الحبل القصير للمفاوضات بين سورية وإسرائيل

الحبل القصير للمفاوضات بين سورية وإسرائيل

ليس بوسع الدولة السورية الحالية أن تلبي مطالب إسرائيل، ولذلك لن يذهب بعيداً مسار المفاوضات الذي بدأ منذ أشهر عدة. ما تطمح إليه إسرائيل يفوق مقدرة سورية على الوفاء به، فهي كيان هشّ لا يزال في طور التكون عسكرياً وأمنياً واقتصادياً وسياسياً، وما لم تقطع مسافة منظورة على هذا الطريق الشاق، سيبدو أي اتفاق مع إسرائيل تنازلاً يجر عليها غضباً داخلياً واسعاً، لأن الشارع الذي سكت على التجاوزات الداخلية حتى الآن، من منظور إعطاء الفرصة للإدارة الجديدة، لن يصمت حيال أي اتفاق مختل مع إسرائيل.

الاتفاق المنظور مع إسرائيل أمني، ويجري الحديث عن أن توقيعه سيتم في شهر أيلول/أيلول الحالي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي يحضر أعمالها الرئيس أحمد الشرع، ويلقي أمامها كلمة تقدم التحول السوري الجديد، وهذا حدث يحصل للمرة الأول منذ عام 1967، منذ كلمة الرئيس الراحل نور الدين الأتاسي، التي تركزت على الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

اللقاء الأول لم يبحث في التفاصيل، بل كان هدفه كسر الجليد

بدأت المفاوضات بين سورية وإسرائيل في نقاط حدودية، وجرت بصورة مباشرة، شارك فيها أمنيون، وتركزت الجولة الأولى على جسّ النبض، ولم يخرج الحديث عن العناوين العريضة. وبحسب مصدر سوري، فإن اللقاء الأول لم يبحث في التفاصيل، بل كان هدفه كسر الجليد، وتحديد مواضيع البحث قبل الانتقال إلى طاولة المفاوضات.

جاء اللقاء بوساطة أميركية، قامت على مبدأ ضرورة بناء مسار، يقوم على وضع اللبنة الأولى في المنطقة الحسّاسة، وهي الحدود، التي عبرتها إسرائيل بمجرد سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/كانون الأول الماضي، ومن ثم وضع لبنات أخرى تدريجياً، تبعاً للتقدم الأفقي والعمودي، وعلى هذا الأساس تمّ قياس مستوى كل خطوة، ومدى التقدم الذي تحققه في المفاوضات.

حضور سورية إلى طاولة المفاوضات

إسرائيل كسبت اللقاء من دون شروط، واعتبرت أن سياسة الضربات والتوغلات العسكرية داخل الأراضي مجدية، وحققت نتائج مهمة، أولها، أنها جاءت بسورية إلى طاولة المفاوضات من دون شروط مسبقة، بما في ذلك الوقف المسبق للاعتداءات. ويشكل ذلك نقلة نوعية لأن التفاوض خرج عن مظلة الأمم المتحدة، وعلى أساس قراراتها الخاصة بالنزاع.

جاء المفاوض الإسرائيلي، وهو يعمل على استغلال حال الضعف السوري، لتحقيق مكاسب كبيرة مثل ترسيم الحدود، والحصول على إقرار بأن مرتفعات الجولان المحتلة أرض إسرائيلية، بالإضافة إلى فرض شروط أخرى تتعلق بعدد من قضايا الداخل السوري، وتقييد وجود قوات من الجيش السوري جنوب دمشق، ووعد من الإدارة السورية بالدخول مستقبلاً في “اتفاقات أبراهام” والتطبيع الكامل مع إسرائيل.

إسرائيل جاءت بسورية إلى طاولة التفاوض من دون شروط مسبقة، ما يشكل نقلة نوعية لأن التفاوض خرج عن مظلة الأمم المتحدة، وعلى أساس قرارتها الخاصة بالنزاع

الجانب السوري كان يطمح إلى وقف الاعتداءات التي بدأت في 8 كانون الأول، والتوغلات وقضم الأراضي، الذي يتم بصورة منهجية، واستند على إلغاء اتفاقية فصل القوات. ولم يكن لدى المفاوض السوري مخاوف من أن يتعرض لضغوط إسرائيلية مباشرة، لأنه يعول على الوسيط الأميركي. وهو يطمح لتحقيق ثلاثة أهداف: وقف القصف الإسرائيلي، العودة إلى اتفاقية فصل القوات عام 1974 والانسحاب من المناطق التي توغلت فيها القوات الاسرائيلي بعد 8 كانون الأول، وتحييد إسرائيل عن التدخل في الشأن الداخلي السوري.

اعتبرت واشنطن أن الجولات التقنية التي انعقدت بين وفود أمنية على الحدود كافية لرفع مستوى المفاوضات، ولذلك خطت نحو تطوير مضمون التفاوض وشكله، ونقلت اللقاءات إلى كل من الإمارات وأذربيجان، بالتتالي، بحسب التسريبات. وفي المكانين حصل تقدم في بحث نقاط الاتفاق وجرى نقاش مفتوح، استمع فيه كل طرف إلى وجهات نظر الطرف الآخر.

