبل معركة غزة، على الرغم من رفع عبارة “الموت لإسرائيل” ضمن شعار الجماعة الرسمي.
ويدرك الحوثيون أن مسألة جمع المعلومات حولهم وتحليلها تعد عملية معقدة ومركبة، خصوصاً أن بقاء الحوثيين خارج اهتمام الاستخبارات الإسرائيلية قد جعلها عاجزة عن صنع جواسيس لها على الأرض، فعملية كهذه تحتاج إلى دراسة مطولة للمجتمع والبيئة اليمنية، وتعلم اللغة واللهجة والعادات والتقاليد المتنوعة. ولذلك يبرز الجانب التكنولوجي بكونه أحد أبرز جوانب الاختراق الإسرائيلي للحوثيين. وكان المتحدث الرسمي باسم “المقاومة الوطنية” في اليمن، العميد الركن صادق دويد، قد ذكر في مؤتمر صحافي نهاية تموز/ تموز الماضي ضبط جهاز تجسس من صنع شركة “سيلبرايت” (Cellebrite) الإسرائيلية، ضمن شحنة مهربة من قِبل الحرس الثوري الإيراني إلى الحوثيين، مخصص لسحب البيانات والتجسس على خصوصيات المواطنين. و”سيلبرايت” شركة إسرائيلية متخصصة في تقنيات استخراج البيانات من الهواتف المحمولة والأجهزة الرقمية وتحليلها، وتُستخدم أدواتها بشكل واسع من قِبل وكالات أمنية وجهات إنفاذ القانون حول العالم.
مساعي الحوثيين تكنولوجياً
في المقابل، يسعى الحوثيون لتحصين أنفسهم تكنولوجياً، واستخلاص الدروس من حالة الاختراق التي تعرض لها حزب الله في لبنان، وفي السياق كان موقع “ديفنس لاين” المتخصص بالشؤون العسكرية، قد كشف في أيار/ أيار الماضي أن جماعة الحوثيين اتجهت إلى إدخال أنظمة ومعدات اتصالات جديدة، وتوطين تقنيات صينية وروسية ومن بلدان أخرى، في محاولة لتقليل الاعتماد على بنية اتصالات الجماعة التي لعبت إيران في تطويرها منذ سنوات بما يحقق الارتباط والتشارك مع اتصالات الحرس الثوري وفيلق القدس وجماعات المحور، مع اتساع مخاوف الحوثيين من التعرض لاختراق أمني وتقني على غرار ما جرى لحزب الله في لبنان. ورأى الخبير التقني اليمني، فهمي الباحث، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “إسرائيل واحدة من الدول التي تملك خبرة طويلة في مجال الاستخبارات التقنية، وهناك وسائل كثيرة يمكن أن تستخدم في توظيف التكنولوجيا مثل اعتراض الاتصالات الهاتفية والرسائل، ويمكن أن تستخدم أجهزة تسمى إيمزي كاتشر التي هي عبارة عن محطات مزيفة تلتقط اتصالات تعمل كأنها برج تغطية، وهذه لا بد أن تكون موجودة في البلد، وأعتقد أن هذه التقنية مستخدمة سابقاً في اليمن”.
وأضاف: “يمكن التجسس أيضاً عبر طائرات من دون طيار تنتحل أو يكون فيها ايمزي كاتشر تنتحل كأنها برج تغطية، وبالتالي تحويل المكالمات عبرها والاستماع إليها والتنصت، فضلاً على أن الطائرات من دون طيار أصلاً يمكن أن تكون مزودة برادارات وكاميرات حرارية تتبع تحركات الأشخاص”. وأضاف الخبير التقني أنه “يمكن تنفيذ هجوم سيبراني عبر برمجيات خبيثة تُزرَع في أجهزة كمبيوتر أو في الشبكات أو الهواتف، ويمكن أن ترسل لهم أشياء متعلقة بالتصيد الاحتيالي، أو هجمات متقدمة تستغل ثغرات يسمونها اليوم صفراً لاختراق الهواتف دون حتى أن تضغط أي رابط، وهذه التقنية اشتهرت بها شركات إسرائيلية في السنوات الأخيرة”. وأشار إلى أن إسرائيل لديها علاقات ودعم من شركات تقنية، وهي شركات ضخمة يمكن عبرها التجسس أو المراقبة أو على الأقل جمع معلومات معينة. بالإضافة إلى ذلك، تبقى المصادر البشرية موجودة على الأرض، فإذا ما تمكن الإسرائيليون من تجنيد عملاء يمكن توظيفهم، ويتم استخدام التكنولوجيا لتحليل البيانات الواردة منهم لتحديد المواقع أو التأكد من صحة أي بيانات كان مصدرها بشرياً.
