خرج صحافيون، الأربعاء، في وسط لندن تضامنًا مع زملائهم في غزة عقب قصف إسرائيلي مطلع الأسبوع على مستشفى ناصر في قطاع غزة أودى بحياة 20 شخصًا بينهم خمسة صحافيين.
وتجمع أعضاء من الاتحاد الوطني البريطاني للصحافيين أمام مكاتب ومقر إقامة رئيس الوزراء كير ستارمر في دوانينغ ستريت، حيث سلّموا رسالة يطالبون فيها بالمساءلة وتكثيف الإجراءات البريطانية لحماية العاملين في مجال الإعلام.
ونظموا وقفة احتجاجية وقرأوا بصوت عال أسماء أكثر من 200 صحافي أحصتهم هيئات تعنى بمراقبة الصحافة في عداد الشهداء في غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من السابع من تشرين الأول/ تشرين الأول 2023.
موجة من الإدانات
وأسفرت ضربات الإثنين على خانيونس جنوب غزة عن استشهاد 20 شخصًا على الأقل، من بينهم خمسة صحافيين تعاونوا مع قناة الجزيرة وأسوشييتد برس ورويترز، ووسائل إعلام أخرى.
وزعم الجيش الإسرائيلي الثلاثاء أن قواته استهدفت كاميرا تابعة لحماس في الهجوم الذي أثار موجة من الإدانات الدولية.
تجمع أعضاء من الاتحاد الوطني البريطاني للصحافيين أمام مكاتب ومقر إقامة رئيس الوزراء كير ستارمر في دوانينغ ستريت- رويترز
وهذا أحدث هجوم إسرائيلي في سلسلة من الهجمات التي أسفرت عن استهداف صحافيين، ما أدى إلى اتهامات باستهدافهم عمدًا.
وأعلن الاتحاد الوطني للصحافيين في وقت سابق هذا الأسبوع أن أعضاءه سينضمون إلى نقابات شقيقة حول العالم فيما أسماه “48 ساعة من التضامن مع الصحافيين العاملين في غزة”، والتي بدأت الثلاثاء.
وقالت ديبورا هوبسون، الصحافية المستقلة والعضو في الاتحاد الوطني للصحافيين، التي ساعدت في تنظيم الوقفة الاحتجاجية والرسالة الموجهة إلى ستارمر “نحن هنا لإثبات التضامن، ولإظهار مدى صدمتنا كزملاء صحافيين إزاء ما يحدث”.
“رد لا يرقى لما هو مطلوب”
واعتبرت هوبسون رد فعل حكومة ستارمر (يسار الوسط) على مقتل الصحافيين مؤخرًا وكذلك الحوادث السابقة، بأنه “لا يرقى لما هو مطلوب”.
وقالت هوبسون: “لا شيء يدل على أن المملكة المتحدة مستاءة بشدة”.
وأضافت: “لدينا رئيس وزراء محام في مجال حقوق الإنسان”، في إشارة إلى مسيرة ستارمر المهنية قبل دخوله معترك السياسة.
وتابعت: “نتوقع الأفضل من حكومة حزب العمال على أي حال، نظرًا لسمعتها التاريخية في مجال العدالة والمساواة”.
وقال الكاتب والمحرر مايك هولدرنس إنه جاء “لتكريم زملائنا وتخليد ذكراهم، وللمطالبة بأقوى تدابير الحماية” للصحافيين الذين ما زالوا يعملون في غزة وغيرها. وأضاف: “هذه الوقفة الاحتجاجية هي تخليد لذكرى أولئك الذين ضحوا بحياتهم في سبيل نقل الحقيقة”.
أدت حرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ تشرين الأول 2023، إلى تدمير كامل للأحياء، لكنّ قصّة حي الرمال في مدينة غزة تُسلّط الضوء على النهج الإسرائيلي في تصعيد العنف بشكل غير مسبوق قبل الدخول في مفاوضات من أجل أي هدنة ممكنة.
وبعد أنّ كان حي الرمال نابضًا بالحياة، يحمل الآن آثار هذا الرعب المنظّم، حيث تقف شوارعه ومنازله شاهدًا وحيدًا على هذا الدمار الذي لا يرحم، وفقًا للكاتبة الفلسطينية داليا أبو رمضان.
وحي الرمال هو واحد من أقدم وأعرق أحياء غزة. اشتهر بجماله وازدهاره وحيويته، إذ يجمع بين الأناقة السكنية والحيوية التجارية.
ويمتد الحي على طول ساحل مدينة غزة، وكان يجذب السكان والزوار على حد سواء بمبانيه الحديثة الشاهقة ومطاعمه الراقية المطلة على البحر، ومؤسساته التعليمية المرموقة.
