by | Aug 28, 2025 | اقتصاد
لا تزال أسعار السلع في أسواق قطاع غزة عند مستويات مرتفعة جداً، رغم مرور أكثر من شهر على بدء إدخال بعض البضائع التجارية والمساعدات الإنسانية إلى القطاع، في ظل العجز الواضح في الكميات المسموح بدخولها والتي لا تتجاوز 15% من حاجة السكان اليومية.
ويجد الغزيون أنفسهم اليوم أمام معادلة قاسية، تتمثل في قلة العرض وانهيار شبه كامل في القدرة الشرائية بفعل البطالة والفقر، في وقت يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي فتحاً جزئياً للمعبر ومنع مئات الأصناف الغذائية والدوائية من الوصول، ما جعل الحياة في القطاع كارثة إنسانية.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن قطاع غزة يحتاج يومياً إلى أكثر من 600 شاحنة مساعدات وبضائع متنوعة لتلبية الحد الأدنى من احتياجات سكانه البالغ عددهم 2.4 مليون إنسان، لكن على مدار 30 يوماً لم يدخل سوى 2654 شاحنة فقط من أصل 18 ألف شاحنة مطلوبة، أي ما نسبته أقل من 15% من الاحتياجات الفعلية.
وهذه الكميات الضئيلة تعرّض أغلبها لعمليات نهب وسرقة في وقت يواصل الاحتلال الإسرائيلي فرض قيود مشددة على دخول الشاحنات ويمنع إدخال أكثر من 430 صنفاً من المواد الغذائية الأساسية إلى جانب مئات الأصناف الأخرى، ما عمّق انعدام الأمن الغذائي.
ويُجمع الاقتصاديون على أن بقاء الأسعار مرتفعة بعد مرور شهر كامل على دخول البضائع والمساعدات يُفسّر بوضوح من خلال ندرة الكميات المطروحة في السوق، إذ لا يمكن للعرض المحدود أن يغطي الطلب الهائل، خصوصاً في ظل تزايد حاجة السكان إلى السلع الأساسية بعد أكثر من 5 شهور من الحصار الكامل. ويرون أن الأسعار ستبقى مرتفعة لوقت طويل، حتى لو أعيد فتح المعابر لاحقاً، بسبب تدمير البنية الاقتصادية والتجارية وانهيار سلاسل التوريد واستمرار السيطرة الإسرائيلية على إدخال السلع الأساسية، ومع غياب أفق لإنهاء الحصار.
ارتفاع الأسعار في غزة
وذكر الأكاديمي والمختص في الشأن الاقتصادي، محمود صبرة، أن ارتفاع الأسعار مرتبط بشكل مباشر بالفجوة الواسعة بين العرض والطلب، موضحاً أن الاحتلال يستخدم سياسة إدخال الكميات المحدودة سلاحاً لإحكام الحصار.
وقال صبرة في حديث لـ”العربي الجديد”: “إسرائيل تعيد إنتاج الحصار عبر التحكم بالموارد الأساسية ومنع الغذاء واستخدامه كسلاح حرب، فالكميات المسموح بها محدودة جداً وهو أمر مقصود لإبقاء السوق في حالة عجز دائم”. وأوضح أن حالة عدم اليقين التي تعيشها الأسواق تزيد من الأزمة، إذ يخشى التجار والمستهلكون من الانقطاع المفاجئ للسلع ما يدفع إلى تخزين البضائع واحتكارها، ومن ثم رفع أسعارها أكثر.
وأضاف: “رغم مرور شهر على إدخال بعض البضائع إلى غزة، فإن الأسعار ما زالت بعيدة عن مستوياتها الطبيعية قبل الحرب، فالطحين الذي كان يباع بسعر شيكلين للكيلوغرام لا يزال عند حدود 10 شواكل، والسكر الذي كان سعره شيكلين للكيلوغرام يباع اليوم بحوالي 19 شيكلاً، فيما يستمر سعر كيلو الأرز عند 20 شيكلاً بعد أن كان لا يتجاوز 5 شواكل، وبذلك بقيت المواد الأساسية بعيدة عن متناول معظم السكان لتكرس أزمة الغلاء في ظل الفقر والبطالة المتفاقمين”.
ولفت صبرة إلى أن سلسلة التزويد التجارية في غزة تكاد تكون منهارة بالكامل، بعد تدمير البنية الاقتصادية وغياب المخازن وانعدام السيولة المالية وانحصار عمليات التوزيع في عدد محدود من التجار، موضحاً أن الأسعار مرشحة للبقاء عند مستويات مضاعفة (مرتين أو ثلاث مرات أعلى من سعرها الطبيعي) بسبب استمرار الهيمنة الإسرائيلية على إدخال السلع الاستراتيجية وفقدان القدرة على بناء معروض مستقر وثابت في الأسواق.