قالت اثنتان من المنظمات البحرية البريطانية، الأحد، إنهما تلقتا بلاغين عن واقعة جنوب غربي مدينة ينبع في السعودية. وقالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة أبلغت عن “سقوط جسم مجهول بالقرب منها وسماع دوي انفجار قوي”، مشيرة إلى أن كل أفراد طاقم السفينة بخير وأن السفينة تواصل رحلتها.
وبعد وقت قصير من صدور تقرير الهيئة، أعلنت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري أنها تلقت بلاغا عن واقعة على بعد 37.5 ميل بحري جنوب غربي ينبع. وقالت أمبري، إن السفينة كانت تحمل علم ليبيريا وتعود ملكيتها لإسرائيل. ولم تحدد الهيئة أو الشركة الجهة المسؤولة عن هذه الواقعة لكن الهيئة قالت إن السلطات تجري تحقيقا. وتقع مدينة ينبع على ساحل البحر الأحمر.
ومنذ تشرين الثاني/ تشرين الثاني 2023، يشن الحوثيون هجمات منتظمة بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة على مواقع إسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، في إطار ما يصفونه بـ”الرد على حرب الإبادة المستمرة ضد غزة”. ولم يتضح حتى الآن ما إذا كان الحوثيون على صلة بواقعة اليوم. ولم يصدر بيان عن الجماعة حتى الآن.
وأول من أمس السبت، أعلنت جماعة الحوثيين اغتيال رئيس حكومتها الرهوي ووزراء (لم تذكر أسماءهم ولا عددهم)؛ جراء قصف إسرائيلي على صنعاء، الخميس. وردا على ذلك، أعلن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في كلمة مصورة الأحد، أن قوات الجماعة تتجه نحو “مسار عسكري تصاعدي لاستهداف إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة أو بالحظر البحري”. وقال في هذا الصدد: “مسارنا العسكري في الاستهداف للعدو الإسرائيلي، سواء بالصواريخ والطائرات المسيرة أو بالحظر البحري، مسار مستمر وثابت وتصاعدي. مسارنا في نصرة الشعب الفلسطيني مستمر في كل المجالات بكل ما نستطيع، ونحن نخوض هذه المعركة المقدسة ضد العدو الإسرائيلي في كل المجالات عسكرياً وأمنياً وسياسياً واقتصادياً وإعلامياً”.
وفي أوائل عام 2015 قادت السعودية تحالفا شن حملة عسكرية في اليمن لدعم حكومتها المدعومة من الخليج في مواجهة الحوثيين الذين استولوا على العاصمة صنعاء عام 2014.
في خطوة اعتبرها مراقبون تكريساً للدعاية الإسرائيلية وسط حرب الإبادة المستمرة على غزة، قررت تل أبيب منح وسام الشرف لرئيس مجموعة “أكسل شبرينغر” الإعلامية الألمانية، ماتياس دوبفنر.
وقال رئيس الاحتلال الإسرائيلي إسحق هيرتسوغ، في بيان أوضح فيه حيثيات القرار، إن دوبفنر (62 عاماً) يُعد “أحد أبرز وأشجع الأصوات في أوروبا والعالم في النضال ضد معاداة السامية ودعمه الثابت لدولة إسرائيل”.
وأضاف هيرتسوغ أن دوبفنر “يتحرك انطلاقاً من التزام عميق بقيم الحرية والديمقراطية، وبروح التضامن مع الشعب اليهودي”، لافتًا إلى أن دار نشر “أكسل شبرينجر”، تحت قيادته، اعتمدت “مبادئ واضحة للترابط مع إسرائيل، بما ينسجم مع رؤية مؤسسها أكسل شبرينجر”.
وأشار البيان إلى أن دوبفنر عمل على مدى سنوات لتعزيز العلاقات الألمانية-الإسرائيلية، وأنه منذ حرب 7 تشرين الأول/تشرين الأول 2023 على قطاع غزة، اتخذ “خطوات علنية غير مسبوقة لإظهار التضامن مع إسرائيل، ليصبح رمزاً دولياً للالتزام والشجاعة والوفاء لقيمه – حتى في أصعب ساعات إسرائيل”.
ومن المقرر منح الجائزة في وقت لاحق من هذا العام، من دون تحديد موعد نهائي. ويُعد هذا الوسام أرفع تكريم مدني يمنحه رئيس دولة إسرائيل، وكانت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أول شخصية ألمانية تحصل عليه عام 2014.
كما يندرج ضمن قائمة المكرمين هذا العام المليارديرة الأميركية-الإسرائيلية مريام أدلسون، والمؤرخة دينا بورات، ورائد التكنولوجيا الإسرائيلي يوسي فاردي.