وقد جعله سوق العمل المزدهر مركزًا اقتصاديًا وثقافيًا في قلب غزة. فخلال الأعياد، كانت العائلات من الشمال والجنوب تتوافد على سوق الحي النابض بالحياة، والذي كان يُعتبر رمزًا للكرامة والرخاء وسط حصار دام عقودًا.
وهذا الأمر جعل جيش الاحتلال يتباهى بتدمير الحي خلال غزوه البري للمدينة، إذ اعتبر جرائمه “ضربةً لرمز قوة أهل غزة وازدهارهم، ومحاولة مدروسة لكسر عزيمة سكانها الذين صمدوا في وجه القصف والدمار”، وفق ما كتبت أبو رمضان في مقال لمنصّة “prism” الأميركية المستقلّة.
حي الرمال غير قابل للتمييز
وبعد أن كان من أكثر مناطق غزة كثافة بالسكان، أصبح حي الرمال الآن غير قابل للتمييز.
فبعد توافد السكان إليه عقب وقف إطلاق النار الذي استمر 60 يومًا عام 2024، استهدف جيش الاحتلال في أيار/ أيار من العام نفسه، وبشكل يومي الحي، كما لو أنّ مجرد وجود المدنيين أصبح مبررًا إسرائيليًا لتحويل الحي إلى ساحة قتل. وكلما ازداد عدد المدنيين في مبانيه وشوارعه، ازدادت الغارات الإسرائيلية شراسة.
وكانت مجزرة 7 أيار 2024، التي ارتكبها الاحتلال في المطعم التايلندي بشارع الوحدة واحدة من أفظع الجرائم التي شهدها الحي، حيث استشهد 33 فلسطينيًا وأُصيب 86 آخرين، معظمهم من الطلاب والخريجين الذي تجمّعوا للدراسة عازمين على مواصلة السعي وراء أحلامهم رغم الحرب.
ومع بدء الحديث عن إمكانية التوصّل إلى وقف إطلاق نار مؤقت في أواخر حزيران/ حزيران الماضي، جدّد الاحتلال مجازره في حي الرمال، مرتكبًا مجزرة الخيام قرب مدرسة العائلة المقدّسة في 27 من الشهر ذاته، ما أدى إلى استشهاد نحو 19 شخصًا، وفقدان آخرين.
واستمرّت سلسلة متواصلة من الفظائع التي حوّلت حي الرمال وقطاع غزة بأكمله إلى أرض يسودها الموت، وحصاد لا ينضب للشهداء. هؤلاء أناس كان لهم عائلات، ومستقبل، وأحلام.
وقصف جيش الاحتلال الإسرائيلي برج شوا وحصري ومحطة للوقود مليئة بالمدنيين قرب مطعم الجرجاوي في شارع الوحدة، ما أسفر عن استشهاد 20 فلسطينيًا وجرح العشرات.
وفي مجزرة مقهى الباقة في 30 حزيران، سقط ما لا يقل عن 41 شهيدًا وأصيب أكثر من 75 آخرين بجروح بالغة.
ففي مدينة لم يبقَ فيها أي مكان آمن، ولا مقاه عاملة، وإنترنت محدود، كان مقهى “الباقة” ملتقى للغزيّين، بينما كان الشاطئ المُواجه للمقهى ملاذًا لهم والمكان الوحيد الذي كانوا يشعرون فيه بالحرية.
كل يوم أسوأ من سابقه
في الثالث من تموز/ تموز الماضي، استيقظ سكان حي الرمال على صراخ النازحين في مدرسة مصطفى حافظ، حيث كانوا يركضون مشتعلين من المبنى، بعد أن قصفتهم طائرات الاحتلال.
وقد وقفت سيارات الإسعاف يومها عاجزة لعدم وجود ماء أو معدات، بينما حاول الناجون استخدام جرار الماء وأيديهم العارية لإطفاء النيران وإنقاذ الجرحى.
واستشهد نحو 15 شخصًا في القصف، معظمهم من النساء والأطفال.
وفي أوائل تموز أيضًا، استهدفت إسرائيل محطة تحلية المياه بالقرب من ساحة الجندي المجهول. وبعد أن كانت الساحة مليئة بالأشجار، أصبحت تعجّ بخيام النازحين والدخان والقصف.
في مرحلة ما، كان حي الرمال جزءًا من شمال غزة لأنّه يقع قبل حاجز نتساريم مباشرة، وهو الجدار الفاصل بين شمال غزة وجنوبها، ولأنّه كان يضمّ مستشفى الشفاء، أحد أوائل المراكز الطبية التي استهدفتها إسرائيل ودمرتها.
