بدأ عشرات الآلاف من جنود الاحتياط الإسرائيليين الالتحاق بالخدمة، يوم الثلاثاء، قبل الهجوم الجديد على مدينة غزة الذي يريد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تسريع وتيرته رغم تحذير ضباط كبار.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن نحو 40 ألف جندي احتياط سيلتحقون بالخدمة يوم الثلاثاء من أجل الهجوم على مدينة غزة.
وقال الجيش إنه يستعد من الناحية اللوجستية لاستيعاب جنود الاحتياط قبل الهجوم.
ووافق مجلس الوزراء الأمني برئاسة نتنياهو شهر آب/ آب الماضي على خطة توسيع الحملة في قطاع غزة بهدف السيطرة على مدينة غزة، حيث خاضت القوات الإسرائيلية اشتباكات مع حركة حماس في المراحل الأولى من الحرب.
وتسيطر إسرائيل حالياً على نحو 75 بالمئة من قطاع غزة، وفق وكالة رويترز.
وشهد اجتماع لمجلس الوزراء الأمني في وقت متأخر من يوم الأحد مشادات بين نتنياهو والوزراء الذين يريدون المضي قدماً في الهجوم على مدينة غزة وبين رئيس أركان الجيش إيال زامير الذي يحث السياسيين على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ونقل أربعة وزراء ومسؤولان عسكريان حضروا الاجتماع عن رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير القول إن “الحملة ستُعرّض الرهائن للخطر وتضع المزيد من الضغط على الجيش المنهك بالفعل”.
ويأتي ذلك بعد خلاف مماثل بين زامير وحكومة نتنياهو شهر آب/ آب الماضي.
مدينة الخيام التي يعيش فيها الفلسطينيون وسط الهجمات الإسرائيلية.
وقال نتنياهو في 20 آب/ آب إنه أصدر تعليمات بتسريع الجدول الزمني للسيطرة على مدينة غزة، لكن مصدراً مقرباً من نتنياهو ومسؤولاً عسكرياً ذكرا أن الجيش حذّر في اليوم التالي 21 آب/ آب من تعريض الرهائن للخطر وقال إنه لا يمكنه بدء الحملة قبل شهرين على الأقل.
وكان السبب الرئيسي لدى الجيش هو الحاجة إلى مزيد من الوقت للجهود الإنسانية إلا أن استطلاعات رأي أظهرت أن نسبة كبيرة من جنود الاحتياط غير راضين عن خطط الحكومة، إذ اتخذ البعض خطوة غير اعتيادية باتهام الحكومة علناً بأنها تفتقر إلى استراتيجية متماسكة بشأن غزة أو خطة لما بعد الحرب في القطاع أو مقاييس واضحة للانتصار.
وقال أحد جنود الاحتياط الذين يخدمون في غزة منذ السابع من تشرين الأول/ تشرين الأول لرويترز، متحدثاً شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخوّل بالتحدث علناً “لا أشعر حقاً بأنني أقوم بشيء يضغط على حماس بدرجة تحملها على إطلاق سراح الرهائن”.
“أسطول الصمود العالمي” يغادر برشلونة نحو غزة
أبحر أسطول يحمل مساعدات إنسانية وعلى متنه مئات الناشطين مجدداً نحو غزة، الاثنين عند الساعة 17:30 بتوقيت غرينتش، انطلاقاً من مدينة برشلونة الإسبانية، بعد أن اضطر قبل ساعات إلى العودة إلى الميناء بسبب رياح عاتية، وفق ما أفاد به صحافيون من وكالة فرانس برس.
وكان نحو 20 مركباً قد غادر برشلونة الأحد ضمن ما يُعرف بـ”أسطول الصمود العالمي”، في مسعى لـ”فتح ممر إنساني ووضع حد للإبادة المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني في غزة”، بحسب الجهة المنظمة.
يهدف الأسطول إلى كسر “الحصار الإسرائيلي” على قطاع غزة.
