تظاهر الآلاف في العاصمة الأميركية واشنطن أمس السبت احتجاجاً على قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نشر قوات تابعة للحرس الوطني فيها كلّفها مع أجهزة فيدرالية تنفيذ عمليات توقيف وترحيل. وطالب المتظاهرون بإبعاد الحرس الوطني وإنهاء سيطرته الفيدرالية على شرطة المدينة، وتحركت المسيرة من حديقة مالكوم إكس مروراً بالبيت الأبيض المحاط بسياج أمني وصولاً إلى ميدان الحرية، رافعين شعار “كلنا واشنطن العاصمة”.
وردد المتظاهرون شعارات “من دي سي (العاصمة واشنطن) إلى فلسطين الاحتلال جريمة”، و”حرروا دي سي”، و”حرروا فلسطين”، و”استثمروا في التعليم وفي المساكن وفي المدارس”، و”لا عدالة لا سلام”، ورفعوا لافتات كتب عليها “قاوم”، و”لا للحرس الوطني في العاصمة”، و”أوقفوا احتلال العاصمة”، و”أخرجوا ملثمي الأجهزة الأمنية من مدينتنا”، و”يجب أن نحكم مدينتنا”، و”الحرس الوطني يكلف 1.1 مليون يوميا”. وارتدى بعض المحتجين الكوفية الفلسطينية، ورفعوا الأعلام الفلسطينية ولافتات “فلسطين حرة ودي سي حرة”، وطالبوا بوقف الإبادة الجماعية في غزة والتوصل إلى وقف إطلاق النار ووقف الدعم الأميركي لإسرائيل.
وقامت إحدى الكنائس برن أجراسها تأييدا للمتظاهرين في رسالتهم، ودعا المتظاهرون إدارة الرئيس الأميركي إلى وقف الاعتقالات في المدينة. وقالت حملة “حرروا العاصمة” في بيان لها تم توزيعه في التظاهرة، إن “مجتمعات العاصمة قوية ولكنها الآن تتعرض للهجوم، وجنود الحرس الوطني وعملاء دائرة الهجرة والجمارك ومكتب التحقيقات الفيدرالي يلاحقون جيراننا ويعتقلونهم بعنف ونحن نقف ضد هذا”.
بدورها، ذكرت منظمة “الديمقراطية إلى الأمام” في بيان “اليوم في ظل السيطرة العسكرية على العاصمة واشنطن نوجه رسالة سلمية واضحة أن الشعب الأميركي لن يرضخ للديكتاتوريين ونحن نتضامن مع الجيران والمجتمعات المهاجرة والأقليات وسنسير وستقاوم وسنحتج سلمياً”.
في المقابل، يسعى الجمهوريون من خلال تشريعات تم اقتراحها يوم الجمعة، إلى إلغاء الحكم الذاتي للعاصمة واشنطن، وذلك من خلال إلزام مجلس العاصمة بتقديم جميع مشاريع القوانين المقترحة بداخلها إلى الكونغرس للمراجعة، مع خفض سن الأحداث لتقديمهم إلى المحاكمة، وضمان عقوبات مغلظة على تشويه الممتلكات الفيدرالية العامة والكتابة على جدرانها. ويتزامن ذلك مع توقيع عمدة العاصمة واشنطن موريل باوزر الديموقراطية، يوم الثلاثاء الماضي، أمراً يقضي بتوسيع الشراكة مع وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية لمزيد من التواصل بين القادة المحليين والمسؤولين في الحكومة، وهي الخطوة التي عارضها أعضاء مجلس المدينة وعارضها السكان المحليين. وإضافة لهذا يخطط الرئيس الأميركي، حسبما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” إلى تمديد انتشار الحرس الوطني بالمدينة إلى كانون الأول/كانون الأول المقبل.
وخلال المظاهرة، دعا المشاركون فيها إلى إبعاد الحرس الوطني عن العاصمة وسيطرة الحكومة على الشرطة المحلية، وقالت فيني أفانس عضو تحالف “الميزانية العادلة”، وهي منظمة غير ربحية تدعو إلى ميزانية عادلة للعاصمة واشنطن وتحسين الأوضاع وإعطاء الأولوية للعدالة العرقية في كلمة له في ميدان الحرية: “نحن نستحق قادة أفضل وسنواصل النضال ضد الاستبداد ويجب أن نضع مواردنا وأيدنا معا”.
من جانبه قال أحد المنظمين ويدعى زافي لـ”العربي الجديد”: “نحن في هذا المكان للاحتجاج على ما يدور حولنا ولنقول إن الاحتلال جريمة سواء هنا أو في فلسطين. أينما كان الاحتلال جريمة والاحتلال العسكري للمواطنين المدنيين خطأ. الناس يستحقون الحرية وعدم الخوف من إرسالهم إلى سجون عشوائية… يستحق الناس السلامة والحرية والسلام لأن هذا ما يفترض أن تكون عليه أميركا”.
أما الأميركية بيتا التي كانت ترتدي الكوفية الفلسطينية وتشارك مع مجموعة داخل المسيرة تردد هتافات من أجل فلسطين وغزة وضد الدعم الأميركي لإسرائيل، فقالت لـ”العربي الجديد”: “نحن هنا مع أفراد المجتمع من العاصمة واشنطن والمناطق المحيطة للقول إننا نرفض احتلال شوارعنا ونوجه رسالة واضحة بأن الاحتلال جريمة سواء في العاصمة واشنطن أو في فلسطين. سنكون دائما في الشوارع نكافح من أجل مجتمعنا المحلي ومن أجل الموجودين في فلسطين وفي جميع أنحاء العالم تحت الاحتلال”.
من ناحية أخرى، لوّح ترامب بتدخّل عسكري في مدينة شيكاغو لمكافحة الجرائم. وجاء في منشور لترامب على منصته “تروث سوشيال” “إن شيكاغو على وشك أن تعرف لمَ (الوزارة) اسمها وزارة الحرب”. وبحسب ما أوردته وكالة “فرانس برس” كان ترامب وقّع الجمعة أمراً تنفيذياً بتغيير تسمية وزارة الدفاع إلى “وزارة الحرب”، معتبراً أن ذلك يبعث “رسالة نصر” إلى العالم.
وأعرب حاكم ولاية إيلينوي الواقعة مدينة شيكاغو ضمن نطاقها عن غضبه إزاء منشور ترامب. وجاء في منشور للحاكم جاي بي بيرتزكر على منصة “إكس”: “يهدّد رئيس الولايات المتحدة بالدخول في حرب مع مدينة أميركية. هذه ليست نكتة. هذا ليس وضعاً طبيعياً”. وتابع “لن تخضع إيلينوي لترهيب شخص يتطلّع لأن يكون دكتاتوراً”. ولوّح الرئيس الجمهوري مراراً بنشر آلاف العسكريين الأميركيين في معاقل للديمقراطيين مثل شيكاغو وبالتمور، وهما مدينتان يقول إنهما تعانيان ارتفاع معدلات الجريمة في ظل وجود عدد كبير من المهاجرين غير النظاميين.