وصمّمت واشنطن الشكل على النحو التالي: إجراءات بناء ثقة، يليها اتفاق أمني مكتوب يقوم على عدم الاعتداء، ومن ثم اتفاق للتفاوض حول تجديد اتفاقية فصل القوات، والمرحلة الأخيرة هي المفاوضات حول اتفاقية سلام، وفي سياق ذلك يتم فتح ثغرة لانضمام سورية إلى “اتفاقات ابراهام” في حال تحقيق اختراق فعلي.

توقفت حدة الاعتداءات الإسرائيلية خلال المفاوضات، وكانت تحصل بعض العمليات بين حين وآخر، يراد منها توجيه رسائل ضغط على المفاوض السوري، الذي كان يرجع للطرف الأميركي في كل تفصيل بوصف واشنطن هي الوسيط والمسهل، وطموح سورية أن تكون الضامن.

اللافت أن هناك تسريبات كثيرة من وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية علّقت آمالاً كبيرة على جولتي أبوظبي وباكو، وجزمت بعضها بحصول لقاء بين الشرع وتساحي هنبغي رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وهو ما نفته أوساط الإدارة الجديدة.

جاءت أحداث محافظة السويداء جنوب سورية في 13 تموز/تموز الماضي لتقلب الطاولة، لكنها لم توقف المسار التفاوضي كلياً، وإنما نقلته إلى مستوى آخر، إذ دخل عليه عنصر حضور إسرائيل بقوة في معادلة الجنوب السوري، وباتت لدى تل أبيب حجة رسمية مستندة إلى طلب الشيخ حكمت الهجري. وفي هذا الوقت بدأت تسريبات تسير في اتجاهين: الأول إقامة ممر انساني إلى السويداء يعبر محافظتي القنيطرة ودرعا، والثاني إقامة شريط عازل يشمل المحافظات الجنوبية السورية الثلاث، القنيطرة، درعا، والسويداء.

مسار تفاوضي جديد في باريس

ونتيجة للتطورات في السويداء، تشكل مسار تفاوضي جديد في باريس بوساطة فرنسية، وعلى هذا الأساس تمّ عقد عدة جلسات في 24 و25 تموز الماضي، وواحدة في 21 آب/آب الماضي، بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، وقد أعلنت وسائل إعلام سورية عن هذه الجولة، وتحدثت وكالة الأنباء السورية “سانا”، عن موضوع اللقاء “لمناقشة عدد من الملفات المرتبطة بتعزيز الاستقرار في المنطقة والجنوب السوري، وخفض التصعيد وعدم التدخل بالشأن السوري الداخلي، والتوصل إلى تفاهمات تدعم الاستقرار في المنطقة، ومراقبة وقف إطلاق النار في محافظة السويداء”.

على هامش الجولة، انشغلت وسائل الإعلام بالحديث عن خديعة تعرض لها الجانب السوري من إسرائيل تتعلق بإرسال القوات لاقتحام السويداء، ولم تتضح الصورة فعلياً بين سوء تفسير المفاوض السوري لجولة باكو، التي فُهم منها أن تعهد إسرائيل بعدم التدخل في الشأن السوري يشمل السويداء، وبين تراجع الجانب الإسرائيلي عن تعهده بعد أن تعرض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لضغوط من قيادات درزية في إسرائيل، روحية وعسكرية، ما جعله يتدخل ويقوم بتوجيه ضربات للقوات السورية في محيط المحافظة، وقصف مقر الأركان ووزارة الدفاع بدمشق.

جولة باريس انتهت إلى عدم اتفاق، وقادت الجانب السوري إلى الأردن وروسيا وتركيا

وضع السويداء احتل القسط الأكبر من جولة باريس الأخيرة، التي انتهت إلى عدم اتفاق، وقادت الجانب السوري إلى الأردن وروسيا وتركيا. وبحضور المبعوث الأميركي لسورية توم برّاك، تمّ في عمّان تشكيل لجنة ثلاثية متابعة خاصة بالسويداء، وفي موسكو طلب الشيباني مساندة روسية للضغط على إسرائيل، وفي أنقرة جرى توقيع اتفاقية عسكرية لتأهيل الجيش السوري وتزويده بأسلحة نوعية.

يشكّل التحرك السوري السريع في الاتجاهات الثلاثة خطوة ذكية تمكنت دمشق بفضلها من رفع نبرة خطابها في اجتماع باريس الأخير، ورفض أي بحث مع إسرائيل بشأن السويداء، وصار واضحاً أن نبضها صار أقوى في المفاوضات، ولكنها لم تمانع في التعاطي إيجابياً مع الاقتراح الأميركي بتجديد بحث الاتفاقية الأمنية وفق الأسس التي جرى عليها التفاوض قبل أحداث السويداء.