من جانبه، أكد المختص في الشأن الاقتصادي، عماد لبد، أن الأزمة ليست في ندرة البضائع فحسب، بل في فقدان الغالبية العظمى من الغزيين للقدرة الشرائية نتيجة استنزاف أموالهم خلال فترة الغلاء الفاحش في الأسابيع الأخيرة وارتفاع معدلات البطالة والفقر إلى مستويات غير مسبوقة.
وقال لبد في حديث لـ”العربي الجديد”: “إن انتشار الفقر والبطالة يجعل الحديث عن أي نشاط اقتصادي أمراً صعباً، حتى لو توفرت السلع بكميات معقولة فإن أغلب المواطنين عاجزون عن شرائها”. وأوضح أن قلة المساعدات الإنسانية تعمّق الأزمة، إذ يعتمد 95% من الغزيين بشكل شبه كامل على هذه المساعدات، “ومع دخول كميات محدودة جداً فإن الاحتياجات تبقى بعيدة عن التغطية، خصوصاً مع غياب أي آليات توزيع آمنة وعادلة”.
وأضاف: “القدرة الشرائية الضعيفة جعلت الأسواق شبه متوقفة، المواطن يبحث فقط عن الحد الأدنى للبقاء، بينما يضطر كثيرون للاعتماد على الجمعيات الخيرية وما يتسرب من تَكيّات خيرية لتوزيع الطعام ومساعدات إنسانية، في وقت لم يعد فيه الدخل أو العمل موجودين”.
وختم لبد حديثه: “الوضع الاقتصادي القائم يضع سكان القطاع في مواجهة انعدام أمن غذائي ممنهج، فإسرائيل تدير هذه الأزمة بشكل متعمد منذ سنوات والآن وصلنا إلى مرحلة يعيش فيها الناس على ما هو أقل من الحد الأدنى”.
by | Aug 28, 2025 | اقتصاد
لا تزال أسعار السلع في أسواق قطاع غزة عند مستويات مرتفعة جداً، رغم مرور أكثر من شهر على بدء إدخال بعض البضائع التجارية والمساعدات الإنسانية إلى القطاع، في ظل العجز الواضح في الكميات المسموح بدخولها والتي لا تتجاوز 15% من حاجة السكان اليومية.
ويجد الغزيون أنفسهم اليوم أمام معادلة قاسية، تتمثل في قلة العرض وانهيار شبه كامل في القدرة الشرائية بفعل البطالة والفقر، في وقت يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي فتحاً جزئياً للمعبر ومنع مئات الأصناف الغذائية والدوائية من الوصول، ما جعل الحياة في القطاع كارثة إنسانية.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن قطاع غزة يحتاج يومياً إلى أكثر من 600 شاحنة مساعدات وبضائع متنوعة لتلبية الحد الأدنى من احتياجات سكانه البالغ عددهم 2.4 مليون إنسان، لكن على مدار 30 يوماً لم يدخل سوى 2654 شاحنة فقط من أصل 18 ألف شاحنة مطلوبة، أي ما نسبته أقل من 15% من الاحتياجات الفعلية.
وهذه الكميات الضئيلة تعرّض أغلبها لعمليات نهب وسرقة في وقت يواصل الاحتلال الإسرائيلي فرض قيود مشددة على دخول الشاحنات ويمنع إدخال أكثر من 430 صنفاً من المواد الغذائية الأساسية إلى جانب مئات الأصناف الأخرى، ما عمّق انعدام الأمن الغذائي.
ويُجمع الاقتصاديون على أن بقاء الأسعار مرتفعة بعد مرور شهر كامل على دخول البضائع والمساعدات يُفسّر بوضوح من خلال ندرة الكميات المطروحة في السوق، إذ لا يمكن للعرض المحدود أن يغطي الطلب الهائل، خصوصاً في ظل تزايد حاجة السكان إلى السلع الأساسية بعد أكثر من 5 شهور من الحصار الكامل. ويرون أن الأسعار ستبقى مرتفعة لوقت طويل، حتى لو أعيد فتح المعابر لاحقاً، بسبب تدمير البنية الاقتصادية والتجارية وانهيار سلاسل التوريد واستمرار السيطرة الإسرائيلية على إدخال السلع الأساسية، ومع غياب أفق لإنهاء الحصار.
