لم تمر أيام على إعلان إسرائيل عن مشروع E1 الاستيطاني، حتى أماط وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، اللثام عن خريطة لضم 82% من الضفة الغربية، تمثل ما يمكن وصفه بذروة النزعة الاستيطانية في حكومة نتنياهو.
هذا الإعلان وفق ما وُصف، يتجاوز حدود التهويد، ليعلن بوضوح نية تصفية القضية الفلسطينية، متحديًا الإجماع الدولي ومحذرًا من انفجار صراع مفتوح لا سقف لتبعاته.
يأتي ذلك، فيما تآذار إسرائيل إبادة جماعية في فلسطين، وتضرب في سوريا وتقصف في لبنان وتهدّد اليمن، وتتحدث علنًا عن مشروع إسرائيل الكبرى.
وفي الوقت ذاته، تعقد الجامعة العربية اجتماعًا في القاهرة على مستوى الوزراء تؤكد فيه على اتجاه تل أبيب لدفن حل الدولتين وإشعال حروب دينية لا نهاية لها في المنطقة.
ويدعو المفوض العام للأونروا العرب إلى تفعيل كل أدواتهم السياسية والاقتصادية لوقف المذبحة وتثبيت الحق الفلسطيني.
من ناحيته، ندد لبنان بالاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على أراضيه، بينما أكدت الخارجية الفلسطينية للتلفزيون العربي أن وقف الحرب على غزة أولوية قصوى، محذرة من إجراءات عربية مضادة للقيود الأميركية.
بدورها، وصفت نائبة المفوضية الأوروبية العدوان الإسرائيلي على غزة بحرب الإبادة الجماعية، كاشفة فشل أوروبا في تشكيل موقف موحد قبيل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.
“حكومة نتنياهو تمثل مصالح الاحتلال والاستيطان”
وفي هذا السياق، يشير حسن البراري أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر، إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو وسابقتها تمثل مصالح الاحتلال والاستيطان, وهم واضحون في ذلك.
ويقول البراري في إطلالته من استديوهات التلفزيون العربي في لوسيل: إن إعلان سموتريتش ليس جديدًا، وهو ينسجم مع ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية، فمنذ توقيع معاهدة أوسلو وحتى اليوم تضاعف عدد المستوطنين ووصل إلى 800 ألف تقريبًا.
ويردف أن “اليمين الإسرائيلي يرى أن ما جاء في مبادرة السلام العربية لعام 2002 هو كلام للاستهلاك المحلي، ويرى أن ما جرى بعد طوفان الأقصى حتى اليوم، وصفقة القرن وانضمام دول جديدة للتطبيع مع إسرائيل دون إيجاد أي حل للقضية الفلسطينية يعطي صدقية لليمين الإسرائيلي وطروحاته في المجتمع الإسرائيلي”.
“تأثير إسرائيل السلبي بات يتخطى الدول العربية”
بدوره، يعتبر بشير عبد الفتاح، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أنه “لا يوجد ما يسمى بالنظام الإقليمي العربي ولا يمكن الحديث عن الأمن القومي العربي، فرغم الجوار الجغرافي واللغة المشتركة والاعتبارات العديدة التي تجمع الدول العربية، إلا أن المصالح تفرقها”.
ويضيف عبد الفتاح في حديثه إلى التلفزيون العربي من القاهرة، أن الدول العربية لا تجتمع الآن حول التهديدات والمصالح.
ويلفت عبد الفتاح، إلى أن “الدول العربية نصفها أو يزيد خارج نطاق الاهتمام بالشأن العربي”، مذكرًا بأن جميع الدول العربية مهددة مباشرة من جانب إسرائيل وكذلك دول غير عربية مثل تركيا وإيران وحتى باكستان.
ويردف أن تأثير إسرائيل السلبي على الاستقرار والأمن في الإقليم بات يتخطى الدول العربية، وهي تنتقل من تسوية القضية الفلسطينية إلى تصفيتها، ومن الاندماج في المنطقة إلى الهيمنة والسيطرة عليها، وفق تعبيره.
“قضية الإنسانية جمعاء”
من جانبه، يقول الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، إن قضية فلسطين أصبحت قضية الإنسانية جمعاء، وليست فقط قضية عربية أو إسلامية.
ويشير في حديثه إلى التلفزيون العربي من جاكرتا، إلى تناقض عجيب بين نهوض عالمي لا مثيل له منذ حرب فيتنام وظهور حركة مناهضة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، إلى جانب فلسطين، فيما على الصعيد العربي، نحن مصابون بخيبة أمل شديدة كفلسطينيين.
ويردف: “نعرف أن كل الشعوب العربية معنا، لكننا نستهجن أن تكون حتى المظاهرات الشعبية قد جرى إيقافها أو منعها في عدد من الدول”.
ويتابع: “كما أننا نستغرب أن الدول العربية التي تملك مقومات قوة هائلة لا تستخدمها، إن لم يكن للدفاع عن قضية فلسطين، فللدفاع عن نفسها”.
ويذكر بخطط إسرائيل الكبرى، التي تقوم على ضم ليس فقط كل فلسطين بل أيضًا كل لبنان وكل الأردن وثلثي سوريا ونصف السعودية ونصف العراق وجميع الكويت وكل ما هو شرق نهر النيل في مصر”.