أعلن فريق بحثي من مستشفى “غريت أورموند ستريت”، بالتعاون مع جامعة “سانت جورج” البريطانية، عن تطوير اختبار مبتكر يعتمد على مسحة خدّ، يمكنه الكشف المبكر عن اعتلال عضلة القلب المسبّب لاضطراب النظم لدى الأطفال قبل نحو خمس سنوات من التشخيص التقليدي.
ونقلت صحيفة ذا غارديان البريطانية أنّ الباحثين بيّنوا إمكانية رصد الخلل في البروتينات في بطانة الخدّ، الأمر الذي قد يكشف مبكراً عمّا يحدث في القلب، واستناداً إلى ذلك طوّر الفريق البحثي اختباراً سريعاً لا يستلزم أكثر من دقيقتَين يساهم في الكشف المبكر عن اعتلال عضلة القلب المسبّب لاضطراب النظم الذي يُصنَّف مرضاً وراثياً خطراً، يتحمّل مسؤولية أكثر من 10% من وفيات القلب المفاجئة لدى الأطفال.
وينتج اعتلال عضلة القلب المسبّب لاضطراب النظم عن خلل في البروتينات الموجودة بين خلايا القلب، الأمر الذي يؤدّي إلى مشكلات في بنية القلب ونشاطه الكهربائي. وفي غالب الأحيان، يتفاقم هذا الاعتلال ويضرب من دون سابق إنذار. وقد بيّنت الأبحاث أنّ خلل البروتينات يُمكن رصده كذلك في بطانة الخدَّين، بالتالي يمكن كشف ما يحدث في القلب.
من جهتها، تشرح مجموعة “أيار كلينك” الطبية البحثية أنّ اعتلال عضلة القلب يسبّب صعوبة في ضخّ الدم من القلب إلى بقيّة أعضاء الجسم، الأمر الذي قد يؤدّي إلى الإصابة بأعراض فشل القلب. ويمكن لهذا الاعتلال أن يؤدّي كذلك إلى الإصابة بعدد من أمراض القلب الخطرة الأخرى، علماً أنّ ثمّة أنواعاً مختلفة من اعتلال عضلة القلب.
وقد أجرى الفريق البحثي تجاربه على مدى سبع سنوات، شملت 51 طفلاً تتراوح أعمارهم ما بين ثلاثة أشهر و18 عاماً من الذين لديهم مخاطر وراثية للإصابة بالمرض، وخضعوا لمسحات خدّ دورية كلّ ثلاثة إلى ستّة أشهر. وأظهرت النتائج أنّ 10 أطفال أصيبوا بالمرض، في حين نجحت المسحات في رصد التشوّهات المبكرة لدى ثمانية منهم، قبل أن تكشفها الفحوصات التقليدية.
في الإطار نفسه، اختبر الباحثون المسحة على 21 طفلاً آخرين لم تكن لديهم مخاطر وراثية، وتبيّن وجود مؤشّرات إلى المرض لدى خمسة منهم، الأمر الذي جرى تأكيده لاحقاً عبر الاختبارات السريرية. تجدر الإشارة إلى أنّ الفريق البحثي يعمل، في الوقت الراهن، لتطوير مسحات يمكن استخدامها في المنزل وإرسال العيّنات بالبريد إلى الباحثين لتحليلها.
يُذكر أنّ الباحثين كشفوا عن تفاصيل الاختبار المبكر الذي طوّروه، خلال مؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض القلب، الذي انطلق يوم الأربعاء الماضي 29 آب/ آب 2025 ويُختَتم اليوم الاثنين في الأوّل من أيلول/ أيلول منه، بالعاصمة الإسبانية مدريد، علماً أنّه أكبر مؤتمر طبي للقلب في العالم.
أصبح الصيام المتقطِّع هو الحمية الغذائية السائدة لهذا العقد.
ويَعِدُ هذا النظام الغذائي بحرق الدهون دون عناء حساب السعرات الحرارية أو تقليل الكربوهيدرات، من خلال تغيير مواعيد تناول الطعام، وليس بالضرورة نوعية الطعام.
يُؤكّد عليه أقطاب التكنولوجيا، ويُصرّ نجوم هوليوود على أنه يُحافظ على رشاقتهم. كما تحدّث رئيس الوزراء البريطاني السابق ريشي سوناك ذات مرة عن بدء أسبوعه بصيام لمدة 36 ساعة.
ويؤمن عمالقة التكنولوجيا بفعاليته، ويُصرّ نجوم هوليوود على أنه يُحافظ على رشاقتهم. وتحدَّث رئيس الوزراء البريطاني السابق ريشي سوناك ذات مرة عن بدء أسبوعه بصيام لمدة 36 ساعة.
ويدعم العلم هذه الحمية حتى الآن، إذ تشير الأبحاث إلى أن إطالة فترة الصيام الليلي قد يُحسّن عملية الأيض، ويُساعد على إصلاح الخلايا، وربما يُطيل العمر.