لكنّ كل يوم يبدو أسوأ من سابقه، حيث تشتدّ مخالب الاحتلال أكثر في قطاع غزة، بينما يُكافح سكان الحي وقطاع غزة عمومًا من أجل البقاء.
ومع إعلان الاحتلال خطة احتلال مدينة غزة، يشعر سكان حي الرمال والمدينة بالقلق من التهجير.
وقالت: “بعد أن عانينا قرابة عامين من القصف والقتل والدمار، استسلمنا للحياة بين الأنقاض. المدينة مُدمرة، منازل سُوّيت بالأرض، وشوارع لا تُعرف معالمها، وأحياء خالية من الحياة. تحمّلنا قصفًا لا هوادة فيه، وجوعًا مُريعًا، وألمًا لفقدان أحبائنا، ومع ذلك تشبّثنا بهذه الأرض، حاملين ذكريات من رحلوا، والحياة التي كانت تملأ شوارعها يومًا ما”.
وأردفت: “الآن، تُريد إسرائيل إجبارنا على الرحيل، لتمحو ليس فقط الأنقاض، بل أيضًا الذكريات التي حملناها لسنوات، مُهددةً بمحو غزة من قلوبنا إلى الأبد”.
أدت حرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ تشرين الأول 2023، إلى تدمير كامل للأحياء، لكنّ قصّة حي الرمال في مدينة غزة تُسلّط الضوء على النهج الإسرائيلي في تصعيد العنف بشكل غير مسبوق قبل الدخول في مفاوضات من أجل أي هدنة ممكنة.
وبعد أنّ كان حي الرمال نابضًا بالحياة، يحمل الآن آثار هذا الرعب المنظّم، حيث تقف شوارعه ومنازله شاهدًا وحيدًا على هذا الدمار الذي لا يرحم، وفقًا للكاتبة الفلسطينية داليا أبو رمضان.
وحي الرمال هو واحد من أقدم وأعرق أحياء غزة. اشتهر بجماله وازدهاره وحيويته، إذ يجمع بين الأناقة السكنية والحيوية التجارية.
ويمتد الحي على طول ساحل مدينة غزة، وكان يجذب السكان والزوار على حد سواء بمبانيه الحديثة الشاهقة ومطاعمه الراقية المطلة على البحر، ومؤسساته التعليمية المرموقة.
وقد جعله سوق العمل المزدهر مركزًا اقتصاديًا وثقافيًا في قلب غزة. فخلال الأعياد، كانت العائلات من الشمال والجنوب تتوافد على سوق الحي النابض بالحياة، والذي كان يُعتبر رمزًا للكرامة والرخاء وسط حصار دام عقودًا.
وهذا الأمر جعل جيش الاحتلال يتباهى بتدمير الحي خلال غزوه البري للمدينة، إذ اعتبر جرائمه “ضربةً لرمز قوة أهل غزة وازدهارهم، ومحاولة مدروسة لكسر عزيمة سكانها الذين صمدوا في وجه القصف والدمار”، وفق ما كتبت أبو رمضان في مقال لمنصّة “prism” الأميركية المستقلّة.
حي الرمال غير قابل للتمييز
وبعد أن كان من أكثر مناطق غزة كثافة بالسكان، أصبح حي الرمال الآن غير قابل للتمييز.
فبعد توافد السكان إليه عقب وقف إطلاق النار الذي استمر 60 يومًا عام 2024، استهدف جيش الاحتلال في أيار/ أيار من العام نفسه، وبشكل يومي الحي، كما لو أنّ مجرد وجود المدنيين أصبح مبررًا إسرائيليًا لتحويل الحي إلى ساحة قتل. وكلما ازداد عدد المدنيين في مبانيه وشوارعه، ازدادت الغارات الإسرائيلية شراسة.
وكانت مجزرة 7 أيار 2024، التي ارتكبها الاحتلال في المطعم التايلندي بشارع الوحدة واحدة من أفظع الجرائم التي شهدها الحي، حيث استشهد 33 فلسطينيًا وأُصيب 86 آخرين، معظمهم من الطلاب والخريجين الذي تجمّعوا للدراسة عازمين على مواصلة السعي وراء أحلامهم رغم الحرب.
ومع بدء الحديث عن إمكانية التوصّل إلى وقف إطلاق نار مؤقت في أواخر حزيران/ حزيران الماضي، جدّد الاحتلال مجازره في حي الرمال، مرتكبًا مجزرة الخيام قرب مدرسة العائلة المقدّسة في 27 من الشهر ذاته، ما أدى إلى استشهاد نحو 19 شخصًا، وفقدان آخرين.
