
خطة اليوم التالي في غزة.. ماذا جهّز البيت الأبيض بمشاركة كوشنر وبلير؟
في أروقة البيت الأبيض، التأم اجتماع غير اعتيادي وفق التسريبات، جمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومبعوثه الشخصي ستيف ويتكوف ومستشاره السابق وصهره جاريد كوشنر برفقة توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق.
وكان محور اللقاء بحث خطة اليوم التالي في غزة كما رشح من وسائل الإعلام الأميركية، التي لمَّحت بإشارة لافتة إلى إعادة تدوير أدوار قديمة، خلال وجود وفد إسرائيلي في واشنطن.
صياغة واقع جديد لغزة
وحملت تصريحات ويتكوف نبرة حاسمة حين تحدث عن قرب نهاية الحرب قبل انقضاء العام، مؤكدًا رفض واشنطن لأي صفقة جزئية للمحتجزين وهذا موقف تتقاطع فيه واشنطن وتل أبيب، بحسب تعبيره.
وأوحت التسريبات الإعلامية بأن واشنطن تدفع باتجاه صياغة واقع جديد للقطاع. واقعٌ يقوم على استبعاد حماس تمامًا من الحكم ويمنح إسرائيل اليد العليا في غزة، تحت غطاء إنساني واقتصادي جذاب.
وأمام هذه التصريحات والتسريبات الأميركية، تواصل القاهرة والدوحة حراكًا دبلوماسيًا مكثفًا لوقف نزيف الدم في غزة، حيث يؤكد وزيرا خارجية البلدين خلال لقاء في العلمين أن الأولوية تبقى لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة.
غير أن جهودهما تصطدم بتعنت إسرائيلي واضح وتجاهل دولي متزايد، ما يفاقم خطر المجاعة ويؤجج المأساة، وفق تصريحات الوزيرين. وحملت هذه الكلمات أيضًا مناشدة للعالم للضغط على إسرائيل لوقف الحرب، وإصرارًا على رفض مشروع التهجير تحت أي سبب أو ذريعة.
“خطة لليوم التالي” للحرب في غزة
وفي هذا الإطار، تقول سيسيل شي، المستشارة السابقة في وزارة الخارجية الأميركية وكبيرة الباحثين في مجلس شيكاغو للشؤون العالمية، إن “الحديث يدور عن اليوم التالي في غزة، لا عن نهاية الحرب، وهذا ما يثير القلق”، مضيفة أن “تسريبات للإعلام أشارت إلى أن ترمب متقزز من الوضع بأسره، من قتل الأطفال والمجاعة”، حسب قولها.
ورأت شي، في حديثها إلى التلفزيون العربي من شيكاغو، أن “استدعاء جاريد كوشنر وتوني بلير يوحي بأنهما عملا لفترة على بلورة خطة لليوم التالي في غزة”.
وتوضح أن انخراط جاريد كوشنر في الملف يعني أن دولًا خليجية تستشرف لعب دور فيه، إضافة إلى بعض الليبراليين في إسرائيل”، مشيرة في المقابل إلى أن “وجود توني بلير يُعد خبرًا سارًا، كونه يمتلك خبرة طويلة في فلسطين واطلاعًا على تفاصيل التاريخ وما نصّت عليه الاتفاقية بين مصر وإسرائيل”، حسب قولها.
وتقول: إنّ “توني بلير لا يؤمن بطرد الفلسطينيين، في حين ينظر كوشنر إلى إعادة إعمار غزة عبر علاقاته مع دول الخليج”، مؤكدة أن “أي حديث عن اتفاق سلام في واشنطن يجب أن يسبقه وقف لإطلاق النار”.
“وجود بلير وكوشنر لا يبعث على الأمل”
من جانبه، يعتبر بشير عبد الفتاح، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن “وجود بلير وكوشنر لا يبعث على الأمل، ولا سيما أن بلير اخترع وتبنى ذرائع جورج بوش الابن لغزو العراق عام 2003، وهي ذرائع كاذبة ثبت زيفها لاحقًا بعد تدمير الجيش وتسليم البلد لإيران على طبق من ذهب، وحتى الآن لم يتعافَ العراق مما حدث”.
ويضيف عبد الفتاح، في حديثه إلى التلفزيون العربي من القاهرة، أن “بلير يدير معهدًا يتبنى المقاربة ذاتها التي طرحها كوشنر وترمب، والمتمثلة في تحويل غزة إلى لافييرا الشرق الأوسط”.
ويوضح أن “سيناريو التهجير مطروح في غزة، على عكس المقاربة المصرية التي تدعو إلى إعادة إعمار القطاع مع بقاء الفلسطينيين فيه، وبكلفة أقل بكثير مما اقترحته خطة بلير وكوشنر”.
ونوّه عبد الفتاح إلى أن “مصر وقطر تسعيان إلى مبادرة تقوم على وقف العدوان، ودخول المساعدات إلى غزة، وبحث عملية إعادة الإعمار، وإحياء المفاوضات الخاصة بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية لإنهاء الصراع، وسحب جيش الاحتلال من القطاع، والانطلاق من المرجعيات الدولية لحل الصراع”.
ومضى يقول: إن “المبادرة التي يقدمها بلير وكوشنر تقوم على إعادة احتلال قطاع غزة من قبل إسرائيل، وتهجير الفلسطينيين قسرًا من القطاع أو إبادتهم، ثم ضمّ القطاع ليكون جزءًا من أرض إسرائيل الكبرى التي تحدث عنها نتنياهو”.
ورأى عبد الفتاح أن “هناك رغبة إسرائيلية في الانتقال من تسوية القضية الفلسطينية إلى تصفيتها، عبر احتلال مزيد من أراضي الضفة الغربية لمنع إقامة الدولة الفلسطينية”.
وختم بالقول: “أي حديث عن إعادة إعمار في غزة يجب أن يشار فيه إلى أن إسرائيل هي من دمرتها، وعليها أن تتحمل كلفة إعادة الإعمار”.
“خطة جهنمية”
بدوره، يؤكد مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، أن الحديث عن اليوم التالي في غزة يجب أن يسبقه وقف العدوان ورفع المجاعة ووقف عملية الإبادة الجارية في القطاع.
ويضيف البرغوثي، في حديث إلى التلفزيون العربي من رام الله، أن الولايات المتحدة ترفض التوصل إلى اتفاق جزئي في غزة، “وهو ما يضعنا أمام خطة جهنمية، لا سيما أن توني بلير يُنظر إليه كرمز للموت والدمار في الشرق الأوسط”.
ويضيف: “هناك محاولات لتهجير كامل قطاع غزة وتحويله إلى مشروع ربحي، من خلال السيطرة على بئر الغاز في غزة الذي يُقدّر بـ60 مليار دولار، وكذلك إقامة قناة بن غوريون المائية”.
ويلفت إلى أن “الولايات المتحدة تفعل ما تريده إسرائيل، ولذلك فقد خدعت واشنطن مصر وقطر عندما تحدثت عن الوساطة”، حسب رأيه.