وأوضح المنظمون في بيان، صباح الاثنين، أن “الأحوال الجوية غير الآمنة دفعتنا إلى القيام بتجربة بحرية ثم العودة إلى الميناء في انتظار مرور العاصفة”، مشيرين إلى أن سرعة الرياح تجاوزت 55 كيلومتراً في الساعة.
وأضاف البيان: “يعني ذلك تأخير مغادرتنا لتجنّب أي تعقيدات مع القوارب الأصغر، واتّخذنا هذا القرار لإعطاء الأولوية لسلامة جميع المشاركين وضمان نجاح المهمة”.
إرهاق وجوع ورعب: هكذا يعيش ويعمل الصحفيون في غزة
ويشارك في الأسطول ناشطون من عشرات الدول، بينهم الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ، والممثل الإيرلندي ليام كنينغهام، والممثل الإسباني إدوارد فرنانديز، إلى جانب نواب أوروبيين وشخصيات عامة مثل رئيسة بلدية برشلونة السابقة آدا كولاو.
ومن المتوقع أن يصل الأسطول إلى غزة منتصف أيلول/أيلول، بعد أن كانت إسرائيل قد منعت في حزيران/حزيران وتموز/تموز محاولتين سابقتين للناشطين لإيصال المساعدات بحراً إلى القطاع.
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه الأمم المتحدة حالة المجاعة في غزة، محذّرة من أن نحو 500 ألف شخص يعيشون أوضاعاً “كارثية”.
بلجيكا ستعترف بـ “دولة فلسطين” خلال اجتماعات عمومية الأمم المتحدة
وأعلن وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو، الثلاثاء، أن بلاده ستعترف بـ “دولة فلسطين” خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في نيويورك خلال أيلول/ أيلول الجاري، مؤكّداً في الوقت نفسه عزم بروكسل فرض “عقوبات صارمة” على إسرائيل.
وكتب بريفو في منشور على منصة إكس: “بلجيكا ستعترف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة! وهناك عقوبات صارمة على الحكومة الإسرائيلية”.
يأتي القرار البلجيكي بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في نهاية تموز/تموز، أن بلاده ستتخذ الخطوة نفسها خلال اجتماعات الجمعية العامة الممتدة من 9 إلى 23 أيلول/أيلول.
ومنذ ذلك الحين، أعلنت أكثر من 12 دولة غربية نيتها الاعتراف بدولة فلسطين.
وأوضح بريفو في منشوره أن “المأساة الإنسانية الجارية في فلسطين، وبخاصة في غزة، وأعمال العنف التي ترتكبها إسرائيل في انتهاك للقانون الدولي (…) دفعت بلجيكا إلى اتخاذ قرارات حازمة لزيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية وإرهابيي حماس”.
وأضاف أن بلجيكا “ستنضم إلى الدول الموقعة على إعلان نيويورك، تمهيداً لحل الدولتين والاعتراف بهما”.
وكانت كل من كندا وأستراليا قد أعلنتا عزمهما الاعتراف بدولة فلسطين، فيما قالت بريطانيا إنها ستُقدم على هذه الخطوة إذا لم توافق إسرائيل على وقف لإطلاق النار في غزة.
من جانبها، اعتبرت الولايات المتحدة وإسرائيل أن قرار هذه الدول الاعتراف بفلسطين يشكّل “مكافأة لحماس” التي شنّت هجوماً غير مسبوق على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/تشرين الأول 2023.
فنانون بلجيكيون ينظمون مظاهرة أمام المسرح الملكي في لامونييه لتسليط الضوء على معاناة أطفال غزة.
وفي ذات السياق، حضّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، الولايات المتحدة على “إعادة النظر” في قرارها رفض منح تأشيرات دخول لمسؤولين في السلطة الفلسطينية لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر.
وكان مسؤول أميركي قد أفاد، السبت، بأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من بين نحو ثمانين مسؤولاً فلسطينياً سيُحرمون من الحصول على تأشيرات للمشاركة في أعمال الجمعية العامة، حيث تقود فرنسا جهوداً للاعتراف بدولة فلسطين.
