ثمانية من كل عشرة فرنسيين يتوقعون انهيار النمو والقدرة الشرائية

كشف استطلاع للرأي أنجزه معهد أودوكساو المتخصص في قياسات الرأي (Odoxa) لصالح مجلة شالانج (Challenges) الفرنسية يومي 27 و28 آب/آب 2025، عن مستوى غير مسبوق من التشاؤم لدى الفرنسيين إزاء مستقبل اقتصاد بلادهم. وأكدت نتائج الاستطلاع أن أزمة الثقة الحالية تُذكّر بالأجواء التي سادت أثناء جائحة كوفيد-19، حيث يتقاطع فيها الاضطراب السياسي مع تراجع الثقة الاقتصادية. وبحسب النتائج، فإن 86% من الفرنسيين باتوا أقل ثقة في مستقبل الاقتصاد، مقابل 14% فقط ما زالوا متفائلين. 

هذه الأرقام، التي تمثل أدنى مستوى منذ سنوات، تكشف عن تآكل سريع في المعنويات الاقتصادية. واللافت أنّ هذا الانهيار في الثقة يتزامن مع انسداد سياسي داخلي، ما يجعل التوقعات المستقبلية أكثر قتامة. ويرى 67% من الفرنسيين المستجوبين أنه في حال فشل رئيس الحكومة فرانسوا بايرو في نيل ثقة البرلمان يوم 8 أيلول/أيلول المقبل، سينعكس ذلك سلبا على مستقبل الاقتصاد الفرنسي، فيما توقع 62% اندلاع أزمة سياسية حادة، وذهب 32% إلى احتمال انفجار أزمة مالية داخلية. وبذلك يصبح مصير الحكومة مرهوناً بثقة برلمانية قد تحدد أيضاً مسار الاقتصاد الوطني.

وعلى صعيد التطلعات للعام المقبل، عبّر الفرنسيون عن توقعات شديدة التشاؤم: 68% رجّحوا تراجع النمو الاقتصادي، والنسبة نفسها توقعت تدهور القدرة الشرائية، بينما اعتقد 62% أنّ سوق العمل سيتدهور أكثر، في حين توقع 48% تراجع وضعيتهم الاقتصادية الشخصية. هذه الأرقام لا تكشف فقط عن قلق عام، بل ترسم صورة مستقبلية حيث تتشابك الهشاشة الاقتصادية مع الضغوط الاجتماعية.

أما في ما يتعلق بالحلول لتقليص العجز العام، تتضح المفارقة الكبرى. فالمواطنون يطالبون بتقاسم الأعباء لكن بشروط. إذ أيد 78% فرض ضرائب إضافية على الأغنياء، و64% خفض النفقات العمومية، و55% تقليص النفقات الاجتماعية. كما دعم 46% رفع بعض الضرائب غير المباشرة، وأبدى 37% استعداداً لتقليص عدد موظفي الدولة، و29% لتخفيض الإعانات الموجهة للشركات. غير أن 16% فقط وافقوا على فرض ضرائب إضافية على عموم الفرنسيين، وهو ما يعكس رفضاً واسعاً لأي مساس مباشر بجيوب الطبقتين الوسطى والفقيرة.

ويظهر هذا الاستطلاع أنّ فرنسا، وسط أزمة سياسية لم تُحسم بعد، وتدخل مرحلة ضبابية تسودها الشكوك والريبة. مواطنون قلقون يرفضون التضحية، حكومة مقيدة ومهددة بالسقوط، ومؤسسات أوروبية تراقب بحذر هشاشة ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو