اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الدول الأوروبية بمواصلة شراء النفط الروسي في ظل الحرب في أوكرانيا. وذكرت منصتا “أكسيوس” و”سي أن أن” الأميركيتان، نقلاً عن مصادر في البيت الأبيض، أمس الخميس، أن ترامب طالب في مكالمة هاتفية مع حلفاء أوروبيين بوقف مشتريات أوروبا من النفط الروسي التي تمول حرب موسكو ضد أوكرانيا، كما دعا الأوروبيين إلى مآذارة ضغوط اقتصادية على الصين.
وأفادت صحيفة “بيلد” الألمانية بأن ترامب وجّه انتقادات مباشرة إلى استمرار بعض الواردات الأوروبية من النفط الروسي. وقد جاء ذلك عقب اجتماع “تحالف الراغبين”، وهو تحالف فضفاض يضم نحو 35 دولة، انعقد في باريس لمناقشة سبل تعزيز القدرات العسكرية الأوكرانية، وتقديم التزامات سياسية وأمنية لكييف في حال شنت روسيا هجوماً جديداً بعد التوصل إلى اتفاق سلام.
وعقب الاجتماع، جرت مكالمة هاتفية مع ترامب، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعدها إن ترامب والإدارة الأميركية أعربا عن غضبهما المبرر من استمرار المجر وسلوفاكيا، وهما دولتان عضوان في الاتحاد الأوروبي، في شراء النفط الروسي. وأوضح ماكرون أن الأوروبيين اتفقوا أيضاً مع الولايات المتحدة على دراسة فرض عقوبات على الدول التي تدعم الاقتصاد الروسي أو تساعد في التحايل على العقوبات المفروضة على موسكو.
وقال مسؤول في البيت الأبيض إن ترامب شدد في اتصاله مع القادة الأوروبيين على ضرورة توقف أوروبا عن شراء النفط الروسي، مذكّراً بأن روسيا جنت 1.1 مليار يورو من مبيعات الوقود للاتحاد الأوروبي خلال عام واحد. وأضاف أن ترامب عبّر عن إحباطه من استمرار القتال في أوكرانيا وعدم تمكنه من إنهائه سريعاً كما وعد عند توليه منصبه في كانون الثاني/كانون الثاني الماضي.
من جانبها، اقترحت المفوضية الأوروبية تشريعاً ينص على وقف تدريجي لاستيراد النفط والغاز من روسيا، وصولاً إلى إنهاء الاعتماد الكامل عليهما بحلول الأول من كانون الثاني/كانون الثاني 2028. وتوقفت معظم الدول الأوروبية عن استيراد النفط الروسي في عام 2022 وعن شراء الوقود الروسي في عام 2023، إلا أن المجر وسلوفاكيا تواصلان استيراد الخام عبر خط أنابيب “دروجبا”، فيما تصل كميات من الوقود المكرر من الخام الروسي عبر دول ثالثة مثل الهند.
ورغم امتناع ترامب حتى الآن عن فرض عقوبات جديدة على روسيا أو الصين، باعتبارهما من أكبر مشتري النفط الروسي، فإنه شدد على ضرورة تكثيف الضغوط عليهما. وفي المقابل، رفع الرسوم الجمركية على واردات الولايات المتحدة من الهند، وهي مستهلك رئيسي آخر للطاقة الروسية، كما تجاهل المحادثات التي جرت هذا الأسبوع بين الرئيسين الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين، مكتفياً بالقول إن الزعيمين ربما يتآمران ضد الولايات المتحدة.
إلى جانب ذلك، يواصل ترامب الضغط على الأوروبيين لتحمل المزيد من الأعباء الدفاعية عن القارة، مع إبدائه تردداً في الالتزام بمزيد من الدعم الأميركي للحرب التي يسعى لإنهائها. وأوضح مسؤول في البيت الأبيض أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، كانا من بين القادة الذين شاركوا في المكالمة مع ترامب. وأضاف أن الرئيس الأميركي شكك في جدية بعض الدول الأوروبية في الوقت الذي تواصل فيه تغذية اقتصاد روسيا وحربها، مؤكداً أن “هذه ليست حربه” وأن على الأوروبيين تكثيف جهودهم.
من جهته، قال ماكرون إن 26 دولة تعهدت بدعم أوكرانيا في مرحلة ما بعد الحرب من خلال قوة دولية في البر والبحر والجو. وكان ترامب قد هدد سابقاً بفرض عقوبات على الدول التي تشتري النفط من روسيا، لكنه لم يفرض رسوماً مباشرة على موسكو عندما أعلن عن رسوم جمركية واسعة على عشرات الدول في إبريل/نيسان الماضي.
منذ غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022، فرض الاتحاد الأوروبي حظراً واسع النطاق على استيراد الفحم والنفط الروسي، إلا أن الاستثناءات سمحت باستمرار تدفق الخام عبر خط أنابيب “دروجبا” إلى المجر وسلوفاكيا. كما لجأت بعض الدول الأوروبية إلى استيراد الوقود المكرر من الخام الروسي عبر دول ثالثة مثل الهند.
وعلى الرغم من تراجع كبير في حجم التجارة النفطية مع موسكو، إلا أن العائدات ما زالت قائمة. وتزامنت انتقادات ترامب مع مقترحات أوروبية لإنهاء الاعتماد على الطاقة الروسية بحلول 2028، في وقت يواصل فيه الرئيس الأميركي الضغط على أوروبا لتحمل أعباء أكبر في الدفاع ودعم أوكرانيا.
(أسوشييتد برس، رويترز، العربي الجديد)