الفروقات كبيرة بخصوص المراد تحقيقه من أهداف في المفاوضات، بين كل من السلطة السورية، وإسرائيل، والولايات المتحدة. إسرائيل ليست في وارد ترك الدولة السورية الجديدة تستقر، وتبني نفسها بعيداً عن هيمنتها، كما أنها ترى الفرصة سانحة لفرض أمر واقع في منطقة الجنوب، وفي الوقت ذاته بعيدة كل البعد عن البحث بموضوع الجولان وفق التصور السوري، الذي يستند إلى نتائج المفاوضات السورية الإسرائيلية بمؤتمر مدريد. في المقابل، تطمح الإدارة الجديدة إلى البحث عن صيغة توقف التصعيد الإسرائيلي، لكن ليس بالثمن الذي تطلبه إسرائيل، فهو باهظ جداً بالنسبة لها، ويصعب عليها دفعه، وهو مُحرِج لها ويضعف سلطتها على الأرض السورية، إضافة لكونه يخرق السيادة. وبحسب التصريحات التي صدرت عن مسؤولين سوريين، فإن الأولوية بالنسبة لدمشق هي التوصل إلى اتفاق أمني برعاية دولية قابلة على طمأنة إسرائيل، ووضع حد لمخاوفها من الحكم الجديد الذي ينحدر قادته من خلفية جهادية، ولذلك تريد تجميد النزاع عند هذه النقطة، وعدم الذهاب أبعد من ذلك في هذه الفترة، ولا ترى لنفسها موقعاً في “اتفاقات ابراهام”، التي تعتبر أنها حصلت بين إسرائيل ودول عربية، ليس بينها وبين إسرائيل نزاعات تاريخية وأرض محتلة.

الاستنتاج المنطقي من قراءة المعطيات المتوافرة يوصل إلى أن هناك مبالغة في أخبار الوصول إلى اتفاق، فالمفاوضات لا تزال في بدايتها، والتعقيدات كثيرة، والمواضيع على جدول الأعمال متشابكة، وثمة مسافة شاسعة بين أولويات كل طرف، وعلى هذا يبدو حبل التفاهم قصيراً، ويحتاج إلى تدخل أميركي من طبيعة خاصة حتى يصمد. وتدرك واشنطن الفروقات الكثيرة بين الطرفين، ولذلك تركز في مرحلة أولى على اتفاق عدم اعتداء ستعمل على تطويره لاحقاً.

“نيويويرك تايمز”: انقسام إسرائيلي بشأن إصرار نتنياهو على اتفاق شامل لإنهاء حرب غزة

“نيويويرك تايمز”: انقسام إسرائيلي بشأن إصرار نتنياهو على اتفاق شامل لإنهاء حرب غزة

تنقسم القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية بشأن إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على التوصل إلى اتفاق شامل لإنهاء حرب غزة، وفقاً لما نقلته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أمس الثلاثاء، عن أربعة مسؤولين مطلعين على المداولات الداخلية.

وبينما يدعو عدد من الشخصيات القيادية في الجيش وجهاز الاستخبارات “الموساد” والحكومة إلى العودة إلى النهج التدريجي لحل النزاع، بدءاً بهدنة مؤقتة، يفضل نتنياهو ووزراء كبار آخرون الآن اتفاقاً أكثر صعوبة يهدف إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين المتبقين دفعة واحدة وإنهاء الحرب بشروط وضعتها إسرائيل، وهي شروط رفضتها حركة حماس حتى الآن، بحسب ما ذكرت نيويورك تايمز.

ونقلت الصحيفة الأميركية عن المسؤولين الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، أن من بين المعارضين لموقف نتنياهو، رئيس أركان الجيش، إيال زامير؛ ورئيس جهاز “الموساد” ديفيد برنيع، ومستشار نتنياهو للأمن القومي تساحي هنغبي، ووزير الخارجية جدعون ساعر. ولم يُعلّق المعارضون علناً. ولم يُجب مكتب رئيس الوزراء فوراً على طلب التعليق، كما رفض الجيش الإسرائيلي التعليق.

وتحدثت الصحيفة عن وجود شكوك متزايدة في قدرة إسرائيل الآن على تحقيق ما عجزت عن تحقيقه عسكريًا خلال 22 شهراً من الحرب. ونقلت عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين أن زامير عارض في الأسابيع الأخيرة إصرار الحكومة على بسط السيطرة العسكرية الكاملة على مدينة غزة، كما أعرب عن مخاوفه بشأن إرهاق جنود الاحتياط وضعف لياقتهم البدنية، وسط تحذيرات من أن توسيع العمليات قد يعرض المحتجزين الإسرائيليين للخطر ويقتل المزيد من المدنيين الفلسطينيين. وقال أحد المسؤولين لـ”نيويورك تايمز”، إنّ زامير وخلال اجتماع مجلس الوزراء الأمني (الكابينت) ​​أول من أمس الأحد، حذّر مرة أخرى من احتلال مدينة غزة على أساس أنه قد يؤدي إلى أن يصبح الجيش مسؤولاً وحده عن إدارة غزة.

وأمس الثلاثاء، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، إنّ إسرائيل لم ترد حتى الآن على الوسطاء بشأن مقترح اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذي وافقت عليه حركة حماس. وأوضح الأنصاري خلال مؤتمر صحافي أسبوعي في مقرّ وزارة الخارجية في الدوحة: “ليس هناك رد إسرائيلي على الوسطاء حتى الآن، وهناك اتصالات للعودة إلى المفاوضات”، التي تنصلت منها حكومة الاحتلال تماماً، قبل إعلانها عن مخطط لاحتلال مدينة غزة وتهجير سكانها لاستكمال الإبادة الجماعية.