ويرى مراقبون أن هذا القرار يعكس الدعم الكبير الذي تقدمه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحكومة الإسرائيلية، في ظل الحرب التي تخوضها ضد حركة حماس في قطاع غزة.
الولايات المتحدة تعلّق معظم التأشيرات لحاملي جوازات السفر الفلسطينية
تركيا تقطع العلاقات التجارية مع إسرائيل وتغلق المجال الجوي أمام طائراتها
وتواصل إسرائيل رفضها أي دعوات لإقامة دولة فلسطينية، واضعة السلطة الفلسطينية في خانة واحدة مع حماس.
وقال أردوغان، في تصريحات للصحافيين على متن الطائرة خلال عودته من الصين بعد مشاركته في اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون، إن القرار الأمريكي “لا يتوافق مع سبب وجود الأمم المتحدة”.
وأضاف: “نعتقد أنه يتعيّن إعادة النظر في القرار في أسرع وقت ممكن”.
ويُعرف عن الرئيس التركي انتقاده المتكرر لإسرائيل على خلفية حربها في غزة، إذ يتهم حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بارتكاب “إبادة في القطاع المحاصر والمدمّر”.
غارات إسرائيلية
أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل 13 شخصاً في غارات إسرائيلية استهدفت مدينة غزة فجر الثلاثاء.
وأوضح المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، لوكالة فرانس برس، أن عشرة أشخاص قضوا في غارة استهدفت مبنى سكنياً، فيما قُتل ثلاثة آخرون في غارة ثانية أصابت مبنى سكنياً مماثلاً، مشيراً إلى أن كلا المبنيين يقعان داخل مدينة غزة.
وكانت السلطات الصحية في غزة قالت في وقت سابق، إن ما لا يقل عن 86 شخصاً قُتلوا في غارات إسرائيلية على أنحاء القطاع وأُصيب العشرات خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وقُتل 26 شخصاً في ثلاث غارات جوية منفصلة استهدفت منازل بضواحي مدينة غزة، حيث كثفت القوات الإسرائيلية قصفها الجوي والبري استعداداً لتوسيع نطاق القتال.
حركة حماس تقر بمقتل محمد السنوار بعد ثلاثة أشهر من إعلان إسرائيل اغتياله، فمن هو؟
الحساسية تتفشى في غزة وسط تكدس المخيمات ونقص الدواء والماء
ومن بين القتلى الآخرين الذين أُبلغ عنهم يوم الثلاثاء خمسة أشخاص قُتلوا أثناء انتظارهم في طابور للحصول على طعام في الجنوب، وتسعة أشخاص لقوا حتفهم في قصف شقة سكنية، وسبعة أشخاص قُتلوا بقذائف دبابات إسرائيلية.
وذكرت وزارة الصحة في قطاع غزة يوم الثلاثاء أن 13 فلسطينياً آخرين، بينهم ثلاثة أطفال، ماتوا من الجوع وسوء التغذية خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، ما يرفع العدد الرسمي للوفيات نتيجة هذين السببين إلى 361 على الأقل، من بينهم 130 طفلاً، معظمهم في الأسابيع القليلة الماضية، وفق الوزارة.
أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل 13 شخصاً في غارات إسرائيلية استهدفت مدينة غزة فجر الثلاثاء.
وشنّت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم حماس عليها في السابع من تشرين الأول/ تشرين الأول 2023 الذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه تسبّب في مقتل 1200 شخص واقتياد 251 رهينة بينهم أطفال إلى غزة.
وقالت السلطات الصحية في غزة إن الحملة الإسرائيلية أدت إلى مقتل أكثر من 62 ألف فلسطيني، ولا تحدد السلطات عدد المسلحين الذين قُتلوا، لكنها تقول إن معظم القتلى من النساء والأطفال.
ووصلت محادثات وقف إطلاق النار إلى طريق مسدود في تموز/ تموز.
وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن هناك 20 رهينة على قيد الحياة من أصل 48 لا يزالون محتجزين في غزة.
أقرّت أكبر جمعية من العلماء المتخصصين في أبحاث الإبادة الجماعية والتوعية بها حول العالم، قراراً ينص على استيفاء المعايير القانونية التي تثبت ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة، وفق ما ذكره رئيسها يوم الاثنين.
القرار الذي نقلته رويترز جاء بتأييد 86 في المئة من المصوتين، الذين يبلغ عددهم 500 عضو في الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية.
وينص على أنَّ “سياسات إسرائيل ومآذاراتها في غزة تستوفي التعريف القانوني للإبادة الجماعية الوارد في المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها الصادر عام 1948”.
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل ما يقارب 23 شهرا، لم تعد تداعياتها مقتصرة على الميدان العسكري أو السياسي فحسب، بل امتدت لتؤثر على حياة الإسرائيليين اليومية، حتى في أبسط تفاصيلها مثل السفر أو السياحة. فقد تحولت المطاعم والفنادق والشوارع في عدد من الدول الأوروبية والمتوسطية إلى مسرح لمواقف متوترة، طُرد أثناءها سياح إسرائيليون أو مُنعوا من دخول أماكن عامة، في مشاهد التقطتها عدسات الهواتف وانتشرت كالنار في الهشيم عبر منصات التواصل الاجتماعي.
يعتبر بعضهم هذه الحوادث “مقاطعة شعبية” لإسرائيل، تعكس حالة الغضب العالمية من صور الدمار والمجازر في غزة، لا سيما مع التنديد الدولي الواضح بالجرائم التي ترتكبها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي أصبح مطلوبا لدى محكمة العدل الدولية.
اليونان
في جزيرة ناكسوس اليونانية، وقعت حادثة أثارت جدلا واسعا حين حاول أحد أفراد عائلة بريطانية يهودية إزالة ملصق على جدار مطعم يدعو إلى مقاطعة إسرائيل. رد صاحب المطعم جاء حاسما، إذ طلب منهم مغادرة المكان فورا، ليغادروا وسط تصفيق وسخرية بقية الزبائن.
الفيديو الذي وثّق الحادثة انتشر بسرعة، ورآه بعضهم رسالة على اتساع التضامن الشعبي مع الفلسطينيين في قلب أوروبا.
أما في مدينة فيغو الإسبانية (شمال غربي البلاد)، فقد شهد أحد المطاعم مواجهة أكثر حدة، بعدما طرد مدير المكان مجموعة من السياح الإسرائيليين وعددهم ثمانية. في الفيديو الذي صوّره المدير نفسه، ظهر وهو يصرخ في وجوههم: “أنتم تقتلون فلسطين، اذهبوا لتناول الطعام في غزة”، قبل أن يسحب منهم قائمة الطعام ويضيف: “أنتم تقتلون الناس ثم تذهبون في إجازة. اخرجوا من هنا!” وسط هتافات “فلسطين حرة” و”عاشت فلسطين”.
[bni_tiktok video_id=”7525089395301534977″]
إيطاليا
أما أشهر الحوادث، فوقع في مدينة نابولي الإيطالية، حيث طُرد زوجان إسرائيليان من أحد المطاعم بعد نقاش مع صاحبة المكان عن الحرب على غزة. صاحبة المطعم قالت لهما صراحة: “الصهاينة غير مرحب بهم”، مؤكدة دعمها لما وصفته بـ”الحملة ضد الإبادة الفلسطينية”. الأمر دفع السفارة الإسرائيلية في روما للتدخل، بينما يفكر الطرفان في اللجوء إلى القضاء.
إعلان
ولم يتوقف الجدل عند حدود نابولي، إذ تناقلت وسائل الإعلام الإيطالية والعالمية الواقعة على نطاق واسع.