ومع ذلك، لطالما حذّر خبراء التغذية من أن تفويت الوجبات ليس حلاً سحرياً، وقد يكون محفوفاً بالمخاطر لمن يعانون من أمراض كامنة.
ويحصُر الصيام المتقطّع فترة تناول الطعام اليومية بساعات محددة، غالباً ما تصل إلى ثماني ساعات، تاركاً فجوة زمنية قدرها 16 ساعة بدون طعام. أمّا الحميات الغذائية الأخرى المُقيّدة بالوقت، مثل النظام الغذائي 5:2 إذ يتناول الطعام بشكل طبيعي لمدة خمسة أيام في الأسبوع، ثم تقليل كمية السعرات الحرارية لمدة يومين.
وأثارت أول دراسة من نوعها تحذيرات أكثر خطورة. فقد وجد باحثون، من خلال تحليل بيانات أكثر من 19 ألف بالغ، أن من حصروا تناولهم للطعام في أقل من ثماني ساعات يومياً واجهوا خطراً أعلى بنسبة 135 في المئة للوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، مقارنةً بمن تناولوا الطعام لأكثر من 12-14 ساعة.
وارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية يعني أنه بناءً على صحة الشخص ونمط حياته وبياناته الطبية، يكون أكثر عرضة للإصابة بمشاكل مرتبطة بالقلب مثل النوبة القلبية أو السكتة الدماغية.
الصيام المتقطع: ماذا تعرف عن فوائده الصحية وكيف يمكن تطبيقه بصورة صحيحة؟
وتوصلت الدراسة إلى وجود علاقة ضعيفة وغير متسقة بين الأكل المقيد بوقت والوفيات الإجمالية. لكن خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية كان أعلى بشكل حاد.
يؤكد الباحثون أن الدراسة لا تثبت علاقة “السبب والنتيجة”، لكنّها تتحدى السردية التي تصوّر الصيام المتقطع كمسار خالٍ من المخاطر.
وتم تتبع البالغين الأمريكيين على مدى ثماني سنوات. ولفهم عاداتهم الغذائية، طُلب من المشاركين في يومين منفصلين -بفارق أسبوعين تقريباً- تذكّر كل ما تناولوه وشربوه. وبناءً على ما ذكروه، قدّر العلماء متوسط فترة تناول الطعام لكل شخص واعتبروها مُمثلة لروتينه طويل الأمد.
ووجدت الدراسة أن من تناولوا الطعام خلال فترة ثماني ساعات كانوا أكثر عرضة للوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنةً بمن قسموا وجباتهم على مدى 12-14 ساعة.
ووجدوا أن ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية كان متسقاً بين مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية، وكان الأقوى بين المدخنين ومرضى السكري أو أمراض القلب، ما يشير إلى ضرورة توخي الحذر بشكل خاص بشأن تناول الطعام خلال فترات ضيقة وطويلة الأمد.
ووجد الباحثون أن هذا الارتباط ظل قائماً حتى بعد تعديل جودة النظام الغذائي، وتكرار الوجبات والوجبات الخفيفة، وعوامل أخرى تتعلق بنمط الحياة.
وسألتُ الباحثين كيف يُمكننا تفسير النتيجة التي تُشير إلى ارتفاع كبير في الوفيات المرتبطة بأمراض القلب، بينما لا يرتفع إجمالي الوفيات العامة، هل هو عامل بيولوجي أم تحيز في البيانات؟
وأجاب فيكتور وينز تشونغ، الباحث الرئيسي في الدراسة المُحكَّمة والمنشورة في مجلة “داء السكري ومتلازمة التمثيل الغذائي: الأبحاث والمراجعات السريرية”: أن النظام الغذائي يعدّ مُسبباً رئيسياً لمرض السكري وأمراض القلب، لذا فإن ارتباطه بارتفاع وفيات القلب والأوعية الدموية ليس أمراً مُفاجئاً.
بينما قال البروفيسور تشونغ، عالم الأوبئة في كلية الطب بجامعة شنغهاي جياو تونغ في الصين، إن “النتيجة غير المُتوقعة هي أن الالتزام بفترة زمنية قصيرة لتناول الطعام تقل عن ثماني ساعات على مر السنين كان مرتبطًا بزيادة خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية”.
أصبح الصيام المتقطع هو اتجاه النظام الغذائي لهذا العقد
هذا يتعارض مع الاعتقاد السائد، المدعوم بدراسات قصيرة الأمد لا تتجاوز بضعة أشهر إلى عام، بأن تناول الطعام المقيد زمنيًا يُحسّن صحة القلب والأيض.
فمن الناحية الإيجابية، يقول إن العديد من التجارب والتحليلات تُشير إلى أنه يُمكن أن يُعزز فقدان الوزن، ويُحسّن حساسية الأنسولين، ويُخفض ضغط الدم، ويُحسّن مستويات الدهون، مع بعض الأدلة على فوائده المُضادة للالتهابات.
وقد يُساعد الصيام المتقطع على ضبط مستوى السكر في الدم دون الحاجة إلى حساب صارم للسعرات الحرارية، ويتوافق بسهولة مع مآذارات الصيام الثقافية أو الدينية، ومن السهل متابعته.