وفي سؤال لمراسل “العربي الجديد” بشأن إمكانية طرح الوسطاء مبادرة جديدة تقوم على صفقة شاملة في ظل التعنت الإسرائيلي، قال الأنصاري إنّ هناك اتصالات تجري حالياً للوصول إلى نمذجة مختلفة للوصول إلى اتفاق، مضيفاً: “لن أخوض في تفاصيل هذه الاتصالات، لكن نحن منفتحون على جميع الحلول بكل أشكالها إذا كان من ممكن أن تصل بنا إلى اتفاق، لكن في الوقت الحالي العرض الموجود على الطاولة هو الخطة المعلن عنها سابقاً ووافقت عليها حماس، غير ذلك رسمياً ليس هناك شيء على الطاولة سوى الاتصالات وتبادل الأفكار”.

وترفض إسرائيل حتّى الساعة الردّ على مقترح اتفاق غزة الذي وافقت عليه حركة حماس، والذي يتضمّن اتفاقاً جزئياً على أساس مقترح أميركي سابق، ويقضي بهدنة لمدة 60 يوماً، تتخللها مجموعة من الإجراءات، يأتي في مقدمتها إطلاق سراح عشرة من المحتجزين الإسرائيليين الأحياء، ونحو 19 من الجثامين، في مقابل إدخال كميات كبيرة يُتَّفَق عليها من المساعدات الإنسانية إلى القطاع وتوزيعها عبر الآلية الأممية، وقال الأنصاري “لا يمكن أن يقبل المجتمع الدولي ربط القضية الإنسانية بوجود صفقة لإطلاق الأسرى”، ودعا إلى “فتح المعابر وإدخال المساعدات لغزة”، لافتاً إلى أن خطوات إسرائيل تلقى معارضة إقليمية ودولية واضحة، كما دعا المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية المجتمع الدولي إلى تشكيل موقف موحد لإيقاف إسرائيل، وقال: “لا فائدة من انتظار عملية السلام بينما لا يوجد طرف إسرائيلي يريد هذه العملية”.

4 دلائل على أكذوبة انتصار نتنياهو

4 دلائل على أكذوبة انتصار نتنياهو

في غمرة احتفائه بما يعتقد أنه انتصارات تاريخية، لم يتردد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، باعتبار نفسه في “مهمة تاريخية وروحية”، معلنا أنه متمسك “جدا” برؤية إسرائيل الكبرى، التي تشمل الأراضي الفلسطينية، وربما أيضا مناطق من الأردن، ومصر، بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل.

وذكرت الصحيفة أن محاوِر قناة i24 الإسرائيلية، شارون غال، الذي كان لفترة وجيزة عضوا يمينيا في الكنيست، أهدى نتنياهو تميمة على شكل “خريطة الأرض الموعودة”، وعندما سئل عن مدى ارتباطه “بهذه الرؤية” لإسرائيل الكبرى، أجاب نتنياهو: “بالتأكيد”.

فكرة أو مصطلح “إسرائيل الكبرى” استخدم بعد حرب 1967، أو ما يعرف بـ”النكسة” للإشارة إلى إسرائيل والمناطق التي احتلتها آنذاك والتي تضم القدس الشرقية، والضفة الغربية، وقطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء، ومرتفعات الجولان.

تأتي تصريحات نتنياهو لا لتؤكد فقط عقيدته الصهيونية المتطرفة التي تعبر عنها تركيبة وسياسات حكومته بشكل واضح، وإنما أيضا حجم الرهانات الشخصية التي تضخمت حد التورم لدى نتنياهو، لا سيما لما اعتبره إنجازات عسكرية مهمة في غزة، ولبنان، وسوريا، وإيران، وحتى في اليمن، والعراق.

هذه المكاسب العسكرية التي يتباهى نتنياهو بتحقيقها، لا تبدو على المستوى الإستراتيجي كنصر حقيقي، يمكن أن يوفر لإسرائيل ضمانات الأمن وتأمين الوجود. بل قد يتحول بعضها إلى معادلات أشبه بالهزيمة لنتنياهو ولإسرائيل.

  • أولا: لا يستطيع نتنياهو اليوم إعلان هذا الانتصار الذي يزعم أنه حققه، لأنه بالقياس إلى الأهداف التي أعلنها في بداية الحرب منذ حوالي 22 شهرا، لم يستعد الأسرى كأحد أهدافه المعلنة، ولم ينهِ حركة المقاومة الإسلامية حماس، بل فضلا عن تلقي جيش الاحتلال ضربات موجعة بكمائن نوعية من كتائب عز الدين القسام، التابعة لحماس، يعود نتنياهو في كل مرة للدخول في مفاوضات مع الحركة. بل ونجحت الحركة في فرض نفسها مفاوضا مع الولايات المتحدة الأميركية، ما يبدد فكرة القضاء عليها، مثلما خطط لذلك نتنياهو.
إعلان

والحقيقة أنه ومنذ الأشهر الأولى للحرب على غزة، تواترت التصريحات من قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومن رموز المعارضة، ومن العديد من زعماء العالم بمن في ذلك الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، بأنه لا يمكن هزيمة حركة حماس، لسبب بسيط لأنها ليست مجرد جماعة مسلحة، وإنما هي فكرة.