ارتفاع الأسعار في غزة
وذكر الأكاديمي والمختص في الشأن الاقتصادي، محمود صبرة، أن ارتفاع الأسعار مرتبط بشكل مباشر بالفجوة الواسعة بين العرض والطلب، موضحاً أن الاحتلال يستخدم سياسة إدخال الكميات المحدودة سلاحاً لإحكام الحصار.
وقال صبرة في حديث لـ”العربي الجديد”: “إسرائيل تعيد إنتاج الحصار عبر التحكم بالموارد الأساسية ومنع الغذاء واستخدامه كسلاح حرب، فالكميات المسموح بها محدودة جداً وهو أمر مقصود لإبقاء السوق في حالة عجز دائم”. وأوضح أن حالة عدم اليقين التي تعيشها الأسواق تزيد من الأزمة، إذ يخشى التجار والمستهلكون من الانقطاع المفاجئ للسلع ما يدفع إلى تخزين البضائع واحتكارها، ومن ثم رفع أسعارها أكثر.
وأضاف: “رغم مرور شهر على إدخال بعض البضائع إلى غزة، فإن الأسعار ما زالت بعيدة عن مستوياتها الطبيعية قبل الحرب، فالطحين الذي كان يباع بسعر شيكلين للكيلوغرام لا يزال عند حدود 10 شواكل، والسكر الذي كان سعره شيكلين للكيلوغرام يباع اليوم بحوالي 19 شيكلاً، فيما يستمر سعر كيلو الأرز عند 20 شيكلاً بعد أن كان لا يتجاوز 5 شواكل، وبذلك بقيت المواد الأساسية بعيدة عن متناول معظم السكان لتكرس أزمة الغلاء في ظل الفقر والبطالة المتفاقمين”.
ولفت صبرة إلى أن سلسلة التزويد التجارية في غزة تكاد تكون منهارة بالكامل، بعد تدمير البنية الاقتصادية وغياب المخازن وانعدام السيولة المالية وانحصار عمليات التوزيع في عدد محدود من التجار، موضحاً أن الأسعار مرشحة للبقاء عند مستويات مضاعفة (مرتين أو ثلاث مرات أعلى من سعرها الطبيعي) بسبب استمرار الهيمنة الإسرائيلية على إدخال السلع الاستراتيجية وفقدان القدرة على بناء معروض مستقر وثابت في الأسواق.
من جانبه، أكد المختص في الشأن الاقتصادي، عماد لبد، أن الأزمة ليست في ندرة البضائع فحسب، بل في فقدان الغالبية العظمى من الغزيين للقدرة الشرائية نتيجة استنزاف أموالهم خلال فترة الغلاء الفاحش في الأسابيع الأخيرة وارتفاع معدلات البطالة والفقر إلى مستويات غير مسبوقة.
وقال لبد في حديث لـ”العربي الجديد”: “إن انتشار الفقر والبطالة يجعل الحديث عن أي نشاط اقتصادي أمراً صعباً، حتى لو توفرت السلع بكميات معقولة فإن أغلب المواطنين عاجزون عن شرائها”. وأوضح أن قلة المساعدات الإنسانية تعمّق الأزمة، إذ يعتمد 95% من الغزيين بشكل شبه كامل على هذه المساعدات، “ومع دخول كميات محدودة جداً فإن الاحتياجات تبقى بعيدة عن التغطية، خصوصاً مع غياب أي آليات توزيع آمنة وعادلة”.
وأضاف: “القدرة الشرائية الضعيفة جعلت الأسواق شبه متوقفة، المواطن يبحث فقط عن الحد الأدنى للبقاء، بينما يضطر كثيرون للاعتماد على الجمعيات الخيرية وما يتسرب من تَكيّات خيرية لتوزيع الطعام ومساعدات إنسانية، في وقت لم يعد فيه الدخل أو العمل موجودين”.
وختم لبد حديثه: “الوضع الاقتصادي القائم يضع سكان القطاع في مواجهة انعدام أمن غذائي ممنهج، فإسرائيل تدير هذه الأزمة بشكل متعمد منذ سنوات والآن وصلنا إلى مرحلة يعيش فيها الناس على ما هو أقل من الحد الأدنى”.
by | Aug 28, 2025 | أخبار العالم
أكدت رئيسة منظمة سيف ذا تشيلدرن (أنقذوا الأطفال)، إنغر آشينغ، أمام مجلس الأمن الدولي، أمس الأربعاء، أنّ “أطفال غزة الجائعين وصلوا إلى نقطة الانهيار”، واصفةً بالتفصيل احتضارهم البطيء وكيف أنّهم باتوا لا يقوون حتى على البكاء. وكانت آشينغ قد دُعيت للتحدث أمام مجلس الأمن في اجتماع مخصّص لبحث الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، حيث شدّدت على أنّ المجاعة التي أعلنتها الأمم المتحدة في غزة الأسبوع الماضي ليست مجرّد “مصطلحٍ تقني”.