ويُضيف البروفيسور ميسرا: “مع ذلك، تشمل الجوانب السلبية المُحتملة نقص العناصر الغذائية، وارتفاع الكوليسترول، والجوع المُفرط، والانفعال، والصداع، وانخفاض الالتزام به مع مرور الوقت”.
ويقول: “بالنسبة لمرضى السكري، يُعرّض الصيام غير المُراقَب لمخاطر انخفاضات خطيرة في سكر الدم، ويُعزز تناول الوجبات السريعة خلال فترة تناول الطعام. أما بالنسبة لكبار السن أو المصابين بأمراض مزمنة، فقد يُفاقم الصيام المُطوّل من ضعفهم أو يُسرّع من فقدان العضلات”.
وهذه ليست المرة الأولى التي يُخضع فيها الصيام المُتقطّع للتدقيق.
فقد وجدت دراسة دقيقة استمرت ثلاثة أشهر، ونُشرت في مجلة “جاما” للطب الباطني عام 2020، أن المشاركين لم يفقدوا سوى قدر ضئيل من الوزن، وقد يكون معظمه ناتجاً عن فقدان العضلات. وأشارت دراسة أخرى إلى أن الصيام المُتقطّع قد يُسبب آثاراً جانبية مثل الضعف والجوع والجفاف والصداع وصعوبة التركيز.
ويوضح البروفيسور ميسرا أن الدراسة الجديدة تُضيف الآن تحذيراً أكثر إثارة للقلق، وهو وجود صلة مُحتملة بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، على الأقل في فئات مُعينة.
وسألتُ البروفيسور تشونغ عمّا يُنصح به الأطباء والجمهور من أحدث النتائج؟.
وقال إنه يجب على الأشخاص المُصابين بأمراض القلب أو السكري توخي الحذر بشأن اتباع الصيام المتقطع، حيث تشير النتائج إلى الحاجة إلى نصائح غذائية “شخصية”، مبنية على الحالة الصحية للفرد.
ويضيف: “بناءً على الأدلة المتاحة حتى الآن، يبدو أن التركيز على ما يأكله الناس أهم من التركيز على وقت تناول الطعام. وعلى الأقل، يجدر بالناس التفكير بعدم اتباع الصيام المتقطع لفترة طويلة، سواءً لغرض الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية أو لإطالة العمر”.
ومن الواضح، في الوقت الحالي، أن الرسالة لا تتعلق بالتخلي عن الصيام تماماً، ولكن بجعله ملائما حسب ما يتعرض له الفرد من مخاطر. وإلى أن تتضح الأدلة بشكل أكبر، قد يكون الخيار الأمثل هو التركيز بشكل أقل على مواعيد الطعام وبشكل أكبر على نوعية الطعام.
تشير دراسة صغيرة إلى أن الأطفال الذين يعانون من عيوب خلقية تهدد حياتهم في صمامات القلب، ولا تتوفر لهم قلوب من متبرعين، يمكنهم الاستفادة من عمليات زراعة قلب جزئية.
وفي أول 19 مريضًا خضعوا لعمليات زراعة قلب جزئية باستخدام صمامات فقط من متبرعين، ظلت جميع الصمامات تعمل خلال فترة متابعة وصلت في المتوسط لستة أشهر، وفقًا لتقرير نشر في دورية الجمعية الطبية الأميركية من جراحين في جامعة “ديوك”.
وحتى الآن، أفاد الباحثون بأن الصمامات المزروعة تنمو مع نمو الأطفال. وكان عمر أصغر مريض يومين فقط وقت الجراحة.
“خيار متعدد الجوانب”
وقال الدكتور جوزيف توريك، الذي قاد الدراسة في بيان: “تظهر هذه الدراسة أن عملية زرع القلب الجزئية ليست مجرد نجاح بالمصادفة، وإنما خيار متعدد الجوانب يمكن استخدامه مع مجموعة من أمراض القلب“.
وأضاف: “نرى الصمامات تنمو وتعمل بكفاءة، وتتطلب أدوية مثبطة للمناعة أقل من عمليات زراعة القلب الكامل. هذا إنجاز كبير لهؤلاء الأطفال وعائلاتهم”.
ولم يحتج أي من المرضى إلى إجراء إضافي لصمامات القلب الجديدة، ولم يتعرضوا لمضاعفات بسبب تثبيط المناعة.
وفي كثير من الحالات، تم إجراء العملية عبر ما يسمى بـ”عمليات الزراعة على غرار أحجار الدومينو”، إذ يتبرع الأطفال الذين خضعوا لعمليات زرع قلب كامل لأسباب غير مرتبطة بصمامات القلب بالصمامات القديمة القابلة للاستخدام إلى متلقي الزراعة الجزئية.
ولفت الباحثون إلى أنه رغم أن عملية زراعة القلب الجزئية لديها القدرة على توفير أنسجة حية ونامية، فإنها “ليست حلًا سحريًا بل خطوة واعدة إلى الأمام تتطلب المزيد من العمل عليها”.