  • ثانيا: لا يستطيع نتنياهو أن يزعم أنه نجح بشكل نهائي، في إسكات جبهات المواجهة الأخرى، التي فتحها على نفسه، بعد 7 تشرين الأول/تشرين الأول 2023، سواء مع لبنان، أو اليمن، أو إيران، التي تشير التقديرات إلى أن مشروعها النووي لم يدمَر، وإنما تعرض لأضرار جزئية، قد تجعل سيناريو تسريعه أرجح من سيناريو إنهائه.

ولا تزال المنطقة كلها تنبثق عن أوضاع تنذر بحالة من التوتر والاضطراب، وليس بحالة من الاستقرار لصالح إسرائيل.

كما لا تزال الجبهة الأساسية وهي غزة تلوح كمستنقع يستدرج إليه نتنياهو فيما يشبه “المصيدة الإستراتيجية” بحسب توصيف رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير، الذي عبر في اجتماعات داخلية عن اعتراضه على فكرة احتلال غزة.

  • ثالثا: يتوهم نتنياهو أن حجم الدمار والقتل والإبادة الذي ارتكبه في غزة يمثل عنوان انتصاره، ونجاحه، بينما يرى العالم اليوم حجم الدمار غير المسبوق في قطاع غزة باعتباره جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وهي جرائم حولت إسرائيل إلى كيان بغيض ومنبوذ، يعاني من عزلة، ويفقد دائرة أصدقائه وداعميه تباعا. وتمثل التحولات المعتبرة في مواقف القادة الغربيين باستثناء الولايات المتحدة الأميركية، حجم الضرر الدبلوماسي والسياسي الذي لحق بإسرائيل بسبب ما يرتكبه نتنياهو من إبادة في غزة.

فالرأي العام العالمي يتظاهر بعشرات الملايين أسبوعيا تضامنا مع غزة ورفضا للجرائم المروعة ضد الأطفال والنساء والنازحين. وقد رُفع العلم الفلسطيني في أنحاء العالم خلال العامين الماضيين، كما لم يرفع أي علم بلد في التاريخ.

وتحولت القضية الفلسطينية إلى قلب الاهتمام الدولي، شعبيا ورسميا. وتمثل خطوة العديد من دول العالم الاعتراف بالدولة الفلسطينية أو إعلان نية الاعتراف، تحولا نوعيا في المواقف الدولية في العلاقة بالقضية الفلسطينية.

وتزداد أهمية هذه التحولات عندما تعلن دول من الوزن الثقيل وأعضاء دائمون في مجلس الأمن الدولي، على غرار فرنسا وبريطانيا، نية الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وهو زخم بقدر ما أعاد الاعتبار للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني، بقدر ما أربك القادة الإسرائيليين بشكل لافت، جعلهم يهاجمون تلك الدول ويعتبرونها تصطف إلى جانب حركة حماس.

وفضلا عن كل هذه العزلة الدبلوماسية، يواجه قادة إسرائيل اليوم ملاحقة من القضاء الدولي في مختلف أنحاء العالم، لا سيما محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية.

  • رابعا: اعتبر خبراء أميركيون وغربيون أن نتنياهو بعناده وتماديه في الحرب على غزة، بل ومغامراته العسكرية على الجبهات الأخرى، إنما يورط إدارة ترامب في مستنقع مواجهات عسكرية وحروب هو لا يريدها.

وفي الوقت الذي يكافح ترامب من أجل نحت صورة له كرجل سلام وضد الحروب، واضعا نصب عينيه هدف نيل جائزة نوبل للسلام، يعمل نتنياهو عكس هذا الهدف تماما، من خلال جر ترامب لمستنقع الحرب مع إيران، بل وجر الولايات المتحدة للتورط في المنطقة وإشعال فتيل عدم الاستقرار فيها. وإذ يفعل نتنياهو ذلك يشتت تركيز واشنطن باتجاه الصين عدوا إستراتيجيا، وروسيا خطرا إستراتيجيا.

إعلان

ولقد ارتفعت أصوات عديدة في الولايات المتحدة الأميركية تحذر ترامب، وتدعوه لعدم الانجرار وراء ألاعيب نتنياهو وعناده، وضرورة النأي بنفسه عن سياسات إسرائيلية باتت اليوم قرينة الإبادة وجرائم الحرب والتجويع والتهجير.

  • خامسا: بدد نتنياهو ما كان يمكن أن يعتبر مكاسب عسكرية، عندما فشل في استثمارها سياسيا، مصرا بدل ذلك على التمادي في حرب تحصد أرواح الأبرياء من المدنيين، وتخلف دمارا واسعا، لا يبدو الهدف منه واضحا ولا ممكنا.