واستمرّت سلسلة متواصلة من الفظائع التي حوّلت حي الرمال وقطاع غزة بأكمله إلى أرض يسودها الموت، وحصاد لا ينضب للشهداء. هؤلاء أناس كان لهم عائلات، ومستقبل، وأحلام.
وقصف جيش الاحتلال الإسرائيلي برج شوا وحصري ومحطة للوقود مليئة بالمدنيين قرب مطعم الجرجاوي في شارع الوحدة، ما أسفر عن استشهاد 20 فلسطينيًا وجرح العشرات.
وفي مجزرة مقهى الباقة في 30 حزيران، سقط ما لا يقل عن 41 شهيدًا وأصيب أكثر من 75 آخرين بجروح بالغة.
ففي مدينة لم يبقَ فيها أي مكان آمن، ولا مقاه عاملة، وإنترنت محدود، كان مقهى “الباقة” ملتقى للغزيّين، بينما كان الشاطئ المُواجه للمقهى ملاذًا لهم والمكان الوحيد الذي كانوا يشعرون فيه بالحرية.
كل يوم أسوأ من سابقه
في الثالث من تموز/ تموز الماضي، استيقظ سكان حي الرمال على صراخ النازحين في مدرسة مصطفى حافظ، حيث كانوا يركضون مشتعلين من المبنى، بعد أن قصفتهم طائرات الاحتلال.
وقد وقفت سيارات الإسعاف يومها عاجزة لعدم وجود ماء أو معدات، بينما حاول الناجون استخدام جرار الماء وأيديهم العارية لإطفاء النيران وإنقاذ الجرحى.
واستشهد نحو 15 شخصًا في القصف، معظمهم من النساء والأطفال.
وفي أوائل تموز أيضًا، استهدفت إسرائيل محطة تحلية المياه بالقرب من ساحة الجندي المجهول. وبعد أن كانت الساحة مليئة بالأشجار، أصبحت تعجّ بخيام النازحين والدخان والقصف.
في مرحلة ما، كان حي الرمال جزءًا من شمال غزة لأنّه يقع قبل حاجز نتساريم مباشرة، وهو الجدار الفاصل بين شمال غزة وجنوبها، ولأنّه كان يضمّ مستشفى الشفاء، أحد أوائل المراكز الطبية التي استهدفتها إسرائيل ودمرتها.
لكنّ كل يوم يبدو أسوأ من سابقه، حيث تشتدّ مخالب الاحتلال أكثر في قطاع غزة، بينما يُكافح سكان الحي وقطاع غزة عمومًا من أجل البقاء.
ومع إعلان الاحتلال خطة احتلال مدينة غزة، يشعر سكان حي الرمال والمدينة بالقلق من التهجير.
وقالت: “بعد أن عانينا قرابة عامين من القصف والقتل والدمار، استسلمنا للحياة بين الأنقاض. المدينة مُدمرة، منازل سُوّيت بالأرض، وشوارع لا تُعرف معالمها، وأحياء خالية من الحياة. تحمّلنا قصفًا لا هوادة فيه، وجوعًا مُريعًا، وألمًا لفقدان أحبائنا، ومع ذلك تشبّثنا بهذه الأرض، حاملين ذكريات من رحلوا، والحياة التي كانت تملأ شوارعها يومًا ما”.
وأردفت: “الآن، تُريد إسرائيل إجبارنا على الرحيل، لتمحو ليس فقط الأنقاض، بل أيضًا الذكريات التي حملناها لسنوات، مُهددةً بمحو غزة من قلوبنا إلى الأبد”.
تعتبر ميريل ستريب واحدة من أساطير السينما الأميركية عبر تاريخها، فهي الممثلة الوحيدة على قيد الحياة التي حازت ثلاث جوائز أوسكار، كما أنها تحمل الرقم القياسي لأكبر عدد من الترشيحات للأوسكار في صفوف الممثلين مع 21 ترشيحًا.
لكنّ للرئيس الأميركي دونالد ترمب رأيًا آخر، فبعد أن هاجمته في حفل غولدن غلوب عام 2017 عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية عام 2016، رأى ترمب أن ستريب “واحدة من أكثر الممثلات المبالغ في تقديرهن في هوليوود“، واصفًا إياها بخادمة هيلاري كلينتون.
ولم يكن هذا شأن كثيرين من نقّاد السينما عبر العالم، ولا الرئيس الأسبق باراك أوباما الذي قلّدها في تشرين الثاني/ تشرين الثاني 2014 ميدالية الحرية الرئاسية، وهي أعلى وسام مدني أميركي، فقد أعرب عن إعجابه بلا حدود بموهبتها قائلًا: “لقد سبق أن قلت ذلك علنًا: أنا احب ميريل ستريب. أحبها. زوجها على علم ذلك. وميشال تعرف ذلك. ولا يسعهما القيام بأي شيء حيال ذلك”.