وأضافت رئيسة المنظمة غير الحكومية أنه “عندما لا يكون هناك ما يكفي من الطعام، يعاني الأطفال من سوء تغذية حادّ، ثم يموتون ببطء وألم. هذا، ببساطة، هو معنى المجاعة”، ووصفت مراحل هذا الهزال على مدى بضعة أسابيع، مشيرةً إلى أنّ “الجسم يستهلك نفسه، فيأكل العضلات والأعضاء الحيوية”، حتى آخر نفس. وتابعت: “مع ذلك، يخيّم في عياداتنا الصمت تقريباً. لم تعد لدى الأطفال القدرة على الكلام أو البكاء وهم يحتضرون. إنّهم يرقدون هناك، هَزالى، يذوبون حرفيّاً أمام أعيننا، أجسادهم الصغيرة يغلبها الجوع والمرض. لقد أخبرناكم بصوت عالٍ وواضح بأن هذا آتٍ. كل مَن في هذه القاعة يتحمّل مسؤولية قانونية وأخلاقية في التحرّك لوقف هذه الفظائع”.
بدورها، قالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية جويس مسويا إنّ “إنهاء هذه الأزمة التي صنعها الإنسان يتطلّب منا التصرف كما لو أن أمّنا أو أبانا أو طفلنا أو عائلتنا هم من يحاولون البقاء على قيد الحياة في غزة”، ورحّبت بـ”الزيادة الطفيفة” في المساعدات الإنسانية التي دخلت إلى قطاع غزة في الأسابيع الأخيرة، وباستئناف عمليات تسليم السلع الغذائية، وقالت إنّها “تطورات مهمّة، لكنّها لن توقف المجاعة”.
وفي بيان مشترك تُلي عقب الاجتماع، أعرب 14 من أعضاء مجلس الأمن الدولي، أي جميع الأعضاء باستثناء الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل، عن “قلقهم العميق” إزاء المجاعة في غزة، مؤكدين “ثقتهم” في عمل ومنهجية التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي. وحذّر الأعضاء الـ14 في بيانهم من أنّ “استخدام التجويع أداة حرب محظور تماماً بموجب القانون الإنساني الدولي”. وأضافوا “يجب وقف المجاعة في غزة فوراً”.
وبعد أشهر من التحذيرات، أعلنت الأمم المتحدة في 22 آب/ آب الجاري رسميّاً حالة المجاعة في غزة. وأصدر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعوم من المنظمة الدولية، والذي يتّخذ من روما مقرّاً له، تقريراً أفاد بوجود مجاعة في محافظة غزة التي تضمّ مدينة غزة ومحيطها وتشكل 20% من مساحة القطاع، مع تقديرات بأنّ تنتشر المجاعة في دير البلح (وسط)، وخانيونس (جنوب)، بحلول أواخر أيلول/ أيلول المقبل.
ونبّه خبراء الأمم المتحدة إلى أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون “جوعاً كارثيّاً”، وهو أعلى مستوى في التصنيف، ويتّسم بالمجاعة والموت. وطالبت إسرائيل، أمس الأربعاء، التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي بسحب التقرير الذي وصفه رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بأنّه “كذب صريح”.
(فرانس برس)
by | Aug 28, 2025 | أخبار العالم
أبدى خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة، اليوم الخميس، قلقهم إزاء تقارير عن حالات “اختفاء قسري” ضحيتها فلسطينيون جوعى كانوا يحاولون الحصول على الطعام في مواقع توزيع تديرها ما تعرف بـ”مؤسسة غزة الإنسانية“.
وطالب الخبراء المستقلون السبعة في بيان مشترك، إسرائيل بوضع حد لهذه “الجريمة البشعة”.
“اختفاء قسري” في غزة
وأفاد الخبراء، بأنهم تلقوا تقارير تفيد بأن عددًا من الأفراد، بينهم طفل، كانوا ضحية “الاختفاء القسري” بعد توجههم إلى مواقع لتوزيع المساعدات في رفح.
وأضافوا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، بحسب التقارير، “متورط بشكل مباشر في حالات الاختفاء القسري لأشخاص كانوا يسعون للحصول على المساعدة”، فيما سارعت “مؤسسة غزة الإنسانية” إلى القول: إنه “لا دليل على حالات اختفاء قسري” في مواقع توزيع المساعدات، حسب زعمها.