وبدا الانتشاء بتلك المكاسب العسكرية فخا ورط القادة الإسرائيليين لا سيما نتنياهو وفريق حكومته في تصريحات خطيرة، تقوض أي فرص للبناء على تلك المكاسب العسكرية والاستثمار فيها سياسيا. فقد تورط قادة إسرائيليون انتشاء بتلك المكاسب في التنظير للإبادة والتهجير القسري، واستعمال النووي ضد أهل غزة.

كما تفاخر نتنياهو بالحديث دون اعتبار لدول المنطقة، عن هدف إسرائيل في إعادة تشكيل المنطقة، وهندسة الشرق الأوسط. ومضى في أكثر من مرة إلى حد استدعاء وهْم “إسرائيل الكبرى” التي تشمل أجزاء من دول عربية كثيرة، بعضها مطبِع مع تل أبيب.

وقد أثار هذا الموقف الإسرائيلي حفيظة وغضب دول المنطقة، ووضع حظوظ إسرائيل في إقامة علاقات طبيعية مع هذه الدول محل شك وتساؤل.
بيد أن الغرور الإسرائيلي لا يزال يتمادى، حتى إنه نقل عن نتنياهو في أحد اجتماعات حكومته قوله إن دولا عربية ستطبع مع إسرائيل دون الحاجة لأن توقف إسرائيل حربها.

  • سادسا: ثمة وهم يسكن عقول وأطماع القيادة الإسرائيلية المتطرفة اليوم، سيساهم مساهمة كبيرة في تعميق أزمتها، وتبديد ما حققته مما يبدو مكاسب عسكرية وأمنية، وهي فكرة الهيمنة على المنطقة وإعادة تشكيلها على مزاجها.

فالتفوق العسكري الذي تعمل الولايات المتحدة الأميركية بالتعاون مع دول غربية على تأمينه لإسرائيل، باتت القيادات الإسرائيلية الأخيرة تقرؤه بشكل خاطئ، وتفهمه باعتباره فرصة للهيمنة على المنطقة وصاحبة القول الفصل فيها وعليها.

وبرزت هذه النزعة في التصريحات الكثيرة التي تصدر عن نتنياهو وشخصيات إسرائيلية أخرى بما يفيد هذا الموقف. فسمعنا كثيرا من القيادات الإسرائيلية كلاما عن: إعادة تشكيل المنطقة، الاتفاقيات الأبراهامية، إسرائيل الكبرى.

وصاحب هذه المواقف والتصريحات عدوانية إسرائيلية جامحة، تستبيح دول المنطقة بهجمات عسكرية، في فلسطين، ولبنان، والعراق، وإيران، وسوريا، وشبكات تجسس نشطة.
وإذ يندفع الإسرائيليون بهذا الجموح الهيمني، منتشين بالحملات العسكرية التي يستهدفون بها دول المنطقة، بما في ذلك إيران، يتناسون حقائق صلبة لا يمكن القفز عليها ولا تجاهلها في التاريخ والديمغرافيا والجغرافيا والسياسة والإستراتيجية.

فحلم التحول إلى القوة المهيمنة إقليميا، لا تكفي فيه المكاسب العسكرية الإسرائيلية المرفوعة والمدعومة بالكامل من الولايات المتحدة الأميركية، وإنما يقتضي شروطا أخرى أهم، لا يبدو أن إسرائيل في وارد توفيرها، لا حاضرا ولا مستقبلا.

فإسرائيل التي لا يزيد عدد سكانها عن 10 ملايين نسمة، منهم 25% من العرب، لا يمكنها أن تجعل من نفسها القوة المهيمنة في منطقة تعد حوالي 450 مليون عربي، و90 مليون إيراني، وحوالي 90 مليون تركي، مع مساحة جغرافية تزيد عن 15 مليون كيلومتر مربع، بينما لا تزيد المساحة المحتلة التي تقع عليها إسرائيل عن 23 ألف كيلومتر مربع.

ولا تبدو إسرائيل تملك من مقومات قوة إقليمية مهيمنة، وهي بطبعها، باعتبارها قوة احتلالية، تواجه إعاقة حتى في طبيعتها، وعدم قابلية اندماجها في المنطقة، وعدم قبول مكونات المنطقة بالتسليم لها كقوة إقليمية مهيمنة، كل ذلك يبدد التطلعات الإسرائيلية بالهيمنة على المنطقة، ويجعل منها مجرد أوهام.

إعلان

ففضلا عن المزاج الشعبي العام في المنطقة الرافض، بل والمعادي بشدة لإسرائيل، لا تبدو الأخيرة قادرة على القضاء أو إخضاع من تعتقد أنهم يقفون في وجهها لتنفيذ مخططها، فلا تركيا الناهضة، ولا إيران العنيدة، ولا مصر الباحثة عن نفسها، ولا سوريا القادمة من بعيد، ستقبل بمشهد إقليمي، تشكله إسرائيل، وتتحكم فيه، وتهيمن من خلاله على المنطقة.

