هكذا تدفع الرسوم الجمركية الأميركية الأثرياء إلى تهريب السلع الفاخرة

مع ارتفاع الرسوم الجمركية الأميركية إلى مستويات غير مسبوقة منذ عام 1935، يجد الأثرياء الأميركيون أنفسهم أمام إغراء جديد يتمثل في تهريب البضائع الفاخرة من الخارج لتجنب الرسوم. فمن الحقائب السويسرية إلى فساتين باريس، يبدو أن الحدود تعيد كتابة قواعد اللعبة، بين المغامرة المالية والمخاطر القانونية. ولطالما كانت الحدود الأميركية ساحة للتحديات والابتكارات في التهريب. أمثلة تاريخية كثيرة توضح مدى الجرأة: في 2014، حاول رجل كندي نقل 51 سلحفاة حية ملتصقة بجسده عبر الحدود الأميركية. وفي مطلع القرن العشرين، اكتُشفت سيدات يحملن آلاف الدولارات من المجوهرات والفساتين المخفية في ملابسهن.

اليوم، يكرر التاريخ نفسه بطريقة جديدة. سياسات الرئيس دونالد ترامب التجارية، ورفع الرسوم الجمركية على واردات الهند إلى 50% وسويسرا إلى 39% وحتى الاتحاد الأوروبي إلى 15%، تجعل التسوق في الخارج مغرٍ أكثر من أي وقت مضى. الأثرياء الذين يسافرون إلى باريس أو زيورخ أو سيول يمكنهم الاستفادة من تخفيضات ضريبة القيمة المضافة، ما يجعل التهريب يبدو خيارا رابحا من الناحية المالية، حسب تحقيق موسع أوردته بلومبيرغ اليوم الجمعة.

ومن حيل وتاريخ التهريب ارتداء طبقات متعددة لإخفاء البضائع، وخياطة المجوهرات في الملابس أو إخفاؤها في الأحذية، واستخدام صناديق غير مشبوهة أو حتى توظيف وسائل مبتكرة مثل شحن الساعات في مواد لاصقة على الجسم. وفي مطلع القرن العشرين، جرى اكتشاف مجوهرات مخفية في الجوارب والأحزمة، وحتى الصناديق التي تحتوي على جثث!

في هذا الصدد، يقول خبراء القانون إن “المخاطر تزيد بالتوازي مع ارتفاع الرسوم”، بينما تشير بيانات “ييل بدجيت لاب” (Yale Budget Lab) إلى أن الأثرياء سيدفعون قريبا أكثر بنسبة 35% على الملابس و37% على الحقائب الجلدية.

الرسوم والتهريب بأبعاده القانونية والاجتماعية

بينما يركز المسؤولون حاليا على مكافحة تهريب المخدرات والهجرة غير القانونية، فإن الانتباه للبضائع الفاخرة قد يتزايد مع تعزيز الموارد الجمركية. من الناحية التاريخية، ارتبط التهريب دائما بالنخبة والأثرياء، بينما كانت الضرائب الجمركية تُعتبر واجبا وطنيا، والحفاظ على هذه القيم كان يُنظر إليه باعتباره خدمة للوطن. ويرى البعض التهريب “جريمة بلا ضحايا”، مستلهما من الروايات التاريخية والشخصيات الأدبية مثل “ريت باتلر” (Rhett Butler) أو “هان سولو” (Han Solo). ومع ذلك، تختلف الآراء القانونية والاجتماعية، حيث كانت الرسوم العالية تاريخيا وسيلة لحماية الاقتصاد الأميركي والعمال المحليين.

ومع افتتاح جسر Gordie Howe الدولي ومراكز الجمارك الحديثة في ديترويت، ستظل السلطات على أهبة الاستعداد. لكن الأثرياء الذين يسافرون بانتظام، أو أي شخص يعيش بالقرب من حدود كندا والمكسيك، قد يجدون في التسوق الدولي مغامرة مربحة، بين رغبة الحصول على منتجات غير متاحة محليا، وتجنب دفع رسوم باهظة. وفي النهاية، تبقى هذه المآذارات مزيجا من الطموح المالي، الجرأة الشخصية، والتاريخ الطويل للتهريب الأميركي الفاخر، ما يجعل الحدود الأميركية مسرحا دائما لمغامرات التهريب على جميع المستويات.