أوباما يقلد ستريب ميدالية الحرية الرئاسية عام 2014-غيتي
عُرف عن ستريب انخراطها النشط في القضايا العامة، من الانحياز للمرشحين الديمقراطيين للرئاسة الأميركية إلى أوضاع النساء في أفغانستان، مرورًا بقضايا الحريات عبر العالم، وأوضاع العاملين في هوليوود.
ولكنّ الممثلة التي تدين بشهرتها المدوية إلى فيلم “خيار صوفي” الذي أدت دور البطولة فيه عام 1982، ويتناول الأزمة الوجودية لامرأة بولندية تساق إلى المعتقلات النازية مع ابنيها في أربعينيات القرن الماضي، لم يُعرف لها أي موقف على الإطلاق بخصوص الصراع الأكبر في الشرق الأوسط، ولم يصدر عنها أي موقف مؤيد أو مندّد بإسرائيل أو الفلسطينيين.
ستريب و”المسألة اليهودية”
وأثار موقف وحيد لها عام 2017 جدلًا حول ما إذا كانت ستريب مؤيدة لإسرائيل أم معادية لها، ففي كلمة ألقتها في حفل توزيع جوائز غولدن غلوب في كانون الثاني/ كانون الثاني من ذلك العام، شنت الحائزة على ثلاث جوائز أوسكار هجومًا عنيفًا على الرئيس المنتخب آنذاك دونالد ترمب.
وقالت إن هوليوود ستفرغ من المواهب لو نفذ ترمب أجندته المتشدّدة إزاء المهاجرين، مشيرة إلى أصول عدد من نجوم السينما الأميركية، ومنهم الممثلة الإسرائيلية- الأميركية ناتالي بورتمان التي قالت ستريب إنها من القدس وليس من إسرائيل، ما أثار غضب عدد من مناصري إسرائيل الذين اتهموها بمعاداة السامية.
هاجمت ستريب موقف ترمب المتشدد من المهاجرين-غيتي
وفي كلمتها تلك، هاجمت ستريب الرئيس الأميركي المنتخب دون أن تذكره بالاسم لتهكمه على صحفي معاق أثناء حملته الانتخابية، قائلة إن ذلك أصابها بالذهول وفطر قلبها.
وكانت ستريب تشير إلى واقعة حدثت عام 2015 عندما أشاح ترمب بذراعيه وغيّر نبرة صوته، مقلدًا فيما يبدو الصحافي سيرج كوفاليسكي من صحيفة نيويورك تايمز الذي يعاني من إعاقة حركية.
وفي هجومها، ذكرت ستريب أن “هوليود تمتلئ بالأجانب، إذا طردتهم جميعًا لن تجد ما تشاهده سوى كرة القدم”، مشيرة إلى عدد من نجوم هوليوود المتحدرين من أصول أجنبية، قائلة: “الجميلة روث نيغا ولدت في أديس أبابا ونشأت في إيرلندا. ريان غوزلينغ، مثل كل الناس الرائعين، كندي. وديف باتل ولد في كينيا، ونشأ في لندن، وهنا يلعب دور الهندي الذي ترعرع في تسمانيا”.
وقالت “ولدت سارة بولسون في ولاية فلوريدا. وُلدت إيمي آدامز في إيطاليا، وولدت ناتالي بورتمان في القدس. فأين هي شهادات ميلادهم؟”.
وبسبب إشارتها إلى القدس وليس إسرائيل فيما يتعلق بأصول بورتمان، هاجم مغردون ستريب عبر “تويتر” (إكس لاحقًا)، واتهموها بمعاداة إسرائيل والسامية أيضًا.
“هولوكست” و”خيار صوفي”
كان مستغربًا توجيه اتهامات كهذه إلى ستريب التي وصفتها مواقع إسرائيلية باليهودية على نحو ما، فالممثلة التي بدأت مسيرة احترافها السينمائي بفيلم جوليا (1977) تدين بشهرتها إلى الدراما التلفزيونية القصيرة Holocaust The Story of the Family Weiss” “هولوكست.. قصة عائلة وايس” التي أنتجت عام 1978، وبُثت على قناة NBC على خمس حلقات، إضافة إلى فيلم Sophie’s Choice “خيار صوفي” وهو من إنتاج عام 1982، ونالت عليه الأوسكار الثانية في حياتها.