الحوادث لم تقتصر على البرّ، بل وصلت إلى البحر أيضا. ففي اليونان، اضطرت سفينة سياحية تحمل نحو 1600 راكب إسرائيلي إلى تغيير مسارها إلى قبرص، بعدما رفض مئات المتظاهرين في جزيرة سيروس السماح لها بالرسو، احتجاجا على الحرب على غزة. وقد رفع المتظاهرون لافتة كبيرة كتب عليها “أوقفوا الإبادة الجماعية” إلى جانب الأعلام الفلسطينية.
في جزيرة سيكلاديك، تكرر المشهد عندما اعترض أكثر من 300 متظاهر وصول سفينة “كراون إيريس”، ما حال دون نزول الركاب الإسرائيليين إلى اليابسة وسط مخاوف أمنية.
وبينما يتعرض السياح الإسرائيليون لهذه المواقف في الخارج، يعيش الفلسطينيون في الداخل كارثة إنسانية متصاعدة. فبحسب بيانات وزارة الصحة في غزة، خلّفت الحرب المستمرة منذ ما يقارب العامين نحو 63 ألفا و459 قتيلا وأكثر من 160 ألف مصاب، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود ومئات آلاف النازحين. كما تسببت المجاعة في وفاة 339 فلسطينيا منهم 124 طفلا حتى الأحد الماضي.
على الرغم من أن موعد الانتخابات الإسرائيلية لم يُحدد بعد، والحكومة لم تتفكك أو تُحَل ورئيسها، بنيامين نتنياهو
، يبعث رسائل طمأنة لشركائه مفادها بأنّ الائتلاف سيواصل ولايته حتّى النهاية، افتتح رئيس المعارضة الصهيونية يئير لبيد رسمياً، أمس الاثنين، حملة انتخابات حزبه “يش عتيد” (هناك مستقبل)، في خطوة تتعامل مع المسألة من منظور “وكأن يوم الحسم هو صباح الغد”، حسبما أوردت صحيفة معاريف العبرية، اليوم الثلاثاء، مشيرةً إلى أنها تأتي في سياق التوجه نحو ساحة واحدة واضحة: المعسكر المناوئ لنتنياهو.
التحضيرات المتسارعة أتت في مؤتمر عقده الحزب تحت عنوان “نُحارب من أجل الغد”، وفيه أطلق لبيد تصريحات عدّة صوّرت مؤتمره وكأنه يُعقد “في حالة طوارئ”؛ إذ حدد الأمر بالقول: “نحن في سنة انتخابية”، عائداً على تصريحاته المكرورة لوصف ما تعيشه إسرائيل منذ عامين، وقال إنه “منذ 1948 لم نشهد سنة حاسمة أكثر من هذه لمصير الدولة”، مستخدماً لغة الحرب الوجودية ومواصلاً الحديث عن نهاية الصهيونية “إذا نجح نتنياهو بالفوز بولاية أخرى”. وشدد لبيد في حديثه على أن “ثمة نافذة فرص تُغلَق، ودولة تنهار إذا لم تُشكّل حكومة أخرى”، مشيراً إلى “مسؤولية تاريخية” تقع على عاتق حزبه.
ومع أن رسائل لبيد الدراميّة انطلقت في محاولة لتصوير المخاطر الكامنة ببقاء ائتلاف “معسكر المؤمنين” في سدّة الحكم، خصوصاً وسط التدهور الذي تسبب به في مكانة إسرائيل على الساحة الدولية، إلا أن حقيقة أخرى تكمن خلف تصريحاته؛ إذ يدرك لبيد جيداً، وفقاً للصحيفة، أن معركته الحقيقية ليست ضد حزب الليكود أو ضد نتنياهو، والدليل أن من يريد الإطاحة بالأخير لن يصوّت لـ”الليكود” على أي حال. فالمعركة الحقيقية التي تخوضها المعارضة الإسرائيلية هي على جذب أصوات رافضي استمرار نتنياهو بالحكم.
