منظمات المجتمع المدني تنخرط في الإعداد لانتخابات مجلس الشعب السوري

وقّعت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري مذكرة تفاهم مع خمس منظمات من المجتمع المدني، بهدف تنفيذ برامج تدريبية وتوعوية مرتبطة بالانتخابات، في خطوة قالت اللجنة إنها تأتي في إطار حرصها على ضمان النزاهة والشفافية الكاملة للعملية الانتخابية. وذكرت اللجنة في بيان، اليوم السبت، أن المنظمات المشاركة في المذكرة شملت وحدة دعم الاستقرار (SSU)، ومنظمة اليوم التالي (TDA)، ووحدة المجتمعات والوعي المحلي (LACU)، ومنظمة النهوض بالمجتمع المدني (GLOCA)، ورابطة الشبكات السورية (SNL).

وبحسب البيان، تضمنت المذكرة التزام هذه المنظمات بإجراء تدريبات وورش عمل لأعضاء اللجان الفرعية والهيئات الناخبة، إضافة إلى تنظيم حملات توعية لتعريف الناخبين بحقوقهم وآليات التصويت، وتقديم خبرة فنية في مجالات حل النزاعات البسيطة، بما يضمن سير العملية الانتخابية بشفافية وسلاسة. كما أعلنت اللجنة اعتماد برنامج تدريبي خاص باللجان الفرعية، بمعدل يوم تدريبي واحد لكل لجنة في محافظتها، وذلك لضمان وصول التدريب إلى جميع المناطق بشكل مباشر وفعّال.

وتسعى اللجنة العليا من خلال هذه الشراكات إلى إشراك منظمات المجتمع المدني بشكل أوسع في العملية الانتخابية، في ظل مناخ سياسي جديد تشهده البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/كانون الأول 2024، وتزايد المطالب الشعبية بترسيخ آليات ديمقراطية تضمن مشاركة أوسع وتمثيلاً أكثر عدالة.

وقال منذر سلال، المدير التنفيذي لوحدة دعم الاستقرار، لـ”العربي الجديد”، إن وحدة الدعم والاستقرار ستقوم بتنفيذ عملها على مرحلتين: المرحلة الأولى تتعلق بتدريب اللجان الفرعية الانتخابية، أما المرحلة الثانية، فستكون لتدريب الهيئات الناخبة. وتهدف الوحدة إلى “تعزيز قدرات اللجان الانتخابية، خاصة أن العملية الانتخابية في سورية في هذه المرحلة تُعد الأولى من نوعها بعد التحرير وانتصار الثورة السورية، وما يحيط بها من صعوبات ونموذج مختلف عما كان عليه الوضع سابقاً، حيث يجرى الآن تعزيز دور الكفاءات والوجهاء والأعيان”.

ونظراً إلى ما تمر به سورية من صعوبات حالت دون إجراء انتخابات شاملة وعامة، قال سلال إن وحدة دعم الاستقرار، بالإضافة للمنظمات الشريكة، ستقوم بتنفيذ التدريبات استناداً إلى المراسيم والقوانين التي سنتها اللجنة العليا للانتخابات في ما يخص العملية الانتخابية، وذلك لضمان أن تكون جميع اللجان الفرعية على صفحة واحدة، مضيفاً: “بطبيعة الحال، فإن هذه الخطوة تعزز نزاهة العملية الانتخابية، لأن كثيراً من الأخطاء التي قد ترافقها تنشأ إما عن جهل أو عن خطأ غير مقصود، لا سيما على مستوى اللجان الانتخابية. ومن هنا، فإننا نضمن على الأقل أن الدولة السورية، ولأول مرة، قد أتاحت لمنظمات المجتمع المدني تعزيز قدرات هذه اللجان، فضلاً عن المسؤولية التي ستقع على عاتق الهيئة الناخبة. فالتدريبات التي ستخضع لها ستسهم في تعزيز قدراتها، ووضع المسؤولية بين أيديها لاختيار من تراه مناسباً لتمثيلها في مجلس الشعب، كما ستضمن تقليص نسبة الأخطاء والإشكاليات الناتجة عن عدم المعرفة”.

وأوضح سلال أن الأخطاء أو التجاوزات الانتخابية، التي قد تحصل غالباً، تكون بسبب عدم الإلمام بالقوانين والإجراءات، سواء من جانب اللجان الانتخابية أو من جانب الهيئة الناخبة “وهذا بالضبط ما ستعالجه منظمات المجتمع المدني من خلال التدريبات، حيث ستُقلّص هذه الأخطاء إلى أبعد حد. وإلى جانب ذلك، فإن المتابعة العملية لمجريات العملية الانتخابية ستسهم بدورها في الحد من أي تجاوزات أو إشكالات قد تحدث أثناء سيرها”.

وشدد سلال على أن هذه العملية والشراكة بين منظمات المجتمع المدني واللجنة العليا للانتخابات تُعد الأولى من نوعها في تاريخ سورية. فقد “كانت الانتخابات في السابق محصورة بأعضاء حزب البعث العربي الاشتراكي، فهم كانوا المراقبين والناخبين والمرشحين في الوقت نفسه”. أما اليوم، فإن إتاحة الفرصة لمنظمات المجتمع المدني بالمشاركة في المتابعة والتطوير والتدريب ورفع القدرات ومراقبة سير العملية الانتخابية هو تطور نوعي سيُبنى عليه مستقبلاً. مرجحاً أن يكون هناك لاحقاً “دور أكبر وأكثر عمقاً لهذه المنظمات على المستويات الرقابية والتوعوية، بما يسهم فعلاً في الوصول إلى مجالس برلمانية لمجلس الشعب تمثل الشعب السوري بحق، وتتمتع بوعي سياسي ومجتمعي أكبر”.

ولفت سلال إلى أن دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز الوعي السياسي والعام هو ما تحتاجه سورية في المرحلة المقبلة، وهو ما يضمن أيضاً زيادة شفافية العمليات الانتخابية، سواء في انتخابات مجلس الشعب السوري أو المجالس البلدية أو غيرها، معتقداً أن هذه الخطوة المتقدمة والفريدة من نوعها ستفتح الباب أمام بناء تجارب أوسع وأعمق في المستقبل.