بل ستواجه إسرائيل رغم ما تبديه من علو كعبها اليوم، تحديات داخلية وإقليمية ودولية كبيرة، لن تدفعها فقط إلى الانكفاء والانحسار، وإنما ستجدد السؤال الذي يؤرقها ويلاحقها منذ القيام إلى اليوم، وهو سؤال الوجود نفسه.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

البند 28… فكرة سياسية لها سوابق

البند 28… فكرة سياسية لها سوابق

القمة الإسلامية الأخيرة التي انعقدت في مدينة جدة السعودية نصت في البند 28 من بيانها الختامي على “دعوة الدول الأعضاء إلى متابعة دراسة مدى توافق إسرائيل مع ميثاق الأمم المتحدة، وتنسيق العمل من أجل تعليق عضويتها في الأمم المتحدة”. نظرياً يبدو هذا الموقف تطوراً مهماً ومعاكساً لمشروع إدماج الكيان الإسرائيلي في المنطقة الذي أعطبه السابع من تشرين الأول/ تشرين الأول، لكن تحقيق وضع إسرائيل على محك المساءلة الدولية، يحتاج إلى مجهود سياسي وإقليمي جدي. الجمعية العامة للأمم المتحدة على الأبواب، وهي فرصة لمزيد من عزل المشروع الإسرائيلي.

يقول قائل: إذا كانت الدول الأعضاء في المنظمة الإقليمية الإسلامية قد توصلت إلى هذا اليقين السياسي الجمعي بعدم مطابقة إسرائيل مع الميثاق الأممي، وفي الواقع لم يكن الأمر يحتاج أبداً إلى أي اجتهاد لاستخلاص ذلك، فما الذي يفسر استمرار تعامل بعضها مع إسرائيل، خصوصاً في هذا الظرف الذي تظهر فيه الأخيرة أبشع وجه للاحتلال، وقد استقبلت البحرين قبل أيام السفير الجديد لإسرائيل، والسفن ما زالت تبحر بين الموانئ التركية والأراضي المحتلة، وأمثلة أخرى بلا حصر؟

لا يوجد تفسير منطقي لذلك، السياسة والمنطق لا يلتقيان في الغالب، ثم أن القانون والمنتظم الدولي بحد ذاته لم تعد له أي فاعلية، وفَقَد معناه بقدر كبير في الظروف الأخيرة التي تتسم بلا يقين في العلاقات الدولية والإقليمية. مع ذلك تتوفر الآن خصوبة وأرضية سياسية لفكرة تعليق عضوية إسرائيل في هيئات المنتظم الدولي، سواء الأمم المتحدة أو الهيئات الأخرى، السياسية والثقافية والاقتصادية والرياضية وغيرها، أكثر من أي وقت مضى، بعدما استعاد الحق الفلسطيني في خضم الصراع مع المشروع الصهيوني التوسعي وهجه وإسناده الواسع من الأمميات المختلفة، بحيث أمكن إعادة تعريف القضية الفلسطينية على نحو إنساني ودولي غير مسبوق، وهي فكرة يمكن أن تتطور مثلما تطورت فكرة كسر الحصار من شاحنة وقارب، إلى أسطول دولي شامل، والمقاطعة من السلع إلى الجامعات.

في عام 1974، نجحت الجزائر، التي كانت تترأس الجمعية العامة للأمم المتحدة، في طرد الوفد الإسرائيلي من اجتماع الجمعية العامة (ترأسها وزير الخارجية الجزائري حينها عبد العزيز بوتفليقة). في ذلك الخطاب الشهير للرئيس الراحل ياسر عرفات، وخلال الفترة الماضية بعد السابع من تشرين الأول 2023، أمكن أيضاً طرد الوفد الإسرائيلي من بعض الاجتماعات الدولية والإقليمية، فقد طُرد الوفد الإسرائيلي من الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا في شباط/ شباط 2023، ومن الدورة العاشرة لمنتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات في البرتغال في تشرين الثاني/ تشرين الثاني 2024، وقبله من الاجتماع البرلماني الدولي في روسيا، كلها شواهد تجعل الفكرة ممكنة، وخطوات مهمة يمكن البناء عليها وتطويرها سياسياً، وجزء من موقف يتشكل في اتجاه عزل سياسي لإسرائيل.

هناك سابقة مهمة يمكن البناء عليها في هذا الاتجاه، مع فارق السياقات، وهو قرار تعليق عضوية نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا، ففي 12 تشرين الثاني 1974، أقرت الأمم المتحدة تعليق عضوية جنوب أفريقيا في الأمم المتحدة بسبب تبنّيها سياسات الفصل ونظام التمييز العنصري، في الوقت الذي كان فيه هذا النظام يحظى بدعم أميركي وغربي. والجمعية العامة للأمم المتحدة التي تنعقد هذا الشهر، تظل فرصة مناسبة وثمينة للدول والحكومات العربية والإسلامية لتضمين خطابها السنوي مطلب فحص دولي لمدى توافق السياسات الإسرائيلية مع الميثاق الأممي، والدفع باتجاه تعليق عضوية إسرائيل التي ولدت بقرار أممي بالأساس.