وعلى خلفية ما تقدم، فإنّ معركة لبيد ستُدار داخل المعسكر نفسه، أي المعارضة الصهيونية، وستتناحر الأحزاب المنضوية فيها، وعلى رأسها حزبه، على نيل أصوات الناخبين، الذين هدفهم الأساسي هو إسقاط نتنياهو ومعسكره عن الحكم. فهي معركة “على قلوب جمهور يُعرّف بأنه مناهض لبيبي (نتنياهو)”، وتتنافس عليه اليوم كل أحزاب المعارضة، إلى جانب لاعب قديم جديد يستعد للعودة إلى الساحة؛ نفتالي بينت، رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، الذي تُرجح استطلاعات الرأي المتتابعة فوزة بحصة الأسد من المقاعد البرلمانية.
أمّا بالنسبة لرسالة لبيد الموجهة إلى الجمهور المناوئ لنتنياهو، ومفادها بأنه “فقط معنا يمكنكم أن تكونوا واثقين من أن أحداً لن يسرق صوتكم وينقله إلى نتنياهو”، فهي لم تأت من فراغ؛ حيث وصفتها الصحيفة بأنها لسعة مباشرة موجّهة نحو بينت، الذي تفككت حكومته المشتركة مع لبيد عام 2022؛ حيث إن حزب “يمينا” الذي قاده بينت سابقاً يتبنى أيديولوجية يمينية لا تختلف كثيراً عن “الليكود”، وبسبب التباينات والمُركبات المختلفة التي تألفت منها حكومة “التغيير” (حكومة بينت لبيد التي كان من المفترض أن يتناوب الرجلان على رئاستها)في حينه، تفجّرت الخلافات إلى أن تفككت الحكومة، ما قاد إسرائيل إلى انتخابات مبكرة وفوز نتنياهو مجدداً عام 2022، ضمن ائتلاف وُصف بكونه “الأكثر تطرفاً” منذ قيام دولة الاحتلال.
ومع ذلك، فإن ثمة فروقات كبيرة عن الانتخابات السابقة هذه المرة، فبينت لا يتنافس على أصوات الجمهور اليميني ولا على مصوّتي اليمين الحائرين بينه وبين نتنياهو. وإنما على أصوات معسكر “الوسط – يسار”، الذي يضم في صفوفه أيضاً اليمين الليبرالي المؤلف من إسرائيليين لا يرغبون بنتنياهو مجدداً في رئاسة الحكومة.
وعلى خلفية ما سبق، تشير الصحيفة إلى أن خريطة المشهد تُرسم من خلال المعركة الكبيرة على الأصوات ذاتها داخل المعسكر نفسه. وبحسبها فإن لبيد يعرف أن بينت يشكل تهديداً عليه أكثر من رئيس حزب “أزرق أبيض”، بيني غانتس، أو رئيس حزب “الديمقراطيون”، يئير غولان؛ حيث يتذكر لبيد جيداً التاريخ المشترك لتأسيس “حكومة التغيير”، والطريقة التي خرج بها بينت منها، حين تفكك حزبه ببساطة، ومعه تفكك الائتلاف بأكمله، تاركاً لبيد يدير حكومة ضيّقة كان مصيرها معروفاً مسبقاً.
والآن، مع اقتراب العودة إلى الساحة، يمكن لبينت، وفقاً للصحيفة أن يظهر بوصفه مرشّحاً صاحب تجربة مثبتة، وشخصية معروفة لدى الجمهور بقدرتها على جذب شريحة كبيرة من ناخبي الوسط. وعلى هذا المستوى، كان خطاب لبيد أقل توجهاً في إطار المعركة ضد نتنياهو، وأكثر إنذاراً إلى داخل المعسكر المعارض؛ حيث قال: “لا تُخدعوا مرة أخرى بمن يعد بحكومة وسط ويستطيع أن يبيع أصواتكم”، وبذلك حمل خطابه رسالة مزدوجة مفادها بأن شرط الحفاظ على المعسكر موحداً يكون بالمشي خلف “هناك مستقبل”، إلى جانب الإشارة إلى بينت بوصفه خصماً مركزياً قد يفرّغ من خزّان الدعم للمعارضة.