وزعمت في بيان: “نحن نعمل في منطقة حرب، حيث تُوجه اتهامات خطيرة إلى جميع الأطراف التي تعمل خارج موقعنا، لكن داخل منشآت مؤسسة غزة الإنسانية، لا يوجد أي دليل على وقوع حالات اختفاء قسري”.
وتتناقض دعوة إسرائيل الأمم المتحدة إلى توزيع المساعدات مع انتقادات حادة مكثفة وجهتها تل أبيب للمنظمة الدولية، وبينها عرقلة توزيع المساعدات، فضلًا عن استبعادها من الإشراف على هذه العملية.
ومتجاهلة الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية دولية، باشرت إسرائيل منذ 27 أيار/ أيار الماضي آلية لتوزيع مساعدات شحيحة عبر “مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة أميركيًا.
وبوتيرة يومية، يتعرض مجوعون فلسطينيون لإطلاق نار من قوات الاحتلال قرب مراكز توزيع هذه المساعدات، ما أسفر عن ألفين و158 شهيدًا و15 ألفًا و843 مصابًا.
ورفضت الأمم المتحدة هذه الآلية الإسرائيلية، وأكدت مرارًا أنها لن تشارك في “أي طريقة لتوزيع المساعدات لا تتوافق مع المبادئ الإنسانية الأساسية، كالإنسانية والحياد والاستقلالية وعدم التمييز”.
موظفون أمميون يطالبون بوصف حرب غزة بالإبادة
في غضون ذلك، طالب مئات الموظفين في مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان التي يترأسها فولكر تورك، وصف حرب غزة صراحة بأنها إبادة جماعية تحدث حاليًا.
وأظهرت رسالة اطلعت عليها وكالة “رويترز” وُجهت أمس الأربعاء، أن الموظفين يعتبرون أن المعايير القانونية من أجل وصف ما يحدث بأنه إبادة جماعية قد تحققت في حرب غزة المستمرة منذ قرابة عامين، وأشاروا إلى حجم ونطاق وطبيعة الانتهاكات الموثقة هناك.
وجاء في الرسالة التي وقعتها لجنة من الموظفين نيابة عن أكثر من 500 موظف: “تتحمل مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان مسؤولية قانونية وأخلاقية قوية للتنديد بأعمال الإبادة الجماعية”.
وأضاف الموظفون: “عدم التنديد بإبادة جماعية تحدث حاليًا يقوض مصداقية الأمم المتحدة ومنظومة حقوق الإنسان نفسها”.
وأشار الموظفون في الرسالة إلى ما ينظر إليه على أنه إخفاق للهيئة الدولية من الناحية الأخلاقية لأنها لم تبذل ما يكفي من الجهود لوقف الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994 والتي أودت بحياة أكثر من مليون شخص.
“يهزنا حتى النخاع”
في الأثناء، قالت رافينا شامدساني المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان: إن “الوضع في غزة يهزنا جميعًا حتى النخاع”، مشيرة إلى الظروف الصعبة التي تواجهها المفوضية في سعيها لتوثيق الحقائق ودق ناقوس الخطر.
وأضافت في إشارة إلى الرسالة: “هناك مناقشات داخلية بشأن كيفية المضي قدمًا، وستستمر”.
من جهته، قال تورك، الذي ندد مرارًا بأفعال إسرائيل في غزة وحذر من تزايد خطر الجرائم الوحشية، إن الرسالة تسلط الضوء على مباعث قلق مهمة.
وأضاف: “أعلم أننا جميعًا نتشاطر شعورًا بالسخط الأخلاقي إزاء الأهوال التي نشهدها، فضلًا عن الإحباط إزاء عجز المجتمع الدولي عن إنهاء هذا الوضع”، داعيًا الموظفين إلى “البقاء متحدين تحت مظلة المفوضية في مواجهة هذه المحنة”.
وكان مرصد عالمي للجوع قال إن نحو 514 ألف شخص، أي ما يقرب من ربع سكان القطاع، يواجهون حاليًا ظروف المجاعة في مدينة غزة والمناطق المحيطة بها.
واتهمت بعض منظمات حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية، إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.
وسبق أن قال مسؤولون في الأمم المتحدة إن مسألة تحديد الإبادة الجماعية هي من اختصاص المحاكم الدولية.
ورفعت جنوب إفريقيا في عام 2023 دعوى قضائية على إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية تتهمها بارتكاب إبادة جماعية في غزة، لكن المحكمة لم تنظر في الدعوى من حيث الموضوع بعد، وهي عملية قد تستغرق سنوات.