قدمت ستريب عددا من الادوار التي تتناول حقبة الهولوكست-غيتي
في “هولوكست” يتم تسليط الضوء على المحرقة من خلال عائلة فايس اليهودية التي تعيش في برلين، وتؤدي ستريب في المسلسل دور إنغا المسيحية المتزوجة من أحد أبناء العائلة،
يتناول المسلسل حياة هذه العائلة ويتطرق من خلالها إلى الأحداث الكبرى التي وقعت ليهود ألمانيا، ومنها ما تسمى “ليلة الزجاج المكسور”، وهو وصف لليلة شهدت سلسلة اعتداءات نازية عام 1938 على يهود ألمانيا وممتلكاتهم.
أما فيلمها الشهير الذي تجلّت فيها موهبتها الفذة “خيار صوفي”، فيدور حول مهاجرة بولندية كاثوليكية تعيش في بروكلين، ويرصد علاقتها العاطفية العاصفة والمتقلبة مع صديقها اليهودي الأميركي وأحد الكتّاب الذي يعيش معهما في منزل واحد.
وتتكشف الأحداث عن تعقديات حياة صوفي خلال الحقبة النازية، وانتحارها لاحقًا مع صديقها.
صورة تعود الى عام 1943 لاعتقال يهود في بولندا-غيتي
وفي واحد من مشاهد الفيلم الذي يعرض أجزاء من ماضي صوفي في الحقبة النازية، تظهر صوفي في صف طويل من اليهود الذين يفترض أن يُرسلوا إلى ما تسمى معسكرات الموت، وهي ترد على أسئلة أحد الضباط النازيين.
وعندما تخبره أنها بولندية وليست يهودية يطلب منها أن تختار أحد ابنيها (ولد وبنت) لإرساله إلى معسكرات الموت بدل إرسال الاثنين، فترتبك، وقبل أن تختار أحدهما يقوم الجنود بانتزاع طفليها منها وأخذهما إلى القطار المتجه إلى المعسكرات.
الهولوكست.. وطوابير غزة
يتجلّى أداء ستريب في هذا المشهد بتعبيرها عن مشاعر متناقضة ومتصارعة في الوقت نفسه، وفي تعابير وجهها أكثر من حركة جسدها، وهو تعبير يوحي بالاستسلام والصمت من جهة وبالصراع الداخلي العنيف من جهة أخرى، وبأقل قدر ممكن من اللجوء إلى الكلمات.
وفيه نشاهد ما سيصبح تناولًا كلاسيكيًا على صعيد الصورة للهولوكست، من خلال الحشود المتدافعة والخائفة أمام أعين الضباط النازيين، وهو مشهد يكاد يتكرر يوميًا في قطاع غزة الذي يشهد عدوانًا وحشيًا منذ 7 تشرين الأول/تشرين الأول 2023.
توزيع المساعدات الذي تحول إلى مصائد للموت في قطاع غزة – غيتي
ومنذ أيار/أيار الماضي، تعرض شاشات التلفزة مشاهد مؤلمة جدًا لمئات الفلسطينيين في طوابير مهينة خلال توجههم إلى منافذ المساعدات التي تقوم بتوزيعها مؤسسة غزة الإنسانية، في عملية وصفتها المنظمات الأممية بمصائد الموت، حيث يتعرّض طالبو المساعدات لإطلاق الرصاص من الجيش الإسرائيلي الذي يقف أفراده على بعد أمتار فقط من الطريق الذي يسلكه طالبو المساعدات.
لكن مشهدًا كهذا، وهو يتكرر كثيرًا وبشكل شبه يومي على القنوات الإخبارية، لم يستوقف الممثلة الأميركية الشهيرة التي تدين بثاني أوسكار لها إلى مشهد يعود إلى أربعينات القرن الماضي، لكنه شبيه بما يحدث في قطاع غزة، حيث ثمة ضحية واحدة لفائض القوة والعنصرية في الحقبتين النازية والإسرائيلية.
ويتمثل في مشاهد الطوابير المهينة للمدنيين العزل، وهم يساقون إلى حتفهم، وليس ثمة من خيار لهم سوى ما يقرره من يحوز القوة في الحالتين.
لماذا تتجاهل ستريب أطفال غزة؟
لا يعرف ما إذا كان تجاهل ستريب للأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة التي أثارت كثيرًا من ردود الفعل المتعاطفة مع الفلسطينيين من زملائها في هوليوود عائدًا إلى نقص في الحساسية الأخلاقية لبطلة “خارج أفريقيا”، أو إلى حرصها على عدم التورط في قضية بالغة التعقيد قد تضع أي منحاز فيها لأحد الطرفين في مرمى الانتقادات، وربما التعرّض لعقوبات غير معلنة من شركات صناعة السينما الأميركية، خاصة إذا أعلن موقفًا مندّدًا بإسرائيل ومتعاطفًا مع المدنيين الذين يتعرضون للقتل في قطاع غزة.