خطاب لبيد، ذو الرسائل المكرورة، عدّته الصحيفة مشكلة بالنسبة إلى الجمهور الإسرائيلي الذي سمع بالفعل قادة المعارضة ينذرون بـ”ساعة الطوارئ” أكثر من مرّة، في كل جولة انتخابات، بوصفها الانتخابات المصيرية منذ قيام إسرائيل، وأنها بالنسبة للمعارضة، عبارة عن نهاية الصهيونية، متسائلةً إذا ما كان الجمهور يتأثر بصفارات الإنذار المتتالية، أم بات معتاداً عليها، كما اعتاد على تلك الصفارات التي تنذر من خطر الصواريخ بوصفها جزءاً من الروتين المتواصل منذ عامين. ومع ذلك، فإن لبيد يتصرف “بشكل صحيح”، على المستوى السياسي البحت، بتثبيته المعركة ضد بينت، ومن خلال تصعيده الخطاب ضد نتنياهو وحكومته، التي في فترتها دارت أحداث “الكارثة الكُبرى” في تاريخ إسرائيل.
وفي المحصلة، فإن الحملة الانتخابية لحزب “هناك مستقبل” انطلقت بالفعل، حتى لو لم يُعلن تاريخ الانتخابات بعد، وخلال ذلك، يضع لبيد نفسه بمكانة المسؤول السياسي القادر على تشكيل حكومة، على أساس فكرة حكومة التغيير، محذراً من إعادة سيناريو “سرقة أصوات”. وخلف كلماته الكبيرة، بحسب الصحيفة، تدور معركة بقاء وتناحر على المقاعد داخل المعسكر المعارض، ومعركة ضد بينت، الذي ربما يكون الخصم الحقيقي الأبرز له في جولة الانتخابات المقبلة.
يعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الثلاثاء جلسة جديدة لمناقشة إمكانية فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة، وفق ما ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت.
وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن هذه الجلسة تأتي “لمواجهة التحركات الدولية المتزايدة نحو الاعتراف بدولة فلسطينية”، مشيرة إلى أنها ستكون الثانية في غضون أسبوعين، بعد انعقاد منتدى وزاري محدود برئاسة نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب- لمناقشة القضية ذاتها.
وكان موقع والا الإسرائيلي قد نقل عن مصادر خاصة أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أبلغ نظيره الأميركي ماركو روبيو -خلال لقائهما الأخير في واشنطن- أن تل أبيب تستعد لإعلان فرض سيادتها على الضفة خلال الأشهر المقبلة.
وبحسب صحيفة هآرتس، طُلب من الوزراء في المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) مساء الأحد الماضي مناقشة عدة ملفات، بينها الرد الإسرائيلي على نيّات دول مختلفة الاعتراف بدولة فلسطين في أيلول/أيلول الجاري عبر الدفع بخطوات ضم الضفة الغربية.
وتتزامن هذه التحركات مع اقتراب انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث يتوقع أن تدفع دول -بينها أستراليا وكندا ونيوزيلندا وفنلندا ولوكسمبورغ والبرتغال وسان مارينو- نحو الاعتراف بدولة فلسطينية، إلى جانب دول أوروبية أخرى سبق أن اتخذت مواقف مشابهة، مثل بريطانيا وفرنسا ومالطا والنرويج.
ويواصل جيش الاحتلال والمستوطنون تصعيد اعتداءاتهم بالضفة الغربية والقدس المحتلة، بالتوازي مع حرب الإبادة على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/تشرين الأول 2023، التي أسفرت حتى الآن عن استشهاد 63 ألفا و557 فلسطينيا، وإصابة 160 ألفا و660 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 9 آلاف مفقود، ومجاعة قتلت 339 فلسطينيا، بينهم 124 طفلا.
إعلان
وفي الضفة الغربية، أسفر العدوان الإسرائيلي المتواصل عن استشهاد أكثر من 1016 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال ما يزيد عن 18 ألفا و500 فلسطيني، وفق معطيات فلسطينية.