الحوثيون يعلنون مهاجمة أهداف إسرائيلية بالطيران المسيّر

الحوثيون يعلنون مهاجمة أهداف إسرائيلية بالطيران المسيّر

أعلنت جماعة أنصار الله (الحوثيون)، الثلاثاء، تنفيذ 4 عمليات عسكرية بأربع طائرات مسيّرة ضد أهداف للاحتلال الإسرائيلي. وقال بيان للمتحدث العسكري للحوثيين إن قواته استهدفت مبنى هيئة الأركان الإسرائيلية في يافا المحتلة بطائرة مسيّرة من نوع صماد 4، كما استهدفت بـ3 طائرات مسيّرة محطة كهرباء الخضيرة، ومطار اللد (بن غوريون) في يافا، وميناء أسدود بفلسطين المحتلة، مشيراً إلى أن العمليات أصابت أهدافها بنجاح.

وأضاف البيان أنه “جرى استهداف سفينة (MSC ABY) شمالي البحر الأحمر بطائرتين مسيّرتَين وصاروخ مجنّح لانتهاكها قرار حظر الدخول إلى موانئ فلسطين المحتلة وارتباطها بالعدو الإسرائيلي”، وجدد البيان تأكيد الاستمرار في إسناد غزة حتّى وقف العدوان عليها ورفع الحصار عنها.

وكان الحوثيون أعلنوا أمس الاثنين، استهداف سفينة نفطية إسرائيلية بصاروخ باليستي قبالة سواحل البحر الأحمر. وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيي سريع في بيان: “نفذت القوات البحرية في القوات المسلَّحة اليمنية (قوات الجماعة) عملية عسكرية استهدفت سفينة (SCARLET RAY) النفطية الإسرائيليةَ شمالي البحر الأحمر، وذلك بصاروخ باليستي أصاب السفينة”.

وكانت اثنتان من المنظمات البحرية البريطانية قد قالتا الأحد إنهما تلقتا بلاغين عن واقعة جنوب غربي مدينة ينبع في السعودية. وقالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة أبلغت عن “سقوط جسم مجهول بالقرب منها وسماع دوي انفجار قوي”، مشيرة إلى أن كل أفراد طاقم السفينة بخير وأن السفينة تواصل رحلتها.

ومنذ تشرين الثاني/تشرين الثاني 2023، يشن الحوثيون هجمات منتظمة بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة على مواقع إسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، في إطار ما يصفونه بـ”الرد على حرب الإبادة المستمرة ضدّ غزة”.

غروندبرغ يدعو لخفض التصعيد ويطالب الحوثيين بالإفراج عن الموظفين الأمميين

في السياق، أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ عن قلقه البالغ إزاء استمرار “دوامة الأعمال العدائية بين أنصار الله (الحوثيين) وإسرائيل وتداعياتها على اليمن والمنطقة”، داعياً إلى “ضبط النفس، وخفض التصعيد، وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية”.

وأكد غروندبرغ مسؤولية جميع الأطراف المعنية في الحد من تفاقم التصعيد، مشدداً على “أهمية الوحدة الإقليمية والدولية لجهود الأمم المتحدة الرامية إلى تعزيز السلام في اليمن”. وجدد المبعوث الأممي إدانته الشديدة “لموجة الاعتقالات التعسفية الأخيرة، والمستمرة حسب التقارير”، لموظفي الأمم المتحدة على يد أنصار الله (الحوثيين)، مطالباً بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية. وأكد غروندبرغ أن هذه الاعتقالات، بالإضافة إلى “اقتحام الحوثيين مقرات الأمم المتحدة ومصادرة ممتلكاتها، تُعرّض قدرة الأمم المتحدة على العمل في اليمن وتقديم المساعدة الضرورية لشعبها لخطر جسيم”. وحثّ غروندبرغ الجميع على إعطاء الأولوية لإيجاد حلول مستدامة لليمن، مؤكداً أن الأمم المتحدة لا تزال شريكًا ثابتاً للشعب اليمني في مسيرته نحو السلام.

وكان غروندبرغ، قد اختتم الثلاثاء، زيارة إلى مسقط، إذ التقى بكبار المسؤولين العمانيين، وكبير مفاوضي أنصار الله (الحوثيين) محمد عبد السلام، وممثلين عن السلك الدبلوماسي. إلى ذلك صعدت جماعة الحوثيين من حملتها المستمرة ضد موظفي المنظمات الأممية والدولية في العاصمة صنعاء، واعتقلت عدداً منهم، بالتوازي مع استدعاءات جديدة لموظفين آخرين وإجبارهم على تسليم حواسيب وهواتف شخصية تمهيداً لتفتيشها والتحقيق معهم.

وأقدم مسلحو جماعة الحوثيين على اعتقال11 موظفاً في برنامج الأغذية العالمي في اليمن، 8 منهم من مكتب صنعاء، وثلاثة آخرين من مكتب الحديدة، كما اقتحم مسلحو الجماعة مقرّ اليونيسيف في صنعاء، واحتجزوا عدداً من الموظفين قبل استجوابهم. يأتي ذلك في سياق حملة واسعة ينفذها الحوثيون عقب الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت اجتماعاً لحكومة الحوثيين الخميس الماضي وأدت إلى مقتل رئيس الحكومة غير المعترف بها أحمد الرهوي وعدد من وزرائه.