ولا يُعتقد أن ثمة نقصًا فادحًا وشائنًا في الحساسية الأخلاقية لستريب إزاء قضايا كثيرة في العالم، فقد عُرفت ستريب بمواقف مناصرة للحريات والمساواة ومنددة بالعنصرية ومعاداة الأجانب والمهاجرين.
ولم تتردد كثيرًا في تشرين الأول/تشرين الأول 2021 في التوقيع على عريضة موجهة للرئيس الإيراني، أطلقتها منظمة “بن أميركا”، للإفراج عن ثلاثة كتاب إيرانيين (رضا خندان مهابادي وكيفان باجان وباكتاش أبتين) كانت تحتجزهم السلطات بسبب كتاباتهم ودفاعهم عن حرية التعبير، بحسب المنظمة.
كما لم تتردد أيضًا في آب/آب 2023 في التبرع بمليون دولار، بالإضافة لزملاء آخرين لها، لدعم الممثلين الأميركيين المضربين في أعقاب الحركة الاحتجاجية التي أطلقها كتّاب السيناريو للمطالبة بتحسين الأجور، وبضمانات بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي.
ستريب في جلسة للأمم المتحدة مخصصة لأوضاع النساء في أفغانستان – غيتي
أما في أيلول/أيلول 2024 فلم تجد حرجًا في شن هجوم عنيف على حركة طالبان بعد فرضها قوانين جديدة تمنع أصوات النساء في الأماكن العامة، والنظر مباشرة إلى الرجال الذين لا تربطهن بهم صلة دم أو زواج.
وخلال مشاركتها في جلسة للتوعية بحقوق المرأة الأفغانية في مقر الأمم المتحدة، قالت ستريب إن “القطط تتمتع بحرية أكبر من النساء في أفغانستان”.
وأضافت: “اليوم في كابول تتمتع القطة الأنثى بحرية أكبر من المرأة، يمكن للقطة أن تجلس على عتبة منزلها وتشعر بأشعة الشمس على وجهها، وقد تطارد سنجاباً في الحديقة”، وقالت: “قد يغني الطائر في كابول، ولكن لا يجوز للفتاة أن تغني في الأماكن العامة”.
ستريب وفضيحة واينستين
إذا لم يكن تجاهل ستريب الأوضاع المأساوية في غزة عائدًا إلى نقص في الحساسية الإنسانية لديها، فربما يكون انحيازًا مضمرًا لجانب دون آخر من الصراع، متقنّعًا بمزاعم الحيادية في خضم الأزمات الكبرى التي قد تعرّض من يتخذ موقفًا منها إلى خسائر فادحة.
وربما يكشف موقف ستريب من قضية التحرش الجنسي في هوليوود (قضية المنتج هارفي واينستين) جزءًا مما يمكن وصفها تكتيكات ستريب لتجنّب الخسارة جرّاء اتخاذ موقف من قضايا شائكة.
اتهمت ستريب بعدم اتخاذ موقف من المنتج واينستين المتهم بالتحرش-غيتي
انضمت ستريب في مطلع 2018 إلى نحو 300 ممثلة وكاتبات سيناريو ومخرجات وشخصيات أخرى في إطلاق مشروع يسمى “تايمز آب” لمكافحة التحرش الجنسي في هوليوود ومهن أخرى.
وظهر المشروع في أعقاب فضيحة واينستين، لكن ستريب التي شاركت في إطلاق المشروع كانت هدفًا لاتهامات كثيرة بالتواطؤ، وبأنها كانت على علم بتصرفات واينستين الذي اتهمته أكثر من مئة امرأة بالتحرش والاغتصاب، وبأنها كذبت حول ما تعرفه بشأن الفضيحة.
وكانت ستريب بطلة الكثير من الأفلام التي أنتجها واينستين الذي وصفته عام 2012 أنه “إله”.
وأصبحت ستريب في مرمى الاتهامات في تشرين الأول/تشرين الأول 2017، بعد الكشف عن الاتهامات التي طالت واينستين رئيس استوديوهات “ميراماكس” سابقًا.
ورغم أن ستريب أكدت أنها “مصدومة” بالاتهامات التي وجهت إليه وأنها لم تكن أبدًا على علم بها، إلا أن كثيرًا من الناشطات في حركة “مي تو” (أنا أيضًا) اعتبرن أن دفاع ستريب لا يتمتع بالمصداقية، وخاطبت الممثلة روز ماكغاون وهي إحدى ضحايا المفترضات لواينستين، ستريب قائلة “صمتك هو المشكلة.. أحتقر نفاقك”.
كما ظهرت ستريب في ملصقات للفنان سابو في لوس أنجلوس الى جانب هارفي واينستين، فيما كتب على عيني الممثلة “كانت تعرف”.
وأظهر استطلاع رأي أجراه جيتندر سيديف وهو مستطلع آراء متخصص بالمشاهير، أن 58 % من الأشخاص الذين استطلعت آراؤهم حول قضية واينستين “كان لديهم شعور سلبي” تجاه ستريب منذ نفيها في البداية معرفتها بما كان يحصل.
موهبة مبكرة وبدايات لافتة
ولدت ميريل ستريب واسمها الأصلي ماري لويز ستريب، عام 1989 في نيوجيرسي لأب يعمل في مجال الأدوية وأم تعمل في مجال النقد الفني.
ظهرت موهبة ستريب مبكرًا. وخلال سنوات دراستها الأولى شغفت بالمسرح، وقدمت عدة أدوار على خشبة المسرح المدرسي، كما تلقت دروسًا في الأوبرا، وكانت ترغب في التوجه للغناء لا التمثيل.
ميريل ستريب وداستين هوفمان في “كرايمر ضد كرايمر”-غيتي
حصلت ستريب على البكالورويس في الآداب والماجستير في الفنون الجميلة من جامعة ييل عام 1975، قبل أن تحترف التمثيل وتظهر في أول أفلامها “جوليا” إلى جانب جين فوندا وفينيسيا ريدغريف عام 1977.
وبعد سنتين فقط حازت أول جائزة أوسكار أفضل ممثلة في دور ثانوي عام 1980، عن دورها في فيلم “كرايمر ضد كرايمر” مع داستين هوفمان الذي أُنتج عام 1979.
وكانت ستريب على موعد مع أوسكار أفضل ممثلة رئيسية عام 1983 عن دورها في “خيار صوفي” الذي أُنتج عام 1982.
وحصلت على ثالث جائزة أوسكار عام 2012 عن دورهها في “آيرون ليدي” الذي يتناول حياة رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر.
وبالإضافة إلى المسلسل التلفزيوني “هولوكست” وفيلم “جوليا” لفتت ستريب الأنظار في هوليوود في عدد كبير جدًا من الأفلام، بدءًا من “ذي دير هانتر” (صائد الغزلان) عن حرب فيتنام، و”كرايمر ضد كرايمر” و “خيار صوفي” و”خارج أفريقيا” و”جسور مقاطعة ماديسون” و”الشيطان يرتدي برادا” و “ماما ميا”، وغير ذلك من أفلام كرّستها واحدة من أعظم المواهب في تاريخ هوليوود.
قالت الأمم المتحدة إن الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة سيحرمون من التعليم للعام الثالث على التوالي، بسبب ما ترتكبه إسرائيل من حصار وحرب إبادة.
وأكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في مؤتمر صحفي أمس الأربعاء، أن “التعليم حق أساسي ولا يجوز حرمان أي طفل منه”، وذلك مع اقتراب العام الدراسي الجديد.
ودعا دوجاريك إلى “حماية حق الأطفال في غزة في الحصول على التعليم”.
وأكد ضرورة إعادة فتح المدارس وضمان تمكين الأطفال الفلسطينيين من مآذارة حقهم في التعليم، محذرًا من أن هذه الأزمة “تهدد مستقبل جيل كامل في غزة”.
تدمير ممنهج للجامعات في غزة
وهناك جيل من سكان غزة في مراحل تعليمية من المدرسة إلى الجامعة، حرم من التعليم بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة منذ عامين تقريبًا والتي دمرت مؤسسات القطاع.
وسبق أن اتهم وزير التعليم الفلسطيني أمجد برهم إسرائيل بتدمير المدارس والجامعات على نحو ممنهج، قائلًا: إنها دمرت 293 مدرسة من أصل 307 إما كليًا أو جزئيًا.
وفي 12 آب/ آب الجاري، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن أحدث تقييم للأضرار استنادًا إلى صور الأقمار الصناعية في تموز/ تموز، كشف أن 97% من المنشآت التعليمية في غزة تعرضت لأضرار بدرجات متفاوتة.
وأضاف أن 91% منها تحتاج إلى إعادة تأهيل أو إعادة بناء كاملة لتصبح صالحة للعمل مرة أخرى.
كما أوضح أنه “لا تزال القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية تحد من دخول المستلزمات التعليمية إلى غزة، وتؤثر سلبًا على حجم المساعدات المقدمة وجودتها”.
وترتكب إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية في غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.